تفصیل الشریعه فی شرح تحریر الوسیله: الطلاق و الخلع و المباراه، و الظهار، و الایلاآ، و اللعان و المواریث

اشارة

سرشناسه : فاضل موحدی لنکرانی، محمد، - 1310

عنوان و نام پديدآور : تفصیل الشریعه فی شرح تحریر الوسیله: الطلاق و الخلع و المباراه، و الظهار، و الایلاآ، و اللعان و المواریث/ تالیف محمد الفاضل اللنکرانی؛ تحقیق مرکز فقه الائمه الاطهار علیهم السلام

مشخصات نشر : قم: مرکز فقه الائمه الاطهار علیهم السلام، 1421ق. = 1379.

مشخصات ظاهری : ص 535

شابک : 964-92309-3-915000ریال

يادداشت : ص. ع. لاتینی شده:...Muhammad Al -Fadil AL-Lankarani. Tafsil-ushari'ah fi Sharh-I Tahrir-I L-wasilah: Kitab-Ut-Talaqi Wal-Mawarith.

يادداشت : عنوان دیگر: تفضیل الشریعه فی شرح تحریر الوسیله (الطلاق و المواریث).

یادداشت : کتابنامه: ص. 519 - 509؛ همچنین به صورت زیرنویس

عنوان دیگر : تفضیل الشریعه فی شرح تحریر الوسیله (الطلاق و المواریث).

عنوان دیگر : تفصیل الشریعه فی شرح تحریر الوسیله (الطلاق و المواریث)

عنوان دیگر : تحریر الوسیله. برگزیده. شرح

موضوع : خمینی، روح الله، رهبر انقلاب و بنیانگذار جمهوری اسلامی ایران، 1368 - 1279. تحریر الوسیله -- نقد و تفسیر

موضوع : فقه جعفری -- رساله عملیه

شناسه افزوده : خمینی، روح الله، رهبر انقلاب و بنیانگذار جمهوری اسلامی ایران، 1368 - 1279. تحریر الوسیله. برگزیده. شرح

شناسه افزوده : مرکز فقهی ائمه اطهار(ع)

رده بندی کنگره : BP183/9/خ8ت7023722 1379

رده بندی دیویی : 297/3422

شماره کتابشناسی ملی : م 80-4787

شكر و تقدير

بين أيدي فضلاء الحوزة و علمائها مباحث الطلاق، و الخلع و المباراة، و الظهار، و الإيلاء، و اللعان، و المواريث من الموسوعة الفقهيّة «تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة».

و قد تمّت مراجعة هذا الكتاب و إخراجه و تصحيحه في مركز فقه الأئمّة الأطهار (عليهم السّلام) بجهود الفضلاء الأماجد مشكورين علىٰ جهدهم و نسأل اللّٰه تعالىٰ أن يوفّقهم للمزيد من الأعمال العلميّة و نخصّ بالذكر:

حجّة الإسلام و المسلمين الشيخ حسين الكريمي القمّي لبعض

الملاحظات و الحواشي.

و حجّة الإسلام الشيخ رضا علي المهدوي لتخريج مصادر الكتاب.

و كتب حسين الواثقي

تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة - الطلاق، المواريث، ص: 7

[كتاب الطلاق]

اشارة

كتاب الطلاق

تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة - الطلاق، المواريث، ص: 8

..........

______________________________

بسمه تعالىٰ هذا شرح كتاب الطلاق من تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة للإمام الراحل الخميني قدّس سرّه الشريف، و كان الشروع فيه يوم السادس و العشرين من شهر رمضان المبارك من شهور سنة 1419 الهجرية القمرية على مهاجرها آلاف الثناء و التحية. و من اللّٰه أستمد التوفيق لإتمام هذا الشرح و شرح سائر الكتب التي لم تُشرح، كما وفّقني لشرح جملة من كتبه و أنا الأقل الفاني محمد الفاضل اللنكراني عفا اللّٰه عنه و عن والديه بحقّ أوليائه الطاهرين المعصومين، سيّما خاتمهم خاتم الأوصياء عليه و على آبائه التحية و الثناء.

تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة - الطلاق، المواريث، ص: 9

كتاب الطلاق و له شروط، و أقسام، و لواحق، و أحكام

[القول في شروطه]

اشارة

القول في شروطه

[مسألة 1: يشترط في الزوج المُطلّق البلوغ على الأحوط و العقل]

مسألة 1: يشترط في الزوج المُطلّق البلوغ على الأحوط و العقل، فلا يصحّ على الأحوط طلاق الصبيّ لا بالمباشرة و لا بالتوكيل، و إن كان مُميّزاً و له عشر سنين، و لو طلّق من بلغه فلا يترك الاحتياط، و لا طلاق المجنون مطبقاً أو أدواراً حال جنونه، و يلحق به السكران و من زال عقله (1).

______________________________

(1) الطلاق لغةً، قيل: إنّه حَلُّ عقد، و يطلق على الإرسال و الترك، يقال: ناقة طالق أي مرسلة ترعى حيث تشاء، و طلّقت القوم إذا تركتهم. و في الكلام المحكي عن عليّ (عليه السّلام) أنّه طلّق الدنيا ثلاث مرّات «1»، أي تركها من غير رجعة فيها.

و شرعاً إزالة قيد النكاح، أي النكاح الدائم بصيغة طالق و شبهها؛ و لذا استفيد من قوله تعالى في المُحلّل فَإِنْ طَلَّقَهٰا «2» أنّه لا بدّ أن يكون النكاح فيه دائماً، و لا

______________________________

(1) نهج البلاغة: 666، حكمه 77.

(2) سورة البقرة: 2/ 230.

تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة - الطلاق، المواريث، ص: 10

..........

______________________________

يكفي النكاح المنقطع فيه؛ لعدم تحقّق الطلاق إلّا في الأوّل. و الظاهر أنّه لا يكون للطلاق كالنكاح حقيقةً شرعية، بل لا تكون هذه الأُمور إلّا أُموراً اعتباريّة، غاية الأمر اختلاف الشارع و العقلاء في اعتبار بعض الأُمور وجوديّة أو عدميّة فيها.

و كيف كان فالكلام الآن في شروطه، و هي أُمور:

الأوّل: البلوغ، أي بلوغ الزوج المُطلق لزوجته، و إلّا فإذا صار وكيلًا عن الغير في طلاق زوجته فالظاهر أنّه لا مانع منه إذا كان مميّزاً، خصوصاً بناءً علىٰ شرعية عبادات الصّبي، كما حقّقناه في كتابنا في القواعد الفقهية «1». و أمّا بالإضافة إلى طلاق زوجته فقد احتاط في المتن بعدم

الصحّة من دون فرق بين المباشرة و التوكيل، و بين ما إذا بلغ عشر سنين أو لم يبلغ، و حكي عن ابن الجنيد أنّه أطلق صحّة طلاقه مع تميّزه «2»، و ذكر المحقّق في الشرائع: و فيمن بلغ عشراً عاقلًا و طلّق للسنّة «3» رواية بالجواز فيها ضعف «4».

و كيف كان فالرّوايات الواردة في هذا المجال و فيما يرتبط بهذا الشرط ثلاث طوائف:

الطائفة الأُولىٰ: ما تدلّ بإطلاقها علىٰ بطلان طلاق الصبي كذلك، مثل:

رواية أبي الصباح الكناني، عن أبي عبد اللّٰه (عليه السّلام) قال: ليس طلاق الصّبي

______________________________

(1) القواعد الفقهية: 1/ 341 و ما بعده.

(2) حكىٰ عنه في مختلف الشيعة: 7/ 361.

(3) الكافي: 6/ 124 ح 5، و رواه بسند آخر في التهذيب: 8/ 75 ح 254، الوسائل: 22/ 77، أبواب مقدّمات الطلاق ب 32 ح 2.

(4) شرائع الإسلام: 3/ 12.

تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة - الطلاق، المواريث، ص: 11

..........

______________________________

بشي ء «1».

و رواية السكوني، عن أبي عبد اللّٰه (عليه السّلام) قال: كلّ طلاق جائز إلّا طلاق المعتوه، أو الصبي، أو مبرسم، أو مجنون، أو مكره «2».

و رواية أبي بصير، عن أبي عبد اللّٰه (عليه السّلام) قال: لا يجوز طلاق الصبي و لا السكران «3».

و رواية الحسين بن علوان، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن عليٍّ (عليهم السّلام) قال: لا يجوز طلاق الغلام حتى يحتلم «4».

و لعلّه يستفاد من هذه الطائفة بطلان طلاق الصبي، و لو كان وكيلًا عن الغير في طلاق زوجته، فتدبّر.

الطائفة الثانية: ما تدلّ على صحّة طلاق الصبي إذا كان مميّزاً، مثل:

مضمرة سماعة قال: سألته عن طلاق الغلام و لم يحتلم و صدقته؟ فقال: إذا طلّق للسنّة و وضع الصدقة في موضعها

و حقّها فلا بأس، و هو جائز «5».

و رواية ابن بكير، عن أبي عبد اللّٰه (عليه السّلام) قال: لا يجوز طلاق الغلام و وصيته و صدقته إن لم يحتلم «6». قال صاحب الوسائل بعد نقل الرواية عن الكليني: و في نسخة يجوز، و كذا في رواية الشيخ.

الطائفة الثالثة: ما تدل على صحّة طلاق الصبي إذا بلغ عشر سنين، مثل:

______________________________

(1) الكافي: 6/ 124 ح 2، الوسائل: 22/ 77، أبواب مقدمات الطلاق ب 32 ح 1.

(2) الكافي: 6/ 126 ح 6، الوسائل: 22/ 77، أبواب مقدمات الطلاق ب 32 ح 3.

(3) الكافي: 6/ 124 ح 3، الوسائل: 22/ 78، أبواب مقدمات الطلاق ب 32 ح 4.

(4) قرب الإسناد: 104 ح 352، الوسائل: 22/ 79، أبواب مقدمات الطلاق ب 32 ح 8.

(5) الكافي: 6/ 124 ح 1، الوسائل: 22/ 79، أبواب مقدمات الطلاق ب 32 ح 7.

(6) الكافي: 6/ 124 ح 4، التهذيب: 8/ 76 ح 257، الاستبصار: 3/ 303 ح 1075، الوسائل: 22/ 78، أبواب مقدمات الطلاق ب 32 ح 5.

تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة - الطلاق، المواريث، ص: 12

..........

______________________________

مرسلة ابن أبي عمير التي قال صاحب الجواهر: إنّها بحكم الصحيح عند الأصحاب «1» عن أبي عبد اللّٰه (عليه السّلام) قال: يجوز طلاق الصبي إذا بلغ عشر سنين «2» و حكي عن الشيخين «3» و جماعة من القدماء «4» العمل بذلك، إلّا أنّ المشهور بين المتأخّرين بل لعلّ عليه عامّتهم «5» اعتبار البلوغ الشرعي، و لكن قد عرفت في كلام المحقّق أنّه فيها ضعف، و الظاهر أنّ مراده هو الضعف بالإرسال.

و التحقيق أن يقال: إنّه إن قلنا: بأنّ الصبي مسلوب العبارة ما دام لم يبلغ، فطلاقه

و غيره من عقوده و إيقاعاته يكون باطلًا، و لازمه حينئذٍ عدم صحّة التوكيل من الغير في طلاق زوجته، و لعلّه لا يجتمع ذلك مع شرعية عباداته التي اخترناه و حقّقناه و إن لم نقل بذلك؛ نظراً إلى عدم دلالة مثل حديث «رفع القلم عن الصبي» «6» على ذلك.

فالظاهر بمقتضى الجمع بين الروايات بعد وجود الضعف في الطائفة الثالثة هو حمل الطائفة الأُولى المطلقة على الطائفة الثانية، و الالتزام بما حكي عن ابن الجنيد

______________________________

(1) جواهر الكلام: 32/ 4.

(2) الكافي: 6/ 124 ح 5، و رواه بسند آخر في التهذيب: 8/ 75 ح 254، الوسائل: 22/ 77، أبواب مقدمات الطلاق ب 32 ح 2.

(3) لم نجده في باب الطلاق من المقنعة. نعم، حكم في باب الوصيّة (667) بصحّة وصيّة الصبيّ إذا بلغ عشر سنين، و ربما استظهر منه صحّة سائر تصرّفاته، النهاية: 518.

(4) المهذب: 2/ 288، الوسيلة: 323.

(5) راجع رياض المسائل: 7/ 283، مسالك الافهام: 9/ 10 11، قواعد الأحكام: 2/ 60، إيضاح الفوائد: 3/ 291، التنقيح الرائع: 3/ 391 392، المقتصر: 269.

(6) الخصال: 93 ح 40 وص 175 ح 233، الوسائل: 1/ 45، أبواب مقدمات العبادات ب 4 ح 11، سنن البيهقي: 6/ 84 و 206.

تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة - الطلاق، المواريث، ص: 13

..........

______________________________

من صحّة طلاق الصبي مع التمييز «1». و من الممكن أن يكون قوله: «حتى يحتلم» في رواية الحسين بن علوان المتقدّمة، يراد به حتى يحصل له العقل و التمييز، و لذا جمع المحقّق في كلامه المتقدّم بين البلوغ عشراً و العقل، و إلّا فليس في الروايات الواردة رواية جامعة بين الوصفين.

و لعلّه لما ذكرنا احتاط الماتن (قدّس سرّه)

في اعتبار البلوغ، و في أنّه لو طلّق من بلغه فلا يترك الاحتياط، هذا بالإضافة إلى البلوغ.

و أمّا اعتبار العقل فنفى وجدان الخلاف فيه بيننا «2» صاحب الجواهر، بل ثبوت الإجماع بقسميه عليه «3». و يدلّ عليه مضافاً إلى عدم القصد الذي يتوقّف عليه الحكم روايات متعددة، مثل:

رواية السكوني المتقدّمة و الروايات المتكثّرة الواردة في أنّه «لا طلاق للسكران» «4» بناءً على اشتراك العلّة فيه مع المجنون؛ لعدم الفرق بينهما من هذه الجهة الراجعة إلى زوال القصد و زوال العقل و لو موقّتاً.

و في رواية أبي خالد القمّاط قال: قلت لأبي عبد اللّٰه (عليه السّلام): رجل يعرف رأيه مرّة و ينكره اخرىٰ، يجوز طلاق وليّه عليه؟ قال: ما له هو لا يطلّق؟ قلت: لا يعرف حدّ الطلاق، و لا يؤمن عليه إن طلّق اليوم أن يقول غداً: لم أُطلّق، قال: ما أراه إلّا بمنزلة الإمام يعني الوليّ «5».

______________________________

(1) حكىٰ عنه في مختلف الشيعة: 7/ 361.

(2) مختلف الشيعة: 7/ 362، مسالك الافهام: 9/ 15، رياض المسائل: 7/ 287، نهاية المرام: 2/ 10.

(3) جواهر الكلام: 32/ 8.

(4) الوسائل: 22/ 85، أبواب مقدمات الطلاق ب 36.

(5) الكافي: 2/ 125 ح 2، الوسائل: 22/ 81، أبواب مقدمات الطلاق ب 34 ح 1.

تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة - الطلاق، المواريث، ص: 14

[مسألة 2: لا يصحّ طلاق وليّ الصبي عنه كأبيه و جدّه فضلًا عن الوصي و الحاكم]

مسألة 2: لا يصحّ طلاق وليّ الصبي عنه كأبيه و جدّه فضلًا عن الوصي و الحاكم. نعم لو بلغ فاسد العقل أو طرأ عليه الجنون بعد البلوغ طلّق عليه وليّه مع مراعاة الغبطة و الصلاح، فإن لم يكن له أب و جدّ فالأمر إلى الحاكم، و إن كان أحدهما معه فالأحوط أن يكون الطلاق منه مع

الحاكم، و إن كان الأقوىٰ نفوذ طلاقه بلا ضمّ الحاكم إليه (1).

______________________________

ثم إنّه ذكر في الوسائل لأبي خالد القمّاط ثلاث روايات في أبواب مختلفة، و الظاهر اتّحادها و عدم تعدّدها، بمعنى سؤال أبي خالد عنه ثلاث مرّات، نعم تكون إحداها فاقدة للسؤال، و هو قول أبي عبد اللّٰه (عليه السّلام) في طلاق المعتوه: يطلّق عنه وليّه، فإنّي أراه بمنزلة الإمام عليه «1». و المستفاد منهما أنّه لا يُطلّق زوجته بنفسه بل يُطلّق عنه الولي الذي هو بمنزلة الإمام عليه، و لكن مع ذلك يكون الترك مقتضى الاحتياط.

(1) أمّا عدم صحّة الطلاق عن الصّبي بالولاية الشرعية عليه، كالولاية الثابتة للأب و الجدّ فضلًا عن الوصي و الحاكم، و لو كان فيه غبطة و صلاح، فيدلّ عليه مضافاً إلى نفي وجدان الخلاف فيه منّا بل ثبوت الإجماع «2» بقسميه عليه النبوي الذي وصفه صاحب الجواهر بالمقبولة «3»: «الطلاق بيد من أخذ بالساق» «4» الدالّ بمقتضى الحصر على اختصاص الطلاق بمالك البضع، و لم تثبت الولاية في

______________________________

(1) الكافي: 6/ 126 ح 7، الوسائل: 22/ 84، أبواب مقدمات الطلاق ب 35 ح 3.

(2) السرائر: 2/ 673، الخلاف: 4/ 442، رياض المسائل: 7/ 285، نهاية المرام: 2/ 8.

(3) جواهر الكلام: 32/ 5.

(4) سنن ابن ماجه: 1/ 672 ح 2081، سنن البيهقي: 7/ 360، عوالي اللآلي: 1/ 234.

تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة - الطلاق، المواريث، ص: 15

..........

______________________________

مثله أصلًا، مضافاً إلى استصحاب بقاء علقة النكاح في صورة الشكّ في صحة طلاق الولي، و إلى أنّه لم تثبت الملازمة بين صحّة النكاح و صحّة الطلاق، فإذا جاز لوليّ الصغير تزويجه فلا يلازم جواز صحّة الطلاق عنه، كما لا يخفىٰ.

و أمّا

صحّة طلاق الأب و الجدّ عن الزوج فيما إذا بلغ فاسد العقل، بحيث كان جنونه متّصلًا بصغره أو طرأ عليه الجنون بعد البلوغ، ففي المتن طلّق عليه وليّه مع مراعاة الغبطة و الصلاح، و مع عدم الأب و الجدّ يكون الأمر إلى الحاكم، و عن خلاف الشيخ «1» و ابن إدريس «2» المنع من ذلك، و في الشرائع: و هو بعيد «3»، و الدليل عليه خبر أبي خالد القمّاط المتقدّم الذي جعله في الوسائل على ما مرّ ثلاث روايات، و رواية شهاب بن عبد ربّه قال: قال أبو عبد اللّٰه (عليه السّلام): المعتوه الذي لا يُحسن أن يُطلِّق يُطلِّق عنه وليّه على السنّة، قلت: فطلّقها ثلاثاً في مقعد، قال: تردّ إلى السنّة، فإذا مضت ثلاثة أشهر، أو ثلاثة قروء، فقد بانت منه بواحدة «4».

و في محكي المسالك المناقشة في رواية القمّاط بعدم وضوح دلالتها، فإنّ السائل وصف الزوج يعني في إحدى رواياته بكونه ذاهب العقل، ثم يقول له الإمام: ما له لا يُطلّق؟ مع الإجماع «5» على أنّ المجنون ليس له مباشرة الطلاق و لا أهلية التصرف، ثم يُعلّل السائل عدم طلاقه بكونه ينكر الطلاق أو لا يعرف حدوده، ثم

______________________________

(1) الخلاف: 4/ 442.

(2) السرائر: 2/ 673.

(3) شرائع الإسلام: 3/ 9.

(4) الكافي: 6/ 125 ح 5، الوسائل: 22/ 84، أبواب مقدمات الطلاق ب 35 ح 2.

(5) مختلف الشيعة: 7/ 362، نهاية المرام: 2/ 10، رياض المسائل: 7/ 287.

تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة - الطلاق، المواريث، ص: 16

..........

______________________________

يجيبه بكون الوليّ بمنزلة السلطان «1».

و أورد عليه في الجواهر بأنّه قد يقال: إنّ المراد بالمعتوه ناقص العقل، ثم حكى عن بعض أعلام اللغويين أنّ المراد بالمعتوه

من نقص عقله من دون جنون «2»، ثم قال: و حينئذٍ لا يبعد أن يكون المراد به من لا عقل له كامل، و مثله تصح مباشرته للطلاق، لكن بإذن الوليّ؛ لأنّه من السفيه فيه كالسّفيه في المال «3».

أقول: و يؤيّده التعبير عن الرجل المذكور بالأحمق في إحدى رواياته، و هو غير المجنون عرفاً و عند العقلاء، مضافاً إلى ما عرفت من أنّ التعبير بالمعتوه إنّما وقع في الرواية الخالية عن السؤال، و يحتمل أن تكون مغايرة للروايتين الأُخريين.

نعم، في رواية أبي بصير، عن أبي عبد اللّٰه (عليه السّلام) أنّه سئل عن المعتوه أ يجوز طلاقه؟ فقال: ما هو؟ قال: فقلت: الأحمق الذاهب العقل، فقال: نعم «4».

هذا، و قد ورد في روايات متكثّرة ما ظاهره بطلان طلاق المعتوه، مثل:

رواية الحلبي قال: سألت أبا عبد اللّٰه (عليه السّلام) عن طلاق السكران و عتقه؟ فقال: لا يجوز. قال: و سألته عن طلاق المعتوه، قال: و ما هو؟ قال: قلت: الأحمق الذاهب العقل، قال: لا يجوز، قلت: فالمرأة كذلك، يجوز بيعها و شراؤها؟ قال: لا «5».

و كيف كان فإن كان خلاف الشيخ و ابن إدريس في جواز الطلاق عن

______________________________

(1) مسالك الافهام: 9/ 13.

(2) مصباح المنير: 392.

(3) جواهر الكلام: 32/ 7.

(4) التهذيب: 8/ 75 ح 252، الاستبصار: 3/ 302 ح 1070، الوسائل: 22/ 83، أبواب مقدمات الطلاق ب 34 ح 8.

(5) التهذيب: 8/ 73 ح 245، الوسائل: 22/ 82، أبواب مقدمات الطلاق ب 34 ح 5.

تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة - الطلاق، المواريث، ص: 17

[مسألة 3: يشترط في الزوج المطلق القصد و الاختيار بمعنى عدم الإكراه و الإجبار]

مسألة 3: يشترط في الزوج المطلق القصد و الاختيار بمعنى عدم الإكراه و الإجبار، فلا يصحّ طلاق غير القاصد كالنائم و الساهي

و الغالط و الهازل الذي لا يريد وقوع الطلاق جدّاً، بل يتكلّم بلفظه هزلًا، و كذا لا يصحّ طلاق المكره الذي قد ألزم على إيقاعه مع التوعيد و التهديد على تركه (1).

______________________________

المجنون الذي ذكرناه في محلّ البحث و منعه، فالظاهر أنّ الحقّ معهما؛ لعدم الدليل على الجواز بعد جريان ما ذكرناه في الصغير هنا أيضاً، و مجرّد أنّ الصغير ربما يؤول إلى الكبير، و ترتفع الصغارة و تزول بخلاف المجنون لا يصير فارقاً، و إن كان الخلاف المزبور في المعتوه و هو ناقص العقل، فالظاهر صحّة الطلاق بإذن الولي و دخالته؛ لأنّها مقتضى الجمع بين الروايات المختلفة الواردة فيه، مضافاً إلى أنّه لم يحتمل أحد فيه أنه مسلوب العبارة، كما احتمل في الصبي.

نعم، فيما إذا لم يكن للصغير المذكور أب و جدّ فالمرجع هو الحاكم، و مع وجود أحدهما و الحاكم فقد احتاط في المتن استحباباً أن يكون الطلاق منه مع الحاكم، و إن قوّى نفوذ طلاقه مستقلا، و حيث إنّ المسألة مبتنية على الولاية في هذه الصورة، فالتحقيق فيها في كتاب الحجر إن شاء اللّٰه.

(1) وقع التعرّض في هذه المسألة لاعتبار أمرين في الزوج المطلِّق: أحدهما: القصد. و الآخر: الاختيار، بمعنى عدم الإكراه و الإجبار.

و الدليل على اعتبار الأمر الأوّل وضوح كون مطلق العقود و الإيقاعات متقوّمة بالإرادة و القصد، و فرّع عليه بطلان طلاق النائم، و الساهي، و الغالط، و الهازل غير المريد، بل المتكلّم بلفظه هزلًا.

تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة - الطلاق، المواريث، ص: 18

[مسألة 4: الإكراه هو حمل الغير على إيجاد ما يكره إيجاده مع التوعيد على تركه]

مسألة 4: الإكراه هو حمل الغير على إيجاد ما يكره إيجاده مع التوعيد على تركه بإيقاع ما يضرّ بحاله عليه، أو على من يجري مجرى

نفسه كأبيه و ولده نفساً أو عرضاً أو مالًا، بشرط أن يكون الحامل قادراً على إيقاع ما توعّد به مع العلم أو الظنّ بإيقاعه علىٰ تقدير عدم امتثاله، بل أو الخوف به و إن لم يكن مظنوناً، و يلحق به موضوعاً أو حكماً ما إذا أمره بإيجاد ما يكرهه مع خوف المأمور من عقوبته و الإضرار عليه لو خالفه، و إن لم يقع منه توعيد و تهديد، و لا يلحق به ما لو أوقع الفعل مخافة إضرار الغير عليه بتركه من دون إلزام منه عليه، فلو زوّج امرأة ثم رأى أنّه لو بقيت على حباله لوقعت عليه وقيعة من بعض متعلّقيها كأبيها و أخيها مثلًا، فالتجأ إلى طلاقها فطلّقها يصحّ طلاقها (1).

______________________________

و الدليل على اعتبار الأمر الثاني مضافاً إلى حديث الرفع «1» النصّ العام روايات خاصّة، مثل: صحيحة زرارة، عن أبي جعفر (عليه السّلام) قال: سألته عن طلاق المكره و عتقه؟ فقال: ليس طلاقه بطلاق و لا عتقه بعتق، الحديث «2».

و رواية يحيى بن عبد اللّٰه بن الحسن، عن أبي عبد اللّٰه (عليه السّلام) قال: سمعته يقول: لا يجوز الطلاق في استكراه إلى أن قال: و إنّما الطلاق ما أُريد به الطلاق من غير استكراه، الحديث «3». و الروايات الأُخر الواردة في هذا المجال «4». و سيأتي في المسألة الآتية معنى الإكراه إن شاء اللّٰه تعالىٰ.

(1) الظاهر أنّ المرجع في فهم المراد من الإكراه هو العرف و اللغة، إذ ليس له

______________________________

(1) الوسائل: 15/ 369، أبواب جهاد النفس ب 56.

(2) الكافي: 6/ 127 ح 2، الوسائل: 22/ 86، أبواب مقدمات الطلاق ب 37 ح 1.

(3) الكافي: 6/ 127 ح 4، الوسائل: 22/ 46، أبواب مقدّمات

الطلاق ب 18 ح 6.

(4) الوسائل: 22/ 86 و 87، أبواب مقدّمات الطلاق ب 37 ح 2 و 4.

تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة - الطلاق، المواريث، ص: 19

..........

______________________________

حقيقة شرعية و لا مثلها، و قد ذكر المحقّق في الشرائع: و لا يتحقّق الإكراه ما لم تحصل أُمور ثلاثة: كون المكرِه قادراً على فعل ما توعّد به، و غلبة الظنّ أنّه يفعل ذلك مع امتناع المكرَه، و أن يكون ما توعّد به مضرّاً بالمكرَه في خاصّة نفسه، أو من يجري مجرى نفسه كالأب و الولد، سواءً كان ذلك الضرر قتلًا أو جرحاً أو شتماً أو ضرباً، و يختلف بحسب منازل المكرَهين في احتمال الإهانة، و لا يتحقّق الإكراه مع الضرر اليسير «1».

أقول: الظاهر أنّ معنى الإكراه بحسب اللغة هو حمل الغير على ما يكرهه، غاية الأمر أنّ فعل المكروه الصادر عن الغير يكون صادراً عن اختياره في مقابل الاضطرار إليه كحركة المرتعش، و كما إذا ضرب بيد الغير من غير أن يكون الضرب صادراً عن قصده و إرادته، ففرق بين الضارب عن إكراه و بين الضارب من دون أن يكون قصده مؤثّراً في ذلك.

و كيف كان ففي عبارة المحقّق المتقدّمة اعتبار حصول أُمور ثلاثة في تحقّق معنى الإكراه:

أحدها: كون المكرِه قادراً على فعل ما توعّد به، و الوجه في اعتبار هذا الأمر أنّه لا يصدق بدونه، ضرورة أنّه مع عدم القدرة عليه لا يتحقّق أنّ الغير حمله على ذلك.

ثانيها: غلبة الظنّ أنّه يفعل ذلك مع امتناع المكره، و الظاهر عدم اعتبار هذا الأمر، بل الظاهر الصدق مع الخوف العقلائي كما في المتن، و يدلّ عليه مضافاً إلى عدم الاختصاص عرفاً بصورة العلم أو الظنّ صحيحة

عبد اللّٰه بن سنان، عن

______________________________

(1) شرائع الإسلام: 3/ 13.

تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة - الطلاق، المواريث، ص: 20

..........

______________________________

أبي عبد اللّٰه (عليه السّلام)، أو مرسلته قال: سمعته يقول: لو أنّ رجلًا مسلماً مرّ بقوم ليسوا بسلطان فقهروه حتّى يتخوّف علىٰ نفسه أن يعتق أو يُطلّق ففعل، لم يكن عليه شي ء «1».

ثالثها: أن يكون ما توعّد به مضرّاً بالمكرَه، و لو كان ضرراً ماليّاً غير يسير، كما يدلّ عليه ذيل عبارته الشامل لغير الأمثلة المذكورة في الصدر أيضاً، ضرورة أنّه مع عدم الإضرار بالمكرَه لا يتحقّق الإكراه؛ لعدم صدق الحمل مع عدم الإضرار، و من المعلوم اختلاف الأفراد في هذه الجهة.

و ليعلم أنّ الإكراه على المحرّمات و إن كان موجباً لارتفاع الحرمة عنها، كما يدلّ عليه مثل حديث الرّفع «2»، إلّا أنّه لا بدّ في هذه الجهة من ملاحظة الحرام، و أنّه في أيّة مرتبة من حيث نظر الشارع، ضرورة أنّ المحرّمات مختلفة من حيث المرتبة كما حقّق في محلّه، و من ملاحظة الضرر المتوعّد به و إن كان غير يسير، مثلًا إذا أُكره أحد على الزنا بزوجة الغير، فمن المعلوم أنّه لا يتحقّق الجواز بمجرّد التوعيد على الضرر المالي، و إن كان غير يسير بل معتدّاً به يقع المُكرَه بالفتح في الضرر، و إذا أُكره أحد على الشرك باللّٰه تعالى الذي هو أكبر الكبائر، كما في الرواية الواردة في المعاصي الكبيرة «3» و تعدادها، قال اللّٰه تعالى إِنَّ اللّٰهَ لٰا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَ يَغْفِرُ مٰا دُونَ ذٰلِكَ لِمَنْ يَشٰاءُ «4». و عليه فلا يتحقّق الجواز بمجرّد التوعيد على الضرر، مثل الضرب و الشتم، بل لعلّ مثل الجرح غير المتعقّب

______________________________

(1) الكافي:

6/ 126 ح 1، الوسائل: 22/ 86، أبواب مقدّمات الطلاق ب 37 ح 2.

(2) الوسائل: 15/ 369، أبواب جهاد النفس ب 56.

(3) الوسائل: 15/ 318 332، أبواب جهاد النفس ب 46.

(4) سورة النساء: 4/ 48.

تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة - الطلاق، المواريث، ص: 21

..........

______________________________

بالموت، فلا يجوز أن يقال: إنّ مجرّد الإكراه يرفع كلّ محرّم و لو بلغ ما بلغ، فتدبّر جيّداً.

بقي في هذه المسألة أمران:

الأول: يلحق بالإكراه موضوعاً أو حكماً ما إذا لم يكن هناك توعيد و لا تخويف، بل يتخوّف المكرَه بالفتح أنّه إن لم يفعل يقع من ناحية المُكْرِه بالكسر في ضرر من قبله، فإنّه مع صدق الإكراه تشمله الروايات العامة و الخاصّة المتقدّمة الواردة في الإكراه بالطلاق، و مع عدم صدقه يكون فيه ملاك الرفع و عدم تحقّق الطلاق مع الإكراه، لأنّ المفروض أنّه في هذه الحالة لا يكون عمله صادراً عن طيب نفسه و رضاه، بل كان الداعي له إلى العمل هو الخوف من الضرر المذكور مع الإلزام، و إن لم يتحقّق التوعيد و التهديد به، كما لا يخفىٰ.

الثاني: لا يلحق بالإكراه ما لو وقع الفعل مخافة إضرار الغير عليه بتركه من دون إلزام منه عليه، و فرّع عليه في المتن أنّه لو زوّج امرأة ثم رأى أنّه لو بقيت على حباله لوقعت عليه وقيعة من بعض متعلّقيها كأبيها و أخيها مثلًا، فالتجأ إلى طلاقها فطلّقها يصحّ طلاقها.

أقول: السرّ في ذلك بعد عدم تحقق الإكراه لما عرفت من أنّ معناه هو حمل الغير و إلزامه على ما يكرهه، و مجرّد وقوع الطلاق خوفاً من الضرر على الترك لا يوجب صدق الإكراه، ضرورة أنّ العقود و الإيقاعات الصادرة من العقلاء

يكون الداعي لهم إمّا ترتّب نفع عليه أو دفع ضرر على الترك، و لو كان النفع أو الضرر مرتبطاً بالآخرة، فإنّ من يبيع داره مثلًا يكون الداعي له إلى البيع إمّا جلب منفعة

تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة - الطلاق، المواريث، ص: 22

[مسألة 5: لو قدر على دفع ضرر الآمر ببعض التفصيات ممّا ليس فيه ضرر عليه]

مسألة 5: لو قدر على دفع ضرر الآمر ببعض التفصيات ممّا ليس فيه ضرر عليه كالفرار و الاستغاثة بالغير لم يتحقّق الإكراه، فلو أوقع الطلاق حينئذٍ معه وقع صحيحاً، نعم لو قدر على التورية و أوقعه من دون ذلك، فالظاهر وقوعه مكرهاً عليه و باطلًا (1).

______________________________

و إمّا دفع ضرر على الترك و لو كان الضرر خياليّاً، مع أنّ الحكم بالبطلان في مثل هذه الصورة خلاف الامتنان، الذي لأجله سيق حديث الرفع كما يشعر أو يدلّ عليه قوله (صلّى اللّٰه عليه و آله): «رفع عن أُمّتي ..» «1» فتدبّر جيّداً.

(1) لو قدر على دفع ضرر الآمر الملزم ببعض التفصيات ممّا ليس فيه ضرر عليه، و لا يكون مخالفاً لشأنه و وضعه كالفرار عن المحلّ و الاستغاثة و الاستعانة بالغير، لم يتحقّق الإكراه و لا يكون الطلاق معه عن إكراه، فلا محالة يقع الطلاق صحيحاً من هذه الجهة، و الوجه فيه أنّه لا يكون الضرر مترتّباً علىٰ ترك المكره عليه فقط، بل على الترك و عدم دفع الضرر ببعض التفصيات الممكنة؛ لأنّ المفروض القدرة علىٰ دفع الضرر من غير طريق إيجاد الفعل المكرَه عليه.

نعم، لو قدر على التورية و أوقعه من دون ذلك، فقد استظهر في المتن وقوع الطلاق مكرهاً عليه و باطلًا، و الوجه فيه صدق الإكراه و إن كان قادراً على التورية، خلافاً لبعض العامة فأوجبها للقادر «2».

نعم، هنا كلام

في أنّه لو قصد المكرَه إيقاع الطلاق ففي محكي المسالك: في وقوعه وجهان: من أنّ الإكراه أسقط أثر اللفظ و مجرّد النية لا تعمل، و من حصول اللفظ

______________________________

(1) الوسائل: 15/ 369، أبواب جهاد النفس ب 56.

(2) مغني المحتاج: 3/ 290، المغني لابن قدامة: 8/ 262، الشرح الكبير: 8/ 245، المجموع: 18/ 200.

تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة - الطلاق، المواريث، ص: 23

[مسألة 6: لو أكرهه على طلاق إحدىٰ زوجتيه فطلّق إحداهما المعيّنة وقع مكرهاً عليه]

مسألة 6: لو أكرهه على طلاق إحدىٰ زوجتيه فطلّق إحداهما المعيّنة وقع مكرهاً عليه، و لو طلّقهما معاً ففي وقوع طلاق إحداهما مكرهاً عليه فيعيّن بالقرعة أو صحّة كليهما وجهان لا يخلو أوّلهما عن رجحان، و لو أكرهه علىٰ طلاق كلتيهما فطلّق إحداهما فالظاهر أنّه وقع مكرهاً عليه (1).

______________________________

و القصد، و هذا هو الأصحّ «1».

أقول: مقتضى تعليل بطلان البيع عن إكراه بفقد طيب النفس و الرّضا، إنّ القصد إلى المعنى متحقّق في البيع عن إكراه، و إلّا لكان التعليل بعدم القصد مع اعتباره في العقود و الإيقاعات أولى و أنسب، كما أنّ مقتضى الحكم بصحّة البيع عن إكراه إذا تعقّبه الرّضا و لحقه طيب النفس و الإجازة ذلك، ضرورة أنّه مع عدم القصد حال الإنشاء لا مجال للحوق الإجازة و تعقّب الرضا، فمن ذلك يعلم أنّ نظر المُكْرِه بالكسر و إن كان حاصلًا بصرف إيجاد اللفظ و إنشاء الطلاق اللفظي، إلّا أنّه مع قصد المعنى يكون بمنزلة التورية، التي عرفت أنّه مع القدرة عليها و الإيقاع من دون التورية يتحقّق الإكراه الموجب للبطلان، فالظاهر عدم الوقوع، و إن جعله في المسالك هو الأصحّ، فتدبّر جيّداً.

(1) قد تعرّض في هذه المسألة لصور ثلاث:

إحداها: ما لو أكرهه على طلاق إحدى زوجتيه غير المعيّنة،

فطلّق إحداهما المعيّنة وقع مكرهاً عليه، و إن كان المكرَه عليه غير معيّن و الواقع معيّناً، ضرورة أنّه لا يتحقّق المكرَه عليه المتوعّد على تركه بدون ذلك، فالاختلاف المزبور لا يؤثِّر في صيرورته صحيحة، لكن في الجواهر: لو كان الإكراه على الإبهام و عدل إلى التعيين

______________________________

(1) مسالك الافهام: 9/ 22.

تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة - الطلاق، المواريث، ص: 24

..........

______________________________

وقع عليها «1». بل في محكي المسالك: لا شبهة في وقوع الطلاق على المعيّنة؛ لأنّه غير المكره عليه جزماً «2».

قلت: ليس الكلام في عدول المكرَه بل في أنّ المكرَه عليه طلاق إحدى الزوجتين غير المعيّنة، و طلّق إحداهما المعيّنة، و الحكم فيه ما ذكرنا.

ثانيتها: الفرض المذكور مع تحقّق طلاقهما معاً، و قد احتمل فيه وجهين: أحدهما وقوع طلاق إحداهما مكرهاً عليه، و التعيين إنّما هو بالقرعة. ثانيهما صحّة كليهما.

و الوجه فيه كونه غير مكرَهٍ عليه؛ لأنّ المفروض الإكراه على طلاق إحدى الزوجتين غير المعيّنة، و نفى في المتن خلوّ أوّل الوجهين عن رجحان، و الوجه فيه عدم تعدّي دائرة الإكراه عن طلاق إحدى الزوجتين، فلا محالة يكون هو الباطل، و حيث إنّه غير معيّن، فاللازم التعيين بالقرعة، و هذا هو الظاهر.

ثالثتها: ما لو أكرهه على طلاق كليهما فطلّق إحداهما، و قد استظهر في المتن أنّه يقع مكرهاً عليه، و الظاهر أنّه لا إشكال في ذلك فيما إذا كان طلاق إحداهما بتخيّل دفع الضرر المتوعّد به بذلك؛ لاحتمال كونه موجباً لرضا المكره و الاكتفاء بذلك بدلًا عنهما.

و أمّا إذا لم يحتمل ذلك، بل اعتقد بأنّ عدم ترتّب الضرر متوقّف على طلاق كليهما، و لا يتحقّق بمجرّد طلاق واحدة، فالظاهر أنّ طلاق إحداهما في هذه الصورة

لا يكون مكرهاً عليه بوجه، ضرورة تغاير الواقع مع ما هو المكره عليه، كما لا يخفىٰ.

______________________________

(1) جواهر الكلام: 32/ 14.

(2) مسالك الافهام: 9/ 21 22.

تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة - الطلاق، المواريث، ص: 25

[مسألة 7: لو أكرهه على أن يطلّق ثلاث تطليقات بينهما رجعتان، فطلّقها واحدة أو اثنتين]

مسألة 7: لو أكرهه على أن يطلّق ثلاث تطليقات بينهما رجعتان، فطلّقها واحدة أو اثنتين، ففي وقوع ما أوقعه مُكْرهاً عليه إشكال، إلّا إذا قصد تحمّل ما أوعده عليه في ترك البقيّة، أو كان ذلك بقصد احتمال التخلّص عن المكروه، و أنّه لعلّ المكره اقتنع بما أوقعه و أغمض عمّا لم يوقعه (1).

[مسألة 8: لو أوقع الطلاق عن إكراه ثمّ تعقّبه الرضا]

مسألة 8: لو أوقع الطلاق عن إكراه ثمّ تعقّبه الرضا لم يفد ذلك في صحّته و ليس كالعقد (2).

______________________________

(1) لو أكرهه على أن يطلّق ثلاث تطليقات بينهما رجعتان أي في مجلس واحد، الذي هو باطل عند الإمامية، بخلاف العامّة القائلين بالوقوع كذلك، و أوعده الضرر علىٰ تركه الذي هو ترك التقية، لكن المكرَه الشيعي طلّق زوجته بتطليقة واحدة، أو اثنتين بينهما رجعة في مجلس واحد، الذي هو صحيح عند الإمامية، فقد استشكل في المتن في وقوع ما أوقعه مكرهاً عليه من أنّه خلاف المكره عليه، و هو يدلّ على الاختيار، و من أنّ الواحدة أو الاثنتين بعض المكرَه عليه، فيقع مكرهاً عليه، و استثنىٰ من مورد الإشكال صورتين:

الاولىٰ: ما إذا قصد تحمّل ما أوعده عليه في ترك التقية، فإنّه حينئذٍ يكون ما أوقعه صادراً بالاختيار، فلا وجه لبطلانه و لا للإشكال فيه.

الثانية: ما إذا كان ذلك بقصد احتمال التخلّص عن المكروه، و أنّه لعلّ المكره اقتنع بما أوقعه و أغمض عمّا لم يوقعه، و في هذه الصورة لا إشكال في بطلانه.

(2) الفرق بين العقود و الإيقاعات بعد اشتراكهما في البطلان مع الإكراه، أنّ العقود المكرَه عليها كالبيع تصحّ بتعقّب الرضا و لحوقه دون الإيقاعات المكرَه عليها، فإنّها لا تصحّ بتعقّب الرّضا. و التحقيق في الفرق بينهما من جهة إمكان

تفصيل الشريعة في

شرح تحرير الوسيلة - الطلاق، المواريث، ص: 26

[مسألة 9: لا يعتبر في الطلاق اطلاع الزوجة عليه]

مسألة 9: لا يعتبر في الطلاق اطلاع الزوجة عليه فضلًا عن رضاها به (1).

[مسألة 10: يشترط في المطلّقة أن تكون زوجة دائمة]

مسألة 10: يشترط في المطلّقة أن تكون زوجة دائمة، فلا يقع الطلاق على المتمتّع بها. و أن تكون طاهرة من الحيض و النفاس، فلا يصحّ طلاق الحائض و النفساء، و المراد بهما ذات الدمين فعلًا أو حكماً كالنقاء المتخلّل في البين، و لو نقتا من الدمين و لم تغتسلا من الحدث صحّ طلاقهما. و أن لا تكون في طهر واقعها فيه زوجها (2).

______________________________

الفصل و عدم إمكانه موكول إلى كتاب المكاسب، فراجع.

(1) لا يعتبر في الطلاق الذي هو من الإيقاعات اطّلاع الزوجة عليه فضلًا عن رضاها به، بل يقع مع عدم الرضا و عدم الاطّلاع عليه، أمّا عدم اعتبار الرضا فواضح؛ لأنّ الطلاق حينئذٍ كالعتق. و أمّا عدم اعتبار الاطّلاع فلأنّه لا دليل عليه، مضافاً إلى أنّه لا وجه له، كما لا يخفىٰ.

(2) قد اعتبر في هذه المسألة في المُطلّقة أُموراً ثلاثة:

أحدها: أن تكون زوجة دائمة، و هذا الشرط ينحلّ إلى أمرين:

الأوّل: أن تكون زوجة لا في مقابل الأجنبية فإنّه واضح، بل في مقابل الأمة المحلّلة.

الثاني: أن تكون زوجة دائمة في مقابل المتمتَّع بها، و يدلّ على اعتبار كلا الأمرين مضافاً إلى أنّه لا خلاف فيه الروايات «1» الدالّة على حصر الطلاق

______________________________

(1) الوسائل: 22/ 31 36، أبواب مقدمات الطلاق ب 12.

تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة - الطلاق، المواريث، ص: 27

..........

______________________________

بالنكاح بعد انسباق النكاح الدائم من الطلاق:

ففي مرسلة الصدوق، عن الحلبي، عن أبي عبد اللّٰه (عليه السّلام) في حديث، أنّه سئل عن رجل قال: كلّ امرأة أتزوّجها ما عاشت أُمّي فهي طالق. فقال: لا طلاق إلّا بعد نكاح، و لا

عتق إلّا بعد ملك «1».

و إن كان في دلالتها على المدّعى تأمّل و إشكال، قال صاحب الجواهر: و إن لم يحضرني من النصوص ما يدلّ علىٰ عدم وقوع الطلاق بالمستمتع بها «2». و أورد عليه في الهامش بما حاصله أنّه من الغريب أنّه مع تبحّره و اطّلاعه التام على الروايات لم يلتفت إلى رواية محمد بن مسلم، عن أبي جعفر (عليه السّلام) في المتعة ليست من الأربع؛ لأنّها لا تُطلّق و لا ترث، و إنّما هي مستأجرة «3». و قد تعرّض لها نفسه في بحث المتعة «4». بل عقد صاحب الوسائل لهذا العنوان باباً، و هو باب أنّ المتمتّع بها تبين بانقضاء العدّة و بهبتها، و لا يقع بها طلاق «5».

و كيف كان فالروايات الظاهرة في عدم الطلاق في المتمتّع بها كثيرة، مثل:

رواية الحسن الصيقل، عن أبي عبد اللّٰه (عليه السّلام) في حديث قال: المتعة ليس فيها طلاق «6». و بالجملة فلا شبهة في اعتبار هذا الأمر.

ثانيها: أن تكون طاهرة من الحيض و النفاس، و يدلّ عليه قوله تعالىٰ في الآية

______________________________

(1) الفقيه: 3/ 321 ح 1558، الوسائل: 22/ 31، أبواب مقدمات الطلاق ب 12 ح 1.

(2) جواهر الكلام: 32/ 28.

(3) الكافي: 5/ 451 ح 5، الوسائل: 21/ 18، أبواب مقدمات الطلاق ب 4 ح 4.

(4) جواهر الكلام: 30/ 162.

(5) الوسائل: 21/ 77، أبواب المتعة ب 43.

(6) التهذيب: 8/ 34 ح 103، الاستبصار: 3/ 275 ح 978، الوسائل: 22/ 132، أبواب أقسام الطلاق ب 9 ح 4.

تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة - الطلاق، المواريث، ص: 28

..........

______________________________

الاولى من سورة الطلاق فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ وَ أَحْصُوا الْعِدَّةَ «6»، نظراً إلى أنّ المراد الأمر بطلاقهنّ في طهر

يكون من عدَّتهنّ، و الحائض حال حيضها لا تكون كذلك، و هكذا النفساء، بل يلزم أن يكون الطهر غير طهر المواقعة، كما سيجي ء إن شاء اللّٰه تعالىٰ.

و من الروايات ما وصفه في الجواهر بالاستفاضة لولا التواتر «1».

منها: رواية الحلبي، التي جعلها في الوسائل متعدّدة مع أنّ الظاهر الوحدة. قال: قلت لأبي عبد اللّٰه (عليه السّلام): الرجل يطلّق امرأته و هي حائض، قال: الطلاق على غير السنّة باطل، قلت: فالرجل يطلِّق ثلاثاً في مقعد، قال: يردّ إلى السنّة «2».

و بالجملة لا ينبغي الارتياب في اعتبار هذا الأمر في المطلّقة، إنّما اللازم ملاحظة أمرين:

الأوّل: الظاهر أنّ المراد منه ليس خصوص ذات الدم فعلًا محكوم بأنّه حيض أو نفاس، بل أعم منه و من البياض المتخلّل بين الدمين المحكوم شرعاً بذلك، فالنقاء المتخلّل بين الدمين إذا كان محكوماً شرعاً بأنّه حيض يترتّب عليه جميع أحكام الحيض التي منها المقام، أمّا غير المحكوم بذلك كما إذا طهرت من عادة الحيض و لم تغتسل بعد، فالظاهر أنّه لا مانع من وقوع الطلاق فيه لإطلاق الأدلّة، و عدم كون الطلاق الواقع فيه واقعاً في حال الحيض أو النفاس.

الثاني: أنّ اعتبار هذا الأمر هل يكون بنحو الشرطية، و عليه فالمعتبر هي الطهارة منهما، أو أنّ اعتبار عدمه يكون بنحو المانعيّة، و يترتّب على ذلك صحّة

______________________________

(6) سورة الطلاق: 65/ 1.

(1) جواهر الكلام: 32/ 29.

(2) الكافي: 6/ 58 ح 3، التهذيب: 8/ 47 ح 146، الوسائل: 22/ 20، أبواب مقدمات الطلاق ب 8 ح 3.

تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة - الطلاق، المواريث، ص: 29

[مسألة 11: إنّما يشترط خلوّ المطلّقة من الحيض في المدخول بها الحائل دون غير المدخول بها و دون الحامل]

مسألة 11: إنّما يشترط خلوّ المطلّقة من الحيض في المدخول بها الحائل دون غير المدخول بها و

دون الحامل، بناءً على مجامعة الحيض للحمل كما هو الأقوىٰ، فيصحّ طلاقها في حال الحيض، و كذا يشترط ذلك فيما إذا كان الزوج حاضراً بمعنى كونهما في بلد واحد حين الطلاق، و لو كان غائباً يصحّ طلاقها

______________________________

طلاق مجهول الحال و بطلانه، فعلى الشرطيّة يعتبر الإحراز دون المانعيّة، فإنه لا يعتبر إحراز العدم؟ فيه وجهان بل قولان، ظاهر المتن الأوّل، و ربما يستفاد ذلك من الآية الشريفة المتقدّمة، و لكن المتيقّن من النصوص و الروايات الواردة هو الثاني.

أقول: لعلّ ملاحظة أحكام طلاق الغائب عن زوجته غير المطّلع علىٰ حيضها و عدمه كما سيجي ء إن شاء اللّٰه تعالىٰ تنفع المقام، فانتظر.

ثالثها: أن لا تكون في طهر واقعها فيه زوجها، و يدلّ عليه روايات «1» كثيرة، و قد عقد في الوسائل باباً لذلك.

منها: رواية زرارة و محمد بن مسلم و بكير و بريد و فضيل و إسماعيل الأزرق و معمر بن يحيى، عن أبي جعفر و أبي عبد اللّٰه (عليهما السّلام)، أنّهما قالا: إذا طلّق الرجل في دم النفاس أو طلّقها بعد ما يمسّها فليس طلاقه إيّاها بطلاق، الحديث «2».

و غير ذلك من الروايات الواردة في هذا المجال، بل يدلّ عليه الآية المتقدّمة بناءً على ما أفاده صاحب الجواهر من استفاضة النصوص بكون المراد بها الطلاق في مستقبل العدّة.

______________________________

(1) الوسائل: 22/ 23 25، أبواب مقدمات الطلاق ب 9.

(2) الكافي: 6/ 60 ح 11، التهذيب: 8/ 47 ح 147، الوسائل: 22/ 23، أبواب مقدمات الطلاق ب 9 ح 1.

تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة - الطلاق، المواريث، ص: 30

و إن وقع في حال الحيض لكن إذا لم يعلم حالها من حيث الطهر و الحيض و تعذّر أو تعسّر

عليه استعلامها، فلو علم أنّها في حال الحيض و لو من جهة علمه بعادتها الوقتية على الأظهر أو تمكّن من استعلامها و طلّقها فتبيّن وقوعه في حال الحيض بطل (1).

______________________________

(1) قد عرفت في المسألة المتقدّمة اعتبار خلوّ المطلّقة عن الحيض، فاعلم أنّ اعتباره إنّما هو بالإضافة إلى المدخول بها الحائل، و أمّا غير المدخول بها فيصحّ طلاقها و لو في حال الحيض؛ لأنّه لا عدّة لها أصلًا في الطلاق، كما أنّ الحامل عدّتها وضع الحمل علىٰ كلّ حال، مضافاً إلى دلالة روايات «1» كثيرة بل مستفيضة على أنّ غير المدخول بها و الحامل من الخمس التي يطلّقن على كلّ حال، مثل:

رواية إسماعيل بن جابر الجعفي، عن أبي جعفر (عليه السّلام) قال: خمس يطلّقن على كلّ حال: الحامل المتبيّن حملها، و التي لم يدخل بها زوجها، و الغائب عنها زوجها، و التي لم تحض، و التي قد جلست عن المحيض «2». و غير ذلك من الروايات بهذا المضمون.

و بهذه الرواية و أمثالها يقيّد إطلاق رواية الحلبي المتقدّمة الظاهرة في بطلان طلاق الحائض؛ لعدم الاستفصال في الجواب و إطلاق السؤال؛ لأنّ قوله (عليه السّلام): «على كلّ حال» ناظر إلى روايات المنع، و اختصاصها بغير المدخول بها و الحامل، فلا يتوهّم ثبوت التعارض و أنّه بالعموم و الخصوص من وجه؛ لافتراقهما في مثل الحائل غير المدخول بها الحائض، و في مثل الحامل و التي لم يدخل بها زوجها

______________________________

(1) الوسائل: 22/ 54 56، أبواب مقدمات الطلاق ب 25.

(2) الفقيه: 3/ 334 ح 1615، الوسائل: 22/ 54، أبواب مقدمات الطلاق ب 25 ح 1.

تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة - الطلاق، المواريث، ص: 31

..........

______________________________

غير الحائض، و اجتماعهما في

الحامل الحائض بناءً على اجتماع الحيض مع الحمل على الأقوى و غير المدخول بها الحائض، فإنّ الترجيح مع الروايات الدالّة علىٰ جواز طلاقها في حال الحيض أيضاً؛ لأنّه مقتضى الجمع الدلالي و تقدّم النص أو الأظهر على الظاهر، و على تقدير التعارض يكون الإجماع مرجّحاً لهذه الروايات.

و أمّا الغائب، فالمصرّح به أنّ الغائب عن زوجته في طهر مواقعتها ينتظر لأجل الطلاق مدّة يعلم بمقتضى عادتها انتقالها من القرء الذي وطأها فيه إلى وقت قرء آخر، و إن احتمل أنّها في حال الطلاق حائض، أو باقية على الطهر الأوّل الذي هو طهر المواقعة، و الروايات الواردة في هذا المجال على ثلاث طوائف:

الطائفة الأُولىٰ: ما تدلّ على جواز طلاق الغائب مطلقاً، مثل:

رواية محمد بن مسلم، عن أحدهما (عليهما السّلام) قال: سألته عن الرجل يطلّق امرأته و هو غائب؟ قال: يجوز طلاقه على كلّ حال، و تعتدّ امرأته من يوم طلّقها «1».

الطائفة الثانية: ما تدلّ على لزوم مضيّ شهر في طلاق الغائب، مثل:

رواية إسحاق بن عمّار، عن أبي عبد اللّٰه (عليه السّلام) قال: الغائب إذا أراد أن يطلّقها تركها شهراً «2».

الطائفة الثالثة: ما تدلّ على لزوم مضيّ ثلاثة أشهر في طلاق الغائب، مثل:

______________________________

(1) الكافي: 6/ 80 ح 7، التهذيب: 8/ 60 ح 195، الاستبصار: 3/ 294 ح 1038، الوسائل: 22/ 56، أبواب مقدمات الطلاق ب 26 ح 1.

(2) الكافي: 6/ 80 ح 3، التهذيب: 8/ 62 ح 202، الاستبصار: 3/ 295 ح 1041، الوسائل: 22/ 56، أبواب مقدمات الطلاق ب 26 ح 3.

تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة - الطلاق، المواريث، ص: 32

[مسألة 12: لو غاب الزوج]

مسألة 12: لو غاب الزوج فإن خرج حال حيضها لم يجز طلاقها إلّا بعد

مضيّ مدّة قطع بانقطاع ذلك الحيض، أو كانت ذات العادة و مضت عادتها، فإن طلّقها بعد ذلك في زمان لم يعلم بكونها حائضاً في ذلك الزمان صحّ طلاقها و إن تبيّن وقوعه في حال الحيض، و إن خرج في حال الطهر الذي لم يواقعها فيه طلّقها في أيّ زمان لم يعلم بكونها حائضاً و صحّ طلاقها و إن صادف الحيض. نعم لو طلّقها في زمان علم بأنّ عادتها التحيض فيه بطل إن صادفه، و لو خرج في الطهر الذي واقعها فيه ينتظر مضيّ زمان انتقلت بمقتضى العادة من ذلك الطهر

______________________________

رواية جميل بن دراج، عن أبي عبد اللّٰه (عليه السّلام) قال: الرجل إذا خرج من منزله إلى السفر فليس له أن يطلّق حتّى تمضي ثلاثة أشهر «1».

و قد أفاد صاحب الجواهر ما مرجعه إلى أنّه بعد لزوم حمل الطائفة الأُولى المطلقة على الطائفتين المقيّدتين يكون الوجه في اختلاف القيدين اختلاف عادة النساء في ذلك، و إلّا فالمراد انتقالها من زمان طهر المواقعة إلى زمان طهر آخر «2»، و أنت خبير ببعد هذا التوجيه كما لا يخفى، بل لا يمكن حمل الطائفة الأُولى على الأخيرتين بعد تصريح الجواب بجواز طلاقه على كلّ حال، الظاهر في صورة تعذّر الاستعلام و تعسّره و عدمه.

نعم، هي منصرفة عمّا لو علم بأنّ زوجته حائض أو في العادة، و لا يشملها مورد السؤال بوجه، أمّا بالإضافة إلى الموارد الأُخرىٰ فهي دالّة على الجواز، و سيأتي التفصيل في المسألة إن شاء اللّٰه تعالىٰ.

______________________________

(1) التهذيب: 7/ 62 ح 203، الوسائل: 22/ 58، أبواب مقدّمات الطلاق: ب 26 ح 7.

(2) جواهر الكلام: 32/ 34.

تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة - الطلاق، المواريث، ص: 33

إلى

طهر آخر، و يكفي تربّص شهر، و الأحوط أن لا ينقص عن ذلك، و الأولى تربّص ثلاثة أشهر، هذا مع الجهل بعادتها و إلّا فيتبع العادة على الأقوى، و لو وقع الطلاق بعد التربّص المذكور لم يضر مصادفة الحيض في الواقع، بل الظاهر أنّه لا يضرّ مصادفته للطهر الذي واقعها فيه بأن طلّقها بعد شهر مثلًا، أو بعد مضيّ مدّة علم بحسب عادتها خروجها من الطهر الأوّل و الحيض الذي بعده ثم تبيّن الخلاف (1).

______________________________

(1) لو غاب الزوج عن زوجته و أراد طلاقها ففيه صور:

الصورة الأُولى: ما إذا خرج حال حيضها، و أفاد في هذه الصورة أنّه لا يجوز طلاقها إلّا بعد مضيّ مدّة يحصل له القطع بانقطاع ذلك الحيض، و كون الطلاق واقعاً في طهر غير المواقعة، أو كانت ذات العادة و مضت مدّة عادتها، فإن طلّقها بعد ذلك في زمان لم يعلم بكونها حائضاً في ذلك الزمان يصحّ طلاقها، و إن تبيّن وقوعه في حال الحيض، و هو القدر المتيقّن من طوائف الأخبار المتقدّمة بعد حمل مطلقها على مقيّدها، و حمل تركها شهراً أو ثلاثة أشهر على صورة العلم بانقطاع الحيض أو انقضاء العادة؛ نظراً إلى أنّه لا موضوعية لترك الشهر أو ثلاثة أشهر، فإنّ الترك كذلك لا يوجب العلم بكونها طاهرة من الحيض في حال الطلاق.

الصورة الثانية: ما إذا خرج في حال الطهر الذي لم يواقعها فيه، و قد فصّل فيه بأنّه إن طلّقها في زمان لم يعلم بكونها حائضاً فطلاقه صحيح و إن صادف الحيض؛ لاستصحاب بقاء الطهارة و عدم الحيض، و كون الاستصحاب حجّة مجزياً و إن كان مخالفاً للواقع، كاستصحاب بقاء طهارة الثوب و البدن في حال الصلاة ثم

انكشاف وقوعها في حال النجاسة، فإنّ مرجع دليل الحجّية إلى

تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة - الطلاق، المواريث، ص: 34

..........

______________________________

التوسعة في أدلّة الشروط، و الحكم بأنّ مستصحب الطهارة يكون كمتيقّنها في واجديّة الصلاة لشرط الطهارة، فتكون الصلاة مع الاستصحاب مجزية، و هكذا المقام.

و إن طلّقها في زمان علم بأنّ عادتها التحيّض فيه بطل مع المصادفة؛ لما عرفت من انصراف دليل جواز طلاق الغائب عن مثل هذه الصورة، و المفروض المصادفة مع الحيض فلا وجه للصحّة.

الصورة الثالثة: ما لو خرج في الطهر الذي واقعها فيه، و قد حكم فيه في المتن بلزوم انتظار مدّة انتقلت بمقتضى العادة من ذلك الطهر إلى طهر آخر، و احتاط وجوباً بأن لا ينقص عن شهر، و استحباباً أن يتربّص ثلاثة أشهر، هذا مع الجهل بالعادة و إلّا فيتبعها على الأقوى كما في المتن، و يظهر منه الجمع بين الروايات الدالّة على التقييد بالحمل على الوجوب و الاستحباب.

و هذا الجمع و إن كان بعيداً في نفسه، كما عرفت أنّ الجمع بكون مرجع الاختلاف إلى اختلاف عادة النساء، كما قد تقدّم من الجواهر أيضاً بعيد، فاللازم أن يقال: بأنّ مقتضى الجمع بين الروايات المقيدة الحمل على مراتب الاستحباب، بأن يكون تربّص شهر مستحبّاً و أشدّ استحباباً تربّص ثلاثة أشهر.

و حينئذٍ فبعد التربّص المذكور يصحّ طلاقها و لو صادف الحيض، و الظاهر أنّه لو صادف الطهر الذي واقعها فيه يكون صحيحاً، بأن لم تحض بعد خروجه في طهر المواقعة أصلًا؛ و ذلك لأولويّة الطهر المزبور عن الحيض، و إن كان مقتضى الاستصحاب في الأوّل البقاء و في الثاني العدم، كما لا يخفىٰ.

تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة - الطلاق، المواريث، ص:

35

[مسألة 13: الحاضر الذي يتعذّر أو يتعسّر عليه معرفة حال المرأة من حيث الطهر و الحيض كالغائب]

مسألة 13: الحاضر الذي يتعذّر أو يتعسّر عليه معرفة حال المرأة من حيث الطهر و الحيض كالغائب، كما أنّ الغائب لو فرض إمكان علمه بحالها بسهولة بلا تعسر كالحاضر (1).

______________________________

هذا مع التربّص بشهر أو ثلاثة أشهر، و أمّا بدونه نظراً إلى استحباب التربّص المزبور فالظاهر صحّة الطلاق، و إن وقع في حال الحيض بعد انتظار مدّة انتقلت بمقتضى العادة من طهر المواقعة إلى طهر آخر؛ و ذلك لدلالة الدليل المطلق عليه، خصوصاً بعد التصريح فيه بالجواز على كلّ حال و بعد ما عرفت من الانصراف، فتدبّر جيّداً.

(1) يدلّ على الحكم الأوّل مضافاً إلى أنّه لا خصوصية للغائب، بل الملاك فيه تعذّر معرفة حال المرأة من حيث الطهر و الحيض نوعاً، أو تعسّرها علىٰ ما هو المتفاهم عند العرف، فإذا كان في بلد المرأة في الحبس و لا يمكن له المعرفة كذلك، فأيّ فرق بينه و بين الغائب بعض النصوص، مثل:

صحيحة عبد الرحمن بن الحجاج قال: سألت أبا الحسن (عليه السّلام) عن رجل تزوّج امرأة سرّاً من أهلها «1» و هي في منزل أهلها «2» و قد أراد أن يطلّقها و ليس يصل إليها، فيعلم طمثها إذا طمثت و لا يعلم بطهرها إذا طهرت؟ قال: فقال: هذا مثل الغائب عن أهله، يطلّق بالأهلّة و الشهور. قلت: أ رأيت إن كان يصل إليها الأحيان، و الأحيان لا يصل إليها فيعلم حالها كيف يطلّقها؟ قال: إذا مضى له شهر لا يصل إليها فيه يطلّقها إذا نظر إلى غرّة الشهر الآخر بشهود، و يكتب الشهر الذي يطلّقها فيه، و يشهد على طلاقها رجلين، فإذا مضى ثلاثة أشهر فقد بانت منه و هو

______________________________

(1) في الفقيه: من أهله.

(2)

في الفقيه: من أهله.

تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة - الطلاق، المواريث، ص: 36

[مسألة 14: يجوز الطلاق في الطهر الذي واقعها فيه]

مسألة 14: يجوز الطلاق في الطهر الذي واقعها فيه في اليائسة و الصغيرة و الحامل و المسترابة، و هي المرأة التي كانت في سنّ من تحيض و لا تحيض لخلقة أو عارض، لكن يشترط في الأخيرة مضيّ ثلاثة أشهر من زمان المواقعة، فلو طلّقها قبلها لم يقع (1).

______________________________

خاطب من الخطّاب، و عليه نفقتها في تلك الثلاثة الأشهر التي تعتدّ فيها «1».

و يدلّ على الحكم الثاني ما عرفت من انصراف دليل جواز طلاق الغائب عمّا إذا تمكّن من الاطّلاع على حال المرأة بسهولة، كما لا يخفىٰ.

(1) يجوز الطلاق في طهر المواقعة في موارد:

منها: اليائسة و الصغيرة؛ لعدم عروض الحيض لهما حتى يخرج طهر المواقعة بالحيض و الطهر بعده.

و منها: الحامل، فإنّها من الخمس التي يطلّقنَ على كلّ حال، كما عرفت «2».

و أمّا المسترابة، فهي بالمعنى المذكور في المتن لا تحيض لخلقة أو عارض حتى تنتقل من طهر المواقعة إلى طهر غيرها، و لكن اشترط في الأخيرة مضيّ ثلاثة أشهر من زمان المواقعة، و أنّه لو طلّقها قبل مضيّ المدّة لم يصحّ طلاقها، و الدليل على اعتبار هذا الشرط مثل:

صحيحة إسماعيل بن سعد الأشعري قال: سألت الرضا (عليه السّلام) عن المسترابة من الحيض كيف تُطلَّق؟ قال: تطلّق بالشهور «3».

______________________________

(1) الكافي: 6/ 86 ح 1، التهذيب: 8/ 69 ح 229، الوسائل: 22/ 60، أبواب مقدمات الطلاق ب 28 ح 1.

(2) في ص 30 31.

(3) التهذيب: 8/ 68 ح 225، الوسائل: 22/ 189، كتاب الطلاق، أبواب العدد ب 4 ح 17.

تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة - الطلاق، المواريث، ص: 37

[مسألة 15: لا يشترط في تربّص ثلاثة أشهر في المسترابة أن يكون اعتزاله لأجل أن يطلّقها]

مسألة 15: لا يشترط في تربّص ثلاثة أشهر في المسترابة أن يكون اعتزاله لأجل أن يطلّقها، فلو

لم يتّفق مواقعتها بسبب إلى مضيّها ثمّ بدا له طلاقها صحّ في الحال (1).

[مسألة 16: لو واقعها في حال الحيض لم يصحّ طلاقها في الطهر الذي بعد تلك الحيضة]

مسألة 16: لو واقعها في حال الحيض لم يصحّ طلاقها في الطهر الذي بعد تلك الحيضة، بل لا بدّ من إيقاعه في طهر آخر بعد حيض آخر، فما هو الشرط

______________________________

و من الواضح أنّ أقلّ الجمع ثلاثة، و لا يبعد أن تكون اللام للإشارة إلى العهد الذهني. و مرسلة العطار، عن أبي عبد اللّٰه (عليه السّلام) المنجبرة بالعمل، قال: سألته عن المرأة يستراب بها و مثلها تحمل و مثلها لا تحمل و لا تحيض، و قد واقعها زوجها كيف يطلّقها إذا أراد طلاقها؟ قال: ليمسك عنها ثلاثة أشهر ثم يطلّقها «1».

و قد اخترنا في بحث العدّة لطلاق مثلها في شهر رمضان في بعض السنوات الأخيرة نظراً إلى أنّ الموضوع كان مبتلى به لجماعة من النساء باعتبار إخراج أرحامهنّ، الموجب لعدم التحيض، مع أنّ مثلها تحيض عادة إنّ عدّة طلاق مثلهنّ هو ثلاثة أشهر، و استفدنا ذلك من الكتاب و السنّة جميعاً، خلافاً لمن يقول بعدم ثبوت العدّة لهنّ اغتراراً بظواهر بعض الروايات، و لعلّه تجي ء الإشارة إليه في بحث العدد إن شاء اللّٰه تعالى.

(1) حيث إنّه من الواضح أنّ المراد انقضاء المدّة المزبورة و لا يعتبر فيه القصد بوجه، فلا فرق بين أن يكون الاعتزال لأجل أن يطلّقها، و بين أن يكون لأجل عدم اتفاق المواقعة بأيّ سبب، فيجوز له الطلاق في الحال بعد الانقضاء مطلقاً.

______________________________

(1) الكافي: 6/ 97 ح 1، الوسائل: 22/ 91، أبواب مقدمات الطلاق ب 40 ح 1.

تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة - الطلاق، المواريث، ص: 38

كونها مستبرأة بحيضة بعد المواقعة لا وقوعه في طهر غير طهر

المواقعة (1).

[مسألة 17: يشترط في صحّة الطلاق تعيّن المطلّقة]

مسألة 17: يشترط في صحّة الطلاق تعيّن المطلّقة، بأن يقول: «فلانة طالق» أو يشير إليها بما يرفع الإبهام و الإجمال، فلو كانت له زوجة واحدة فقال: «زوجتي طالق» صحّ، بخلاف ما إذا كان له زوجتان أو أكثر و قال: «زوجتي طالق» إلّا إذا نوى في نفسه معيّنة، فهل يقبل تفسيره بمعيّنة من غير يمين؟ فيه تأمّل (2).

______________________________

(1) لو واقعها في حال الحيض، فهل الطهر الواقع بعد تلك الحيضة يعدّ طهر المواقعة، فيجب تأخير الطلاق إلى طهر آخر، أم لا يعدّ طهر المواقعة، فيجوز إيقاع الطلاق بعد الطهر من هذه الحيضة؟ الظاهر هو الأوّل؛ لأنّ ما هو الشرط هو كونها مستبرأة بحيضة بعد المواقعة لا عنوان الوقوع في طهر غير المواقعة، و من الواضح عدم تحقّق الاستبراء في مثل الفرض؛ و لذا يتحقّق ولد الحيض كثيراً، و قد جعل المحقّق الشرط هو كونها مستبرأة «1»، فتدبّر.

(2) يشترط في صحّة الطلاق تعيين المطلّقة، كما في سائر العقود و الإيقاعات مثل العتق، فإنّه لا بدّ من تعيين العبد المعتق، و لعلّ السرّ فيه الانجرار إلى التنازع و التخاصم مع عدم التعيين و التردّد بين شخصين أو أزيد، خصوصاً مع تعلّقها بحقوق الناس؛ و يدلّ عليه مضافاً إلى استصحاب بقاء النكاح مع الشك في صحّة الطلاق ما يظهر من بعض الروايات من اعتبار التعيين، مثل:

صحيحة محمد بن مسلم المشتملة على قول أبي جعفر (عليه السّلام): إنّما الطلاق أن يقول

______________________________

(1) شرائع الإسلام: 3/ 15.

تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة - الطلاق، المواريث، ص: 39

..........

______________________________

لها في قبل العدّة بعد ما تطهر من محيضها قبل أن يجامعها: أنت طالق أو اعتدِّي يريد بذلك الطلاق «1».

و رواية محمد بن

أحمد بن المطهّر قال: كتبت إلى أبي الحسن صاحب العسكر (عليه السّلام): إنّي تزوّجت بأربع نسوة و لم أسأل عن أساميهنّ، ثمّ إنّي أردت طلاق إحداهنّ و أتزوّج امرأة أُخرى، فكتب إليّ: انظر إلى علامة إن كانت بواحدة منهنّ فتقول: اشهدوا أنّ فلانة التي بها علامة كذا و كذا هي طالق، ثمّ تزوّج الأُخرى إذا انقضت العدّة «2».

و كيف كان فلو كانت له زوجة واحدة فقال: زوجتي طالق، صحّ طلاقها بخلاف ما إذا كان له زوجتان أو أكثر، و قال: زوجتي أي إحداهما أو إحداهنّ طالق، فإنّه لا يصحّ إذا لم ينو في نفسه واحدة معيّنة، و أمّا إذا نوى واحدة كذلك فيظهر من محكيّ المسالك «3» و غيرها «4» الاكتفاء بالنيّة مع التعدّد على وجه يظهر منه المفروغيّة، و يؤمر بالتفسير على الفور لزوال الزوجية عنها، و يمنع عن الاستمتاع حتى يتبيّن، و لو أخّر أثم.

و لكن الكلام إن لم يكن إجماعاً في صحّة الطلاق و عدمها، فلا وجه لدعوى زوال الزوجيّة عنها و منعه عن الاستمتاع. و حكي عن الشيخ في مبسوطه: يصحّ

______________________________

(1) الكافي: 6/ 69 ح 1، التهذيب: 8/ 36 ح 108، الاستبصار: 3/ 277 ح 983، الوسائل: 22/ 41، أبواب مقدمات الطلاق ب 16 ح 1.

(2) الكافي: 5/ 563 ح 31، الوسائل: 20/ 520، كتاب النكاح، أبواب ما يحرم باستيفاء العدد ب 3 ح 3.

(3) مسالك الافهام: 9/ 49.

(4) الروضة البهية: 6/ 28، الجامع للشرائع: 465.

تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة - الطلاق، المواريث، ص: 40

..........

______________________________

و يستخرج بالقرعة «1»، و جعله المحقّق في الشرائع أشبه «2». و كيف كان فالمستفاد من المتن الصحّة و قبول تفسيره بمعيّنة مع يمين.

و الإنصاف أنّه لا يصحّ رأساً لعدم التعيين و عدم كفاية النيّة فيه، كما لا يخفىٰ.

______________________________

(1) المبسوط: 5/ 78، لكن لم يقل باستخراجه بالقرعة، و الحاكي هو صاحب الجواهر: 32/ 46.

(2) شرائع الإسلام: 3/ 15.

تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة - الطلاق، المواريث، ص: 41

[القول في الصيغة]

اشارة

القول في الصيغة

[مسألة 1: لا يقع الطلاق إلّا بصيغة خاصّة]

مسألة 1: لا يقع الطلاق إلّا بصيغة خاصّة، و هي قوله: «أنتِ طالق» أو فلانة أو هذه أو ما شاكلها من الألفاظ الدالّة على تعيين المطلّقة، فلا يقع بمثل «أنت مطلّقة» أو «طلّقت فلانة»، بل و لا «أنت الطالق» فضلًا عن الكناية ك «أنت خلية» أو «بريّة» أو «حبلك على غاربك» أو «الحقي بأهلك» و نحو ذلك، فلا يقع بها و إن نواه حتى قوله: «اعتدّي» المنويّ به الطلاق على الأقوى (1).

______________________________

(1) قال المحقّق في الشرائع: و الأصل أنّ النكاح عصمة مستفادة من الشرع، لا يقبل التقايل، فيقف رفعها على موضع الإذن. فالصيغة المتلقّاة لإزالة قيد النكاح: «أنت طالق»، أو هذه، أو ما شاكلها من الألفاظ الدالّة على تعيين المطلّقة «1». و المستفاد منه اعتبار العربية أوّلًا و الصيغة الخاصّة ثانياً، و يدلّ عليه مثل:

صحيحة محمد بن مسلم، أنّه سأل أبا جعفر (عليه السّلام) عن رجل قال لامرأته: أنت عليّ حرام، أو بائنة، أو بتّة، أو بريّة، أو خليّة؟ قال: هذا كلّه ليس بشي ء، إنّما

______________________________

(1) شرائع الإسلام: 3/ 17.

تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة - الطلاق، المواريث، ص: 42

..........

______________________________

الطلاق أن يقول لها في قبل العدّة بعد ما تطهر من محيضها قبل أن يجامعها: أنت طالق، أو اعتدِّي، يريد بذلك الطلاق، و يشهد على ذلك رجلين عدلين «1».

قال في الوسائل: و رواه أحمد بن محمد بن أبي نصر في كتاب «الجامع» عن محمد ابن سماعة، عن محمد بن مسلم، على ما نقله العلّامة في «المختلف» و ترك قوله: «أو اعتدّي» «2».

و صحيحة الحلبي، عن أبي عبد اللّٰه (عليه السّلام) قال: سألته عن رجل قال لامرأته: أنت منّي خليّة، أو بريّة، أو

بتّة، أو بائن، أو حرام؟ قال: ليس بشي ء «3».

و في رواية ابن سماعة قال: ليس الطلاق إلّا كما روى بكير بن أعين، أن يقول لها و هي طاهر من غير جماع: أنت طالق، و يشهد شاهدين عدلين، و كلّ ما سوى ذلك ملغى «4».

و في رواية عبد اللّٰه بن سنان، التي رواها ابن سماعة أيضاً، عن أبي عبد اللّٰه (عليه السّلام) قال: يرسل إليها فيقول الرسول: اعتدّي فإنّ فلاناً قد فارقك. قال ابن سماعة: و إنّما معنى قول الرسول: اعتدّي فإنّ فلاناً قد فارقك يعني الطلاق، أنّه لا تكون فرقة إلّا بطلاق «5».

و ممّا ذكرنا يظهر أنّ الألفاظ الكنائية كما أنّها لا تكفي في صيغة الطلاق، كذلك

______________________________

(1) الكافي: 6/ 69 ح 1، التهذيب: 8/ 36 ح 108، الاستبصار: 3/ 277 ح 983، الوسائل: 22/ 41، أبواب مقدمات الطلاق ب 16 ح 3.

(2) مختلف الشيعة: 7/ 344 345.

(3) الفقيه: 3/ 356 ح 1702، التهذيب: 8/ 40 ح 122، الوسائل: 22/ 37، أبواب مقدّمات الطلاق ب 15 ح 1.

(4) الكافي: 6/ 70 ح 4، التهذيب: 8/ 37 ح 110، الاستبصار: 3/ 278 ح 985، الوسائل: 22/ 41، أبواب مقدمات الطلاق ب 16 ح 1.

(5) الكافي: 6/ 70 ح 4، الوسائل: 21/ 41، أبواب مقدمات الطلاق ب 16 ح 2.

تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة - الطلاق، المواريث، ص: 43

[مسألة 2: يجوز إيقاع طلاق أكثر من زوجة واحدة بصيغة واحدة]

مسألة 2: يجوز إيقاع طلاق أكثر من زوجة واحدة بصيغة واحدة، فلو قال: «زوجتاي طالقان» أو «زوجاتي طوالق» صحّ طلاق الجميع (1).

______________________________

الألفاظ الصريحة غير الصيغة المخصوصة التي يكون الركن فيها الإتيان ب «طالق» بنحو التنكير مع اسم الفاعل، فلا يقع حتى بمثل أنت مطلقة أو طلقت

فلانة، و إن كان يكفي مثل الأخير في باب البيع. و قد حكي عن الشيخ في المبسوط أنّه قوّى وقوع الطلاق بقوله: أنت مطلّقة إذا نوى الطلاق «3».

و أمّا قوله: «اعتدِّي» مع إرادة الطلاق، فقد عرفت عدم ثبوته في صحيحة محمد بن مسلم أوّلًا، و عدم إرادة وقوع الطلاق به ثانياً، و إنّما هو قول الرسول بعد تحقّق المفارقة بصيغة الطلاق، فالأقوى ما عليه المتن.

و ممّا ذكرنا يظهر عدم وقوع الطلاق بمثل نعم في جواب السؤال عن أنّه هل طلّقت امرأتك، كما صرّح به الشيخ «1» و إن توهّمت دلالة بعض الأخبار عليه، و هي:

رواية السكوني، عن جعفر، عن أبيه، عن علي (عليهم السّلام) في الرجل يقال له: أطلقت امرأتك؟ فيقول: نعم، قال: قال: قد طلّقها حينئذٍ «2».

فإنّه من الواضح أنّ السؤال إنّما هو عن إيقاع الطلاق قبلًا، و الجواب ناظر إليه لا إلى وقوع الطلاق بلفظ نعم، فلا دلالة للرواية على خلاف ما تقدّم. بل خلاصة مفادها نفوذ إقرار الزوج بالطلاق و لو كان بلفظ نعم.

(1) لعدم الفرق بين الطلاق و بين غيره من الإيقاعات و العقود، فكما أنّه يجوز في

______________________________

(3) المبسوط: 5/ 25.

(1) المبسوط: 5/ 52، النهاية: 511.

(2) التهذيب: 8/ 38 ح 111، الوسائل: 22/ 42، أبواب مقدمات الطلاق ب 16 ح 6.

تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة - الطلاق، المواريث، ص: 44

[مسألة 3: لا يقع الطلاق بما يرادف الصيغة المزبورة من سائر اللغات مع القدرة، و مع العجز يصح]

مسألة 3: لا يقع الطلاق بما يرادف الصيغة المزبورة من سائر اللغات مع القدرة، و مع العجز يصح، و كذا لا يقع بالإشارة و لا بالكتابة مع القدرة على النطق، و مع العجز يصحّ إيقاعه بهما، و الأحوط تقديم الكتابة لمن يعرفها على الإشارة (1).

______________________________

البيع بيع شيئين بصيغة

واحدة، و يكفي في العتق عتق عبدين أو أزيد، كذلك يجوز في الطلاق طلاق زوجتين أو أزيد بصيغة واحدة، و لم يدلّ دليل على خلاف القاعدة من هذه الجهة.

(1) حيث إنّك قد عرفت أنّه يعتبر في الطلاق العربية و صيغة خاصّة، و أنّه لا يجوز بغيرها حتى مثل قوله: أنت مطلّقة، فلازم ذلك أنّه لا يجوز بما يرادف الصيغة المزبورة من سائر اللغات مع القدرة على تلك الصيغة، كما أنّه لا يقع بالإشارة و لا بالكتابة مع القدرة عليه. نعم يجوز في كلتا الصورتين مع العجز، و في دوران الأمر بين الكتابة و الإشارة يكون مقتضى الاحتياط الوجوبي تقديم الكتابة؛ لأنّها أشدّ دلالة من الإشارة و أبعد من حيث احتمال الخلاف منها، كما لا يخفى.

و قال ابنا حمزة «1» و البرّاج «2» تبعاً للشيخ في النهاية «3»: يقع بالكتابة إذا كان غائباً عن الزوجة لصحيحة أبي حمزة الثمالي، قال:

سألت أبا جعفر (عليه السّلام) عن رجل قال لرجل: اكتب يا فلان إلى امرأتي بطلاقها، أو اكتب إلى عبدي بعتقه، يكون ذلك طلاقاً أو عتقاً؟ قال: لا يكون طلاقاً و لا عتقاً

______________________________

(1) الوسيلة: 323.

(2) المهذّب: 2/ 277.

(3) النهاية: 511.

تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة - الطلاق، المواريث، ص: 45

[مسألة 4: يجوز للزوج أن يوكّل غيره في طلاق زوجته بالمباشرة أو بتوكيل غيره]

مسألة 4: يجوز للزوج أن يوكّل غيره في طلاق زوجته بالمباشرة أو بتوكيل غيره، سواء كان الزوج حاضراً أو غائباً، بل و كذا له أن يوكّل زوجته فيه بنفسها أو بالتوكيل، لكن لا ينبغي ترك الاحتياط بعدم توكيلها (1).

[مسألة 5: يجوز أن يوكّلها على أنّه لو طال سفره أزيد من ثلاثة شهور مثلًا]

مسألة 5: يجوز أن يوكّلها على أنّه لو طال سفره أزيد من ثلاثة شهور مثلًا، أو سامح في إنفاقها أزيد من شهر مثلًا طلّقت نفسها، لكن بشرط أن يكون

______________________________

حتى ينطق به لسانه أو يخطّه بيده، و هو يريد الطلاق أو العتق، و يكون ذلك منه بالأهلّة و الشهود، و يكون غائباً عن أهله «1».

و ذكر صاحب الجواهر في وجه قصوره عمّا تقدّم أموراً، منها: الموافقة للعامّة، و منها: الشذوذ حتى من القائل به؛ لعدم اعتبار الكتابة بيده «2»، و أولى منهما عدم صحّة الطلاق بما هو أقوى من الكتابة، كقوله: أنت مطلّقة أو أنت طالق، أو غيرهما من الألفاظ على ما تقدّم، فلا يجوز الاكتفاء بها مع القدرة، فلاحظ و تأمّل.

(1) يجوز التوكيل في الطلاق كما في سائر العقود و الإيقاعات بأن يوقعه الوكيل بالمباشرة أو بتوكيل غيره، سواء كان الزوج حاضراً أو غائباً، و يجوز أن يكون الوكيل هي الزوجة فيطلّقها بنفسها أو بالتوكيل، لكن ذكر في المتن: لا ينبغي ترك الاحتياط بعدم توكيلها، و السرّ فيه أنّه يلزم أن يكون المطلّق و الطالق واحداً، و هو و إن كان صحيحاً بلحاظ تعدّد الاعتبار، إلّا أنّ كون الاحتياط الاستحبابي في الخلاف ممّا لا يكاد ينكر.

______________________________

(1) الكافي: 6/ 64 ح 1، الوسائل: 22/ 37، أبواب مقدمات الطلاق ب 14 ح 3.

(2) جواهر الكلام: 32/ 63.

تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة - الطلاق، المواريث، ص: 46

الشرط

قيداً للموكّل فيه لا تعليقاً في الوكالة (1).

[مسألة 6: يشترط في صيغة الطلاق التنجيز]

مسألة 6: يشترط في صيغة الطلاق التنجيز، فلو علّقه على شرط بطل، سواء كان ممّا يحتمل وقوعه كما إذا قال: «أنت طالق إن جاء زيد» أو ممّا يتيقّن حصوله، كما إذا قال: «إن طلعت الشمس». نعم لا يبعد جواز تعليقه على ما يكون معلّقاً عليه في الواقع، كقوله: «إن كانت فلانة زوجتي فهي طالق» سواء

______________________________

(1) يجوز للزوج توكيل الزوجة في طلاق نفسها لو طال سفره أزيد من ثلاثة أشهر مثلًا، أو تسامح في الإنفاق عليها أزيد من شهر واحد مثلًا، كما هو المتداول اليوم في القبالات الرسمية المشتملة على وكالة الزوجة لطلاق نفسها عند عروض بعض الحالات للزوج، كما إذا حبس أزيد من سنة واحدة مثلًا بعلّة ارتكاب بعض ما هو ممنوع قانوناً أو شرعاً، لكن بشرط أن يكون الشرط قيداً للموكّل فيه لا تعليقاً في الوكالة، فإنّه موجب لبطلانها؛ لاعتبار التنجيز فيها كغيرها من العقود.

و أمّا إن كان قيداً للموكّل فيه بأن كان الموكّل فيه هو الطلاق المقيّد بطول سفره أو تسامحه في الإنفاق زماناً معيّناً فلا مانع منه، و الفرق أنّ الوكالة في الصورة الأولى معلّقة على طول السفر و حصول المسامحة في الإنفاق، فلا وكالة بالفعل للشك في تحقّق المعلّق عليه، و مع العلم أيضاً لا يكون بالفعل وكالة؛ لعدم تحقق المعلّق عليه، بخلاف الصورة الثانية، فإنّ الوكالة بالفعل حاصلة و إن كان قيد الموكّل فيه لم يتحقّق بعد، نظير الواجب المعلّق، حيث يكون الوجوب فعليّاً و إن كان الواجب استقباليّاً، كالحجّ بالإضافة إلى الاستطاعة الموجبة له، و إن كان ظرفه الموسم في شهر ذي الحجّة، كما تقرّر في محلّه.

تفصيل الشريعة في شرح تحرير

الوسيلة - الطلاق، المواريث، ص: 47

كان عالماً بأنّها زوجته أم لا (1).

[مسألة 7: لو كرّر صيغة الطلاق ثلاثاً]

مسألة 7: لو كرّر صيغة الطلاق ثلاثاً فقال: «هي طالق هي طالق هي طالق» من دون تخلّل رجعة في البين قاصداً تعدّده تقع واحدة وَلَغت الأُخريان، و لو

______________________________

(1) يشترط في صيغة الطلاق كسائر صيغ الإيقاعات بل العقود التنجيز، و قد استدلّ له مفصّلًا في مثل كتاب المتاجر للشيخ الأعظم الأنصاري (قدّس سرّه) «1»، سواء كان المعلّق عليه محتمل الحصول، كما إذا قال: أنت طالق إن جاء زيد، مع كون مجي ء زيد مشكوكاً مردّداً بين الوجود و العدم، و في هذه الصورة التي هي القدر المتيقّن يكون السرّ في بطلان التعليق الانجرار إلى التنازع و التخاصم غالباً؛ لأجل الاختلاف في حصول المعلّق عليه و عدمه، خصوصاً في باب الطلاق الذي عرفت في عبارة المحقّق المتقدّمة «2» أنّ النكاح عصمة يقف رفعها على إذن الشارع أي الإذن المتيقّن، و لا يسلم صحّة الطلاق بدون التنجيز، أو كان متيقّن الحصول، كما إذا قال: إن طلعت الشمس فأنت طالق.

و استثني من التعليق صورة واحدة و نفي البعد عن الجواز فيه، و هو التعليق على ما يكون معلّقاً عليه في الواقع و إن لم يكن هناك تعليق، كما إذا قال: إن كانت فلانة زوجتي فهي طالق، أو قال في الإعتاق: إن كان زيد عبدي فهو معتق. و السرّ فيه تحقّق التعليق في الواقع و إن لم يعلّق عليه، و هذا من دون فرق بين العلم بحصول المعلّق عليه و عدم العلم بحصوله؛ لعدم تحقّق التعليق من ناحيته أصلًا، فلا يكون مفاد الصيغة مع التعليق إلّا كمفادها بدونه، فتدبّر جيّداً.

______________________________

(1) المكاسب: 3/ 162 174 (تراث الشيخ الأعظم) ج

16.

(2) في ص 41.

تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة - الطلاق، المواريث، ص: 48

قال: «هي طالق ثلاثاً» لم يقع الثلاث قطعاً، و الأقوى وقوع واحدة كالصورة السابقة (1).

______________________________

(1) في هذه المسألة فرضان:

الفرض الأوّل: ما لو كرّر صيغة الطلاق ثلاثاً من دون تخلّل رجعة في البين، و من دون أن يكون التكرار لأجل التأكيد بل قصده التعدّد، فلا إشكال في وقوع الواحدة و هي الصيغة الأولى المفروض كونها واجدة لجميع الشرائط؛ لعدم المانع عن صحّتها و تأثيرها، و تلغى الأُخريان عند الإمامية، بل كأنّه من ضروريات مذهب الشيعة في مقابل العامّة القائلين بوقوعها ثلاثاً «1».

الفرض الثاني: ما لو قال: هي طالق ثلاثاً، و لا إشكال بمقتضى ما عرفت في عدم وقوع الثلاث قطعاً، و قد وردت فيه روايات «2» كثيرة لعلّه يجي ء بعضها، إنّما الإشكال في وقوع واحدة كالصورة السابقة، ففي المتن تبعاً للمشهور أنّ الأقوىٰ وقوع واحدة، و حكي عن جماعة من القدماء «3» بطلان الطلاق من أصله و عدم وقوع واحدة أيضاً، و إنّما وصف القول الأوّل المحقّق في الشرائع بأنّه أشهر الروايتين «4». و كيف كان فالروايات الدالّة عليه كثيرة:

منها: صحيحة زرارة، عن أحدهما (عليهما السّلام) قال: سألته عن رجل طلّق امرأته ثلاثاً

______________________________

(1) الامّ: 5/ 280، المجموع: 18/ 249، مغني المحتاج: 3/ 311، المغني لابن قدامه: 8/ 240، الشرح الكبير: 8/ 257، المبسوط: 6/ 57.

(2) الوسائل: 22/ 61 75، أبواب مقدمات الطلاق ب 29 30.

(3) الوسيلة: 322، الانتصار: 308. رسائل الشريف المرتضى: 1/ 240 مسألة 53، و نسبه إلى ابن أبي عقيل في المختلف: 7/ 350.

(4) شرائع الإسلام: 3/ 18.

تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة - الطلاق، المواريث، ص: 49

..........

______________________________

في

مجلس واحد و هي طاهر؟ قال: هي واحدة «1». و روى صاحب الوسائل لزرارة في باب واحد في هذا المجال روايتين أو روايات ثلاث. و من الواضح وحدتها كما مرّ مراراً.

و منها: خبر محمد بن علي الحلبي و عمر بن حنظلة جميعاً، عن أبي عبد اللّٰه (عليه السّلام) قال: الطلاق ثلاثاً في غير عدّة، إن كانت على طهر فواحدة، و إن لم تكن على طهر فليس بشي ء «2».

و منها: رواية عمرو بن البراء قال: قلت لأبي عبد اللّٰه (عليه السّلام): إنّ أصحابنا يقولون: إنّ الرجل إذا طلّق امرأته مرّة أو مائة مرّة فإنّما هي واحدة، و قد كان يبلغنا عنك و عن آبائك أنّهم كانوا يقولون: إذا طلّق مرّة أو مائة مرّة فإنّما هي واحدة، فقال: هو كما بلغكم «3».

و الظاهر أنّ المراد بالطلاق مرّة هو الطلاق أزيد من واحدة، كما أنّ الظاهر أنّ المراد تقييد الصيغة بذلك لا إيقاعها كذلك، فلا يتوهّم دلالة الرواية على حكم الفرض الأوّل، فتدبّر.

و منها: رواية بكير بن أعين، عن أبي جعفر (عليه السّلام) قال: إن طلّقها للعدّة أكثر من واحدة، فليس الفضل على الواحدة بطلاق «4».

______________________________

(1) الكافي: 6/ 70 ح 1، الوسائل: 22/ 61، أبواب مقدّمات الطلاق ب 29 ح 2.

(2) الكافي: 6/ 71 ح 3، التهذيب: 8/ 52 ح 169، الاستبصار: 3/ 285 ح 1008، الوسائل: 22/ 61، أبواب مقدّمات الطلاق ب 29 ح 1.

(3) الكافي: 6/ 71 ح 4، الوسائل: 22/ 63، أبواب مقدّمات الطلاق ب 29 ح 7.

(4) التهذيب: 8/ 53 ح 172، الاستبصار: 3/ 286 ح 1011، الوسائل: 22/ 65، أبواب مقدّمات الطلاق ب 29 ح 12.

تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة - الطلاق،

المواريث، ص: 50

..........

______________________________

و منها: رواية أبي محمد الوابشي، عن أبي عبد اللّٰه (عليه السّلام) في رجل ولّى [أمر «2»] امرأته رجلًا، و أمره أن يطلّقها على السنّة، فطلّقها ثلاثاً في مقعدٍ واحد، قال: يردّ إلى السنّة، فإذا مضت ثلاثة أشهر أو ثلاثة قروء، فقد بانت بواحدة «3».

و منها: رواية محمد بن سعيد (سعد السندي خ ل) الأموي قال: سألت أبا عبد اللّٰه (عليه السّلام) عن رجل طلّق ثلاثاً في مقعد واحد، قال: فقال: أما أنا فأراه قد لزمه، و أمّا أبي فكان يرى ذلك واحدة «4».

و حيث إنّه لا يمكن اختلاف رأيه مع رأي أبيه في ذلك و المفروض موت الأب، فلا يجري فيه احتمال التقية، فاللازم حمل رأيه عليها كما لا يخفىٰ، و يحتمل الحمل على الجمع بينها و بين الواقع بإرادة إلزامه به إذا كان مخالفاً و إرادة الواحدة لو وقع من غيره.

و منها: رواية إسماعيل بن عبد الخالق قال: سمعت أبا الحسن (عليه السّلام) و هو يقول: طلّق عبد اللّٰه بن عمر امرأته ثلاثاً، فجعلها رسول اللّٰه (صلّى اللّٰه عليه و آله) واحدة، فردّها إلى الكتاب (كتاب اللّٰه خ ل) و السنّة «1».

و أمّا الروايات الدالّة على القول غير المشهور فهي أيضاً كثيرة، مثل:

رواية أبي بصير، عن أبي عبد اللّٰه (عليه السّلام) قال: من طلّق ثلاثاً في مجلس فليس

______________________________

(2) من التهذيب و الاستبصار.

(3) التهذيب: 8/ 53 ح 173، الاستبصار: 3/ 286 ح 1012، الوسائل: 22/ 65، أبواب مقدّمات الطلاق ب 29 ح 13.

(4) التهذيب: 8/ 53 ح 174، الاستبصار: 3/ 286 ح 1013، الوسائل: 22/ 65، أبواب مقدّمات الطلاق ب 29 ح 14.

(1) التهذيب: 8/ 55 ح 180، الاستبصار: 3/

288 ح 1019، الوسائل: 22/ 67، أبواب مقدّمات الطلاق ب 29 ح 18.

تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة - الطلاق، المواريث، ص: 51

..........

______________________________

بشي ء، من خالف كتاب اللّٰه عزّ و جلّ ردّ إلى كتاب اللّٰه عزّ و جلّ. و ذكر طلاق ابن عمر «1». و حكى صاحب الوسائل عن الشيخ (قدّس سرّه) أنّه حملها على أنّه ليس بشي ء في وقوع الثلاث بل تقع واحدة.

و مكاتبة عبد الهّٰش بن محمد إلى أبي الحسن (عليه السّلام): روى أصحابنا، عن أبي عبد اللّٰه (عليه السّلام) في الرجل يطلّق امرأته ثلاثاً بكلمة واحدة على طهر بغير جماع بشاهدين: أنّه يلزمه تطليقة واحدة، فوقّع بخطّه: أخطأ على أبي عبد اللّٰه (عليه السّلام) إنّه لا يلزم الطلاق، و يردُّ إلى الكتاب و السّنة إن شاء اللّٰه «2».

و رواية هارون بن خارجة، عن أبي عبد اللّٰه (عليه السّلام) قال: قلت: إنّي ابتليت فطلّقت أهلي ثلاثاً في دفعة، فسألت أصحابنا فقالوا: ليس بشي ء، و إنّ المرأة قالت: لا أرضى حتى تسأل أبا عبد اللّٰه (عليه السّلام)، فقال: ارجع إلى أهلك فليس عليك شي ء «3».

و رواية عمر بن حنظلة، عن أبي عبد اللّٰه (عليه السّلام) قال: إيّاكم و المطلّقات ثلاثاً في مجلس واحد، فإنّهنّ ذوات أزواج «4».

و رواية عبد اللّٰه بن طاوس قال: قلت لأبي الحسن الرضا (عليه السّلام): إنّ لي ابن أخ زوّجته ابنتي و هو يشرب الشراب و يكثر ذكر الطلاق، فقال: إن كان من إخوانك فلا شي ء عليه، و إن كان من هؤلاء فأبنها منه، فإنّه عنى الفراق. قال: قلت: أ ليس قد روي

______________________________

(1) التهذيب: 8/ 54 ح 177، الاستبصار: 3/ 287 ح 1016، الوسائل: 22/ 63، أبواب مقدّمات الطلاق

ب 29 ح 8.

(2) التهذيب: 8/ 56 ح 182، الاستبصار: 3/ 289 ح 1021، الوسائل: 22/ 67، أبواب مقدّمات الطلاق ب 29 ح 19.

(3) الخرائج و الجرائح: 2/ 642 ح 49، الوسائل: 22/ 71، أبواب مقدمات الطلاق ب 29 ح 29.

(4) التهذيب: 8/ 56 ح 183، الاستبصار: 3/ 289 ح 1022، نوادر أحمد بن محمد بن عيسى: 107 ح 261، الوسائل: 22/ 68، أبواب مقدّمات الطلاق ب 29 ح 20.

تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة - الطلاق، المواريث، ص: 52

[مسألة 8: لو كان الزوج من العامّة ممّن يعتقد وقوع الثلاث بثلاث مرسلة أو مكرّرة و أوقعه بأحد النحوين ألزم عليه]

مسألة 8: لو كان الزوج من العامّة ممّن يعتقد وقوع الثلاث بثلاث مرسلة أو مكرّرة و أوقعه بأحد النحوين ألزم عليه، سواء كانت المرأة شيعيّة أو مخالفة، و نرتّب نحن عليها آثار المطلقة ثلاثاً، فلو رجع إليها نحكم ببطلانه إلّا إذا كانت الرجعة في مورد صحيحة عندهم، فنتزوّج بها في غير ذلك بعد انقضاء عدّتها، و كذلك الزوجة إذا كانت شيعيّة جاز لها التزويج بالغير، و لا فرق في ذلك بين الطلاق ثلاثاً و غيره ممّا هو صحيح عندهم فاسد عندنا، كالطلاق المعلّق و الحلف

______________________________

عن أبي عبد اللّٰه (عليه السّلام) أنّه قال: إيّاكم و المطلّقات ثلاثاً في مجلس، فإنّهنّ ذوات الأزواج، فقال: ذلك من إخوانكم لا من هؤلاء، إنّه من دان بدين قوم لزمته أحكامهم «1».

و مكاتبة إبراهيم بن محمد الهمداني قال: كتبت إلى أبي جعفر الثاني (عليه السّلام) مع بعض أصحابنا، فأتاني الجواب بخطّه: فهمت ما ذكرت من أمر ابنتك و زوجها إلى أن قال: و من حنثه بطلاقها غير مرّة، فانظر فإن كان ممّن يتولّانا و يقول بقولنا فلا طلاق عليه؛ لأنّه لم يأت أمراً جهله، و إن كان ممّن لا يتولّانا

و لا يقول بقولنا فاختلعها منه، فإنّه إنّما نوى الفراق بعينه «2».

و منها غير ذلك من الروايات الدالّة عليه، و أنت خبير بأنّه بعد عدم إمكان الجمع الدلالي بين الطائفتين و لا أقلّ بين جُلّهما لولا كلّهما لا بدّ من الرجوع إلى الشهرة، التي أوّل المرجّحات على ما استفدناه من مقبولة عمر بن حنظلة، و الشهرة مع ما في المتن فالترجيح معه.

______________________________

(1) عيون أخبار الرضا (عليه السّلام): 1/ 310 ح 74، معاني الأخبار: 263، الوسائل: 22/ 75، أبواب مقدّمات الطلاق ب 30 ح 11.

(2) التهذيب: 8/ 57 ح 186، الاستبصار: 3/ 291 ح 1027، الوسائل: 22/ 72، أبواب مقدّمات الطلاق ب 30 ح 1.

تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة - الطلاق، المواريث، ص: 53

به و في طهر المواقعة و الحيض و بغير شاهدين، فنحكم بصحّته إذا وقع من المخالف القائل بالصحة، و هذا الحكم جار في غير الطلاق أيضاً، فنأخذ بالعول و التعصيب منهم الميراث مثلًا مع بطلانهما عندنا، و التفصيل لا يسع هذا المختصر (1).

______________________________

(1) الأصل في هذه المسألة قاعدة الإلزام، التي هي من القواعد المشهورة بل المجمع عليها، و المراد بها إلزام المخالفين بما يعتقدونه و يدينون به ممّا يكون مخالفاً لمذهب أهل البيت (عليهم السّلام)، و تدلّ عليها الروايات «1» الكثيرة الواردة في الموارد المختلفة، و قد تكلّمنا فيها مفصّلًا في كتابنا القواعد الفقهيّة «2»، المشتمل على عشرين قاعدة فقهية، و في بعض الروايات المتقدّمة إشارة إليها، و لا تختصّ بباب الطلاق في فروع مختلفة، و عمدتها الطلاق ثلاثاً الذي هو العمدة في البحث، و الطلاق بغير شاهدين عادلين.

و لو لا هذه القاعدة لوقعت الشيعة في مشكلة عظيمة من جهة عدم

اعتبار شهادة عدلين في صحّة الطلاق عندهم، و من جهة الطلاق ثلاثاً في مجلس واحد، و فيما إذا كانت المرأة المطلّقة شيعية يتحقّق إشكال أعظم، و كذا في موارد أُخر مثل العول و التعصيب في كتاب الإرث، فشرّعت هذه القاعدة تسهيلًا للإماميّة الاثني عشرية من هذه الجهة، و تخليصاً لهم من المضيقة الكبيرة، و المشكلات المتعدّدة الحاصلة من اختلاف آراء فقهائنا مع آراء فقهائهم في الموارد المختلفة، و التفصيل لا يسع هذا الكتاب، و من أراد فليرجع إلى ذلك الكتاب.

______________________________

(1) الوسائل: 22/ 72 75، أبواب مقدّمات الطلاق ب 30، الوسائل: 26/ 184 186، أبواب ميراث الاخوة و الأجداد ب 4.

(2) القواعد الفقهية: 1/ 167 198.

تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة - الطلاق، المواريث، ص: 54

[مسألة 9: يشترط في صحّة الطلاق زائداً على ما مرّ الإشهاد]

مسألة 9: يشترط في صحّة الطلاق زائداً على ما مرّ الإشهاد بمعنى إيقاعه بحضور شاهدين عدلين ذكرين يسمعان الإنشاء سواء، قال لهما: اشهدا أم لا، و يعتبر اجتماعهما حين سماع الإنشاء، فلو شهد أحدهما و سمع في مجلس ثم كرّر اللفظ و سمع الآخر بانفراده لم يقع. نعم، لو شهدا بإقراره بالطلاق لم يعتبر اجتماعهما لا في تحمل الشهادة و لا في أدائها، و لا اعتبار بشهادة النساء و سماعهنّ لا منفردات و لا منضمّات بالرجال (1).

______________________________

(1) الأصل في اعتبار هذا الشرط قوله تعالى في سورة الطلاق فَإِذٰا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ فٰارِقُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ وَ أَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ وَ أَقِيمُوا الشَّهٰادَةَ لِلّٰهِ «1».

و الروايات الواردة في هذا المجال كثيرة، مثل:

رواية محمد بن مسلم، عن أبي جعفر (عليه السّلام) في حديث قال: جاء رجل إلى علي (عليه السّلام) فقال: يا أمير المؤمنين إنّي طلّقت امرأتي، قال (عليه السّلام):

أ لك بيّنة؟ قال: لا، قال: اعزب «2».

و الحكم بلزوم الإعزاب بمجرّد عدم البيّنة من دون افتقار إلى يمين الآخر لو كان منكراً مع أنّه يجب اليمين على من ادّعي عليه دليل على أنّ صحّة الطلاق مشروطة بها، مع أنّه لا إشعار في الرواية بوجود التنازع و التخاصم، بل الحكم المذكور متوقّف على عدم ثبوت البيّنة مطلقاً، سواء كان المنكر موجوداً أم لا، و هو لا يناسب مع غير ما ذكرنا.

______________________________

(1) سورة الطلاق: 65/ 2.

(2) الكافي: 6/ 58 ح 7، التهذيب: 8/ 47 ح 146، الوسائل: 22/ 25، أبواب مقدّمات الطلاق ب 10 ح 1.

تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة - الطلاق، المواريث، ص: 55

..........

______________________________

و صحيحة زرارة و محمد بن مسلم و بكير و بريد و فضيل و إسماعيل الأزرق و معمر بن يحيى، عن أبي جعفر و أبي عبد اللّٰه (عليهما السّلام) في حديث أنّهما قالا: و إن طلّقها في استقبال عدّتها طاهراً من غير جماع، و لم يشهد علىٰ ذلك رجلين عدلين فليس طلاقه إيّاها بطلاق «1».

و رواية أبي الصباح الكناني، عن أبي عبد اللّٰه (عليه السّلام) قال: من طلّق بغير شهود فليس بشي ء «2».

و رواية اليسع، عن أبي جعفر (عليه السّلام) في حديث قال: لا طلاق على سنّة و على طهر من غير جماع إلّا ببيّنة، و لو أنّ رجلًا طلّق على سنّة و على طهر من غير جماع و لم يشهد لم يكن طلاقه طلاقاً «3».

و صحيحة أحمد بن محمد بن أبي نصر قال: سألت أبا الحسن (عليه السّلام) عن رجل طلّق امرأته بعد ما غشيها بشهادة عدلين، قال: ليس هذا طلاقاً، قلت: فكيف طلاق السنّة؟ فقال: يطلّقها إذا طهرت

من حيضها قبل أن يغشيها بشاهدين عدلين، كما قال اللّٰه عزّ و جلّ في كتابه «4»، فإن خالف ذلك ردّ إلى كتاب اللّٰه، الحديث «5».

و رواية محمد بن مسلم الأخرىٰ قال: قدم رجل إلى أمير المؤمنين (عليه السّلام) بالكوفة فقال: إنّي طلّقت امرأتي بعد ما طهرت من محيضها قبل أن أُجامعها، فقال أمير المؤمنين (عليه السّلام): أشهدت رجلين ذوي عدل كما أمرك اللّٰه؟ قال: لا، فقال: اذهب فإنّ

______________________________

(1) الكافي: 6/ 60 ح 11، التهذيب: 8/ 47 ح 147، الوسائل: 22/ 26، أبواب مقدّمات الطلاق ب 10 ح 3.

(2) الكافي: 6/ 60 ح 13، التهذيب: 8/ 48 ح 150، الوسائل: 22/ 27، أبواب مقدّمات الطلاق ب 10 ح 6.

(3) الكافي: 6/ 62 ح 3، الوسائل: 22/ 28، أبواب مقدّمات الطلاق ب 10 ح 8.

(4) سورة الطلاق: 65/ 2.

(5) الكافي: 6/ 67 ح 6، التهذيب: 8/ 49 ح 152، الوسائل: 22/ 26، أبواب مقدّمات الطلاق ب 10 ح 4.

تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة - الطلاق، المواريث، ص: 56

..........

______________________________

طلاقك ليس بشي ء «3».

و الظاهر أنّه لا يمكن لمحمد بن مسلم الرواية عن علي (عليه السّلام) من دون واسطة، فلا بدّ أن يكون هناك واسطة، و الظاهر أنّها هو الإمام (عليه السّلام).

إلى غير ذلك من الروايات الدالّة عليه، الظاهرة في أنّ اعتبار هذا الأمر إنّما هو من امتيازات الشيعة و الخصوصيات التي يعتقد بها الأئمّة (عليهم السّلام) و متابعوهم، فلا شبهة في أصل الاعتبار، و إنّما الكلام في بعض الخصوصيات:

منها: أنّه ذكر سيّد المدارك في محكي شرح النافع: أنّ الظاهر من اشتراط الإشهاد، أنّه لا بدّ من حضور شاهدين يشهدان بالطلاق، بحيث يتحقّق معه الشهادة بوقوعه، و

إنّما يحصل ذلك مع العلم بالمطلّقة على وجه يشهد العدلان بوقوع طلاقها، فما اشتهر بين أهل زماننا من الاكتفاء بمجرّد سماع العدلين صيغة الطلاق و إن لم يعلما المطلّق و المطلّقة بوجه بعيد جدّاً، بل الظاهر أنّه لا أصل له في المذهب، فإنّ النص و الفتوى متضايفان على اعتبار الإشهاد، و مجرّد سماع صيغة لا يعرف قائلها لا يسمّى إشهاداً قطعاً «1». و لكنّه استظهر صاحب الجواهر (قدّس سرّه) الاكتفاء بشهادة إنشاء الطلاق من الأصيل أو الوكيل أو الوليّ، و لا يعتبر العلم بالمطلّق و المطلّقة على وجه يشهد عليهما لو احتيج إليه لإطلاق الأدلّة «2».

أقول: هذا الذي ذكره صاحب المدارك و إن كان ربما يساعده الاعتبار؛ نظراً إلى أنّ اعتبار حضور البيّنة مقدّمة ظاهراً لإقامة الشهادة، سيّما يوم الاختلاف بين الزوجين في تحقّق الطلاق و عدمه، بحيث يمكن للزوج المدّعى للطلاق الاستناد إلى

______________________________

(3) الكافي: 6/ 60 ح 14، التهذيب: 8/ 48 ح 151، الوسائل: 22/ 27، أبواب مقدّمات الطلاق ب 10 ح 7.

(1) نهاية المرام: 2/ 37.

(2) جواهر الكلام: 32/ 107.

تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة - الطلاق، المواريث، ص: 57

..........

______________________________

البيّنة أو للزوجة المدّعية له كذلك، إلّا أنّ الذي يبعّده أنّ العلم بالمطلّق و المطلّقة إن كان لازماً بجميع الخصوصيات فمن الواضح عدم اعتباره، مضافاً إلى أنّ اللازم حينئذٍ أن لا يكون الشاهدان غير بصيرين، و إن كان لازماً ببعض الخصوصيات فلم تحدّ تلك الخصوصية و لم تبين، و في هذا المجال روايات غير خالية عن الإشعار أو الدلالة، مثل:

مكاتبة أحمد بن مطهّر قال: كتبت إلى العسكري (عليه السّلام): إنّي تزوّجت بأربع نسوة لم أسأل عن أسمائهنّ ثم إنّي أردت طلاق إحداهنّ

و تزويج امرأة أُخرى، فكتب: انظر إلى علامة إن كانت بواحدة منهنّ فتقول: اشهدوا أنّ فلانة التي بها علامة كذا و كذا هي طالق، ثمّ تزوّج الأُخرى إذا انقضت العدّة «1».

و قد استدلّ بهذه المكاتبة الشيخ في النهاية على اعتبار علم الشهود بالمطلّقة «2».

و صحيح أبي بصير يعني المرادي قال: سألت أبا جعفر (عليه السّلام) عن رجل تزوّج أربعة نسوة في عقدة واحدة، أو قال: في مجلس واحد و مهورهنّ مختلفة، قال: جائز له و لهنّ، قلت: أ رأيت إن هو خرج إلى بعض البلدان فطلّق واحدة من الأربع، و أشهد على طلاقها قوماً من أهل تلك البلاد و هم لا يعرفون المرأة، ثم تزوّج امرأة من أهل تلك البلاد بعد انقضاء عدّة المطلّقة، ثم مات بعد ما دخل بها، كيف يقسّم ميراثه؟ قال: إن كان له ولد، فإنّ للمرأة التي تزوّجها أخيراً من أهل تلك البلاد ربع ثمن ما ترك، و إن عرفت التي طلّقت من الأربع بعينها و نسبها فلا شي ء لها من الميراث و عليها العدّة، قال: و يقتسمن الثلاثة النسوة ثلاثة أرباع ثُمن

______________________________

(1) الكافي: 5/ 563 ح 31، الوسائل: 20/ 520، كتاب النكاح، أبواب ما يحرم باستيفاء العدد ب 3 ح 3.

(2) النهاية: 510.

تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة - الطلاق، المواريث، ص: 58

..........

______________________________

ما ترك، و عليهنّ العِدّة، و إن لم تعرف التي طلّقت من الأربع، قسمن النسوة ثلاثة أرباع ثمن ما ترك بينهنّ جميعاً، و عليهنّ جميعاً العدّة «1».

و صحيحة حمران، عن أبي عبد اللّٰه (عليه السّلام) قال: لا يكون خلع، و لا تخيير، و لا مباراة إلّا على طهر من المرأة من غير جماع، و شاهدين يعرفان

الرجل و يريان المرأة و يحضران التخيير، و إقرار المرأة أنّها على طهر من غير جماع يوم خيّرها. قال: فقال له محمد بن مسلم: أصلحك اللّٰه ما إقرار المرأة هاهنا؟ قال: يشهد الشاهدان عليها بذلك للرجل، حذار أن تأتي بعد فتدّعي أنّه خيّرها و هي طامث، فيشهدان عليها بما سمعا منها، الحديث «2».

هذا، و قد أطنب صاحب الحدائق في ردّ صاحب المدارك، و قال في ذيل كلامه: إنّ ما ذكرناه من الاكتفاء بالمعرفة الإجمالية هو الذي جرى عليه مشايخنا الذين عاصرناهم و حضرنا مجالس طلاقهم، كما حكاه هو أيضاً عمّا اشتهر في زمانه، و أمّا ما أفاده فلم أقف له على موافق، و لا دليل يعتمد عليه، و لم أقف من أصحابنا على بحث في هذه المسألة سوى ما نقلنا عنه، و قد عرفت ما فيه «3». و تبعه على ذلك صاحب الرياض في كلام طويل، قال في ذيله: و بالجملة الظاهر من الأدلّة كفاية المعرفة بنحو من الاسم أو الإشارة من دون لزوم مبالغة تامّة في المعرفة «4».

أقول: بعد ملاحظة أنّ الإشهاد مقدّمة للشهادة بعد ذلك، و أنّه لا يعتبر في

______________________________

(1) الكافي: 7/ 131 ح 1، الوسائل: 22/ 51، أبواب مقدّمات الطلاق ب 23 ح 1.

(2) التهذيب: 8/ 99 ح 334، الوسائل: 22/ 291، كتاب الخلع و المباراة ب 6 ح 4.

(3) الحدائق الناضرة: 25/ 248 251.

(4) رياض المسائل: 7/ 316 318.

تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة - الطلاق، المواريث، ص: 59

..........

______________________________

الشاهدين البصر، كما أنّه لا يعتبر في الطلاق حضور المرأة فضلًا عن إقرارها بأنّها في طهر من غير جماع، كما يشهد به صحّة طلاق الغائب عن زوجته، كما في بعض الروايات

المتقدّمة، الظاهر أنّه لا يعتبر في هذه الشهادة زائداً على ما اعتبر في الشهادة على غير الطلاق، غاية الأمر وجوب الإشهاد هنا دون غيره.

و من المعلوم أنّه لا يعتبر في الشهادة على غيره و معرفة الشاهد و علمه بجميع خصوصيّات الفاعل، مثلًا لا يعتبر في الشهادة على القتل كون القاتل معروفاً للشاهد بجميع الخصوصيات، بل بمقدار يكون متميّزاً عن غيره عنده، كذلك في باب الطلاق و كذلك بالإضافة إلى المرأة، فتدبّر.

و منها: لزوم كون الشاهدين ذكرين، كما يدلّ عليه قوله تعالىٰ وَ أَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ «1». و كذلك التعبير بالشاهدين في الروايات «2» الدالّة عليه، فلا اعتبار بشهادة النساء منفردات و لا منضمّات.

و منها: أنّه يعتبر اجتماعهما حين سماع إنشاء صيغة الطلاق، فلو شهد أحدهما و سمع في مجلس ثمّ كرّر اللفظ و سمع الآخر بانفراده لم يقع.

و منها: أنّه يعتبر أن يكون الشاهدان عادلين. قال المحقّق في الشرائع: و من فقهائنا من اقتصر على اعتبار الإسلام فيهما، و الأوّل أظهر «3».

و يمكن أن يستدلّ للقول بالاقتصار ببعض الروايات، مثل:

ما في ذيل رواية البزنطي المتقدّمة بعد قول أبي الحسن (عليه السّلام) باعتبار شهادة عدلين، قلت: فإن طلّق على طهر من غير جماع بشاهد و امرأتين؟ قال: لا تجوز

______________________________

(1) سورة الطلاق: 65/ 2.

(2) الوسائل: 22/ 26 29 و 51 52، أبواب مقدّمات الطلاق ب 10، 22، 23.

(3) شرائع الإسلام: 3/ 21.

تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة - الطلاق، المواريث، ص: 60

..........

______________________________

شهادة النساء في الطلاق، و قد تجوز شهادتهنّ مع غيرهنّ في الدم إذا حضرته، قلت: فإن أشهد رجلين ناصبيّين على الطلاق أ يكون طلاقاً؟ فقال: مَن ولد على الفطرة أجيزت شهادته على الطلاق

بعد أن يعرف منه خير «1».

و صحيحة عبد اللّٰه بن المغيرة قال: قلت للرضا (عليه السّلام): رجل طلّق امرأته و أشهد شاهدين ناصبيّين، قال: كلّ من ولد على الفطرة و عرف بالصلاح في نفسه جازت شهادته «2».

و قد حملهما صاحب الجواهر (قدّس سرّه) بشهادة العدول عن جواب السؤال على التعبير بما هو جامع بين التقية و الحقّ الذي لا زالوا يستعملونه، حتى قالوا لبعض أصحابهم في بعض نصوص الطلاق ثلاثاً «3» معلّمين لهم: إنّكم لا تحسنون مثل هذا، فيراد حينئذٍ بمعرفة الخير فيه و الصلاح في نفسه المؤمن العدل الذي قد يقال: إنّه مقتضى الفطرة أيضاً، لا الناصب الذي هو كافر إجماعاً «4» بل و لا مطلق المخالف «5».

و الحقّ أن يقال: إنّ إعراض المشهور عن الخبرين و إن كانا صحيحين موجب لخروجهما عن الاعتبار و الحجّية، خصوصاً بعد كونهما مخالفين للكتاب الدالّ على اعتبار العدالة في الشاهدين، و هي غير متحقّقة في غير المؤمن و إن كان مسلماً، فضلًا عن الناصب الذي عرفت أنّه كافر إجماعاً، فما اختاره بعض المتأخّرين اغتراراً بالخبرين غير تامّ.

______________________________

(1) الكافي: 6/ 27 ح 6، التهذيب: 8/ 49 ح 152، الوسائل: 22/ 26، أبواب مقدّمات الطلاق ب 10 ح 4.

(2) الفقيه: 3/ 28 ح 83، الوسائل: 27/ 393، كتاب الشهادات ب 41 ح 5.

(3) التهذيب: 8/ 91 ح 313، الاستبصار: 3/ 290 ح 1025، الوسائل: 22/ 112، أبواب أقسام الطلاق ب 3 ح 6.

(4) رياض المسائل: 6/ 538، الحدائق الناضرة: 24/ 61 و ج 25/ 255.

(5) جواهر الكلام: 32/ 110.

تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة - الطلاق، المواريث، ص: 61

..........

______________________________

تتمّة الظاهر أنّ العدالة المعتبرة في الشاهد هي العدالة الواقعيّة

في مقابل الفسق الواقعي، غاية الأمر أنّه قد تقرّر في محلّه أنّ حسن الظاهر أمارة شرعية على العدالة لعدم العلم بملكتها نوعاً؛ فلذا جعل الشارع حسن الظاهر كاشفاً شرعاً عليها، و لكن لازم ذلك أنّه يجوز للمطلّق أن يكون الشاهدان عند طلاقه متّصفين بحسن الظاهر، و أمّا إذا انكشف له بعد الطلاق الفسق و عدم العدالة فالظاهر بطلان الطلاق؛ لأنّ اعتبار الإمارة إنّما هو ما لم ينكشف الخلاف، و مع انكشاف الخلاف و لو كانت الأمارة شرعية لا يبقى لها موقع، كما لا يخفىٰ.

و ممّا ذكرنا يظهر النظر فيما هو المحكي عن المسالك من قوله: هل يقدح فسقهما في نفس الأمر بالنسبة إليهما حتى لا يصحّ لأحدهما أن يتزوّج بها أم لا، نظراً إلى حصول شرط الطلاق و هو العدالة ظاهراً وجهان. و كذا لو علم الزوج فسقهما مع ظهور عدالتهما، ففي الحكم بالوقوع بالنسبة إليه حتى يسقط عنه حقوق الزوجية و تستبيح أختها و الخامسة وجهان، و الحكم بصحّته فيهما لا يخلو من قوّة «1».

و من العجيب الحكم بصحّة الطلاق بمجرّد حسن الظاهر مع علم الزوج المطلِّق بفسق الشاهدين، مع أنّ حسن الظاهر أمارة شرعية على العدالة، و لا مجال للأمارة مع العلم بالخلاف، و كذا مع العلم بالوفاق من دون فرق بين الأمارات الشرعية و الأمارات العقلائية.

و ممّا ذكرنا يظهر أنّ حسن الظاهر إنّما يكفي للزوج في إنشاء الطلاق و إيقاعه إذا لم يكن الشاهد معلوم الفسق، و إلّا فلا يجوز أصلًا، خصوصاً بملاحظة قوله تعالىٰ:

______________________________

(1) مسالك الافهام: 9/ 115.

تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة - الطلاق، المواريث، ص: 62

[مسألة 10: لو طلّق الوكيل عن الزوج لا يكتفى به مع عدل آخر في الشاهدين]

مسألة 10: لو طلّق الوكيل عن الزوج لا يكتفى به مع عدل

آخر في الشاهدين، كما لا يكتفى بالموكّل مع عدل آخر (1).

[مسألة 11: المراد بالعدل في هذا المقام ما هو المراد به في غيره ممّا رتّب عليه بعض الأحكام]

مسألة 11: المراد بالعدل في هذا المقام ما هو المراد به في غيره ممّا رتّب عليه بعض الأحكام، كما مرّ في كتاب الصلاة (2).

______________________________

وَ أَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ «1» مع كون الخطاب متوجّهاً إلى المطلّقين من الأزواج، و الشاهد في المفروض معلوم الفسق لا محرز العدالة. و قد تكلّمنا في بحث العدالة و في الأمارة الشرعية عليها مفصّلًا بما لا مزيد عليه في بحث اعتبار العدالة في مرجع التقليد، و في بيان معناها في كتاب الاجتهاد و التقليد من هذا الكتاب في المسائل الأخيرة منه «2». و أحلنا إلى ذلك في مسألة اعتبار العدالة في الشاهد من كتاب الشهادات في بحث صفات الشهود، فراجع.

(1) وجه عدم الاكتفاء أنّ الظاهر المتفاهم عرفاً من أدلّة اعتبار شاهدين عدلين من الكتاب و السنّة اعتبار شاهدين خارجين عن المطلّق؛ و من الواضح عدم ثبوتهما في الفرض الأوّل؛ لأنّ المطلّق أحد الشاهدين. و الوجه في عدم الاكتفاء في الفرض الثاني صدق المطلّق على الزوج الموكّل، فلا يجوز أن يكون أحد الشاهدين بل لا بدّ أن يكون غيره، لكن في محكي المسالك «3» ما يظهر منه خلاف ذلك، و من الواضح خلافه.

(2) قد عرفت أنّ معنى العدالة في الشريعة واحد، غاية الأمر أنّ الشارع جعل

______________________________

(1) سورة الطلاق: 65/ 2.

(2) تفصيل الشريعة/ الاجتهاد و التقليد: 75 79.

(3) مسالك الافهام: 9/ 115.

تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة - الطلاق، المواريث، ص: 63

[مسألة 12: لو كان الشاهدان عادلين في اعتقاد المطلّق أصيلًا كان أو وكيلًا]

مسألة 12: لو كان الشاهدان عادلين في اعتقاد المطلّق أصيلًا كان أو وكيلًا و فاسقين في الواقع يشكل ترتيب آثار الطلاق الصحيح لمن يطّلع على فسقهما، و كذلك إذا كانا عادلين في اعتقاد الوكيل دون الموكّل، فإنّه يشكل جواز

ترتيب آثار الصحّة عليه، بل الأمر فيه أشكل من سابقه (1).

______________________________

لها أمارة شرعية و هي حسن الظاهر، على ما استفيد من الرواية الواردة في تفسيرها و بيان الأمارة لها، و هي صحيحة ابن أبي يعفور المعروفة المذكورة في الوسائل في الباب الحادي و الأربعين من كتاب الشهادات «1». و لا يختلف معنى العدالة باعتبار اختلاف الأحكام المترتّبة عليها، غاية الأمر قيام الدليل على ترتّب بعض الأحكام عند وجود الأمارة المزبورة كباب الجماعة، و إن انكشف الخلاف و عدم قيامه على الصحّة مع انكشاف الخلاف بمجرّد قيام الأمارة الشرعية كباب الطلاق، و إلّا فلا يكون هناك اختلاف في معنى العدالة و تعريفها، و كذا في وجود الأمارة الشرعية عليها، كما لا يخفىٰ.

(1) يظهر الوجه في عدم الاعتبار ممّا ذكرنا، كما أنّ الظاهر أنّ الوجه في كون الفرض الثاني أشكل من الفرض الأوّل هو وضوح كون المطلّق حقيقة هو الموكّل، فمع عدم اعتقاده بعدالة الشاهدين كيف يمكن أن يقال بوقوع الطلاق الصحيح منه، و لو كان إنشاء الطلاق صادراً من الوكيل و الشاهدان عادلان عنده، و هذا كالبيع الصادر من الوكيل مع اعتقاده الصحّة، و علم الموكّل بالبطلان، كما لا يخفى.

______________________________

(1) الفقيه: 3/ 24 ح 65، الوسائل: 27/ 391، كتاب الشهادات ب 41 ح 1.

تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة - الطلاق، المواريث، ص: 65

[القول في أقسام الطّلاق]

اشارة

القول في أقسام الطّلاق الطلاق نوعان: بدعي و سنّي:

فالأوّل: هو غير الجامع للشرائط المتقدّمة، و هو على أقسام فاسدة عندنا صحيحة عند غيرنا.

و الثاني: ما جمع الشرائط في مذهبنا، و هو قسمان: بائن و رجعي، فالبائن ما ليس للزوج الرجوع إليها بعده، سواء كانت لها عدّة أم لا، و هو ستّة:

الأوّل:

الطلاق قبل الدخول.

الثاني: طلاق الصغيرة، أي من لم تبلغ التسع و إن دخل بها.

الثالث: طلاق اليائسة، و هذه الثلاث ليست لها عدّة كما يأتي.

الرابع و الخامس: طلاق الخلع والمباراة مع عدم رجوع الزوجة فيما بذلت، و إلّا كانت له الرجعة.

السادس: الطلاق الثالث إذا وقع منه رجوعان إلى الزوجة في البين، بين الأوّل و الثاني، و بين الثاني و الثالث و لو بعقد جديد بعد خروجها عن العدّة (1).

______________________________

(1) تقسيم الطلاق إلى البدعي و السنّي إنّما هو باعتبار لفظه الذي يقع على الأعمّ

تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة - الطلاق، المواريث، ص: 66

..........

______________________________

من الصحيح و الفاسد لغةً و عرفاً و شرعاً، و إلّا فالطلاق البدعي لا يكون صحيحاً كما أنّ الطلاق البدعي ما أُنشئ بعنوان المشروعية، ضرورة أنّ نفس التلفّظ بالصيغة مع العلم بعدم تأثيرها لا يكون بمحرّم أصلًا، فالمحرّم ما إذا أُنشِئ بعنوان المشروعية، غاية الأمر أنّا ذكرنا غير مرّة أنّ الحرمة لا تسري من متعلّقها إلى شي ء آخر، فالمحرّم هي البدعة، و الانطباق على الطلاق لا يوجب حرمته بوجه. و التحقيق في محلّه.

ثم إنّ الطلاق ثلاثاً في مجلس واحد، الذي قد ذكرنا «1» أنّه تقع واحدة منها بدعي و سنّي معاً، ضرورة أنّها بدعية بالإضافة إلى الثلاثة المقصودة الباطلة، و سنّية بالإضافة إلى الواحدة الصحيحة غير المقصودة، فتدبّر.

ثم إنّ الطلاق السنّي ينقسم إلى بائن و رجعي، فالبائن ما ليس للزوج فيه الرجوع بعده؛ لأجل عدم ثبوت العِدّة فيها أصلًا كالطلاق قبل الدخول، و طلاق الصغيرة و إن وقعت مدخولًا بها بالدخول المحرّم أو غيره و طلاق اليائسة، أو لأجل عدم ثبوت حقّ الرجوع فيه و إن كانت لها عدّة كطلاقي الخلع والمباراة

مع عدم رجوع الزوجة فيما بذلت و إلّا كانت له الرجعة، و الطلاق الثالث مع وقوع تجدّد الزوجية في البين بين الأوّل و الثاني و بين الثاني و الثالث، سواء كان بالرجوع في العدّة أو بالتزويج بعد الخروج من العدّة، و سيأتي التفصيل إن شاء اللّٰه تعالىٰ.

________________________________________

لنكرانى، محمد فاضل موحدى، تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة - الطلاق، المواريث، در يك جلد، مركز فقهى ائمه اطهار عليهم السلام، قم - ايران، اول، 1421 ه ق

تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة - الطلاق، المواريث؛ ص: 66

و المحقّق في الشرائع قسّم طلاق السنّة إلى أقسام ثلاثة: بائن و رجعي و طلاق العدّة «2». و في محكي القواعد للعلّامة تقسيم الطلاق الشرعي إلى طلاق عدّة و سنّة،

______________________________

(1) في ص 48 52.

(2) شرائع الإسلام: 3/ 23.

تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة - الطلاق، المواريث، ص: 67

..........

______________________________

ثم بعد ذلك قسّمه إلى البائن و الرجعي «1»، و كذلك فعل في الإرشاد «2» إلّا أنّه قدّم التقسيم إلى البائن و الرّجعي على السنّي و العدّي.

و في محكي المسالك التحقيق أنّ الطلاق العدي من أقسام الرجعي، و الطلاق السنّي بالمعنى الأخصّ بينه و بين كل واحد من البائن و الرجعي عموم و خصوص من وجه يختصّ البائن عنه بما إذا لم يتزوّجها بعد العدّة مع كونه بائناً، و يختصّ السنّي عنه بما إذا كان رجعيا و لم يرجع و يتزوّجها بعد العدّة، و يتصادقان فيما إذا كان الطلاق بائناً و تزوّجها بعد العِدّة، و يختصّ العدي عنه بما إذا رجع في العدّة، و يختص السنّي عنه بما إذا كان الطلاق بائناً و تزوّج بعد العدّة، و يتصادقان فيما إذا كان الطلاق

رجعيا و لم يرجع فيه إلى أن انقضت العدّة ثمّ تزوّجها بعقد جديد، انتهىٰ «3».

و قال في الجواهر: الأجود في التقسيم أن يقسم الطلاق السنّي إلى البائن و الرجعي و القسمة حاصرة غير متداخلة، و يقسم أيضاً إلى طلاق العِدّة و طلاق السنّة بالمعنى الأخص و غيرهما لا أن يقتصر عليهما «4».

هذا و لكن الروايات المستفيضة تدلّ على تقسيم الطلاق إلى طلاق العِدّة و طلاق السنّة، ففي:

صحيحة زرارة، عن أبي جعفر (عليه السّلام) أنّه قال: كلّ طلاق لا يكون على السنّة أو طلاق على العدّة فليس بشي ء. قال زرارة: قلت لأبي جعفر (عليه السّلام): فسّر لي طلاق السنّة و طلاق العِدّة، فقال: أمّا طلاق السنّة فإذا أراد الرجل أن يطلّق امرأته، فلينتظر

______________________________

(1) قواعد الاحكام: 2/ 64.

(2) إرشاد الأذهان: 2/ 44.

(3) مسالك الافهام: 9/ 112.

(4) جواهر الكلام: 32/ 117.

تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة - الطلاق، المواريث، ص: 68

..........

______________________________

بها حتى تطمث و تطهر، فإذا خرجت من طمثها طلّقها تطليقة من غير جماع، و يُشهد شاهدين على ذلك، ثم يدعها حتى تطمث طمثتين فتنقضي عدّتها بثلاث حيض و قد بانت منه، و يكون خاطباً من الخطّاب إن شاءت تزوجته و إن شاءت لم تزوّجه و عليه نفقتها و السكنى ما دامت في عِدّتها، و يتوارثان حتى تنقضي عدّتها.

و أمّا طلاق العِدّة الذي قال اللّٰه عزّ و جلّ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ وَ أَحْصُوا الْعِدَّةَ «1» فإذا أراد الرجل منكم أن يطلّق امرأته طلاق العِدّة، فلينتظر بها حتى تحيض و تخرج من حيضها، ثم يطلّقها تطليقة من غير جماع بشهادة شاهدين عدلين، و يراجعها من يومه ذلك إن أحبّ أو بعد ذلك بأيّام قبل أن تحيض، و يشهد

على رجعتها، و يواقعها حتى تحيض، فإذا حاضت و خرجت من حيضها طلّقها تطليقةً أخرى من غير جماع، و يشهد على ذلك، ثم يراجعها أيضاً متى شاء قبل أن تحيض، و يشهد على رجعتها و يواقعها، و تكون معه إلى أن تحيض الحيضة الثالثة، فإذا خرجت من حيضتها الثالثة طلّقها التطليقة الثالثة بغير جماع، و يشهد على ذلك، فإذا فعل ذلك فقد بانت منه، و لا تحلّ له حتى تنكح زوجاً غيره. قيل له: و إن كانت ممّن لا تحيض؟ فقال: مثل هذه تطلّق طلاق السّنة «2».

و في صحيحة أبي بصير، عن أبي عبد اللّٰه (عليه السّلام) قال: سألته عن طلاق السنّة؟ فقال: طلاق السنّة إذا أراد الرجل أن يطلّق امرأته يدعها إن كان قد دخل بها حتى تحيض ثم تطهر، فإذا طهرت طلّقها واحدة بشهادة شاهدين، ثم يتركها حتى تعتدّ ثلاثة قروء، فإذا مضى ثلاثة قروء فقد بانت منه بواحدة و حلّت للأزواج، و كان

______________________________

(1) سورة الطلاق: 65/ 1.

(2) الكافي: 6/ 65 ح 2، التهذيب: 8/ 26 ح 83، الوسائل: 22/ 103 و 108، أبواب أقسام الطلاق ب 1 ح 1 و ب 2 ح 1.

تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة - الطلاق، المواريث، ص: 69

..........

______________________________

زوجها خاطباً من الخطّاب، إن شاءت تزوّجته و إن شاءت لم تفعل، فإن تزوّجها بمهر جديد كانت عنده على اثنتين باقيتين و قد مضت الواحدة، فإن هو طلّقها واحدة أخرى على طهر من غير جماع بشهادة شاهدين، ثم تركها حتى تمضي أقراؤها فإذا مضت أقراؤها من قبل أن يراجعها فقد بانت منه باثنتين، و ملكت أمرها و حلّت للأزواج، و كان زوجها خاطباً من الخطّاب، إن شاءت

تزوّجته و إن شاءت لم تفعل، فإن هو تزوّجها تزويجاً جديداً بمهر جديد كانت معه بواحدة باقية و قد مضت ثنتان، فإن أراد أن يطلّقها طلاقاً لا تحلّ له حتّى تنكح زوجاً غيره، تركها حتى إذا حاضت و طهرت أشهد على طلاقها تطليقة واحدةً، ثم لا تحلّ له حتى تنكح زوجاً غيره. و أمّا طلاق الرّجعة «1» فإن يدعها حتى تحيض و تطهر ثم يطلّقها بشهادة شاهدين، ثم يراجعها و يواقعها، ثم ينتظر بها الطهر فإذا حاضت و طهرت أشهد شاهدين على تطليقة أخرى، ثم يراجعها و يواقعها ثم ينتظر بها الطهر، فإذا حاضت و طهرت أشهد شاهدين على التطليقة الثالثة، ثم لا تحلّ له أبداً حتى تنكح زوجاً غيره، و عليها أن تعتدّ ثلاثة قروء من يوم طلّقها التطليقة الثالثة، فإن طلّقها واحدة بشهود على طهر، ثم انتظر بها حتى تحيض و تطهر ثم طلّقها قبل أن يراجعها لم يكن طلاقه الثانية طلاقاً؛ لأنّه طلّق طالقاً؛ لأنّه إذا كانت المرأة مطلّقة من زوجها كانت خارجة من ملكه حتى يراجعها، فإذا راجعها صارت في ملكه ما لم يطلّقها التطليقة الثالثة، فإذا طلّقها التطليقة الثالثة فقد خرج ملك الرجعة من يده، فإن طلّقها على طهر بشهود ثمّ راجعها، و انتظر بها الطهر من غير مواقعة فحاضت و طهرت، ثم طلّقها قبل أن يدنسها بمواقعة بعد الرجعة لم يكن طلاقه لها طلاقاً؛ لأنّه طلّقها التطليقة الثانية في طهر الاولى، و لا ينقضي الطهر إلّا بمواقعة بعد الرجعة، و كذلك

______________________________

(1) في الاستبصار: العدّة.

تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة - الطلاق، المواريث، ص: 70

[مسألة 1: لو طلّقها ثلاثاً مع تخلّل رجعتين حرمت عليه و لو بعقد جديد]

مسألة 1: لو طلّقها ثلاثاً مع تخلّل رجعتين حرمت عليه و لو بعقد

جديد، و لا تحلّ له إلّا بعد أن تنكح زوجاً غيره ثم فارقها بموت أو طلاق و انقضت عِدّتها و حينئذٍ جاز للأوّل نكاحها (1).

______________________________

لا تكون التطليقة الثالثة إلّا بمراجعة و مواقعة بعد الرجعة، ثم حيض و طهر بعد الحيض، ثم طلاق بشهود حتى يكون لكلّ تطليقة طهر من تدنيس المواقعة بشهود «1».

إلى غير ذلك من النصوص «2»، و لكن مع ذلك يكون الأمر سهلًا؛ لأنّ المهمّ هي الأحكام المترتّبة على الأقسام لا إلى التسمية و العنوان.

(1) الأصل في هذه المسألة قوله تعالىٰ الطَّلٰاقُ مَرَّتٰانِ فَإِمْسٰاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسٰانٍ إلى قوله تعالىٰ فَإِنْ طَلَّقَهٰا فَلٰا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتّٰى تَنْكِحَ زَوْجاً غَيْرَهُ فَإِنْ طَلَّقَهٰا فَلٰا جُنٰاحَ عَلَيْهِمٰا أَنْ يَتَرٰاجَعٰا «3».

و يدلّ عليه أيضاً بعض ما تقدّم من الروايات و الروايات «4» الأُخر أيضاً، و ينبغي أن يعلم أنّه ليس لطلاق الزوج الآخر خصوصيّة، بل المراد حصول المفارقة بموت أو طلاق و انقضاء عدّتها، فيصير الزوج الأوّل بتعبير الروايات المتقدّمة كأحد من الخطّاب إن شاءت تزوّجته و إن شاءت لم تتزوّجه.

كما أنّه ينبغي أن يعلم أنّ نكاح الزوج الآخر لا بدّ أن يكون بنحو النكاح الدائم الذي يجري فيه الطلاق بقرينة قوله تعالى فَإِنْ طَلَّقَهٰا و النكاح المنقطع

______________________________

(1) الكافي: 6/ 66 ح 4، التهذيب: 8/ 27 ح 84، الاستبصار: 3/ 268 ح 959، الوسائل: 22/ 104 و 109، أبواب أقسام الطلاق ب 1 ح 3 و ب 2 ح 2.

(2) الوسائل: 22/ 101 110، أبواب أقسام الطلاق ب 1 و 2.

(3) سورة البقرة: 2/ 229 230.

(4) الوسائل: 22/ 101 110، أبواب أقسام الطلاق ب 1 و 2.

تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة -

الطلاق، المواريث، ص: 71

[مسألة 2: كلّ امرأة حرّة إذا استكملت الطلاق ثلاثاً مع تخلّل رجعتين في البين، حرمت على المطلّق حتى تنكح زوجاً غيره]

مسألة 2: كلّ امرأة حرّة إذا استكملت الطلاق ثلاثاً مع تخلّل رجعتين في البين، حرمت على المطلّق حتى تنكح زوجاً غيره، سواء واقعها بعد كلّ رجعة و طلّقها في طهر آخر غير طهر المواقعة، و هذا يقال له: طلاق العِدّة، أو لم يواقعها، و سواء وقع كلّ طلاق في طهر أو وقع الجميع في طهر واحد، فلو طلّقها مع الشرائط ثم راجعها ثم طلّقها ثم راجعها ثم طلّقها في مجلس واحد حرمت عليه، فضلًا عمّا إذا طلّقها ثم راجعها، ثم تركها حتى حاضت و طهرت ثم طلّقها و هكذا (1).

______________________________

لا يكون فيه طلاق، و لعلّه سيجي ء البحث فيه إن شاء اللّٰه تعالىٰ.

(1) و قد عرفت أنّ الأصل في ذلك قوله تعالىٰ فَإِنْ طَلَّقَهٰا فَلٰا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتّٰى تَنْكِحَ زَوْجاً غَيْرَهُ متفرّعاً على قوله تعالىٰ الطَّلٰاقُ مَرَّتٰانِ من دون فرق بين طلاق العدّة المفسّر في الروايات بما إذا واقعها بعد كلّ رجعة، و طلّقها في طهر آخر غير طهر المواقعة، و بين ما إذا لم تتحقّق المواقعة بعد الرجوع أصلًا؛ و ذلك لإطلاق الآية الشريفة، التي وقع فيها تفريع عدم الحلية يعني بحصول نكاح جديد من زوج جديد و حصول المفارقة منه و انقضاء العدّة بطلاق أو موت كما تقدّم. و كذلك مقتضى الإطلاق عدم الفرق بين أن يتحقّق كلّ طلاق في طهر مستقل، أو وقع الجميع في طهر واحد، فلو طلّقها مع الشرائط ثم راجعها ثم طلّقها ثم راجعها ثم طلّقها في مجلس واحد، حرمت عليه و احتاجت إلى المحلّل. و من الواضح مغايرة هذا مع الطلاق ثلاثاً في مجلس واحد الواقع عند مخالفينا «1» دون أصحابنا الإمامية

______________________________

(1) الأمّ: 5/ 280، المجموع: 18/ 249، مغني المحتاج: 3/ 311، المغني لابن قدامة: 8/ 240، الشرح الكبير: 8/ 257، المبسوط: 6/ 57.

تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة - الطلاق، المواريث، ص: 72

..........

______________________________

رضوان اللّٰه تعالى عليهم أجمعين. و من هذا تستفاد القاعدة الكلية و هو ترتّب الحرمة على الطلاق الثالث مع تخلّل رجعتين في البين، سواء تحقّقت المواقعة بعد كلّ رجعة أو لم تتحقّق، و سواء وقع كلّ طلاق في طهر مستقل أو وقع الجميع في طهر واحد بنحو ما عرفت.

و لكن ورد في هذا المجال طائفتان من الأخبار:

فالطائفة الأُولى: ما ظاهرها اعتبار المواقعة بعد الرجوع في صحّة الطلاق الثاني مثل:

صحيحة عبد الرحمن بن الحجّاج قال: قال أبو عبد اللّٰه (عليه السّلام) في الرجل يطلّق امرأته له أن يراجع، و قال: لا يطلّق التطليقة الأُخرى حتى يمسّها «1».

و الظاهر أنّ معنى قوله (عليه السّلام) «له: أن يراجع»، عبارة عن التطليقة الأُخرى.

و رواية المعلّى بن خنيس، عن أبي عبد اللّٰه (عليه السّلام) في الرجل يطلّق امرأته تطليقة ثم يطلّقها الثانية قبل أن يراجع، قال: فقال أبو عبد اللّٰه (عليه السّلام): لا يقع الطلاق الثاني حتى يراجع و يجامع «2».

و موثّقة إسحاق بن عمّار، عن أبي إبراهيم (عليه السّلام) قال: سألته عن رجل يطلّق امرأته في طهر من غير جماع، ثم يراجعها من يومه ثم يطلّقها، تبين منه بثلاث تطليقات في طهر واحد؟ فقال: خالف السنّة، قلت: فليس ينبغي له إذا راجعها أن يطلّقها إلّا في طهر آخر؟ فقال: نعم، قلت: حتى يجامع؟ قال: نعم «3».

و رواية أبي بصير، عن أبي عبد اللّٰه (عليه السّلام) قال: المراجعة في (هي خ ل) الجماع، و إلّا

______________________________

(1) الكافي:

6/ 73 ح 2، الوسائل: 22/ 141، أبواب أقسام الطلاق ب 17 ح 2.

(2) التهذيب: 8/ 46 ح 143، الاستبصار: 3/ 284 ح 1004، الوسائل: 22/ 142، أبواب أقسام الطلاق ب 17 ح 5.

(3) الكافي: 6/ 60 ح 12، الوسائل: 22/ 21، أبواب أقسام الطلاق ب 8 ح 6.

تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة - الطلاق، المواريث، ص: 73

..........

______________________________

فإنّما هي واحدة «1».

و غير ذلك من الروايات الدالّة عليه، كرواية أبي بصير الطويلة المتقدّمة «2».

و الطائفة الثانية: ما تدلّ على الصحّة و إن لم تتحقّق المواقعة، مثل:

موثّقة إسحاق بن عمّار، عن أبي الحسن (عليه السّلام) قال: قلت له: رجل طلّق امرأته ثم راجعها بشهود ثم طلّقها، ثم بدا له فراجعها بشهوة ثم طلّقها فراجعها بشهود تبين منه؟ قال: نعم، قلت: كلّ ذلك في طهر واحد، قال: تبين منه، قلت: فإنّه فعل ذلك بامرأة حامل أتبين منه؟ قال: ليس هذا مثل هذا «3».

و صحيحة عبد الحميد بن عوّاض و محمد بن مسلم قالا: سألنا أبا عبد اللّٰه (عليه السّلام) عن رجل طلّق امرأته و أشهد على الرجعة و لم يجامع، ثم طلّق في طهر آخر على السّنة أ تثبت التطليقة الثانية بغير جماع؟ قال: نعم، إذا هو أشهد على الرجعة و لم يجامع كانت التطليقة ثابتة (ثانية خ ل) «4».

و صحيحة البزنطي قال: سألت الرضا (عليه السّلام) عن رجل طلّق امرأته بشاهدين ثم راجعها و لم يواقعها بعد الرجعة حتى طهرت من حيضها، ثم طلّقها على طهر بشاهدين أ يقع عليها التطليقة الثالثة و قد راجعها و لم يواقعها؟ قال: نعم «5».

و حسنة علي بن راشد المضمرة قال: سألته مشافهة عن رجل طلّق امرأته

______________________________

(1) الكافي:

6/ 73 ح 1، التهذيب: 8/ 44 ح 135، الاستبصار: 3/ 280 ح 994، الوسائل: 22/ 140، أبواب أقسام الطلاق ب 17 ح 1.

(2) في ص 68 70.

(3) التهذيب: 8/ 92 ح 317، الاستبصار: 3/ 282 ح 100، الوسائل: 22/ 144، أبواب أقسام الطلاق ب 19 ح 5.

(4) التهذيب: 8/ 45 ح 139، الاستبصار: 3/ 281 ح 997، الوسائل: 22/ 143، أبواب أقسام الطلاق ب 19 ح 1.

(5) التهذيب: 8/ 45 ح 140، الاستبصار: 3/ 281 ح 998، الوسائل: 22/ 143، أبواب أقسام الطلاق ب 19 ح 2.

تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة - الطلاق، المواريث، ص: 74

..........

______________________________

بشاهدين على طهر ثم سافر و أشهد على رجعتها، فلما قدم طلّقها من غير جماع، أ يجوز ذلك له؟ قال: نعم قد جاز طلاقها «1» و غير ذلك من الروايات «2» الدالّة عليه.

قال المحقّق في الشرائع بعد الإشارة إلى الطائفتين: و هي يعني الطائفة الثانية الأصحّ .. و من فقهائنا من حمل الجواز على طلاق السنّة، و المنع على طلاقه للعدّة، و هو تحكّم «3».

و الأظهر ترجيح الطائفة الثانية على الاولى بالشهرة الفتوائية المحقّقة بين الأصحاب «4». بل قال في الجواهر: لا بأس بدعوى الإجماع معها إذ لم أجد قائلًا بالأُولى، إلّا ما حكي عن ابن أبي عقيل «5» و قد لحقه الإجماع. فلا إشكال حينئذٍ في ترجيح هذه النصوص على السابقة و حملها على ضرب من الاستحباب «6».

و الجمع الذي أشار إليه المحقّق و إن استشهد له بالخبرين، إلّا أنّ دلالتهما على ذلك ممنوع، و لعلّه لذا وصفه بأنّه تحكّم سيّما خبر أبي بصير قال: سألت أبا جعفر (عليه السّلام) عن الطلاق الذي لا تحلّ له

حتى تنكح زوجاً غيره؟ فقال: أخبرك بما صنعت أنا بامرأة كانت عندي، و أردت أن أطلّقها، فتركتها حتى إذا طمثت و طهرت طلّقتها من غير جماع، و أشهدت على ذلك شاهدين، ثم تركتها حتى إذا كادت أن تنقضي عدّتها راجعتها و دخلت بها، و تركتها حتى طمثت و طهرت، ثم

______________________________

(1) التهذيب: 8/ 45 ح 141، الاستبصار: 3/ 281 ح 999، الوسائل: 22/ 144، أبواب أقسام الطلاق ب 19 ح 4.

(2) الوسائل: 22/ 101 110 و 142 145، أبواب أقسام الطلاق ب 1، 2، 18، 19.

(3) شرائع الإسلام: 3/ 25.

(4) مسالك الافهام: 9/ 136، رياض المسائل: 7/ 134، نهاية المرام: 2/ 56، الحدائق الناضرة: 25/ 294.

(5) حكىٰ عنه في مختلف الشيعة: 7/ 372.

(6) جواهر الكلام: 32/ 138.

تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة - الطلاق، المواريث، ص: 75

[مسألة 3: العقد الجديد بحكم الرجوع في الطلاق]

مسألة 3: العقد الجديد بحكم الرجوع في الطلاق، فلو طلّقها ثلاثاً بينهما عقدان مستأنفان، حرمت عليه حتى تنكح زوجاً غيره، سواء لم تكن لها عدّة كما إذا طلّقها قبل الدخول، أو كانت ذات عدّة و عقد عليها بعد انقضاء العدّة (1).

[مسألة 4: المطلّقة ثلاثاً إذا نكحت زوجاً آخر و فارقها بموت أو طلاق حلّت للزوج الأوّل]

مسألة 4: المطلّقة ثلاثاً إذا نكحت زوجاً آخر و فارقها بموت أو طلاق حلّت للزوج الأوّل، و جاز له العقد عليها بعد انقضاء عدّتها من الثاني، فإذا طلّقها ثلاثاً، حرمت أيضاً حتى تنكح زوجاً آخر، و إن كان ذلك الزوج هو الثاني في الثلاثة الأُولى، و هكذا تحرم عليه بعد كلّ طلاق ثالث، و تحلّ بنكاح الغير بعده

______________________________

طلّقتها على طهر من غير جماع بشاهدين، ثم تركتها حتى إذا كان قبل أن تنقضي عدّتها راجعتها و دخلت بها، حتى إذا طمثت و طهرت طلّقتها على طهر من غير جماع بشهود، و إنّما فعلت ذلك بها «1» أنّه لم يكن لي بها حاجة.

و سيأتي في المسألة الثالثة أنّ العقد الجديد بحكم الرجوع في الطلاق، فلو طلّقها ثلاثاً بينهما عقدان مستأنفان، حرمت عليه حتى تنكح زوجاً غيره، سواء لم تكن لها عِدّة كما إذا طلّقها قبل الدخول، أو كانت ذات عِدّة و عقد عليها بعد انقضاء العدّة؛ و ذلك لعدم الفرق بين الصورتين من جهة الآية و الرواية، فالحرمة مترتّبة على مطلق الطلاق الثالث الواجد للشرائط، فتدبّر جيّداً.

(1) قد تقدّم في ذيل المسألة السابقة ما يتعلّق بهذه المسألة، و المنشأ ما عرفت من ترتّب حكم الحرمة حتى تنكح زوجاً غيره على الطلاق الثالث، من دون فرق بين أن تكون الحلية له بعد الطلاقين بسبب الرجوع أو بالعقد الجديد، كما مرّ.

______________________________

(1) الكافي: 6/ 75 ح 1، تفسير العياشي:

1/ 118 ح 370، الوسائل: 22/ 119، أبواب أقسام الطلاق ب 4 ح 3.

تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة - الطلاق، المواريث، ص: 76

و إن طلّقت مائة مرّة. نعم، لو طلّقت تسعاً طلاق العدّة بالتفسير الذي أشرنا إليه حرمت عليه أبداً، و ذلك بأن طلّقها ثم راجعها ثم واقعها ثم طلّقها في طهر آخر ثم راجعها ثم واقعها ثم طلّقها في طهر آخر، فإذا حلّت للمطلّق بنكاح زوج آخر و عقد عليها ثم طلّقها كالثلاثة الاولى ثمّ حلّت بمحلّل ثم عقد عليها ثم طلّقها ثلاثاً كالأوّلين حرمت عليه أبداً، و يعتبر فيه أمران:

أحدهما: تخلّل رجعتين، فلا يكفي وقوع عقدين مستأنفين و لا رجعة عقد مستأنف في البين.

الثاني: وقوع المواقعة بعد كلّ رجعة، فطلاق العدّة مركّب من ثلاث طلقات: اثنتان منها رجعيّة و واحدة بائنة، فإذا وقعت ثلاثة منه حتى كملت تسع طلقات حرمت عليه أبداً، هذا، و الأحوط الاجتناب عن المطلّقة تسعاً مطلقاً، و إن لم يكن الجميع طلاق عِدّة (1).

______________________________

(1) المهمّ في هذه المسألة أمران:

الأمر الأوّل: أنّ المطلقة ثلاثاً، التي تحتاج حليّتها إلى محلّل، لا فرق في حرمتها بين أن يكون في الدفعة الأُولى أو في الدفعات المتعدّدة، و سواء كان المحلّل الثاني هو المحلّل الأوّل أم غيره، و سواء كان الطلاق الثالث واقعاً من الزوج الأوّل أم من الزوج الثاني أم من غيرهما، و لا يوجب الطلاق الثالث بنفسه الحرمة الأبديّة، سواء كان الطلاق الثالث من الزوج الثالث أو من الزوج الثاني أو من غيرهما.

الأمر الثاني: تترتّب الحرمة الأبدية على طلاق التسع في خصوص طلاق العِدّة، و احتاط في المتن بالاجتناب عن المطلّقة تسعاً مطلقاً، و إن لم يكن الجميع طلاق العدّة،

و في هذا الأمر روايات:

منها: رواية أبي بصير، عن أبي عبد اللّٰه (عليه السّلام) في حديث قال: سألته عن الذي

تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة - الطلاق، المواريث، ص: 77

..........

______________________________

يطلّق، ثم يراجع، ثم يطلّق، ثم يراجع، ثم يطلّق، قال: لا تحلّ له حتى تنكح زوجاً غيره، فيتزوّجها رجل آخر، فيطلّقها على السنّة، ثم ترجع إلى زوجها الأوّل، فيطلّقها ثلاث مرّات، و تنكح زوجاً غيره، فيطلّقها (ثلاث مرّات على السنّة، ثم تنكح، فتلك التي لا تحلّ له أبداً، و الملاعنة لا تحلّ له أبداً) «1».

و المنقول في الهامش عن فروع الكافي بدلًا عن ما بين القوسين ثم ترجع إلى زوجها الأوّل، فيطلّقها ثلاث مرّات على السنّة إلى آخره. و هو الظاهر؛ لأن اللازم تحقّق المحلّل دفعتين.

و منها: رواية زرارة بن أعين و داود بن سرحان، عن أبي عبد اللّٰه (عليه السّلام) في حديث قال: و الذي يطلّق الطلاق الذي لا تحلّ له حتى تنكح زوجاً غيره ثلاث مرّات، و تزوّج ثلاث مرّات، لا تحلّ له أبداً «2».

و منها: رواية محمد بن سنان، عن الرّضا (عليه السّلام) فيما كتب إليه في العلل: و علّة الطلاق ثلاثاً؛ لما فيه من المهلة فيما بين الواحدة إلى الثلاث، لرغبة تحدث، أو سكون غضبه إن كان، و يكون ذلك تخويفاً و تأديباً للنساء، و زجراً لهنّ عن معصية أزواجهنّ، فاستحقت المرأة الفرقة و المباينة؛ لدخولها فيما لا ينبغي من معصية زوجها، و علّة تحريم المرأة بعد تسع تطليقات فلا تحلّ له أبداً عقوبة؛ لئلّا يتلاعب بالطلاق، فلا يستضعف المرأة، و يكون ناظراً في أُموره، متيقّظاً معتبراً، و ليكون ذلك مؤيساً لهما عن الاجتماع بعد تسع تطليقات «1».

______________________________

(1) الكافي: 5/

428 ح 9، الوسائل: 22/ 118، أبواب أقسام الطلاق ب 4 ح 2.

(2) الكافي: 5/ 426 ح 1، الوسائل: 22/ 120، أبواب أقسام الطلاق ب 4 ح 4.

(1) عيون أخبار الرضا (عليه السّلام): 2/ 85 ح 27، علل الشرائع: 506 ح 1، الوسائل: 22/ 121، أبواب أقسام الطلاق ب 4 ح 8.

تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة - الطلاق، المواريث، ص: 78

..........

______________________________

و منها: رواية جميل بن درّاج، عن أبي عبد اللّٰه (عليه السّلام) قال: إذا طلّق الرجل المرأة فتزوّجت، ثم طلّقها فتزوّجها الأوّل، ثم طلّقها فتزوجت رجلًا، ثم طلّقها فتزوجها الأوّل، فإذا طلّقها على هذا ثلاثاً لم تحلّ له أبداً «1».

بناءً على كون المراد حصول تسع تطليقات بينها محلّلان، و القدر المتيقن من هذه الأخبار، و إن كان خصوص الطلاق العدي، إلّا أنّ استفادة الإطلاق و ثبوت الحرمة الأبدية عقيب التسع مطلقاً غير بعيدة، فلا يترك الاحتياط الذي أُفيد في المتن، و إن كان الإجماع «2» على الاختصاص كما أفاده صاحب الجواهر (قدّس سرّه) «3».

و يؤيّده بعض الروايات، مثل:

رواية المعلّى بن خنيس، عن أبي عبد اللّٰه (عليه السّلام) في رجل طلّق امرأته، ثم لم يراجعها حتى حاضت ثلاث حيض، ثم تزوّجها، ثم طلّقها، فتركها حتى حاضت ثلاث حيض، ثم تزوجها، ثم طلّقها من غير أن يراجع، ثم تركها حتى حاضت ثلاث حيض، قال: له أن يتزوّجها أبداً ما لم يراجع و يمسّ، الحديث «4».

و هذه الرواية و إن كان ظاهرها عدم الاحتياج إلى المحلّل في الطلقة الثالثة، إلّا أنّه حملها الشيخ على ما لو تزوّجت زوجاً غيره بعد كلّ تطليقة ثالثة «5». و مثل:

رواية عبد اللّٰه بن بكير، عن زرارة بن أعين، عن أبي

جعفر (عليه السّلام) قال: سمعته يقول: الطلاق الذي يحبّه اللّٰه، و الذي يطلّق الفقيه، و هو العدل بين المرأة و الرجل أن

______________________________

(1) التهذيب: 7/ 311 ح 1290، الوسائل: 20/ 529، كتاب النكاح، أبواب ما يحرم باستيفاء العدد ب 11 ح 2.

(2) مسالك الافهام: 9/ 125، نهاية المرام: 2/ 46 47، الحدائق الناضرة: 25/ 270 و 275.

(3) جواهر الكلام: 32/ 122 123.

(4) الكافي: 6/ 77 ح 2، الوسائل: 22/ 115، أبواب أقسام الطلاق ب 3 ح 13.

(5) التهذيب: 8/ 29 ح 87، الاستبصار: 3/ 270 ح 962.

تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة - الطلاق، المواريث، ص: 79

[مسألة 5: إنّما يوجب التحريم الطلقات الثلاث، إذا لم تنكح في البين زوجاً آخر]

مسألة 5: إنّما يوجب التحريم الطلقات الثلاث، إذا لم تنكح في البين زوجاً آخر، و أمّا إذا تزوّجت للغير انهدم حكم ما سبق و تكون كأنّها غير مُطلّقة، و يتوقّف التحريم على إيقاع ثلاث طلقات مستأنفة (1).

______________________________

يطلّقها في استقبال الطهر بشهادة شاهدين، و إرادة من القلب، ثم يتركها حتى تمضي ثلاثة قروء، فإذا رأت الدم في أوّل قطرة من الثالثة و هو آخر القروء؛ لأنّ الأقراء هي الأطهار، فقد بانت منه، و هي أملك بنفسها، فإن شاءت تزوّجته، و حلّت له بلا زوج، فإن فعل هذا بها مائة مرّة هدم ما قبله، و حلّت له بلا زوج، و إن راجعها قبل أن تملك نفسها، ثم طلّقها ثلاث مرّات يراجعها و يُطلّقها، لم تحلّ له إلّا بزوج «1».

و احتمل صاحب الوسائل أن يكون قوله: «فإن فعل هذا بها مائة مرّة ..» من كلام ابن بكير فتوى منه، فلا حُجّة فيه، إذ ليس من جملة الحديث. قال في الجواهر: و يؤيّده اعترافه بعدم سماعه رواية من أحد غير هذا

الخبر «2».

(1) ظاهر الدليل الدالّ على حصول الحرمة بثلاث طلقات من الآية «3» و الرواية «4» هو ما إذا لم تنكح في البين زوجاً غير الزوج المطلّق، فإذا نكحت زوجاً آخر بعد الطلاق الأوّل أو الثاني، لا تترتّب الحرمة على الطلاق الثالث إلّا أن يتحقّق بعد المحلّل، كما عرفت.

______________________________

(1) التهذيب: 8/ 35 ح 107، الاستبصار: 3/ 276 ح 983، بحار الأنوار: 10/ 289، الوسائل: 22/ 116، أبواب أقسام الطلاق ب 3 ح 16.

(2) جواهر الكلام: 32/ 124.

(3) سورة البقرة: 2/ 229 230.

(4) الوسائل: 22/ 101 110، أبواب أقسام الطلاق ب 1 و 2.

تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة - الطلاق، المواريث، ص: 80

[مسألة 6: قد مرّ أنّ المطلّقة ثلاثاً تحرم حتى تنكح زوجاً غيره]

مسألة 6: قد مرّ أنّ المطلّقة ثلاثاً تحرم حتى تنكح زوجاً غيره، و تعتبر في زوال التحريم به أمور ثلاثة:

الأوّل: أن يكون الزوج المحلّل بالغاً، فلا اعتبار بنكاح غير البالغ و إن كان مراهقاً.

الثاني: أن يطأها قبلًا وطئاً موجباً للغسل بغيبوبة الحشفة أو مقدارها من مقطوعها، بل كفاية المسمّى في مقطوعها لا يخلو من قوّة، و الاحتياط لا ينبغي تركه. و هل يعتبر الإنزال؟ فيه إشكال، و الأحوط اعتباره.

الثالث: أن يكون العقد دائماً لا متعة (1).

______________________________

(1) يعتبر في زوال التحريم المتحقّق بالطلاق الثالث أمور ثلاثة:

الأمر الأوّل: أن يكون الزوج المحلّل بالغاً شرعاً، و لا اعتبار بنكاح غير البالغ. أمّا إذا كان غير مراهق فلا إشكال فيه قولًا واحداً من المسلمين فضلًا عن المؤمنين. و أمّا إذا كان مراهقاً فقد ذكر المحقّق في الشرائع: أنّ فيه تردّداً أشبهه أنّه لا يحلّل «1». وفاقاً للمشهور «2» شهرة عظيمة لمكاتبة علي بن الفضل الواسطي، قال: كتبت إلى الرضا (عليه السّلام): رجل طلّق امرأته الطلاق

الذي لا تحلّ له حتى تنكح زوجاً غيره، فتزوّجها غلام لم يحتلم، قال: لا، حتى يبلغ. فكتبت إليه: ما حدّ البلوغ؟ فقال: ما أوجب اللّٰه على المؤمنين الحدود «3».

و ينجبر بالشهرة كما عرفت، و قد ورد في شأن المحلّل في روايات العامّة

______________________________

(1) شرائع الإسلام: 3/ 28.

(2) رياض المسائل: 7/ 346، الحدائق الناضرة: 25/ 327، جواهر الكلام: 32/ 159.

(3) الكافي: 6/ 76 ح 6، الوسائل: 22/ 130، أبواب أقسام الطلاق ب 8 ح 1.

تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة - الطلاق، المواريث، ص: 81

..........

______________________________

و الخاصّة «1» اعتبار ذوق عسيلته و ذوق عسيلتها، ففي:

رواية سماعة بن مهران قال: سألته عن المرأة التي لا تحلّ لزوجها حتى تنكح زوجاً غيره، و تذوق عسيلته، و يذوق عسيلتها، و هو قول اللّٰه عزّ و جلّ الطَّلٰاقُ مَرَّتٰانِ فَإِمْسٰاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسٰانٍ «2» قال: التسريح بإحسان التطليقة الثالثة «3».

و الرواية دالّة على مفروغية الذوقين عند الراوي، و الإمام (عليه السّلام) قرّره على ذلك كما لا يخفى.

قال في المجمع: العسيلة تصغير العسلة و هي القطعة من العسل، فشبّه لذّة الجماع بذوق العسل، و إنّما صغّرت إشارة إلى القدر الذي يحلّل و لو بغيبوبة الحشفة «4».

و لكن قال في الجواهر: إنّ المراد من الذوق المذكور الإنزال «5»، و لا ينافيه التفسير الذي عرفت؛ لأنّه محمول على إرادة اللذة الكاملة التي لا تحصل إلّا بالإنزال.

الأمر الثاني: أن يطأها قبلًا وطئاً موجباً للغسل إجماعاً من المسلمين «6» عدا

______________________________

(1) الوسائل: 22/ 118 و 123 و 129 و 130، أبواب أقسام الطلاق ب 4 ح 1 و 13 و ب 7 ح 1 و 3، سنن البيهقي: 7/ 374، سنن ابن ماجه: 1/

621 ح 1932 1933.

(2) سورة البقرة: 2/ 229.

(3) تفسير العياشي: 1/ 116 ح 364، الوسائل: 22/ 122، أبواب أقسام الطلاق ب 4 ح 13.

(4) مجمع البحرين: 2/ 1215.

(5) جواهر الكلام: 32/ 159.

(6) مسالك الافهام: 9/ 167، رياض المسائل: 7/ 346، الحدائق الناضرة: 25/ 328.

تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة - الطلاق، المواريث، ص: 82

..........

______________________________

سعيد بن المسيب فاكتفى بالعقد «1». و نصوصاً من الطرفين «2». و في الجواهر بل و كتاباً «3» بناءً على أنّ النكاح الوطء أو المراد به هنا ذلك «4»، و إن كان فيه تأمّل خصوصاً مع تفريع الطلاق عليه، و الظاهر أنّ المعتبر هو الوطء في القبل، كما أنّه لا خلاف فيه، و يساعده الاعتبار في باب التحليل، فإنّ الغرض الأصلي منه عقوبة الزوج بعدم التسرّع في الطلاق، و عقوبة الزوجة بأنّه لِمَ عملت عملًا موجباً لطلاق الزوج إيّاها، و هذه العقوبة لا تتحقق إلّا بوطء المحلّل إيّاها قبلًا خصوصاً مع صيرورة أمرها راجعة إليه، و من الممكن أن لا يطلّقها أبداً كما اتّفق كثيراً.

و العمدة في هذا المقام روايات العسيلة التي تقدّم بعضها، فإنّ المنساق منها ذلك، فإن غابت الحشفة أو مقدارها من مقطوع الحشفة فلا إشكال. نعم، في كفاية المسمّى في المقطوع نفى الخلو عن القوّة في المتن، مع أنّ صدق ذوق العسيلة فيه مشكل، فلا ينبغي ترك الاحتياط فيه. و أما اعتبار الإنزال فقد استشكل فيه في المتن، و احتاط وجوباً الاعتبار، مع أنّ الظاهر أنّه لا دليل عليه، خصوصاً مع ما عرفت من تفسير ذوق العسيلة بلذّة الجماع، و اللذة الكاملة و إن كانت تحصل بالإنزال، إلّا أنّه لا دليل على اعتبار حصول هذه المرتبة من اللّذة،

و دعوى أنّ المراد من ذوق العسيلة الانزال يدفعها مضافاً إلى أنّه لا شاهد عليه أنّ ذوق عسيلته حينئذٍ و إن كان محسوساً، إلّا أنّ ذوق عسيلتها لا يكون كذلك، مع أنّه

______________________________

(1) أحكام القرآن لابن العربي: 1/ 267، الاشراف على مذاهب أهل العلم: 1/ 178، أحكام القرآن للجصّاص: 1/ 532.

(2) سنن البيهقي: 7/ 374، سنن ابن ماجة: 1/ 621 ح 1932، الوسائل: 22/ 129 130، أبواب أقسام الطلاق ب 7.

(3) سورة البقرة: 2/ 230.

(4) جواهر الكلام: 32/ 160.

تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة - الطلاق، المواريث، ص: 83

..........

______________________________

لا دخل له في اللّذة، و مع ذلك فحيث يراد زوال الحرمة الثابتة و حصول الحلّية ثانية، فالظاهر أنّ مقتضى الاستصحاب عدم الزوال و عدم الحصول بدون الإنزال، فلا يجوز ترك الاحتياط.

الأمر الثالث: أن يكون العقد من المحلّل دائماً، و يدلُّ عليه مضافاً إلى الاعتبار الذي ذكرناه، و إلى تفريع الطلاق على النكاح، و الحكم بزوال الحرمة بسبب الطلاق في الآية الشريفة «1» و إلى أنّه لا خلاف في اعتبار هذا الأمر الروايات الكثيرة الواردة في الباب، مثل:

صحيحة محمد بن مسلم، عن أحدهما (عليهما السّلام) قال: سألته عن رجل طلّق امرأته ثلاثاً، ثم تمتّع فيها رجل آخر، هل تحلّ للأوّل؟ قال: لا «2».

و رواية الحسن الصيقل قال: سألت أبا عبد اللّٰه (عليه السّلام) عن رجل طلّق امرأته ثلاثاً، لا تحلّ له حتّى تنكح زوجاً غيره، و تزوّجها رجل متعة، أ يحلّ له أن ينكحها؟ قال: لا، حتى تدخل في مثل ما خرجت منه «3». و رواها صاحب الوسائل في باب واحد مرّتين.

و موثّقة هشام بن سالم، عن أبي عبد اللّٰه (عليه السّلام) في رجل تزوّج امرأة

ثم طلّقها فبانت، ثمّ تزوّجها رجل آخر متعة، هل تحلّ لزوجها الأوّل؟ قال: لا، حتى تدخل فيما خرجت منه «4».

______________________________

(1) سورة البقرة: 2/ 230.

(2) الكافي: 5/ 425 ح 1، الوسائل: 22/ 131، أبواب أقسام الطلاق ب 9 ح 2.

(3) الكافي: 5/ 425 ح 2، نوادر أحمد بن محمد بن عيسى: 113 ح 280، و في تفسير العياشي: 1/ 118 ح 371 نحوه، الوسائل: 22/ 131، أبواب أقسام الطلاق ب 9 ح 1.

(4) التهذيب: 8/ 33 ح 102، الاستبصار: 3/ 374 ح 977، الوسائل: 22/ 131، أبواب أقسام الطلاق ب 9 ح 3.

تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة - الطلاق، المواريث، ص: 84

[مسألة 7: لو طلّقها ثلاثاً و انقضت مدّة، و ادّعت أنّها تزوّجت]

مسألة 7: لو طلّقها ثلاثاً و انقضت مدّة، و ادّعت أنّها تزوّجت، و فارقها الزوج الثاني و مضت العِدّة، و احتمل صدقها صدِّقت و يقبل قولها بلا يمين، فللزوج الأوّل أن ينكحها، و ليس عليه الفحص، و الأحوط الاقتصار على ما إذا كانت

______________________________

و رواية الحلبي، عن أبي عبد اللّٰه (عليه السّلام) أنّه سئل عن الرجل يطلّق امرأته على السنّة فيتمتّع منها رجل، أ تحلّ لزوجها الأوّل؟ قال: لا، حتى تدخل في مثل الذي خرجت منه «3».

نعم لا فرق في الزوج المحلّل بين الحرّ و العبد للإطلاق، مضافاً إلى دلالة بعض الروايات عليه، مثل:

موثّقة إسحاق بن عمّار قال: سألت أبا عبد اللّٰه (عليه السّلام) عن رجل طلّق امرأته طلاقاً، لا تحلّ له حتى تنكح زوجاً غيره، فتزوّجها عبد ثم طلّقها، هل يهدم الطلاق؟ قال: نعم لقول اللّٰه عزّ و جلّ في كتابه حَتّٰى تَنْكِحَ زَوْجاً غَيْرَهُ و قال: هو أحد الأزواج «1».

كما أنّ مقتضى بعض الروايات وجوب تصديق المطلّقة ثلاثاً، إذا ادّعت أنّها

تزوّجت و حلّلت نفسها مع كونها ثقة محتملة الصدق، و هي صحيحة حمّاد، عن أبي عبد اللّٰه (عليه السّلام) في رجل طلّق امرأته ثلاثاً فبانت منه، فأراد مراجعتها، فقال لها: إنّي أريد مراجعتك، فتزوّجي زوجاً غيري، فقالت له: قد تزوّجت زوجاً غيرك، و حلّلت لك نفسي، أ يصدِّق قولها و يراجعها؟ و كيف يصنع؟ قال: إذا كانت المرأة ثقة صدّقت في قولها «2».

______________________________

(3) نوادر أحمد بن محمد بن عيسى: 113 ح 284، الوسائل: 22/ 132، أبواب أقسام الطلاق ب 9 ح 5.

(1) الكافي: 5/ 425 ح 3، تفسير العياشي: 1/ 119 ح 375، الوسائل: 22/ 133، أبواب أقسام الطلاق ب 12 ح 1.

(2) التهذيب: 8/ 34 ح 105، الاستبصار: 3/ 275 ح 980، الوسائل: 22/ 133، أبواب أقسام الطلاق ب 11 ح 1.

تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة - الطلاق، المواريث، ص: 85

ثقة أمينة (1).

[مسألة 8: لو دخل المحلّل فادّعت الدخول و لم يكذّبها، صدّقت و حلّت للزوج الأوّل]

مسألة 8: لو دخل المحلّل فادّعت الدخول و لم يكذّبها، صدّقت و حلّت للزوج الأوّل، و إن كذّبها فالأحوط الاقتصار في قبول قولها على صورة حصول الاطمئنان بصدقها. و لو ادّعت الإصابة ثم رجعت عن قولها، فإن كان قبل أن يعقد الأوّل عليها لم تحلّ له، و إن كان بعده لم يقبل رجوعها (2).

______________________________

(1) قد تقدّم البحث عن هذه المسألة و الرواية الواردة فيها في ذيل المسألة السابقة فراجع.

(2) لو ادّعت الزوجة دخول المحلّل و لم يكذّبها، صدّقت و حلّت للزوج الأوّل بعد الطلاق و انقضاء العدّة و عدم الرجوع فيها؛ لأنّه لا يعلم الدخول إلّا من قبلهما، و المفروض ادّعاء الزوجة و عدم تكذيب الزوج المحلّل، و لا حاجة في هذه الصورة إلى حصول الاطمئنان الشخصي بصدقها. و

أمّا إن كذّبها فقد احتاط في المتن وجوباً بالاقتصار في قبول قولها على صورة حصول الاطمئنان بصدقها، و السرّ فيه أنّ الاطمئنان علم عرفي يعامل معه عند العقلاء معاملة العلم الحقيقي، و لو ادّعت الإصابة ثم رجعت عن قولها فقد فصّل فيه في المتن بين ما إذا كان قبل أن يعقد الأوّل عليها فلم تحلّ له، و بين ما إذا كان بعد العقد المذكور فلا يقبل رجوعها، و الوجه فيه أنّ الرجوع عن قولها مضافاً إلى كونه مقتضى الاستصحاب يكون إقراراً على نفسها بعدم حلّية الزوج الأوّل لها فيقبل منها، و أمّا إذا كان الرجوع بعد عقد الزوج الأوّل إياها، فلا يكون إلّا إقراراً على الغير بعدم حليتها له، و لا مجال لقبول الرجوع في هذه الصّورة خصوصاً مع المسبوقيّة بادّعاء الإصابة، كما لا يخفى.

تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة - الطلاق، المواريث، ص: 86

[مسألة 9: لا فرق في الوطء المعتبر في المحلّل بين المحرّم و المحلّل]

مسألة 9: لا فرق في الوطء المعتبر في المحلّل بين المحرّم و المحلّل، فلو وطأها محرّماً كالوطء في الإحرام أو في الصوم الواجب أو في الحيض و نحو ذلك كفىٰ في التحليل (1).

[مسألة 10: لو شك الزوج في إيقاع أصل الطلاق لم يلزمه و يحكم ببقاء علقة النكاح]

مسألة 10: لو شك الزوج في إيقاع أصل الطلاق لم يلزمه و يحكم ببقاء علقة النكاح، و لو علم بأصله و شك في عدده بنى على الأقلّ، سواء كان الطرف الأكثر الثلاث أو التسع، فلا يحكم بالحرمة في الأوّل و بالحرمة الأبدية في الثاني، بل لو شك بين الثلاث و التسع يبني على الأوّل، و تحلّ بالمحلّل على الأشبه (2).

______________________________

(1) في المسألة قولان، فقول للإسكافي «1» و الشيخ «2» في المحكي عنهما بعدم ثبوت الحلّية بالوطء المحرّم؛ لأنّه منهيٌّ عنه فلا يكون مراداً للشارع و مندرجاً في أدلّة التحليل، و قول للمشهور «3» بثبوت الحلّية، لتحقّق الوطء المستند إلى العقد الصحيح، و المقام من أحكام الوضع، التي لا مانع من ترتيب الشارع لها على المحرّم كالنسب الحاصل من هذا الوطء، فإنّه لا إشكال في تحقّق النسب الشرعي و إن كان الوطء مُحرّماً، فالأقوى ما في المتن تبعاً للمشهور.

(2) لو شك الزوج الذي من شأنه الطلاق في إيقاع أصله لم يلزمه بل يحكم ببقاء علقة النكاح؛ لأنّ الأصل البقاء و عدم حصول الطلاق الذي هو أمرٌ حادثٌ

______________________________

(1) حكىٰ عنه في مختلف الشيعة: 7/ 378.

(2) الخلاف: 4/ 504، المبسوط: 5/ 110.

(3) الحدائق الناضرة: 25/ 355، جواهر الكلام: 32/ 177.

تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة - الطلاق، المواريث، ص: 87

..........

______________________________

مسبوق بالعدم.

و لو علم بأصله و شكّ في عدده بني على الأقلّ المتيقّن؛ لأنّ الزيادة مشكوكة من دون فرق بين أن يكون الزائد المشكوك

هو الطلاق الثالث الذي يترتّب عليه الحرمة المغياة أو الطلاق التسع الذي يترتّب عليه الحرمة الأبديّة، و بين أن يكون غيرهما كالطلاق الثاني أو الخامس أو غيرهما لعين ما ذكر.

و لو شك بين الثلاث و التسع ففي المتن بنى على الأوّل و تحلّ بالمحلّل على الأشبه، و يمكن أن يقال بجريان استصحاب الكلّي القسم الثاني؛ لأنّ حدوث الحرمة معلوم، و زواله بالمحلّل غير معلوم فتستصحب، و لكن الجواب أنّ هذا فيما إذا لم يكن مسبباً عن الأقل و الأكثر، و إلّا فمقتضى عدم تحقق الزيادة العدم كما لا يخفى، فما في المتن هو الأشبه.

تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة - الطلاق، المواريث، ص: 89

[القول في العِدد]

اشارة

القول في العِدد إنّما يجب الاعتداد بأمور ثلاثة: الفراق بطلاق أو فسخ أو انفساخ في الدائم، و بانقضاء المدّة أو بذلها في المتعة و موت الزوج و وطء الشبهة (1).

______________________________

(1) قال في الجواهر: «العدد» جمع عدّة من العدد لاشتماله عليها غالباً، و هي بحسب ما تضاف إليه فيقال: عدّة رجال و عدّة كتب و نحو ذلك، و معناها شرعاً أيام تربّص المرأة الحرّة بمفارقة الزوج أو ذي الوطء المحترم بفسخ أو طلاق أو موت أو زوال اشتباه، بل و الأمة إذا كانت الفرقة عن نكاح أو وطء شبهة. نعم، لو كان عن وطء ملك سمّيت بالاستبراء و لعلّ منه التحليل و الأمر سهل «1»، و الكتاب «2» و السّنة «3» متطابقان على ثبوتها في الجملة، و التفصيل آت إن شاء اللّٰه تعالىٰ.

______________________________

(1) جواهر الكلام: 32/ 211.

(2) سورة البقرة: 2/ 228.

(3) الوسائل: 22/ 175 278، كتاب الطلاق، أبواب العدد.

تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة - الطلاق، المواريث، ص: 90

[فصل في عدّة الفراق طلاقاً كان أو غيره]

اشارة

فصل في عدّة الفراق طلاقاً كان أو غيره

[مسألة 1: لا عدة على من لم يدخل بها و لا على الصغيرة]

مسألة 1: لا عدة على من لم يدخل بها و لا على الصغيرة، و هي من لم تكمل التسع و إن دخل بها، و لا على اليائسة سواء بانت في ذلك كلّه بطلاق أو فسخ أو هبة مدة أو انقضائها (1).

______________________________

(1) لا تكون عدّة الفراق ثابتة على جماعة:

إحداها: من لم يدخل بها، سواء كانت كبيرة أم صغيرة؛ لقوله تعالىٰ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ فَمٰا لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَهٰا «1».

و الروايات الواردة في هذا المجال كثيرة، مثل:

صحيحة الحلبي، عن أبي عبد اللّٰه (عليه السّلام) قال: إذا طلّق الرجل امرأته قبل أن يدخل بها، فليس عليها عدّة، تزوّج من ساعتها إن شاءت، و تبينها تطليقة واحدة، و إن كان فرض لها مهراً فنصف ما فرض «2».

______________________________

(1) سورة الأحزاب: 33/ 49.

(2) الكافي: 6/ 83 ح 3، التهذيب: 8/ 64 ح 311، الاستبصار: 3/ 296 ح 1047، الوسائل: 22/ 176، كتاب الطلاق، أبواب العدد ب 1 ح 4.

تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة - الطلاق، المواريث، ص: 91

..........

______________________________

و رواية أبي بصير، عن أبي عبد اللّٰه (عليه السّلام) قال: إذا طلّق الرجل امرأته قبل أن يدخل بها تطليقة واحدة، فقد بانت منه، و تزوج من ساعتها إن شاءت «1».

و صحيحة زرارة، عن أحدهما (عليهما السّلام) في رجل تزوّج امرأة بكراً، ثم طلّقها قبل أن يدخل بها ثلاث تطليقات، كلّ شهر تطليقة، قال: بانت منه في التطليقة الأُولى، و اثنتان فضل، و هو خاطب، يتزوّجها متى شاءت و شاء بمهر جديد. قيل له: فله أن يراجعها، إذا طلّقها تطليقة قبل أن تمضي ثلاثة أشهر؟ قال: لا، إنّما كان يكون

له أن يراجعها لو كان دخل بها أوّلًا، فأمّا قبل أن يدخل بها فلا رجعة له عليها، قد بانت منه ساعة طلّقها «2». و مراده (عليه السّلام) من الفضل هو البطلان.

و صحيحة عبد اللّٰه بن سنان، عن أبي عبد اللّٰه (عليه السّلام) قال: سأله أبي و أنا حاضر عن رجل تزوّج امرأة فأُدخلت عليه و لم يمسّها و لم يصل إليها حتى طلّقها، هل عليها عدّة منه؟ فقال: إنّما العدّة من الماء، قيل له: فإن كان واقعها في الفرج و لم ينزل؟ فقال: إذا أدخله وجب الغسل و المهر و العِدّة «3».

و في روايته الأُخرى المتحدة مع هذه الرواية إضافة، و ملامسة النساء هي (هو خ ل) الإيقاع بهنّ «4».

و صحيحة الحلبي الأُخرى، عن أبي عبد اللّٰه (عليه السّلام) في رجل دخل بامرأة، قال: إذا التقى الختانان وجب المهر و العدّة «5».

______________________________

(1) الكافي: 6/ 84 ح 6، الوسائل: 22/ 175، كتاب الطلاق، أبواب العدد ب 1 ح 3.

(2) الكافي: 6/ 84 ح 4، الوسائل: 22/ 175، كتاب الطلاق، أبواب العدد ب 1 ح 2.

(3) الكافي: 6/ 109 ح 6، الوسائل: 21/ 319، كتاب النكاح، أبواب المهور ب 54 ح 1.

(4) الكافي: 6/ 109 ح 4، الوسائل: 21/ 319، كتاب النكاح، أبواب المهور ب 54 ح 2.

(5) الكافي: 6/ 109 ح 1، الوسائل: 21/ 319، كتاب النكاح، أبواب المهور ب 54 ح 3.

تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة - الطلاق، المواريث، ص: 92

..........

______________________________

و رواية حفص بن البختري، عن أبي عبد اللّٰه (عليه السّلام) في رجل دخل بامرأة، قال: إذا التقى الختانان وجب المهر و العدّة «1».

و غير ذلك من الروايات «2» الدالّة عليه، و مقتضاها

إطلاقاً أو صريحاً أنّ المسّ و الدخول و التقاء الختانين، و أمثال ذلك من العناوين موجب للعدّة، و إن لم يتحقق الإنزال، و إن كانت حكمة العدّة و ثبوتها مقتضية لعدم ثبوتها مع عدم تحقّق الإنزال، إلّا أنّ الحكم لا يدور مدار الحكمة؛ و لأجله ذكر صاحب الجواهر (قدّس سرّه): أنّه لا فرق بين القبل و الدبر في ذلك بلا خلاف أجده، قال: بل ظاهرهم الإجماع عليه «3» و إن توقّف فيه في الحدائق «4». بدعوى انصراف المطلق إلى الفرد الشائع، الذي هو المواقعة في القبل، بل به يتحقّق التقاء الختانين «5».

أقول: ظاهر التقاء الختانين و إن كان هو خصوص الوطء في القبل، إلّا أنّ العناوين الأُخرى الواردة في الكتاب «6» و السنّة «7» مطلقةٌ شاملةٌ للوطء في الدبر خصوصاً بعد كون الدبر أحد المأتيين و أحد الفرجين، و بعد ملاحظة:

صحيحة أبي عبيدة قال: سئل أبو جعفر (عليه السّلام) عن خصيّ تزوّج امرأة و فرض لها

______________________________

(1) التهذيب: 7/ 464 ح 1861، الاستبصار: 3/ 226 ح 819، الوسائل: 21/ 320، كتاب النكاح، أبواب المهور ب 54 ح 8.

(2) الوسائل: 21/ 319 320، كتاب النكاح، أبواب المهور ب 54 و ج 22/ 175 177، كتاب الطلاق، أبواب العدد ب 1.

(3) رياض المسائل: 7/ 356 357، نهاية المرام: 2/ 76، الحدائق الناضرة: 25/ 393، مسالك الافهام: 9/ 215.

(4) الحدائق الناضرة: 25/ 393.

(5) جواهر الكلام: 32/ 213.

(6) سورة البقرة: 2/ 223.

(7) الوسائل: 20/ 145 148، أبواب مقدمات النكاح ب 73.

تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة - الطلاق، المواريث، ص: 93

..........

______________________________

صداقاً و هي تعلم أنّه خصيّ، فقال: جائز، فقيل: فإنّه مكث معها ما شاء اللّٰه ثم طلّقها، هل

عليها عدّة؟ قال: نعم أ ليس قد لذّ منها و لذّت منه «6».

فإنّ مطلق الالتذاذ من الطرفين، و إن لم يكن موجباً لترتّب العِدّة و ثبوتها، إلّا أنّ الالتذاذ الحاصل بسبب الدخول و لو في الدبر يوجب ذلك. لكن في مقابلها صحيحة أحمد بن محمد بن أبي نصر البزنطي قال: سألت الرضا (عليه السّلام) عن خصيّ تزوّج امرأة على ألف درهم، ثم طلّقها بعد ما دخل بها، قال: لها الألف التي أخذت منه و لا عِدّة عليها «1».

هذا و الظاهر أنّ المراد من الدخول بها الخلوة، و عليه فثبوت الألف لها إنّما هو بنحو الندب.

و الجمع بينهما بحمل الاعتداد في الصحيحة الأُولى على الندب المنافي لما عليه الأصحاب و النصوص السابقة خلاف الظاهر جدّاً، هذا و لكن الاحتياط في الوطء في الدبر لا ينبغي تركه.

هذا، و قد قال المحقّق في الشرائع: أما لو كان مقطوع الذكر، سليم الأُنثيين، قيل: تجب العدّة؛ لإمكان الحمل بالمساحقة، و فيه تردّد؛ لأنّ العِدّة تترتّب على الوطء، نعم لو ظهر حمل اعتدّت منه بوضعه لإمكان الإنزال «2». و في محكي القواعد: و كذا لو كان مقطوع الذكر و الأنثيين على إشكال «3». و اللّازم ملاحظة تحقق شرائط اللحوق و عدم تحققها، إلّا أن يقال: بأنّ المفروض خصوصاً في كلام المحقّق صورة

______________________________

(6) الكافي: 6/ 151 ح 1، الوسائل: 22/ 255، كتاب الطلاق، أبواب العدد ب 39 ح 1.

(1) التهذيب: 7/ 375 ح 1517، الوسائل: 21/ 303، كتاب النكاح، أبواب المهور ب 44 ح 1.

(2) شرائع الإسلام: 3/ 34.

(3) قواعد الاحكام: 2/ 68.

تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة - الطلاق، المواريث، ص: 94

..........

______________________________

العلم بكون الولد منه، فتدبّر جيّداً.

ثانيتها: الصغيرة و

هي من لم تكمل التسع، فإنّه لا عِدّة عليها، و إن دخل بها مع الجواز أو بدونه، و يدلُّ عليه روايات، مثل:

صحيحة حمّاد بن عثمان، عن أبي عبد اللّٰه (عليه السّلام) قال: سألته عن التي قد يئست من المحيض، و التي لا تحيض مثلها، قال: ليس عليها عِدّة «1».

و مرسلة جميل بن درّاج، عن بعض أصحابنا، عن أحدهما (عليهما السّلام) في الرجل يطلّق الصّبية، التي لم تبلغ، و لا تحمل مثلها، فقال: ليس عليها عِدّة و إن دخل بها «2».

و رواه في الوسائل مرّتين مع إضافة في سؤال الثاني: و المرأة التي قد يئست من المحيض و ارتفع حيضها فلا يلد مثلها «3».

و رواية عبد الرحمن بن الحجّاج قال: قال أبو عبد اللّٰه (عليه السّلام): ثلاث تتزوّجن على كلّ حال، التي لم تحض و مثلها لا تحيض، قال: قلت: و ما حدّها؟ قال: إذا أتى لها أقلّ من تسع سنين، و التي لم يدخل بها، و التي قد يئست من المحيض و مثلها لا تحيض، قلت: و ما حدّها؟ قال: إذا كان لها خمسون سنة «4».

و غير ذلك من الروايات «5» الدالة عليه، لكن في مضمرة أبي بصير قال: عدّة التي لم تبلغ الحيض ثلاثة أشهر، و التي قد قعدت من المحيض ثلاثة أشهر «6».

______________________________

(1) التهذيب: 8/ 66 ح 218، الوسائل: 22/ 177، كتاب الطلاق، أبواب العدد ب 2 ح 1.

(2) التهذيب: 8/ 66 ح 219، الوسائل: 22/ 178، كتاب الطلاق، أبواب العدد ب 2 ح 2.

(3) الكافي: 6/ 84 ح 1، الوسائل: 22/ 178، كتاب الطلاق، أبواب العدد ب 2 ح 3.

(4) الكافي: 6/ 85 ح 4، الوسائل: 22/ 179، كتاب الطلاق، أبواب العدد

ب 2 ح 4.

(5) الوسائل: 22/ 177 183، كتاب الطلاق، أبواب العدد ب 2 و 3.

(6) الكافي: 6/ 85 ذيل ح 5، الوسائل: 22/ 179، كتاب الطلاق، أبواب العدد ب 2 ح 6.

تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة - الطلاق، المواريث، ص: 95

..........

______________________________

و ذكر صاحب الوسائل بعد نقل الخبر: حمله الشيخ «1» و غيره «2» على المسترابة و هي التي لا تحيض و هي في سنّ من تحيض. و كذلك نقل الكليني عن معاوية بن حكيم أنّه حمل الحديث على المسترابة «3»، و نقل الشيخ فيه الإجماع و هو مطابق لظاهر القرآن «4» «5». و يمكن حمل ما تضمن العدّة هنا على التقية؛ لموافقتها لمذهب العامة و على الاستحباب لما مرّ.

و في رواية محمد بن سنان، عن أبي عبد اللّٰه (عليه السّلام) في الجارية التي لم تدرك الحيض، قال: يطلّقها زوجها بالشهور، الحديث «6».

و في رواية هارون بن حمزة الغنوي قال: سألت أبا عبد اللّٰه (عليه السّلام) عن جارية حدثة طلّقت و لم تحض بعد، فمضى لها شهران، ثم حاضت، أ تعتدّ بالشهرين؟ قال: نعم، و تكمل عدّتها شهراً، فقلت: أَ تكمل عدّتها بحيضة؟ قال: لا، بل بشهر يمضي (مضى خ ل) آخر عدّتها على ما يمضي (مضى خ ل) عليه أوّلها «7».

و في رواية أبي بصير، عن أبي عبد اللّٰه (عليه السّلام) قال: عِدّة التي لم تحض، و المستحاضة التي لا تطهر ثلاثة أشهر، و عدّة التي تحيض و يستقيم حيضها ثلاثة قروء، و القروء جمع الدم بين الحيضتين «8».

______________________________

(1) التهذيب: 8/ 68 ذح 224.

(2) مختلف الشيعة: 7/ 466 467.

(3) الكافي: 6/ 86 ذح 5.

(4) سورة الطلاق: 65/ 4.

(5) التهذيب: 8/ 138 ذح

481، الاستبصار: 3/ 338 ذح 1205.

(6) التهذيب: 8/ 138 ح 482، الوسائل: 22/ 180، كتاب الطلاق، أبواب العدد ب 2 ح 7.

(7) التهذيب: 8/ 139 ح 483. الوسائل: 22/ 181، كتاب الطلاق، أبواب العدد ب 2 ح 9.

(8) الكافي: 6/ 99 ح 3، الوسائل: 22/ 187، كتاب الطلاق، أبواب العدد ب 4 ح 9.

تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة - الطلاق، المواريث، ص: 96

..........

______________________________

هذا و قد ذكر المحقّق في الشرائع: و في اليائسة، و التي لم تبلغ روايتان: إحداهما أنّهما تعتدّان بثلاثة أشهر، و الأُخرى لا عِدّة عليهما و هي الأشهر «1». و الأصل في القول الأوّل و إن كان هي الآية الشريفة و هو قوله تعالىٰ وَ اللّٰائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِنْ نِسٰائِكُمْ إِنِ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلٰاثَةُ أَشْهُرٍ وَ اللّٰائِي لَمْ يَحِضْنَ .. «2» لأنّ السيّد المرتضى القائل بهذا القول «3» لا يرى التمسك بخبر الواحد، إلّا أنّ أوّل المرجّحات في باب الخبرين المتعارضين هي الشهرة الفتوائية كما نبهنا عليه مراراً، و لا شبهة في ثبوتها للطائفة الثانية.

بل يظهر من الجواهر أنّه لم يعرف القائل بالقول الأوّل عدا جماعة معدودين «4»، بل ربما يظهر من غير واحد دعوى الإجماع «5» في مقابله «6»، و لا مانع من حمل قوله: عدّة التي لم تحض على التي لم تحض و هي في سنّ من تحيض، كما اخترناه في هذه المسألة، و لعلّها تجي ء فيما بعد مع الإشارة إلى دليلها و بيان وجهها.

ثالثتها: اليائسة و لو كانت كبيرة بالغة مدخولًا بها، و الكلام فيها يظهر من الكلام في الصغيرة، و في كلام المحقق المتقدّم عطف الصغيرة على اليائسة، و قد تقدم

______________________________

(1) شرائع الإسلام: 3/ 35.

(2)

سورة الطلاق: 65/ 4.

(3) سورة الطلاق: 65/ 4.

(4) 3 و) الانتصار: 334 336، الغنية: 382.

(5) المقنعة: 532 533، النهاية: 532 533، الخلاف: 5/ 53. المقنع: 345، المراسم: 166، الكافي في الفقه: 312، الوسيلة: 325، السرائر: 2/ 733، المهذب: 2/ 315 316، رياض المسائل: 7/ 367.

(6) جواهر الكلام: 32/ 233.

تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة - الطلاق، المواريث، ص: 97

..........

______________________________

معنى اليأس في كتاب الطهارة.

عدّة من لا تحيض و هي في سن من تحيض و حيث انجرّ البحث في هذه المسألة إلى طوائف من النساء، لا تكون عدّة الفراق ثابتة لهنّ، فينبغي البحث في طائفة رابعة؛ لكون المسألة مبتلى بها سيّما في زماننا هذا، حيث إنّ بعض النساء يخرجن أرحامهنّ لعلّة الكسالة أو بعض الأهداف الأُخر، مثل عدم الحمل أو غيره، و بالنتيجة يخرجن من دائرة الحيض المتعارف مع كونهنّ في سنّ من تحيض؛ لعدم بلوغ سنّ اليأس.

و قد التزم بعض الأفاضل من المعاصرين تبعاً لبعض القدماء من الأصحاب أو مشهورهم «1» رضوان اللّٰه عليهم أجمعين بعدم ثبوت العدّة عليهنّ في صورة الطلاق؛ لعدم الحيض على ما هو المفروض.

و قد تعرّضتُ لهذه المسألة مفصّلًا في إحدى شهور رمضان الماضية، فأردت إيرادها بصورة «رسالة» مستقلّة في هذا المقام؛ لكي ينتفع بها الناظر فيها إن شاء اللّٰه تعالى و أنتفع بها في الآتي في الدنيا و الآخرة.

و قبل الشروع في البحث نمهّد مقدّمة، و هي أنّ العِدّة في النساء لا تكون تابعة لوجود الحمل أو احتماله فيها؛ لثبوت العِدّة في موارد يعلم فيها بعدم الحمل كالزوج الذي يكون في السجن مدّة سنّة، و في هذه المدّة لم يمسّ زوجته أصلًا، فإذا خرج من السجن طلّق زوجته فوراً من

غير تماس، فإنّه لا إشكال في ثبوت العدّة

______________________________

(1) لم نقف على أحد من القائلين بذلك، بل ادّعى الإجماع على ثبوت العدّة في الشرائع: 3/ 35 و نهاية المرام: 2/ 83 و رياض المسائل: 7/ 362.

تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة - الطلاق، المواريث، ص: 98

..........

______________________________

عليها، و إن لم تكن شبهة الحمل متحقّقة، فالعدّة لا تدور مدار ثبوت الحمل أو احتماله.

إذا عرفت ذلك، فاعلم أنّه ذكر المحقّق (قدّس سرّه) في الشرائع بعد الحكم في اليائسة و الصغيرة، بأنّ أشهر الروايتين هي رواية نفي العدّة عليهما: و لو كان مثلها تحيض، اعتدّت بثلاثة أشهر إجماعاً، و هذه تراعى الشهور و الحيض، فإن سبقت الإطهار، فقد خرجت من العدّة، و كذا إن سبقت الشهور «1».

و من القدماء السيّد المرتضى (قدّس سرّه) قد استفاد من مجموع الآيات الواردة في عِدّة المطلّقة ثبوت العدّة لهنّ ثلاثة أشهر «2».

و الروايات الدالة على الخلاف إمّا أن لا تكون حجّة كما هو مبناه في باب خبر الواحد، و إمّا لا تنهض بظهورها في مقابل نصّ القرآن على اعتقاده؛ لأنّ النصّ قرينة على التصرف في الظاهر، فلا مجال للأخذ بها في مقابل الكتاب.

و اللّازم أوّلًا التعرّض لما يستفاد من الكتاب، ثم التعرّض لما تفيده الروايات الواردة في هذا المجال، أو التي يستفاد منها حكم المقام، فنقول:

و الآيات المهمّة المرتبطة ثلاثة:

الأُولىٰ: قوله تعالىٰ:

______________________________

(1) شرائع الإسلام: 3/ 35.

(2) الانتصار: 334 336.

تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة - الطلاق، المواريث، ص: 99

..........

______________________________

وَ الْمُطَلَّقٰاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلٰاثَةَ قُرُوءٍ وَ لٰا يَحِلُّ لَهُنَّ أَنْ يَكْتُمْنَ مٰا خَلَقَ اللّٰهُ فِي أَرْحٰامِهِنَّ إِنْ كُنَّ يُؤْمِنَّ بِاللّٰهِ وَ الْيَوْمِ الْآخِرِ وَ بُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذٰلِكَ إِنْ أَرٰادُوا إِصْلٰاحاً

وَ لَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَ لِلرِّجٰالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ وَ اللّٰهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ «3».

و غير خفيّ أنّ مقتضى العموم في هذه الآية بلحاظ الجمع المحلّى باللّام ثبوت العدّة لكلّ مطلّقة، و كلمة ثَلٰاثَةَ قُرُوءٍ لا تصير قرينة على عدم العموم، بل الاختصاص بالنساء اللّاتي لهنّ الحيض و الطهر، سواء كانت القرء بالمعنى الأوّل أو الثاني، و كذا قوله وَ لٰا يَحِلُّ لَهُنَّ أَنْ يَكْتُمْنَ مٰا خَلَقَ اللّٰهُ فِي أَرْحٰامِهِنَّ الدالّ على عدم جواز الكتمان مع عدم اطلاع الغير، و كذا قوله تعالى وَ بُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذٰلِكَ لا دلالة له على اختصاص العموم بالمطلّقات الرّجعيّة، فإنّ ثبوت عدّة ثلاثة قروء لعموم المطلّقات حكم عامّ قانوني، و قد ثبت في محلّه أنّ تخصيص العموم لا يكشف عن عدم استعمال العموم فيه بمقتضى الإرادة الاستعمالية، و لا يستلزم التجوز فيه أصلًا كما لا يخفى، فهذه الآية بمقتضى العموم تدلّ على ثبوت العدّة لعموم المطلّقات [1].

الثانية: قوله تعالى يٰا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذٰا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِنٰاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ فَمٰا لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَهٰا فَمَتِّعُوهُنَّ وَ سَرِّحُوهُنَّ سَرٰاحاً جَمِيلًا «1».

و الظاهر أنّ هذه الآية بمنزلة المخصّص للآية الأُولى؛ لأنّ مقتضاها عدم ثبوت العدّة على المطلّقة غير المدخول بها.

الثالثة: قوله تعالى:

______________________________

[1] ما ذكره شيخنا الأستاذ أدام اللّٰه ظلّه، تامّ في العام المنفصل عن الخاصّ، و أمّا في المتّصل فالمشهور علىٰ عدم انعقاد الظهور للعام بالنسبة إلىٰ الخاصّ المتّصل به، و المقام من احتفاف العامّ بالخاصّ المتّصل، نعم فيما يكون الخاصّ بصورة الاستثناء كان الحقّ تماميّة الظهور، فإنّ الإخراج فرع الدخول. «الكريمي القمّي»

______________________________

(3) سورة البقرة: 2/ 228.

(1) سورة الأحزاب: 33/ 49.

تفصيل الشريعة في شرح تحرير

الوسيلة - الطلاق، المواريث، ص: 100

..........

______________________________

وَ اللّٰائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِنْ نِسٰائِكُمْ إِنِ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلٰاثَةُ أَشْهُرٍ وَ اللّٰائِي لَمْ يَحِضْنَ وَ أُولٰاتُ الْأَحْمٰالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ وَ مَنْ يَتَّقِ اللّٰهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْراً «1».

و قد استدلّ السيد المرتضى (قدّس سرّه) بهذه الآية على ثبوت عدّة ثلاثة أشهر على اليائسة و على الصغيرة، و على أنّ أولات الأحمال أجلهنّ أن يضعن حملهنّ «2». و لا بدّ من ملاحظة أنّ المشهور «3» القائلين بعدم ثبوت العِدّة على الأوليين كيف فسّروا الآية الشريفة، فنقول: هم يقولون: بأنّ الآية لا تدل على ثبوت العدّة لهما أي لليائسة و الصغيرة مطلقاً، بل مقيّداً بقوله إِنِ ارْتَبْتُمْ و المهم بيان المراد من هذه الجملة الشريفة، و أنّ هذا القيد يدل على عدم ترتب الحكم على مطلق اليائسة، بل على اليائسة المُرتابة و هي التي تشك في أنّها بلغت سنّ اليأس أم لا، و في الحقيقة تشك في أنّ عدم الحيض، هل يكون مستنداً إلى اليأس، أو يكون لعارضٍ من مرض أو غيره؟ و عليه فمن بلغت سنّ اليأس مشخّصاً لا يكون حكمها مذكوراً في الآية الشريفة، و هكذا بالإضافة إلى قوله وَ اللّٰائِي لَمْ يَحِضْنَ فإنّ الظاهر ثبوت هذا القيد فيهنّ، و أنّ المراد ثبوت الريبة فيهن، بمعنى أنّ المرأة التي لم تر الدّم، و لكن شكّت في أنّ عدم رؤيتها هل لأجل عدم البلوغ بسن الحيض، أو مستند إلى عارض آخر، تكون مورداً للحكم في الآية. و أمّا المرأة غير المرتابة، و غير البالغة سنّ الحيض فلا تعرّض في الآية لحكمها. و على ما ذكرنا فقوله تعالى في الآية إِنِ ارْتَبْتُمْ معناه الوقوع في الريبة

و الشك كما ذكرنا، و يدلّ على أنّ المراد من قوله:

______________________________

(1) سورة الطلاق: 65/ 4.

(2) الانتصار: 334 336.

(3) شرائع الإسلام: 3/ 35، المقنعة: 532 533، النهاية: 532 533، مسالك الافهام: 9/ 230، رياض المسائل: 7/ 367، الحدائق الناضرة: 25/ 431.

تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة - الطلاق، المواريث، ص: 101

..........

______________________________

إِنِ ارْتَبْتُمْ ما ذكرنا مضافاً إلى أنّ معناه الظاهر ذلك صحيحة الحلبي، عن أبي عبد اللّٰه (عليه السّلام) قال: عدّة المرأة التي لا تحيض و المستحاضة التي لا تطهر ثلاثة أشهر، و عدّة التي تحيض و يستقيم حيضها ثلاثة قروء، قال: و سألته عن قول اللّٰه عزّ و جلّ إِنِ ارْتَبْتُمْ ما الريبة؟ فقال: ما زاد على شهر فهو ريبة فلتعتد ثلاثة أشهر و لتترك الحيض، و ما كان في الشهر لم يزد في الحيض على ثلاث حيض فعدّتها ثلاث حيض «1».

و لكن السيّد المرتضى (قدّس سرّه) في الإنتصار الذي تكلّم فيه في هذه المسألة بنحو التفصيل قد فسّر هذا القول بأن جهلتم في أصل الحكم. و عليه فليس قيداً في الموضوع بل الموضوع مطلق اليائسة و الصغيرة، و عليه فتدل الآية بالمنطوق على حكمهما و لزوم الاعتداد عليهما بثلاثة أشهر.

و قد أيّد ما أفاده بأُمور:

الأوّل: أنّ جمهور المفسّرين و المطّلعين على تأويل القرآن و تفسيره قد فسّروا قوله إِنِ ارْتَبْتُمْ بذلك.

الثاني: ملاحظة شأن نزول الآية و هو أنّ أُبيّ بن كعب قال: يا رسول اللّٰه (صلّى اللّٰه عليه و آله) إنّ عدداً من عدد النساء لم تذكر في الكتاب الصغار و الكبار و أُولات الأحمال، فأنزل اللّٰه تعالى هذه الآية «2».

ثم قال السيّد (قدّس سرّه) ما حاصله: إنّه لو لم يكن قوله إِنِ ارْتَبْتُمْ

بمعنى إن جهلتم، بل كان قيداً للطائفتين للاحتراز عن غير المرتابة منهما يلزم إشكالات متعدّدة:

______________________________

(1) الكافي: 6/ 100 ح 8، التهذيب: 8/ 118 ح 407، الاستبصار: 3/ 332 ح 1183، الوسائل: 22/ 186، كتاب الطلاق، أبواب العدد ب 4 ح 7.

(2) سنن البيهقي: 7/ 414 و 420، أحكام القرآن للجصاص: 3/ 683، أحكام القرآن لابن العربي: 4/ 284.

تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة - الطلاق، المواريث، ص: 102

..........

______________________________

منها: أنّ الجمع بين قوله تبارك و تعالى وَ اللّٰائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ الدالّ على أنّ ثبوت اليأس لهنّ محرز غير مشكوك، و بين قوله إِنِ ارْتَبْتُمْ بالمعنى المشهور، و هو الارتياب في ثبوت اليأس لهنّ ممّا لا يليق بشأنه تعالى بل بغيره أصلًا، و هكذا في ناحية الصغيرة التي مرجعها إلى كون الصغر محرزاً غير مشكوك فيه، كما لا يخفىٰ.

و منها: أنّ أمثال مسائل الحيض و الطهر مسائل يكون للنساء فيها أصالة، و الرجال يرجعون إلى النساء للاطّلاع عليها، و عليه فلو كان قوله إِنِ ارْتَبْتُمْ راجعاً إلى الارتياب في النساء؛ لكان اللّازم أن يقول تعالى مكانه: «إن ارْتَبْتُنّ» بحيث يكون الخطاب للنساء لا للرجال، بخلاف أصل العِدّة فإنّ المعتدّة و إن كانت هي الزوجة، أمّا الطرف الأصلي في باب العِدّة هم الرجال؛ و لذا ذكر في آية عدم الدخول فَمٰا لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ «1» كما عرفت، و هذا بخلاف ما إذا كان إِنِ ارْتَبْتُمْ بمعنى إن جهلتم، فإنَّ المسألة الأصلية هي جهل الرجال بأصل الحكم، كما عرفت في شأن نزول الآية.

و منها: بعض الإشكالات الأُخر الذي لا يبلغ من القوة و الاستحكام ما ذكر «2».

و يرد على مجموع ما أفاده (قدّس سرّه):

أوّلًا: أنّ الارتياب

و الجهل بأصل الحكم في أصل العدّة هل له أيّة خصوصية في باب العدّة حتى يعلّق الحكم عليه في هذا الباب، مع أنّ الناس كانوا بالإضافة إلى أغلب الأحكام جاهلين، و لم يعلّق في شي ءٍ منها الحكم على الجهل حتى في باب الصلاة، مع أنّها أهم الواجبات إن قُبِلَتْ قُبل ما سواها و إن ردّت ردّ ما سواها؟

و ثانياً: أنّ كلمة الارتياب تغاير كلمة الجهل، فإنّ الأوّل يستعمل معمولًا في

______________________________

(1) سورة الأحزاب: 33/ 49.

(2) الانتصار: 334 336.

تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة - الطلاق، المواريث، ص: 103

..........

______________________________

مورد كان في مقابل الواقعية الموجودة شك و ترديد، مثل قوله تعالى وَ إِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمّٰا نَزَّلْنٰا عَلىٰ عَبْدِنٰا «1». و لا يقال لمن كان جاهلًا بوجوب الصلاة: إن كنت في ريب من وجوب الصلاة.

و ثالثاً: ظاهر الآية الشريفة أنّ القيد قد ذكر عقيب الموضوع قبل مجي ء الحكم و بيانه، فاللّازم ملاحظة الموضوع مقيّداً بهذا القيد، و مرجعه إلى لزوم فهم الموضوع قبل الحكم، فالارتياب لا بدّ أن يلاحظ معناه قبل الحكم بثبوت العِدّة أو بنفيها، و في الموارد التي تكون مرتبطةً بالحكم لا بدّ و أن يقال: إذا جهلتم بوجوب الصلاة مثلًا فاعلموا أنّها واجبة و مثل ذلك. و بالنتيجة ذكر القيد في الموضوع قبل بيان الحكم لا بدّ من أن يكون مرتبطاً به و موجباً لتمييز الموضوع عن غيره.

و رابعاً: أنّ ما نسبه السيّد إلى جمهور المفسّرين ليس على ما ينبغي لا بالنسبة إلى المفسّرين من الشيعة الإمامية «2» رضوان اللّٰه عليهم أجمعين و لا بالإضافة إلى المُفسّرين من العامة «3»، فإنّ هذا التفسير لا يكون شائعاً بينهم، فانظر إلى كلام الطبرسي (قدّس

سرّه) في مجمع البيان، فإنّه يقول في تفسير الآية: إنّ معنى قوله تعالىٰ إِنِ ارْتَبْتُمْ عبارة عن أنّكم لا تعلمون أنّ اليأس هل هو مستند إلى كبر السنّ أو إلى عروض عارض. و لم يطرح مسألة الجهل بوجه.

و خامساً: أنّ ما أفاده السيّد (قدّس سرّه) من أنّ الجمع بين قوله تعالى وَ اللّٰائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ الظاهر في إحراز اليأس و عدم الشك فيه، و بين قوله إِنِ ارْتَبْتُمْ إن كان بمعنى الارتياب و الشك في اليأس غير صحيح مما لا يستقيم، كما أفاده في

______________________________

(1) سورة البقرة: 2/ 23.

(2) التبيان: 10/ 33، مجمع البيان: 10/ 39.

(3) جامع البيان، المعروف بتفسير الطبري: 28/ 91، تفسير البيضاوي مع حاشية الشهاب: 8/ 207.

تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة - الطلاق، المواريث، ص: 104

..........

______________________________

الجواهر «1»؛ لعدم العلم بكون المراد من يئسن من المحيض هو اليأس الاصطلاحي، بل المراد من ينقطع عنها دم الحيض، و اليائسة اصطلاح فقهي لا قرآني، و عليه فالجمع بين الأمرين ممّا لا ريب فيه.

و نحن نزيد عليه بأنّ هذا الإشكال يجري في كثير من التقييدات، فإنّ مرجع التقييد إلى إخراج الموضوع الفاقد للقيد عن دائرة الحكم، فقولنا في الغنم السائمة زكاة، إذا أُريد بيان نفي وجوب الزكاة في الغنم المعلوفة فرضاً يجري هذا الإشكال بعينه.

و سادساً: أنّ ما استند إليه السيّد (قدّس سرّه) من أنّ الأصالة في بابي الحيض و الطهر إنّما هي للنساء دون الرجال، و لو كان المراد من الارتياب غير عنوان الجهل؛ لكان اللّازم أن يقول: «إن ارتَبتُنَّ» لا «إِنِ ارْتَبْتُمْ» فقد أُجيب عنه في الجواهر «2» و غيرها «3» بأنّه لا منافاة بين كون الأصالة للنساء، و بين كون

الخطاب متوجّهاً إلى الرجال كما في صدر الآية، حيث يقول مِنْ نِسٰائِكُمْ.

و اللّازم في الآية ملاحظة نكتتين و التوجّه إلى خصوصيّتين، تظهر الاولى بملاحظة التفاسير المختلفة و الثانية مفتاح حلّ الآية الشريفة و الوصول إلى المراد منها إن شاء اللّٰه تعالى.

امّا الأُولى: فهي التي تظهر من كلمات المفسّرين بنحو النفي و الإثبات، و هي أنّه قد ذكر في الجملة الثانية قوله تعالىٰ وَ اللّٰائِي لَمْ يَحِضْنَ و هو مبتدأ و خبره محذوف؛ لأنّ الجملة الأُولى قد تمّت قبله، و الظاهر أنّ الخبر المحذوف في هذا الكلام قوله: «كذلك» أي و اللّائي لم يحضن كذلك، أي تعتدون ثلاثة أشهر، و البحث إنّما هو في

______________________________

(1) جواهر الكلام: 32/ 235.

(2) جواهر الكلام: 32/ 234 235.

(3) مسالك الافهام: 9/ 233 234، نهاية المرام: 2/ 91.

تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة - الطلاق، المواريث، ص: 105

..........

______________________________

أنّ قيد إِنِ ارْتَبْتُمْ مقصود في هذه الجملة أيضاً أم لا، فعن الزمخشري «3» و صاحب المجمع «1» و تبعهما صاحب الجواهر (قدّس سرّه) «2» ذكر القيد في هذه الجملة كالجملة الاولى، و المنقول عن بعض آخر كالشيخ الطوسي (قدّس سرّه) «3» عدم إضافة هذا القيد في الجملة الثانية؛ نظراً إلى أنّه لا دليل على إضافة هذا القيد، بل المقدار اللازم حذف الخبر، و المراد وجوب الاعتداد ثلاثة أشهر من دون أن يكون الموضوع مقيّداً، و يؤيّد الأخير أنّه لو كان القيد مراداً في الجملة الأخيرة؛ لكان اللازم عطف الموضوع الثاني على الموضوع الأوّل مع قيد «إن ارْتَبْتُمْ» ثمّ بيان الحكم لا البيان بهذه الكيفيّة، و بالجملة لا دليل على ثبوت القيد في الجملة الثانية أيضاً.

أقول: و لعلّ هذا يؤيّد ما أفاده السيّد

(قدّس سرّه) من أنّ «إِنِ ارْتَبْتُمْ» إنّما هو بمعنى إن جهلتم، كما لا يخفىٰ.

و أمّا الثانية: فهو أنّه لو لم يكن قيد «إِنِ ارْتَبْتُمْ» مقصوداً في الجملة الثانية و هي «اللّٰائِي لَمْ يَحِضْنَ» يلزم أن لا يخطر بالبال أنّ المصداق الواضح لها أيّة جماعة من النساء، إذ لا شبهة بحسب الظاهر في أنّ المراد بهنّ الصغيرة غير البالغة سنّ الحيض عادةً، لكن لنا دليل على أنّ المراد بها ليس مطلق الصغيرة، و هي الآية الثانية المتقدّمة «4» الدالّة على أنّه لا عِدّة للزوجات المطلّقة قبل أن تمسّوهنّ، و قد عرفت

______________________________

(3) الكشّاف: 4/ 557.

(1) مجمع البيان: 10/ 39.

(2) جواهر الكلام: 32/ 235.

(3) التبيان: 10/ 33.

(4) في ص 99.

تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة - الطلاق، المواريث، ص: 106

..........

______________________________

أنّ الزوجة الصغيرة المطلّقة لا عِدّة عليها «1»، و من ناحية أُخرى كما تقدّم في باب النكاح لنا دليل على أنّه لا يجوز الدخول بالصغيرة ما لم تبلغ «2»، فاللّازم حمل الآية في المقام على «اللّٰائِي لَمْ يَحِضْنَ» مع ثبوت الدخول بهنّ، و يلزم من هذا أن يكون الموضوع المجعول في كلامه موضوعاً غير مشروع مضافاً إلى ندرة تحقّقه، فالآية المتقدّمة قرينة على أنّ المراد ب «اللّٰائِي لَمْ يَحِضْنَ» ليس خصوص المدخول بها، فاللّازم حينئذٍ أن يقال: بأنّ مقتضى التحقيق عدم كون المراد بالجملة الثانية الصغيرة أصلًا، بل المراد هي النساء البالغة المطلّقة المدخول بها، التي لم تر دم الحيض. و من هنا تحصل هذه النتيجة، و هي أنّ الذين قيّدوا الجملة الثانية بكونهنّ في سنّ من تحيض يكون كلامهم صحيحاً.

إلى هنا ظهر الجواب عن السيّد (قدّس سرّه) القائل بأنّ المراد بالجملة الثانية مطلق الصغيرة. ثم نرجع

إلى الطائفة الأُولى، فنقول: إنّها على ثلاثة أقسام:

1 اليائسة المصطلحة الفقهيّة كالبالغة سنّ خمسين و واحداً أو ستين و واحداً.

2 اليائسة المُرتابة أي المرأة التي انقطع عنها الدم، لكن لا تعلم سبب الانقطاع و منشأه هل هو الكبر و البلوغ حدّ اليأس، أو خصوصية عرضت عليها و ظهرت فيها.

3 المرأة التي هي محلّ البحث، و هي المرأة التي لا تحيض و هي في سن من تحيض، و لعلّها لا تحيض إلى آخر العمر أصلًا بسبب إخراج الرّحم، و قيد «إِنِ ارْتَبْتُمْ» بالمعنى الذي ذكرنا يخرج الطائفة الأُولى، غاية الأمر خروجها بأيّ نحو هل

______________________________

(1) في ص 94.

(2) في أوائل كتاب النكاح مسألة 12.

تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة - الطلاق، المواريث، ص: 107

..........

______________________________

هو بنحو تدل الآية الشريفة بالمفهوم على عدم ثبوت العِدّة لهنّ، أو بنحو لا تعرض في الآية بالإضافة إلى حكمهنّ؟ إن قيل بثبوت المفهوم للقضية الشرطية على خلاف ما حقّقناه في محلّه من عدم ثبوت المفهوم حتى للقضية الشرطية؛ لكان اللازم الالتزام بدلالة الآية مفهوماً على عدم ثبوت العِدّة لهن، و إن لم نقل بثبوت المفهوم؛ لكانت الآية غير متعرّضة لحكم اليائسة الاصطلاحية لا دالّة على إثبات العدّة لهنّ، و لا دالّة على نفيها فيهنّ؛ لأنّ المفروض دخالة قيد الارتياب في ثبوت العِدّة لهنّ و الاعتداد ثلاثة أشهر.

بقي في المقام طائفتان أخريان:

إحداهما: الطائفة الثانية و هي اليائسة المرتابة بالمعنى الذي ذكرنا، و الظاهر أنّها داخلة في الآية الشريفة. و إن قلنا بعدم المفهوم للقضية الشرطية؛ لأنّ ذكر هذا القيد دليل على دخالته في ثبوت الحكم و إلّا تلزم اللغوية، فاللازم الالتزام بخروج اليائسة المصطلحة من الآية.

و أمّا الطائفة الثالثة، فالظاهر أنّه يستفاد

من الآية الشريفة ثبوت اعتداد ثلاثة أشهر لهنّ؛ لأنّ هذه الطائفة مشتركة مع الطائفة الداخلة في الآية في أنّ الحيض صار منقطعاً، و مختلفة في أنّ مورد الآية صورة الارتياب و احتمال اليأس، و في هذه الطائفة لا يحتمل اليأس، بل هي واقعة في سنّ من تحيض. و من الواضح أنّ احتمال اليأس لا دخالة له في ثبوت العدّة، بل يمكن أن يقال: بأنّ الطائفة الثالثة تكون العدّة ثابتة لهنّ بنحو أولى، و أن لا تكون الأحكام إلّا تعبّدية، إلّا أنّ مرجع التعبدية ليس إلى أنّه لا سبيل إلى فهم المناسبة بين الحكم و الموضوع، فإذا قال الشارع: بأنّ اليائسة المصطلحة لا عدّة عليها، و قال أيضاً: بأنّ اليائسة المرتابة عليها العدّة، فهل لا يستفاد ثبوت الاعتداد في مثل المقام المشترك مع اليائسة المرتابة في انقطاع

تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة - الطلاق، المواريث، ص: 108

..........

______________________________

الحيض، و الممتاز عنها بعدم احتمال اليأس أو يستفاد بطريق أولى؟

إلى هنا ظهر أمران:

الأوّل: في مقابل السيّد المرتضى (قدّس سرّه)، حيث إنّه استفاد من الآية الشريفة أنّ اليائسة المصطلحة عليها الاعتداد ثلاثة أشهر، و نحن أجبنا عنه بأنّ قيد «إِنِ ارْتَبْتُمْ» ينافي ذلك، و إن لم نقل بثبوت المفهوم للقضية الشرطية.

الثاني: أنّ في أصل المسألة يعني النساء اللّاتي انقطع عنهنّ الحيض؛ لأجل إخراج الرّحم مثلًا، و لكنهنّ في سنّ من تحيض، يستفاد من الآية ثبوت العدّة عليهنّ.

و بعبارة اخرى أنّه إذا سئل عن أنّه لِمَ وقع البحث عن اليائسة و الصغيرة؟ فالجواب: أنّ وقوع البحث عنهما إنّما هو بلحاظ أنّه لو قلنا فيه بما قاله السيد (قدّس سرّه) من ثبوت العدّة لليائسة المصطلحة بمقتضى ما استفاده من الآية

الشريفة؛ لكان اللازم الالتزام بثبوت العدّة فيمن لا تحيض و هي في سن من تحيض بطريق أولى؛ لاشتراكهما في انقطاع الحيض و امتياز اليائسة بالبلوغ إلى سنّ اليأس، و لو لم نقل بما قاله السيد، بل قلنا بعدم ثبوت العدّة لليائسة المصطلحة كما اخترناه، فهو لا يلازم عدم الثبوت في المقام؛ لإمكان عدم ثبوت العدّة لليائسة و ثبوتها في المقام، فالملازمة انّما هي ثابتة في ناحية الإثبات دون النفي.

ثم إنّ بعض الفقهاء قدّس اللّٰه أسرارهم قد جمعوا بين عدم تبعيّة السيّد (قدّس سرّه) في فتواه، و بين الاعتراف بأنّ الآية لا ظهور لها في خلاف مقالته، بل هي مجملة و اللّازم رفع اليد عنها «1». و من جملة هؤلاء صاحب المدارك في نهاية

______________________________

(1) مسالك الافهام: 9/ 234.

تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة - الطلاق، المواريث، ص: 109

..........

______________________________

المرام، التي هي تتمة كتاب أستاده المحقق الأردبيلي صاحب مجمع الفائدة و البرهان في شرح الإرشاد للعلّامة «1»، و يمكن أن يستفاد من عبارة الشرائع أيضاً ذلك، حيث اقتصر على وجود روايتين في المسألة و لم يشر إلى الآية أصلًا «2». هذا كلّه بلحاظ الآية الشريفة، و أمّا بملاحظة الروايات الواردة فهي على طائفتين:

إحداهما: الروايات «3» النافية لثبوت العدّة على اليائسة و الصغيرة، و هي متكثّرة بحيث قال صاحب الجواهر (قدّس سرّه): يمكن دعوى تواترها «4». و قد تقدّمت هذه الروايات و البحث عن مفادها.

ثانيتهما: الروايات الواردة في ضابطة العدّة، و اللّازم البحث في مفادها من جهتين:

الاولى: هل هذه الروايات في مقام إعطاء الضابطة، أو أنّها في مقام الإشارة إلى مسألة العدّة من دون أن تكون في مقام إعطاء الضابطة الكلية؟

الثانية: أنّه إذا كانت في مقام إعطاء

الضابطة، فهل المقام من مصاديقها أم لا؟

و من هذه الروايات:

رواية داود بن سرحان التي في طريقها سهل بن زياد عن أبي عبد اللّٰه (عليه السّلام) قال: عدّة المطلقة ثلاثة قروء، أو ثلاثة أشهر إن لم تكن تحيض «5».

______________________________

(1) نهاية المرام: 2/ 91.

(2) شرائع الإسلام: 3/ 35.

(3) الوسائل: 22/ 177 183، كتاب الطلاق، أبواب العدد ب 2 و 3.

(4) جواهر الكلام: 32/ 233.

(5) الكافي: 6/ 90 ح 2، الوسائل: 22/ 198، كتاب الطلاق، أبواب العدد ب 12 ح 3.

تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة - الطلاق، المواريث، ص: 110

..........

______________________________

و ظاهرٌ أنّ قيد «إن لم تكن تحيض» دليل على كونها في مقام إعطاء الضابطة، و إلّا لم تكن حاجة إلى بيان هذا القيد.

و أمّا بالنظر إلى الجهة الثانية، فنقول: ما المراد من القيد المذكور في الرواية؟ فهل المراد منه المرأة التي لم ترَ دم الحيض إلى الحال أصلًا، أو المراد منه المرأة التي لا ترى دم الحيض في حال وقوع الطلاق؟ و بعبارة أُخرى أعمّ ممّن لم ترَ دم الحيض أو لا تراه في هذه الحالة، فإن قلنا بالثاني فالرواية تدل بالمنطوق على ثبوت العدّة لمن أخرجت رحمها و مثلها، و حيث إنّه لا يتحقق فيها إلّا الأشهر فاللازم رعايتها، و إن قلنا بالاحتمال الأوّل الذي تؤيّده رواية الحلبي، عن أبي عبد اللّٰه (عليه السّلام) قال: لا ينبغي للمطلّقة أن تخرج إلّا بإذن زوجها حتى تنقضي عدّتها ثلاثة قروء، أو ثلاثة أشهر إن لم تحض «1».

فيمكن أن يستشهد بالرواية من طريق الأولويّة شبيه الأولويّة المذكورة بالإضافة إلى الآية الشريفة؛ لأنّ من لم ترَ دم الحيض إلى عشرين سنة مثلًا من عمرها إذا كانت عدّتها ثلاثة أشهر،

فمن رأته إلى أربعين سنة من عمرها غاية الأمر صار الدم منقطعاً لأجل إخراج الرحم أو غيره تكون العدّة المذكورة ثابتة عليها بطريق أولى، كما لا يخفىٰ.

هذا، و لكن تعارض الرواية المزبورة صحيحة محمد بن مسلم، عن أحدهما (عليهما السّلام) أنّه قال: في التي تحيض في كلّ ثلاثة أشهر مرّة، أو في ستّة، أو في سبعة أشهر، و المستحاضة التي لم تبلغ الحيض، و التي تحيض مرّة و يرتفع مرّة، و التي لا تطمع في

______________________________

(1) الكافي: 6/ 89 ح 1، التهذيب: 8/ 116 ح 402 و 130 ح 449، الاستبصار: 3/ 333 ح 1184، الوسائل: 22/ 198، كتاب الطلاق، أبواب العدد ب 12 ح 1.

تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة - الطلاق، المواريث، ص: 111

..........

______________________________

الولد، و التي قد ارتفع حيضها و زعمت أنّها لم تيأس، و التي ترى الصفرة من حيض ليس بمستقيم، فذكر: أنّ عدّة هؤلاء كلّهنّ ثلاثة أشهر «1».

فإنّ قوله: «و التي لا تطمع في الولد» فمع أنّه لم يستعمل فيه كلمة المثل و الطمع لغة يستعمل في موارد ثبوت الرجاء، فالمذكور في الرواية أنّ عدّتها أيضاً ثلاثة أشهر، و في بعض الروايات: التي لا تحبل مثلها لا عدّة عليها «2».

فهل بين الروايتين تعارض؟ أو أنّ عدم ذكر كلمة المثل في هذه الرواية و ذكرها في الرواية المذكورة، يوجب إمكان الجمع الدلالي بينهما و خروجهما عن المتعارضين؟ نظراً إلى أنّ قوله (عليه السّلام) «التي لا تحبل مثلها» ناظر إلى الأقران و المشتركات معها في السنّ، و قوله: «التي لا تطمع في الولد» ناظر إلى خصوص بعض المطلّقات من جهة الحالة الشخصية، المانعة لها عن الطمع في الولد، ففي الحقيقة تقول الرواية

المذكورة: كلّ من لا تحبل مثلها بحسب السنّ لا عدّة عليها، و الصحيحة تقول: بأنّ «من لا طمع لها في الولد» لخصوصية موجودة فيها و عارضة عليها يجب عليها الاعتداد ثلاثة أشهر، و من المعلوم أنّ المقام داخل في هذا القسم؛ لأنّ من أخرجت رحمها لعلّة لا يكون لها الطمع في الولد للخصوصية الموجودة فيها، و إن كانت مثلها تحبل عادة.

و قد بقيت في هذا البحث ثلاث طوائف أُخرى من الروايات:

إحداها: الروايات الواردة في اليائسة المصطلحة و الصغيرة الدالّة على وجوب

______________________________

(1) الكافي: 6/ 99 ح 5، الوسائل: 22/ 183، كتاب الطلاق، أبواب العدد ب 4 ح 1.

(2) الكافي: 6/ 85 ح 3، التهذيب: 8/ 67 ح 221، الاستبصار: 3/ 338 ح 1204، الوسائل: 22/ 182، كتاب الطلاق، أبواب العدد ب 3 ح 2.

تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة - الطلاق، المواريث، ص: 112

..........

______________________________

الاعتداد لهنّ ثلاثة أشهر خلافاً للمشهور «1»، و في مقابلها الروايات الدالة على أنّه لا عدّة لهما، و قد عرفت «2» ثبوت الترجيح مع هذه الطائفة.

ثانيتها: الروايات الدالّة على عدم ثبوت العدّة على عناوين مخصوصة، و ربّما يتوهّم شمول بعض تلك العناوين للمقام، مثل:

صحيحة حمّاد بن عثمان، عن أبي عبد اللّٰه (عليه السّلام) قال: سألته عن التي قد يئست من المحيض، و التي لا تحيض مثلها؟ قال: ليس عليها عدّة «3».

و البحث إنّما هو في هذا العنوان الثاني، و هو السؤال عن التي لا تحيض مثلها نظراً إلى أنّ الصغيرة و إن كانت لا تحيض مثلها، إلّا أنّه لا دليل على انحصاره بها، و السرّ أنّ السائل و هو حمّاد بن عثمان قد سأل الإمام (عليه السّلام) عن عنوانين: أحدهما: اليائسة

المصطلحة. ثانيهما: التي لا تحيض مثلها. و هذا يكشف عن أنّه كان في ذهن السائل و هو من فقهاء الرواة مناسبة بين الحيض و العدّة. و جواب الإمام (عليه السّلام) بعدم ثبوت العدّة راجع إلى ثبوت الارتباط، و وجود المناسبة بين الحيض و العدّة، و لكن بالمعنى الذي ذكرناه في مثل قوله (عليه السّلام): «التي لا تحبل مثلها»، و إلّا فلو كان المقصود عدم ثبوت العدّة على من لا ترى دم الحيض بأيّ وجه و سبب بعلّة طبيعية أو غير طبيعية، لم تكن حاجة إلى الإتيان بكلمة المثل، و هذه الكلمة موجودة في كلام الإمام (عليه السّلام) و في كلام السائل في هذه الرواية و في غير هذه الرواية.

______________________________

(1) شرائع الإسلام: 3/ 35، المقنعة: 532 533، النهاية: 532 533، مسالك الافهام: 9/ 230، رياض المسائل: 7/ 367، الحدائق الناضرة: 25/ 431.

(2) في ص 94 96.

(3) التهذيب: 8/ 66 ح 218، الوسائل: 22/ 177، كتاب الطلاق، أبواب العدد ب 2 ح 1.

تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة - الطلاق، المواريث، ص: 113

..........

______________________________

و بالجملة: الإتيان بكلمة المثل شاهد على عدم كون المراد انقطاع الدم؛ لأجل خصوصية عرضت عليها، بل لأنّ أمثالها أيضاً لا تحيض.

و رواية عبد الرحمن بن الحجاج التي في سندها سهل بن زياد قال: قال أبو عبد اللّٰه (عليه السّلام): ثلاث تتزوّجن على كلّ حال: التي لم تحض و مثلها لا تحيض، قال: قلت: و ما حدّها؟ قال: إذا أتى لها أقلّ من تسع سنين، و التي لم يدخل بها، و التي قد يئست من المحيض و مثلها لا تحيض، قلت: و ما حدّها؟ قال: إذا كان لها خمسون سنة «1».

فإنّ العنوان الأوّل إن

كان عامّاً شاملًا للمرأة التي أخرجت رحمها لشي ء من الأهداف المترتبة على عدم الرحم، أو لا تحيض لجهة من الجهات لم يكن وجه للسؤال عن حدّها، فإنّه من المعلوم أنّ المراد بلوغ المرأة إلى سنّ خاص، و أجاب (عليه السّلام) بأنّه إذا أتى لها أقل من تسع سنين.

و مرسلة حمّاد بن عثمان، عمّن رواه أو صحيحته، عن زرارة، عن أبي عبد اللّٰه (عليه السّلام) في الصّبية التي لا تحيض مثلها، و التي قد يئست من المحيض، قال: ليس عليهما عدة و إن دخل بهما «2».

و الظاهر أنّ قيد «لا تحيض مثلها» توضيحي، و لا يكون الحكم دائراً مدار هذا العنوان؛ بحيث يكون ذكر الصبيّة بعنوان المصداق له، بل الحكم معلّق عليها كقوله: و التي قد يئست من المحيض، و قد وردت في هذه الرابطة رواية مخالفة لهذه الروايات الثلاثة على طبق أوّل ما نقلت مع قطع النظر عن الاحتمال الجاري فيه، و هي:

______________________________

(1) الكافي: 6/ 85 ح 4، الوسائل: 22/ 179، كتاب الطلاق، أبواب العدد ب 2 ح 4.

(2) الكافي: 6/ 85 ح 2، الوسائل: 22/ 182، كتاب الطلاق، أبواب العدد ب 3 ح 3.

تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة - الطلاق، المواريث، ص: 114

..........

______________________________

رواية محمد بن حكيم قال: سألت أبا الحسن (عليه السّلام) فقلت: المرأة التي لا تحيض مثلها و لم تحض كم تعتدّ؟ قال: ثلاثة أشهر، قلت: فإنّها ارتابت، قال: تعتدّ آخر الأجلين، تعتدّ تسعة أشهر، قلت: فإنّها ارتابت، قال: ليس عليها ارتياب؛ لأنّ اللّٰه عزّ و جلّ جعل للحبل وقتاً، فليس بعده ارتياب «1».

و حيث إنّه قد روى صفوان، عن محمد بن حكيم في بعض الروايات، فهذا المقدار يكفي في الحكم

بوثاقة محمد بن حكيم.

و البحث إنّما هو في الطائفة التي هي مورد السؤال أوّلًا، فعلى تقدير كون الرواية بهذه الكيفية و إن كانت تنفعنا، إلّا أنّ الرواية لا تكون بهذه الكيفيّة، كما يظهر من الشرّاح، مثل العلّامة المجلسي في ملاذ الأخيار «2» و الكاشاني في الوافي «3». حيث احتملا أن تكون كلمة «لا» زائدة، و مراد السائل هي المرأة التي تحيض مثلها، و لكنّها لا تحيض بنفسها، و يؤيّده السؤال الثاني عن ارتيابها؛ لأنّ المرأة التي لا تحيض مثلها و لا نفسها لا تكون فيها الريبة بوجه؛ لأنّ حصول الريبة ينشأ من اختلاف حالها مع حال أقرانها، و أمّا مع الاتحاد في عدم الحيض فلا تتحقق الريبة بوجه و يؤيّد أيضاً إضافة كلمة «لا»، أنّه مع عدم الإضافة لا دليل على كون الفاعل في «لم تحض» هو شخص المرأة، بل الظاهر رجوع الضمير فيه إلى المثل، و اختلاف الجملتين حينئذٍ في أنّه لا تحيض المثل و لم يتحقّق له الحيض إلى الحال، مع أنّ ظاهر السؤال الرجوع إلى شخص المرأة لا المثل كما لا يخفى، فينقدح صحّة احتمال كون كلمة «لا» زائدة.

______________________________

(1) التهذيب: 8/ 68 ح 227، الوسائل: 22/ 189، كتاب الطلاق، أبواب العدد ب 4 ح 18.

(2) ملاذ الأخيار: 13/ 139.

(3) الوافي: 23/ 1168 و 1175.

تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة - الطلاق، المواريث، ص: 115

..........

______________________________

و صحيحة الحلبي، عن أبي عبد اللّٰه (عليه السّلام) قال: عدّة المرأة التي لا تحيض و المستحاضة التي لا تطهر ثلاثة أشهر، الحديث «1».

و في هذه الرواية لم يرد عنوان المثل، و من ناحية أُخرى ورد قوله: «لا تحيض» بصورة المضارع المنفي، و من ناحية ثالثة لم تقع

في جواب سؤال، بل وردت ابتداء بصورة بيان ضابطة كلّية و قاعدة عامة، و من الواضح أنّ المقام من المصاديق الواضحة، ثم إنّ في ذيل الرواية قال: و سألته عن قول اللّٰه عزّ و جلّ إِنِ ارْتَبْتُمْ ما الريبة؟ فقال: ما زاد على شهر فهو ريبة فلتعتد ثلاثة أشهر و تترك الحيض، و ما كان في الشهر لم يزد في الحيض على ثلاث حيض فعدّتها ثلاث حيض.

أقول: و هذا الذيل دليل على قول السيّد (قدّس سرّه)، حيث يقول: بأنّ معنى «إن ارتبتم» إن جهلتم، مع أنّ معناه هي الريبة الحاصلة بما زاد على شهر كما في الرواية.

ثالثتها: الروايات الواردة في حكمة ثبوت العدّة، مثل:

1- رواية محمد بن سليمان، عن أبي جعفر الثاني (عليه السّلام) قال: قلت له: جعلت فداك كيف صارت عدّة المطلّقة ثلاث حيض أو ثلاثة أشهر، و صارت عدّة المتوفّى عنها زوجها أربعة أشهر و عشراً؟ فقال: أمّا عدّة المطلّقة ثلاثة قروء فلاستبراء الرحم من الولد، و أمّا عدّة المتوفّىٰ عنها زوجها فإنّ اللّٰه تعالى شرط للنساء شرطاً، و شرط عليهنّ شرطاً، فلم يحابهنّ فيما شرط لهنّ، و لم يجر فيما اشترط عليهنّ، أمّا ما شرط لهنّ في الإيلاء أربعة أشهر، إذ يقول اللّٰه عزّ و جلّ لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسٰائِهِمْ تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ «2» فلم يجوّز لأحد أكثر من أربعة أشهر في الإيلاء،

______________________________

(1) الكافي: 6/ 100 ح 8، التهذيب: 8/ 118 ح 407، الاستبصار: 3/ 332 ح 1183، الوسائل: 22/ 186، كتاب الطلاق، أبواب العدد ب 4 ح 7.

(2) سورة البقرة: 2/ 226.

تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة - الطلاق، المواريث، ص: 116

..........

______________________________

لعلمه تبارك اسمه أنّه غاية صبر المرأة عن الرّجل،

و أمّا ما شرط عليهنّ فإنّه أمرها أن تعتدّ إذا مات زوجها أربعة أشهر و عشراً، فأخذ منها له عند موته ما أخذ لها منه في حياته عند الإيلاء، قال اللّٰه عزّ و جلّ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَ عَشْراً «1» و لم يذكر العشرة الأيام في العدّة إلّا مع الأربعة أشهر، و علم أنّ غاية المرأة الأربعة أشهر في ترك الجماع، فمن ثمَّ أوجبه عليها و لها «2». و السند مجهول و إن كان المتن ربما يؤيّد الصدور من الإمام (عليه السّلام).

و لقائل أن يقول: بأنّ جعل الحكمة في ثبوت العدّة استبراء الرحم من الولد، مع أنّه في مثل المقام ممّا إذا أخرجت المرأة رحمها لا شبهة لثبوت الحمل، فالعدّة غير ثابتة.

كما أنّه لسائل أن يسأل عن أنّه مع كون السائل إنّما سأل عن أنّه كيف صارت عدّة المطلّقة ثلاث حيض أو ثلاثة أشهر إلخ؟ كيف أجاب الإمام (عليه السّلام) عن خصوص ما إذا كانت عدّة المطلّقة ثلاثة قروء؟ و الظاهر أنّ النكتة عبارة عن أنّ نظر السائل إنما هو السؤال عن الفرق بين عدّة الطلاق و بين عِدّة الموت، و اقتصر الإمام (عليه السّلام) في الجواب على الفرد الغالب من المطلّقات، و هي المرأة التي يستقيم حيضها و لو كان في مثل هذه النساء، اللّاتي تكون عدتهنّ ثلاثة قروء، و أنّ الحكمة في الثبوت استبراء الرحم من الولد، فهل هذا دليل على أنّ الحكمة مطلقاً تكون كذلك؟ فهل يمكن أن يستفاد منه حكم اليائسة المصطلحة و الصغيرة مع الدخول بها، أو أنّ الظاهر اختصاص الحكم بمن كانت عدّتها ثلاثة قروء؟

______________________________

(1) سورة البقرة: 2/ 234.

(2) الكافي: 6/ 113 ح 1، تفسير العياشي: 1/ 122

ح 389 باختلاف، الوسائل: 22/ 235 236، كتاب الطلاق، أبواب العدد ب 30 ح 2.

تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة - الطلاق، المواريث، ص: 117

..........

______________________________

إن قلت: اقتصار الإمام (عليه السّلام) في الجواب على ذكر هذه الطائفة إنّما هو بعنوان أنّها أحد موردي السؤال، و إلّا فالجواب عام شامل لكلا الموردين.

قلت: أوّلًا: هذا خلاف الظاهر جدّاً.

و ثانياً: أنّ هنا رواية تدل على أنّ الفرق بين عدّة ثلاثة أشهر و بين عدّة الموت أمر آخر، و هي:

رواية عبد اللّٰه بن سنان قال: قلت لأبي عبد اللّٰه (عليه السّلام): لأيّ علّة صارت عدّة المطلّقة ثلاثة أشهر و عدّة المتوفّىٰ عنها زوجها أربعة أشهر و عشراً؟ قال: لأنّ حرقة المُطلّقة تسكن في ثلاثة أشهر، و حرقة المتوفّىٰ عنها زوجها لا تسكن إلّا بعد أربعة أشهر و عشراً «1».

2- و رواية زرارة و في طريقها موسى بن بكر قال: سألت أبا جعفر (عليه السّلام) عن امرأة نعي إليها زوجها فاعتدّت، فتزوّجت، فجاء زوجها الأوّل، ففارقها، و فارقها الآخر، كم تعتدّ للناس؟ قال: بثلاثة قروء، و إنّما يستبرأ رحمها بثلاثة قروء تحلّها للناس كلّهم.

قال زرارة: و ذلك أنّ أناساً قالوا: تعتدّ عدّتين من كلّ واحدة عدّة، فأبى ذلك أبو جعفر (عليه السّلام)، و قال: تعتدّ ثلاثة قروء، فتحلّ للرّجال «2».

و من الواضح اختصاص قوله: «و إنّما يستبرأ رحمها بثلاثة قروء» بمن يكون لها الحيض، كقوله تعالىٰ وَ الْمُطَلَّقٰاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلٰاثَةَ قُرُوءٍ «3» فلا يستفاد منها حكم من كانت عدّتها ثلاثة أشهر أصلًا، كما لا يخفىٰ.

______________________________

(1) علل الشرائع: 508 ح 2، الوسائل: 22/ 237، كتاب الطلاق، أبواب العدد ب 30 ح 3.

(2) الكافي: 6/ 150 ح 1، الوسائل: 22/ 254،

كتاب الطلاق، أبواب العدد ب 38 ح 1.

(3) سورة البقرة: 2/ 228.

تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة - الطلاق، المواريث، ص: 118

..........

______________________________

3- و صحيحة أبي عبيدة قال: سئل أبو جعفر (عليه السّلام) عن خصيّ تزوّج امرأة، و فرض لها صداقاً، و هي تعلم أنّه خصيّ، فقال: جائز، فقيل: فإنّه مكث معها ما شاء اللّٰه، ثم طلّقها، هل عليها عدّة؟ قال: نعم أ ليس قد لذّ منها، و لذّت منه؟ الحديث «3».

إن قلت: إنّ كون الرجل خصيّاً يلازم عدم إمكان الدخول، و قد مرّ أنّه لا عدّة على من لم يدخل بها.

قلت: نمنع استلزام كون الرجل خصيّاً؛ لعدم الدخول مطلقاً، خصوصاً الدخول بالمقدار اللّازم، و هو الذي يعبّر عنه بالتقاء الختانين، و يوجب الغسل و العدّة، بل الظاهر كونه مانعاً عن تحقّق الدخول الموجب للحمل.

فقد انقدح أنّ هذه الروايات لا تكون في مقابلة الآية فقط، بل هي مؤيّدة للآية الشريفة.

تكميل نحن أثبتنا العدّة لمثل من أخرجت رحمها و لا تحيض، مع كونها في سنّ من تحيض من طريق الأولويّة؛ نظراً إلى أنّ اليائسة المرتابة مع ثبوت الحيض لها إذا كانت لها عدّة ثلاثة أشهر، فالمقام مع كونها في سن من تحيض قطعاً بطريق أولى.

و نحن نقول: إن لم يوجد في الروايات ما ينافي ظاهر الآية الشريفة فبها، و إن فرض وجود طائفة منها، بل طوائف على خلاف الآية الشريفة، فطبعاً تكون مخالفة للأولوية المستفادة منها، فبأيّ نحو يعامل معها بل بمنع الأولوية غير القابلة للمنع، أو بمنع أصل دلالة الآية على حكم الأصل، و هي غير قابلة للخدشة، فاللّازم المعاملة معها بنحو لا ينافي الآية الشريفة.

______________________________

(3) الكافي: 6/ 151 ح 1، الوسائل: 22/ 255، كتاب

الطلاق، أبواب العدد ب 39 ح 1.

تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة - الطلاق، المواريث، ص: 119

[مسألة 2: يتحقّق الدخول بإيلاج تمام الحشفة قبلًا أو دبراً و إن لم ينزل]

مسألة 2: يتحقّق الدخول بإيلاج تمام الحشفة قبلًا أو دبراً و إن لم ينزل، بل و إن كان مقطوع الأنثيين (1).

______________________________

نعم، هنا بحث موضوعي و هو أنّ إخراج الرحم مع عدم ثبوت الاضطرار الشرعي إليه هل هو جائز أم لا؟ لكنّ الكلام في ثبوت الجواز و عدمه أمر، و في ثبوت العدّة عليها في صورة الطلاق مع الإخراج و عدمه أمر آخر، إلى هنا تمّت الرسالة بحمد للّٰه ربّ العالمين «1».

(1) لا إشكال في تحقّق الدخول بإيلاج تمام الحشفة من دون فرق بين القبل و الدبر، و كذا من دون فرق بين صورتي الإنزال و عدمه؛ لأنّ الإنزال وجوداً و عدماً مؤثِّر في ترتيب بعض الآثار و عدمه، كلحوق الولد و عدم لحوقه على ما عرفت «2»، و كذا لا فرق بين أن يكون مقطوع الأُنثيين و أن لا يكون كذلك.

و في صحيحة عبد اللّٰه بن سنان، عن أبي عبد اللّٰه (عليه السّلام) قال: سأله أبي و أنا حاضر

______________________________

(1) أقول: الذي يحصل من الأدلّة وجوب العدّة على العقيمة، و ذلك لصحيحة محمّد بن مسلم في الّتي لا تطمع في الولد أي العقيمة قلنا بدلالة الآية عليه أم لا، كان العقم لمرض أو لإخراج الرحم. و لا تعارضها سائر الروايات؛ لأنّ ما دلّت علىٰ عدم العدّة لليائسة عامّ و هي خاصّ، و ما دلّت على أنّ جعل العدّة لحفظ الأنساب و عدم اختلاط المياه ليست بصدد بيان العلّة المنحصرة، بل بصدد بيان الحكمة، و الحكم لا تدور مدار الحكمة، و ما دلّت علىٰ كون الاعتداد بالأشهر مختصّ

بمن لا تحيض و مثلها تحيض، كان مفهومها بقرينة سائر الأدلّة «مثلها سنّاً تحيض» لا مع حفظ جميع الخصوصيات. مضافاً إلىٰ أنّها أوفق بالاحتياط و أقرب إلىٰ حفظ الأنساب الذي هو مورد توجّه جميع الأديان، كما لا يخفىٰ.

فما ذكره شيخنا الأستاذ متين جدّاً و إن خالفنا في كيفيّة الاستدلال، و الأمر لا ينحصر بإخراج الرحم بل يشمل جميع أنحاء إعقام المرأة و إفساد نطفة الرجل بالأجهزة الحديثة و الأدوية العصريّة. و مع شكّ في ذلك كلّه كان المرجع عموم «إذا أدخله وجب الغسل و المهر و العدّة» و ذيل صحيحة أبي عبيدة الواردة في ثبوت العدّة للخصيّ الدالّة علىٰ أنّ الموضوع بحسب الواقع هي الالتذاذ بالدخول. (راجع باب 54 من أبواب المهور و باب 39 من أبواب العِدد). «الكريمي القمّي»

(2) في ص 93.

تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة - الطلاق، المواريث، ص: 120

[مسألة 3: يتحقق اليأس ببلوغ ستّين في القرشيّة و خمسين في غيرها]

مسألة 3: يتحقق اليأس ببلوغ ستّين في القرشيّة و خمسين في غيرها، و الأحوط مراعاة الستّين مطلقاً بالنسبة إلى التزويج بالغير، و خمسين كذلك بالنسبة إلى الرجوع إليها (1).

______________________________

عن رجل تزوّج امرأة، فأُدخلت عليه و لم يمسّها و لم يصل إليها حتى طلّقها، هل عليها عدّة منه؟ فقال: إنّما العدّة من الماء، قيل له: فإن كان واقعها في الفرج و لم ينزل؟ فقال: إذا أدخله وجب الغسل و المهر و العدّة «1».

فإنّ الذيل قرينة على أنّ المراد من «إنّما العدّة من الماء» إنّما هو على سبيل الحكمة دون العلّة، ففي صورة عدم الإنزال إذا تحقّق الدخول وجبت الأُمور الثلاثة، و في صحيحتي الحلبي و حفص بن البختري، عن أبي عبد اللّٰه (عليه السّلام) قال: إذا التقى الختانان وجب المهر و العدّة

«2» و في الثانية: الغسل أيضاً «3».

ثمّ إنّه حكي عن الحدائق التوقّف في عدم الفرق بين القبل و الدبر؛ لدعوى انصراف المطلق إلى الفرد الشائع، الذي هو المواقعة في القبل «4». و تبعه الرياض لولا الوفاق «5». مع أنّ الشيوع الموجب للانصراف هو شيوع الاستعمال لا شيوع الوجود في الخارج، و لو كان في البين فإنّما هو الثاني دون الأوّل.

(1) موضع التحقيق في هذه المسألة، و أنّه بأيّ سنّ يتحقّق اليأس المذكور في الكتاب أيضاً، هو مبحث الدّماء الثلاثة المذكور في كتاب الطهارة.

______________________________

(1) الكافي: 6/ 109 ح 6، الوسائل: 21/ 319، كتاب النكاح، أبواب المهور ب 54 ح 1.

(2) الكافي: 6/ 109 ح 1، الوسائل: 21/ 319، كتاب النكاح، أبواب المهور ب 54 ح 3.

(3) الكافي: 6/ 109 ح 2، الوسائل: 21/ 319، كتاب النكاح، أبواب المهور ب 54 ح 4.

(4) الحدائق الناضرة: 25/ 393.

(5) رياض المسائل: 7/ 357.

تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة - الطلاق، المواريث، ص: 121

[مسألة 4: لو طلّقت ذات الأقراء قبل بلوغ سنّ اليأس و رأت الدم مرّة أو مرّتين ثم يئست أكملت العدّة بشهرين أو شهر]

مسألة 4: لو طلّقت ذات الأقراء قبل بلوغ سنّ اليأس و رأت الدم مرّة أو مرّتين ثم يئست أكملت العدّة بشهرين أو شهر، و كذلك ذات الشهور إذا اعتدّت شهراً أو شهرين ثم يئست أتمّت ثلاثة (1).

[مسألة 5: المطلّقة و من ألحقت بها إن كانت حاملًا فعدّتها مدّة حملها]

مسألة 5: المطلّقة و من ألحقت بها إن كانت حاملًا فعدّتها مدّة حملها، و تنقضي بأن تضع و لو بعد الطلاق بلا فصل، سواء كان تاماً أو غيره، و لو كان

______________________________

(1) العمدة في هذه المسألة بيان أنّ بلوغ سنّ اليأس في أثناء العدّة، سواء كانت ذات الأقراء أو ذات الشهور، لا يوجب تماميّة العدّة و انقضاءَها، و إن كان مقتضى القاعدة ذلك؛ بناءً على ما اخترناه من عدم ثبوت العدّة لليائسة و الصغيرة؛ لعدم الفرق في ذلك بين أن يكون بلوغ سنّ اليأس قبل الشروع في العدّة أو في أثنائها، و الدليل عليه مضافاً إلى أنّه لا خلاف فيه رواية هارون بن حمزة، عن أبي عبد اللّٰه (عليه السّلام) في امرأة طلّقت، و قد طعنت في السنّ، فحاضت حيضة واحدة، ثم ارتفع حيضها، فقال: تعتدّ بالحيضة و شهرين مستقبلين، فإنّها قد يئست من المحيض «1».

و الرواية تدل على عدم الانقضاء بمجرّد عروض اليأس في الأثناء على خلاف القاعدة، فلا فرق بين الصورة المذكورة و بين غيرها من الصور، كما أنّه لا فرق بين ذات الأقراء و ذات الشهور، بل في الجواهر: أنّه حتى لو لم تكن ذات اقراء، و قد صادف طلاقها لحظة قبل زمن سنّ اليأس. نعم، لو فرض اتّحاد زمان آخر صيغة الطلاق مع أوّل زمن اليأس اتّجه عدم اعتدادها حينئذٍ «2». و السرّ في الصورة الأخيرة المستدركة، أنّ الحكم بوجوب الاعتداد إنّما يترتّب على الطلاق،

الذي

______________________________

(1) الكافي: 6/ 1001 ح 11، الوسائل: 22/ 191، كتاب الطلاق، أبواب العدد ب 6 ح 1.

(2) جواهر الكلام: 32/ 244.

تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة - الطلاق، المواريث، ص: 122

مضغة أو علقة إن تحقّق أنّه حمل (1).

______________________________

لا يتحقّق إلّا بآخر صيغة، و المفروض تحقّق اليأس غير الموجب للعدّة حينئذٍ، فالمتّجه عدم الاعتداد بخلاف الصورة الأُخرىٰ، فتدبّر جيّداً.

(1) الأصل في ذلك قوله تعالى في الآية المتقدّمة وَ أُولٰاتُ الْأَحْمٰالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ «1» و يدلّ عليه الروايات الكثيرة، مثل:

صحيحة زرارة، عن أبي جعفر (عليه السّلام) قال: طلاق الحامل واحدة، فإذا وضعت ما في بطنها فقد بانت منه «2».

و غير ذلك من الروايات، التي جمعها في الوسائل في الباب التاسع من أبواب العدد.

و الظاهر أنّ عدّة الحامل وضع الحمل دون الأقراء و الأشهر كما هو المشهور «3» شهرة محقّقة، و عن الصدوق «4» و ابن حمزة «5» امتدادها بأقرب الأجلين منهما و من الوضع، و قد استدلّ لهما:

بخبر أبي الصباح، عن أبي عبد اللّٰه (عليه السّلام) قال: طلاق الحامل واحدة، و عدّتها أقرب الأجلين «6».

و صحيحة الحلبي، عن أبي عبد اللّٰه (عليه السّلام) قال: طلاق الحُبلى واحدة، و أجلها أن

______________________________

(1) سورة الطلاق: 65/ 4.

(2) الفقيه: 3/ 329 ح 1593، الوسائل: 22/ 193، كتاب الطلاق، أبواب العدد ب 9 ح 1.

(3) الحدائق الناضرة: 25/ 447، جواهر الكلام: 32/ 252.

(4) المقنع: 345 346، الفقيه: 3/ 329 ذح 1593.

(5) الوسيلة: 325.

(6) الكافي: 6/ 81 ح 2، الوسائل: 22/ 194، كتاب الطلاق، أبواب العدد ب 9 ح 3.

تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة - الطلاق، المواريث، ص: 123

..........

______________________________

تضع حملها، و هو أقرب الأجلين «1».

و صحيحة

أبي بصير قال: قال أبو عبد اللّٰه (عليه السّلام): طلاق الحامل الحُبلى واحدة، و أجلها أن تضع حملها، و هو أقرب الأجلين «2».

و ذكر أنّ هذه الروايات قاصرة عن معارضة غيرها من الكتاب «3» و السنّة «4» من وجوه، سيّما بعد احتمالها إرادة أنّ وضع الحمل أقرب العدّتين؛ باعتبار إمكان حصوله بعد الطلاق بلحظة خصوصاً الأخيرين منها، و هو غير الاعتداد بأقرب الأجلين، بل لا معنى لغيره بعد إمكان أن يكون وضع الحمل أبعد الأجلين؛ لاحتمال التأخّر عن الثلاثة.

و كيف كان، فالجمع بين قوله (عليه السّلام): «و أجلها أن تضع حملها» و بين قوله: «و هو أقرب الأجلين» لا يتحقّق إلّا بما ذكر.

نعم، في رواية أبي الصباح المتقدّمة: «و عدّتها أقرب الأجلين» فإنّ مقتضى إطلاقها انقضاء العدّة بالثلاثة إذا كان قبل الوضع، و لكن موافقة الطائفة الاولى مع الشهرة المحقّقة التي هي أول المرجّحات في باب الخبرين المتعارضين، كما حقّقناه في محلّه توجب ترجيحها على الطائفة الثانية، لو لم يكن الجمع الدلالي العقلائي ثابتاً بينهما، كما لا يخفىٰ.

هذا، و لكن ذكر في الجواهر: أنّ الإنصاف عدم خلوّ قول المخالف الذي في رأسه الصدوق عن قوّة؛ ضرورة كونه مقتضى الجمع بين الأدلّة كتاباً «5» و سنّةً؛ إذ منها ما

________________________________________

لنكرانى، محمد فاضل موحدى، تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة - الطلاق، المواريث، در يك جلد، مركز فقهى ائمه اطهار عليهم السلام، قم - ايران، اول، 1421 ه ق

تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة - الطلاق، المواريث؛ ص: 123

______________________________

(1) الكافي: 6/ 82 ح 8، الوسائل: 22/ 195، كتاب الطلاق، أبواب العدد ب 9 ح 6.

(2) الكافي: 6/ 82 ح 6، التهذيب: 8/ 128 ح 441، الوسائل:

22/ 193، كتاب الطلاق، أبواب العدد ب 9 ح 2.

(3) سورة الطلاق: 65/ 4.

(4) الوسائل: 22/ 193 196، كتاب الطلاق، أبواب العدد ب 9.

(5) سورة البقرة: 2/ 228، سورة الطلاق: 65/ 4.

تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة - الطلاق، المواريث، ص: 124

..........

______________________________

دلّ على اعتداد المطلّقة بالثلاثة «2»، و منها ما دلّ على اعتداد الحامل مطلّقة كانت أو غيرها بالوضع «3»، فيكون أيّهما سبق يحصل به الاعتداد، نحو ما سمعته في الثلاثة أشهر و الأقراء، بعد القطع بعدم احتمال كون كلّ منهما عدّة في الطلاق؛ كي يتوجّه الاعتداد حينئذٍ بأبعدهما.

و أمّا الصحيحان، فالمراد منهما الاعتداد بالوضع حال كونه أقرب الأجلين، فالجملة حالية، فيوافقان الخبر الأوّل، بل جعلها مستأنفةً لا حاصل له؛ ضرورة كون الموجود في الخارج منه كلّاً من الأقرب و الأبعد إلى أن قال: و كأنّ هذا هو الذي دعا المتأخّرين إلى الاطناب بفساد قول الصدوق، و أنّه في غاية الضعف، إلّا أنّ الإنصاف خلافه، إلى آخره «4».

أقول: إنّ وقوع قوله تعالىٰ وَ أُولٰاتُ الْأَحْمٰالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ في سورة الطلاق، مسبوقاً و كذا ملحوقاً بالآيات «5» المرتبطة بالطلاق يوجب كون الطلاق هو القدر المتيقّن من هذا القول، فهذه الآية مخصّصة لقوله تعالىٰ وَ الْمُطَلَّقٰاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلٰاثَةَ قُرُوءٍ «1» و يوجب اختصاصها بغيرها، كما أنّ قوله تعالىٰ وَ اللّٰائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِنْ نِسٰائِكُمْ إِنِ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلٰاثَةُ أَشْهُرٍ «2» مخصّص لذلك القول، و لا يبعد أن يقال: إنّ المراد بالحامل في الطائفة الثانية من ظهر حملها و بان، خصوصاً مع التوصيف بالحبلى أيضاً، و الظاهر أنّ الفصل بين

______________________________

(2) الوسائل: 22/ 198، كتاب الطلاق، أبواب العدد ب 12.

(3) الوسائل: 22/ 193

196، كتاب الطلاق، أبواب العدد ب 9.

(4) جواهر الكلام: 32/ 253 254.

(5) سورة الطلاق: 65/ 1 6.

(1) سورة البقرة: 2/ 228.

(2) سورة الطلاق: 65/ 4.

تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة - الطلاق، المواريث، ص: 125

[مسألة 6: إنّما تنقضي العدّة بالوضع إذا كان الحمل ملحقاً بمن له العدّة]

مسألة 6: إنّما تنقضي العدّة بالوضع إذا كان الحمل ملحقاً بمن له العدّة، فلا عبرة بوضع من لم يلحق به في انقضاء عدّته، فلو كانت حاملًا من زنا قبل الطلاق أو بعده لم تخرج منها به، بل يكون انقضاؤها بالأقراء و الشهور كغير الحامل، فوضع الحمل لا أثر له أصلًا. نعم، إذا حملت من وطء الشبهة قبل الطلاق أو بعده بحيث يلحق الولد بالواطئ لا بالزوج، فوضعه سبب لانقضاء العدّة بالنسبة إليه لا الزوج المطلّق (1).

______________________________

ظهور الحمل و الوضع أقلّ من ثلاثة أشهر؛ لعدم تحقّق القرء في الحامل نوعاً، و عليه فلا تكون الجملة حاليّة، كما هو خلاف الظاهر جدّاً، بل الأقربية حينئذٍ متحقّقة في جميع الموارد، و إن كان الجمع الدلالي بالنحو المذكور غير ممكن عند العقلاء، فالترجيح مع الطائفة الموافقة للمشهور كما ذكرنا.

ثم إنّه قد ظهر ممّا ذكرنا أنّ انقضاء عدّة الحامل بأن تضع حملها، و لو بعد الطلاق بلحظة، و لا فرق في الولد بين أن يكون تامّاً أو غير تام، فإذا كان مضغة يكون الحكم كذلك، و أمّا في صورة العلقة فالحكم أيضاً كذلك إذا تحقّق أنّها حمل.

ففي موثّقة عبد الرحمن بن الحجّاج، عن أبي الحسن (عليه السّلام) قال: سألته عن الحبلى إذا طلّقها زوجها، فوضعت سقطاً تمّ أو لم يتمّ، أو وضعته مضغة؟ فقال: كلّ شي ء يستبين أنّه حمل تمّ أو لم يتمّ، فقد انقضت عدّتها و إن كان مضغة «1».

(1) إنّما تنقضي العدّة

بالوضع إذا كان الحمل ملحقاً بمن له العدّة من الزوج المطلّق مثلًا، و إن انتفى عنه باللّعان بناءً على عدم انتفاء نسبه به، و إن انتفت أحكام الولد شرعاً عنه، و لا يبعد دعوى الانصراف في الكتاب «2»

______________________________

(1) الكافي: 6/ 82 ح 9، الوسائل: 22/ 197، كتاب الطلاق، أبواب العدد ب 11 ح 1.

(2) سورة الطلاق: 65/ 4.

تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة - الطلاق، المواريث، ص: 126

[مسألة 7: لو كانت حاملًا باثنين فالأقوى عدم البينونة إلّا بوضعهما]

مسألة 7: لو كانت حاملًا باثنين فالأقوى عدم البينونة إلّا بوضعهما، فللزوج الرجوع بعد وضع الأوّل، لكن لا ينبغي ترك الاحتياط، و لا تنكح زوجاً إلّا بعد وضعهما (1).

______________________________

و السنّة «1» عن غير الحمل الملحق بمن له العِدّة، فلو كانت حاملًا من زنا قبل الطلاق أو بعده، مع العلم بكون الحمل من زنا لم تخرج من العدّة بالوضع، بل يكون انقضاؤها بالأقراء و الشهور كغير الحامل، فوضع الحمل لا أثر له. نعم، فيما إذا كان الحمل من وطء الشبهة قبل الطلاق أو بعده، بحيث كان الولد ملحقاً بالواطئ دون الزوج، فوضع الحمل و إن كان سبباً لانقضاء العدّة، إلّا أنّ انقضاء العدّة انّما يلاحظ بالإضافة إلى الواطئ دون الزوج المطلّق، و تظهر الثمرة في جواز وطء الزوج بعد الوطء بالشبهة و عدم الجواز للواطئ بها؛ لأنّ العدّة بالنسبة إليه بائنة، و بعد الانقضاء يصير خاطباً من الخطّاب إذا انقضت عدّة الطلاق، و إن كان الولد ملحقاً بالواطئ بالشبهة، لو لم يمكن لحوقه بالزوج، كما إذا كان الزوج غائباً مدّة طويلة لا يمكن اللحوق به شرعاً، فوطء الشبهة و إن كان غير محرّم، و الولد و إن كان ملحقاً بالواطئ في جميع الأحكام و الآثار، مع عدم

إمكان اللحوق بالزوج، و العدّة فيه و إن كانت بائنة، ضرورة أنّها أجنبية عن الواطئ شرعاً، بل هو بعد انقضاء عدّة الطلاق و انقضاء عدّة الوطء كواحد من الخطّاب، إلّا أنّه لا يوجب صيرورته كولد الزوج و الحمل من وطئه في جميع الآثار و الأحكام، كما عرفت في المثال.

(1) قال المحقّق في الشّرائع: و لو كان حملها اثنين بانت بالأوّل، و لم تنكح إلّا بعد

______________________________

(1) الوسائل: 22/ 193 196، كتاب الطلاق، أبواب العدد ب 9.

تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة - الطلاق، المواريث، ص: 127

..........

______________________________

وضع الأخير، و الأشبه أنّها لا تبين إلّا بوضع الجميع «1». و القائل بالقول الأوّل هو جماعة من القدماء، كالشيخ في محكي النهاية «2» و ابني حمزة «3» و البرّاج «4». و يدلُّ عليه:

رواية عبد الرحمن بن أبي عبد اللّٰه، عن الصادق (عليه السّلام) قال: سألته عن رجل طلّق امرأته و هي حُبلى، و كان في بطنها اثنان، فوضعت واحداً و بقي واحد؟ قال: تبين بالأوّل، و لا تحلّ للأزواج حتى تضع ما في بطنها «5».

و يرد عليه مضافاً إلى ضعف الخبر و عدم حجّيته كون مفاده مناسباً للاحتياط، الذي لا يناسب شأن الإمام (عليه السّلام).

و عن أبي علي إطلاق انقضاء العدّة بوضع أحدهما «6». و عن جماعة «7» غير قليلة ما جعله المحقّق في الشرائع أشبه، و هو: أنّها لا تبين، كما أنّها لا تنكح إلّا بعد وضعهما، و هو مضافاً إلى أنّه مقتضى الاستصحاب بالإضافة إلى البينونة و إلى نكاح الغير تدلّ عليه الآية الشريفة، و هو قوله تعالىٰ وَ أُولٰاتُ الْأَحْمٰالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ «8» فإنّ المتفاهم منه عند العرف وضع

______________________________

(1) شرائع الإسلام: 3/

37.

(2) النهاية: 517، 534.

(3) الوسيلة: 322.

(4) المهذب: 2/ 286، 316.

(5) الكافي: 6/ 82 ح 10، الوسائل: 22/ 196، كتاب الطلاق، أبواب العدد ب 10 ح 1.

(6) حكىٰ عنه في مختلف الشيعة: 7/ 497.

(7) المبسوط: 5/ 241، الخلاف: 5/ 60 مسألة 8، السرائر: 2/ 689، مختلف الشيعة: 7/ 497، مسالك الافهام: 9/ 259 260، نهاية المرام: 2/ 97.

(8) سورة الطلاق: 65/ 4.

تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة - الطلاق، المواريث، ص: 128

[مسألة 8: لو وطئت شبهة فحملت و أُلحق الولد بالواطئ]

مسألة 8: لو وطئت شبهة فحملت و أُلحق الولد بالواطئ؛ لبعد الزوج عنها أو لغير ذلك ثم طلّقها، أو وطئت شبهة بعد الطلاق على نحو ألحق الولد بالواطئ كانت عليها عدّتان: عدّة لوطء الشبهة تنقضي بالوضع، و عدّة للطلاق تستأنفها فيما بعده، و كان مدّتها بعد انقضاء نفاسها إذا اتّصل بالوضع، و لو تأخّر دم النفاس يحسب النقاء المتخلّل بين الوضع و الدّم قرءاً من العدّة الثانية و لو كان بلحظة (1).

______________________________

الحمل فيما إذا كان واحداً، و أزيد منه بمقدار الحمل فيما إذا كان متعدّداً، فإنّه لا ينسبق إلى ذهن العرف من وضع الحمل إلّا ذلك، و دعوى صدق المسمّى بوضع الواحد ممنوعة، إلّا إذا كان الحمل واحداً، مضافاً إلى معلومية كون العدّة لاستبراء الرحم من ولد مشكوك فضلًا عن المعلوم. نعم في أنّ المعتبر في انقضاء العدّة بوضع التوأمين هل هو ولادتهما لأقلّ من ستّة أشهر و لو بلحظة؛ ليعلم وجودهما حين الطلاق لكونها أقلّ الحمل، أو أنّ أقصى مدّة بين التوأمين ستّة أشهر كما حكي عن قواعد الفاضل «1» كلام، و قد حمل كلامه فيها على التسامح في التعبير؟ «2» و حينئذٍ فلو ولدت الثاني لستّة أشهر فصاعداً، فهو حمل آخر

لا يرتبط بحكم الأوّل، الذي قد تحقّق وجوده حال الطلاق بوضعه تامّاً لدون الستّة أشهر.

(1) المفروض في هذه المسألة تحقق وطء الشبهة و حملها و لحوق الولد بالواطئ؛ لبعد الزوج عنها أو لغير ذلك، و الطلاق من الزوج سواء كان وطء الشبهة قبل الطلاق أو بعده. و في هذه الصورة يكون عليها عدّتان: عدّة لوطء الشبهة مع فرض

______________________________

(1) قواعد الاحكام: 2/ 69.

(2) كما في جواهر الكلام: 32/ 260.

تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة - الطلاق، المواريث، ص: 129

..........

______________________________

كونها حاملًا من الواطئ، و المفروض أنّ عدّة الحامل وضع الحمل فيما إذا لم يكن الحمل من زنا، و عدّة للزوج المطلّق؛ لأنّ المفروض عدم كونها يائسة أو صغيرة أو غير مدخول بها، و الظاهر أنّ عدّة الطلاق متأخّرة عن عدّة وطء الشبهة و إن كان الطلاق متقدّماً عليه، فهنا دعويان:

الدعوى الاولى: عدم تداخل العدّتين كما هو المشهور «1». بل عن الخلاف الإجماع عليه «2» خلافاً لأبي علي «3» و الصدوق «4» و المفيد في موضع من المقنعة «5». و يدلُّ عليه رواية الحلبي عن أبي عبد اللّٰه (عليه السّلام) قال: سألته عن المرأة الحبلى يموت زوجها، فتضع و تتزوّج قبل أن يمضي لها أربعة أشهر و عشراً؟ فقال: إن كان دخل بها فرّق بينهما، ثم لم تحل له أبداً، و اعتدّت بما بقي عليها من الأوّل، و استقبلت عدّة اخرى من الآخر ثلاثة قروء، و إن لم يكن دخل بها فرّق بينهما، و اعتدّت بما بقي عليها من الأوّل، و هو خاطب من الخطّاب «6».

و ما عن طبريّات المرتضى أنّ امرأة نكحت في العدّة، ففرّق بينهما أمير المؤمنين (عليه السّلام) و قال: أيّما امرأة نكحت

في عدّتها، فإن لم يدخل بها زوجها الذي تزوّجها فإنّها تعتدّ من الأوّل، و لا عدّة عليها للثاني، و كان خاطباً من الخطّاب. و إن كان دخل بها فرّق بينهما، و تأتي ببقية العدّة من الأوّل، ثم تأتي عن الثاني

______________________________

(1) الحدائق الناضرة: 25/ 459، جواهر الكلام: 32/ 264.

(2) الخلاف: 5/ 75 76 مسألة 31.

(3) حكىٰ عنه في مختلف الشيعة: 7/ 502.

(4) المقنع: 354.

(5) لم نعثر عليه في المقنعة.

(6) الكافي: 5/ 427 ح 4، نوادر أحمد بن محمد بن عيسى: 110 ح 272، التهذيب: 7/ 306 ح 1273، الاستبصار: 3/ 186 ح 675، الوسائل: 20/ 451، كتاب النكاح، أبواب ما يحرم بالمصاهرة ب 17 ح 6.

تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة - الطلاق، المواريث، ص: 130

..........

______________________________

بثلاثة أقراء مستقبلة «1». و روى مثل ذلك عن عمر في سنن البيهقي «2».

لكن في مقابلها صحيحة زرارة، عن أبي جعفر (عليه السّلام) في امرأة تزوّجت قبل أن تنقضي عدّتها، قال: يفرّق بينهما، و تعتدّ عدّة واحدة منهما جميعاً «3».

و مثلها صحيحة أبي العباس، عن الصادق (عليه السّلام) «4».

و خبر زرارة، عن أبي جعفر (عليه السّلام) في امرأة فقد زوجها أو نعي إليها، فتزوّجت، ثم قدم زوجها بعد ذلك فطلّقها، قال: تعتدّ منهما جميعاً ثلاثة أشهر عدّة واحدة، الحديث «5».

و لكنّ الظاهر أنّ المفروض فيها صورة عدم تحقّق الدخول من الزوج الثاني، و إلّا فاللازم ثبوت الحرمة الأبدية، و من الواضح أنّه مع عدم تحقّق الدخول لا تكون العدّة ثابتة؛ لما عرفت من عدم ثبوتها في صورة عدم الدخول، إلّا أنّه ينافي ذلك ظاهر قوله: «تعتدّ عدّة واحدة منهما» مع وضوح أنّ ثبوت العدّة بالإضافة إلى الثاني فرع الدخول،

و لكن لا محيص عن رفع اليد عن هذا الظاهر، و إن كان بعيداً في نفسه.

نعم، ذكر في الجواهر: أنّه لو كان الاشتباه من المطلّق نفسه مثلًا اتّجه التداخل، وفاقاً للفاضلين «6» بأن تستأنف عدّة كاملة للأخير و اجتزأت بها؛ لأنّهما إنّما تعلّقتا

______________________________

(1) لم نجده في جوابات المسائل الطبريّة، نعم حكىٰ عنه في الجواهر: 32/ 264.

(2) سنن البيهقي: 7/ 441.

(3) التهذيب: 7/ 308 ح 1278، الاستبصار: 3/ 187 ح 681، الوسائل: 20/ 453، كتاب النكاح، أبواب ما يحرم بالمصاهرة ب 17 ح 11.

(4) التهذيب: 7/ 308 ح 1280، الاستبصار: 3/ 188 ح 683، الوسائل: 20/ 453، كتاب النكاح، أبواب ما يحرم بالمصاهرة ب 17 ح 12.

(5) التهذيب: 7/ 308 ح 1279، الوسائل: 20/ 446، كتاب النكاح، أبواب ما يحرم بالمصاهرة ب 16 ح 2.

(6) قواعد الأحكام: 2/ 69، شرائع الإسلام: 3/ 46.

تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة - الطلاق، المواريث، ص: 131

..........

______________________________

بواحد، و الموجب لهما حقيقة انّما هو الوطء، و إذا استأنفت عدّة كاملة ظهرت براءة الرحم، و لا ينافي ذلك إطلاق الأكثر: إطلاق عدم تداخل العدّتين بعد انسباق التعدّد منه، و حينئذٍ فلو وقع الوطء شبهة مثلًا في القرء الأوّل أو الثاني أو الثالث، فالباقي من العدّة الأُولى يحسب للعدّتين ثم تكتمل الثانية «1».

الدعوى الثانية: أنّه بعد الفراغ من عدم التداخل فيما إذا كانت العدّة لأزيد من واحد، يقع الكلام في أنّ اللّازم أوّلًا انقضاء عدّة الوطء بالشبهة الملحق به الولد بوضع الحمل، ثم استئناف عدّة الزوج المطلّق، و إن كان الطلاق قبل الوطء بالشبهة أم لا؟

الظاهر أنّ مقتضى القاعدة بعد فرض عدم التداخل هو لزوم تقديم الموجب الأوّل، سواء كان طلاقاً

أو وطء شبهة، و لا وجه لتقديم وطء الشبهة إن كان متأخّراً عن الطلاق.

هذا، و لكن صاحب الجواهر (قدّس سرّه) نفى وجدان الخلاف، و الإشكال في تقدّم عدّة وطء الشبهة بانقضاء الوضع، و إن كان متأخّراً عن الطلاق، و أنّها تستأنف عدّة الطلاق بعد الوضع، قال: بل لو فرض تأخّر الوطء المزبور عن الطلاق، كان الحكم كذلك أيضاً؛ لعدم إمكان تأخّر عدّته التي هي وضع الحمل، فليس حينئذٍ إلّا تأخير إكمال عدّة الطلاق بعد فرض عدم التداخل بين العدّتين «2».

هذا، و لكن لم يتبيّن لي وجه عدم إمكان تأخّر عدّة وطء الشبهة التي هي وضع الحمل. و إن قلنا بعدم التداخل كما هو المفروض، فإنّه لو فرض غيبة الزوج الذي تحقّق منه الدخول قبلها سنتين، و بعد الحضور علم أنّ زوجته قد وطئت شبهة،

______________________________

(1) جواهر الكلام: 32/ 266.

(2) جواهر الكلام: 32/ 266.

تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة - الطلاق، المواريث، ص: 132

[مسألة 9: لو ادّعت المطلّقة الحامل أنّها وضعت فانقضت عدّتها و أنكر الزوج]

مسألة 9: لو ادّعت المطلّقة الحامل أنّها وضعت فانقضت عدّتها و أنكر الزوج، أو انعكس فادّعى الوضع و انقضاء العدّة و أنكرت هي، أو ادّعت الحمل و أنكر، أو ادّعت الحمل و الوضع معاً و أنكرهما، يقدّم قولها بيمينها بالنسبة

______________________________

و لكنّ الحمل لم يتبيّن بمجرّد الحضور إلّا بعد طلاقه إيّاها شهراً أو شهرين، ففي هذه الصورة لا مانع من الطلاق، و المفروض كونه طلاقاً بعد الدخول المتحقق قبل الغيبة، و لا مجال لدعوى عدم ثبوت العدّة عليها للطلاق بالأقراء أو الشهور؛ لأنّه من ناحية لا يكون الحمل متبيّناً، و يحتمل حصوله بعد الطلاق. و من ناحية أُخرى لا يعلم الوضع أي الكيفية في المستقبل، فأيّ مانع من أن تكون عدّة الطلاق ثابتة

قبل عدّة الوطء بالشبهة الذي تحقق بسببه الحمل مع فرض عدم التداخل؟

اللّهم إلّا أن يكون هناك إجماع على التقدّم كما لا يبعد، و يؤيّده ما سيجي ء من أنّ عدّة وطء الشبهة مبدؤها الوطء الآخر لا حين الانجلاء، و المفروض أنّ الوطء قد تحقّق قبل حضوره و الطلاق واقع بعده، فالقول بتقدّم عدّة الطلاق مستلزم للتداخل لا محالة و قد فرض عدمه، فلا محالة تكون عدّة وطء الشبهة التي يكون مبدؤها حين الوطء الأخير الثابت قبل حضور الزوج المطلّق بعد الحضور متقدّماً على عِدّة الطلاق، كما لا يخفىٰ.

و حينئذٍ إن كان نفاسها متّصلًا بالوضع كما هو الغالب، يكون شروع العدّة الثانية بعد انقضاء نفاسها، و لو تأخّر دم النفاس عن الوضع، و تخلّل بينهما طهر، يحسب الطهر المتخلّل قرءً من العدّة الثانية، و لو كان لحظة بعد كون الأقراء في آية الطلاق هي الأطهار كما سيأتي بيانه إن شاء اللّٰه تعالىٰ «1».

______________________________

(1) في ص 136 137.

تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة - الطلاق، المواريث، ص: 133

إلى بقاء العدّة و الخروج منها، لا بالنسبة إلى آثار الحمل غير ما ذكر على الظاهر (1).

______________________________

(1) قد فرض في المسألة صوراً مرتبطة بالحمل و وضعه، و حكم في الجميع بتقديم قولها بيمينها، بالإضافة إلى بقاء العدّة و الخروج عنها لا بالنسبة إلى آثار الحمل غير ما ذكر ممّا يرتبط بالعدّة، و لا تكلّف بالبيّنة، و لا بإحضار الولد الذي قد تعجز عن إحضاره، و لإطلاق صحيحة جميل، عن زرارة، عن أبي جعفر (عليه السّلام) قال: العدّة و الحيض للنساء إذا ادّعت صدِّقت «1».

و روى الطبرسي في مجمع البيان، عن الصادق (عليه السّلام) في قوله تعالىٰ وَ لٰا يَحِلُّ لَهُنَّ

أَنْ يَكْتُمْنَ مٰا خَلَقَ اللّٰهُ فِي أَرْحٰامِهِنَّ «2» قال: قد فوّض اللّٰه إلى النساء ثلاثة أشياء: الحيض، و الطهر، و الحمل «3».

فإنّ المراد من وجوب تصديقهنّ في العدّة و الحمل وجوب تصديقهنّ في بقاء العدّة و انقضائها، و في أصل ثبوت الحمل و وضعه و عدمه كما لا يخفى، مضافاً إلى أنّه يتعذّر أو يتعسّر عليها الإشهاد في كلّ حال.

و في محكيّ القواعد تصدّق حتى لو ادّعت الانقضاء بوضعه ميّتاً أو حيّاً، ناقصاً أو كاملًا، في مقابل بعض العامة «4» القائل بالتكليف بالبيّنة إن ادّعت وضع الكامل؛

______________________________

(1) الكافي: 6/ 101 ح 1، الوسائل: 22/ 222، كتاب الطلاق، أبواب العدد ب 24 ح 1.

(2) سورة البقرة: 2/ 228.

(3) مجمع البيان: 2/ 101، الوسائل: 22/ 222، كتاب الطلاق، أبواب العدد ب 24 ح 2.

(4) راجع المغني لابن قدامة: 8/ 489، الشرح الكبير: 8/ 487، الحاوي الكبير: 13/ 189، بدائع الصنائع: 3/ 293، الإنصاف: 9/ 161، المجموع: 19/ 287 289، الامّ: 5/ 262 263، المبسوط: 6/ 26، مغني المحتاج: 3/ 338.

تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة - الطلاق، المواريث، ص: 134

[مسألة 10: لو اتّفق الزوجان على إيقاع الطلاق و وضع الحمل و اختلفا في المتقدّم و المتأخّر]

مسألة 10: لو اتّفق الزوجان على إيقاع الطلاق و وضع الحمل و اختلفا في المتقدّم و المتأخّر، فقال الزوج: «وضعت بعد الطلاق فانقضت عدّتك» و قالت: «وضعت قبله و أنا في العدّة» أو انعكس، لا يبعد تقديم قولها في بقاء العدّة و الخروج منها مطلقاً من غير فرق بين ما لم يتّفقا على زمان أحدهما أو اتفقا عليه (1).

______________________________

لأنّها مدّعية و الغالب حضور القوابل. و منهم من كلّفها في الميت و السقط أيضاً؛ لأنّ ما نالها من العسر يمكنها من الإشهاد «1».

و في المسالك تقييد تصديقها

في ذلك بالإمكان أيضاً، قال: و يختلف الإمكان بحسب دعواها، فإن ادّعت ولادة ولد تام، فأقل مدّة تصدَّق فيها ستة أشهر و لحظتان من يوم النكاح؛ لحظة لإمكان الوطء و لحظة للولادة، فإن ادّعت أقلّ من ذلك لم تصدّق «2». إلى آخر ما قال. و لا بأس بهذا التقييد، ضرورة أنّه مع عدم الإمكان شرعاً لا مجال لتصديقها الملازم لصورة الشك، كما لا يخفىٰ.

(1) قد فرض في هذه المسألة فرضين بعد اتّفاق الزوجين على إيقاع الطلاق و وضع الحمل، و اختلافهما في المتقدّم و المتأخّر منهما:

أحدهما: ما لو قال الزوج: وضعت بعد الطلاق فانقضت عدّتك بالوضع بعده، و قالت الزوجة: بل وضعتُ قبله و أنا في العدّة. و أنّه لا ارتباط بين الوضع و بين انقضاء العدّة، بل انقضاؤها بأمر آخر لم يتحقّق بعد.

______________________________

(1) قواعد الأحكام: 2/ 66.

(2) مسالك الافهام: 9/ 195.

تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة - الطلاق، المواريث، ص: 135

..........

______________________________

ثانيهما: عكس ذلك، بأن ادّعت الخروج عن العدّة بالوضع بعد الطلاق، و ادّعى أنّ الوضع كان قبل الطلاق، و لا ارتباط بين الوضع و بين انقضاء العدّة، و في كلا الفرضين نفى البعد عن تقديم قولها في بقاء العدّة و الخروج عنها مطلقاً، من غير فرق بين ما إذا لم يتفقا على زمان أحدهما أو اتفقا عليه، و إن كان مقتضى القاعدة في صورة الاتفاق على زمان واحد تقديم قول من يدّعي التأخّر عن ذلك الزمان؛ لأنّه مقتضى أصالة تأخّر الحادث الموافقة لقول من يدّعي التأخّر، و كذا في صورة عدم الاتفاق على زمان واحد يصير المورد من مصاديق مجهولي التاريخ، إلّا أنّ مقتضى الإطلاق في الروايتين المتقدّمتين في المسألة التاسعة السابقة، الدالتين

على أنّ أمر العدّة وجوداً و عدماً إنّما هو بيد النساء، ثبوت ذلك في مثل المقام أيضاً، فالأصل و إن كان مع الزوج في بعض الصور إلّا أنّه لا مجال للأصل مع وجود الإطلاق، كما لا يخفى.

و لكن عن الشيخ «1» و جماعة «2» أنّه لو اتّفقا في زمن الوضع و اختلفا في زمن الطلاق فالقول قوله؛ لأنّه اختلاف في فعله، بخلاف ما إذا اتفق الزوجان في زمن الطلاق و اختلفا في زمن الوضع فإنّ القول قولها؛ لأنّه اختلاف في الولادة.

و استشكل المحقّق في الشرائع في المسألتين نظراً إلى أنّ الأصل عدم الطلاق و عدم الوضع «3»، و لكن مقتضى الإطلاق المذكور تقديم قول الزوجة.

و دعوى أنّ الرجوع إليهنّ في العدّة لا يشمل المقام، كما في الجواهر «4» غير مسموعة، خصوصاً بملاحظة ما ذكرنا في المسألة السابقة، فتدبّر جيّداً.

______________________________

(1) المبسوط: 5/ 241.

(2) الجامع للشرائع: 474، إرشاد الأذهان: 2/ 47، تحرير الأحكام: 2/ 71 72.

(3) شرائع الإسلام: 3/ 38.

(4) جواهر الكلام: 32/ 269.

تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة - الطلاق، المواريث، ص: 136

[مسألة 11: لو طلّقت الحائل أو انفسخ نكاحها]

مسألة 11: لو طلّقت الحائل أو انفسخ نكاحها فإن كانت مستقيمة الحيض بأن تحيض في كلّ شهر مرّة كانت عدّتها ثلاثة قروء، و كذا إذا تحيض في كلّ شهر أزيد من مرّة أو ترى الدم في كلّ شهرين مرّة، و بالجملة كان الطهر الفاصل بين حيضتين أقلّ من ثلاثة أشهر، و إن كانت لا تحيض و هي في سنّ من تحيض إمّا لكونها لم تبلغ الحدّ الذي ترى الحيض غالب النساء و إمّا لانقطاعه لمرض أو حمل أو رضاع كانت عدّتها ثلاثة أشهر، و يلحق بها من تحيض، لكن الطهر الفاصل بين

حيضتين منها ثلاثة أشهر أو أزيد (1).

______________________________

(1) الأصل في هذه المسألة قوله تعالىٰ وَ الْمُطَلَّقٰاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلٰاثَةَ قُرُوءٍ «1» بعد عدم الاختصاص بالمطلّقات، و شموله لمن انفسخ نكاحها، و بعد اختصاصها بالمطلّقات اللّاتي لها عدّة، و تكون عدّتها غير وضع الحمل بمقتضى الآيات «2» و الروايات «3» الدالة على هذا المعنى، فتخرج المطلّقة اليائسة و الصغيرة و غير المدخول بها، و كذا تخرج أُولات الأحمال اللاتي أجلهنّ أن يضعن حملهنّ كما تقدّم «4».

إنّما الكلام في معنى ثلاثة قروء، و قد صرّح النص و الفتوى بكون المراد في الآية الأطهار على كلّ حال، أي سواء قلنا بأنّ لفظة القرء مشترك لفظاً أو معنى بين الحيض و الطهر، أو بكونه حقيقة في أحدهما مجازاً في الآخر، كما أنّه لا فرق بين القول باختلاف معنى القرء بالفتح و بالضمّ، و أنّ الأوّل للحيض و يجمع على «أقراء»،

______________________________

(1) سورة البقرة: 2/ 228.

(2) سورة البقرة: 2/ 222، سورة الطلاق: 65/ 4.

(3) الوسائل: 22/ 175 210، كتاب الطلاق، أبواب العدد ب 1 16.

(4) في ص 90 97 و 122 125.

تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة - الطلاق، المواريث، ص: 137

..........

______________________________

و الثاني الطهر و يجمع على «قروء» و القول باتحادهما.

امّا الروايات:

فمنها: صحيحة عمر بن أُذينة، عن زرارة قال: قلت لأبي عبد اللّٰه (عليه السّلام): سمعت ربيعة الرأي يقول مِن رأيي أنّ الأقراء التي سمّى اللّٰه عزّ و جلّ في القرآن إنّما هو الطهر فيما بين الحيضتين، فقال: كذب لم يقل برأيه، و لكنّه إنّما بلغه عن عليّ (عليه السّلام). فقلت: أ كان عليّ (عليه السّلام) يقول ذلك؟ فقال: نعم إنّما القرء الطهر الذي يقرأ فيه الدم فيجمعه، فإذا جاء الحيض

دفعه (دفقه خ ل) «1».

و منها: صحيحة محمد بن مسلم، عن أبي جعفر (عليه السّلام) قال: القرء ما بين الحيضتين «2».

و منها: ذيل صحيحة زرارة المتقدّمة، عن أبي جعفر (عليه السّلام) قال: قلت له: أصلحك اللّٰه رجل طلّق امرأته على طهر من غير جماع بشهادة عدلين، فقال: إذا دخلت في الحيضة الثالثة فقد انقضت عدّتها، و حلّت للأزواج. قلت له: أصلحك اللّٰه إنّ أهل العراق يروون عن عليّ (عليه السّلام) أنّه قال: هو أحقّ برجعتها ما لم تغتسل من الحيضة الثالثة، فقال: فقد كذبوا «3».

و منها: رواية زرارة الثالثة، عن أبي جعفر (عليه السّلام) قال: أوّل دم رأته من الحيضة

______________________________

(1) الكافي: 6/ 89 ح 1، تفسير العياشي: 1/ 114 ح 351، الوسائل: 22/ 201، كتاب الطلاق، أبواب العدد ب 14 ح 4.

(2) الكافي: 6/ 89 ح 3، التهذيب: 8/ 123 ح 424، الاستبصار: 3/ 330 ح 1174، الوسائل: 22/ 201، كتاب الطلاق، أبواب العدد ب 14 ح 2.

(3) الكافي: 6/ 86 ح 1، التهذيب: 8/ 123 ح 426، الاستبصار: 3/ 327 ح 1163، تفسير العياشي: 1/ 114 ح 351، الوسائل: 22/ 204، كتاب الطلاق، أبواب العدد ب 15 ح 1.

تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة - الطلاق، المواريث، ص: 138

..........

______________________________

الثالثة فقد بانت منه «3».

و منها: رواية زرارة الرابعة، عن أبي جعفر (عليه السّلام) قال: سمعته يقول: المطلّقة تبين عند أوّل قطرة من الدم في القرء الأخير «4».

و منها: موثّقة إسماعيل الجعفي، عن أبي جعفر (عليه السّلام) في الرجل يطلّق امرأته، قال: هو أحقّ برجعتها ما لم تقع في الدّم الثالث «1». إلى غير ذلك من الروايات «2» الكثيرة الدالّة على ذلك. و لكن

في مقابلها ما يدلّ على أنّه أحقّ برجعتها ما لم تكمل الحيضة الثالثة مثل:

صحيحة محمد بن مسلم، عن أبي جعفر (عليه السّلام) في الرجل يطلّق امرأته تطليقة على طهر من غير جماع، يدعها حتى تدخل في قرئها الثالث، و يحضر غسلها، ثم يراجعها، و يشهد على رجعتها، قال: هو أملك بها ما لم تحلّ لها الصّلاة «3».

و مرسلة إسحاق بن عمّار، عن أبي عبد اللّٰه (عليه السّلام) قال: جاءت امرأة إلى عمر، تسأله عن طلاقها، فقال: اذهبي إلى هذا فاسأليه يعني عليّاً (عليه السّلام) فقالت لعليّ (عليه السّلام): إنّ زوجي طلّقني، قال: غسلت فرجك؟ فرجعت إلى عمر، فقالت: أرسلتني إلى رجل يلعب، فردّها إليه مرّتين، كلّ ذلك ترجع فتقول: يلعب، قال: فقال لها: انطلقي إليه، فإنّه أعلمنا، قال: فقال لها عليّ (عليه السّلام): غسلت فرجك؟ قالت: لا، قال:

______________________________

(3) الكافي: 6/ 87 ح 6، الوسائل: 22/ 206، كتاب الطلاق، أبواب العدد ب 15 ح 9.

(4) الكافي: 6/ 87 ح 7، الوسائل: 22/ 206، كتاب الطلاق، أبواب العدد ب 15 ح 10.

(1) الكافي: 6/ 87 ح 8، الوسائل: 22/ 206، كتاب الطلاق، أبواب العدد ب 15 ح 11.

(2) الوسائل: 22/ 201 210، كتاب الطلاق، أبواب العدد ب 14 15.

(3) التهذيب: 8/ 127 ح 437، الاستبصار: 3/ 331 ح 1777، الوسائل: 22/ 208، كتاب الطلاق، أبواب العدد ب 15 ح 15.

تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة - الطلاق، المواريث، ص: 139

..........

______________________________

فزوجك أحقّ ببضعك ما لم تغسلي فرجك «1».

و رواية عبد اللّٰه بن ميمون، عن أبي عبد اللّٰه، عن أبيه (عليهما السّلام)، قال: قال عليّ (عليه السّلام): إذا طَلّق الرجل المرأة، فهو أحقّ بها ما لم تغتسل من

الثالثة «2».

و غير ذلك من الروايات «3» الواردة بهذا المضمون.

و عن المفيد الجمع بينهما بأنّه إذا طلّقها في آخر طهرها اعتدّت الحيض، و إن طلّقها في أوّله اعتدّت بالأطهار «4». و استقربه الشيخ «5» فيما حكي عنه، و تبعه بعض متأخّري المتأخّرين «6».

و أنت خبير بدلالة جملة من الطائفة الأُولى على أنّ القول الأخير إنّما هو باعتبار شهرة الرواية المكذوبة عن علي (عليه السّلام)، كما وقع التصريح به من أبي جعفر (عليه السّلام) في بعض الروايات المتقدّمة.

و إن شئت قلت: إنّه بعد عدم إمكان الجمع الدلالي بين الطائفتين، و وصول النوبة إلى ملاحظة الترجيح المذكور في الأخبار العلاجية، تكون الشهرة الفتوائية المحققة مع الطائفة الأُولى فاللّازم الأخذ بها، هذا كلّه بالإضافة إلى مستقيمة الحيض.

و عطف عليها ما إذا تحيض في كلّ شهر أزيد من مرّة، و كذا ما إذا تحيض في كلّ شهرين مرّة، و جعل الضابط ما إذا كان الفاصل بين حيضتين أقلّ من ثلاثة أشهر؛

______________________________

(1) التهذيب: 8/ 125 ح 433، الاستبصار: 3/ 329 ح 1170، الوسائل: 22/ 207، كتاب الطلاق، أبواب العدد ب 15 ح 13.

(2) التهذيب: 8/ 125 ح 432، الاستبصار: 3/ 329 ح 1169، الوسائل: 22/ 207، كتاب الطلاق، أبواب العدد ب 15 ح 12.

(3) الوسائل: 22/ 201 210، كتاب الطلاق، أبواب العدد ب 14 و 15.

(4) المقنعة: 532.

(5) التهذيب: 8/ 127 ذح 438.

(6) الحدائق الناضرة: 25/ 405.

تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة - الطلاق، المواريث، ص: 140

[مسألة 12: المراد بالقروء الأطهار]

مسألة 12: المراد بالقروء الأطهار، و يكفي في الطهر الأوّل مسمّاه و لو قليلًا، فلو طلّقها و قد بقيت منه لحظة يحسب ذلك طهراً، فإذا رأت طهرين آخرين تامّين يتخلّل حيضة بينهما

انقضت العدّة، فانقضاؤها برؤية الدم الثالث.

______________________________

لما دلّ من النصوص «1» المستفيضة أو المتواترة على أنّ عدّة المرأة التي لا تحيض ثلاثة أشهر:

كصحيحة الحلبي، عن أبي عبد اللّٰه (عليه السّلام) قال: عدّة المرأة التي لا تحيض و المستحاضة التي لا تطهر ثلاثة أشهر «2».

و إن كانت لا تحيض و هي في سنّ من تحيض كانت عدّتها ثلاثة أشهر، و قد تقدّم البحث عن مثل ذلك باعتبار الابتلاء في زماننا بإخراج الرحم بجهة الكسالة، أو عدم الابتلاء بالحمل أو غيرهما من الجهات في رسالة مستقلّة فراجع إليها «3».

و مثله من كانت لا تحيض ثلاثة أشهر كما في صحيحة الحلبي، فإنّ عدّتها بالشهور لا بالأقراء؛ لأنّ الفاصل بين حيضتين ثلاثة أشهر أو أزيد.

و لا يخفى أنّه لا فرق بين الحيض و النفاس الذي هو كالحيض، و ما في بعض النصوص السابقة «4» من أنّ القرء ما كان بين الحيضتين محمول على الغالب، فالمراد المدّة التي بين الحيضتين، أو بين الحيض و النفاس، فلو طلّقها بعد الوضع قبل أن ترَ دماً ثم رأته لحظة، ثم رأت الطهر عشراً، ثم رأت الحيض ثلاثاً كان ما بينهما طهر.

______________________________

(1) الوسائل: 22/ 183 190، كتاب الطلاق، أبواب العدد ب 4.

(2) الكافي: 6/ 100 ح 8، التهذيب: 8/ 118 ح 407، الاستبصار: 3/ 332 ح 1183، الوسائل: 22/ 186، كتاب الطلاق، أبواب العدد ب 4 ح 7.

(3) في ص 97 119.

(4) في ص 137.

تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة - الطلاق، المواريث، ص: 141

نعم، لو اتّصل آخر صيغة الطلاق بأوّل زمان الحيض صحّ الطلاق، لكن لا بدّ في انقضاء العدّة من أطهار تامّة، فتنقضي برؤية الدم الرابع، كلّ ذلك في الحرّة (1).

[مسألة 13: بناءً علىٰ كفاية مسمّىٰ الطهر في الطهر الأوّل و لو لحظة]

مسألة

13: بناءً علىٰ كفاية مسمّىٰ الطهر في الطهر الأوّل و لو لحظة و إمكان أن تحيض المرأة في شهر واحد أزيد من مرّة فأقل زمان يمكن أن تنقضي عدة الحرّة ستّة و عشرون يوماً و لحظتان، بأن كان طهرها الأول لحظة ثمّ تحيض ثلاثة أيّام، ثمّ ترى أقلّ الطهر عشرة أيّام، ثمّ تحيض ثلاثة أيّام، ثمّ ترى أقلّ الطهر عشرة أيّام، ثمّ تحيض، فبمجرّد رؤية الدم الأخير لحظة من أوّله انقضت العدّة، و هذه اللحظة الأخيرة خارجة عن العدّة، و إنّما يتوقّف عليها تماميّة الطهر الثالث، هذا في الحرة، و أمّا في الأمّة فأقل ما يمكن انقضاء عدّتها لحظتان و ثلاثة عشر يوماً.

______________________________

(1) أمّا كون المراد بالقروء في الآية الشريفة الواردة في الطلاق هي: الأطهار لا الحيض، فقد عرفت «1» دلالة النصّ و الفتوى عليه، و أنّه من امتيازات الشيعة أخذها عن علي (عليه السّلام)، و إن كانت الرواية المكذوبة على علي (عليه السّلام) مشتهرة، لكن من بعده من الأئمّة (عليهم السّلام) و لا سيما أبي جعفر الباقر (عليه السّلام) قد بيّنوا الصحيح من السقيم و الصدق عن الكذب و قد تقدّم ذلك «2»، و أمّا الاكتفاء في الطهر الأوّل بمسمّاه و لو قليلًا، بحيث لو طلّقها و قد بقيت من الطهر لحظة فيحسب ذلك طهراً؛ فلأنّ حقيقة الطهر حاصلة بها فتتحقّق مع الطهرين الآخرين التامّين أطهار ثلاثة، فيصير انقضاء العدّة برؤية الدم الثالث؛ و لأنّه لو لم يحصل بها فاللّازم أن يقال بحصولها بتمام مدّة الطهر أو بأكثرها، و الأوّل غير ممكن مع اعتبار حصول الطلاق في طهر

______________________________

(1) في ص 136 139.

(2) في ص 136 139.

تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة - الطلاق،

المواريث، ص: 142

[مسألة 14: عدّة المتعة في الحامل وضع حملها، و في الحائل إذا كانت تحيض قرءان]

مسألة 14: عدّة المتعة في الحامل وضع حملها، و في الحائل إذا كانت تحيض قرءان، و المراد بهما هنا حيضتان على الأقوى، و إن كانت لا تحيض و هي في سنّ من تحيض فخمسة و أربعون يوماً، و المراد من الحيضتين الكاملتان، فلو وهبت مدّتها أو انقضت في أثناء الحيض لم تحسب بقية تلك الحيضة من الحيضتين (1).

______________________________

غير المواقعة، و دعوى شروع العدّة من الطهر اللّاحق مدفوعة جدّاً، و الثاني لا دليل عليه أصلًا، فيتعيّن الاكتفاء في الطهر الأوّل باللحظة، و من المعلوم افتراقه من الطهر الأخير المتوقف كماله على رؤية الدم الثالث.

نعم، لو اتّصل آخر صيغة الطلاق بأوّل زمان الحيض فالطلاق صحيح؛ لعدم وقوعه إلّا في حال الطهر غير المواقعة، لكن انقضاء العدّة يتوقف على رؤية الدم الرابع؛ و ذلك لأنّ المفروض عدم ثبوت الطهر بعد الطلاق و لو لحظة، و كذا المفروض لزوم تحقّق أطهار ثلاثة، و هي لا تتحقّق إلّا بذلك، كل ذلك بالإضافة إلى الحرّة، و أمّا في الأمة ففيها كلام مستقلّ لم يعدّ المتن و لا الشرح للبحث عن أحكام العبيد و الإماء، كما نبهنا عليه في بعض المواضع، فاللّازم الرجوع إلى الكتب المفصّلة كالجواهر و غيرها؛ لأنّ البحث عن غيرهما قد يرتبط بالبحث عنهما كما لا يخفىٰ.

(1) قد تقدّم البحث عن عدّة المتعة في صورة انقضاء مدّتها أو هبتها في البحث عن النكاح المنقطع مفصّلًا فراجع «1»، و الفارق بين النكاح الدائم حيث إنّ العدّة فيه ثلاثة أطهار بعد الطلاق أو الانفساخ و بين النكاح المنقطع حيث إنّ العدّة فيه حيضتان كاملتان، مع أنّه يبدو في النظر أنّه لا فارق بينهما في هذه الجهة المرتبطة

بالدخول و عدم اليأس، و لا فرق بين النكاحين من هذه الحيثية لا يكون إلّا

______________________________

(1) تفصيل الشريعة/ كتاب النكاح: فصل في النكاح المنقطع.

تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة - الطلاق، المواريث، ص: 143

[مسألة 15: المدار في الشهور هو الهلالي، فإن وقع الطلاق في أوّل رؤية الهلال فلا إشكال]

مسألة 15: المدار في الشهور هو الهلالي، فإن وقع الطلاق في أوّل رؤية الهلال فلا إشكال، و إن وقع في أثناء الشهر ففيه خلاف و إشكال، و لعلّ الأقوى في النظر جعل الشهرين الوسطين هلاليين و إكمال الأوّل من الرابع بمقدار ما فات منه (1).

______________________________

النصّ؛ كالفرق بين الحرّة و الأمة، و لعلّ السرّ في أطولية العدّة في النكاح الدائم أنّها مترتبة نوعاً على الطلاق الذي يبغضه الشارع و يكرهه و يريد أن لا يقع، بخلاف العدّة في النكاح المنقطع، الذي يريد الشارع بالإضافة إليه التسهيل و التوسعة؛ لئلا يقعوا في الزنا، و العمدة هي النص، كما ذكرنا.

(1) لانصراف الشهر في عرف الشرع بل العرف العام إلى الهلالي، بل لم يستعمل الشهر في الكتاب و السنّة إلّا في الهلالي، نعم ربما يقال: بأنّ المراد بالسنة في باب الخمس هي السنة الشمسية؛ لاختلاف الفصول في حصول الربح نوعاً، فمضي السنة لا ينطبق إلّا على مجموع السنة المشتمل على جميع الفصول الأربعة.

و أمّا في غير باب الخمس فالمراد هو الشهر الهلالي؛ لما ذكر، و لرواية أبي مريم، عن أبي عبد اللّٰه (عليه السّلام) في الرجل كيف يطلّق امرأته و هي تحيض في كلّ ثلاثة أشهر حيضة واحدة؟ قال: يطلّقها تطليقة واحدة في غرّة الشهر، فإذا انقضت ثلاثة أشهر من يوم طلّقها، فقد بانت منه و هو خاطب من الخطّاب «1».

و حينئذٍ إن وقع الطلاق في أوّل رؤية الهلال كما هو المفروض في الرواية

فلا إشكال، و إن وقع في أثناء الشهر ففيه خلاف و إشكال.

و قد ذكر المحقّق في الشرائع: و لو طلّقت في أثنائه اعتدّت بهلالين، و أخذت من

______________________________

(1) التهذيب: 8/ 120 ح 414، الاستبصار: 3/ 324 ح 1152، الوسائل: 22/ 200، كتاب الطلاق، أبواب العدد ب 13 ح 3.

تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة - الطلاق، المواريث، ص: 144

[مسألة 16: لو اختلفا في انقضاء العدّة و عدمه قدّم قولها بيمينها]

مسألة 16: لو اختلفا في انقضاء العدّة و عدمه قدّم قولها بيمينها، سواء ادّعت الانقضاء أو عدمه، و سواء كانت عدّتها بالأقراء أو الأشهر (1).

______________________________

الثالث بقدر الفائت من الشهر الأوّل، و قيل: تكملة ثلاثين و هو الأشبه «1». هذا، و لكنّ الظاهر هو القول الأوّل، لتحقّق شهرين هلاليين، و التكميل من الشهر الآخر بقدر الفائت من الشهر الأوّل، فلا وجه لتكميل ثلاثين، كما أنّه لا وجه للقول باعتبار العددي في الجميع، بعد كون الشهر قد يكون تسعة و عشرين و قد يكون ثلاثين.

(1) الوجه في تقدّم قولها بيمينها و لو كان مخالفاً للأصل، كما إذا ادّعت الانقضاء مع كون مقتضى الأصل العدم، ما مرّ «2» من الروايتين الدالّتين على أنّ أمر العدّة بيد النساء، و قد فوّض اللّٰه أمرها إليهنّ، و مقتضى إطلاقهما عدم الفرق بين الموارد المختلفة المذكورة في المتن.

______________________________

(1) شرائع الإسلام: 3/ 36.

(2) في ص 133.

تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة - الطلاق، المواريث، ص: 145

عدّة الوفاة

[القول في عدّة الوفاة]

اشارة

القول في عدّة الوفاة

[مسألة 1: عدّة المتوفى عنها زوجها أربعة أشهر و عشرة أيّام إذا كانت حائلًا]

مسألة 1: عدّة المتوفى عنها زوجها أربعة أشهر و عشرة أيّام إذا كانت حائلًا، صغيرة كانت أو كبيرة، يائسة كانت أو غيرها، مدخولًا بها كانت أم لا، دائمة كانت أو منقطعة، من ذوات الأقراء كانت أو لا. و إن كانت حاملًا فأبعد الأجلين من وضع الحمل و المدّة المزبورة (1).

______________________________

(1) الأصل في هذه المسألة قوله تعالىٰ وَ الَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَ يَذَرُونَ أَزْوٰاجاً يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَ عَشْراً «1» و لا ينافيه قوله تعالىٰ وَ الَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَ يَذَرُونَ أَزْوٰاجاً وَصِيَّةً لِأَزْوٰاجِهِمْ مَتٰاعاً إِلَى الْحَوْلِ «1» بناءً على أنّ المراد منها الاعتداد بالسنة؛ لأنّها حينئذٍ منسوخة بالأُولى، و مقتضى إطلاقه عدم الفرق بين الموارد المذكورة حتى بالنسبة إلى الزوجة غير المدخول بها، التي لا عدّة لها في الطلاق، كما أنّه لا فرق بين أن يكون الزوج كبيراً أو صغيراً، و كذلك

______________________________

(1) سورة البقرة: 2/ 234.

(1) سورة البقرة: 2/ 240.

تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة - الطلاق، المواريث، ص: 146

..........

______________________________

لا فرق بين أن يكون الزوج حرّا أو عبداً. نعم، في رواية عدمها على غير المدخول بها كصورة الطلاق، و هي:

رواية محمد بن عمر السّاباطي قال: سألت الرضا (عليه السّلام) عن رجل تزوّج امرأة، فطلّقها قبل أن يدخل بها؟ قال: لا عدّة عليها. و سألته عن المتوفى عنها زوجها من قبل أن يدخل بها؟ قال: لا عدّة عليها، و هما سواء «1».

لكن في الجواهر إنّها من الشواذ المطروحة؛ لمنافاتها إطلاق الكتاب و السنّة «2» و إجماع المسلمين، مضافاً إلى ظهور الفرق بين عدّة الطلاق و عدّة الوفاة، التي هي في الحقيقة لإظهار الحزن و التفجع على الزوج و الاحترام

لفراشه؛ و لذلك اعتبرت بالأشهر، و أمر فيها بالحداد، بخلاف عدّة الطلاق المعتبر فيها الأقراء أوّلًا و بالذات «3». هذا كلّه بالإضافة إلى الحائل.

و أمّا الحامل فعدّتها أبعد الأجلين من وضع الحمل و المدّة المزبورة، و يدلّ عليه مضافاً إلى نفي وجدان الخلاف فيه عند أصحابنا الإماميّة «4» وجود روايات كثيرة دالّة عليه، مثل:

صحيحة الحلبي، عن أبي عبد اللّٰه (عليه السّلام) أنّه قال: في الحامل المتوفّى عنها زوجها تنقضي عدّتها آخر الأجلين «5».

و المراد بالأجلين وضع الحمل و المدّة المزبورة.

______________________________

(1) التهذيب: 8/ 144 ح 497، الاستبصار: 3/ 339 ح 1210، الوسائل: 22/ 248، كتاب الطلاق، أبواب العدد ب 35 ح 4.

(2) الوسائل: 22/ 235/ 239، كتاب الطلاق، أبواب العدد ب 30.

(3) جواهر الكلام: 32/ 274.

(4) مسالك الافهام: 9/ 274، جواهر الكلام: 32/ 275.

(5) الكافي: 6/ 114 ح 2، التهذيب: 8/ 150 ح 519، الوسائل: 22/ 239، كتاب الطلاق، أبواب العدد ب 31 ح 1.

تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة - الطلاق، المواريث، ص: 147

..........

______________________________

و موثّقة سماعة قال: قال: المتوفّى عنها زوجها الحامل، أجلها آخر الأجلين إن كانت حبلى، فتمّت لها أربعة أشهر و عشر و لم تضع، فإنّ عدّتها إلى أن تضع، و إن كانت تضع حملها قبل أن يتمّ لها أربعة أشهر و عشر، تعتدّ بعد ما تضع تمام أربعة أشهر و عشر، و ذلك أبعد الأجلين «1».

و رواية محمد بن قيس، عن أبي جعفر (عليه السّلام) قال: قضى أمير المؤمنين (عليه السّلام) في امرأة توفّي زوجها و هي حبلى، فولدت قبل أن تنقضي أربعة أشهر و عشر فتزوّجت، فقضى أن يخلّي عنها ثم لا يخطبها حتى ينقضي آخر الأجلين، فإن شاء أولياء

المرأة أنكحوها و إن شاءوا أمسكوها، فإنْ أمسكوها ردّوا عليه ماله «2».

إلى غير ذلك من الروايات «3» الواردة في هذا المجال.

و ربما يقال: بأنّ لزوم الاعتداد بأبعد الأجلين هو مقتضى الجمع بين الآيتين «4»: الآية الواردة في الأحمال، و الآية الواردة في عدّة الوفاة بعد عدم لزوم الاعتداد مكرّراً، بل تتداخل العدّتان، فإنّ امتثالهما حينئذٍ يحصل بالاعتداد بأبعد الأجلين، و يرد عليه:

أوّلًا: أنّ آية الأحمال واردة في المطلّقات، و لا إطلاق لها يشمل عدّة الوفاة.

و ثانياً: لا دليل على عدم التداخل حينئذٍ، و قد مرّ «5» نظيره سابقاً، فالعمدة هي الروايات الواردة في المقام، التي تقدّم بعضها.

______________________________

(1) الكافي: 6/ 113 ح 1، التهذيب: 8/ 150 ح 518، الوسائل: 22/ 240، كتاب الطلاق، أبواب العدد ب 31 ح 2.

(2) الكافي: 6/ 114 ح 4، الوسائل: 22/ 240، كتاب الطلاق، أبواب العدد ب 31 ح 3.

(3) الوسائل: 22/ 239 241، كتاب الطلاق، أبواب العدد ب 31.

(4) سورة البقرة: 2/ 234، سورة الطلاق: 65/ 4.

(5) في ص 129 131.

تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة - الطلاق، المواريث، ص: 148

[مسألة 2: المراد بالأشهر هي الهلالية]

مسألة 2: المراد بالأشهر هي الهلالية، فإن مات عند رؤية الهلال اعتدّت بأربعة أشهر و ضمّت إليها من الخامس عشرة أيام، و إن مات في أثناء الشهر فالأظهر أنّها تجعل ثلاثة أشهر هلاليات في الوسط، و أكملت الأوّل بمقدار ما مضى منه من الشهر الخامس حتى تصير مع التلفيق أربعة أشهر و عشرة أيام (1).

______________________________

(1) قد عرفت «1» أنّ المراد بالأشهر في عرف الشارع بل في العرف العام هي: الأشهر الهلاليّة. فلو مات عند رؤية الهلال من شهر اعتدّت بأربعة أشهر، و ضمّت إليها من الخامس عشرة أيام،

و تبين كما في الشرائع بغروب الشمس من اليوم العاشر؛ لأنّه نهاية اليوم «2». للإجماع «3» على أنّ المراد بالعشر عشر ليال مع عشرة أيام، خلافاً للأوزاعي «4» فأبانها بطلوع فجر العاشر لتذكير العدد في الآية، المقتضي للتأنيث في تمييزه فيكون ليالي. لكن في الجواهر أنّ المحكيّ عن بعض أهل العربيّة أنّ ذلك مع ذكر التمييز، أمّا مع عدمه كما في الآية فلا يدلّ على ذلك، و يجوز تناوله للمذكر و المؤنث، بل قد يقال: كما فيها، أنّ كونه مؤنثاً لا ينافي إرادة عشر ليال بأيّامها «5».

و إن مات في أثناء الشهر، فإن كان الباقي أقلّ من عشرة أيّام كما إذا بقي من الشهر ثلاث تحسب أربعاً هلالية أيضاً، و تكمل باقي العشر من الشهر السادس، و إن كان الباقي أكثر جاء البحث السابق الذي مقتضاه هنا جعل ثلاثة أشهر هلاليات في الوسط، و إكمال الأوّل بمقدار ما مضى منه من الشهر الخامس

______________________________

(1) في ص 143.

(2) شرائع الإسلام: 3/ 38.

(3) مسالك الافهام: 9/ 273.

(4) المغني لابن قدامة: 9/ 107، الشرح الكبير: 9/ 90، المغني المحتاج: 3/ 395، الخلاف: 5/ 67.

(5) جواهر الكلام: 32/ 275.

تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة - الطلاق، المواريث، ص: 149

[مسألة 3: لو طلّقها ثم مات قبل انقضاء العدّة]

مسألة 3: لو طلّقها ثم مات قبل انقضاء العدّة، فإن كان رجعيّاً بطلت عدّة الطلاق، و اعتدّت من حين موته عدّة الوفاة، إلّا في المسترابة بالحمل فإنّ فيها محل تأمّل، فالأحوط لها الاعتداد بأبعد الأجلين من عدّة الوفاة و وظيفة المسترابة، فإذا مات الزوج بعد الطلاق بشهر مثلًا تعتدّ عدّة الوفاة، و تتم عدّة المسترابة إلى رفع الريبة و ظهور التكليف، و لو مات بعد سبعة أشهر اعتدت بأبعدهما

من اتضاح الحال و عدّة الوفاة، و لو كانت المرأة حاملًا اعتدت بأبعد الأجلين منها و من وضع الحمل كغير المطلّقة. و إن كان بائناً اقتصرت على إتمام عدّة الطلاق و لا عدّة لها بسبب الوفاة (1).

______________________________

حتّى تصير مع التّلفيق أربعة أشهر و عشرة أيام.

هذا، و ربما يمكن أن يتوهم هنا أنّ ذكر العشر قرينة على أنّ الشهر قد حسب ثلاثين، بخلاف ما مرّ من الشهور في عدّة الطلاق، فإنّ خلوّه عن مثل العشر قرينة على إرادة عرف الشرع من الشهر الهلالي، و لكن قرينية ذكر العشر على ذلك ممنوعة، بل العرف المذكور بحاله، فلا اختلاف بين المقامين من هذه الجهة، فكما أنّ المراد بالشهر هناك الهلالي، و في صورة الانكسار يتوقف التلفيق على ما ذكر، كذلك المراد بالشهر هنا أيضاً ذلك، و التلفيق متحقّق بما ذكرنا، فتدبّر جيّداً.

(1) لو طلّقها ثمّ مات قبل انقضاء العدّة، فتارةً يكون الطلاق رجعيا، و أُخرى يكون بائناً، فهنا مقامان:

المقام الأوّل: فيما إذا كان الطلاق رجعيّاً، فقد لا تكون المرأة حاملًا و لا مسترابة بالحمل، بل هي حائل غير مسترابة، و قد تكون حاملًا، و قد تكون مسترابة.

أمّا الصورة الأُولى: فالظاهر بطلان عدّة الطلاق، و لزوم الاعتداد من حين

تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة - الطلاق، المواريث، ص: 150

..........

______________________________

الموت عدّة الوفاة، و يدلُّ عليه الروايات الكثيرة، مثل:

رواية هشام بن سالم، عن أبي عبد اللّٰه (عليه السّلام): في رجل كانت تحته امرأة فطلّقها، ثم مات قبل أن تنقضي عدّتها، قال: تعتدّ أبعد الأجلين عدّة المتوفى عنها زوجها «1».

و مرسلة جميل بن درّاج، عن أحدهما (عليهما السّلام): في رجل طلّق امرأته طلاقاً يملك فيه الرجعة ثم مات عنها، قال:

تعتدّ بأبعد الأجلين أربعة أشهر و عشراً «2».

و رواية محمد بن قيس، عن أبي جعفر (عليه السّلام) قال: سمعته يقول: أيّما امرأة طلّقت، ثم توفّي عنها زوجها قبل أن تنقضي عدّتها و لم تحرم عليه فإنّها ترثه، ثم تعتدّ عدّة المتوفّى عنها زوجها، و إن توفّيت و هي في عدّتها و لم تحرم عليه فإنّه يرثها «3».

و رواية سماعة قال: سألته عن رجل طلّق امرأته، ثم إنّه مات قبل أن تنقضي عدّتها؟ قال: تعتدّ عدّة المتوفّى عنها زوجها و لها الميراث «4».

و رواية محمد بن مسلم قال: سألت أبا جعفر (عليه السّلام) عن رجل طلّق امرأته تطليقةً على طهر، ثمّ توفّي عنها و هي في عدّتها؟ قال: ترثه، ثم تعتدّ عدّة المتوفى عنها زوجها، و إن ماتت قبل انقضاء العدّة منه ورثها و ورثته «5».

إلى غير ذلك من الروايات الواردة، مضافاً إلى أنّ المعتدّة الرجعية بحكم

______________________________

(1) الكافي: 6/ 121 ح 5، التهذيب: 8/ 149 ح 516، الاستبصار: 3/ 343 ح 1224، الوسائل: 22/ 249، كتاب الطلاق، أبواب العدد ب 36 ح 1.

(2) الكافي: 6/ 120 ح 1، الوسائل: 22/ 250، كتاب الطلاق، أبواب العدد ب 36 ح 5.

(3) الكافي: 6/ 121 ح 6، التهذيب: 8/ 149 ح 517، الاستبصار: 3/ 343 ح 1225، الوسائل: 22/ 250، كتاب الطلاق، أبواب العدد ب 36 ح 3.

(4) الفقيه: 3/ 353 ح 1691، الوسائل: 22/ 251، كتاب الطلاق، أبواب العدد ب 36 ح 9.

(5) التهذيب: 8/ 81 ح 195، الوسائل: 26/ 224، أبواب ميراث الأزواج ب 13 ح 5.

تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة - الطلاق، المواريث، ص: 151

..........

______________________________

الزوجة، فتشملها الآية «1» الواردة في عدّة الوفاة، و

كذا آية الإرث «2» و غيرها.

أمّا الصورة الثانية: و هي ما لو كانت المعتدّة الرجعية حاملًا، فإنّ عدّتها هي العدّة في الحامل المتوفّى عنها زوجها غير المطلّقة من أبعد الأجلين و من المدّة المزبورة؛ لاقتضاء كونها زوجة ذلك، و قد تقدّم «3» البحث في عدّة الحامل المتوفّى عنها زوجها في غير صورة الطلاق.

أمّا الصورة الثالثة: و هي ما لو كانت المعتدّة الرجعية مسترابة بالحمل، ففي الجواهر: أنّ في الاجتزاء فيها بعدّة الوفاة أي الأربعة أشهر و عشراً، أو مع المدّة التي يظهر فيها عدم الحمل، أو وجوب إكمال العدّة المطلّقة بثلاثة أشهر بعد التسعة أو السنة، أو وجوب أربعة أشهر و عشراً بعدها أوجهاً: أقواها الأوّل؛ لاندراجها في عنوان الزوجة، فتشملها الأدلّة العامة الواردة في المتوفّى عنها زوجها، و بطلان حكم الطلاق بالنسبة إلى ذلك، قال: و لا ينافيه وصفها بأبعد الأجلين المنزل على الغالب، فلا يعارض إطلاق غيره من النصوص المتروك فيه الوصف المزبور، فيكتفي بها حينئذٍ ما لم يظهر الحمل لأصل العدم، و إلّا اعتدت بأبعد الأجلين من وضعه، و من الأربعة أشهر و عشر كالحامل غير المطلّقة «4».

و قد احتاط وجوباً بالاعتداد بأبعد الأجلين من عدّة الوفاة. و وظيفة المسترابة، فإذا مات الزوج بعد الطلاق بشهر مثلًا تعتدّ عدّة الوفاة، و تتم عدّة المسترابة إلى رفع الريبة و ظهور التكليف، و لو مات بعد سبعة أشهر اعتدّت

______________________________

(1) سورة البقرة: 2/ 234.

(2) سورة النساء: 4/ 7، 11، 12.

(3) في ص 146 147.

(4) جواهر الكلام: 32/ 261.

تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة - الطلاق، المواريث، ص: 152

..........

______________________________

بأبعدهما من اتضاح الحال و عدّة الوفاة.

و اللّازم ملاحظة الخبرين الواردين في المسترابة فنقول:

أحدهما: خبر عمّار

السّاباطي قال: سئل أبو عبد اللّٰه (عليه السّلام): عن الرجل عنده امرأة شابة، و هي تحيض في كلّ شهرين، أو ثلاثة أشهر حيضةً واحدةً، كيف يطلّقها زوجها؟ فقال: أمر هذه شديد، هذه تطلّق طلاق السنّة تطليقةً واحدةً على طهر من غير جماع بشهود، ثم تترك حتى تحيض ثلاث حيض، متى حاضتها فقد انقضت عدّتها، قلت له: فإن مضت سنة و لم تحض فيها ثلاث حيض؟ فقال: يتربّص بها بعد السنة ثلاثة أشهر، ثمّ قد انقضت عدّتها، قلت: فإن ماتت أو مات زوجها؟ قال: أيّهما مات ورث صاحبه ما بينه و بين خمسة عشر شهراً «2».

ثانيهما: خبر سورة بن كليب قال: سئل أبو عبد اللّٰه (عليه السّلام) عن رجل طلّق امرأته تطليقةً واحدةً على طهر من غير جماع بشهود طلاق السنّة، و هي ممّن تحيض، فمضىٰ ثلاثة أشهر فلم تحض إلّا حيضة واحدة، ثم ارتفعت حيضتها حتى مضى ثلاثة أشهر أُخرى، و لم تدر ما رفع حيضتها، فقال: إن كانت شابة مستقيمة الطمث، فلم تطمث في ثلاثة أشهر إلّا حيضة، ثمّ ارتفع طمثها، فلا تدري ما رفعها، فإنّها تتربّص تسعة أشهر من يوم طلّقها، ثم تعتدّ بعد ذلك ثلاثة أشهر، ثم تتزوّج إن شاءت «1».

و ذكر صاحب الجواهر: أنّ الأوّل معرض عنه، و هما غير شاملين للفرض

______________________________

(2) التهذيب: 8/ 119 ح 410، الاستبصار: 3/ 322 ح 1148، الوسائل: 22/ 199، كتاب الطلاق، أبواب العدد ب 13 ح 1.

(1) التهذيب: 8/ 119 ح 411، الاستبصار: 3/ 322 ح 1149، الوسائل: 22/ 199، كتاب الطلاق، أبواب العدد ب 13 ح 2.

تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة - الطلاق، المواريث، ص: 153

[مسألة 4: يجب على المرأة في وفاة زوجها الحداد ما دامت في العدّة]

مسألة 4: يجب على المرأة

في وفاة زوجها الحداد ما دامت في العدّة، و المراد به: ترك الزّينة في البدن بمثل التكحيل و التطيب و الخضاب و تحمير الوجه و الخطاط و نحوها، و في اللباس بلبس الأحمر و الأصفر و الحلّي و نحوها. و بالجملة ترك كلّ ما يعدّ زينةً تتزيّن به للزوج، و في الأوقات المناسبة له في العادة كالأعياد و الأعراس و نحوهما، و يختلف ذلك بحسب الأشخاص و الأزمان و البلاد، فيلاحظ في كلّ بلد ما هو المعتاد و المتعارف فيه للتزيين. نعم، لا بأس بتنظيف البدن و اللباس، و تسريح الشعر، و تقليم الأظفار، و دخول الحمّام، و الافتراش بالفراش الفاخر، و السكنى في المساكن المزيّنة، و تزيين أولادها و خدمها (1).

______________________________

قطعاً «1»، هذا و مقتضى الاحتياط ما أفاده في المتن ممّا تقدّم.

المقام الثاني: فيما إذا كان الطلاق بائناً، و قد نفى وجدان الخلاف فيه «2» في لزوم الاقتصار على إتمام عدّة الطلاق، و ذلك لأنّها أجنبية و لا بد من انقضاء العدّة، ثمّ يكون الزوج خاطباً من الخطّاب بدون المحلّل أو معه كما لا يخفى. لكن في مرسلة علي بن إبراهيم المضمرة بل عن غير الإمام (عليه السّلام) في المطلّقة البائنة إذا توفّي عنها زوجها و هي في عدّتها قال: تعتدّ بأبعد الأجلين «3».

و ذكر صاحب الوسائل عقيب نقل الرواية: هذا يحتمل الحمل على الاستحباب، و يحتمل أن تكون البائنة مستعملة بالمعنى اللغوي، و يكون مخصوصاً بالرجعي.

(1) أمّا أصل وجوب الحداد و لزومه على المرأة في عدّة وفاة زوجها ما دامت في العدّة، فيدلّ عليه مضافاً إلى أنّه لا خلاف فيه روايات متعدّدة واردة في بيان

______________________________

(1) جواهر الكلام: 32/ 262.

(2) جواهر الكلام: 32/

262.

(3) الكافي: 6/ 120 ح 2، الوسائل: 22/ 250، كتاب الطلاق، أبواب العدد ب 36 ح 6.

تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة - الطلاق، المواريث، ص: 154

..........

______________________________

وجوبه أو كيفيته، مثل:

رواية زرارة، عن أبي عبد اللّٰه (عليه السّلام) قال: المتوفى عنها زوجها ليس لها أن تطيّب و لا تزيّن حتى تنقضي عدّتها أربعة أشهر و عشرة أيام «1».

و رواية ابن أبي يعفور، عن أبي عبد اللّٰه (عليه السّلام) قال: سألته عن المتوفّى عنها زوجها؟ قال: لا تكتحل للزينة، و لا تطيب، و لا تلبس ثوباً مصبوغاً، و لا تبيت عن بيتها، و تقضي الحقوق، و تمتشط بغسلة، و تحجّ، و إن كان في عدّتها «2».

و مرسلة أبي يحيى الواسطي، عن أبي عبد اللّٰه (عليه السّلام) قال: يحدّ الحميم على حميمه ثلاثاً، و المرأة على زوجها أربعة أشهر و عشراً «3».

و قيام الدليل على عدم ثبوت الوجوب في الأول لا يستلزم عدم الوجوب في الثاني كما لا يخفى. إلى غير ذلك من الروايات «4».

و الحداد من الحدّ بمعنى المنع من حدّت المرأة تحدّ حدّا أي منعت نفسها من التزيين فهي حادّة، و قد وقع التعبير بهذا العنوان في بعض الروايات المتقدّمة كمرسلة الواسطي و جملة من الروايات الأُخر، و المراد منه ترك كلّ ما يعدّ زينة و أُريد به التزيّن للزوج، سواء كان مرتبطاً بالبدن كالاكتحال لا للمداواة، بل للتزيين و التطيّب و الخضاب و تحمير الوجه، أو التصرّف في شعر الرأس بإيجاد لون خاص فيه لما ذكر أو إيجاد شكل خاص فيه كذلك، أو مرتبطاً باللباس كالألبسة الخاصة المعدّة للتزيين، أو اللبس في أوقات مخصوصة مناسبة له كالأعياد

______________________________

(1) الكافي: 6/ 117 ح 12، الوسائل:

22/ 234، كتاب الطلاق، أبواب العدد ب 29 ح 4.

(2) الكافي: 6/ 116 ح 4، التهذيب: 8/ 159 ح 551، الوسائل: 22/ 233، كتاب الطلاق، أبواب العدد ب 29 ح 2.

(3) التهذيب: 8/ 161 ح 559، الوسائل: 22/ 234، كتاب الطلاق، أبواب العدد ب 29 ح 6.

(4) الوسائل: 22/ 223 235، كتاب الطلاق، أبواب العدد ب 29.

تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة - الطلاق، المواريث، ص: 155

..........

______________________________

و الأعراس و نحوهما، و من المعلوم اختلاف ذلك بحسب الأشخاص من جهة السنّ، و من جهة الغنى و الفقر، و من جهة الشرف و غيره، و بحسب الأزمان و الأمكنة، و لعلّ الاكتحال كان من ذلك في الأزمنة السالفة دون مثل زماننا.

هذا، و أمّا مثل تنظيف البدن و لو بالدلك، و كذا تنظيف اللباس و تسريح الشعر، و دخول الحمّام، و الافتراش بالفراش الفاخر، و السكنى في المساكن المزيّنة، و تزيين الأولاد و الأخدام فلا مانع منه؛ لعدم كون الغرض من ذلك التزيين، فإنّ من دخل الحمام لتنظيف البدن و كذا من غسل ثوبه الوسخ، لا يكون عمله مصداقاً للتزيين، و على ما ذكرنا فالعناوين المذكورة في جملة من الروايات لا خصوصية فيها، بل المناط مجرد التزيين بها و صدقه عادة المختلف بحسب ما ذكر. نعم في جواز المبيت في غير بيتها كلام يأتي.

نعم في موثقة عمّار الساباطي، عن أبي عبد اللّٰه (عليه السّلام) أنّه سأله عن المرأة يموت عنها زوجها، هل يحلّ لها أن تخرج من منزلها في عدّتها؟ قال: نعم و تختضب و تكتحل و تمتشط و تصبغ و تلبس المصبغ، و تصنع ما شاءت بغير زينة لزوج «1».

و في الجواهر «لغير ريبة من زوج»

.. بل في الوافي قد مضى حديث آخر «2» بهذا الإسناد فيما تفعل المطلّقة في عدّتها، و كان مضمونه قريباً من مضمون هذا الحديث إلّا ما تضمن صدره، و يشبه أن يكون الحديثان واحداً، و إنّما ورد في المتوفّى عنها زوجها و المطلّقة جميعاً و قد سقط منه شي ء «3»، و يمكن حملها على إرادة جواز فعل ذلك للضرورة، بل ربّما كان في قوله (عليه السّلام): «لغير ريبة من زوج» إشعار بذلك على أنّ

______________________________

(1) الفقيه: 3/ 328 ح 1591، الوسائل: 22/ 234، كتاب الطلاق، أبواب العدد ب 29 ح 7.

(2) أي في الوافي: 23/ 1206 ح 13.

(3) الوافي: 23/ 1220 ح 18 و ذيله.

تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة - الطلاق، المواريث، ص: 156

[مسألة 5: الأقوى أنّ الحداد ليس شرطاً في صحّة العدّة]

مسألة 5: الأقوى أنّ الحداد ليس شرطاً في صحّة العدّة، بل هو تكليف مستقل في زمانها، فلو تركته عصياناً أو جهلًا أو نسياناً في تمام المدّة أو بعضها، لم يجب عليها استئنافها و تدارك مقدار ما اعتدّت بدونه (1).

______________________________

التدهن و الامتشاط ليس مطلقهما من الزينة «1».

أقول: إنّ عنوان الزوج بهذه الصورة المذكورة لا ينطبق على المعتدّة بعد فرض كونها في العدّة، و يحرم النكاح فيها قطعاً، فاللّازم أن يكون المراد هو الزوج التقديري، و عليه فالراجح في النظر أن يكون الصادر ما في الجواهر لا ما في الوسائل. فتدبّر و الأمر سهل.

(1) المشهور «2» على ما حكاه غير واحد أنّ الحداد واجب تعبّدي، و تكليف مستقلّ لا شرطي لتحقّق الاعتداد، فلو أخلّت به عالمةً عامدةً و عصياناً لم يبطل الاعتداد، و لا منافاة بين المعصية و انقضاء العدّة، بل لو فرض النكاح في العدّة لا يوجب عدم الانقضاء، فيجوز

التزويج بالثالث بعده، و حكي عن أبي الصلاح و بعض آخر «3» إبطال العدّة بالإخلال به مطلقاً أو حال العمد خاصة على اختلاف النقلين؛ لعدم حصول الامتثال فيجب الاستئناف. و ردّ بأنّه لا دليل على شرطيته بل ظاهر الأدلّة خلافه.

و في الجواهر: و لكن الإنصاف عدم خلوّه عن الوجه، خصوصاً مع ملاحظة

______________________________

(1) جواهر الكلام: 32/ 278.

(2) مسالك الافهام: 9/ 279، نهاية المرام: 2/ 101، الحدائق الناضرة: 25/ 478، رياض المسائل: 7/ 379 380، جواهر الكلام: 32/ 283.

(3) نقل ذلك عن أبي الصلاح و السيد الفاخر شارح الرسالة في مسالك الافهام: 9/ 279 و نهاية المرام: 2/ 102، و لكن لم نعثر عليهما.

تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة - الطلاق، المواريث، ص: 157

[مسألة 6: لا فرق في وجوب الحداد بين المسلمة و الذمّية]

مسألة 6: لا فرق في وجوب الحداد بين المسلمة و الذمّية، كما لا فرق على الظاهر بين الدائمة و المنقطعة، نعم لا يبعد عدم وجوبه على من قصرت مدة تمتعها كيوم أو يومين، و هل يجب على الصغيرة و المجنونة أم لا؟ قولان أشهرهما الوجوب بمعنى وجوبه على وليّهما، فيجنبهما عن التزيين ما دامتا في العدّة، و فيه تأمّل و إن كان أحوط (1).

______________________________

الاحتياط و قاعدة وجوب الشي ء في الشي ء و النصوص «1» المتكثرة التي ستسمع جملة منها في تعليل وجوب الاعتداد عليها عند بلوغ الخبر، بخلاف المطلّقة بوجوب الحداد عليها أي في عدّتها بخلافها، بل قال أبو جعفر (عليه السّلام) في خبر زرارة منها: إن مات عنها يعني: و هو غائب فقامت البيّنة على موته، فعدّتها من يوم يأتيها الخبر أربعة أشهر و عشراً؛ لأنّ عليها أن تحدّ عليه في الموت أربعة أشهر و عشراً، فتمسك عن الكحل و الطيب

و الإصباغ «2». لا أقل من الشك في انقضاء العدّة بدونه، فتأمّل جيّداً «3».

و أنت خبير بعدم دلالة شي ء ممّا ذكر علىٰ الوجوب الشرطي، بل مقتضىٰ القاعدة مع عدم الدليل عليه عدم الاشتراط؛ لأنّه أمر ثالث يحتاج إليه.

(1) لا فرق في وجوب الحداد بين الزوجة المسلمة و الكافرة الذمّية، و قد صرّح بذلك غير واحد «4»، و الدليل عليه إطلاق الأدلّة، كما أنّه لا فرق بين الدائمة و المنقطعة.

______________________________

(1) الوسائل: 22/ 228 232، كتاب الطلاق، أبواب العدد ب 28.

(2) الكافي: 6/ 112 ح 6، التهذيب: 8/ 163 ح 566، الاستبصار: 3/ 354 ح 1269، الوسائل: 22/ 233، كتاب الطلاق، أبواب العدد ب 29 ح 1.

(3) جواهر الكلام: 32/ 283.

(4) شرائع الإسلام: 3/ 38، مسالك الافهام: 9/ 278، رياض المسائل: 7/ 379، جواهر الكلام: 32/ 381.

تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة - الطلاق، المواريث، ص: 158

..........

______________________________

نعم، نفى في المتن البعد عن عدم وجوب الحداد على من قصرت تمتعها كيوم أو يومين، و لعلّ السرّ فيه أنّ الحداد قد روعي فيه احترام الزوج و شأنه، فكما أنّها تتربّص أربعة أشهر و عشراً، و لا يجوز لها الإقدام على التزويج حفظاً لمقام الزوج، كذلك تحدّ الزوجة لذلك، و تمنع نفسها عمّا به تتحقّق الزينة، و إن شئت قلت: إنّ المنقطعة و إن كانت زوجة شرعاً، و يجب عليها الاعتداد و لو كانت مدّة التمتّع بها قليلة، إلّا أنّه لا يبعد أن يقال بانصراف أدلّة الحداد عنها؛ لأنّه بملاحظة ما ذكرنا ينحصر بما إذا كانت الزوجة مع الزوج كثيراً، فتراعى في العدّة احترامه، و أمّا مع عدم الكون معه إلّا قصيراً، لا يبقى مجال للزوم الرعاية المذكورة.

و هل

يجب الحداد على الزوجة الصغيرة أو المجنونة أيضاً أم لا؟ قولان أشهرهما الوجوب، و قد صرّح بذلك المحقّق في الشرائع «1». و عن ابن إدريس «2» و العلّامة في المختلف «3» التردّد في ذلك، بل في محكيّ كشف اللثام «4» هو أي: عدم الوجوب هو الأقوى وفاقاً للجامع «5». وجه التردد إطلاق الأدلّة من ناحية، و عدم توجّه التكليف إلى الصغيرة و المجنونة من ناحية أُخرى، و تكليف الولي غير معلوم، و لا إشارة في الأدلّة إليه، و لا مفهوم من أمرها بالحداد، و لكن ذكر في الجواهر قد يقال: لا يخفى على من رزقه اللّٰه فهم اللّسان مساواة الأمر بالحداد للأمر بالاعتداد،

______________________________

(1) شرائع الإسلام: 3/ 38.

(2) السرائر: 2/ 739.

(3) مختلف الشيعة: 7/ 477.

(4) كشف اللثام: 2/ 139.

(5) الجامع للشرائع: 472.

تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة - الطلاق، المواريث، ص: 159

[مسألة 7: يجوز للمعتدّة بعدّة الوفاة أن تخرج من بيتها في زمان عدّتها و التردّد في حوائجها خصوصاً إذا كانت ضرورية]

مسألة 7: يجوز للمعتدّة بعدّة الوفاة أن تخرج من بيتها في زمان عدّتها و التردّد في حوائجها خصوصاً إذا كانت ضرورية، أو كان خروجها لأُمور راجحة كالحج و الزيارة و عيادة المرضى و زيارة أرحامها و لا سيّما والديها، نعم ينبغي بل الأحوط أن لا تبيت إلّا في بيتها، الذي كانت تسكنه في حياة زوجها أو تنتقل منه إليه للاعتداد بأن تخرج بعد الزوال و ترجع عند العشي، أو تخرج بعد نصف الليل و ترجع صباحاً (1).

______________________________

الذي لا خلاف فيه بين المسلمين فضلًا عن المؤمنين في جريانه على الصغيرة على معنى تكليف الوليّ بالتربّص بها، فيجري مثله في الحداد و لا حاجة إلى الإشارة في النصوص إلى خصوص ذلك، ضرورة معلومية توجه التكليف إلى الأولياء في كلّ ما يراد عدم وجوده في الخارج

«1».

قلت: الفرق بين الحداد و الاعتداد: أنّ الغرض المهم من الاعتداد عدم التزويج بالغير، خصوصاً فيما لو احتمل اختلاط المياه كما في المجنونة و الكبيرة و المدخول بها. و أمّا الحداد فليس إلّا مجرّد تكليف، و قد عرفت أنّه تكليف مستقل، و لا يكون شرطاً في العدّة. و من المعلوم انتفاء التكليف عن الصبي حتّى يحتلم و عن المجنون حتى يفيق، و ليست المحرّمات التي يجب على الولي منع الصغير و المجنون عنها في رتبة واحدة، و لو كان الولي واجباً عليه الأمر بالحداد و التجنيب عن التزيين لقد أُشير إليه في تلك الروايات الكثيرة الواردة في الحداد، و مع ذلك يكون مقتضى الاحتياط الاستحبابي الرعاية.

(1) الكلام في هذه المسألة إنّما هو في أمرين:

______________________________

(1) جواهر الكلام: 32/ 381.

تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة - الطلاق، المواريث، ص: 160

..........

______________________________

أحدهما: أنّ المعتدّة بعدّة الوفاة، هل يجوز لها الخروج من بيتها في زمان عدّتها، و التردّد في حوائجها أو لا يجوز لها ذلك؟

فنقول: الظاهر دلالة روايات كثيرة على جواز الخروج من منزلها سيّما في الأُمور الراجحة كالحجّ و الزيارة و نحوهما، مثل:

موثقة ابن بكير قال: سألت أبا عبد اللّٰه (عليه السّلام) عن التي يتوفى عنها زوجها تحجّ؟ قال: نعم، و تخرج و تنتقل من منزل إلى منزل «1».

و رواية عبيد بن زرارة، عن أبي عبد اللّٰه (عليه السّلام) في المتوفى عنها زوجها أ تحجّ و تشهد الحقوق؟ قال: نعم «2».

و مقتضى إطلاق السؤال و ترك الاستفصال في الجواب أنّه لا فرق بين الحجّ الواجب و غيره، كما أنّه لا فرق بين أن تكون الحقوق المشهود بها هي حقوق اللّٰه أو حقوق الناس.

و مكاتبة الصفّار أنّه كتب إلى

أبي محمد الحسن بن علي (عليهما السّلام) في امرأة مات عنها زوجها و هي في عدّة منه، و هي محتاجة لا تجد من ينفق عليها و هي تعمل للناس، هل يجوز لها أن تخرج و تعمل و تبيت عن منزلها في عدّتها؟ قال: فوقّع (عليه السّلام): لا بأس بذلك إن شاء اللّٰه «3».

و غير ذلك ممّا يدلّ عليه من الروايات «4»، فلا إشكال في هذا الأمر.

ثانيهما: أنّ المعتدة المذكورة هل يجوز لها البيتوتة في غير بيتها، الذي كانت

______________________________

(1) قرب الاسناد: 168 ح 617، الوسائل: 22/ 243، كتاب الطلاق، أبواب العدد ب 33 ح 3.

(2) الكافي: 6/ 116 ح 5 و 7، الوسائل: 22/ 244، كتاب الطلاق، أبواب العدد ب 33 ح 4 و 5.

(3) الفقيه: 3/ 328 ح 1590، الوسائل: 22/ 246، كتاب الطلاق، أبواب العدد ب 34 ح 1.

(4) الوسائل: 22/ 243 247، كتاب الطلاق، أبواب العدد ب 33 34.

تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة - الطلاق، المواريث، ص: 161

..........

______________________________

تسكنه في حياة زوجها أو انتقلت إليه للاعتداد؟ الظاهر اختلاف الروايات «1» في ذلك، و المحكي عن الشيخ «2» الجمع بين النصوص بحمل النهي على الكراهة. و عن صاحب الحدائق «3» أنّه استظهر الجمع بينهما بالفرق بين صورة الضرورة و عدمها، مؤيّداً ذلك بمكاتبة الحميري لصاحب الزمان (عليه السّلام) في جواب سؤاله عن المرأة يموت زوجها، هل يجوز لها أن تخرج في جنازته أم لا؟ فوقع: تخرج في جنازته.

و في جواب سؤاله أنّه: هل يجوز لها و هي في عدّتها أن تزور قبر زوجها؟ فوقّع: تزور قبر زوجها و لا تبيت عن بيتها.

و في جواب سؤاله أنّه: هل يجوز لها أن تخرج في

قضاء حقّ يلزمها أم لا تخرج من بيتها و هي في عدّتها؟ فوقّع: إذا كان حقّ خرجت فيه و قضته. و إن كان لها حاجة و لم يكن لها من ينظر فيها خرجت لها حتى تقضيها و لا تبيت إلّا في منزلها «4».

هذا، و لكن ذكر في الجواهر: أنّي لم أجد أحداً من معتبري الأصحاب منعها عن ذلك، بل ظاهرهم أنّه يجوز لها من دون ضرورة، لكن على كراهية، خصوصاً بعد ملاحظة النصوص المستفيضة الدالة على جواز قضاء عدّتها فيما شاءت من المنازل و لو كان شهر في منزل «5».

و في بعض الروايات في جواب السؤال عن أنّها: كيف تصنع إن عرض لها حقّ؟

______________________________

(1) الوسائل: 22/ 233 235 و 243 247، كتاب الطلاق، أبواب العدد ب 29 و 33 و 34.

(2) التهذيب: 8/ 158 161، الاستبصار: 3/ 352 353، و الحاكي هو صاحب الحدائق الناضرة: 25/ 473.

(3) الحدائق الناضرة: 25/ 471 473.

(4) الاحتجاج: 482، الوسائل: 22/ 245، كتاب الطلاق، أبواب العدد ب 33 ح 8.

(5) جواهر الكلام: 32/ 279.

تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة - الطلاق، المواريث، ص: 162

[مسألة 8: لا إشكال في أنّ مبدأ عدّة الطلاق من حين وقوعه]

مسألة 8: لا إشكال في أنّ مبدأ عدّة الطلاق من حين وقوعه حاضراً كان الزوج أو غائباً بلغ الزوجة الخبر أم لا، فلو طلّقها غائباً و لم يبلغها إلّا بعد مضيّ مقدار العدّة فقد انقضت عدّتها، و ليس عليها عدّة بعد بلوغ الخبر، و مثل عدّة الطلاق عدّة الفسخ و الانفساخ على الظاهر، و كذا عدّة وطء الشبهة و إن كان الأحوط الاعتداد من حين ارتفاع الشبهة بل هذا الاحتياط لا يترك، و أمّا عدّة الوفاة فان مات الزوج غائباً فهي من حين بلوغ الخبر

إليها، و لا يبعد عدم اختصاص الحكم بصورة غيبة الزوج، بل يعمّ صورة حضوره إن خفي عليها موته لعلّة، فتعتدّ من حين إخبارها بموته (1).

______________________________

فقال (عليه السّلام): تخرج بعد زوال الليل و ترجع عند المساء. و في بعض النسخ تخرج بعد زوال الشمس «1».

و على ما ذكرنا فمقتضى الاحتياط الاستحبابي أن لا يكون خروجها عن المنزل مستوعباً لجميع الليل، كالمبيت بمنى على المختار من أنّ الواجب فيه النصف من دون فرق بين الأوّل و الآخر، و لا مستوعباً لجميع النهار كما لا يخفى.

(1) هذه المسألة متعرضة للفرق بين عدّة الطلاق و عدّة الوفاة من جهة المبدإ، و أنّ مبدأ عدّة الطلاق فيما إذا كان الزوج حاضراً من حين الطلاق، و قد ادّعى نفي وجدان الخلاف فيه في الجواهر «2»، و كذا إذا كان الزوج غائباً على المشهور بين الأصحاب «3». و يدلّ عليه روايات متعددة، مثل:

______________________________

(1) الكافي: 6/ 117 ح 13، الوسائل: 22/ 244، كتاب الطلاق، أبواب العدد ب 32 ح 7.

(2) جواهر الكلام: 32/ 371.

(3) مسالك الافهام: 9/ 349، جواهر الكلام: 32/ 371.

تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة - الطلاق، المواريث، ص: 163

..........

______________________________

صحيحة محمد بن مسلم قال: قال لي أبو جعفر (عليه السّلام): إذا طلّق الرجل و هو غائب فليشهد على ذلك، فإذا مضى ثلاثة أقراء من ذلك اليوم فقد انقضت عدّتها «1».

و صحيحة الحلبي، عن أبي عبد اللّٰه (عليه السّلام) قال: سألته عن الرجل يطلق امرأته و هو غائب عنها من أيّ يوم تعتدّ؟ فقال: إن قامت لها بيّنة عدل أنّها طلّقت في يوم معلوم و تيقّنت، فلتعتدّ من يوم طلّقت، و إن لم تحفظ في أيّ يوم و أيّ شهر فلتعتد

من يوم يبلغها «2». إلى غير ذلك من النصوص «3».

و في مقابل المشهور ما يحكى من التقيّ من اعتبار البلوغ ظاهر الأمر بالتربّص؛ و لأنّ الاعتداد عبادة يحتاج إلى النية «4». و الجواب واضح خصوصاً بعد أنّ الموجب للاعتداد لا يكون إلّا الطلاق لا البلوغ، و عليه فلو لم يبلغها خبر الطلاق إلّا بعد مضيّ مقدار العدّة فقد انقضت عدّتها، و ليس عليها العدّة بعد بلوغ الخبر.

و الظاهر أنّ مثل عدّة الطلاق عدّة الفسخ بل و الانفساخ، و إن كان يبدو في بادئ النظر أنّه مثل الموت؛ لاشتراكهما في الأمر غير الاختياري، إلّا أنّ الظاهر كونها مثل عدّة الفسخ التي تماثل عدّة الطلاق، و السرّ في الجميع ما عرفت من أنّ الموجب للاعتداد لا يكون إلّا الطلاق أو مثله في مقابل البلوغ، الذي تحتاج مبدئيّته للاعتداد إلى قيام الدليل عليه.

نعم، ذكر في المتن في عدّة وطء الشبهة بعد استظهار أنّ مبدأها وطء الشبهة: أنّ

______________________________

(1) الكافي: 6/ 111 ح 5، التهذيب: 8/ 162 ح 561، الاستبصار: 3/ 353 ح 1264، الوسائل: 22/ 225، كتاب الطلاق، أبواب العدد ب 26 ح 1.

(2) الكافي: 6/ 110 ح 1، التهذيب: 8/ 162 ح 562، الاستبصار: 3/ 354 ح 1265، الوسائل: 22/ 226، كتاب الطلاق، أبواب العدد ب 26 ح 2.

(3) الوسائل: 22/ 225 228، كتاب الطلاق، أبواب العدد ب 26 27.

(4) الكافي في الفقه: 313.

تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة - الطلاق، المواريث، ص: 164

..........

______________________________

مقتضى الاحتياط الذي لا يترك أنّ مبدأها ارتفاع الشبهة، و لعلّه يجي ء الكلام في هذا المجال في بحث عدّة وطء الشبهة، الذي سيأتي إن شاء اللّٰه تعالى، فانتظر.

و أمّا عدّة وفاة الغائب، فالمشهور

«1» أنّه من حين بلوغ الخبر لا من حين الوفاة، و يدلّ عليه الروايات المتكثرة، مثل:

صحيحة محمد بن مسلم، عن أحدهما (عليهما السّلام) في رجل يموت و تحته امرأته و هو غائب، قال: تعتدّ من يوم يبلغها وفاته «2».

و صحيحة محمد بن مسلم و زرارة و بُريد بن معاوية، عن أبي جعفر (عليه السّلام)، أنّه قال في الغائب عنها زوجها إذا توفي، قال: المتوفّى عنها تعتدّ من يوم يأتيها الخبر؛ لأنّها تحدّ عليه «3». و هذه الصحيحة تهدي إلى علّة الفرق بين عدّة الوفاة و بين عدّة مثل الطلاق، و أنّها لزوم الحداد عليها في عدّة الوفاة، و عدم اللزوم في عدّة الطلاق و مثله.

و صحيحة البزنطي، عن الرضا (عليه السّلام) قال: سأله صفوان و أنا حاضر عن رجل طلّق امرأته و هو غائب فمضت أشهر؟ فقال: إذا قامت البيّنة أنّه طلّقها منذ كذا و كذا، و كانت عدّتها قد انقضت فقد حلّت للأزواج، قال: فالمتوفّى عنها زوجها؟ فقال: هذه ليست مثل تلك، هذه تعتدّ من يوم يبلغها الخبر لأنّ عليها أن تحدّ «4».

______________________________

(1) مسالك الافهام: 9/ 349 351، الحدائق الناضرة: 25/ 537 و 543، رياض المسائل: 7/ 409، جواهر الكلام: 32/ 372.

(2) الكافي: 6/ 112 ح 1، الوسائل: 22/ 228، كتاب الطلاق، أبواب العدد ب 28 ح 1.

(3) الكافي: 6/ 112 ح 3، التهذيب: 8/ 163 ح 567، الاستبصار: 3/ 355 ح 1270، الوسائل: 22/ 229، كتاب الطلاق، أبواب العدد ب 28 ح 3.

(4) قرب الاسناد: 362 ح 1297، الوسائل: 22/ 227، كتاب الطلاق، أبواب العدد ب 26 ح 7.

تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة - الطلاق، المواريث، ص: 165

..........

______________________________

و رواية أبي الصباح

الكناني، عن أبي عبد اللّٰه (عليه السّلام) قال: التي يموت عنها زوجها و هو غائب، فعدّتها من يوم يبلغها إن قامت البيّنة أو لم تقم «1».

لكن في مقابل هذه الروايات أيضاً روايات، مثل:

صحيحة الحلبي، عن أبي عبد اللّٰه (عليه السّلام) قال: قلت له: امرأة بلغها نعي زوجها بعد سنة أو نحو ذلك، قال: فقال: إن كانت حبلى فأجلها أن تضع حملها، و إن كانت ليست بحبلى فقد مضت عدّتها إذا قامت لها البيّنة أنّه مات في يوم كذا و كذا، و إن لم يكن لها بيّنة فلتعتد من يوم سمعت «2».

و رواية الحسن بن زياد قال: سألت أبا عبد اللّٰه (عليه السّلام) عن المطلّقة يطلّقها زوجها و لا تعلم إلّا بعد سنة، و المتوفّى عنها زوجها و لا تعلم بموته إلّا بعد سنة؟ قال: إن جاء شاهدان عادلان فلا تعتدّان و إلّا تعتدّان «3».

و رواية وهب بن وهب، عن جعفر، عن أبيه، عن علي (عليهم السّلام) أنّه سئل عن المتوفّى عنها زوجها إذا بلغها ذلك و قد انقضت عدّتها فالحداد يجب عليها؟ فقال علي (عليه السّلام): إذا لم يبلغها ذلك حتى تنقضي عدّتها فقد ذهب ذلك كلّه و تنكح من أحبّت «4».

و قد حكي عن ابن الجنيد «1» القول بمضمون هذه الروايات، و عن جمع آخر

______________________________

(1) الكافي: 6/ 112 ح 2، التهذيب: 8/ 163 ح 568، الاستبصار: 3/ 355 ح 1271، الوسائل: 22/ 229، كتاب الطلاق، أبواب العدد ب 28 ح 2.

(2) التهذيب: 8/ 164 ح 571، الاستبصار: 3/ 355 ح 1274، الوسائل: 22/ 231، كتاب الطلاق، أبواب العدد ب 28 ح 10.

(3) التهذيب: 8/ 164 ح 570، الاستبصار: 3/ 355 ح 1273، الوسائل:

22/ 231، كتاب الطلاق، أبواب العدد ب 28 ح 9.

(4) التهذيب: 7/ 469 ح 1879، الوسائل: 22/ 230، كتاب الطلاق، أبواب العدد ب 28 ح 7.

(1) حكىٰ عنه في مختلف الشيعة: 7/ 479.

تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة - الطلاق، المواريث، ص: 166

..........

______________________________

الجمع بينها و بين الطائفة الأولى بالحمل على الندب «1». و عن الشيخ (قدّس سرّه) «2» في التهذيب التفصيل بين المسافة القريبة كيوم أو يومين أو ثلاثة و المسافة البعيدة، فالأولى تعتدّ من حين الوفاة و الثانية من حين البلوغ، مستشهداً بصحيحة منصور ابن حازم قال: سمعت أبا عبد اللّٰه (عليه السّلام) يقول في المرأة يموت زوجها، أو يطلّقها و هو غائب، قال: إن كان مسيرة أيام فمن يوم يموت زوجها تعتدّ، و إن كان من بعد فمن يوم يأتيها الخبر؛ لأنّها لا بد من أن تحدّ له «3».

و لكنّ الظاهر بعد عدم إمكان الجمع الدلالي العقلائي بين الطائفتين حتى تخرجا عن موضوع المتعارضين، و بعد الإشكال في بعض الروايات من الطائفة الثانية، مثل صحيحة الحلبي المتقدمة، الواردة في امرأة بلغها نعي زوجها بعد سنة أو نحو ذلك، فإنّ الجمع بينه و بين كونها حبلى مع أنّ أكثر الحمل أقل من سنة مما لا يمكن، و كذا الفرق بين صورة قيام البيّنة و صورة عدمه مع تصريح رواية أبي الصباح بعدم الفرق ترجيح الطائفة الأولى بسبب موافقة المشهور، التي هي أوّل المرجحات في باب المتعارضين على ما استفدنا من مقبولة ابن حنظلة المعروفة «4».

و أمّا الصحيحة التي استشهد بها الشيخ فلا بدّ من طرحها أو حملها كما في المحكيّ عن الحدائق على من كان في حكم الحاضر ممن كان في بلاد متسعة

جدّاً، بحيث يمكن تأخّر وصول الخبر اليوم و اليومين أو رستاق فيه قرى

______________________________

(1) مسالك الافهام: 9/ 352، نهاية المرام: 2/ 124.

(2) التهذيب: 8/ 165 ذيل ح 571.

(3) التهذيب: 8/ 165 ح 572، الاستبصار: 3/ 356 ح 1275، الوسائل: 22/ 232، كتاب الطلاق، أبواب العدد ب 29 ح 12.

(4) الكافي: 1/ 54 ح 10، الوسائل: 27/ 106، كتاب القضاء، أبواب صفات القاضي ب 9 ح 1.

تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة - الطلاق، المواريث، ص: 167

[مسألة 9: لا يعتبر في الإخبار الموجب للاعتداد من حينه كونه حجّةً شرعيّةً كعدلين لا عدل واحد]

مسألة 9: لا يعتبر في الإخبار الموجب للاعتداد من حينه كونه حجّةً شرعيّةً كعدلين لا عدل واحد، نعم لا يجوز لها التزويج بالغير بلا حجّة شرعيّة على موته، فإذا ثبت ذلك بحجّة يكفي اعتداده من حين البلوغ، و لا يحتاج إليه من حين الثبوت (1).

______________________________

عديدة «1»، و إن كان بعيداً لفرض الغائب فيه.

(1) أمّا أنّه لا يعتبر في الإخبار الموجب للاعتداد من حينه كالعدّة للزوجة المتوفّى عنها زوجها غائباً كونه حجة شرعية كعدلين أو عدل واحد بناء على حجية قول العادل الواحد في الموضوعات الخارجية على خلاف ما هو التحقيق عندنا: من أنّ دليل حجّية البيّنة ينفي حجّية ما هو من سنخها من العدد الأقل منها، و إن كانت العدالة متحقّقة فلصدق عنوان البلوغ المذكور في جملة من الروايات المتقدّمة.

و قد وقع التصريح بعدم الفرق بين قيام البيّنة و عدمه في رواية أبي الصباح الكناني المتقدّمة، نعم لا يجوز لها التزويج بلا حجّة شرعية على موته، فإذا ثبت ذلك بحجّة يكفي الاعتداد من حين البلوغ، و لا يحتاج إليه من حين الثبوت، فالمبدأ البلوغ و المجوّز للتزويج الثبوت، و لا مانع من التفصيل بينهما. نعم يمكن أن يقال:

بأنه إذا فرض البلوغ قبل أشهر مثلًا و تحقّقت العدّة من حين البلوغ، ثمّ علمت بالموت بعد تلك الأشهر، فهل يمكن التفكيك مع احتمال ثبوت الحمل واقعاً؟ إلّا أن يقال: بأنّ الحاجة إلى الحجة الشرعية سيّما القطع الذي هو حجّة عقلًا إنّما هو بالإضافة إلى أصل الموت لا زمانه، فتدبّر جيّداً، و يدلّ عليه التعبير ب «من حين الثبوت».

______________________________

(1) الحدائق الناضرة: 25/ 543 544.

تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة - الطلاق، المواريث، ص: 168

[مسألة 10: لو علمت بالطلاق و لم تعلم وقت وقوعه حتى تحسب العدّة من ذلك الوقت]

مسألة 10: لو علمت بالطلاق و لم تعلم وقت وقوعه حتى تحسب العدّة من ذلك الوقت، اعتدت من الوقت الذي تعلم بعدم تأخره عنه، و الأحوط أن تعتدّ من حين بلوغ الخبر إليها، بل هذا الاحتياط لا يترك (1).

[مسألة 11: لو فقد الرجل و غاب غيبة منقطعة و لم يبلغ منه خبر و لا ظهر منه أثر و لم يعلم موته و حياته]

مسألة 11: لو فقد الرجل و غاب غيبة منقطعة و لم يبلغ منه خبر و لا ظهر منه أثر و لم يعلم موته و حياته، فإن بقي له مال تنفق به زوجته أو كان له وليّ يتولّى أموره و يتصدّى لإنفاقه أو متبرّع للإنفاق عليها وجب عليها الصبر و الانتظار، و لا يجوز لها أن تتزوّج أبداً حتى تعلم بوفاة الزوج أو طلاقه، و إن لم يكن ذلك فإن صبرت فلها ذلك، و إن لم تصبر و أرادت الزواج رفعت أمرها إلى الحاكم الشرعي، فيؤجّلها أربع سنين من حين الرفع إليه ثمّ يتفحّص عنه في تلك المدّة، فإن لم يتبيّن موته و لا حياته فإن كان للغائب وليّ؛ أعني من كان يتولّى أموره بتفويضه أو توكيله يأمره الحاكم بطلاقها، و إن لم يقدم أجبره عليه، و إن لم يكن له وليّ أو لم يقدم و لم يمكن إجباره طلّقها الحاكم، ثم تعتدّ أربعة أشهر

______________________________

(1) لو علمت بالطلاق، و لم تعلم وقت وقوعه حتى تحسب العدّة من ذلك الوقت بناءً على ما ذكرنا «1» من أنّ شروع العدّة في الطلاق إنّما هو من حينه لا من حين بلوغ الخبر، فمقتضى أصالة تأخّر الحادث الاعتداد من الوقت الذي تعلم بعدم تأخّره عنه، و جعل في المتن مقتضى الاحتياط الذي نهى عن تركه الاعتداد من حين بلوغ الخبر إليها، و الظاهر أنّ الوجه في ذلك صحيحة الحلبي المتقدّمة «2»،

الدالّة على أنّه مع عدم المحافظة يجب عليها الاعتداد من يوم يبلغها، كما لا يخفى.

______________________________

(1) في ص 162.

(2) في ص 163.

تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة - الطلاق، المواريث، ص: 169

و شهراً عدّة الوفاة، فإذا تمّت هذه الأُمور جاز لها التزويج بلا إشكال، و في اعتبار بعض ما ذكر تأمل و نظر، إلّا أنّ اعتبار الجميع هو الأحوط (1).

______________________________

(1) قد وردت في المفقود الذي غاب غيبة منقطعة و لم يبلغ منه خبر، و لا ظهر منه أثر و لم يعلم موته و حياته روايات كثيرة لا بأس بنقلها ليعرف مفادها، فنقول: هي كثيرة، مثل:

صحيحة بريد بن معاوية التي رواها المشايخ الثلاثة قال: سألت أبا عبد اللّٰه (عليه السّلام) عن المفقود كيف تصنع امرأته؟

فقال: ما سكتت عنه و صبرت فخلّ عنها، و إن هي رفعت أمرها إلى الوالي أجّلها أربع سنين، ثم يكتب إلى الصقع الذي فقد فيه فليسأل عنه، فإن خبّر عنه بحياة صبرت، و إن لم يخبر عنه بحياة حتى تمضي الأربع سنين دعا وليّ الزوج المفقود، فقيل له: هل للمفقود مال؟ فإن كان للمفقود مال أنفق عليها حتى يعلم حياته من موته، و إن لم يكن له مال قيل للولي: أنفق عليها، فإن فعل فلا سبيل لها إلى أن تتزوّج ما أنفق عليها، و إن أبى أن ينفق عليها أجبره الوالي على أن يطلّق تطليقة في استقبال العدّة و هي طاهر، فيصير طلاق الولي طلاق الزوج، فإن جاء زوجها قبل أن تنقضي عدّتها من يوم طلّقها الوليّ فبدا له أن يراجعها فهي امرأته و هي عنده على تطليقتين و إن انقضت العدّة قبل أن يجي ء و يراجع، فقد حلّت للأزواج و لا

سبيل للأوّل عليها «1».

و صحيحة الحلبي، عن أبي عبد اللّٰه (عليه السّلام) أنّه سئل عن المفقود، فقال: المفقود إذا مضى له أربع سنين بعث الوالي أو يكتب إلى الناحية التي هو غائب فيها، فإن

______________________________

(1) الفقيه: 3/ 354 ح 1696، الوسائل: 22/ 156 157، أبواب أقسام الطلاق ب 23 ح 1.

تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة - الطلاق، المواريث، ص: 170

..........

______________________________

لم يوجد له أثر أمر الوالي وليّه أن ينفق عليها، فما أنفق عليها فهي امرأته، قال: قلت: فإنّها تقول: فإنّي أريد ما تريد النساء، قال: ليس ذاك لها و لا كرامة، فإن لم ينفق عليها وليه أو وكيله أمره أن يطلّقها، فكان ذلك عليها طلاقاً واجباً «1».

و رواية أبي الصباح الكناني، عن أبي عبد اللّٰه (عليه السّلام) في امرأة غاب عنها زوجها أربع سنين، و لم ينفق عليها و لم تدر أ حيّ هو أم ميّت أ يجبر وليّه على أن يطلّقها؟ قال: نعم، و إن لم يكن له وليّ طلّقها السلطان، قلت: فإن قال الولي: أنا أنفق عليها، قال: فلا يجبر على طلاقها، قال: قلت: أ رأيت إن قالت: أنا أريد مثل ما تريد النساء و لا أصبر و لا أقعد كما أنا؟ قال: ليس لها ذلك، و لا كرامة إذا أنفق عليها «2».

و رواية السكوني، عن جعفر، عن أبيه أنّ عليّاً (عليهم السّلام) قال في المفقود: لا تتزوّج امرأته حتى يبلغها موته أو طلاق أو لحوق بأهل الشرك «3».

و مرسلة الصدوق قال: و في رواية أخرى أنّه إن لم يكن للزوج وليّ طلّقها الوالي و يُشهد شاهدين عدلين، فيكون طلاق الوالي طلاق الزوج، و تعتدّ أربعة أشهر و عشراً ثم تزوّج إن

شاءت «4».

و موثّقة سماعة قال: سألته عن المفقود، فقال: إن علمت أنّه في أرض فهي منتظرة له أبداً حتى يأتيها موته أو يأتيها طلاق، و إن لم تعلم أين هو من الأرض و لم يأتها منه كتاب و لا خبر، فإنّها تأتي الإمام فيأمرها أن تنتظر أربع سنين، فيطلب في الأرض، فإن لم يوجد له خبر حتى تمضي الأربع سنين أمرها أن تعتدّ

______________________________

(1) الكافي: 6/ 147 ح 1، الوسائل: 22/ 158، أبواب أقسام الطلاق ب 23 ح 4.

(2) الكافي: 6/ 148 ح 3، الوسائل: 22/ 158، أبواب أقسام الطلاق ب 23 ح 5.

(3) التهذيب: 7/ 478 ح 1921، الوسائل: 22/ 157، أبواب أقسام الطلاق ب 23 ح 3.

(4) الفقيه: 3/ 355 ح 1697، الوسائل: 22/ 157، أبواب أقسام الطلاق ب 23 ح 2.

تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة - الطلاق، المواريث، ص: 171

..........

______________________________

أربعة أشهر و عشراً ثم تحلّ للأزواج، فإن قدم زوجها بعد ما تنقضي عدّتها فليس له عليها رجعة، و إن قدم و هي في عدّتها أربعة أشهر و عشراً فهو أملك برجعتها «1».

و المتحصل من هذه الأخبار التي أكثرها صحيحة أو موثّقة بعد ضمّ مطلقها بمقيّدها ما أفاده في المتن من التفصيل. و خلاصة الكلام ترجع إلى أمور تالية:

1 عدم لزوم الصبر على المرأة في هذه الحالة، و إن كان مقتضى الاستصحاب بقاء حياته و عدم الطلاق و بقاء الزوجية، كما أنّها مع العلم بحياته و أنّها لم يطلّقها أو شكّت في الطلاق لا بدّ لها من الصبر و الانتظار حتى يموت أو يطلّق، كما وقع التصريح به في موثّقة سماعة المتقدّمة، نعم مع عدم مال ينفق عليها، و عدم وجود

من ينفق عليها من وليّ أو متبرّع، يمكن أن يقال: بجواز طلاقها للحاكم؛ لأنّ بقاء الزوجية و الحال هذه عسر جدّاً و حرج كذلك.

2 لزوم إرجاع الأمر من جهة التفحص و التطليق إلى الحاكم الشرعي، و قد يقال: إنّ ظاهر هذه النصوص انحصار تدبير أمرها في زمان انبساط يد الإمام لا حال قصورها؛ و لذا قال في المحكي عن السرائر: إنّها في زمن الغيبة مبتلاة و عليها الصبر إلى أن تعرف موته أو طلاقه «2». و حينئذٍ تسقط ثمرة المسألة في هذه الأزمنة، و أورد عليه في الجواهر بأنّ ذلك نصّاً و فتوى مبنيّ على الغالب من القصور في زمن الغيبة، و إلّا فمع فرض تمكّن نائب الغيبة من الإتيان بما ذكرته النصوص يتّجه قيامه مقام الوالي في ذلك؛ لعموم ولايته الشاملة لذلك «3».

______________________________

(1) التهذيب: 7/ 479 ح 1923، الوسائل: 20/ 506، كتاب النكاح، أبواب ما يحرم بالمصاهرة ب 44 ح 2.

(2) السرائر: 2/ 737.

(3) جواهر الكلام: 32/ 290.

تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة - الطلاق، المواريث، ص: 172

..........

______________________________

أقول: و خصوصاً في مملكة إيران في هذه الأزمنة التي يكون مبنى الحكومة فيها على رعاية القوانين الإسلامية على مذهب التشيع الذي هو الإسلام الحقيقي، و القوة القضائية مأذوناً فيها من قبل الوليّ الفقيه كما لا يخفىٰ.

3 إنّ الحاكم يؤجّلها أربع سنين من الرفع إليه، و الظاهر أنّ أربع سنين إنّما هو مدّة تأجيل الحاكم إيّاها، لا أنّها معتبرة في جواز الرفع، و أنّه يعتبر مضيّها بعد فقده في جواز الرجوع إلى الحاكم كما يشعر به صحيحة الحلبي المتقدّمة، و النفقة في هذه المدّة على بيت المال المعدّ لمصالح المسلمين.

4 التفحص و تفتيش الحاكم عن موته

و حياته في المدّة المذكورة بالنحو الذي سيجي ء في المسألة الآتية إن شاء اللّٰه تعالى.

5 إنّه لو لم ينتج التفحص، فالحاكم يأمر وليّه بطلاق زوجته و لو بإجباره إيّاه و لو لم يكن له وليّ أو لم يمكن إجباره عليه يطلّقها الحاكم بنفسه.

6 إنّها تعتدّ عدّة الوفاة أربعة أشهر و عشراً، و لكنّها مع كون العدّة عدّة الوفاة، لا يجب عليها الحداد ظاهراً، و يجوز للزوج إذا جاء الرجوع فيها، فيصير أولى بها من غيرها.

7 جواز التزويج بالغير بعد انقضاء العدّة و عدم رجوع الزوج فيها، و إن خرجت من العدّة و لم تتزوّج فقد ذكر المحقق في الشرائع أنّ فيه روايتين، أشهرهما أنّه لا سبيل له عليها «1». و ذكر في الجواهر: لم نقف على رواية الرجوع فيما وصل إلينا، كما اعترف به غير واحد «2» ممّن سبقنا، بل في المسالك: و لم نقف عليها بعد

______________________________

(1) شرائع الإسلام: 3/ 39.

(2) السرائر: 2/ 737، مسالك الافهام: 9/ 290، رياض المسائل: 7/ 384، نهاية المرام: 2/ 107، كشف الرموز: 2/ 228.

تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة - الطلاق، المواريث، ص: 173

[مسألة 12: ليس للفحص و الطلب كيفية خاصة]

مسألة 12: ليس للفحص و الطلب كيفية خاصة، بل المدار ما يعدّ طلباً و فحصاً، و يتحقّق ذلك ببعث من يعرف المفقود رعاية باسمه و شخصه أو بحليته إلى مظانّ وجوده للظفر به و بالكتابة و غيرها كالتلغراف، و سائر الوسائل المتداولة في كلّ عصر ليتفقد عنه، و بالالتماس من المسافرين كالزوّار و الحجّاج و التجّار و غيرهم بأن يتفقّدوا عنه في مسيرهم و منازلهم و مقامهم و بالاستخبار منهم حين الرجوع (1).

______________________________

التتبّع التامّ «1». و قد وقع التصريح بذلك في موثّقة سماعة

المتقدّمة مع عدم ذكر الطلاق فيها أصلًا «2».

(1) غير خفيّ أنّه ليس للفحص و الطلب كيفيّة خاصّة، بل المدار ما يعدّ طلباً و فحصاً، و ذكر الكتابة في صحيحة بريد المتقدّمة «3» إنّما هو لأجل كونها طريقاً في ذلك الزمان إلى الفحص و الطلب؛ و لذا ورد في صحيحة الحلبي المتقدمة «4» التخيير بين البعث و الكتابة، مع أنّ الظاهر عدم الانحصار بهما أيضاً، بل يتحقّق بالإضافة إلى كلّ زمان و مكان بما هو المتعارف فيهما من التلغراف و غيره من الوسائل المتداولة في ذلك الزمان أو المكان، كما أنّه ربما يتحقّق بالالتماس من المسافرين كالزوّار و الحجّاج و التجّار و غيرهم، بأن يتفقّدوا عنه في مسيرهم و منازلهم و مقاماتهم و الاستخبار منهم حين المراجعة إلى أوطانهم.

و بالجملة: الفحص و الاستخبار ليس له طريق مخصوص بعد كونه موضوعاً

______________________________

(1) مسالك الافهام: 9/ 290.

(2) جواهر الكلام: 32/ 298.

(3) في ص 169.

(4) في ص 169.

تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة - الطلاق، المواريث، ص: 174

[مسألة 13: لا يشترط في المبعوث و المكتوب إليه و المستخبر منهم من المسافرين العدالة]

مسألة 13: لا يشترط في المبعوث و المكتوب إليه و المستخبر منهم من المسافرين العدالة بل تكفي الوثاقة (1).

[مسألة 14: لا يعتبر أن يكون الفحص بالبعث أو الكتابة و نحوها من الحاكم]

مسألة 14: لا يعتبر أن يكون الفحص بالبعث أو الكتابة و نحوها من الحاكم، بل يكفي كونه من كلّ أحد حتى نفس الزوجة إذا كان بأمره بعد رفع الأمر إليه (2).

______________________________

عرفيّاً مختلفاً باختلاف الأزمنة و الأمكنة، كما أنّه يلاحظ بالإضافة إلى الصقع الذي يحتمل وجوده فيه، و مع العلم بعدمه في صقع خاص لا مجال للبحث إليه و لا للطلب فيه، و مع احتمال وجوده في شي ء من أصقاع معيّنة يجب التفحص بالإضافة إلى جميع تلك الأصقاع، فالمقام من هذه الجهة نظير الطلب بالنسبة إلى الماء في باب التيمّم، حيث إنّ وجوب الطلب ينحصر بجهة يحتمل فيها وجود الماء، كما تقدّم في باب التيمّم «1».

(1) في محكيّ المسالك: يعتبر في الرسول العدالة ليركن إلى خبره حيث لا يظهر و لا يشترط التعدّد؛ لأنّه من باب الخبر لا الشهادة و إلّا لم تسمع إلى آخره «2». و لكن الظاهر أنّه إذا لم يكن من باب الشهادة، بل كان من باب الخبر، لا يعتبر فيه العدالة أيضاً؛ لعدم الاعتبار في الخبر إلّا الوثاقة، و يدلّ على اعتبار الوثاقة هنا أنّه بدونها لا تظهر فائدة للاستعلام و الاستخبار، و لا أثر للبعث و الفحص و الطلب كما لا يخفى.

(2) اللّازم هو الفحص و الطلب بالبعث أو الكتابة و نحوها من الوالي الحاكم

______________________________

(1) تفصيل الشريعة/ كتاب الطهارة، بحث التيمّم: 216.

(2) مسالك الافهام: 9/ 287.

تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة - الطلاق، المواريث، ص: 175

[مسألة 15: مقدار الفحص بحسب الزمان أربعة أعوام]

مسألة 15: مقدار الفحص بحسب الزمان أربعة أعوام، و لا يعتبر فيه الاتصال التام، بل هو على الظاهر نظير تعريف اللقطة سنة كاملة يكفي فيه ما يصدق عرفاً أنّه قد تفحّص عنه في

تلك المدّة (1).

[مسألة 16: المقدار اللّازم من الفحص هو المتعارف لأمثال ذلك و ما هو المعتاد]

مسألة 16: المقدار اللّازم من الفحص هو المتعارف لأمثال ذلك و ما هو المعتاد، فلا يعتبر استقصاء الممالك و البلاد، و لا يعتنى بمجرّد إمكان وصوله إلى مكان و لا بالاحتمالات البعيدة، بل إنّما يتفحص عنه في مظان وجوده فيه

______________________________

و لا مدخليّة لشخص المبعوث أو المكتوب إليه، بل و المستخبر منهم من المسافرين حتى لو كانت نفس الزوجة بعد رفع أمرها إلى الحاكم و طلب الحاكم منها ذلك؛ بل لعلّها أقرب إلى المقصود، و كذا عشيرتها و أسرتها؛ لعدم الدليل على المدخلية بوجه.

(1) قد مرّ «1» أنّ مقدار الفحص اللّازم أربع سنين، فهل يعتبر فيها الاتصال التام أم لا؟ الظاهر العدم؛ لعدم الدليل على الاتصال كذلك بل هو كما في المتن، نظير تعريف اللقطة سنة كاملة، فكما أنّه لا يعتبر فيه الاتصال، بل يكفي فيه ما يصدق عرفاً أنّه قد تفحص عنه في تلك المدة، نعم مناسبة الحكم و الموضوع تقتضي لزوم العلم بعدم الانتقال إلى الصقع الذي فحص عنه قبلًا، و إلّا فمع احتمال الانتقال لا يجدي الفحص القبلي؛ لكونه بالفعل طرف الاحتمال، فالاتصال بعنوانه، و أن لا يكون معتبراً لعدم الدليل عليه كما عرفت، إلّا أنّ إطلاق لزوم الفحص عن كلّ صقع محتمل أربع سنين باق على حاله، فتدبّر جيّداً.

______________________________

(1) في ص 172.

تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة - الطلاق، المواريث، ص: 176

و وصوله إليه و ما احتمل فيه احتمالًا قريباً (1).

[مسألة 17: لو علم أنّه قد كان في بلد معيّن في زمان ثم انقطع أثره يتفحّص عنه أوّلًا في ذلك البلد على المعتاد]

مسألة 17: لو علم أنّه قد كان في بلد معيّن في زمان ثم انقطع أثره يتفحّص عنه أوّلًا في ذلك البلد على المعتاد، فيكفي التفقد عنه في جوامعه و مجامعه و أسواقه و متنزّهاته و مستشفياته و خاناته المعدّة لنزول

الغرباء و نحوها، و لا يلزم استقصاء تلك المحال بالتفتيش أو السؤال، بل يكفي الاكتفاء بما هو المعتدّ به من مشتهراتها، و ينبغي ملاحظة زيّ المفقود و صنعته و حرفته، فيتفقّد عنه في المحالّ المناسبة له و يسأل عنه من أبناء صنفه و حرفته مثلًا، فإذا تمّ الفحص في ذلك البلد و لم يظهر منه أثر و لا يعلم موته و لا حياته، فإن لم يحتمل انتقاله إلى محلّ آخر بقرائن الأحوال سقط الفحص و السؤال و اكتفى بانقضاء مدّة التربّص أربع سنين، و إن احتمل الانتقال فإن تساوت الجهات فيه تفحّص عنه في تلك الجهات و لا يلزم الاستقصاء التامّ، بل يكفي الاكتفاء ببعض المحالّ المهمّة و المشتركة في كلّ جهة مراعياً للأقرب ثم الأقرب إلى البلد الأوّل، و إن كان الاحتمال في بعضها أقوى جاز جعل محلّ الفحص ذلك البعض و الاكتفاء به، خصوصاً إذا بعد احتمال انتقاله إلى غيره، و إذا علم أنّه قد كان في مملكة أو سافر إليها ثم انقطع أثره كفى أن يتفحّص عنه مدّة التربص في بلادها المشهورة التي تشدّ إليها الرحال، و إن سافر إلى بلد معيّن من مملكة كالعراقي سافر إلى خراسان يكفي الفحص في البلاد و المنازل الواقعة في طريقه إلى ذلك البلد و في نفس ذلك البلد، و لا ينظر إلى الأماكن البعيدة عن الطريق فضلًا عن البلاد الواقعة في أطراف المملكة، و إذا خرج من منزله مريداً للسفر أو هرب و لا يدرى إلى أين توجّه و انقطع أثره تفحص عنه مدّة التربّص في الأطراف و الجوانب ممّا يحتمل قريباً وصوله إليه، و لا ينظر إلى ما بعد احتماله (2).

______________________________

(1) (2) العمدة في

هاتين المسألتين بيان أمرين:

تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة - الطلاق، المواريث، ص: 177

[مسألة 18: قد عرفت أنّ الأحوط أن يكون الفحص و الطلاق بعد رفع أمرها إلى الحاكم]

مسألة 18: قد عرفت أنّ الأحوط أن يكون الفحص و الطلاق بعد رفع أمرها إلى الحاكم، فلو لم يمكن الوصول إليه فإن كان له وكيل و مأذون في التصدّي للأُمور الحسبية، فلا يبعد قيامه مقامه في هذا الأمر، و مع فقده أيضاً فقيام عدول المؤمنين مقامه محلّ إشكال (1).

______________________________

أحدهما: أنّه يكفي في مقدار الفحص ما هو المتعارف لأمثال ذلك و ما هو المعتاد، و لا يعتبر الاستقصاء بالإضافة إلى جميع الجوانب و الممالك، و لو كان احتمال وجوده فيها بعيداً لا يعتني به العقلاء، فلا بد من التفحص عنه في مظان وجوده و ما يحتمل فيه احتمالًا كذلك، و إلّا فصرف الاحتمال لا يوجب ذلك.

ثانيهما: أنّ كلّ ناحية يتفحّص فيها، فالتفقّد فيها إنّما هو بالإضافة إلى الجوامع و الأسواق و المراكز المعدّة للاجتماعات من المتنزّهات و المستشفيات و الخانات المعدّة لنزول الغرباء، و في زماننا هذا المصلّيات المعدّة لصلاة الجمعة التي لا تقام نوعاً في بلد واحد إلّا واحدة، و في البلاد التي تمتاز بعنوان الزيارة مراكز الزيارة و المشاهد المشرفة و أمثال ذلك، كمسجد جمكران الواقع في بلد قم سيّما ليلة الأربعاء التي تعارف الاجتماع فيه من جميع النقاط و البلدان، و لا يعتبر الفحص الكامل بالنسبة إلى جميع أمكنة البلد و لا جميع رساتيقه، و إن لم يكن الذهاب إليه متداولًا، كما أنّه لا يعتبر الفحص في جميع المحال الواقعة في حاشية الجادّة إلّا مع التعارف.

(1) لو وجد الحاكم الشرعي و أمكن الوصول إليه، و كان متمكّناً من الفحص في المدّة المذكورة بالنحو المذكور، فالواجب فتوى أو احتياطاً

إرجاع الأمر إليه

تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة - الطلاق، المواريث، ص: 178

[مسألة 19: إن علم أنّ الفحص لا ينفع و لا يترتّب عليه أثر فالظاهر سقوط وجوبه]

مسألة 19: إن علم أنّ الفحص لا ينفع و لا يترتّب عليه أثر فالظاهر سقوط وجوبه، و كذا لو حصل اليأس من الاطّلاع عليه في أثناء المدّة، فيكفي مضيّ المدّة في جواز الطلاق و الزواج (1).

______________________________

كما عرفت «1»، و إلّا فلو كان له وكيل و مأذون في التصدّي للأُمور الحسبية كما هو الشائع في هذه الأزمنة من ثبوت الوكلاء المتعددة فيه للحاكم الشرعي، و كان متمكناً من الفحص بالنحو المذكور، فلا يبعد قيامه مقامه في هذا الأمر الحسبي الذي لا يرضى الشارع بتركه الموجب لصيرورتها كالمعلقة بلا زوج و لا نفقة، و مع فقد الحاكم و وكيله المأذون كذلك فقد استشكل في المتن في قيام عدول المؤمنين مقامه في ذلك، كما أنّه قد استشكل صاحب الحدائق في تعيّن الرفع إلى الحاكم، بل قال: بكفاية كونه من الولي أو غيره «2». و الوجه في استشكال المتن أنّه لم يعلم قيام عدول المؤمنين مقام الحاكم حتى في مثل هذا الحكم، الذي يكون على خلاف القاعدة من جهات مختلفة.

أقول: الظاهر أنّ قيام الوليّ مقام الحاكم في هذه الجهة خصوصاً مع تصدّيه للطلاق غير بعيد، كما لا يخفىٰ.

(1) غير خفيّ أنّ الفحص ليس له موضوعية، بل إنّما هو لأجل كونه مقدّمة لوجدان المفقود الغائب غيبة منقطعة، فلو فرض العلم بأنّ الفحص لا ينفع و لا يترتّب عليه أثر و لا فائدة، فالظاهر سقوط وجوبه كما في المتن، و كذا لو حصل العلم بعدم النفع في أثناء المدّة فإنّه لا يجب الفحص بقية المدّة، بل الفحص في المدة

______________________________

(1) في ص 172.

(2) الحدائق الناضرة: 25/

487 488.

تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة - الطلاق، المواريث، ص: 179

[مسألة 20: يجوز لها اختيار البقاء على الزوجية بعد رفع الأمر إلى الحاكم قبل أن تطلّق و لو بعد الفحص و انقضاء الأجل]

مسألة 20: يجوز لها اختيار البقاء على الزوجية بعد رفع الأمر إلى الحاكم قبل أن تطلّق و لو بعد الفحص و انقضاء الأجل، و لها أن تعدل عن اختيار البقاء إلى اختيار الطلاق، و حينئذٍ لا يلزم تجديد ضرب الأجل و الفحص (1).

[مسألة 21: الظاهر أنّ العدّة الواقعة بعد الطلاق عدّة طلاق و إن كانت بقدر عدّة الوفاة]

مسألة 21: الظاهر أنّ العدّة الواقعة بعد الطلاق عدّة طلاق و إن كانت بقدر عدّة الوفاة، و يكون الطلاق رجعيّاً، فتستحقّ النفقة في أيّامها، و إن ماتت فيها يرثها لو كان في الواقع حيّاً، و إن تبيّن موته فيها ترثه، و ليس عليها حداد بعد الطلاق (2).

______________________________

الماضية كافٍ في جواز الطلاق بعدها و الزواج لو شاءت.

(1) قد تعرّض في هذه المسألة لأمرين:

أحدهما: أنّه كما أنّ الزوجة لها الاختيار في أصل رفع الأمر إلى الحاكم؛ لأنّها لها الصبر، و عدم رفع الأمر إلى الحاكم بلا إشكال و لا خلاف، كذلك يجوز لها بعد رفع الأمر إلى الحاكم قبل أن تطلّق و لو بعد الفحص و انقضاء الأجل اختيار البقاء على الزوجية؛ لأنّ الفحص و انقضاء الأجل و الطلاق كلّ ذلك إنّما كان لأجل المرأة و بنفعها، فإذا اختارت البقاء فهو جائز لها كما لو لم ترفع الأمر إلى الحاكم أصلًا.

ثانيهما: أنّها لو اختارت البقاء على الزوجية بعد الفحص اللّازم و قبل حصول الطلاق، ثم عدلت عن اختيار البقاء إلى اختيار الطلاق، فهل يلزم تجديد ضرب الأجل و الفحص ثانياً أم لا؟ الظاهر العدم؛ لحصول الفحص الواجب، و اختيار البقاء لا مدخلية له فيه، فيجوز لها العدول إليه من دون تجديد كما لا يخفى.

(2) قد مرّ «1» البحث في هذه الجهة في الجملة، و ذكر هناك أنّ ظاهر النص

______________________________

(1) في 171 172.

تفصيل الشريعة

في شرح تحرير الوسيلة - الطلاق، المواريث، ص: 180

[مسألة 22: إن تبيّن موته قبل انقضاء المدة أو بعده قبل الطلاق وجب عليها عدّة الوفاة]

مسألة 22: إن تبيّن موته قبل انقضاء المدة أو بعده قبل الطلاق وجب عليها عدّة الوفاة، و إن تبيّن بعد انقضاء العدّة اكتفي بها، سواء كان التبيّن قبل التزويج أو بعده، و سواء كان موته المتبيّن وقع قبل العدّة أو بعدها أو في أثنائها أو بعد التزويج، و أمّا لو تبيّن موته في أثناء العدّة، فهل يكتفي بإتمامها أو تستأنف عدّة الوفاة من حين التبيّن؟ وجهان بل قولان أحوطهما الثاني لو لم يكن أقوى (1).

______________________________

و الفتوى كون الطلاق بعد الفحص و انقضاء الأجل الواقع من الولي أو الحاكم هو الطلاق الرجعي إذا كان الصادر من الزوج على فرضه رجعيّاً، غاية الأمر أنّ مقدارها بقدر عدّة الوفاة، و عليه فيترتّب عليها جميع آثار العدّة للمطلقة الرجعية من التوارث بين الطرفين لو تبيّن الموت في الأثناء، و كذا جواز الرجوع للزوج لو فرض العلم بحالها و أنّها في العدّة، و لا يترتّب عليها لزوم الحداد الذي ينحصر بعدّة الوفاة، كما لا يخفى.

________________________________________

لنكرانى، محمد فاضل موحدى، تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة - الطلاق، المواريث، در يك جلد، مركز فقهى ائمه اطهار عليهم السلام، قم - ايران، اول، 1421 ه ق

تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة - الطلاق، المواريث؛ ص: 180

(1) قد تعرّض في هذه المسألة لصور تبيّن موت الزوج، و هي ثلاث:

الاولى: ما إذا تبيّن الموت قبل انقضاء المدّة أو بعد الطلاق، و الواجب عليها في هذه الصّورة عدة الوفاة؛ لأنّ المرأة في هذه الصورة زوجته و الفرض موت زوجها و بلوغ الخبر إليها، فيجب عليها الاعتداد عدّة الوفاة و هو واضح.

الثانية: ما إذا تبيّن بعد

انقضاء العدّة، و في المتن جواز الاكتفاء بها، سواء كان المتبيّن قبل التزويج أو بعده، و سواء كان موته المتبيّن وقع قبل العدّة أو بعدها، أو في أثنائها أو بعد التزويج؛ و لعلّ السرّ فيه أنّ الاعتداد بمقدار عدّة الوفاة إنّما هو لأجل معاملة الميّت معه من هذه الجهة، و إن كان لا يلزم عليها الحداد و تستحقّ النفقة في أيّام

تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة - الطلاق، المواريث، ص: 181

..........

______________________________

العدّة، و لا مجال للتكرار ثانياً بعد كون المفروض أنّ التبيّن كان بعد انقضاء العدّة.

الثالثة: ما لو تبيّن موته في أثناء العدّة، فهل يكتفي بإتمامها أو تستأنف عدّة الوفاة من حين التبيّن؟ فيه وجهان بل قولان كما في المتن، قال في محكيّ المسالك: و ربما قيل: ببطلان العدّة لو ظهر موته فيها أو بعدها قبل التزويج، بناء على أنّه لو ظهر حينئذٍ كان أحقّ؛ لأنّ الحكم بالعدّة و البينونة كان مبنيّاً على الظاهر، و مستند حكم الحاكم الاجتهاد و قد تبيّن خطأه، فعليها تجديد عدّة الوفاة بعد بلوغها الخبر كغيرها، بل يحتمل وجوب العدّة عليها ثانياً و إن نكحت لما ذكر، و سقوط حق الأول عنها لو حضر و قد تزوّجت لا ينفي الاعتداد منه لو مات، و هذا قول لبعض الشافعية «1». و المذهب هو الأوّل، و المصنّف نبّه بما ذكره من الحكم على خلافه «2».

و ذكر صاحب الجواهر: و لعلّ ذلك هو الداعي إلى فرض المسألة في صورة النكاح، و إلّا فقد عرفت فيما مضى أنّه لا فرق بين نكاحها و عدمه.

نعم، لو فرض مجي ء خبر موته و هي في أثناء العدّة أمكن القول باستئنافها عدّة الوفاة، كما إذا جاءَها قبل

الشروع بها، أمّا إذا جاء بعد الاعتداد فلا إشكال في عدم التفاتها؛ لخلوصها منه حينئذ بالطريق الشرعي، و دعوى اختصاص ذلك بما إذا كان الأمر مشتبهاً لا شاهد لها، بل صريح ما فرض في النصوص من مجيئه بعد المدّة خلافه، و لا يرد أنّها عدّة طلاق بناءً على المختار، و من حكم عدّة الطلاق أنّه إذا تجدّد الموت في أثنائها انتقلت إلى عدّة الوفاة، و إن لم تعلم بالموت إلّا بعدها استأنفت عدّة الوفاة؛ و ذلك لظهور النصّ و الفتوىٰ في كفاية العدّة المزبورة لها هنا

______________________________

(1) الحاوي الكبير: 14/ 377، الامّ: 5/ 256 257، المغني لابن قدامة: 9/ 136، مغني المحتاج: 3/ 398.

(2) مسالك الافهام: 9/ 293.

تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة - الطلاق، المواريث، ص: 182

[مسألة 23: لو جاء الزوج بعد الفحص و انقضاء الأجل]

مسألة 23: لو جاء الزوج بعد الفحص و انقضاء الأجل، فإن كان قبل الطلاق فهي زوجته، و إن كان بعد ما تزوّجت بالغير فلا سبيل له عليها، و إن كان في أثناء العدّة فله الرجوع إليها، كما أنّ له إبقاءَها على حالها حتى تنقضي عدّتها و تبين عنه، و أمّا إن كان بعد انقضاء العدّة و قبل التزويج ففي جواز رجوعه إليها و عدمه قولان، أقواهما الثاني (1).

______________________________

على كلّ حال، كما هو واضح «1».

قلت: الظاهر بمقتضى ما ذكرنا من أنّ العدّة هنا و إن كانت بمقدار عدّة الوفاة، إلّا أنّ أصل الطلاق إنّما هو كالطلاق الصادر من الزوج من جميع الجهات إلّا في المقدار، هذا من ناحية، و من ناحية أُخرى يكون الزوج أحقّ بها ما لم تنقض العدّة، و تكون الزوجة باقية ما دامت هي في العدّة؛ و لذا إذا جاء الزوج في أثنائها يكون

له الرجعة، و عليه يكون بلوغ خبر الموت في أثناء العدّة عين بلوغ الخبر في أثناء العدّة في المطلقة الرجعية.

نعم، لا أثر للبلوغ إذا جاء خبر الموت بعد تماميّة العدّة و انقضائها و لو قبل التزويج؛ لتحقّق البينونة و الافتراق كما مرّ، فما في المتن هو الظاهر.

(1) قد تعرّض في هذه المسألة أيضاً لصور مجي ء الزوج، و هي أربع:

الأُولى: ما إذا جاء الزوج بعد الفحص و انقضاء الأجل، و قبل الطلاق الذي عرفت «2» أنّه يقع بيد الولي أو الحاكم، و في هذه الصورة لا ينبغي الإشكال في بقاءها على الزوجية و عدم خروجها عنها؛ لعدم تحقّق ما يقتضي الخروج عنها بعد توقّف

______________________________

(1) جواهر الكلام: 32/ 300.

(2) في ص 171 172.

تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة - الطلاق، المواريث، ص: 183

..........

______________________________

ارتفاعه على الطلاق، غاية الأمر أنّه لا يعتبر تحقّقه من الزوج، و في موثّقة سماعة المتقدّمة «1» التصريح بأنّه «إن قدم و هي في عدّتها فهو أملك برجعتها» فإذا كان القدوم في أثناء العدّة كذلك فالقدوم قبل شروعها في العدّة كذلك بطريق أولى، بمعنى كونها زوجة له لا حاجة إلى الرجعة.

الثانية: الصورة المفروضة مع كون مجي ء الزوج بعد ما تزوّجت بالغير، و في هذه الصورة لا سبيل له عليها؛ لأنّ لازم صحّة التزويج بالغير بعد انقضاء الأجل و الطلاق هي صيرورتها زوجة شرعيّة للزوج الثاني، و لم يتحقّق شي ء يقتضي ارتفاعها، فمجيئه في هذه الصورة إنّما هو كإرادة التزويج معها مع تطليقه إيّاها بنفسه و انقضاء عدّة الطلاق و تزويجها مع الغير، فكما أنّه لا سبيل له عليها هناك كذلك المقام.

الثالثة: الصورة المفروضة أيضاً مع كون مجي ء الزوج في أثناء العدّة، و مقتضى

ما ذكرنا جواز الرجوع إليها، كما أنّ له إبقاؤها على حالها حتى تنقضي عدّتها و تبين عنه، و قد عرفت «2» التصريح بهذه الصورة في موثّقة سماعة، و أنّه «إذا جاء الزوج في أثناء العدّة فهو أملك برجعتها».

الرابعة: الصورة المفروضة أيضاً مع كون مجي ء الزوج بعد انقضاء العدّة و قبل التزويج مع الغير، و في هذه الصورة ذكر المحقّق في الشرائع: فيه روايتان أشهرهما أنّه لا سبيل له عليها «3». بل ذكر في الجواهر: لم نقف على رواية الرجوع فيما وصل

______________________________

(1) في ص 170 171.

(2) في ص 170 171.

(3) شرائع الإسلام: 3/ 39.

تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة - الطلاق، المواريث، ص: 184

[مسألة 24: لو حصل لزوجة الغائب بسبب القرائن و تراكم الأمارات العلمُ بموته]

مسألة 24: لو حصل لزوجة الغائب بسبب القرائن و تراكم الأمارات العلمُ بموته جاز لها بينها و بين اللّٰه أن تتزوّج بعد العدّة من دون حاجة إلى مراجعة الحاكم، و ليس لأحد عليها اعتراض ما لم يعلم كذبها في دعوى العلم. نعم في

______________________________

إلينا، كما اعترف به غير واحد «1» ممّن سبقنا، بل في المسالك: لم نقف عليها بعد التتبّع التام «2»، و كذا قال جماعة ممّن سبقنا. نعم صريح النصوص السابقة أنّه لا سبيل له عليها حتى موثّق سماعة، الذي لم يذكر فيه الطلاق «3».

و قد انقدح ممّا ذكرنا وجه أقوائية القول الثاني كما أفاده في المتن، نعم حكي عن مختلف الفاضل التفصيل بين ما إذا كانت العدّة بعد طلاق الوليّ فلا سبيل للزوج عليها، و إن كانت بأمر الحاكم من غير طلاق كان أملك بها؛ لأنّ الأوّل طلاق شرعي قد انقضت عدّته بخلاف الثاني، فإنّ أمرها بالاعتداد كان مبنيّاً على الظنّ بوفاته و قد ظهر بطلانه، فلا أثر لتلك

العدّة و الزوجية باقية؛ لبطلان الحكم بالوفاة «4».

و يدفعه أنّ الحكم في جميع الفروض كما عرفت هو الطلاق، غاية الأمر أنّه قد يقع بإيقاع الولي و قد يقع بسبب الحاكم، و مع كون الواقع هو الطلاق تكون العدّة عدّة الوفاة، و عليه فلا فرق بين الصورتين، فتدبّر جيّداً.

______________________________

(1) السرائر: 2/ 737، مسالك الافهام: 9/ 290، رياض المسائل: 7/ 384، نهاية المرام: 2/ 107، كشف الرموز: 2/ 228.

(2) مسالك الافهام: 9/ 290.

(3) جواهر الكلام: 32/ 298.

(4) مختلف الشيعة: 7/ 376 377.

تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة - الطلاق، المواريث، ص: 185

جواز الاكتفاء بقولها و اعتقادها لمن أراد تزويجها و كذا لمن يصير وكيلًا عنها في إيقاع العقد عليها إشكال، و الأحوط لها أن تتزوّج ممّن لم يطلع بالحال و لم يدر أن زوجها قد فقد، و لم يكن في البين إلّا دعواها بأنّ زوجها مات، بل يقدم على تزويجها مستنداً إلى دعواها أنّها خليّة بلا مانع، و كذا توكّل من كان كذلك (1).

______________________________

(1) لو حصل لزوجة الغائب العلم بموت الزوج بسبب القرائن و تراكم الأمارات من دون فرق بين الأسباب؛ لأنّه لا فرق في القطع الطريقي بين سبب و سبب، يجوز فيما بينها و بين اللّٰه تبارك و تعالى أن تتزوّج بعد العدّة من دون حاجة إلى مراجعة الحاكم؛ لأنّ الرجوع إلى الحاكم إنّما هو لأجل التفحص و التفتيش، و مع العلم بالموت لا مجال للتفحص أصلًا، و في هذه الصورة ليس لأحد الاعتراض عليها ما لم يعلم كذبها في دعوى العلم، فإن كان العالم بالكذب هو الزوج الذي أراد أن يتزوّج بها، فلا إشكال في عدم جواز التزويج به؛ لأنّ علمها بموت الزوج الأوّل

و إن كانت صادقة في نفسها، لا يستلزم جواز التزويج بالغير، الذي يكون عالماً بكذبها و أنّ لها الزوج بحسب الواقع.

نعم، لو كان الزوج الثاني غير عالم بكذبها فتارةً يكون مطّلعاً على الحال و عالماً بأنّ زوجها قد فقد، و لا يكون في البين إلّا دعواها بأنّ زوجها قد مات، و أخرى لا يكون مطّلعاً على الحال، و استشكل في المتن في جواز الاكتفاء بقولها و اعتقادها مطلقاً، و احتاط وجوباً بعدم التزويج بمن كان مطّلعاً على الحال و إن كان لا يعلم بكذبها.

أقول: وجه الاستشكال أنّه لا دليل على جواز الاكتفاء بقولها فيما يرتبط إلى موت الزوج خصوصاً مع أنّ مقتضى الاستصحاب عدمه، و مع أنّ الرواية المتقدمة «1»

______________________________

(1) في ص 133.

تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة - الطلاق، المواريث، ص: 186

..........

______________________________

في بعض المسائل السابقة تدلّ على أنّ التفويض إلى النساء إنّما هو في أمور ثلاثة: الحيض و الطهر و الحمل. و الضابط الأمر الذي لا يعلم نوعاً إلّا من قبلهنّ. و موت الزوج لا يكون من هذه الأُمور، و لكن حيث إنّ موت الزوج و لو كان غائباً و حياته مرتبطان بالمرأة من جهات مختلفة، يمكن أن يقال بالقبول و الاكتفاء بقوله.

و أمّا وجه الاحتياط الوجوبي المذكور؛ فلأنّه مع الاطلاع و العلم بأنّ زوجها قد فقد، و لا يكون في البين إلّا دعواها بأنّ زوجها قد مات، قد علم بأنّ وظيفتها الأوّلية الفحص و التفتيش بعد المراجعة إلى الحاكم، و شكّ في سقوط هذه الوظيفة بسبب العلم بالموت الذي تدّعيه، و لا شاهد لها على ذلك، فمقتضى الاستصحاب العدم، و لكن لازم ذلك جريان الاحتياط الوجوبي بالإضافة إلى من كان زوجها حاضراً

غير مفقود، و ادّعت موته و انقضاء العدّة، مع أنّ الظاهر جواز الاتكال على قولها في ذلك، و هكذا في نظائر الفرض، و إلّا يلزم الإشكال في كثير من الموارد. فإذا ادّعت كونها يائسة و الانقطاع من الزوج قبل اليأس بزمن قليل بالطلاق في النكاح الدائم، أو بانقضاء المدّة أو هبتها في النكاح المنقطع، فهل لا يجوز الاكتفاء بقولها؟ الظاهر الجواز إلّا أن يقال بالفرق بين موت الزوج الذي هو عارض للرجل و بين اليأس الذي لا يعلم نوعاً إلّا من قبلها، و حتى في زماننا هذا الذي يكون مقدار السّن معلوماً من طريق المعرّف المكتوب الذي يقال له السجل (شناسنامه)؛ لاحتمال كون السن الواقعي أقل من ذلك المقدار أو أكثر، كما لا يخفى.

ثمّ إنّ ما ذكرناه في الزوج يجري في وكيل الزوجة في إيقاع العقد عليها، فيجري الاستشكال و الاحتياط الوجوبي فيه أيضاً.

تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة - الطلاق، المواريث، ص: 187

[القول في عدّة وطء الشبهة]

اشارة

القول في عدّة وطء الشبهة و المراد به وطء الأجنبيّة بشبهة أنّها حليلته إمّا لشبهة في الموضوع كما لو وَطِئ امرأة باعتقاد أنّها زوجته، أو لشبهة في الحكم كما إذا عقد على أُخت الموطوء معتقداً صحّته و دخل بها (1).

[مسألة 1: لا عدّة على المزني بها]

مسألة 1: لا عدّة على المزني بها سواء حملت من الزنا أم لا على الأقوى،

______________________________

(1) لا إشكال في أنّ المراد بوطء الشبهة وطء الأجنبية الواقعية بشبهة أنّها حليلته، إمّا لشبهة في الموضوع كما لو وطئ امرأة باعتقاد أنّها زوجته أو لشبهة في الحكم، كما إذا عقد على أُخت الموطوءة معتقداً صحّته و دخل بها، مثل ما نقلناه سابقاً «1» من بعض من ينتحل العلم من أنّ الجمع بين الأُختين المنهي عنه إنّما هو فيما إذا أراد الجمع بينهما في النكاح الدائم، و أمّا إذا أراد الجمع بينهما بالنكاح الدائم في إحداهما و بالمنقطع في الأُخرى فلا مانع منه، كما أنّه قد تكون الشبهة من الطرفين، و قد تكون من طرف الواطئ، و قد تكون من طرف الموطوءة.

______________________________

(1) تفصيل الشريعة/ كتاب النكاح: القول في المصاهرة، مسألة 15 و 16.

تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة - الطلاق، المواريث، ص: 188

و أمّا الموطوءة شبهة فعليها عدّة سواء كانت ذات بعل أو خلية، و سواء كانت لشبهة من الطرفين أو من طرف الواطئ، بل الأحوط لزومها إن كانت من طرف الموطوءة خاصّة (1).

______________________________

(1) أمّا عدم ثبوت العدّة على المزني بها، ففيما إذا لم تحمل من الزنا فواضح بعد عدم كون الوطء مجازاً في الشرع و محرّماً فيه لا يكون ملحوظاً عند الشارع في عالم الزوجية و الاستمتاع، لكن عن الفاضل في التحرير: أنّ عليها العدّة حينئذٍ «1»، و

في محكي المسالك: لا بأس به حذراً من اختلاط المياه و تشويش الأنساب «2»، بل في الحدائق اختياره «3» لرواية إسحاق بن جرير، عن أبي عبد اللّٰه (عليه السّلام) قال: قلت له: الرجل يفجر بالمرأة ثم يبدو له في تزويجها، هل يحلّ له ذلك؟ قال: نعم إذا هو اجتنبها حتى تنقضي عدّتها باستبراء رحمها من ماء الفجور، فله أن يتزوّجها، و إنّما يجوز له تزويجها بعد أن يقف على توبتها «4».

و رواية الحسن بن علي بن شعبة في تحف العقول، عن أبي جعفر محمد بن علي الجواد (عليهما السّلام)، أنّه سئل عن رجل نكح امرأة على زنا، أ يحلّ له أن يتزوّجها؟ فقال: يدعها حتى يستبرئها من نطفته و نطفة غيره، إذ لا يؤمن منها أن تكون قد أحدثت مع غيره حدثاً كما أحدثت معه، ثم يتزوّج بها إن أراد، فإنّما مثلها مثل نخلة أكل رجل منها حراماً، ثمّ اشتراها فأكل منها حلالًا «5».

______________________________

(1) تحرير الأحكام: 2/ 71.

(2) مسالك الافهام: 9/ 263.

(3) الحدائق الناضرة: 25/ 458.

(4) الكافي: 5/ 356 ح 4، الوسائل: 22/ 265، كتاب الطلاق، أبواب العدد ب 44 ح 1.

(5) تحف العقول: 454، الوسائل: 22/ 265، كتاب الطلاق، أبواب العدد ب 44 ح 2.

تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة - الطلاق، المواريث، ص: 189

..........

______________________________

و يؤيّدهما إطلاق ما دلّ على العدّة بالدخول و الماء «1»، و أنّ الحكمة فيها اختلاط الأنساب، لكن فيه: أنّ الخبر الأوّل دالّ على صحّة النكاح عليها بعد أن يقف على توبتها، مع أنّ صحّة النكاح لا يتوقّف على التوبة قطعاً، و الخبر الثاني دالّ على الجواز مع العلم بعدم تحقّق زنى بعد زناه، و محلّ الكلام أعمّ منه،

كما أنّ محلّ الكلام أعمّ من صورة الإنزال مع الدخول. و الروايتان منحصرتان بصورة الإنزال، فلا يبعد كما في الجواهر حمل الخبرين على ضرب من الندب «2».

و أمّا إذا حملت من زنا فإنّه لا إشكال بل لا خلاف في عدم ثبوت العدّة عليها، و لا تجري فيها الحكمة في العدّة و هي اختلاط الأنساب، و آية وَ أُولٰاتُ الْأَحْمٰالِ «3» لا تشملها بعد كون الموضوع في الآية هي نساؤكم، كما لا يخفى.

و أمّا ثبوت العدّة على الموطوءة بشبهة فمضافاً إلى أنّه مقتضى القاعدة، و المفروض أنّ الوطء حلال موجب للحوق الولد بالواطئ مع اجتماع شرائط اللحوق، و عدم إمكان اللحوق بالزوج فيما إذا كانت مزوّجة، كما إذا كان غائباً و طالت مدّة غيبته عن أقصى الحمل فيدلّ عليه الروايات «4» الكثيرة الواردة في فروع المسألة، مثل التزويج في العدّة و أنّه هل يوجب الحرمة الأبديّة، و مثل تداخل العدّتين فيما إذا كانت مزوّجة و قد طلّقها زوجها، مع أنّه لا خلاف فيه ظاهراً.

نعم وقع هنا كلام، و هو أنّ وقت الاعتداد من الشبهة هل هو آخر وطئه أم وقت

______________________________

(1) الوسائل: 22/ 175 177، كتاب الطلاق، أبواب العدد ب 1، و ج 21/ 319 320، كتاب النكاح، أبواب المهور ب 54.

(2) جواهر الكلام: 32/ 264.

(3) سورة الطلاق: 65/ 4.

(4) الوسائل: 20/ 446 456، أبواب ما يحرم بالمصاهرة ب 16 17.

تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة - الطلاق، المواريث، ص: 190

[مسألة 2: عدّة وطء الشبهة كعدّة الطلاق]

مسألة 2: عدّة وطء الشبهة كعدّة الطلاق بالأقراء و الشهور و بوضع الحمل لو حملت من هذا الوطء على التفصيل المتقدّم، و من لم يكن عليها عدّة الطلاق كالصغيرة و اليائسة ليس عليها هذه

العدّة أيضاً (1).

______________________________

الانجلاء؟ و الظاهر هو الثاني؛ لأنّ المراد حصول العلم ببراءة الرحم من ذلك الوطء الذي هو في الحقيقة موجب للعدّة لا غيره و إن كان عقداً فاسداً.

نعم، لا إشكال في ثبوت العدّة فيما إذا كانت الشبهة من الطرفين أو من طرف الواطئ خاصّة، و أمّا إذا كانت من طرف الموطوءة خاصّة ففيه إشكال من ثبوت وطء الشبهة، و هي لا تتقوّم بما إذا كانت من الطرفين، و المفروض أنّه موجب للعدّة، و من أنّ الوطء قائم بالزوج حقيقة، و هو يعلم بحرمته و عدم مشروعيّته، فهو في الحقيقة زنا، و قد عرفت عدم ثبوت العدّة في الزنا، و لكن حيث إنّ أمر الوطء و النكاح مشكل و الاحتياط في الفروج معروف، فالأحوط لزوماً الاعتداد في هذه الصورة أيضاً، كما في المتن.

نعم، قد تقدّم «1» البحث في تداخل العدّتين و عدمه فيما إذا طلّقها الزوج، و في أنّ العدّة المبتدأ بها عدّة وطء الشبهة أو عدّة الطلاق.

(1) مقدار الاعتداد من وطء الشبهة إنّما هو مقدار عدّة الطلاق الحاصلة بالأقراء و الشهور في الحائل، و وضع الحمل لو حملت من هذا الوطء على التفصيل المتقدّم «2»، و من لم يكن عليها عدّة طلاق كالصغيرة و إن دخل بها على ما تقدّم «3»، و اليائسة كذلك ليس عليها هذه العدّة أيضاً.

______________________________

(1) في ص 128 132.

(2) في ص 128 132.

(3) في ص 94 96.

تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة - الطلاق، المواريث، ص: 191

[مسألة 3: لو كانت الموطوءة شبهة ذات بعل لا يجوز لزوجها وطؤها في مدّة عدّتها]

مسألة 3: لو كانت الموطوءة شبهة ذات بعل لا يجوز لزوجها وطؤها في مدّة عدّتها، و هل يجوز له سائر الاستمتاعات منها أم لا؟ أحوطهما الثاني و أقواهما الأوّل، و الظاهر أنّه

لا تسقط نفقتها في أيام العدّة و إن قلنا بحرمة جميع الاستمتاعات منها (1).

______________________________

نعم، لا يتصوّر هنا عدّة غير المدخول بها، كما لا يخفى.

(1) لو كانت الموطوءة شبهة ذات بعل لا يجوز لزوجها وطؤها في مدّة عدتها قطعاً كما في الجواهر «1»؛ و لأنّ ثبوت العدّة لا يجتمع مع جواز الوطء، و لا مجال لأن يقال: إنّ ثبوت الاعتداد إنّما هو بالإضافة إلى غير الزوج، و في القواعد «2» و المسالك «3» المنع عن الاستمتاع بها إلى أن تنقضي عدّتها، لكن لا دليل عليه يصلح لمعارضة ما دلّ على الاستمتاع بالزوجة من الكتاب و السّنة «4» مثل قوله تعالىٰ نِسٰاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنّٰى شِئْتُمْ «5» فالأقوى هو الجواز، كما أنّ مقتضى الاحتياط الأوّل، و يؤيّد الأوّل أنّه من الواضح عدم خروجها عن المحرمية بذلك. و من المعلوم أنّ فرض المحرمية يستلزم جواز النظر، و من البعيد حصر جواز النظر فيما إذا لم يكن فيه تلذّذ و ريبة، و الفرق بين الاستمتاع الذي لا يلازم التصرّف فيها و بين جواز المسّ و أمثاله لم يقل به أحد.

ثم إنّ نفقتها في أيام العدّة إن كانت مزوّجة أو كالزوجة على الزوج، و إن قلنا

______________________________

(1) جواهر الكلام: 32/ 267.

(2) قواعد الاحكام: 2/ 74.

(3) مسالك الافهام: 9/ 264.

(4) الوسائل: 20/ 157 163، أبواب مقدمات النكاح ب 79، 80، 81.

(5) سورة البقرة: 2/ 223.

تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة - الطلاق، المواريث، ص: 192

[مسألة 4: إذا كانت خليّة يجوز لواطئها أن يتزوّج بها في زمن عدّتها بخلاف غيره]

مسألة 4: إذا كانت خليّة يجوز لواطئها أن يتزوّج بها في زمن عدّتها بخلاف غيره، فإنّه لا يجوز له ذلك على الأقوىٰ (1).

[مسألة 5: لا فرق في حكم وطء الشبهة من حيث العدّة و غيرها بين أن يكون مجرّداً عن العقد أو يكون بعده]

مسألة 5: لا فرق في حكم وطء الشبهة من حيث العدّة و غيرها بين أن يكون مجرّداً عن العقد أو يكون بعده بأن وطئ المعقود عليها بشبهة صحّة العقد مع فساده واقعاً (2).

______________________________

بحرمة جميع الاستمتاعات منها عليه، لأنّ النفقة من أحكام الزوجية و لا تلازم حلّية الاستمتاعات؛ و لذا لا فرق بين صورة الحيض و غيرها. نعم شرط الوجوب عدم الامتناع عن الاستمتاع في صورة الحلّية، كما تقدّم في كتاب النكاح «1».

(1) إذا كانت الموطوءَة بشبهة خلية يجوز لواطئها أن يتزوّج بها في زمن عدّتها، كما أنّه يجوز للزوج المطلّق أن يعقد على المطلقة بائناً في عدّتها؛ لأنّ الغرض من العدّة و الحكمة فيها عدم اختلاط الأنساب و هو غير متحقّق في الفرض، و منه يظهر أنّه لا يجوز لغير الواطئ ذلك لما ذكر، إلّا أن يقال: إنّ حرمة الوطء في العدّة بعد النكاح، بل حرمة مطلق الاستمتاعات لا تلازم عدم صحّة العقد، إلّا على مبنى الفاضل من أنّ كلّ نكاح لم يتعقبه حلّ الاستمتاع كان باطلًا «2» كالنكاح في حال الإحرام، فالإنصاف أنّه لا دليل على عدم الجواز الوضعي، كما هو ظاهر العبارة.

(2) قد عرفت أنّ الشبهة قد تكون في الموضوع كما لو وطئ امرأة أجنبيّة باعتقاد أنّها زوجته، و قد تكون في الحكم كما إذا وُطِئ المعقود عليها لشبهة صحّة العقد مع

______________________________

(1) تفصيل الشريعة/ كتاب النكاح: فصل في النفقات، مسألة 1.

(2) قواعد الاحكام: 2/ 74.

تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة - الطلاق، المواريث، ص: 193

[مسألة 6: لو كانت معتدّة بعدّة الطلاق أو الوفاة فوطئت شبهة]

مسألة 6: لو كانت معتدّة بعدّة الطلاق أو الوفاة فوطئت شبهة، أو وطئت ثمّ طلّقها أو مات عنها زوجها، فعليها عدّتان على الأحوط لو لم يكن

الأقوى، فإن كانت حاملًا من أحدهما تقدّمت عدّة الحمل، فبعد وضعه تستأنف العدّة الأُخرىٰ أو تستكمل الاولىٰ، و إن كانت حائلًا يقدّم الأسبق منهما، و بعد تمامها استقبلت العدّة الأُخرى من الآخر (1).

______________________________

فساده واقعاً؛ لأجل فقدان شرط من شروط الصحة أو وجدان مانع من الموانع، و الدليل على عدم الفرق بعض الروايات الواردة في الشبهة في هذا القسم منها مثل:

صحيحة الحلبي، عن أبي عبد اللّٰه (عليه السّلام)، قال: سألته عن المرأة الحبلى يموت زوجها فتضع و تزوّج قبل أن تمضي لها أربعة أشهر و عشراً؟ فقال: إن كان دخل بها فرّق بينهما ثم لم تحلّ له أبداً، و اعتدت بما بقي عليها من الأوّل، و استقبلت عدّة اخرى من الآخر ثلاثة قروء، و إن لم يكن دخل بها فرّق بينهما و اعتدت بما بقي عليها من الأوّل، و هو خاطب من الخطّاب «1».

فإنّ الظاهر أنّ التزويج في العدّة وقع جهلًا بالحكم، فالشبهة إنّما هي من جهة الحكم، و بعض الروايات الأُخر «2».

(1) لو كانت المعتدّة في عدّة الطلاق أو الوفاة فوطئت شبهة أو وطئت ثمّ طلّقها أو مات عنها زوجها، فهل يثبت عليها عدّتان أم لا؟ و قد احتاط بالأول لو لم يكن

______________________________

(1) الكافي: 5/ 427 ح 4، نوادر أحمد بن محمد بن عيسى: 110 ح 272، التهذيب: 7/ 306 ح 1273، الاستبصار: 3/ 186 ح 67، الوسائل: 20/ 451، كتاب النكاح، أبواب ما يحرم بالمصاهرة ب 17 ح 6.

(2) الوسائل: 20/ 450 456، كتاب النكاح، أبواب ما يحرم بالمصاهرة ب 17.

تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة - الطلاق، المواريث، ص: 194

[مسألة 7: لو طلّق زوجته بائناً ثم وطأها شبهة، اعتدّت عدّة اخرى على الأحوط]

مسألة 7: لو طلّق زوجته بائناً ثم وطأها شبهة، اعتدّت عدّة

اخرى على الأحوط بالتفصيل المتقدم في المسألة السابقة (1).

______________________________

الأقوى، و الدليل على تعدّد العدّة مضافاً إلى اقتضاء القاعدة له لتعدّد الموجب، و الأصل عدم التداخل خصوصاً إذا كان الموجب من شخصين كما هو المفروض بعض الروايات الواردة في المسألة، مثل:

صحيحة الحلبي المتقدّمة في ذيل المسألة السابقة، الدالّة على أنّه مع تحقّق الدخول من الثاني: «اعتدّت بما بقي من الأوّل، و استقبلت عدّة اخرى من الآخر ثلاثة قروء». و أولويّة المقام ممّا إذا تحقّق الموت في عدّة الطلاق و قد تقدّم «1»؛ لأنّ الموجب هناك أمران من شخص واحد.

و حينئذٍ إن كانت المرأة حائلًا يقدّم الأسبق منهما؛ لفرض تقدّم موجبه و عدم الدليل على تقدّم الآخر، فبعد فرض عدم التداخل يقدّم الأسبق لا محالة، و إن كانت حاملًا من أحدهما تقدّمت عدّة الحامل، فبعد وضعه تستأنف العدّة الأُخرى أو تستكمل العدّة الأُولى، و الدليل على تقدّم عدّة الحامل مضافاً إلى أنّه مع عدم التقدّم ربّما يتحقّق التداخل الذي قد فرضنا عدمه، أنّه لا يمكن العكس بعد ظهور كون المبدأ في هذه العدّة هو الوطء الموجب للحمل لا الانجلاء، كما عرفت «2» فيما سبق، فاللّازم تقديم عدّة الحامل، و بعد الوضع استئناف العدّة الأُخرى أو استكمال الاولى، كما لا يخفىٰ.

(1) المفروض في هذه المسألة كون الواطئ بالشبهة هو المطلّق لها بالطلاق

______________________________

(1) في ص 149 153.

(2) في 131 132.

تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة - الطلاق، المواريث، ص: 195

[مسألة 8: الموجب للعِدّة أمور]

مسألة 8: الموجب للعِدّة أمور: الوفاة، و الطلاق بأقسامه، و الفسخ بالعيوب، و الانفساخ بمثل الارتداد أو الإسلام أو الرّضاع، و الوطء بالشبهة مجرّداً عن العقد أو معه، و انقضاء المدّة أو هبتها في المتعة، و يشترط

في الجميع كونها مدخولًا بها إلّا الأوّل (1).

______________________________

البائن، الذي لا رجوع فيه حتى يكون الوطء رجوعاً، و الأحوط بل الأقوى كما عرفت تعدّد العدّة لتعدّد الموجب، و إن كانت العدّة من شخص واحد لفرض كون المطلّق و الواطئ واحداً.

(1) الموجب للعدّة أمور:

الأوّل: الوفاة، و قد تقدّم البحث في عدّة الوفاة، و أنّها ثابتة بالنسبة إلى الجميع حتّى الزوجة غير المدخول بها، و حتى المطلّقة بالطلاق الرجعي، و قد عرفت الفرق بين الحاضر و الغائب من حيث المبدأ، و أنّها في الثاني من حين بلوغ الخبر فراجع «1».

الثاني: الطلاق بأقسامه من دون فرق بين البائن و الرجعي، و كذا بين ما يحتاج إلى المحلّل و عدمه، و كذا بين طلاق الزوج الأصلي و المحلّل.

الثالث: الفسخ بالعيوب، و قد عرفت في كتاب النكاح «2» تفصيل البحث في هذا المجال، و أنّ العيوب إمّا أن تكون مختصّة بالرجال أو النساء أو مشتركة.

الرابع: الانفساخ الحاصل بمثل ارتداد الزوج أو إسلام الزوجة أو الرضاع فيما إذا كانت زوجته صغيرة، و كانت المرضعة زوجته الكبيرة، أو إرضاع أمّ الزوجة

______________________________

(1) في ص 164 165.

(2) تفصيل الشريعة/ كتاب النكاح: القول في العيوب الموجبة لخيار الفسخ.

تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة - الطلاق، المواريث، ص: 196

[مسألة 9: لو طلّقها رجعيّاً بعد الدخول ثمّ رجع ثمّ طلّقها قبل الدخول]

مسألة 9: لو طلّقها رجعيّاً بعد الدخول ثمّ رجع ثمّ طلّقها قبل الدخول لا يجري عليه حكم الطلاق قبل الدخول حتى لا يحتاج إلى العدّة، من غير فرق بين كون الطلاق الثاني رجعيّاً أو بائناً، و كذا الحال لو طلّقها بائناً ثم جدّد نكاحها في أثناء العدّة ثمّ طلّقها قبل الدخول، لا يجري عليها حكم الطلاق قبل الدخول، و كذا الحال فيما إذا عقد عليها منقطعاً

ثمّ وهب مدّتها بعد الدخول ثمّ تزوّجها ثمّ طلّقها قبل الدخول، فتوهّم جواز الاحتيال بنكاح جماعة في يوم واحد امرأة شابة ذات عدّة بما ذكر في غاية الفساد (1).

______________________________

ولده منها، فإنّه يتحقّق التحريم بالنسبة إلى الزوجة بلحاظ أنّ أب المرتضع لا ينكح في أولاد المرضعة نسباً و لو استدامة، فإنه حينئذٍ تحرم الزوجة و تثبت عليها العدّة.

الخامس: الوطء بالشبهة مجرّداً عن العقد أو معه كما عرفت التفصيل.

السادس: انقضاء المدّة أو هبتها في النكاح غير الدائم، فإنّه بنفسه يوجب العدّة مشروطاً بالدخول، الذي هو شرط في كلّ عدّة إلّا الوفاة على ما عرفت «1». غاية الأمر اختلاف العدد من جهة الأقراء أو القرئين أو الشهور أو مضيّ زمان خاص، كما أنّها مختلفة من جهة الوحدة و التعدد على ما تقدّم «2» من التفصيل، كما أنّك عرفت «3» أنّ اعتبار الدخول في ثبوت العدّة لا يكون على نسق واحد.

(1) لو طلّقها رجعيّاً بعد الدخول ثمّ رجع ثم طلّقها قبل الدخول لا يجرى عليه حكم الطلاق قبل الدخول حتى لا يحتاج إلى العدّة، من غير فرق بين أن يكون

______________________________

(1) في ص 145 146.

(2) في ص 193.

(3) في ص 90 118.

تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة - الطلاق، المواريث، ص: 197

[مسألة 10: المطلّقة بالطلاق الرجعي بحكم الزوجة في الأحكام]

مسألة 10: المطلّقة بالطلاق الرجعي بحكم الزوجة في الأحكام، فما لم يدلّ دليل على الاستثناء يترتّب عليها حكمها ما دامت في العدّة من استحقاق النّفقة

______________________________

الطلاق الثاني رجعيّاً أو بائناً، و ذلك مضافاً إلى جريان حكمة العدّة، و هي عدم اختلاط المياه و الأنساب، من دون فرق بين وقوع هذه الأُمور و هي الطلاق بعد الدخول و الرجوع، ثم الطلاق قبل الدخول في مدّة قليلة كيوم أو

يومين أو في مدّة كثيرة؛ لأنّه يصدق عليه الطلاق بعد الدخول بعد كون الرجوع بمنزلة عدم وقوع الطلاق قبله، فالطلاق بعده و إن كان قبل الدخول إلّا أنّه يصدق عليه الطلاق بعد الدخول الموجب للعدّة، و هكذا الحال لو طلّقها بائناً ثمّ جدّد نكاحها في أثناء العدّة ثم طلّقها قبل الدخول، فإنّه لا يجرى عليها حكم الطلاق قبل الدخول، و ذلك للدليل المذكور.

نعم، لو جدّد نكاحها في الفرض المزبور بعد انقضاء العدّة و تماميتها ثمّ طلّقها قبل الدخول، فإنّ هذا الطلاق طلاق قبل الدخول و لا يحتاج إلى العدّة؛ لفرض تماميّتها بالإضافة إلى الطلاق الأوّل، و لا مجال لتوهّم اختلاط الأنساب، و هكذا الحال فيما إذا عقد عليها منقطعاً ثم وهب مدّتها بعد الدخول، ثم تزوّجها ثم طلّقها قبل الدخول، فإنّه لا يجرى عليها حكم الطلاق قبل الدخول لما ذكرنا، خصوصاً إذا وقعت هذه الأُمور في مدة قليلة، و على ما ذكرنا فما توهّمه بعض من جواز الاحتيال بنكاح جماعة في يوم واحد امرأة شابة ذات عدّة مع دخول كلّ واحد بها بأن عقد الأوّل عليها منقطعاً ثمّ دخل بها ثمّ وهب مدّتها ثم تزوّجها دائماً ثم طلّقها قبل الدخول، و هكذا بالإضافة إلى الثاني و الثالث و هكذا في غاية الفساد؛ لعدم تحقّق عنوان الطلاق قبل الدخول حتى لا يحتاج إلى العدّة، فالاحتيال المذكور لا مجال له كما لا يخفىٰ.

تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة - الطلاق، المواريث، ص: 198

و السكنى و الكسوة إذا لم تكن و لم تصر ناشزة، و من التوارث بينهما، و عدم جواز نكاح أختها و الخامسة، و كون كفنها و فطرتها عليه. و أمّا البائنة كالمختلعة و المباراة

و المطلّقة ثلاثاً فلا يترتّب عليها آثار الزوجية مطلقاً لا في العدّة و لا بعدها، نعم لو كانت حاملًا من زوجها استحقت النفقة و الكسوة و السكنى عليه حتى تضع حملها كما مرّ (1).

______________________________

(1) قد تقدّم «1» في مسائل نفقة الزوجة أنّ المطلقة بالطلاق الرجعي بحكم الزوجة في جميع الأحكام إلّا ما دلّ دليل على الاستثناء، فما دامت في العدّة تستحق النفقة و السكنى و الكسوة إذا لم تكن و لم تصر ناشزة، و قد عرفت «2» أنّ الظاهر أنّها يوماً فيوماً فتكون المعتدة المفروضة كذلك، و هكذا مسألة التوارث بينهما من الطرفين و عدم جواز نكاح أختها و الخامسة، و كون كفنها و فطرتها عليه كالزوجة غير المطلّقة، بل و حتى جواز الوطء الذي يتحقق به الرجوع و لو لم يكن قاصداً له و هكذا سائر الأحكام.

و أمّا المطلقة بالطلاق البائن الذي لا يجوز للزوج الرجوع فيه لا قولًا و لا فعلًا، كالأمثلة المذكورة في المتن، فلا يترتّب عليها آثار الزوجية مطلقاً، لا في العدّة و لا بعدها؛ لعدم كونها زوجة، و لا بحكم الزوجة؛ لعدم جواز الرجوع للزوج، غاية الأمر الفرق بين الزوج و غيره إنّما هو في جواز أن يعقد عليها في غير الطلاق الثالث، و مثله في العدّة و عدم الجواز للغير؛ لتحقّق اختلاط المياه و الأنساب في الثاني دون الأوّل، إلّا أنّه لا يوجب صيرورتها بحكم الزوجة بعد عدم جواز الرجوع و انقطاع العصمة.

______________________________

(1) تفصيل الشريعة/ كتاب النكاح: فصل في النفقات، مسألة 6 و 10.

(2) تفصيل الشريعة/ كتاب النكاح: فصل في النفقات، مسألة 6 و 10.

تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة - الطلاق، المواريث، ص: 199

[مسألة 11: لو طلّقها مريضاً ترثه الزوجة ما بين الطلاق و بين سنة]

مسألة 11: لو

طلّقها مريضاً ترثه الزوجة ما بين الطلاق و بين سنة؛ بمعنى أنّه إن مات الزوج بعد ما طلّقها في حال المرض بالمرض المزبور لا بسبب آخر على الأقرب، فإن كان موته بعد سنة من حين الطلاق و لو يوماً أو أقل لا ترثه، و إن كان بمقدار سنة و ما دونها ترثه سواء كان الطلاق رجعيّاً أو بائناً، و ذلك بشروط ثلاثة:

الأوّل: أن لا تتزوّج المرأة، فلو تزوّجت بعد انقضاء عدّتها ثمّ مات الزوج لم ترثه.

الثاني: أن لا يبرأ من المرض الذي طلّقها فيه، فلو برأ منه ثم مرض و مات

______________________________

نعم، لو كانت المطلقة بائناً حاملًا من زوجها استحقّت النفقة و الكسوة و السكنى عليه حتى تضع حملها، إلّا أنّها سكنى نفقة لا سكنى اعتداد على وجه يحرم عليه إخراجها إلى منزل آخر لائق بحالها، و يحرم عليها الخروج كما في الجواهر «1».

و تقدّم «2» الكلام أيضاً في أنّ هذه النفقة للحمل أو الحامل و الآثار المترتّبة على الاحتمالين، و هل تثبت النفقة أيضاً في الوطء بالشبهة لو كانت حاملًا من الواطئ؟ قال الشيخ: نعم «3»، و قد استشكل فيه المحقق في الشرائع بقوله: و فيه إشكال ينشأ من توهّم اختصاص النفقة بالمطلقة الحامل دون غيرها من البائنات «4»، و ذكر في الجواهر: أنّه ليس من التوهّم بل هو المتحقّق، فالظاهر أنّه لا نفقة لها مطلقاً «5».

______________________________

(1) جواهر الكلام: 32/ 339.

(2) تفصيل الشريعة/ كتاب النكاح: فصل في النفقات، مسألة 6.

(3) المبسوط: 6/ 28 و 5/ 275.

(4) شرائع الإسلام: 3/ 43.

(5) جواهر الكلام: 32/ 340.

تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة - الطلاق، المواريث، ص: 200

في أثناء السنة لم ترثه، إلّا إذا مات في أثناء العدّة

الرجعيّة.

الثالث: أن لا يكون الطلاق بالتماس منها، فلا ترث المختلعة و المبارأة؛ لأنّ الطلاق بالتماسها (1).

______________________________

(1) الأصل في ذلك روايات متعددة واردة في هذا المجال، مثل:

رواية أبي العبّاس، عن أبي عبد اللّٰه (عليه السّلام) قال: إذا طلّق الرجل المرأة في مرضه، ورثته ما دام في مرضه ذلك، و إن انقضت عدّتها، إلّا أن يصحّ منه، قال: قلت: فإن طال به المرض؟ فقال: ما بينه و بين سنة «5».

و صحيحة الحلبي المضمرة أنّه سئل عن رجل يحضره الموت فيطلّق امرأته، هل يجوز طلاقه؟ قال: نعم، و إن مات ورثته، و إن ماتت لم يرثها «1».

و مرسلة أبان بن عثمان، عن رجل، عن أبي عبد اللّٰه (عليه السّلام): أنّه قال في رجل طلّق امرأته تطليقتين في صحّة، ثم طلّق التطليقة الثالثة و هو مريض: أنّها ترثه ما دام في مرضه و إن كان إلى سنة «2».

و رواية سماعة قال: سألته (عليه السّلام) عن رجل طلّق امرأته و هو مريض؟ قال: ترثه ما دامت في عدّتها و إن طلّقها في حال إضرار فهي ترثه إلى سنة، فإن زاد على السنة يوماً واحداً لم ترثه، و تعتدّ منه أربعة أشهر و عشراً عدّة المتوفى عنها زوجها «3».

و رواية عبيد بن زرارة، عن أبي عبد اللّٰه (عليه السّلام) قال: سألته عن رجل طلّق امرأته و هو مريض حتى مضى لذلك سنة؟ قال: ترثه إذا كان في مرضه الذي طلّقها،

______________________________

(5) الكافي: 6/ 122 ح 7 و ج 7/ 134 ح 5، الوسائل: 22/ 151، أبواب أقسام الطلاق ب 22 ح 1.

(1) الكافي: 6/ 123 ح 11، الوسائل: 22/ 151، أبواب أقسام الطلاق ب 22 ح 2.

(2) الكافي: 6/ 123 ح 10،

الوسائل: 22/ 152، أبواب أقسام الطلاق ب 22 ح 3.

(3) الكافي: 6/ 122 ح 9، الوسائل: 22/ 152، أبواب أقسام الطلاق ب 22 ح 4.

تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة - الطلاق، المواريث، ص: 201

..........

______________________________

لم يصحّ بين ذلك «1».

و رواية أُخرى لأبي العباس، عن أبي عبد اللّٰه (عليه السّلام) قال: قلت له: رجل طلّق امرأته و هو مريض تطليقة، و قد كان طلّقها قبل ذلك تطليقتين، قال: فإنّها ترثه إذا كان في مرضه، قلت: فما حدّ ذلك؟ قال: لا يزال مريضاً حتى يموت و إن طال ذلك إلى سنة «2».

و رواية الحذاء، و عن مالك بن عطية، عن أبي الورد كليهما، عن أبي جعفر (عليه السّلام) قال: إذا طلّق الرجل امرأته تطليقة في مرضه، ثمّ مكث في مرضه حتى انقضت عدّتها، فإنّها ترثه ما لم تتزوّج، فإن كانت تزوّجت بعد انقضاء العدّة فإنّها لا ترثه «3».

و مرسلة عبد الرحمن بن الحجاج، عمّن حدّثه، عن أبي عبد اللّٰه (عليه السّلام) قال في رجل طلّق امرأته و هو مريض، قال: إن مات في مرضه و لم تتزوّج ورثته، و إن كانت تزوّجت فقد رضيت بالذي صنع لا ميراث لها «4».

و رواية محمد بن القاسم الهاشمي قال: سمعت أبا عبد اللّٰه (عليه السّلام) يقول: لا ترث المختلعة و لا المبارأة و لا المستأمرة في طلاقها من الزوج شيئاً إذا كان ذلك منهنّ في

______________________________

(1) الكافي: 6/ 122 ح 5، التهذيب: 8/ 78 ح 264، الاستبصار: 3/ 305 ح 1084، الوسائل: 22/ 153، أبواب أقسام الطلاق ب 22 ح 7.

(2) الكافي: 6/ 122 ح 6، الوسائل: 22/ 153، أبواب أقسام الطلاق ب 22 ح 8.

(3) الكافي: 6/ 121

ح 2، التهذيب: 8/ 77 ح 262، الاستبصار: 3/ 304 ح 1082، الوسائل: 22/ 152، أبواب أقسام الطلاق ب 22 ح 5.

(4) الكافي: 6/ 121 ح 3، التهذيب: 8/ 77 ح 263، الاستبصار: 3/ 305 ح 1083، الوسائل: 22/ 153، أبواب أقسام الطلاق ب 22 ح 6.

تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة - الطلاق، المواريث، ص: 202

..........

______________________________

مرض الزوج و إن مات؛ لأنّ العصمة قد انقطعت منهنّ و منه «1».

إلى غير ذلك من الروايات الواردة «2»، التي يتحصّل من مجموعها بعد ضمّ بعضها ببعض، و حمل المطلق على المقيّد، و ملاحظة إطلاق السؤال و ترك الاستفصال في الجواب، أمور تالية:

1 لو طلّقها في حال المرض و استدام إلى حين الموت ترثه الزوجة في الجملة.

2 أنّ إرثها منه في الصورة المفروضة إنّما هو فيما إذا لم يكن موته أزيد من سنة واحدة من حين الطلاق.

3 إنّ السنة المعلّق عليها الحكم سنة حقيقية لا أزيد و لو كان يوماً أو أقل.

4 إنّه لا فرق في هذا الحكم بين الطلاق الرجعي و البائن.

5 اعتبار أمور ثلاثة في ثبوت هذا الإرث، و هي: أن لا تتزوّج المرأة بعد انقضاء عدّتها بزوج آخر، و أن لا يبرأ الزوج المطلّق من المرض الذي طلّقها فيه، و أن لا يكون الطلاق بالتماس منها كالمختلعة و المبارأة و المستأمرة في طلاقها شيئاً.

6 عدم اختصاص الحكم بصورة وجود التهمة بإرادة الإضرار بها، و إن حكي عن الشيخ في بعض كتبه «3»، لكنّ الظاهر العدم، و أنّ الحكم معلّق على الطلاق في المرض مطلقاً، سواء أراد الإضرار بها أم لم يرد ذلك.

7- اختصاص الحكم بإرث الزوجة، و أمّا إرث الزوج منها فهو باقٍ على القاعدة.

______________________________

(1)

التهذيب: 8/ 100 ح 335، الوسائل: 26/ 229، أبواب ميراث الأزواج ب 15 ح 1.

(2) الوسائل: 22/ 151 156، أبواب أقسام الطلاق ب 22، الوسائل: 26/ 222 229، أبواب ميراث الأزواج ب 14، 15.

(3) أي اختصاص الحكم بإرادة الإضرار بها، الإستبصار: 3/ 306 ذح 1089.

تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة - الطلاق، المواريث، ص: 203

[مسألة 12: لا يجوز لمن طلّق رجعيا أن يخرج المطلّقة من بيته حتى تنقضي عدّتها]

مسألة 12: لا يجوز لمن طلّق رجعيا أن يخرج المطلّقة من بيته حتى تنقضي عدّتها، إلّا أن تأتي بفاحشة توجب الحدّ، أو تأتي بما يوجب النشوز، و أمّا مطلق المعصية فلا توجب جواز إخراجها، و أمّا البذاء باللسان و إيذاء الأهل إذا لم ينته إلى النشوز، ففي كونه موجباً له إشكال و تأمّل، و لا يبعد أن يكون ما يوجب الحدّ موجباً لسقوط حقّها مطلقاً، و ما يوجب النشوز موجباً لسقوطه ما دام بقاؤها عليه، و إذا رجعت رجع حقّها، و كذا لا يجوز لها الخروج بدون إذن زوجها إلّا لضرورة أو أداء واجب مضيّق (1).

______________________________

8- الظاهر اختصاص الحكم بما إذا كان سبب موته المرض الذي طلّقها فيه، و أمّا إذا كان السبب أمراً آخر، فلا دليل على ثبوت الإرث إلّا في المعتدّة بالعدّة الرجعية، التي هي بحكم الزوجة كما عرفت «1».

(1) الأصل في ذلك قوله تعالىٰ لٰا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَ لٰا يَخْرُجْنَ إِلّٰا أَنْ يَأْتِينَ بِفٰاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ «2».

و قد وردت فيه روايات كثيرة، مثل:

صحيحة سعد بن أبي خلف قال: سألت أبا الحسن موسى (عليه السّلام) عن شي ء من الطلاق، فقال: إذا طلّق الرجل امرأته طلاقاً لا يملك فيه الرجعة، فقد بانت منه ساعة طلّقها، و ملكت نفسها، و لا سبيل له عليها، و تعتدّ حيث شاءت، و

لا نفقة لها، قال: قلت: أَ ليس اللّٰه عزّ و جلّ يقول لٰا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَ لٰا يَخْرُجْنَ؟ قال: فقال: إنّما عنى بذلك التي تطلّق تطليقةً بعد تطليقة، فتلك التي

______________________________

(1) في ص 198 199.

(2) سورة الطلاق: 65/ 1.

تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة - الطلاق، المواريث، ص: 204

..........

______________________________

لا تُخرج، و لا تخرج حتى تطلّق الثالثة، فإذا طلّقت الثالثة، فقد بانت منه و لا نفقة لها، و المرأة التي يطلّقها الرجل تطليقة ثمّ يدعها حتى يخلو أجلها، فهذه أيضاً تقعد في منزل زوجها، و لها النفقة و السكنى حتى تنقضي عدّتها «1».

و موثقة إسحاق بن عمّار، عن أبي الحسن (عليه السّلام)، قال: سألته عن المطلّقة أين تعتدّ؟ فقال: في بيت زوجها «2».

و موثقة سماعة بن مهران قال: سألته عن المطلقة أين تعتد؟ فقال: في بيتها لا تخرج، الحديث «3».

و رواية أبي بصير، عن أحدهما (عليهما السّلام) في المطلقة أين تعتدّ؟ فقال: في بيتها إذا كان طلاقاً له عليها رجعة، ليس له أن يُخرجها، و لا لها أن تخرج حتى تنقضي عِدّتها «4».

و صحيحة الحلبي، عن أبي عبد اللّٰه (عليه السّلام) قال: لا ينبغي للمطلّقة أن تخرج إلّا بإذن زوجها حتى تنقضي عدّتها ثلاثة قروء أو ثلاثة أشهر إن لم تحض «5».

و رواية أبي الصباح الكناني، عن أبي عبد اللّٰه (عليه السّلام) قال: تعتدّ المطلقة في بيتها، و لا ينبغي للزوج إخراجها و لا تخرج هي «6».

إلى غير ذلك من الروايات الواردة في هذا المجال «7»، و محصّلها و الآية المرتبطة أنّه لا يجوز إخراجهنّ من بيوتهنّ و لا خروجهنّ منها، و إضافة البيوت إليهنّ ليست

______________________________

(1) الكافي: 6/ 90 ح 5، الوسائل: 22/

216، كتاب الطلاق، أبواب العدد ب 20 ح 1.

(2) الكافي: 6/ 91 ح 8، الوسائل: 22/ 213، كتاب الطلاق، أبواب العدد ب 18 ح 4.

(3) الكافي: 6/ 90 ح 3، الوسائل: 22/ 213، كتاب الطلاق، أبواب العدد ب 18 ح 3.

(4) الكافي: 6/ 91 ح 9، الوسائل: 22/ 214، كتاب الطلاق، أبواب العدد ب 18 ح 6.

(5) الكافي: 6/ 89 ح 1، الوسائل: 22/ 212، كتاب الطلاق، أبواب العدد ب 18 ح 1.

(6) الكافي: 6/ 91 ح 6، الوسائل: 22/ 213، كتاب الطلاق، أبواب العدد ب 18 ح 5.

(7) الوسائل: 22/ 212 221، كتاب الطلاق، أبواب العدد ب 18 23.

تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة - الطلاق، المواريث، ص: 205

..........

______________________________

لأجل ملكيتهنّ لها، بل لأجل كونها مسكناً لهنّ في حال الزوجية، و إن كانت مرتبطة بالأزواج. و قد ذكر صاحب الجواهر (قدّس سرّه): أنّ ظاهر غير واحد من الأصحاب أنّ وجوب الإسكان المزبور من حيث وجوب نفقتها عليه في العدّة لأنّ المفروض كون طلاقها رجعيّاً و من هنا كان استحقاقها عليه، حيث تستحقها عليه، فلو كانت صغيرة وطئت و لو محرّماً أو ناشزاً من الزوجية أو في أثناء العدّة فلا سكنى لها كما لا نفقة.

نعم، يفترق عن سكنى النفقة بعدم جواز خروجها منه و لو اتفقا عليه، بل يمنعهما الحاكم من ذلك؛ لأنّ فيه حقّا للّٰه تعالى شأنه كما أنّ في العدّة حقّا له، بخلاف سكنى الإنفاق التي حقّها مختصّ بالزوجة، بل عن الكشاف للزمخشري أنّه إنّما جمع في الآية بين النهيين ليشعر بأن لا يأذنوا و أن ليس لإذنهم أثر «1».

لكن قد يشكل بما في بعض الروايات التصريح بالجواز فيما إذا طابت نفس الزوج،

كصحيحة الحلبي المتقدّمة، و رواية معاوية بن عمّار، عن أبي عبد اللّٰه (عليه السّلام) قال: سمعته يقول: المطلّقة تحجّ في عدّتها إن طابت نفس زوجها «2».

و من الواضح أنّ المراد هو الحجّ الاستحبابي، و لم يثبت إعراض المشهور القادح في الحجية، بل عن الفضل بن شاذان أنّ معنى الخروج و الإخراج ليس هو أن تخرج المرأة إلى أبيها، أو تخرج في حاجة لها، أو في حقّ بإذن زوجها، مثل مأتم و ما أشبه ذلك، و إنّما الخروج و الإخراج أن تخرج مراغمة و يخرجها مراغمة، فهذا الذي نهى اللّٰه عنه، فلو أنّ امرأة استأذنت أن تخرج إلى أبويها أو تخرج إلى حقّ لم نقل إنّها

______________________________

(1) الكشاف: 4/ 554.

(2) الكافي: 6/ 91 ح 12، التهذيب: 8/ 131 ح 452، الاستبصار: 3/ 333 ح 1187، الوسائل: 22/ 219، كتاب الطلاق، أبواب العدد ب 22 ح 2.

تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة - الطلاق، المواريث، ص: 206

..........

______________________________

خرجت من بيت زوجها، و لا يقال: إنّ فلاناً أخرج زوجته من بيتها، إنّما يقال ذلك إذا كان ذلك على الرغم و السخط، و على أنّها لا تريد العود إلى بيتها فإمساكها على ذلك إلى أن قال: إنّ أصحاب الأثر و أصحاب الرأي و أصحاب التشيّع قد رخّصوا لها في الخروج، الذي ليس على السخط و الرغم، و أجمعوا على ذلك .. لأنّ المستعمل في اللغة هذا الذي وصفناه «1» «2».

و حينئذٍ فالظاهر جواز الخروج بإذن الزوج، و لا فرق في ذلك بين الحج الاستحبابي و غيره، كما لا يخفى.

ثمّ إنّه قد استثنى في الكتاب الذي هو الأصل في هذا الحكم صورة الإتيان بفاحشة مبيّنة، و قد وقع الاختلاف في

المراد منها، و المذكور في الشرائع قوله: و هو أن تفعل ما يجب به الحدّ فتخرج لإقامته، و أدنى ما تخرج له أن تؤذي أهله «3». و يظهر منه أنّ عدم جواز الإخراج في صورة عدم الإتيان بفاحشة مبيّنة إنّما هو لأجل عدم إقامة الحدّ عليها المستلزمة للخروج من بيتها، و عليه فيعتبر أمران في الفاحشة المذكورة: أحدهما: كونها موجبة للحدّ. و ثانيهما: الصلاحية للإثبات عند الحاكم حتى يحكم عليها بالحدّ، فلا وجه حينئذٍ لجعل إيذاء الأهل موجباً لجواز الإخراج، فتنحصر في مثل الزنا و المساحقة بما يوجب الحدّ بعد الإثبات، و لكن هنا روايات «4» تدلّ على جواز الإخراج لذلك، قال الشيخ في محكيّ النهاية: قد

______________________________

(1) الكافي: 6/ 95.

(2) جواهر الكلام: 32/ 331 332.

(3) شرائع الإسلام: 3/ 42.

(4) الوسائل: 22/ 220 221، كتاب الطلاق، أبواب العدد ب 23.

تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة - الطلاق، المواريث، ص: 207

..........

______________________________

روي أنّ أدنى ما يجوز له معه إخراجها أن تؤذي أهل الرجل «3»، و في مجمع البيان أنّه المرويّ عن أبي جعفر و أبي عبد اللّٰه (عليهما السّلام) «4».

و كيف كان، فالروايات الواردة في تفسير الفاحشة المبيّنة على طائفتين:

الطائفة الأُولى: ما يظهر منه عدم الشمول لإيذاء الأهل و يساعدها الاعتبار؛ لعدم عدّ مجرّد الإيذاء فاحشةً و إن كان مناسباً لجواز الإخراج، مثل:

مرسلة الصدوق المعتبرة قال: سئل الصادق (عليه السّلام) عن قول اللّٰه عزّ و جلّ وَ اتَّقُوا اللّٰهَ رَبَّكُمْ لٰا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَ لٰا يَخْرُجْنَ إِلّٰا أَنْ يَأْتِينَ بِفٰاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ «1» قال: إلّا أن تزني فتخرج و يقام عليها الحدّ «2».

و رواية سعد بن عبد اللّٰه المروية عن كتاب كمال الدين و تمام النعمة

عن صاحب الزّمان (عليه السّلام) قال: قلت له: أخبرني عن الفاحشة المبيّنة، التي إذا أتت المرأة بها في أيام عدّتها، حلّ للزوج أن يخرجها من بيته؟ قال (عليه السّلام): الفاحشة المبيّنة هي السحق دون الزّنا، فإنّ المرأة إذا زنت، و أُقيم عليها الحدّ، ليس لمن أرادها أن يمتنع بعد ذلك من التزويج بها لأجل الحدّ، و إذا سحقت وجب عليها الرجم، و الرجم خزي، و من قد أمر اللّٰه عزّ و جلّ برجمه فقد أخزاه، و من أخزاه فقد أبعده، و من أبعده فليس لأحد أن يقربه، الحديث «3».

و الظاهر أنّ المراد نفي اختصاص الفاحشة بالزنا بل شمولها للسحق أيضاً، و إلّا

______________________________

(3) النهاية: 534.

(4) مجمع البيان: 10/ 36، الوسائل: 22/ 221، كتاب الطلاق، أبواب العدد ب 23 ح 5.

(1) سورة الطلاق: 65/ 1.

(2) الفقيه: 3/ 322 ح 1565، الوسائل: 22/ 220، كتاب الطلاق، أبواب العدد ب 23 ح 3.

(3) كمال الدين: 459، الوسائل: 22/ 221، كتاب الطلاق، أبواب العدد ب 23 ح 4.

تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة - الطلاق، المواريث، ص: 208

..........

______________________________

فالزنا هو الفرد الواضح للفاحشة.

الطائفة الثانية: ما تدل على الشمول، مثل:

مرسلة إبراهيم بن هاشم، عن الرّضا (عليه السّلام) في قوله تعالىٰ لٰا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَ لٰا يَخْرُجْنَ إِلّٰا أَنْ يَأْتِينَ بِفٰاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ قال: أذاها لأهل زوجها و سوء خلقها «1».

و مرسلة محمد بن علي بن جعفر قال: سأل المأمون الرضا (عليه السّلام) عن قول اللّٰه عزّ و جلّ لٰا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَ لٰا يَخْرُجْنَ إِلّٰا أَنْ يَأْتِينَ بِفٰاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ قال: يعني بالفاحشة المبيّنة أن تؤذي أهل زوجها، فإذا فعلت فإن شاء أن يخرجها من قبل أن تنقضي عدّتها فعل

«2».

و ما رواه في مجمع البيان في قوله تعالىٰ لٰا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَ لٰا يَخْرُجْنَ إِلّٰا أَنْ يَأْتِينَ بِفٰاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ قال: قيل: هي البذاء على أهلها، فيحلّ لهم إخراجها. و هو المرويّ عن أبي جعفر و أبي عبد اللّٰه (عليهما السّلام) «3».

قال أي صاحب مجمع البيان-: و روى علي بن أسباط، عن الرضا (عليه السّلام) قال: الفاحشة أن تؤذي أهل زوجها و تسبّهم «4».

و لعلّه لأجل وجود الطائفتين قد جمع المحقق في عبارته المتقدّمة بين أمرين من دون الاختصاص بمثل الزنا أو بالإيذاء المذكور، و حيث إنّ روايات الطائفة الثانية مرسلة بأجمعها؛ فلذا استشكل و تأمّل في ذلك في المتن، و لكن مقتضى الاحتياط ما ذكرنا، فتدبّر جيّداً.

______________________________

(1) الكافي: 6/ 97 ح 1، التهذيب: 8/ 131 ح 455، الوسائل: 22/ 220، كتاب الطلاق، أبواب العدد ب 23 ح 1.

(2) الكافي: 6/ 97 ح 2، الوسائل: 22/ 220، كتاب الطلاق، أبواب العدد ب 23 ح 2.

(3) مجمع البيان: 10/ 36، الوسائل: 22/ 221، كتاب الطلاق، أبواب العدد ب 23 ح 5.

(4) مجمع البيان: 10/ 36، الوسائل: 22/ 221 222، كتاب الطلاق، أبواب العدد ب 23 ح 6.

تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة - الطلاق، المواريث، ص: 209

[القول في الرّجعة]

اشارة

القول في الرّجعة و هي ردّ المطلّقة في زمان عدّتها إلى نكاحها السابق، و لا رجعة في البائنة و لا في الرجعية بعد انقضاء عدّتها (1).

[مسألة 1: الرجعة إمّا بالقول]

مسألة 1: الرجعة إمّا بالقول و هو: كلّ لفظ دلّ على إنشاء الرجوع كقوله: «راجعتك إلى نكاحي» و نحوه، أو دلّ على التمسّك بزوجيتها كقوله: «رددتك إلى نكاحي» أو «أمسكتك في نكاحي» و يجوز في الجميع إسقاط قوله: «إلى

______________________________

(1) الرجعة لغةً: المرّة من الرجوع، و شرعاً: ردّ المرأة المطلّقة بالطلاق الرجعي في زمان العدّة إلى النكاح السابق، فلا رجعة في الطلاق البائن و لا الرجعي بعد انقضاء العدّة و تماميّتها، و الدليل على المشروعية قوله تعالى وَ بُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذٰلِكَ إِنْ أَرٰادُوا إِصْلٰاحاً «1» الآية و الروايات المتعدّدة «2»، بل لا خلاف بين المسلمين في ذلك.

______________________________

(1) سورة البقرة: 2/ 228.

(2) الوسائل: 22/ 108 110، أبواب أقسام الطلاق ب 2.

تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة - الطلاق، المواريث، ص: 210

نكاحي» و: «في نكاحي» و لا يعتبر فيه العربيّة، بل يقع بكلّ لغة إذا أفاد المعنى المقصود. و إمّا بالفعل بأن يفعل بها ما لا يحلّ إلّا للزوج بحليلته كالوطء و التقبيل و اللمس بشهوة أو بدونها (1).

______________________________

(1) الرجعة من الأُمور الإنشائية الإيقاعية، و يتحقّق إمّا بالقول و إمّا بالفعل، أمّا القول فهو كلّ لفظ دلّ إمّا على الرجوع كقوله: راجعتك و ارتجعتك مطلقاً، أو مع إضافة قوله إلى نكاحي أو في نكاحي، أو على التمسك بزوجته، كقوله: رددتك إلى نكاحي، أو أمسكتك في نكاحي أو مطلقاً، و لا دليل على اعتبار العربيّة، بل يقع بكلّ لغة إذا أفاد المعنى المقصود، كسائر العقود و الإيقاعات مع عدم قيام

دليل على اعتبار العربيّة، كما في النكاح الدائم على احتمال.

نعم، ربما يحتمل عدم كون الرجعة من أقسام الإيقاع حتى يعتبر فيها ما يعتبر في سائر العقود و الإيقاعات من أُمور متعددة عمدتها ترجع إلى اعتبار القصد إلى المضمون و اعتبار الصراحة أو الظهور، بل هي من حقوق المطلّق، كما ربما يؤيّده عدم اعتبار لفظ مخصوص فيها، و عدم اعتبار الاقتران مع القصد في الفعل الذي يتحقّق به الرجوع، كالوطء بل التقبيل و اللمس اللذين ربّما يجتمعان مع عدم الزوجية، و سيأتي إن شاء اللّٰه تعالى أنّ إنكار الطلاق رجعة، و لا يعهد مثل ذلك في سائر العقود و الإيقاعات.

هذا، خصوصاً مع أنّ الكلام لا يرتبط بمقام الإثبات و وجود الاختلاف بين الزوجين في ذلك، بل بمقام الثبوت و أصل التحقق مع عدم الاختلاف أصلًا. و كيف كان، فلا دليل على اعتبار الصراحة بل الظهور المعتمد عند العقلاء في تحقّق الرجوع.

و أمّا الفعل، فقد ذكر في المتن أنّه عبارة عن أن يفعل بها ما لا يحلّ إلّا للزوج بحليلته كالامور المذكورة في المتن، و مقتضى ذلك أن يكون تكرار

تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة - الطلاق، المواريث، ص: 211

..........

______________________________

النظر إليها رجوعاً أيضاً، خصوصاً إذا كان مع الشهوة؛ لأنّه لا يحلّ إلّا لمثل الزوج بحليلته، و في صحيحة محمد بن القاسم، قال سمعت أبا عبد اللّٰه (عليه السّلام) يقول: من غشي امرأته بعد انقضاء العدّة جلد الحدّ، و إن غشيها قبل انقضاء العدّة غشيانه إيّاها رجعة «1».

و ظاهرها أنّ نفس الغشيان في العدّة رجعة و إن لم يكن مع قصد الرجوع، بل عن كشف اللثام احتمال ذلك حتى مع نيّة الخلاف لإطلاق النص و الفتوى

«2».

نعم، لا اعتبار بفعل الغافل و النائم و غيرهما ممّا لا قصد فيه لأصل الفعل، كما لا اعتبار بالفعل المقصود بها غيرها، كما لو ظنّ أنّها غير المطلّقة فواقعها مثلًا. و غير خفي أنّ حلّية الأفعال المذكورة لا تحتاج إلى تقدّم الرجعة و وقوعها قبلها لأنّها زوجة؛ لأنّ المفروض أنّها المعتدّة بالعدّة الرجعية و المطلّقة كذلك زوجة.

هذا، و لكن في الحدائق و غيرها المفروغية عن اعتبار قصد الرجوع بالفعل؛ لأنّ الأحكام صحّة و بطلاناً و ثواباً و عقاباً دائرة مدار المقصود «3».

و ذكر في الجواهر: أنّه كما ترى لا يستأهل ردّاً، ضرورة تحقّق القصد إلى الفعل في مقابل الساهي و النائم و مثلهما، و إنّما المفقود قصد الرجوع الذي هو أمر زائد «4».

و كيف كان، فظاهر الصحيحة المتقدّمة أنّ نفس غشيانه إيّاها يعني في العدّة رجعة، و هو يشعر بل يدلّ على عدم اعتبار قصد الرجوع، فالظاهر أن يقال بعد

______________________________

(1) التهذيب: 10/ 25 ح 74، الوسائل: 28/ 131، أبواب حدّ الزنا ب 29 ح 1.

(2) كشف اللثام: 2/ 131.

(3) الحدائق الناضرة: 25/ 358، رياض المسائل: 7/ 351، الروضة البهية: 6/ 50، نهاية المرام: 2/ 71 72.

(4) جواهر الكلام: 32/ 181.

تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة - الطلاق، المواريث، ص: 212

[مسألة 2: لا تتوقّف حلّية الوطء و ما دونه من التقبيل و اللمس على سبق الرجوع لفظاً، و لا على قصد الرجوع به]

مسألة 2: لا تتوقّف حلّية الوطء و ما دونه من التقبيل و اللمس على سبق الرجوع لفظاً، و لا على قصد الرجوع به؛ لأنّ الرّجعية بحكم الزوجة، و هل يعتبر في كونه رجوعاً أن يقصد به الرجوع؟ قولان، أقواهما العدم، و لو قصد عدم الرجوع، و عدم التمسّك بالزوجية، ففي كونه رجوعاً تأمّل. نعم في خصوص الغشيان غير بعيد، و لا عبرة بفعل

الغافل و السّاهي و النائم ممّا لا قصد فيه للفعل، كما لا عبرة بالفعل المقصود به غير المطلّقة كما لو واقعها باعتقاد أنّها غيرها (1).

______________________________

استبعاد أن يكون الفعل الخالي عن قصد الرجوع رجوعاً لما أفاده في الحدائق بإمكان الفرق بين الوطء و غيره من الأفعال-: بأنّ الأوّل رجوع و إن لم يكن مع قصده، و الثاني رجوع فيما إذا كان مع القصد؛ لأجل أنّ مقتضى إطلاق النص الوارد في الأوّل ذلك، فيحمل على كونه رجوعاً تعبداً، و الثاني باقٍ على مقتضى القاعدة؛ و لعلّ السرّ فيه أنّ حلّية الوطء من ناحية لأجل أنّها زوجة، و كون العدّة مرتبطة بالدخول و لذا ذكرنا أنّه لا تكون العدّة على غير المدخول بها؛ لعدم اختلاط المياه، و الأنساب لا تجتمعان إلّا مع كون الوطء رجوعاً، فكيف يمكن أن يقال: بأنّ الوطء في أثناء العدّة أو في آخرها لا يكون رجوعاً، مع أنّ تمامية العدّة مع ذلك و التزويج بآخر مستلزم للاختلاط المذكور، و هذا بخلاف مثل التقبيل و اللمس و النظر و إن كانت مقرونة بالشهوة، فتدبّر و اغتنم. فانقدح حينئذٍ الفرق بين الوطء و غيره من الأفعال في أنّه لا يحتاج الأوّل إلى قصد الرجوع دون غيره.

(1) قد تقدّم البحث في هذه المسألة في شرح المسألة المتقدّمة و لا حاجة إلى الإعادة.

تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة - الطلاق، المواريث، ص: 213

[مسألة 3: لو أنكر أصل الطلاق و هي في العدّة]

مسألة 3: لو أنكر أصل الطلاق و هي في العدّة، كان ذلك رجوعاً و إن علم كذبه (1).

______________________________

(1) قد علّل ذلك في الشرائع: بأنّ الإنكار يتضمّن التمسّك بالزوجية «1»، بل في محكيّ المسالك هو أبلغ من الرّجعة بألفاظها المشتقة منها و ما في معناها؛

لدلالتها على رفعه في غير الماضي و دلالة الإنكار على رفعه مطلقاً «2». لكن الأولى الاستدلال لذلك بالروايات الواردة، مثل:

صحيحة أبي ولّاد الحنّاط، عن أبي عبد اللّٰه (عليه السّلام) قال: سألته عن امرأة ادّعت على زوجها أنّه طلّقها تطليقة طلاق العدّة طلاقاً صحيحاً يعني: على طهر من غير جماع و أشهد لها شهوداً على ذلك، ثم أنكر الزوج بعد ذلك، فقال: إن كان إنكاره الطلاق قبل انقضاء العدّة، فإنّ إنكاره الطلاق رجعة لها، و إن كان أنكر الطلاق بعد انقضاء العدّة، فإنّ على الإمام أن يفرّق بينهما بعد شهادة الشهود، بعد أن تستحلف أنّ إنكاره للطلاق بعد انقضاء العدّة، و هو خاطب من الخطّاب «3».

و ذكر صاحب الوسائل: أنّ طلاق العدّة هنا مستعمل بالمعنى الأعم، لا المقابل لطلاق السنّة و هو ظاهر. و قال صاحب الجواهر: و لعلّ من ذلك يظهر عدم اعتبار قصد معنى الرجوع في الرجعة، ضرورة أنّ إنكار أصل الطلاق منافٍ لقصد الرجعة به، و لذا أشكل بعض في أصل الحكم بأنّ الرجعة مترتّبة على الطلاق و تابعة له، و إنكاره يقتضي إنكار التابع فلا يكون رجعة، و إلّا لكان الشي ء سبباً في

______________________________

(1) شرائع الإسلام: 3/ 30.

(2) مسالك الافهام: 9/ 187.

(3) الكافي: 6/ 74 ح 1، الوسائل: 22/ 136، أبواب أقسام الطلاق ب 14 ح 1.

تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة - الطلاق، المواريث، ص: 214

[مسألة 4: لا يعتبر الإشهاد في الرجعة]

مسألة 4: لا يعتبر الإشهاد في الرجعة و إن استحبّ دفعاً لوقوع التخاصم و النزاع، و كذا لا يعتبر فيها اطلاع الزوجة عليها، فإن راجعها من دون اطلاع أحد عليها صحّت واقعاً، لكن لو ادعاها بعد انقضاء العدّة و لم تصدقه الزوجة لم تسمع

دعواه، و غاية الأمر له عليها يمين نفي العلم لو ادعى عليها العلم، كما أنّه لو ادعى الرجوع الفعلي كالوطء و أنكرته كان القول قولها بيمينها، لكن على البت لا على نفي العلم (1).

______________________________

النقيضين «1». هذا، و لكن النصّ يدفعه، و مقتضى إطلاقه عدم الفرق في ذلك بين صورة الشك و صورة العلم بالكذب، كما في المتن.

(1) امّا عدم اعتبار الإشهاد في الرّجعة، فلدلالة الروايات المستفيضة بل المتواترة كما ادّعى عليه، مثل:

صحيحة زرارة و محمد بن مسلم، عن أبي جعفر (عليه السّلام) قال: إنّ الطلاق لا يكون بغير شهود، و إنّ الرجعة بغير شهود رجعة، و لكن ليشهد بعد، فهو أفضل «2».

و صحيحة الحلبي، عن أبي عبد اللّٰه (عليه السّلام) في الذي يراجع و لم يشهد، قال: يشهد أحبّ إليّ، و لا أرى بالّذي صنع بأساً «1».

و صحيحة محمد بن مسلم، عن أحدهما (عليهما السّلام) قال: سألته عن رجل طلّق امرأته واحدة؟ قال: هو أملك برجعتها ما لم تنقض العدّة، قلت: فإن لم يشهد على رجعتها؟ قال: فليشهد، قلت: فإن غفل عن ذلك؟ قال: فليشهد حين يذكر، و إنّما

______________________________

(1) جواهر الكلام: 32/ 183.

(2) الكافي: 6/ 73 ح 3، التهذيب: 8/ 42 ح 128، الوسائل: 22/ 134، أبواب أقسام الطلاق ب 13 ح 3.

(1) الكافي: 6/ 72 ح 1، التهذيب: 8/ 42 ح 126، الوسائل: 22/ 134، أبواب أقسام الطلاق ب 13 ح 2.

تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة - الطلاق، المواريث، ص: 215

[مسألة 5: لو اتفقا على الرجوع و انقضاء العدّة، و اختلفا في المتقدّم منهما]

مسألة 5: لو اتفقا على الرجوع و انقضاء العدّة، و اختلفا في المتقدّم منهما فادعى الزوج أنّ المتقدّم الرجوع، و ادّعت هي أنّه انقضاؤها، فإن تعيّن زمان الانقضاء و ادعى

الزوج أنّ رجوعه كان قبله و ادّعت هي أنّه بعده، فالأقرب أنّ القول قولها بيمينها، و إن كان بالعكس بأن تعيّن زمان الرجوع دون الانقضاء،

______________________________

جعل ذلك لمكان الميراث «1».

و غير ذلك من الروايات «2». و قد ظهر ممّا ذكرنا استحباب الإشهاد، و أنّه دفع لوقوع التخاصم و التنازع.

و أمّا عدم اعتبار اطلاع الزوجة عليها، فلعدم الدليل عليه، فلو راجعها من دون اطّلاع أحد عليها صحّت واقعاً و في مقام الثبوت، لكن لو ادّعاها الزوج فإن كانت العدّة باقية بعد فواضح، و إن انقضت العدّة فإن صدّقته الزوجة فبها، و إن لم تصدّقه الزوجة، فان ادّعى عليها العلم بذلك فالقول قولها، غاية الأمر أنّ له عليها اليمين على نفي العلم، و لو ادّعى الزوج الرجوع الفعلي كالوطء و أنكرته كان قولها مطابقاً للأصل؛ لأنّ مقتضاه عدم التحقّق مع الشك فيه، غاية الأمر أنّ اليمين الثابت عليها هو اليمين على البت لا على نفي العلم، كما في الرجوع اللفظي. و السرّ فيه أنّ الرجوع اللفظي قائم بالزوج، و لا يعتبر فيه الإشهاد و لا الاطّلاع. و أمّا الرجوع الفعلي فهو قائم بالزوجين، و يمكن لها اليمين على البت كما لا يخفىٰ.

نعم، يشكل الأمر لو عمّمنا الرجوع الفعلي لمثل تكرار النظر، و لم نقل بالاختصاص بالوطء و التقبيل و اللمس كما يظهر من المتن على ما عرفت.

______________________________

(1) الكافي: 6/ 73 ح 5، الوسائل: 22/ 134، أبواب أقسام الطلاق ب 13 ح 1.

(2) الوسائل: 22/ 101 و ما بعده، أبواب أقسام الطلاق ب 1 ح 2 و 4 و 6 و ب 2 ح 1 و ب 19 ح 1 و 4 و 5 و ب 5 ح 2.

تفصيل

الشريعة في شرح تحرير الوسيلة - الطلاق، المواريث، ص: 216

فالقول قوله بيمينه (1).

[مسألة 6: لو طلّق و راجع، فأنكرت الدخول بها قبل الطلاق لئلا تكون عليها العدّة]

مسألة 6: لو طلّق و راجع، فأنكرت الدخول بها قبل الطلاق لئلا تكون عليها العدّة و لا تكون له الرجعة و ادّعى الدخول، فالقول قولها بيمينها (2).

______________________________

(1) لو اختلفا في تقدّم الرجوع على انقضاء العدّة و تأخّره عنه بعد الاتفاق على تحقّقهما، فادّعى الزوج أنّ الرجوع واقع قبل الانقضاء فصحّ لكونه في العدّة، و ادّعت الزوجة التأخّر فلم يقع صحيحاً لوقوعه بعد الانقضاء، فإن كان زمان الانقضاء معلوماً، و الاختلاف إنّما هو في التقدّم و التأخّر عن ذلك الزمان، فالقول قول الزوجة بيمينها؛ لأنّه موافق لأصالة تأخّر الحادث، كما أنّه لو كان بالعكس بأن كان زمان الرجوع معلوماً دون الانقضاء يكون القول قوله بيمينه؛ لما ذكر من موافقته للأصل، و لو كان كلاهما مجهولي التاريخ يجرى عليه حكمه كما هو واضح.

(2) لو اتّفقا على الطلاق و الرجوع، و اختلفا في أصل ثبوت العدّة و عدمه باعتبار وقوع الدخول قبل الطلاق و عدمه، فأنكرت الزوجة الدخول، فلا تكون عليها العدّة، و لا تكون له الرجعة، و لو ادعى الزوج الدخول و أنّ الرجوع واقع في العدّة، فالظاهر أنّ القول قولها بيمينها؛ لأنّ الدخول أمر حادث على تقديره، و الشك إنّما هو في حدوثه و عدمه، فالقول قول من ينكر الحدوث و يرى عدم تحقّقه. لا يقال: إنّ الاختلاف إنّما هو في صحّة الرجوع و عدمها، و قول الزوج موافق لأصالة الصحّة، ضرورة أنّه يكون الرجوع في غير العدّة فاسداً، فإنّه يقال: إنّ الاختلاف و إن كان في الصحّة و عدمها إلّا أنّ منشأ الاختلاف و سببه إنّما هو وقوع الدخول و عدمه،

فمع جريان الأصل فيه لا مجال لجريانه في المسبّب بعد كون المسبب من الآثار الشرعية للسبب، فالأصل الجاري هو الأصل في السبب، و منه

تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة - الطلاق، المواريث، ص: 217

[مسألة 7: الظاهر أنّ جواز الرجوع في الطلاق الرجعي حكم شرعي غير قابل للإسقاط]

مسألة 7: الظاهر أنّ جواز الرجوع في الطلاق الرجعي حكم شرعي غير قابل للإسقاط، و ليس حقّا قابلًا له كالخيار في البيع الخياري، فلو أسقطه لم يسقط، و له الرجوع، و كذلك إذا صالح عنه بعوض أو بغير عوض (1).

______________________________

يعلم أنّه لو اتفقا على وقوع البيع مثلًا و اختلفا في صحته و فساده؛ لأجل الشك في رعاية العربية و عدمها على تقدير اعتبارها مثلًا، فمدّعي الصحة يدّعي الرعاية و مدّعي الفساد العدم، فلا مجال لتقديم قول مدّعي الصحّة، بل يقدّم قول من يدّعي عدم الرّعاية، فتقديم قول مدّعي الصحّة إنّما هو في صورة عدم جريان الأصل في السّبب.

(1) إنّ أقلّ ما يثبت في الحق السقوط بالإسقاط، فإذا شككنا في شي ء أنّه حقّ أو حكم فيتحقق الشك في أنّه يسقط بالإسقاط أو لا يسقط. و من المعلوم أنّ مقتضى الأصل عدم السقوط لثبوته قبل الإسقاط و الأصل بقاؤه، و لا يكون قوله تعالى وَ بُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ «1» دالّاً على كونه من باب الحقوق؛ لأنّه ليس في مقام البيان من هذه الجهة أصلًا، و لا يكون في شي ء من الأخبار الواردة في هذا المجال إشعار بذلك.

و ممّا ذكرنا تظهر الضابطة الكلية في دوران أمر بين الحقّ و الحكم، و لا منافاة بين كونه حكماً و بين كون المرعى جانباً واحداً كما في المقام، حيث إنّ جواز الرجوع إنّما لوحظ فيه نفع الزوج فقط، كما أنّه ظهر أنّ المصالحة عنه بعوض

أو غير عوض لا تؤثّر في سقوطه.

______________________________

(1) سورة البقرة: 2/ 228.

تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة - الطلاق، المواريث، ص: 219

[كتاب الخلع و المباراة]

اشارة

كتاب الخلع و المباراة

تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة - الطلاق، المواريث، ص: 221

كتاب الخلع و المباراة

[مسألة 1: الخلع هو: الطلاق بفدية من الزوجة الكارهة لزوجها]

مسألة 1: الخلع هو: الطلاق بفدية من الزوجة الكارهة لزوجها، فهو قسم من الطلاق يعتبر فيه جميع شروطه المتقدّمة، و يزيد عليها بأنّه يعتبر فيه كراهة الزوجة لزوجها خاصة، فإن كانت الكراهة من الطرفين فهو مباراة، و إن كانت من طرف الزوج خاصة لم يكن خلعاً و لا مباراة (1).

______________________________

(1) الخلع: بضمّ الخاء من الخلع بفتحها الذي هو في اللّغة بمعنى النزع، و شرعاً هو الطلاق بفدية من الزوجة في صورة كراهة الزوجة خاصة لزوجها، فهو قسم من الطلاق، يعتبر فيه جميع شروطه المتقدّمة؛ و لذا كان ينبغي إدراجه في كتاب الطلاق، لا جعله كتاباً مستقلا كما صنعه غيره. و خصوصية الخلع إنّما هي من جهة أمرين:

أحدهما: ما ذكر من كون الطلاق بفدية من الزوجة كأنّه معاوضة تقع بينهما غاية الأمر أنّ شروعها من ناحية الزوجة.

ثانيهما: كون الكراهة من طرف الزوجة خاصة، فإن كانت الكراهة من الطرفين فهو مباراة بالهمز و تقلب ألفاً، و هو في اللغة بمعنى المفارقة، و شرعاً ما ذكر

تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة - الطلاق، المواريث، ص: 222

[مسألة 2: الظاهر وقوع الخلع بكلّ من لفظي الخلع و الطلاق]

مسألة 2: الظاهر وقوع الخلع بكلّ من لفظي الخلع و الطلاق مجرّداً كلّ منهما عن الآخر أو منضمّاً، فبعد ما أنشأت الزوجة بذل الفدية ليخلعها الزوج، يجوز أن يقول: «خلعتك على كذا» أو «أنت مختلعة على كذا» و يكتفي به أو يتبعه

______________________________

في تعريف الخلع مع الاختلاف في كون الكراهة هنا من الطرفين. و إن كانت الكراهة من طرف الزوج فهو طلاق اصطلاحاً.

و الأصل في مشروعية الخلع قوله تعالى فَإِنْ خِفْتُمْ أَلّٰا يُقِيمٰا حُدُودَ اللّٰهِ فَلٰا جُنٰاحَ عَلَيْهِمٰا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ «1».

و من السنّة روايات كثيرة ادّعي تواترها من الطريقين، مثل:

صحيحة

الحلبي، أبي عبد اللّٰه (عليه السّلام) قال: عدّة المختلعة عدّة المطلّقة، و خلعها طلاقها، و هي تجزي، من غير أن يسمّى طلاقاً «2».

و صحيحة محمد بن إسماعيل بن بزيع قال: سألت أبا الحسن الرضا (عليه السّلام) عن المرأة تباري زوجها، أو تختلع منه بشهادة شاهدين على طهر من غير جماع، هل تبين منه بذلك، أو تكون امرأته ما لم يتبعها بطلاق؟ فقال: تبين منه، و إن شاءت أن يردّ إليها ما أخذ منها، و تكون امرأته فعلت، فقلت: فإنّه قد روي لنا أنّها لا تبين منه حتى يتبعها بطلاق، قال: ليس ذلك إذا خلع، فقلت: تبين منه؟ قال: نعم «3».

و غير ذلك من الروايات «4» التي ستمرّ عليك في المباحث الآتية إن شاء اللّٰه تعالىٰ.

______________________________

(1) سورة البقرة: 2/ 229.

(2) الفقيه: 3/ 338 ح 1631، الوسائل: 22/ 285، كتاب الخلع و المباراة ب 3 ح 4.

(3) التهذيب: 8/ 98 ح 332، الاستبصار: 3/ 318 ح 1132، الوسائل: 22/ 286، كتاب الخلع و المباراة ب 3 ح 9.

(4) الوسائل: 22/ 287، كتاب الخلع و المباراة ب 3.

تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة - الطلاق، المواريث، ص: 223

بقوله: «فأنت طالق على كذا» أو يقول: «أنت طالق على كذا» و يكتفي به أو يتبعه بقوله: «فأنت مختلعة على كذا» لكن لا ينبغي ترك الاحتياط بالجمع بينهما بل لا يترك (1).

______________________________

(1) الغرض المهمّ في هذه المسألة بيان أنّ صيغة الخلع تقع بكلّ من لفظي الخلع و الطلاق مجرّداً كلّ منهما عن الآخر أو منضمّاً، فتقع بعد ما أنشأت الزوجة بذل الفدية؛ لأن يخلعها الزوج بمثل قوله: «خلعتك على كذا» من دون الاتباع بصيغة الطلاق أو معه، كما أنّه يصحّ

أن يقول: «أنت طالق على كذا» مجرّداً، أو مع الاتباع بمثل قوله: «أنت مختلعة على كذا»، و الدليل على ذلك الروايات، فما يدلّ على وقوعه بصيغة الخلع مجرّداً فمثل:

خبر زرارة، عن أبي جعفر الباقر (عليه السّلام) قال: لا يكون الخلع حتى تقول: لا أطيع لك أمراً، و لا أبرّ لك قسماً، و لا أقيم لك حدّا، فخذ مني و طلّقني، فإذا قالت ذلك، فقد حلّ له أن يخلعها بما تراضيا عليه من قليل أو كثير، و لا يكون ذلك إلّا عند سلطان، فإذا فعلت ذلك، فهي أملك بنفسها، من غير أن يسمّى طلاقاً «1».

و صحيحة الحلبي المتقدّمة في ذيل المسألة الأُولى و شرحها.

و صحيحة سليمان بن خالد قال: قلت: أ رأيت إن هو طلّقها بعد ما خلعها أ يجوز عليها؟ قال: و لِمَ يطلّقها و قد كفاه الخلع؟ و لو كان الأمر إلينا لم نجز طلاقاً «2».

و لعلّ المراد من الذيل عدم إجازة طلاقهم مطلقاً باعتبار خلوّه عن شهادة الشاهدين، فتدبّر.

______________________________

(1) التهذيب: 8/ 98 ح 331، الاستبصار: 3/ 318 ح 1131، الوسائل: 22/ 288، كتاب الخلع و المباراة ب 4 ح 5 وص 286 ب 3 ح 10.

(2) التهذيب: 8/ 99 ح 333، الاستبصار: 3/ 318 ح 1133، الوسائل: 22/ 286، كتاب الخلع و المباراة ب 3 ح 8.

تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة - الطلاق، المواريث، ص: 224

..........

______________________________

و صحيحة محمد بن إسماعيل بن بزيع المتقدّمة في ذيل المسألة السابقة أيضاً. نعم فيها نسختان باعتبار قوله (عليه السّلام) في الذيل: «ليس ذلك له إذا خلع».

أحدهما: كون خلع بصيغة الماضي و جعل «إذا» حرف الشرط.

و ثانيهما: جعل خلع منصوباً و «إذا» ظرفاً.

فالمعنى على الأوّل عدم

لزوم الاتباع بالطلاق مع كون المقصود إرادة الخلع باعتبار ما ذكرنا من أنّ الخلع قسم من الطلاق و نوع منه فلا يلزم اتباعه به.

و على الثاني أنّ الاتباع بالطلاق يغاير مع إرادة الخلع.

و كيف كان، فهل المراد بيان خصوصية في الخلع دون المبارأة مع كون السؤال مشتملًا على كليهما، أو أنّ ذكر الخلع إنّما هو من باب أحد الفردين و إلّا فالمباراة أيضاً كذلك؟

لكن في مقابلها خبر موسى بن بكر، عن الكاظم (عليه السّلام) قال: قال عليّ (عليه السّلام): المختلعة يتبعها الطلاق ما دامت في العدّة «1».

و هو ضعيف سنداً و دلالةً باعتبار احتمال أن يكون المراد جواز أن تطلّق مرّة أخرى، بأن ترجع في البذل فيراجعها الزوج ثمّ يطلّقها، و إلّا فظاهره جواز اتباع الخلع بالطلاق ما دامت في العدّة و لا يقول به أحد.

هذا، و لكن مع ذلك كلّه حكي عن الشيخ أنّه قال: لا يقع حتى يتبع بالطلاق «2»، و تبعه ابنا زهرة و إدريس «3». بل قال الشيخ: هو مذهب جعفر بن سماعة و الحسن ابن سماعة و علي بن رباط و ابن حذيفة من المتقدّمين، و مذهب علي بن الحسن من

______________________________

(1) الكافي: 6/ 141 ح 9، الوسائل: 22/ 283، كتاب الخلع و المباراة ب 3 ح 1.

(2) الخلاف: 4/ 422 مسألة 3، المبسوط: 4/ 344، النهاية: 529.

(3) السرائر: 2/ 726، الغنية: 375.

تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة - الطلاق، المواريث، ص: 225

..........

______________________________

المتأخرين. و أمّا الباقون من فقهاء أصحابنا المتقدّمين فلست أعرف لهم فتيا في العمل به «1».

و العجب من الشيخ أنّه مع كثرة النصوص المتقدّمة الدالّة على عدم لزوم الاتباع بالطلاق خصوصاً مع صحّة أكثرها و استناد المشهور

إليها، كيف أفتى بالخلاف؟ نعم، حكي عن ابن سماعة و غيره «2» الاستدلال لما قالوا بأنّه قد تقرّر عدم وقوع الطلاق بشرط، و الخلع من شرطه أن يقول الرّجل: «إن رجعت فيما بذلت فأنا أملك ببضعك»، فينبغي أن لا تقع به فرقة، و من الواضح عدم صحّة الدليل المذكور؛ لأنّ الأملكية بالبضع في صورة الرجوع بالبذل من أحكام الخلع، و لا يلزم التعرّض له في الصيغة أصلًا، و على تقديره فليس هو شرطاً في الخلع على وجه ينافي تنجيزه، كما سيأتي «3» إن شاء اللّٰه تعالى.

و كيف كان، فقد ذكر المحقّق في الشرائع: و بتقدير الاجتزاء بلفظ الخلع، هل يكون فسخاً أو طلاقاً؟ قال المرتضى: هو طلاق «4» و هو المرويّ، و قال الشيخ: الأولى أن يقال: فسخ «5» و هو تخريج، فمن قال: هو فسخ لم يعتدّ به في عدد الطلقات «6».

فهنا مقامان:

______________________________

(1) التهذيب: 8/ 97 ذيل ح 328، الاستبصار: 3/ 317 ذيل ح 1128.

(2) التهذيب: 8/ 97 ذيل ح 328، الاستبصار: 3/ 317 ذيل ح 1128.

(3) في ص 248 251.

(4) الناصريات: 351.

(5) الخلاف: 4/ 422 424 مسألة 3.

(6) شرائع الإسلام: 3/ 49.

تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة - الطلاق، المواريث، ص: 226

..........

______________________________

المقام الأوّل: في أنّه فسخ أو طلاق، ظاهر الروايات المستفيضة أنّه طلاق، و قد مرّ عليك شطر منها، و في رواية عبد اللّٰه بن سنان، عن أبي عبد اللّٰه (عليه السّلام) قال: عدّة المختلعة عدّة المطلّقة و خلعها طلاقها، قال: و سألته هل تمتّع بشي ء؟ قال: لا «1».

و في صحيحة الحلبي، عن أبي عبد اللّٰه (عليه السّلام) قال: لا يحلّ خلعها حتى تقول لزوجها إلى أن قال: فإذا قالت المرأة ذلك

لزوجها حلّ له ما أخذ منها، و كانت عنده على تطليقتين باقيتين و كان الخلع تطليقةً، الحديث «2». و في صحيحة محمد بن مسلم، عن أبي عبد اللّٰه (عليه السّلام): في حديث قال: فإذا قالت ذلك من غير أن يعلّمها حلّ له ما أخذ منها و كانت تطليقة «3».

و صحيحة أخرى لمحمد بن مسلم، عن أبي عبد اللّٰه (عليه السّلام) قال: الخُلع و المباراة تطليقة بائن، و هو خاطب من الخطّاب «4».

و استدل القائل بأنّه فسخ، بأنّه ليس بلفظ الطلاق، و هو لا يقع عندنا بالكناية، و لأنّه لو كان طلاقاً لكان رابعاً في قوله تعالى فَلٰا جُنٰاحَ عَلَيْهِمٰا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ «5» لأنّ قبله الطَّلٰاقُ مَرَّتٰانِ إلى آخرها و بعده فَإِنْ طَلَّقَهٰا فَلٰا تَحِلُّ لَهُ «6» إلى آخرها، فذكر تطليقتين، و الخلع تطليقة بعدها.

و يرد على الأوّل مضافاً إلى أنّه أخصّ من المدّعى أنّ الكلام فيما إذا كان له

______________________________

(1) الكافي: 6/ 144 ح 5، الوسائل: 22/ 297، كتاب الخلع و المباراة ب 10 ح 1.

(2) الكافي: 6/ 139 ح 1، التهذيب: 8/ 95 ح 322، الاستبصار: 3/ 315 ح 1121، الوسائل: 22/ 280، كتاب الخلع و المباراة ب 1 ح 3 و ص 284 ب 3 ح 2.

(3) الكافي: 6/ 140 ح 3، الوسائل: 22/ 284، كتاب الخلع و المباراة ب 3 ح 3.

(4) الكافي: 6/ 141 ح 7، الوسائل: 22/ 289، كتاب الخلع و المباراة ب 5 ح 2.

(5) سورة البقرة: 2/ 229 230.

(6) سورة البقرة: 2/ 229 230.

تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة - الطلاق، المواريث، ص: 227

[مسألة 3: الخلع من الإيقاعات]

مسألة 3: الخلع من الإيقاعات، لكن يشبه العقود في الاحتياج إلى طرفين

و إنشاءين: بذل شي ء من طرف الزوجة ليطلّقها الزوج و إنشاء الطلاق من طرفه بما بذلت، و يقع ذلك على نحوين:

الأوّل: أن يقدّم البذل من طرفها على أن يطلّقها فيطلّقها على ما بذلت.

الثاني: أن يبتدئ الزوج بالطلاق مصرّحاً بذكر العوض فتقبل الزوجة بعده، و لا ينبغي ترك الاحتياط بإيقاعه على النحو الأوّل (1).

______________________________

ظهور في الطلاق و لو بضميمة القرائن، كما لا يخفى.

و على الثاني أنّ الدقّة في الآية تعطي أنّ حلّية الفدية و أخذها إنّما هو بالإضافة إلى إحدى الطلقات الثلاث، لا أنّها أمر رابع مغاير للطلاق مرّتين و التسريح بإحسان، كما لا يخفى، و الغرض بيان حلّية الفدية في صورة افتداء المرأة بها.

المقام الثاني: في أنّه على تقدير كونه فسخاً هل يعتدّ به في عدد الطلقات أم لا؟ صريح عبارة الشرائع المتقدّمة الثاني. و يمكن القول بالاعتداد به في عدد الطلقات و لو على تقدير كونه فسخاً، خصوصاً مع ما في الجواهر من أنّا لم نعرف القائل بذلك من أصحابنا «1»؛ لدلالة النصوص «2» على أنّه لا يكون معه إلّا تطليقتان، و لكن مع قطع النظر عن ذلك يكون مقتضى القاعدة ما ذكره المحقّق (قدّس سرّه) «3».

و ممّا ذكرنا ظهر أنّه يجوز إيقاع الخلع بصيغة الطلاق بعد كونه قسماً منه و نوعاً من أنواعه، غاية الأمر الامتياز بوقوعه عوضاً عن البذل.

(1) الخلع من الإيقاعات، أمّا على القول بأنّه طلاق فواضح، و أمّا على القول

______________________________

(1) جواهر الكلام: 33/ 10.

(2) الوسائل: 22/ 284 287 و 298، كتاب الخلع و المباراة ب 3 و 10.

(3) شرائع الإسلام: 3/ 49.

تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة - الطلاق، المواريث، ص: 228

..........

______________________________

بأنّه فسخ فلأنّه أيضاً كذلك كالفسخ بالعيوب

المجوّزة له، و لكن مع ذلك يشبه العقود في الاحتياج إلى الطرفين و إنشاءين؛ لافتقاره إلى بذل شي ء من طرف الزوجة بقدر المهر أو أقلّ أو أكثر ليخلعها الزوج، و إنشاء الطلاق من طرف الزوج مشتملًا على ذكر العوض و وقوع الطلاق في مقابله، و قد ذكروا أنّه يقع ذلك على نحوين:

الأوّل: أن يقدم البذل من طرفها على أن يطلّقها، فيطلّقها على ما بذلت.

الثاني: أن يبتدأ الزوج بالطلاق مصرّحاً بذكر العوض، فتقبل الزوجة بعده بلا فصل ينافي المعاوضة، و بدون ذلك يقع الخلع باطلًا. نعم في محكي الحدائق ادّعاء عدم ظهور النصوص في اعتبار الترتيب المزبور الذي هو كترتيب المعاوضة، بل يكفي تقدّم فداؤها ثمّ طلاقها عليه مع فرض استمرار عزمها على البذل «1».

و يردّه مضافاً إلى ظهور اتّفاق الأصحاب عليه إطلاق لفظ الشراء و الصلح عليه في رواياتٍ متعدّدة، ففي رواية أبي البختري، عن أبي عبد اللّٰه (عليه السّلام) قال: قال أمير المؤمنين (عليه السّلام): لكلّ مطلّقة متعة إلّا المختلعة فإنّها اشترت نفسها «2».

و رواية فضل أبي العباس، عن أبي عبد اللّٰه (عليه السّلام) قال: المختلعة إن رجعت في شي ء من الصلح يقول: لأرجعنّ في بضعك «3».

و في رواية التعبير بأنّه إن تراضيا على ذلك على طهر بشهود، فقد بانت منه بواحدة «4».

______________________________

(1) الحدائق الناضرة: 25/ 558.

(2) الكافي: 6/ 144 ح 8، الوسائل: 22/ 299، كتاب الخلع و المباراة ب 11 ح 3.

(3) التهذيب: 8/ 100 ح 337، الوسائل: 22/ 293، كتاب الخلع و المباراة ب 7 ح 3.

(4) تفسير القمي: 1/ 75، الوسائل: 22/ 293، كتاب الخلع و المباراة ب 7 ح 4.

تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة - الطلاق، المواريث، ص: 229

[مسألة 4: يعتبر في صحّة الخلع عدم الفصل بين إنشاء البذل و الطلاق بما يخلّ بالفورية العرفية]

مسألة 4: يعتبر في صحّة الخلع عدم الفصل بين إنشاء البذل و الطلاق بما يخلّ بالفورية العرفية، فلو أخلّ بها بطل الخلع و لم يستحقّ الزوج العوض، لكن

______________________________

و كيف كان، فقد ذكر في المتن أنّه لا ينبغي ترك الاحتياط بإيقاعه على النحو الأوّل، الذي تكون المبتدئة هي الزوجة في إنشاء البذل في مقابل الطلاق، لا لما عن المسالك من أنّ ذكر العوض جملة معطوفة على الطلاق، فلا يتأثّر بها و تلغو في أنفسها، كما لو قال: أنت طالق و عليك حجّ و إن قبلت؛ لأنّ قبولها إنما وقع رضى بما فعل، و لم يقع منه ما يقتضي المعاوضة، بخلاف ما إذا كانت قد قالت: طلّقني و لك عليّ ألف «1». و الوجه فيه أنّ المفروض تصريح الزوج في الطلاق بالعوض و بذكره، فلا فرق بين النحوين، غاية الأمر اعتبار عدم تأخّر قبول الزوجة بحيث يخرج عن قبول المعاوضة، و دعوى أنّها أي الصيغة شرط في الطلاق، فيكون قد علّق طلاقها على شرط خلاف ما يتفاهم عرفاً من كلمة الباء و نحوها.

و قد يقال: إنّه لا عوضية حقيقة في المقام، و لذا لو رجعت في البذل لا يبطل الطلاق من رأس، بل يصير رجعيّاً يجوز له الرجوع في الطلاق، بل إنّما هي معاوضة بالمعنى الأعم، و مرجعه إلى أنّ البذل باعث على الطلاق الذي هو من قسم الإيقاع، فلم ينقلب طلاق الخلع إلى قسم العقود حتى يعتبر فيه ما يعتبر في العقود، غاية الأمر أنّ الشارع ذكر في هذا القسم من الإيقاع صحّة البذل الباعث على إيقاعه، فتوهّم أنّه يجرى عليها أحكام المعاوضة طرّاً و المعلوم خلافه.

هذا، و لكن مقتضى ذلك أنّه إيقاع خاص على

خلاف سائر الإيقاعات، فاللّازم اعتبار كلّ أمر مشكوك الاعتبار فيه، كما لا يخفىٰ.

______________________________

(1) مسالك الافهام: 9/ 377.

تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة - الطلاق، المواريث، ص: 230

إذا أوقعه بلفظ الطلاق أو أتبعه بذلك، وقع الطلاق رجعيّاً مع فرض اجتماع شرائطه، و إلّا كان بائناً (1).

______________________________

(1) هاهنا مقامان:

المقام الأوّل: في أنّه يعتبر في صحّة الخلع عدم الإخلال بالفورية العرفية بين إنشاء البذل و الطلاق، فلو أخلّ بها بطل الخلع، و لازمه عدم استحقاق الزوج العوض، و الدليل على اعتبار الفورية ما عرفت من أنّ الخلع و إن لم يكن معاوضة حقيقيّة إلّا أنّه يشبه العقود المعاوضية في أنّه يعتبر عدم الفصل بين الإنشاءين فيها كالإيجاب و القبول، فإنّه إذا كان بينهما الفصل المخلّ بالفورية العرفية لم يقع بينهما ارتباط و اتّصال موجب لصدق العقد.

المقام الثاني: في أنّه إذا وقع الخلع مع الإخلال بالموالاة العرفية، فقد عرفت في المقام الأوّل بطلانه، لكن إذا أوقعه بلفظ الطلاق أو أتبعه بهذا اللفظ يقع أصل الطلاق رجعيا مع فرض اجتماع شرائطه و بائناً بدونه.

قال المحقّق في الشرائع: إذا قالت: «طلّقني بألف» كان الجواب على الفور، فإن تأخّر لم يستحق عوضاً و كان الطلاق رجعيّاً «1».

و لعلّ السرّ فيه أنّ الإخلال بالفورية التي تقتضيه المعاوضة كاشف عن تعلّق قصده بالطلاق مطلقاً و إن لم يقترن باستحقاق العوض، و لذا يقع الطلاق مع الإيقاع بلفظ الطلاق أو الاتباع به.

لكن في محكي المسالك في شرح هذا الكلام من الشرائع الميل إلى البطلان أوّلًا، و القول بأنّه يتمّ بغير إشكال على تقدير كون الطلاق رجعيّاً كما أطلقه، أمّا لو كان

______________________________

(1) شرائع الإسلام: 3/ 50.

تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة - الطلاق، المواريث،

ص: 231

[مسألة 5: يجوز أن يكون البذل و الطلاق بمباشرة الزوجين أو بتوكيلهما الغير أو بالاختلاف]

مسألة 5: يجوز أن يكون البذل و الطلاق بمباشرة الزوجين أو بتوكيلهما الغير أو بالاختلاف، و يجوز أن يوكّلا شخصاً واحداً ليبذل عنها و يطلّق عنه، بل الظاهر أنّه يجوز لكلّ منهما أن يوكّل الآخر فيما هو من طرفه، فيكون أصيلًا فيما يرجع إليه، و وكيلًا فيما يرجع إلى الطرف (الآخر ظ) (1).

[مسألة 6: يصحّ التوكيل من الزوج في الخلع في جميع ما يتعلّق به]

مسألة 6: يصحّ التوكيل من الزوج في الخلع في جميع ما يتعلّق به من شرط

______________________________

بائناً كطلاق غير المدخول بها مع تصريحه بقصد العوض و لم يتعقّبه قبولها على الفور فالحكم بصحّة الطلاق على هذا الوجه بغير عوض لا يخلو من إشكال؛ لعدم القصد إليه «1». و أنت خبير بأنّه لا وجه للفرق بين الطلاق الرجعي و البائن من هذه الجهة، و الوجه لوقوع الطلاق في كليهما ما عرفت.

(1) كما أنّه يجوز التوكيل في النكاح و في الطلاق المصطلح، كذلك يجوز التوكيل في البذل و الطلاق الخلعي من الطرفين أو من طرف واحد من دون فرق بين تعدّد الوكيل و وحدته، بأن يوكّلا شخصاً واحداً ليبذل عنها و يطلّق عنه، كما أنّه يجوز لكلّ منهما أن يوكّل الآخر فيما هو من طرفه، فيكون أصيلًا في أمر نفسه و وكيلًا عن الطرف الآخر، و قد عرفت في باب النكاح «2» صحّة وقوع الإيجاب و القبول من شخص واحد و لو كان هو أحدهما وكالة عن الطرفين أو أصالة من طرف نفسه و وكالة عن الطرف الآخر؛ لأنّ هذه أُمور اعتبارية قابلة للاجتماع في شخص واحد، و لا يختصّ ذلك بباب النكاح، بل يجري في غيره من العقود و الإيقاعات.

______________________________

(1) مسالك الافهام: 9/ 385.

(2) تفصيل الشريعة/ كتاب النكاح: فصل في عقد النكاح و أحكامه، مسألة

16.

تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة - الطلاق، المواريث، ص: 232

العوض و تعيينه و قبضه و إيقاع الطلاق، و من المرأة في جميع ما يتعلّق بها من استدعاء الطلاق و تقدير العوض و تسليمه (1).

[مسألة 7: لو وقع الخلع بمباشرة الزوجين]

مسألة 7: لو وقع الخلع بمباشرة الزوجين فإمّا أن تبتدئ الزوجة و تقول: «بذلت لك» أو «أعطيتك ما عليك من المهر أو الشي ء الفلاني لتطلّقني»، فيقول فوراً: «أنت طالق أو مختلعة بكسر اللّام على ما بذلت أو على ما أعطيت» و إمّا أن يبتدئ الزوج فيقول: «أنت طالق أو مختلعة بكذا أو على كذا» فتقول فوراً: «قبلت» و إن وقع من وكيلين يقول وكيل الزوجة مخاطباً لوكيل الزوج: «عن قبل موكّلتي فلانة بذلت لموكّلك ما عليه من المهر أو المبلغ

______________________________

(1) الغرض من هذه المسألة أنّه لا ينحصر جواز التوكيل بالانشاءين: إنشاء البذل و إنشاء الطلاق، بل يجري في جميع شؤون الخلع من الزوج أو الزوجة، فيصحّ التوكيل من الزوج في جميع ذلك من شرط العوض و تعيينه و قبضه و إيقاع الطلاق، و من الزوجة في جميع ما يتعلّق بها من استدعاء الطلاق و تقدير العوض و تسليمه.

نعم، لا إشكال في أنّ الكراهة المعتبرة تعتبر أن تكون في الزوجة، كما أنّ الرضا بأصل الخلع بأن يطلّقها الزوج في مقابل العوض يلزم أن يكون موجوداً فيها، و أمّا الاستدعاء و تقدير العوض و تسليمه فيجري فيه الوكالة، و لا يخلّ الجهالة بصحّة ذلك كما في سائر الموارد؛ فإذا وكّل زيداً في أن يزوّجه زوجة بمهر يكون زيد معيّناً له في حال العقد لا يلزم علمه بمقداره، بل يصحّ العقد منه و إن كان هو جاهلًا بالمقدار، و ليس ذلك لأجل

عدم مدخليّة ذكر المهر في النكاح الدائم، بل لأجل عدم اعتبار علم الموكّل؛ و لذا يجري ذلك في النكاح المنقطع المتقوّم بذكر المهر، كما لا يخفىٰ.

تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة - الطلاق، المواريث، ص: 233

الفلاني ليخلعها و يطلّقها» فيقول وكيل الزوج فوراً: «زوجة موكّلي طالق على ما بذلت» و قس على ما ذكر سائر الصور المتصوّرة، لكن لا ينبغي ترك الاحتياط المتقدّم أي الجمع بين الصيغتين، بل لا يترك (1).

[مسألة 8: لو استدعت الزوجة الطلاق بعوض معلوم]

مسألة 8: لو استدعت الزوجة الطلاق بعوض معلوم فقالت له: «طلّقني أو اخلعني بكذا» فيقول: «أنت طالق أو مختلعة بكذا» ففي وقوعه إشكال،

______________________________

(1) بعد ما تقدّم منه من أنّه يجوز الابتداء من ناحية الزوجة في الخلع و الابتداء من ناحية الزوج كما في المسألة الثانية، و تقدّم أيضاً اعتبار الفورية العرفية كما في المسألة الرابعة، يكون غرضه من هذه المسألة بيان الألفاظ المستعملة في هذه الجهة، و كيفية الصيغة المنشأة بها من ناحية الأصيل و كذا من ناحية الوكيل، و الصور المتصوّرة في هذا الأمر، لكن أشار في الذيل إلى أنّه لا ينبغي ترك الاحتياط المتقدّم أي الجمع بين الصيغتين بل لا يترك.

و الظاهر أنّ مراده من الجمع بين الصيغتين هو الجمع بين ذكر الطلاق و ذكر الخلع. أمّا ذكر الطلاق فلأنّ الخلع نوع خاصّ منه و قسم من أقسام الطلاق، غاية الأمر كون المرأة هي الكارهة، و يعتبر فيه البذل داعياً إلى الطلاق، و عوضاً عنه، كما يدلّ عليه التعبير بالباء الظاهر في حصول المعاوضة و لو لم تكن حقيقيّة على ما عرفت. و أمّا ذكر الخلع فلظهوره مجرّداً في الطلاق بالعوض، و لا دلالة على الفسخ كما تقدّم «1» من الشيخ

في بعض كتبه، فالجمع بين الطلاق و الخلع ينفي هذا الاحتمال و يعيّن الطلاق بالعوض الذي هو المقصود، كما هو المفروض.

______________________________

(1) في ص 224 225.

تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة - الطلاق، المواريث، ص: 234

فالأحوط اتباعه بالقبول منها بأن تقول بعد ذلك: «قبلت» (1).

[مسألة 9: يشترط في تحقق الخلع بذل الفداء عوضاً عن الطلاق]

مسألة 9: يشترط في تحقق الخلع بذل الفداء عوضاً عن الطلاق، و يجوز الفداء بكلّ متموّل من عين أو دين أو منفعة قلّ أو كثر و إن زاد على المهر المسمّى، فإن كان عيناً حاضرة تكفي فيها المشاهدة، و إن كان كلّياً في الذمّة أو غائباً ذكر جنسه و وصفه و قدره، بل لا يبعد أن يكون الأمر فيه أوسع من ذلك، فيصحّ بما يؤول إلى العلم كما لو بذلت ما في الصندوق مع العلم بكونه متموّلًا، و يصحّ بما في ذمّة الزوج من المهر و لو لم يعلما به فعلًا، بل في مثله و لو لم يعلما بعد أيضاً صحّ على الأقوى، و يصحّ جعل الفداء إرضاع ولده لكن مشروطاً بتعيين المدّة، و لا تبعد صحّته بمثل قدوم الحاج و بلوغ الثمرة، و إن جعل كلّياً في ذمتها يجوز جعله حالّا و مؤجّلًا مع تعيين الأجل و لو بمثل ما ذكر (2).

______________________________

(1) الظاهر أنّ منشأ الإشكال هو أنّ استدعاء الزوجة الطلاق بعوض معلوم بقولها له: «طلّقني بكذا أو اخلعني به» لا دلالة له على البذل، فإنّ استدعاء المعاوضة غير المعاوضة، فإنّ المشتري إذا استدعى من البائع البيع منه بثمن معلوم، لا يستلزم أن يكون الاستدعاء المزبور جزءاً للمعاملة و إنشاءً من طرفه، و قد عرفت «1» افتقار الخلع إلى إنشاءين، فاللّازم اتّباع قول الزوج بالقبول منها و لا أقلّ

من أنّ مقتضى الاحتياط اللزومي ذلك.

(2) قد عرفت «2» أنّه يشترط في تحقّق الخلع بذل الفداء أي إنشاء البذل لا البذل

______________________________

(1) في ص 227 229.

(2) في ص 223.

تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة - الطلاق، المواريث، ص: 235

..........

______________________________

الخارجي؛ لما عرفت «1» من تقوّمه بإنشاءين، و العمدة في هذه المسألة بيان ما يصحّ أن يجعل فداء، و قد ذكر في المتن أنّه يجوز الفداء بكلّ متموّل من عين أو دين أو منفعة، سواء كان بقدر المهر المسمّى أو أقلّ أو أكثر.

و قد ذكر الأصحاب بلا وجدان خلاف بينهم «2»: أنّ كلّما صحّ أن يكون مهراً صحّ أن يكون فداءً في الخلع، و قد ذكر في الجواهر: أنّ مقتضى كونه ضابطاً أنّ كلّما لا يصحّ أن يكون مهراً لا يصحّ أن يكون فداءً، و أورد عليه بعدم وجدان هذه الضابطة في شي ء من النصوص.

نعم، في بعضها حلّ له أن يأخذ منها ما وجد «3»، و في آخر حلّ له أن يخلعها بما تراضيا عليه من قليل أو كثير «4»، و في ثالث له أن يأخذ من مالها ما قدر عليه «5».

و في صحيح زرارة، عن أبي جعفر (عليه السّلام): المبارئة يؤخذ منها دون الصداق، و المختلعة يؤخذ منها ما شئت، أو ما تراضيا عليه من صداق أو أكثر، و إنّما صارت المبارئة يؤخذ منها دون الصداق، و المختلعة يؤخذ منها ما شاء، لأنّ المختلعة تعتدي في الكلام، و تكلّم بما لا يحلّ لها «6» مضافاً إلى عموم الآية «7».

و لعلّهم أخذوا الضابط المزبور من نصوص المهر باعتبار ارتباط المقام بالمهر

______________________________

(1) في ص 227 229.

(2) الخلاف: 4/ 425، مسالك الافهام: 9/ 286، رياض المسائل: 7/

420، الحدائق الناضرة: 25/ 586، جواهر الكلام: 33/ 19.

(3) التهذيب: 8/ 96 ح 327، الاستبصار: 3/ 316 ح 1126، الوسائل: 22/ 289، كتاب الخلع والمباراة ب 4 ح 6.

(4) التهذيب: 8/ 98 ح 331، الاستبصار: 3/ 318 ح 1131، الوسائل: 22/ 288، كتاب الخلع والمباراة ب 4 ح 5.

(5) الكافي: 6/ 140 ح 2، الوسائل: 22/ 288، كتاب الخلع والمباراة ب 4 ح 4.

(6) الكافي: 6/ 142 ح 2، التهذيب: 8/ 101 ح 340، الوسائل: 22/ 287، كتاب الخلع و المباراة ب 4 ح 1.

(7) سورة البقرة: 2/ 229.

تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة - الطلاق، المواريث، ص: 236

[مسألة 10: يصحّ بذل الفداء منها و من وكيلها]

مسألة 10: يصحّ بذل الفداء منها و من وكيلها بأن يبذل وكالةً عنها من مالها أو بمالٍ في ذمّتها، و هل يصحّ ممّن يضمنه في ذمّته بإذنها فيرجع إليها بعد البذل بأن تقول لشخص: «اطلب من زوجي أن يطلّقني بألف درهم مثلًا عليك و بعد ما دفعتها إليه ارجع عليَّ» ففعل ذلك و طلّقها الزوج على ذلك؟ وجهان بل قولان، لا يخلو ثانيهما من رجحان، كما أنّه لا يصحّ من المتبرّع الذي لا يرجع عليها، فلو قالت الزوجة لزوجها: «طلّقني على دار زيد أو ألف في ذمّته» فطلّقها على ذلك، و قد أذن زيد أو أجاز بعده لم يصحّ الخلع و لا الطلاق الرجعي و لا غيره إلّا إذا أوقع بلفظ الطلاق أو أتبعه بصيغته (1).

______________________________

و لو لأجل جواز الزيادة عليه، أو لاشتراك الفدية معه في الوقوع عوضاً عن النكاح أو الطلاق، أو لعدم الاعتبار فيه أزيد ممّا يعتبر في المعاوضات «1».

و كيف كان، فالظاهر اغتفار الجهالة فيه، التي يؤول إلى العلم، كجعل ما في

الصندوق فدية مع إحراز كونه متموّلًا، بل مع عدم الأول إلى العلم، كجعل الفداء هو المهر الذي غاب عن ذهنهما طرّاً، سواء علما به بعداً عادةً أو لم يعلما به أصلًا، و مثله ما لو كان لها عليه دين غير معلوم لواحد منهما مطلقاً، و يصحّ جعل الكلّي في الذمة فديةً حالّا أو مؤجّلًا مع تعيين الأجل، كما أنّه يصحّ جعل إرضاعها ولده في مدّة معيّنة فداء، فالأمر في الفداء أوسع من المهر، مع أنّ الأمر فيه وسيع أيضاً، كما عرفت في كتاب النكاح «2».

(1) قال في الشرائع: و يصحّ بذل الفداء منها و من وكيلها و ممّن يضمنه بإذنها «3».

______________________________

(1) جواهر الكلام: 33/ 19/ 20.

(2) تفصيل الشريعة/ كتاب النكاح: فصل في المهر.

(3) شرائع الإسلام: 3/ 51.

تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة - الطلاق، المواريث، ص: 237

..........

______________________________

و في محكي المسالك تفسيره بأن يقول للزوج: طلّق زوجتك على مائة و عليّ ضمانها. و الفرق بينه و بين الوكيل أنّ الوكيل يبذل من مالها بإذنها، و هذا يبذل من ماله بإذنها؛ ليرجع عليها بما يبذله بعد ذلك، فهو في معنى الوكيل الذي يدفع العوض عن الموكّل من ماله ليرجع به عليه، فدفعه له بمنزلة إقراضه و إن كان بصورة الضمان «1».

هذا، و لكن في المتن أنّ القول الثاني و هو القول بعدم الصحّة لا يخلو من رجحان، و لعلّ الوجه أنّ الطلاق المزبور الواقع في مقابل العوض أمر على خلاف القاعدة، خصوصاً مع مراعاة الأحكام و الخصوصيات الموجودة في طلاق الخلع الحاوية لأحكام العقود من ناحية و الإيقاعات من ناحية أخرى، و بعض أحكام أُخر خاصّة به، مثل صيرورته رجعيّاً مع رجوع الزوجة في البذل على

ما عرفت «2» الإشارة إليه، و ليس هنا إطلاق يشمل صورة الضمان، بل لا يتصوّر فرضه فيما لو كان المبذول كلّياً في الذمة لا عيناً شخصيّة عنها.

و أمّا صورة التبرّع، فقد جعل الأشبه فيه في الشرائع المنع بعد أن تردّد فيه «3». و في محكي المسالك لم يعرف القائل بالجواز هنا «4». و في الجواهر التعليل بأنّ عدم الجواز ليس لأنّ الخلع من عقود المعاوضة .. بل لأنّ المستفاد من الكتاب «5» و السّنة «6» مشروعية الفداء منها أو من وكيلها. امّا المتبرّع فيبقى على أصل المنع «7».

______________________________

(1) مسالك الافهام: 9/ 392.

(2) في ص 228 229.

(3) شرائع الإسلام: 3/ 51.

(4) مسالك الافهام: 9/ 392.

(5) سورة البقرة: 2/ 229.

(6) الوسائل: 22/ 279 282 و 287 289، كتاب الخلع و المباراة ب 1 و 4.

(7) جواهر الكلام: 33/ 26.

تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة - الطلاق، المواريث، ص: 238

[مسألة 11: لو قال أبوها: «طلّقها و أنت بري ء من صداقها» و كانت بالغة رشيدة فطلّقها صحّ الطلاق و كان رجعيّاً بشرائطه]

مسألة 11: لو قال أبوها: «طلّقها و أنت بري ء من صداقها» و كانت بالغة رشيدة فطلّقها صحّ الطلاق و كان رجعيّاً بشرائطه و الشرط المتقدّم في المسألة السابقة، و لم تبرأ ذمّته بذلك ما لم تبرأ، و لم يلزم عليها الإبراء و لا يضمنه الأب (1).

______________________________

أقول: و ليته كان يعلّل به في صورة الضمان، و لم يفصّل بين ما إذا كان الفداء عيناً شخصيّة أو كليّاً في الذمّة، و في الحقيقة يرد الإشكال على المحقّق بأنّه لِمَ فصّل بين صورة الضمان و صورة التبرّع بالحكم بالصحة في الأوّل و جعل الأشبه المنع في الثاني، بل الظاهر البطلان في كليهما. ثم إنّه في المتن أنّه إذا طلّقها في صورة التبرّع لا يقع الخلع و لا الطلاق الرجعي و

غيره إلّا إذا أوقع بصيغة الطلاق أو أتبعه بصيغته، و الوجه فيه إمّا عدم وقوعه خلعاً؛ فلأنّ المختار ذلك. و إمّا عدم وقوعه طلاقاً إلّا في إحدى الصورتين؛ فلأجل عدم صحّة الخلع مكان الطلاق.

(1) لو قال أبوها للزوج: طلّقها و أنت بري ء من صداقها. و كانت بالغة رشيدة، و المفروض عدم كون الأب وكيلًا عن ابنته في ذلك، و لم يتحقق إذن منها له، فوقع منه الطلاق، صحّ الطلاق و كان رجعيّاً بشرائطه. و شرط التعبير في صيغة الخلع بالطلاق.

و الوجه في عدم صحّته خلعاً عدم كون البذل من الزوجة أو وكيلها، و لا ولاية للأب على البالغة الرشيدة في هذه الجهة، و إن فرض ثبوت الولاية لها في أصل النكاح على خلاف ما قوّيناه كما مرّ «1». و حينئذٍ لا تبرأ ذمّة الزوج من المهر ما لم يتحقّق الإبراء من ناحية الزوجة، كما أنّه لا يثبت ضمان على الأب بالإضافة إلى المهر أصلًا، و لا لزوم الإبراء على الزوجة كما لا يخفىٰ.

______________________________

(1) تفصيل الشريعة/ كتاب النكاح: فصل في أولياء العقد، مسألة 2.

تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة - الطلاق، المواريث، ص: 239

[مسألة 12: لو جعلت الفداء مال الغير، أو ما لا يملكه المسلم كالخمر مع العلم بذلك، بطل البذل فبطل الخلع]

مسألة 12: لو جعلت الفداء مال الغير، أو ما لا يملكه المسلم كالخمر مع العلم بذلك، بطل البذل فبطل الخلع، و صار الطلاق رجعيّاً بالشرط المتقدّم. و لو جعلته مال الغير مع الجهل بالحال، فالمشهور صحّة الخلع و ضمانها للمثل أو القيمة، و فيه تأمّل (1).

______________________________

(1) لو جعلت الزوجة الفداء مال الغير مع العلم به، أو ما لا يملكه المسلم مع العلم به أيضاً، فلا شبهة في بطلان البذل و يتبعه بطلان الخلع، و يصير الطلاق رجعيّاً بالشرط المتقدّم في المسألتين

السابقتين.

و أمّا لو جعلت الفداء مال الغير باعتقاد أنّه لها مع كونه واقعاً للغير، أو بتخيّل أنّه خلّ فبان خمراً ففي الشرائع صحّ و كان له بقدره خلّاً «1». على المشهور «2». و قال في الجواهر: بلا خلاف أجده فيه، قيل: لأنّ تراضيهما على المقدار من الجزئي المعيّن الذي يظنّان كونه متموّلًا أو مالًا لها يقتضي الرضا بالكلّي المنطبق عليه؛ لأنّ الجزئي مستلزم له، فالرّضا به مستلزم الرضا بالكلّي، فإذا فات الجزئي لمانع صلاحيته لذلك بقي الكلّي، و لأنّه أقرب إلى المعقود عليه «3».

قلت: و هذا دليل على عدم ثبوت المعاوضة الحقيقية، و إلّا كان اللّازم انتفاء المعاوضة رأساً مع إيجاد بهذا النحو الذي يرجع إلى عدم صلاحيّة العوض للعوضية. نعم فيما إذا كان الثمن كلّياً في الذمة تصحّ المعاملة، و لا يصير المدفوع قابلًا لأن يصير مصداقاً له، و لكن لمّا كان إنشاء الطلاق مستقلا أثَّرَ أثره، و الفداء لم ينتف بانتفاء ذلك المعيّن عرفاً بعد الإتيان بقدره خلّاً، و لكن مع ذلك قد تأمّل في

______________________________

(1) شرائع الإسلام: 3/ 51.

(2) الخلاف: 4/ 437، مسالك الافهام: 9/ 390، الحدائق الناضرة: 25/ 591.

(3) جواهر الكلام: 33/ 23.

تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة - الطلاق، المواريث، ص: 240

[مسألة 13: يشترط في الخلع على الأحوط أن تكون كراهة الزوجة شديدة]

مسألة 13: يشترط في الخلع على الأحوط أن تكون كراهة الزوجة شديدة بحيث يخاف من قولها أو فعلها أو غيرهما الخروج عن الطاعة، و الدخول في المعصية (1).

______________________________

المتن في صحّة الخلع، و ظاهره احتمال صحّة الطلاق بالشرط المذكور؛ لأنّ ما قصد لم يقع و ما وقع غير صالح للعوضية، فتدبّر.

(1) هل المعتبر في الخلع مطلق الكراهة من الزوجة بالإضافة إلى زوجها، كما هو ظاهر المحقّق «1» و

غيره من المتأخّرين «2»، أو أنّ المعتبر إسماع معاني الأقوال المذكورة في النصوص التي يأتي بعضها؟ كما هو المحكيّ عن الشيخ «3» و غيره من المتقدّمين «4»، بل عن ابن إدريس أنّ إجماع أصحابنا منعقد على أنّه لا يجوز الخلع إلّا بعد أن يسمع منها ما لا يحلّ ذكره، من قولها: لا اغتسل لك من جنابة، و لا أقيم لك حدّا، و لأوطئن فراشك من تكرهه، أو يعلم ذلك منها فعلًا «5». و هذا هو ظاهر المتن.

ظاهر الآية الشريفة فَإِنْ خِفْتُمْ أَلّٰا يُقِيمٰا حُدُودَ اللّٰهِ فَلٰا جُنٰاحَ عَلَيْهِمٰا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ .. «6» هو الأوّل، فإنّ خوف عدم إقامة حدود اللّٰه تعالى يتحقّق مع مطلق الكراهة.

لكن هنا بعض الروايات الظاهرة في القول الثاني مثل:

______________________________

(1) شرائع الإسلام: 3/ 53.

(2) مسالك الافهام: 9/ 409، قواعد الاحكام: 2/ 77 و 79، مفاتيح الشرائع: 2/ 322.

(3) النهاية: 529.

(4) الجامع للشرائع: 475، الوسيلة: 331.

(5) السرائر: 2/ 724.

(6) سورة البقرة: 2/ 229.

تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة - الطلاق، المواريث، ص: 241

..........

______________________________

صحيحة الحلبي، عن أبي عبد اللّٰه (عليه السّلام) قال: لا يحلّ خلعها حتى تقول لزوجها: و اللّٰه لا أبرّ لك قسماً، و لا أطيع لك أمراً، و لا أغتسل لك من جنابة و لأوطئنّ فراشك، و لآذننَّ عليك بغير إذنك، و قد كان الناس يرخّصون فيما دون هذا، فإذا قالت المرأة ذلك لزوجها حلّ له ما أخذ منها، و كانت عنده على تطليقتين باقيتين، و كان الخلع تطليقة، و قال: يكون الكلام من عندها، و قال: لو كان الأمر إلينا لم نجز طلاقاً إلّا للعدّة «1».

و صحيحة محمد بن مسلم، عن أبي عبد اللّٰه (عليه السّلام) قال: المختلعة التي

تقول لزوجها: اخلعني، و أنا أعطيك ما أخذت منك، فقال: لا يحلّ له أن يأخذ منها شيئاً حتى تقول: و اللّٰه لا أبرّ لك قسماً، و لا أطيع لك أمراً، و لآذننَّ في بيتك بغير إذنك و لأُوطئنَّ فراشك غيرك، فإذا فعلت ذلك من غير أن يعلّمها، حلّ له ما أخذ منها، و كانت تطليقة بغير طلاق يتبعها، و كانت بائناً بذلك، و كان خاطباً من الخطّاب «2».

________________________________________

لنكرانى، محمد فاضل موحدى، تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة - الطلاق، المواريث، در يك جلد، مركز فقهى ائمه اطهار عليهم السلام، قم - ايران، اول، 1421 ه ق

تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة - الطلاق، المواريث؛ ص: 241

و موثّقة سماعة قال: سألته عن المختلعة؟ قال: لا يحلّ لزوجها أن يخلعها حتى تقول: لا أبرّ لك قسماً، و لا أقيم حدود اللّٰه فيك، و لا أغتسل لك من جنابة، و لأُوطئنّ فراشك، و أدخلنّ بيتك من تكره، من غير أن تعلّم هذا، و لا يتكلّمون هم، و تكون هي التي تقول ذلك، فإذا اختلعت فهي بائن، و له أن يأخذ من مالها ما قدر عليه، و ليس له أن يأخذ من المبارأة كلّ الذي أعطاها «3».

______________________________

(1) الكافي: 6/ 139 ح 1، التهذيب: 8/ 95 ح 322، الاستبصار: 3/ 315 ح 1121، الوسائل: 22/ 280، كتاب الخلع و المباراة ب 1 ح 3، وص 284 ب 3 ح 2.

(2) الكافي: 6/ 140 ح 3، التهذيب: 8/ 95 ح 324، الاستبصار: 3/ 315 ح 1123، الوسائل: 22/ 280، كتاب الخلع و المباراة ب 1 ح 4، ص 284 ب 3 ح 3.

(3) الكافي: 6/ 140 ح 2، التهذيب: 8/

95 ح 323، الاستبصار: 3/ 316 ح 1124، الوسائل: 22/ 281، كتاب الخلع و المباراة ب 1 ح 5، وص 288 ب 4 ح 4.

تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة - الطلاق، المواريث، ص: 242

..........

______________________________

لكن في مقابلها ظاهراً صحيحة محمد بن مسلم، عن أبي جعفر (عليه السّلام) قال: إذا قالت المرأة لزوجها جملة: لا أطيع لك أمراً، مفسّراً أو غير مفسّر، حلّ له ما أخذ منها، و ليس له عليها رجعة «1».

و موثّقة سماعة بن مهران قال: قلت لأبي عبد اللّٰه (عليه السّلام): لا يجوز للرجل أن يأخذ من المختلعة حتى تتكلّم بهذا الكلام كلّه، فقال: إذا قالت لا أطيع اللّٰه فيك، حلّ له أن يأخذ منها ما وجد «2».

و مع ملاحظة الروايات يقع الكلام في أمرين:

أحدهما: اعتبار كلام مخصوص و جملة خاصة و عدم اعتباره، و يمكن استكشاف الثاني من اختلاف الروايات الواردة في هذا المجال، خصوصاً مع ملاحظة شأن نزول الآية الشريفة المتقدّمة ممّا حاصله: أنّه جاءت امرأة ثابت بن قيس إلى رسول اللّٰه (صلّى اللّٰه عليه و آله) و كان يحبّها و تبغضه، فقالت: يا رسول اللّٰه لا أنا و لا ثابت و لا يجمع رأسي و رأسه شي ء، و اللّٰه ما أعيب عليه في دين و لا خلق، و لكن أكره الكفر بعد الإسلام ما أصفه بغضاً، إنّي رفعت جانب الخباء، فرأيته أقبل في عدّة، فإذا هو أشدّهم سواداً، و أخصرهم قامة، و أقبحهم وجهاً. فنزلت الآية. و كان قد أصدقها حديقة، فقال ثابت: يا رسول اللّٰه تردّ الحديقة، فقال رسول اللّٰه: ما تقولين؟ فقالت: نعم و أزيده، فقال: لا، حديقته فقط، فاختلعت منه «3».

ثانيهما: اعتبار الكراهية الشديدة و عدمها،

و الظاهر أنّ المراد من الكراهية

______________________________

(1) التهذيب: 8/ 97 ح 328، الاستبصار: 3/ 316 ح 1127، الوسائل: 22/ 279، كتاب الخلع و المباراة ب 1 ح 1.

(2) التهذيب: 8/ 96 ح 327، الاستبصار: 3/ 316 ح 1126، الوسائل: 22/ 279، كتاب الخلع و المباراة ب 1 ح 2.

(3) مجمع البيان: 2/ 104 ذيل الآية 229 من سورة البقرة، الجامع لأحكام القرآن للقرطبي: 3/ 139، سنن البيهقي: 7/ 313.

تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة - الطلاق، المواريث، ص: 243

[مسألة 14: الظاهر أنّه لا فرق بين أن تكون الكراهة المشترطة في الخلع ذاتية]

مسألة 14: الظاهر أنّه لا فرق بين أن تكون الكراهة المشترطة في الخلع ذاتية ناشئة من خصوصيات الزوج كقبح منظره و سوء خلقه و فقره و غير ذلك، و بين أن تكون ناشئة من بعض العوارض مثل وجود الضّرة و عدم إيفاء الزوج بعض الحقوق الواجبة أو المستحبّة. نعم إن كانت الكراهة و طلب المفارقة من جهة إيذاء الزوج لها بالسبّ و الشتم و الضرب و نحوها فتريد تخليص نفسها منها فبذلت شيئاً ليطلّقها فطلّقها، فلم يتحقق الخلع و حرم عليه ما أخذه منها، و لكن الطلاق صحّ رجعيّاً بالشرط المتقدّم (1).

______________________________

الشديدة إن كان قول المرأة لزوجها: لا أطيع لك، أو لا أطيع اللّٰه فيك، كما في الروايتين الأخيرتين، فلا شبهة في اعتبارها، خصوصاً بملاحظة شأن نزول الآية الدالّ على أنّها كانت تبغضه، مع أنّ الزوجة لها علاقة بالزوج نوعاً بلحاظ تكفّله أمور معيشتها كذلك و إرضائه إيّاها لما تقتضيه الغريزة الجنسية، فإذا صرّحت بعدم إطاعتها له أمراً بنحو النكرة في سياق النفي، فهو دليل على كمال الكراهة، و يؤيّده قوله تعالى إِلّٰا أَنْ يَخٰافٰا أَلّٰا يُقِيمٰا حُدُودَ اللّٰهِ «1» بعد كون المراد ليس مجرّد

الخوف كما في قوله تعالى وَ إِنْ خِفْتُمْ شِقٰاقَ بَيْنِهِمٰا «2» على ما تقدّم، و إن كان المراد أشدّ من ذلك فالدليل لا يساعده.

(1) لا فرق بين أن تكون الكراهة المعتبرة في صحة الخلع ذاتية ناشئة من خصوصيات الزوج، كالأوصاف التي أشير إليها في مورد نزول الآية الشريفة: من قبح المنظر و نقصان القامة و شدّة السواد و غير ذلك، أو ناشئة من بعض العوارض

______________________________

(1) سورة البقرة: 2/ 229.

(2) سورة النساء: 4/ 35.

تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة - الطلاق، المواريث، ص: 244

..........

______________________________

الخارجية مثل إدخال الضرّة عليها، أو انكشاف وجودها بعد العقد، أو عدم إيفاء الزوج بعض الحقوق الواجبة أو المستحبّة، و أمثال ذلك من حين الزوجية أو بعدها.

و أمّا إن كانت الكراهة و طلب المفارقة لأجل إيذاء الزوج لها بالسبّ و الشتم و الضرب و نحوها، فتريد تخليص النفس منها، فتبذل شيئاً ليطلّقها، فطلّقها لأجل البذل و العوض، فهذا يكون طلاقاً بالعوض و لا يكون خلعاً، فيحرم عليه ما أخذه منها، و لا يكون الطلاق المزبور خُلعاً بل طلاق رجعي مع الاتباع بالطلاق أي بصيغته. و لكن في محكيّ المسالك أنّ هذا بالنسبة إلى الخلع، و أمّا الطلاق بعوض فمقتضى كلام المصنّف و الجماعة «1» كونه كذلك؛ لاشتراكهما في المعنى، بل عدّه في المبسوط «2» خلعاً صريحاً، حيث قسّمه إلى واقع بصريح الطلاق و إلى واقع بغيره، و جعل الأوّل طلاقاً و خلعاً، و جعل الخلاف في الثاني هل هو طلاق أم لا؟ و هذا إن كان إجماعاً فهو الحُجة في حكمه، و إلّا فلا يخلو من إشكال؛ لأنّ النصوص «3» إنّما دلّت على توقّف الخلع على الكراهة، و ظاهر الطلاق بعوض

أنّه مغاير له، و إن شاركه في بعض الأحكام «4».

هذا، و الظاهر أنّ الطلاق بالعوض خالياً عن شرائط الخلع، التي عمدتها كراهة الزوجة أو شدّة كراهتها لا يكون مشروعاً في نفسه و لا موجباً لحلّية الفداء، و إن كان منشأ التوهم ما ربّما يظهر من المحقّق «5» و من جماعة «6» أخرى من الفقهاء، و لكنّ

______________________________

(1) الجامع للشرائع: 476، إرشاد الأذهان: 2/ 52، قواعد الاحكام: 2/ 77.

(2) المبسوط: 4/ 344.

(3) الوسائل: 22/ 179 182، كتاب الخلع و المباراة ب 1.

(4) مسالك الافهام: 9/ 420.

(5) شرائع الإسلام: 3/ 54.

(6) المبسوط: 4/ 344، الجامع للشرائع: 476، قواعد الأحكام: 2/ 77.

تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة - الطلاق، المواريث، ص: 245

..........

______________________________

الآية الشريفة «3» التي قد علّق فيها عدم الجناح فيما افتدت به على خوف ألّا يقيما حدود اللّٰه، و الروايات «4» الكثيرة التي مرّت جملة منها دلّتا على اعتبار الكراهة أو شدّتها، كما لا يخفىٰ.

و ذكر في الجواهر: أنّه عثر على رسالة كبيرة مصنّفة في هذه المسألة للمحقّق القمي (قدّس سرّه) صاحب القوانين، و ذكر فيها أنّه منذ أربعين سنة أو أزيد كان على خلاف ما ذكره الشهيد «5»، و لكنّه ظهر له بعد ذلك صحّته، و لكن ذكر فيها أي في الجواهر أيضاً: أنّه أوفق بفقه الأعاجم المبني على التجشّم و التدقيق على خلاف طريقة المعتدلين من أهل الفنّ «6».

قلت: إنّي لم أعثر على تلك الرسالة، إلّا أنّي أظنّ أنّ منشأ التوهّم المذكور أنّ الخلع يعتبر فيه الفداء بلا إشكال من ناحية، و كونه قسماً من الطلاق من ناحية أخرى، فتخيّل أنّ الطلاق بالعوض مطلقاً قسم من الطلاق، و أنّ عدم الكراهة يمنع عن وقوع

الخلع لا الطلاق بالعوض، مع أنّ كون الخلع قسماً من الطلاق لا دلالة فيه على صحّة الطلاق مع العوض، خصوصاً مع أنّك عرفت «1» أنّ جعلهم كتاب الخلع و المباراة كتاباً مستقلا بعد كتاب الطلاق ربّما يشعر بعدم كونه منه، و إن كانت الروايات ربّما يظهر منها خلاف ذلك، فتدبّر جيّداً.

______________________________

(3) سورة البقرة: 2/ 229.

(4) الوسائل: 22/ 179 182، كتاب الخلع و المباراة ب 1.

(5) الروضة البهية: 6/ 90، مسالك الافهام: 9/ 420.

(6) جواهر الكلام: 33/ 56.

(1) في ص 221 222.

تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة - الطلاق، المواريث، ص: 246

[مسألة 15: لو طلّقها بعوضٍ مع عدم الكراهة و كون الأخلاق ملتئمة لم يصحّ الخلع و لم يملك العوض]

مسألة 15: لو طلّقها بعوضٍ مع عدم الكراهة و كون الأخلاق ملتئمة لم يصحّ الخلع و لم يملك العوض، و لكن صحّ الطلاق بالشرط المقدّم، فإن كان مورده الرجعي كان رجعيّاً و إلّا بائناً (1).

[مسألة 16: طلاق الخلع بائن لا يقع فيه الرجوع ما لم ترجع المرأة فيما بذلت]

مسألة 16: طلاق الخلع بائن لا يقع فيه الرجوع ما لم ترجع المرأة فيما بذلت، و لها الرجوع فيه ما دامت في العدّة، فإذا رجعت كان له الرجوع إليها (2).

______________________________

(1) قد مرّ في شرح المسألة السابقة أنّ الطلاق بالعوض بهذا العنوان مع عدم وجود شرائط الخلع، التي عمدتها اعتبار مطلق الكراهة أو الكراهة الشديدة، لا يكون مشروعاً و موجباً لحليّة العوض، الذي يأخذه الرجل منها، ففي كلّ مورد لا يوجد جميع شرائط الخلع لا يتحقّق الخلع، و كذا ملكيّة العوض.

و وقوع أصل الطلاق رجعيّاً أو بائناً متوقّف على الشرط المتقدّم، و هو الاتباع بصيغة الطلاق، و إلّا فلا يقع خلعاً و لا طلاقاً، و جعل كتاب الخلع و المباراة كتاباً مستقلا في مقابل كتاب الطلاق لا دلالة فيه على عدم كون الخلع و مثله قسماً للطلاق، و لعلّ الإفراد لكثرة الأحكام المترتّبة عليه، و قد عرفت «1» ظهور بعض الروايات بل صراحتها في كون الخلع طلاقاً، فتدبّر في المقام، فإنّه من مزالّ الأقدام حتى الأقدام العالية و المقامات العلمية المرتفعة، كما عرفت بعض كلماتهم.

(2) في هذه المسألة أُمور ثلاثة:

الأمر الأوّل: أنّ طلاق الخلع في نفسه طلاق بائن، لا يجوز للزوج ابتداءً

______________________________

(1) في ص 223 227.

تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة - الطلاق، المواريث، ص: 247

..........

______________________________

الرجوع فيه كالطلاق الرجعي، و يدلّ عليه الروايات الكثيرة، مثل:

صحيحة محمد بن إسماعيل بن بزيع قال: سألت أبا الحسن الرضا (عليه السّلام) عن المرأة

تباري زوجها، أو تختلع منه بشهادة شاهدين على طهر من غير جماع، هل تبين منه بذلك، أو تكون امرأته ما لم يتبعها بطلاق؟ فقال: تبين منه و إن شاءت أن يردّ إليها ما أخذ منها و تكون امرأته فعلت. فقلت: فإنّه قد روي لنا أنّها لا تبين منه حتى يتبعها بطلاق، قال: ليس ذلك إذا خلع، فقلت: تبين منه؟ قال: نعم «1».

و مفهوم موثّقة فضل أبي العبّاس، عن أبي عبد اللّٰه (عليه السّلام) قال: المختلعة إن رجعت في شي ء من الصلح، يقول: لأرجعنّ في بضعك «2».

و ذيل رواية عبد اللّٰه بن سنان الطويلة، المروية في تفسير علي بن إبراهيم، المشتمل على قوله (عليه السّلام): و لا رجعة للزوج على المختلعة و لا على المبارأة، إلّا أن يبدو للمرأة، فيردّ عليها ما أخذ منها «3». و غيرها من النصوص «4» الدالة عليه بالصراحة أو الظهور، و قد تقدّم بعضها.

الأمر الثاني: جواز رجوع المرأة فيما بذلت ما دامت في العدّة مطلقاً، أي سواء رضي الزوج بذلك أم لم يرض، و سواء كان المبذول موجوداً أم لا، و يدلّ عليه جملة من الروايات المتقدّمة و غيرها.

و مقتضى القاعدة و إن كان هو عدم جواز رجوع المرأة، سواء كان معاوضة أو صلحاً؛ لأنّ الأصل يقتضي اللزوم سيّما الاستصحاب، إلّا أنّه لا بدّ من رفع اليد

______________________________

(1) التهذيب: 8/ 98 ح 332، الاستبصار: 3/ 318 ح 1132، الوسائل: 22/ 286، كتاب الخلع و المباراة ب 3 ح 9.

(2) التهذيب: 8/ 100 ح 337، الوسائل: 22/ 293، كتاب الخلع و المباراة ب 7 ح 3.

(3) تفسير القمي: 1/ 75، الوسائل: 22/ 293، كتاب الخلع و المباراة ب 7 ح 4.

(4) الوسائل:

22/ 284 287 و 293، كتاب الخلع و المباراة ب 3 و 7.

تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة - الطلاق، المواريث، ص: 248

[مسألة 17: الظاهر اشتراط جواز رجوعها في المبذول بإمكان رجوعه بعد رجوعها]

مسألة 17: الظاهر اشتراط جواز رجوعها في المبذول بإمكان رجوعه بعد رجوعها، فلو لم يمكن كالمطلقة ثلاثاً، و كما إذا كانت ممّن ليست لها عدّة كاليائسة و غير المدخول بها، لم يكن لها الرجوع في البذل، بل لا يبعد عدم صحّة رجوعها فيه مع فرض عدم علمه بذلك إلى انقضاء محلّ رجوعه، فلو رجعت عند نفسها، و لم يطلع عليه الزوج حتى انقضت العدّة، فلا أثر لرجوعها (1).

______________________________

عنها؛ لدلالة النص الصحيح عليه كما عرفت.

الأمر الثالث: جواز رجوع الزوج إليها بعد رجوعها فيما بذلت، و قد نفى وجدان الخلاف فيه في الجواهر إلّا من ابن حمزة «1». حيث إنّه اعتبر التراضي منهما مع إطلاقهما، أمّا إذا قيّدا أو أحدهما كان للمرأة الرجوع بما بذلت، و له الرجوع بها إن شاء، و لا ريب في ضعفه «2».

ثم إنّ الظاهر أنّ رجوعها فيما بذلت إنّما يوجب جواز رجوعه بها، لا صيرورتها زوجة له قهراً، و إن كان ربّما يشعر به بعض الروايات، إلّا أنّ الظاهر هو الملازمة بين جواز رجوعها و جواز رجوعه، فإذا ردّ إلى الزوجة ما بذلت و لم يرد الرجوع إليها، لا تعود زوجة أبداً.

(1) ظاهر الشيخ «3» بل المنسوب إلى المشهور «4» اشتراط جواز رجوعها

______________________________

(1) الوسيلة: 332.

(2) جواهر الكلام: 33/ 63.

(3) النهاية: 529.

(4) الروضة البهية: 6/ 106، رياض المسائل: 7/ 427 و 428، جواهر الكلام: 33/ 63.

تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة - الطلاق، المواريث، ص: 249

..........

______________________________

بإمكان صحّة رجوعه و عدمه، و ظاهر غير واحد «1» ممّن أطلق

جواز الرجوع بها عدم الاشتراط. هذا، و لكنَّ ظاهر النصوص المزبورة و الروايات المتقدّمة هو الأوّل حتى رواية ابن بزيع، الظاهرة في صيرورتها امرأة له قهراً بعد رجوعها في البذل إن شاء، فإنّ التصرّف في هذا الظاهر إنّما هو بهذا المقدار و هو إرادة الزوج الرجوع، و حتى الموثقة الدالة على الملازمة بين جواز رجوعها في البذل و جواز رجوعه في البضع بعد وضوح أنّ الرجوع في البضع لا يمكن إلّا في العدّة، و لعلّه لذا اتّفق الأصحاب على تقييد جواز رجوعها في البذل بما إذا كانت في العدّة مع خلوّ النصوص عنه.

فلو لم تكن للمرأة عدّة أصلًا كاليائسة و غير المدخول بها لم يكن لها الرجوع في البذل، و كذلك إذا كانت لها عدّة و لم يكن للزوج الرجوع فيها أصلًا، كما إذا كان الطلاق بائناً كالطلاق الثالث، حيث إنّه لا يكون للزوج الرجوع في عدّته، فلا يجوز لها الرجوع بالبذل و إن كان في العدّة، و الإجماع «2» و إطلاق النصوص «3» و إن كانا على جواز الخلع بالإضافة إلى الزوجة، التي لا عدّة لها أصلًا، أو كانت عدّته بائناً كالطلاق الثالث، إلّا أنّه لا دلالة لهما على عدم تقيّد جواز رجوعها في البذل بما إذا كانت في العدّة، و كان للزوج الرجوع بعد رجوعها.

و يبقى الكلام فيما لو رجعت في البذل عند نفسها، و لم يطّلع عليه الزوج حتى انقضت العدّة و فات محلّ رجوعه. فنفى البعد في المتن عن عدم صحّة رجوعها في البذل في هذه الصورة و أنّه لا أثر له، و علّله في الجواهر بأنّ الثابت من الأدلّة

______________________________

(1) شرائع الإسلام: 3/ 55، الكافي في الفقه: 308.

(2) جواهر الكلام:

33/ 63.

(3) الوسائل: 22/ 179 182، كتاب الخلع و المباراة ب 1.

تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة - الطلاق، المواريث، ص: 250

..........

______________________________

المزبورة رجوعها في حال علم الزوج بذلك.

أمّا الصحيح الأوّل «1»، الذي قد اعتبر في شرط كونها امرأة له فأقرب مجازاته حال علمه الذي يكون فيه حينئذٍ أحقّ ببضعها.

و أمّا الموثقة «2» فجواب الشرط فيه الخطاب بقوله: «لأرجعنّ في بضعك» الذي لا ينطبق إلّا على حال العلم.

و أمّا الثالث «3» فاختصاص دلالته بحال العلم واضح، و لم نقف على غيرها، فيبقى في غير مفادها على أصالة المنع «4».

و دعوى مقايسة جواز الرجوع بالبذل هنا بجواز رجوع الزوج المطلّق في الطلاق الرجعي، نظراً إلى أنّه لو لم يعلم بذلك حتّى انقضت العدّة، لا يسوّغ له الرجوع بمجرّد الجهل، و لا يبقى المحلّ لفرض انقضاء العدّة، ففي المقام إذا لم يكن عالماً بذلك فأيّ مانع من جواز رجوعها في البذل؛ لعدم مدخلية العلم في ذلك، بل المدار كون الطرف هي العدّة، و الشرط إمكان صحّة رجوعه إلى الزوجة و المفروض ثبوته، مدفوعة بما عرفت «5» من أنّ جواز الرجوع في البذل على خلاف القاعدة، و المستفاد من النصوص الواردة جوازه في صورة علم الزوج بأنّ له حقّ الرجوع بالزوجة، و لا يكفي مجرّد الإمكان مع فرض الجهل.

و كذا دعوى ثبوت الدور في صورة عدم الجواز؛ نظراً إلى أنّ المتحصّل من

______________________________

(1) التهذيب: 8/ 98 ح 332، الاستبصار: 3/ 318 ح 1132، الوسائل: 22/ 286، كتاب الخلع و المباراة ب 3 ح 9.

(2) التهذيب: 8/ 100 ح 337، الوسائل: 22/ 293، كتاب الخلع و المباراة ب 7 ح 3.

(3) تفسير القمي: 1/ 75، الوسائل: 22/ 293، كتاب

و الخلع المبارأة ب 7 ح 4.

(4) جواهر الكلام: 33/ 64.

(5) في ص 247.

تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة - الطلاق، المواريث، ص: 251

[مسألة 18: المبارأة قسم من الطلاق، فيعتبر فيه جميع شروطه المتقدّمة]

مسألة 18: المبارأة قسم من الطلاق، فيعتبر فيه جميع شروطه المتقدّمة، و يعتبر فيه ما يشترط في الخلع من الفدية و الكراهة، فهي كالخلع طلاق بعوض ما تبذله المرأة، و تقع بلفظ الطلاق بأن يقول الزوج بعد ما بذلت له شيئاً ليطلّقها: «أنت طالق على ما بذلت» و لو قرنه بلفظ «بارأتك» كان الفراق بلفظ الطلاق من غير دخل للفظ «بارأتك» و لا يقع بقوله «بارأتك» مجرّداً (1).

______________________________

الأدلّة كون رجعتها شرطاً في جواز رجوعه، و الشرط لا يتوقّف وجوده على وجود المشروط بالفعل و إلّا يتحقّق الدور، فإنّها مدفوعة بعدم ثبوت الدور في المقام، بعد كون حاصل ما ذكر راجعاً إلى أنّ ثبوت حقّ الرجوع لها في البذل ينحصر بصورة علم الزوج بجواز رجوعه بعد رجوعها، فجواز رجوعه و إن كان مشروطاً برجوعها في البذل، إلّا أنّ رجوعها في البذل مشروط بإمكان رجوعه المتوقف على العلم، فلا دور أصلًا كما لا يخفى. و عليه فلا وجه لما عن القواعد «1» و غيرها «2» من الحكم بالصحة في المقام، كما لا يخفى.

(1) المبارأة التي هي في اللغة بمعنى المفارقة، قسم من الخلع الذي هو قسم من الطلاق؛ لأنّ المعتبر في الخلع كراهية الزوجة أعمّ من كراهية الزوج و عدمها و لا اختصاص له بكراهة الزوجة خاصّة، و يدلّ عليه الاستدلال بآية الفداء «3» على الخلع، مع أنّها في المبارأة باعتبار ظهورها في كون المورد خوفهما من عدم إقامتهما حدود اللّٰه، و هو لا يكون إلّا مع كراهتهما لا كراهة الزوجة خاصّة،

و يدلّ عليه

______________________________

(1) قواعد الاحكام: 2/ 78.

(2) الروضة البهية: 6/ 106.

(3) سورة البقرة: 2/ 229.

تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة - الطلاق، المواريث، ص: 252

[مسألة 19: تفارق المبارأة الخلع بأمور]

مسألة 19: تفارق المبارأة الخلع بأمور:

أحدها: أنّها تترتّب على كراهة كلٍّ من الزوجين لصاحبه، بخلاف الخلع فإنّه يترتّب على كراهة الزوجة خاصة.

ثانيها: أنّه يشترط فيها أن لا يكون الفداء بأكثر من مهرها، بل الأحوط أن يكون أقلّ منه بخلاف الخلع، فإنّه فيه على ما تراضيا.

ثالثها: أنّها لا تقع بلفظ «بارأتكِ» و لو جمع بينه و بين لفظ الطلاق يكون الفراق بالطلاق وحده، بخلاف الخلع فإنّ الأحوط وقوعه بلفظ الخلع و الطلاق معاً كما مرّ (1).

______________________________

أيضاً صحيحة ابن بزيع المتقدّمة «1»، فإنّه مع كون السؤال فيها عن المبارأة و الخلع معاً اقتصر في الجواب على ذكر الخلع، و هو لا يكاد يلتئم إلّا مع كونه أعمّ منها، غاية الأمر أنّه حيث يكون موضوعاً لأحكام خاصّة أفرد عنها، و سيأتي في المسألة الآتية الأُمور الفارقة بينهما؛ و منها وقوع الخلع بلفظه و بلفظ الطلاق كما مرّ في المسألة الثانية، و ذكرنا هناك أنّه لا ينبغي ترك الاحتياط بالجمع بينهما بل لا يترك، و أمّا المبارأة فلا تقع إلّا بلفظ الطلاق؛ لعدم الدليل على وقوعها بغيره، و لو قرنه بلفظ بارأتك كان الفراق بلفظ الطلاق.

(1) تفارق المبارأة الخلع الاصطلاحي بأمور ثلاثة:

الأوّل: أنّها تترتّب على كراهة كلّ من الزوجين لصاحبه بخلاف الخلع، فإنّه يترتّب على كراهة الزوجة خاصة، و يدلّ عليه:

موثّقة سماعة قال: سألته عن المبارأة كيف هي؟ فقال: يكون للمرأة شي ء على

______________________________

(1) في ص 247.

تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة - الطلاق، المواريث، ص: 253

..........

______________________________

زوجها من مهر أو من

غيره، و يكون قد أعطاها بعضه، فيكره كلّ واحد منهما صاحبه، فتقول المرأة لزوجها: ما أخذت منك فهو لي، و ما بقي عليك فهو لك و أُبارئك، فيقول الرجل لها: فإن أنت رجعت في شي ء ممّا تركت فأنا أحقّ ببضعك «1».

و الظاهر أنّ المراد بالكراهة هنا هي الكراهة في باب الخلع لا أوسع منها، و يؤيّده، مضافاً إلى عدم التعرّض لمعناها هنا، ما عرفت من الاستدلال لمشروعية الخلع بآية الفداء «2»، مع أنّها أنسب بالمباراة باعتبار عدم إقامتهما حدود اللّٰه، فتدبّر.

الثاني: أنّه يشترط في المبارأة أن لا يكون الفداء أكثر من المهر، بل الأحوط أن يكون أقلّ منه بخلاف الخلع، فإنّه على ما تراضيا عليه من القليل أو الكثير، و يدلّ عليه، مضافاً إلى إشعار الموثقة المذكورة بذلك، صحيحة زرارة، عن أبي جعفر (عليه السّلام) قال: المبارئة يؤخذ منها دون الصداق، و المختلعة يؤخذ منها ما شئت، أو ما تراضيا عليه من صداق أو أكثر، و إنّما صارت المبارئة يؤخذ منها دون الصداق، و المختلعة يؤخذ منها ما شاء، لأنّ المختلعة تعتدي في الكلام، و تكلّم بما لا يحلّ لها «3».

هذا، و في صحيحة أبي بصير، عن أبي عبد اللّٰه (عليه السّلام) قوله في الذيل: و لا يحلّ لزوجها أن يأخذ منها إلّا المهر فما دونه «4».

و في مرسلة الصدوق قال: و روى أنّه لا ينبغي له أن يأخذ منها أكثر من مهرها، بل يأخذ منها دون مهرها، و المبارئة لا رجعة لزوجها عليها «5». و على

______________________________

(1) الكافي: 6/ 142 ح 1، الوسائل: 22/ 294، كتاب الخلع و المباراة ب 8 ح 3.

(2) في ص 222.

(3) الكافي: 6/ 142 ح 2، التهذيب: 8/ 101

ح 340، الوسائل: 22/ 287، كتاب الخلع و المباراة ب 4 ح 1.

(4) الكافي: 6/ 143 ح 5، الوسائل: 22/ 295، كتاب الخلع و المباراة ب 8 ح 4.

(5) الفقيه: 3/ 336 ح 1624، الوسائل: 22/ 294، كتاب الخلع و المباراة ب 8 ح 2.

تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة - الطلاق، المواريث، ص: 254

[مسألة 20: طلاق المبارأة بائن ليس للزوج الرجوع فيه]

مسألة 20: طلاق المبارأة بائن ليس للزوج الرجوع فيه، إلّا أن ترجع الزوجة في الفدية قبل انقضاء العدّة، فله الرجوع إليها حينئذٍ (1).

______________________________

ما ذكرنا فالأقوى أن لا يكون أكثر من المهر، و الأحوط أن يكون أقلّ.

الثالث: لزوم الإتيان بصيغة الطلاق في المبارأة، و الاحتياط في الخلع بالجمع بين صيغة الطلاق و عنوان الخلع، و قد تعرّضنا لذلك في شرح المسألة السابقة فراجع، و نضيف هنا وجود الاتفاق على توقّف الافتراق في المبارأة على صيغة الطلاق بخلاف الخلع.

(1) حكم هذه المسألة حكم الخلع على ما تقدّم «1» من كونه بائناً لا يجوز في نفسه للزوج الرجوع فيه، إلّا أن ترجع الزوجة في الفدية قبل انقضاء العدّة فله الرجوع إليها حينئذٍ، و قد عرفت «2» عدم البعد عن اختصاص ذلك بصورة علم الزوج بذلك، و إلّا فلا يجوز لها الرجوع في البذل فراجع.

كما أنّك عرفت «3» عدم جريانها بالنسبة إلى الطلاق الثالث الذي لا يجوز للزوج الرجوع في عدّتها، فضلًا عن الصغيرة و اليائسة اللّتين لا عدّة لهما أصلًا؛ لأنّه لا مجال للزوج الرجوع بوجه، و اختصاص الرجوعين بذات العدّة التي أمكن للزوج الرجوع فيها، فتدبّر جيّداً.

هذا تمام الكلام في شرح كتابي الخلع و المباراة بعد شرح كتاب الطلاق، و يتلوه شرح كتاب الظهار إن شاء اللّٰه تعالىٰ.

______________________________

(1) في ص 246

250.

(2) في ص 246 250.

(3) في ص 249.

تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة - الطلاق، المواريث، ص: 255

[كتاب الظهار]

اشارة

كتاب الظهار

تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة - الطلاق، المواريث، ص: 257

كتاب الظهار الذي كان طلاقاً في الجاهلية و موجباً للحرمة الأبدية، و قد غيّر شرع الإسلام حكمه، و جعله موجباً لتحريم الزوجة المظاهرة، و لزوم الكفّارة بالعود كما ستعرف تفصيله (1).

______________________________

(1) و هو مصدر «ظاهر» من باب المفاعلة، مأخوذ من الظهر؛ لأنّ صورته الأصلية أن يقول الرّجل لزوجته: «أنتِ عليّ كظهر أمّي» و الظهر باعتبار أنّه موضع الركوب، و من المعلوم أنّ المرأة مركوبة وقت الغشيان، فركوب الامّ مستعار من ركوب الدابّة.

و من الواضح حرمة ركوب الأمّ حرمة أبديّة؛ و لذا كان طلاقاً في الجاهلية و موجباً للحرمة الأبديّة، و لكن غيّر شرع الإسلام حكمة فقال في هذا المجال الَّذِينَ يُظٰاهِرُونَ مِنْكُمْ مِنْ نِسٰائِهِمْ مٰا هُنَّ أُمَّهٰاتِهِمْ إِنْ أُمَّهٰاتُهُمْ إِلَّا اللّٰائِي وَلَدْنَهُمْ وَ إِنَّهُمْ لَيَقُولُونَ مُنْكَراً مِنَ الْقَوْلِ وَ زُوراً وَ إِنَّ اللّٰهَ لَعَفُوٌّ غَفُورٌ «1».

______________________________

(1) سورة المجادلة: 58/ 2.

تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة - الطلاق، المواريث، ص: 258

[مسألة 1: صيغة الظهار أن يقول الزوج مخاطباً للزوجة: «أنتِ عليّ كظهر أمّي»]

مسألة 1: صيغة الظهار أن يقول الزوج مخاطباً للزوجة: «أنتِ عليّ كظهر أمّي» أو يقول بدل أنت «هذه» مشيراً إليها أو «زوجتي» أو «فلانة»، و يجوز

______________________________

و السبب في نزولها على ما في رواية حمران، عن أبي جعفر (عليه السّلام)، المرويّة في تفسير علي بن إبراهيم، قال: إنّ أمير المؤمنين (عليه السّلام) قال: إنّ امرأة من المسلمين أتت رسول اللّٰه (صلّى اللّٰه عليه و آله) فقالت: يا رسول اللّٰه إنّ فلاناً زوجي قد نثرت له بطني، و أعنته على دنياه و آخرته، فلم ير منّي مكروهاً، و أنا أشكوه إلى اللّٰه و إليك، قال: فما تشكينه؟ قالت: إنّه قال لي اليوم: أنت عليّ

حرام كظهر أمّي، و قد أخرجني من منزلي، فانظر في أمري، فقال رسول اللّٰه (صلّى اللّٰه عليه و آله): ما أنزل اللّٰه عليّ كتاباً أقضي به بينك و بين زوجك، و أنا أكره أن أكون من المتكلّفين. فجعلت تبكي و تشتكي ما بها إلى اللّٰه و إلى رسوله و انصرفت، فسمع اللّٰه محاورتها لرسوله و ما شكت إليه، فأنزل اللّٰه عزّ و جلّ بذلك قرآناً:

بِسْمِ اللّٰهِ الرَّحْمٰنِ الرَّحِيمِ. قَدْ سَمِعَ اللّٰهُ قَوْلَ الَّتِي تُجٰادِلُكَ فِي زَوْجِهٰا وَ تَشْتَكِي إِلَى اللّٰهِ وَ اللّٰهُ يَسْمَعُ تَحٰاوُرَكُمٰا يعني محاورتها لرسول اللّٰه (صلّى اللّٰه عليه و آله) في زوجها إِنَّ اللّٰهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ. الَّذِينَ يُظٰاهِرُونَ مِنْكُمْ مِنْ نِسٰائِهِمْ مٰا هُنَّ أُمَّهٰاتِهِمْ إِنْ أُمَّهٰاتُهُمْ إِلَّا اللّٰائِي وَلَدْنَهُمْ وَ إِنَّهُمْ لَيَقُولُونَ مُنْكَراً مِنَ الْقَوْلِ وَ زُوراً وَ إِنَّ اللّٰهَ لَعَفُوٌّ غَفُورٌ «1».

فبعث رسول اللّٰه (صلّى اللّٰه عليه و آله) إلى المرأة فأتته فقال لها: جيئيني بزوجك، فأتته به، فقال: أقلت لامرأتك هذه: أنت عليّ حرام كظهر أمّي؟ فقال: قد قلت ذلك، فقال رسول اللّٰه (صلّى اللّٰه عليه و آله): قد أنزل اللّٰه فيك قرآناً، الحديث «2».

______________________________

(1) سورة المجادلة: 58/ 1 2.

(2) تفسير القمّي: 2/ 353 354، الكافي: 6/ 152 ح 1، الوسائل: 22/ 304، كتاب الظهار ب 1 ح 2، و المتن مطابق للكافي.

تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة - الطلاق، المواريث، ص: 259

تبديل «عليّ» بقوله: «منّي» أو «عندي» أو «لديّ» بل الظاهر عدم اعتبار ذكر لفظة «عليّ» و أشباهه أصلًا بأن يقول: «أنت كظهر أمّي» و لو شبّهها بجزء آخر من أجزاء الأُمّ غير الظهر كرأسها أو بدنها أو بطنها، ففي وقوع الظهار قولان: أحوطهما ذلك. و لو قال:

«أنت كأمّي» أو «أمّي» قاصداً به التحريم لا علوّ المنزلة و التعظيم أو كبر السنّ و غير ذلك، لم يقع و إن كان الأحوط وقوعه، بل لا يترك الاحتياط (1).

______________________________

(1) قد وقع الاتفاق بين المؤمنين بل المسلمين على وقوع صيغة الظهار بقول الزوج مخاطباً للزوجة: «أنت عليّ كظهر أمّي» و إذا قال بدل «أنتِ» «هذه» مشيراً إلى الزوجة أو «زوجتي» في صورة الانحصار أو «فلانة» فالظاهر أيضاً كذلك، لعدم الفرق، كما إذا أبدل لفظة «عليّ» بقوله: «منّي» أو «عندي» أو «لديّ» تتحقّق صيغة الظهار، و لا خصوصية لقوله: «أنت» لظهور المثالية في النصوص «1» الدالّة عليه، كما أنّه لو قال مخاطباً للزوجة: «ظهرك عليّ كظهر أمّي» تتحقّق صيغة الظهار بل بطريق أولى، و أمّا لو قال: «أنت كظهر أمّي» من دون أيّة صلة، فالظاهر أيضاً وقوع الظهار به كقوله: «أنت طالق». و احتمال الفرق بينهما باحتمال صيغة الظهار مجرّدة عن الصلة كونها محرّمة على غيره حرمة ظهر أمّه عليه، بخلاف الطلاق فإنّه لا طلاق، و هي في حبسه دون حبس غيره، لا وجه له بعد إرادة الظهار له، فما عن التحرير «2» من التوقف في حذف الصّلة لا وجه له.

و لو شبّهها بجزء آخر من أجزاء الأُمّ غير الظهر، كرأسها أو بدنها أو بطنها

______________________________

(1) الوسائل: 22/ 303 و ما بعدها، كتاب الظهار ب 1 و ب 2 ح 2 و ب 4 ح 2 و 3 و ب 9 و ب 13 ح 5 و ب 16.

(2) تحرير الاحكام: 2/ 61.

تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة - الطلاق، المواريث، ص: 260

..........

______________________________

ففيه قولان:

قول بالمنع كما عن المرتضى «1»، بل قيل: و عن المتأخرين «2»،

بل في الانتصار أنّه ممّا انفردت به الإمامية اقتصاراً فيما خالف الأصل على منطوق الآية «3» و غيرها من أدلّة الظهار المنساق غير المفروض منها و لو من ملاحظة المبدأ.

و قول بالوقوع كما عن الشيخ في الخلاف الإجماع عليه «4»، و عن الصّدوق «5» و ابن حمزة «6» استناداً إلى رواية ذكر في الشرائع أنّ فيها ضعفاً «7» و هي رواية سدير، عن أبي عبد اللّٰه (عليه السّلام) قال: قلت له: الرجل يقول لامرأته أنت عليّ كشعر أمّي أو كقبلها (ككفها خ ل) أو كبطنها أو كرجلها، قال: ما عنى؟ إن أراد به الظهار فهو الظهار «8».

و يؤيّدها مرسلة يونس، عن أبي عبد اللّٰه (عليه السّلام) قال: سألته عن رجل قال لامرأته: أنت عليّ كظهر أمّي أو كيدها أو كبطنها أو كفرجها أو كنفسها أو ككعبها، أ يكون ذلك الظهار؟ و هل يلزمه فيه ما يلزم المظاهر؟ قال: المظاهر إذا ظاهر من امرأته فقال: هي عليه كظهر أمّه أو كيدها أو كرجلها أو كشعرها أو كشي ء منها ينوي بذلك التحريم فقد لزمه الكفارة في كلّ قليل منها أو كثير، و كذلك إذا هو قال:

______________________________

(1) الانتصار: 322.

(2) المهذب البارع: 3/ 524، كشف الرموز: 2/ 241، إيضاح الفوائد: 3/ 402، التنقيح الرائع: 3/ 369.

(3) سورة المجادلة: 58/ 2.

(4) الخلاف: 4/ 530 مسألة 9.

(5) الفقيه: 3/ 392 ذيل ح 1641.

(6) الوسيلة: 334.

(7) شرائع الإسلام: 3/ 61.

(8) التهذيب: 8/ 10 ح 29، الوسائل: 22/ 317، كتاب الظهار ب 9 ح 2.

تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة - الطلاق، المواريث، ص: 261

[مسألة 2: لو شبّهها بإحدى المحارم النسبيّة غير الامّ كالبنت و الأُخت]

مسألة 2: لو شبّهها بإحدى المحارم النسبيّة غير الامّ كالبنت و الأُخت، فمع ذكر الظّهر بأن يقول

مثلًا: «أنت عليّ كظهر أختي» يقع الظهار على الأقوى، و بدونه كما إذا قال: «كاختي» أو «كرأس أُختي» لم يقع على إشكال (1).

______________________________

كبعض المحارم فقد لزمته الكفّارة «1».

و الروايتان و إن كانتا فاقدتين للحجيّة و لا جابر لهما، إلّا أنّ كون الأحوط ذلك ممّا لا ينبغي أن ينكر.

نعم، في خصوص الفرج و ما يشابهه مثل ما لو قال: فرجكِ عليّ كفرج أمّي يبعد أن لا يكون ظهاراً، و إن كان المبدأ غير متحقّق فيه، إلّا أنّ التعبير بالصراحة أولى من التعبير الاستعاري الكنائي، و لا يحتمل في نفسه كفاية الثاني دون الأوّل.

نعم، في مثل اليد و الرجل و البطن و الكفّ يمكن الحكم بعدم الاكتفاء، إلّا أنّ في مثل الفرج ممّا ينصرف عرفاً إلى العورة في كمال البعد، و في هذه الصّورة يكون الاحتياط آكد كما لا يخفى.

و لو قال: أنت كأمّي أو أمّي، قاصداً به ما يلزم قصده في صيغة الظهار من نيّة التحريم دون علوّ المقام و التعظيم و كبر السنّ و نحوها، فعن الشيخ «2» و من تبعه «3» وقوع الظهار به خلافاً للأكثر كما في محكيّ المسالك «4»، و الظاهر هو الثاني و إن كان مقتضى الاحتياط الأوّل.

(1) قال المحقّق في الشرائع: و لو شبّهها بظهر إحدى المحرّمات نسباً أو رضاعاً

______________________________

(1) الكافي: 6/ 161 ح 36، الوسائل: 22/ 316، كتاب الظهار ب 9 ح 1، وص 310 ب 4 ح 4.

(2) المبسوط: 5/ 149.

(3) المهذب: 2/ 298، مختلف الشيعة: 7/ 412 و 401 402.

(4) مسالك الافهام: 9/ 472.

تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة - الطلاق، المواريث، ص: 262

..........

______________________________

كالأمّ و الأُخت فيه روايتان «1» أي طائفتان من جنس الرواية:

الطائفة الأُولى:

ما تدلّ على الوقوع، مثل:

صحيحة زرارة قال: سألت أبا جعفر (عليه السّلام) عن الظهار؟ فقال: هو من كلّ ذي محرم من أمّ أو أخت أو عمّة أو خالة، و لا يكون الظهار في يمين، قال: و سألته كيف الظهار؟ فقال: يقول الرجل لامرأته و هي طاهر من غير جماع: أنت عليّ حرام مثل ظهر أمّي، و هو يريد بذلك الظهار «2».

و صحيحة جميل بن درّاج قال: قلت لأبي عبد اللّٰه (عليه السّلام): الرجل يقول لامرأته: أنت عليّ كظهر عمّته أو خالته، قال: هو الظهار، و سألناه عن الظهار متى يقع على صاحبه الكفّارة؟ قال: إذا أراد أن يواقع امرأته، قلت: فإن طلّقها قبل أن يواقعها أ عليه كفّارة؟ قال: لا، سقطت عنه الكفّارة «3».

و مرسلة يونس المتقدّمة في شرح المسألة الأُولى المشتملة على قوله: «و كذلك إذا هو قال: كبعض المحارم فقد لزمته الكفّارة».

و صحيحة سيف التمّار قال: قلت لأبي عبد اللّٰه (عليه السّلام): الرجل يقول لامرأته أنت عليّ كظهر أختي أو عمّتي أو خالتي، قال: فقال: إنّما ذكر اللّٰه الأُمّهات، و إنّ هذا لحرام «4». و الظاهر أنّ المراد أنّ هذا أيضاً من أفراد الظهار لا أنّه حرام آخر.

الطائفة الثانية: ما تدلّ على عدم الوقوع، مثل:

صحيحة سيف التمّار المتقدّمة، بناءً على كون معناها أنّ هذا لحرام و لا يكون

______________________________

(1) شرائع الإسلام: 3/ 61.

(2) الكافي: 6/ 153 ح 3، الوسائل: 22/ 309، كتاب الظهار ب 4 ح 1 و ذيله في ص 307 ب 2 ح 2.

(3) الكافي: 6/ 155 ح 10، التهذيب: 8/ 9 ح 28، الوسائل: 22/ 310، كتاب الظهار ب 4 ح 2 و ذيله في ص 318 ب 10 ح

4.

(4) الكافي: 6/ 157 ح 18، الوسائل: 22/ 310، كتاب الظهار ب 4 ح 3.

تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة - الطلاق، المواريث، ص: 263

..........

______________________________

ظهاراً، لكنّك عرفت أنّ الظاهر غيره، فلا محيص عن الفتوى على طبق تلك الروايات التي أكثرها صحيحة، مضافاً إلى ما في الشرائع بعد العبارة المذكورة: أشهرهما الوقوع «1» كما قوّاه الماتن (قدّس سرّه).

يبقى الكلام في أمرين:

أحدهما: هل الحكم منحصر بالمحارم النسبيّة كما يظهر من المتن، أو أنّه يشمل المحارم الرضاعية أيضاً؟ قيل بالشمول لقوله (صلّى اللّٰه عليه و آله): «يحرم من الرّضاع ما يحرم من النسب» «2» و لعموم قوله (عليه السّلام): في صحيحة زرارة المتقدّمة: «هو من كلّ ذي محرم» و قيل بالعدم؛ نظراً إلى أنّ المتبادر من عنوان المحرم عامّاً أو خاصّاً كالأُمّ و الأُخت و البنت هي النسبيّة منها، و التنزيل المزبور في دليل الرضاع إنّما هو في التحريم خاصّة، لا ما يشمل انعقاد صيغة الظهار، و المحكيّ عن المسالك في ردّ الأمر الأخير أنّ «من» في دليل التنزيل إمّا تعليليّة مثلها في قوله تعالى مِمّٰا خَطِيئٰاتِهِمْ أُغْرِقُوا «3» أو بمعنى الباء كقوله تعالى يَنْظُرُونَ مِنْ طَرْفٍ خَفِيٍّ «4». و التقدير يحرم لأجل الرضاع أو بسببه ما يحرم لأجل النسب أو بسببه. و كلاهما مفيد للمطلوب؛ لأنّ التحريم في الظهار بسبب النسب ثابت في الجملة إجماعاً «5» فيثبت بسبب الرضاع كذلك «6».

______________________________

(1) شرائع الإسلام: 3/ 61.

(2) الوسائل: 20/ 371 373، كتاب النكاح، أبواب ما يحرم بالرضاع ب 1.

(3) سورة نوح: 71/ 25.

(4) سورة الشورى: 42/ 45.

(5) الخلاف: 4/ 525، المبسوط: 5/ 145، نهاية المرام: 2/ 150.

(6) مسالك الافهام: 9/ 466 467.

تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة -

الطلاق، المواريث، ص: 264

[مسألة 3: الموجب للتحريم ما كان من طرف الرجل]

مسألة 3: الموجب للتحريم ما كان من طرف الرجل، فلو قالت المرأة: أنت عليّ كظهر أبي أو أخي لم يؤثّر شيئاً (1).

______________________________

و أنت خبير بأنّ ما أفاده أجنبي عن انعقاد صيغة الظهار به، فالأقوى عدم الوقوع كما ربّما يظهر من المتن على ما عرفت.

ثانيهما: أنّه في المحارم النسبية غير الامّ قد عرفت الانعقاد بالتشبيه بالظهر، و أمّا التشبيه بغيره بأن قال: كأختي أو كرأس أختي، فقد استشكل فيه في المتن، لكنّه ذكر المحقق في الشرائع: أنّه لو شبّهها بغير أمّه بما عدا لفظة الظهر لم يقع قطعاً «1»، و هو إن كان إجماعيّاً كما ربّما يدلّ عليه التعبير بقوله قطعاً، و إلّا فللمناقشة فيه مجال، خصوصاً مع ملاحظة مرسلة يونس المتقدّمة الظاهرة في أنّه لا فرق بين الامّ و بين غيرها من جهة التشبيه بالظهر أو بغيره، خصوصاً بعد كون الظهار معنى متّحداً، فإنّه إن كان المأخوذ فيه عنوان الظهر فاللّازم عدم الفرق بين الامّ و غيرها، و إن لم يكن منحصراً بهذا العنوان فاللّازم أيضاً كذلك، و التفصيل غير صحيح، و لكن حيث إنّ الظهار على خلاف القاعدة و الأصل، فاللّازم الاقتصار على المورد المتيقّن و هو اختصاص غير الامّ بالظهر، فتدبّر جيّداً، و لكن لا ينبغي ترك الاحتياط.

(1) و الدليل على عدم التأثير ما عرفت «2» من أنّ الظهار كان طلاقاً في الجاهلية موجباً للحرمة الأبدية، و الإسلام قد غيّر بعض خصوصياته مثل العود إلى الزوجيّة بعد الكفّارة، مضافاً إلى أنّ ظاهر الآية «3» الاختصاص بالأُمّهات، إلّا أنّ

______________________________

(1) شرائع الإسلام: 3/ 61.

(2) في ص 257.

(3) سورة المجادلة: 58/ 2.

تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة - الطلاق، المواريث،

ص: 265

[مسألة 4: يشترط في الظّهار وقوعه بحضور عدلين يسمعان قول المظاهر كالطلاق]

مسألة 4: يشترط في الظّهار وقوعه بحضور عدلين يسمعان قول المظاهر كالطلاق، و في المظاهر البلوغ و العقل و الاختيار و القصد، فلا يقع من الصّبي و لا المجنون و لا المكره و لا الساهي و الهازل و السّكران، و لا مع الغضب سواء كان سالباً للقصد أم لا على الأقوى، و في المظاهرة خلوّها عن الحيض و النفاس، و كونها في طهر لم يواقعها فيه على التفصيل المذكور في الطلاق، و في اشتراط كونها مدخولًا بها قولان، أصحّهما ذلك (1).

______________________________

التعميم لغيرها من المحارم لا يوجب إلحاق الزوج بالزوجة، بعد أنّه لا مجال للطلاق بالإضافة إلى الزوج من ناحية الزوجة، فالأقوى ما في المتن.

(1) يشترط في الظهار و في المظاهِر و المظاهرة ما يشترط في الطلاق و المطلّق و المطلّقة من اعتبار حضور عدلين يسمعان إنشاء المنشئ، و اعتبار البلوغ و العقل و الاختيار و القصد في المظاهر، و اعتبار الخلوّ عن الحيض و النفاس و كونها في طهر لم يواقعها فيه على التفصيل المذكور في الطلاق، و الاختلاف إنّما هو في أمرين:

أحدهما: ظاهر المتن بطلان الظهار مع الغضب مطلقاً، و لو لم يكن سالباً للقصد؛ و لعلّه لإطلاق رواية حمران، عن أبي جعفر (عليه السّلام) قال: لا يكون ظهار في يمين و لا في إضرار و لا في غضب «1».

و صحيحة ابن أبي نصر، عن الرّضا (عليه السّلام) قال: الظهار لا يقع على الغضب «2».

و ثانيهما: اشتراط كونها مدخولًا بها، فإنّ فيه قولين، قال المحقّق في الشرائع:

______________________________

(1) التهذيب: 8/ 10 ح 33، الاستبصار: 3/ 258 ح 923، الوسائل: 22/ 315، كتاب الظهار ب 7 ح 2.

(2) الكافي: 6/ 158 ح 25،

الوسائل: 22/ 315، كتاب الظهار ب 7 ح 1.

تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة - الطلاق، المواريث، ص: 266

[مسألة 5: الأقوى عدم اعتبار دوام الزوجية]

مسألة 5: الأقوى عدم اعتبار دوام الزوجية، بل يقع على المتمتّع بها (1).

______________________________

و في اشتراط الدخول تردّد، و المرويّ اشتراطه «1». و المراد بالرواية صحيحة ابن مسلم، عن أبي جعفر و أبي عبد اللّٰه (عليهما السّلام) قال: في المرأة التي لم يدخل بها زوجها، قال: لا يقع عليها إيلاء و لا ظهار «2».

و صحيحة الفضيل بن يسار، عن الصادق (عليه السّلام): في رجل مملك ظاهر من امرأته، فقال: لا يكون ظهار و لا إيلاء حتى يدخل بها «3».

و هذه الروايات تصلح لتخصيص عموم الآية الشامل لغير المدخول بها أيضاً، و إن ذهب المفيد «4» و المرتضى «5» و سلّار «6» و ابن إدريس «7» و ابن زهرة «8» إلى القول بعدم الاشتراط، نظراً إلى العموم المذكور.

(1) في وقوع الظهار على المتمتّع بها خلاف، الأشهر بل المشهور «9» الوقوع، كما اختاره المحقّق في الشرائع «10» و تبعه الماتن (قدّس سرّه)، و المحكي عن الحلّي «11» و ظاهر

______________________________

(1) شرائع الإسلام: 3/ 64.

(2) التهذيب: 8/ 21 ح 65، الوسائل: 22/ 316، كتاب الظهار ب 8 ح 2.

(3) الكافي: 6/ 158 ح 21، الوسائل: 22/ 316، كتاب الظهار ب 8 ح 1.

(4) المقنعة: 524.

(5) لم نجده فيما عندنا من كتبه، نعم نسبه إليه ابن إدريس في السرائر: 2/ 710.

(6) المراسم: 162.

(7) السرائر: 2/ 710.

(8) الغنية: 367.

(9) مسالك الافهام: 9/ 495، الحدائق الناضرة: 25/ 665، رياض المسالك: 7/ 449، جواهر الكلام: 33/ 124.

(10) شرائع الإسلام: 3/ 64.

(11) السرائر: 2/ 709.

تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة - الطلاق، المواريث، ص:

267

[مسألة 6: الظهار على قسمين مشروط و مطلق]

مسألة 6: الظهار على قسمين مشروط و مطلق، فالأوّل ما علّق على شي ء دون الثاني، و يجوز التعليق على الوطء بأن يقول: «أنت عليّ كظهر أمّي إن واقعتك» (1).

______________________________

الإسكافي «1» و الصدوق «2» العدم، و دليل الوقوع الإطلاق في قوله تعالى الَّذِينَ يُظٰاهِرُونَ مِنْكُمْ مِنْ نِسٰائِهِمْ «3» و لا يعارض الأصل الإطلاق الذي هو دليل لفظي، كما أنّه لا يعارضه ما ذكر من انتفاء لازم الظهار الذي هو الإلزام بأحد الأمرين: الفئة أو الطلاق المعلوم امتناعه فيها، و قياس هبة المدّة بالطلاق غير صحيح، مضافاً إلى أنّ أجل المتمتع بها قد يكون قليلًا لا يحتمل الأمر بالصبر إلى المدّة. و أجاب عنه صاحب الجواهر بمنع كون ذلك لازم أصل الظهار، و إنّما هو حكم ما تعلّق منه بالزوجة التي يمكن ذلك في حقّها «4».

نعم، هنا مرسلة ابن فضال، عن أبي عبد اللّٰه (عليه السّلام) قال: لا يكون الظهار إلّا على مثل موضع الطلاق «5». و فيها ضعف السند بالإرسال مع عدم الجابر، و ضعف الدلالة؛ لأنّه يحتمل قويّاً أن يكون المراد المماثلة من جهة الشرائط من الخلوّ عن الحيض و نحوه، كما لا يخفى.

(1) يمكن أن يكون الظهار مطلقاً غير مشروط، كما أنّه يمكن أن يكون مشروطاً؛ لتحقّق عنوان الظهار في كلتا الصورتين، غاية الأمر أنّه لا بدّ و أن لا يكون الشرط

______________________________

(1) حكىٰ عنه في مختلف الشيعة: 7/ 408.

(2) الهداية: 274.

(3) سورة المجادلة: 58/ 2.

(4) جواهر الكلام: 33/ 125.

(5) الكافي: 6/ 154 ح 5، الوسائل: 22/ 307، كتاب الظهار 2 ح 3.

تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة - الطلاق، المواريث، ص: 268

[مسألة 7: إن تحقّق الظهار بشرائطه]

مسألة 7: إن تحقّق الظهار بشرائطه، فإن كان مطلقاً حرم

على المظاهر وطء المظاهرة، و لا يحلّ له حتى يكفّر، فإذا كفّر حلّ له وطؤها و لا يلزم كفّارة أخرى بعد وطأها و لو وطئها قبل أن يكفّر فعليه كفّارتان، و الأشبه عدم حرمة سائر الاستمتاعات قبل التكفير، و إن كان مشروطاً حرم عليه الوطء بعد حصول شرطه، فلو علّقه على الوطء لم يحرم عليه الوطء المعلّق عليه، و لا تتعلّق به الكفّارة (1).

______________________________

ممتنعاً عقلًا كاجتماع النقيضين، أو عادة كالطيران إلى الهواء، و لا محالة تكون آثار الظهار مترتّبة على صورة تحقّق الشرط.

نعم، لو كان الشرط مشيئة اللّٰه تعالى فالأمر يشكل من جهة أنّ الظهار أمر محرّم، و بتعبير الآية «1» يكون منكراً من القول و زوراً، و من الواضح امتناع تعلّق مشيئة اللّٰه بالأمر المنكر، إلّا على قول الجبريّين، و أمّا على القول بالاختيار فيستحيل ما ذكر، و كونه تعالى عفوّاً غفوراً كما في الآية إمّا باعتبار جنس المعاصي أو أوّل من ظاهر باعتبار جهله بعد.

(1) و الأصل في هذا المجال قوله تعالى وَ الَّذِينَ يُظٰاهِرُونَ مِنْ نِسٰائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمٰا قٰالُوا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسّٰا ذٰلِكُمْ تُوعَظُونَ بِهِ وَ اللّٰهُ بِمٰا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ «1» و المستفاد من الآية أنّ التلفّظ بصيغة الظهار و لو مع إرادته و اجتماع جميع شرائطه، و إن كان محرّماً و منكراً من القول و زوراً، كما في الآية السابقة على هذه الآية، إلّا أنّه لا يوجب الكفّارة، فإنّ الحرمة التكليفية أعمّ من ثبوت الكفّارة،

______________________________

(1) سورة المجادلة: 58/ 2.

(1) سورة المجادلة: 58/ 3.

تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة - الطلاق، المواريث، ص: 269

..........

______________________________

بل ثبوتها معلّق على العود لا اللفظي بل العود العملي المتحقق بالوطء، و عليه

فيجب في الوطء التكفير أوّلًا بمعنى الوجوب الشرعي الشرطي، و إذا لم يرد الوطء رأساً، فلا تجب عليه كفّارة، فهي أي الكفّارة شرط لزوال الحرمة عن الوطء، و ليست كشرطية الوضوء للصلاة، بل كشرطية الاستطاعة لوجوب الحج غير المتحقق بدونها و لو بذلًا.

و يمكن أن يقال: إنّ المستفاد من الآية الشريفة أنّ الظهار سبب للكفّارة بشرط العود بالمعنى المزبور قبلها، و تحرير الرقبة أو أحد الأمرين الآخرين قبل التماسّ و الوطء، و الأمر سهل كما لا يخفى.

و عن العلّامة في التحرير القول بالاستقرار بإرادة الوطء التي هي العود المعلّق عليه وجوب الكفّارة و إن رجع عنها «1». و من الواضح خلافه، فإنّ قوله تعالى مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسّٰا ظاهر في أنّ الكفّارة مقدّمة لحلّية الوطء.

مضافاً إلى ظهور الروايات في مثل ذلك.

ففي رواية الحلبي قال: سألت أبا عبد اللّٰه (عليه السّلام) عن رجل يظاهر من امرأته، ثمّ يريد أن يتمّ على طلاقها، قال: ليس عليه كفّارة، قلت: إن أراد أن يمسّها؟ قال: لا يمسّها حتى يكفّر، الحديث «2».

و صحيحة جميل بن درّاج، عن أبي عبد اللّٰه (عليه السّلام) في حديث قال: سألناه عن الظهار متى يقع على صاحبه الكفّارة؟ قال: إذا أراد أن يواقع امرأته، قلت: فإن طلّقها قبل أن يواقعها أ عليه كفّارة؟ قال: لا، سقطت عنه الكفارة «3». و غير ذلك من

______________________________

(1) تحرير الاحكام: 2/ 62.

(2) التهذيب: 8/ 18 ح 56، الاستبصار: 3/ 265 ح 949، الوسائل: 22/ 320، كتاب الظهار ب 10 ح 8.

(3) الكافي: 6/ 155 ح 10، الوسائل: 22/ 318، كتاب الظهار ب 10 ح 4.

تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة - الطلاق، المواريث، ص: 270

..........

______________________________

الروايات الدالة عليه.

ثمّ إنّه

لو كفّر قبل الوطء فلا يجب عليه إلّا كفّارة واحدة، و لو وطئ قبل الكفّارة فعليه كفّارتان، و عن جملة من الكتب الفقهيّة القديمة ادّعاء الإجماع عليه «1». و يدلّ عليه صحيحة أبي بصير، عن أبي عبد اللّٰه (عليه السّلام)، أنّه قال: إذا واقع المرّة الثانية قبل أن يكفّر فعليه كفّارة أُخرى، ليس في هذا اختلاف «2».

و رواية الحسن الصيقل، عن أبي عبد اللّٰه (عليه السّلام) قال: قلت له: رجل ظاهر من امرأته فلم يفِ (فلم يكفّر ظ) قال: عليه الكفارة من قبل أن يتماسّا، قلت: فإنّه أتاها قبل أن يكفّر، قال: بئس ما صنع، قلت: عليه شي ء؟ قال: أساء و ظلم، قلت: فيلزمه شي ء؟ قال: رقبة أيضاً «3».

و رواية الحلبي قال: سألت أبا عبد اللّٰه (عليه السّلام): عن الرجل يظاهر من امرأته، ثم يريد أن يتمّ على طلاقها؟ قال: ليس عليه كفّارة، قلت: إن أراد أن يمسّها؟ قال: لا يمسّها حتى يكفّر، قلت: فإن فعل فعليه شي ء؟ قال: إي و اللّٰه إنّه لآثم ظالم، قلت: عليه كفّارة غير الاولى؟ قال: نعم يعتق أيضاً رقبة «4».

و غير ذلك من الروايات «5» الدالّة عليه.

ثم إنّ الكفارة الثانية هل تجب بمجرّد الوطء الأوّل بدون كفّارة، أو تجب عند

______________________________

(1) الخلاف: 4/ 535 538، المبسوط: 5/ 154، الانتصار: 323 324، السرائر: 2/ 712.

(2) الكافي: 6/ 157 ح 17، التهذيب: 8/ 18 ح 58، الاستبصار: 3/ 265 ح 951، الوسائل: 22/ 328، كتاب الظهار ب 15 ح 1.

(3) التهذيب: 8/ 18 ح 57 و 14 ح 46، الاستبصار: 3/ 262 ح 937 و 265 ح 950، الوسائل: 22/ 329، كتاب الظهار ب 15 ح 5.

(4) التهذيب: 8/ 18 ح

56، الاستبصار: 3/ 265 ح 949، الوسائل: 22/ 329، كتاب الظهار ب 15 ح 4.

(5) الوسائل: 22/ 228 331، كتاب الظهار ب 15.

تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة - الطلاق، المواريث، ص: 271

..........

______________________________

إرادة الوطء الثاني، فإذا لم يرد الوطء بعد المرّة الاولى فلا يجب عليه إلّا كفّارة واحدة؟ ظاهر المتن و بعض الروايات المتقدمة هو الأول، و لكن ظاهر بعضها بل أكثرها هو الأخير، و هو المناسب للآية الشريفة «1». و يدلّ عليه بعض الروايات الأُخر، مثل:

صحيحة الحلبي قال: سألت أبا عبد اللّٰه (عليه السّلام): عن رجل ظاهر من امرأته ثلاث مرّات؟ قال: يكفّر ثلاث مرّات، قال: فإن واقع يعني: المظاهر قبل أن يكفّر؟ قال: يستغفر اللّٰه، و يمسك حتى يكفّر «2».

و رواية سلمة بن صخر، المروية في سنن البيهقي «3» الدالّة على أنّه أمر النبيّ (صلّى اللّٰه عليه و آله) بكفّارة واحدة مع أنّه واقع بعد الظهار قبل التكفير. و المرسلة المروية في ذلك الكتاب عن النبي (صلّى اللّٰه عليه و آله) في المظاهر يواقع قبل أن يكفّر قال: كفّارة واحدة «4».

و من هنا قال في محكيّ المسالك: و يمكن حمل الأخبار الواردة بتعدّد الكفارة على الاستحباب جمعاً بين الأخبار، و مع أنّ في تينك الروايتين أي رواية الصيقل و الحلبي رائحة الاستحباب؛ لأنّه لم يصرّح بأنّ عليه كفّارة أخرى إلّا بعد مراجعات و عدول عن الجواب .. إلخ «5». و لكن جعله في الجواهر قولًا شاذّاً يمكن القطع بفساده، و لو بملاحظة استقرار الكلمة على خلافه في الأعصار المتقدّمة «6».

______________________________

(1) سورة المجادلة: 58/ 3.

(2) الكافي: 6/ 156 ح 14، نوادر أحمد بن محمد بن عيسى: 65 ح 134، الوسائل: 22/ 324، كتاب

الظهار ب 13 ح 2 وص 328 ب 15 ح 2.

(3) سنن البيهقي: 7/ 390، سنن ابن ماجة: 1/ 665 ح 2062.

(4) سنن البيهقي: 7/ 387، سنن ابن ماجة: 1/ 666 ح 2064.

(5) مسالك الافهام: 9/ 505 506.

(6) جواهر الكلام: 33/ 136.

تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة - الطلاق، المواريث، ص: 272

..........

______________________________

بقي في المسألة أمران:

أحدهما: أنّه هل يحرم على المظاهر ما دون الوطء؟ كالقبلة و الملامسة و سائر الاستمتاعات قبل أن يكفّر، فالمحكيّ عن الشيخ «1» و جماعة «2» على ما قيل نعم؛ لأنّه مماسّة لغة، و الأصل عدم النقل و الاشتراك، و لأنّه مقتضى تشبيهها بالأُمّ التي يحرم فيها غير الوطء من الاستمتاع بها، و لكن قال المحقّق في الشرائع: فيه إشكال ينشأ من اختلاف التفسير «3» أي المماسّة في الآية «4» الشريفة، مع أنّه لا شبهة في عدم شمول المماسّة و لو بحسب اللغة لمثل النظر؛ لخلوّه عن المماسّة، و الظاهر أنّ المراد منها في الآية الشريفة هو الجماع و المواقعة، و لم يقع في شي ء من روايات الباب حرمة غيره. و التشبيه بالأُمّ لا دلالة فيه على حرمة غير الوطء، فمقتضى الأصل عدم الحرمة خصوصاً مثل النظر.

ثانيهما: أنّه إن كان الظهار مطلقاً تتحقّق حرمة الوطء بمجرّده، و إن كان مشروطاً فالحرمة معلّقة على ذلك الشرط و تحقّقه، و لو فرض أنّ المعلّق عليه كان هو الوطء لا يحرم عليه هذا الوطء؛ لعدم تحقّق الظهار قبله، فلا يترتّب عليه الكفّارة، بل هي تترتّب على الظهار بعد حصول شرطه، فقبله لا ظهار، و به يتحقّق التحريم الموجب للكفّارة، و هذا واضح، لكن عن الصدوق «5» و الشيخ «6» تجب

______________________________

(1) المبسوط: 5/ 154

155، الخلاف: 4/ 539 مسألة 22.

(2) إصباح الشيعة: 458، إيضاح الفوائد: 3/ 415.

(3) شرائع الإسلام: 3/ 66.

(4) سورة المجادلة: 58/ 3.

(5) المقنع: 352، الهداية: 273.

(6) النهاية: 525، المبسوط: 5/ 154، الخلاف: 4/ 535 مسألة 20.

تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة - الطلاق، المواريث، ص: 273

[مسألة 8: إذا طلّقها رجعيّاً ثم راجعها لم يحلّ له وطؤها حتى يكفّر]

مسألة 8: إذا طلّقها رجعيّاً ثم راجعها لم يحلّ له وطؤها حتى يكفّر بخلاف ما إذا تزوّجها بعد انقضاء عدّتها أو كان بائناً، و لو تزوّجها في العدّة يسقط حكم الظهار (1).

[مسألة 9: كفّارة الظهار أحد أمور ثلاثة مرتّبة]

مسألة 9: كفّارة الظهار أحد أمور ثلاثة مرتّبة: عتق رقبة، فإن عجز عنه فصيام شهرين متتابعين، و إن عجز عنه فإطعام ستّين مسكيناً (2).

______________________________

بنفس الوطء نظراً إلى أنّ ابتداءه و إن كان جائزاً لكن الاستمرار وطء ثان، و لكن قال المحقّق في الشرائع: و هو بعيد «1». لأنّ الوطء أمر واحد عرفاً، و لا يكون استمراره غير العادي وطئاً ثانياً عرفاً، و الإطلاق محمول على العرف كما لا يخفى.

(1) إذا طلّق المظاهرة بالطلاق الرجعي ثمّ راجعها، لا يكون هذا الرجوع زوجيّة جديدة، بل إدامة للزوجية السابقة، فلا يحلّ له وطؤها بعد الرجوع حتى يكفّر للظهار الواقع قبل الطلاق، حتى لو كان الرجوع بنفس الوطء على ما تقدّم في كتاب الطلاق من تحقّق الرجوع بالوطء «2»، فإنّ المطلّقة الرجعية زوجة و المظاهرة لا يحلّ وطؤها بدون الكفّارة، و هذا بخلاف ما إذا كان الطلاق بائناً، و تزوّجها في العدّة أو بعد العدّة، أو كان الطلاق رجعيّاً و تزوّجها بعد انقضاء العدّة، فإنّ التزويج الجديد موجب لسقوط حكم الظهار؛ لأنّه أمر جديد، و متعلّقه لا يكون زوجة قبله، ففرق بين صورتي المسألة كما قرّره الماتن قدّس سرّه الشريف، فتدبّر جيّداً.

(2) الأصل في ذلك قوله تعالى بعد الآية المتقدّمة، الدالّة على لزوم تحرير رقبة:

______________________________

(1) شرائع الإسلام: 3/ 65.

(2) في ص 210 211.

تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة - الطلاق، المواريث، ص: 274

[مسألة 10: لو صبرت المظاهرة على ترك وطئها فلا اعتراض]

مسألة 10: لو صبرت المظاهرة على ترك وطئها فلا اعتراض، و إن لم تصبر

______________________________

مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسّٰا .. فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيٰامُ شَهْرَيْنِ مُتَتٰابِعَيْنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسّٰا فَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَإِطْعٰامُ سِتِّينَ مِسْكِيناً ذٰلِكَ لِتُؤْمِنُوا بِاللّٰهِ وَ رَسُولِهِ وَ تِلْكَ حُدُودُ اللّٰهِ وَ لِلْكٰافِرِينَ

عَذٰابٌ أَلِيمٌ «1».

و يدلّ عليه أيضاً بعض الروايات، مثل:

موثّقة أبي بصير، عن أبي عبد اللّٰه (عليه السّلام) قال: سمعته يقول: جاء رجلٌ إلى رسول اللّٰه (صلّى اللّٰه عليه و آله) فقال: يا رسول اللّٰه ظاهرت من امرأتي، قال: اذهب فأعتق رقبة، قال: ليس عندي، قال: اذهب فَصُمْ شهرين متتابعين، قال: لا أقوى، قال: اذهب فأطعم ستّين مسكيناً، الحديث «2».

و مرسلة محمد بن مسلم، عن أحدهما (عليهما السّلام): في رجل صام شهراً من كفّارة الظهار، ثمّ وجد نسمة، قال: يعتقها، و لا يعتدّ بالصوم «3».

و غير ذلك من الروايات «4» الواردة في بعض فروع المسألة، الدالّة على مفروغية أصلها، لكن في بعض الروايات «5» العطف ب «أو» الظاهر في التخيير، و من الواضح أنّه لا يعارض صراحة الآية المباركة، فلا بدّ من الحمل على إرادة بيان أصل الكفارة و دائرتها مع قطع النظر عن الترتيب و التخيير، مضافاً إلى عدم كونه معمولًا به أصلًا، كما لا يخفى.

______________________________

(1) سورة المجادلة: 58/ 3 و 4.

(2) الكافي: 6/ 155 ح 9، الوسائل: 22/ 362، كتاب الإيلاء و الكفارات، أبواب الكفارات ب 2 ح 1.

(3) التهذيب: 8/ 17 ح 54، الاستبصار: 3/ 268 ح 958، الوسائل: 22/ 366، كتاب الإيلاء و الكفارات، أبواب الكفارات ب 5 ح 2.

(4) الوسائل: 22/ 303 306، كتاب الظهار ب 1.

(5) الوسائل: 22، كتاب الظهار ب 14 ح 2 و ب 18 ح 1 و ب 1 ح 3 و 4 و 6.

تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة - الطلاق، المواريث، ص: 275

رفعت أمرها إلى الحاكم الشرعي فيحضره و يخيّره بين الرجعة بعد التكفير و بين طلاقها، فإن اختار أحدهما و إلّا أنظره ثلاثة

أشهر من حين المرافعة، فإن انقضت المدّة و لم يختر أحدهما حبسه و ضيّق عليه في المأكل و المشرب حتى يختار أحدهما، و لا يجبره على أحدهما و لا يطلّق عنه (1).

______________________________

(1) لو صبرت المظاهرة على ترك وطئها فلا اعتراض، كما أنّ الظاهر أنّه لو وطأها من دون كفّارة لا يجوز لها رفع الأمر إلى الحاكم الشرعي؛ لأنّ حرمة الوطء إنّما تكون بالإضافة إلى الزوج دون الزوجة المظاهرة، فهو كالصائم يحرم عليه الجماع، و ربما لا يكون حراماً عليها؛ لعدم كونها صائمة، إلّا على فرض صدق الإعانة على الإثم من ذلك الباب، لا من باب حرمة الوطء بعنوانه.

و كيف كان، فإن لم تصبر على ترك الوطء، و رفعت أمرها إلى الحاكم فهو يحضره و يخيّره بين الرجعة بعد التكفير و بين طلاقها، فإن اختار أحدهما، و إلّا أنظره ثلاثة أشهر من حين المرافعة إلى آخر ما ذكر في المتن، و ظاهرهم الاتفاق على ذلك.

نعم، ورد في هذا المجال موثّقة أبي بصير قال: سألت أبا عبد اللّٰه (عليه السّلام): عن رجل ظاهر من امرأته، قال: إن أتاها فعليه عتق رقبة، أو صيام شهرين متتابعين، أو إطعام ستّين مسكيناً، و إلّا ترك ثلاثة أشهر فإن فاء، و إلّا أوقف حتى يسأل: لك حاجة في امرأتك أو تطلقها؟ فإن فاء فليس عليه شي ء، و هي امرأته، و إن طلّق واحدة فهو أملك برجعتها «1».

و قال في محكي المسالك بعد نقل الرواية: «و في طريق الرواية ضعف، و في الحكم

______________________________

(1) التهذيب: 8/ 6 ح 11 و 24 ح 80، الاستبصار: 3/ 255 ح 914، الوسائل: 22/ 337، كتاب الظهار ب 18 ح 1.

تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة

- الطلاق، المواريث، ص: 276

..........

______________________________

على إطلاقه إشكال؛ لشموله ما إذا رافعته عقيب الظهار بغير فصل بحيث لا يفوت الواجب لها من الوطء بعد مضيّ المدة المضروبة، فإنّ الواجب وطؤها في كلّ أربعة أشهر مرّة، و غيره من الحقوق لا يفوت بالظهار إلى أن قال: و في الرواية أمورٌ أُخر منافية للقواعد» «1».

أقول: الظاهر أنّ الرواية موثّقة و هي حُجّة كما بيّن في محلّه، و على تقدير الضعف فاستناد المشهور إليها جابر له كما قرّر في محلّه أيضاً.

و في كشف اللثام لعلّ المراد بالفئة الندم و التزام الكفّارة ثمّ الوطء؛ ليستشكل بأنّها ليس لها المطالبة بالوطء إلّا في كلّ أربعة أشهر، و ربما رفعت أمرها بعد الظهار بلا فصل «2».

هذا، مع أنّ المهم هو الإنظار ثلاثة أشهر من حين المرافعة، و يدلّ عليه الرواية «3» و الحبس و التضيق عليه في المطعم و المشرب، و من الواضح أنّه لا طريق لتخلّص المرأة غير هذا الطريق، خصوصاً مع اشتمال بعض أخبار الإيلاء عليه، و خصوصاً مع عدم جواز إجبار الحاكم على أحدهما المعيّن، بل على نحو التخيير كما في المتن.

______________________________

(1) مسالك الافهام: 9/ 536 537.

(2) كشف اللثام: 2/ 164.

(3) الوسائل: 22/ 353 355، كتاب الإيلاء و الكفّارات، أبواب الإيلاء ب 11.

تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة - الطلاق، المواريث، ص: 277

[كتاب الإيلاء]

اشارة

كتاب الإيلاء

تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة - الطلاق، المواريث، ص: 279

كتاب الإيلاء و هو الحلف على ترك وطء الزوجة الدائمة المدخول بها أبداً أو مدّة تزيد على أربعة أشهر للإضرار بها، فلا يتحقّق بغير القيود المذكورة و إن انعقد اليمين مع فقدها، و يترتّب عليه آثاره إذا اجتمع شروطه (1).

______________________________

(1) و هو

لغةً: الحلف من آلوت أي قصرت، يقال: آلى يولي إيلاء، و الاسم الأليّة و الألوة و الجمع ألايا، مثل: عطيّة و عطايا، و كذا يقال: إئتلى يأتلي ائتلاءً، و منه قوله تعالى وَ لٰا يَأْتَلِ أُولُوا الْفَضْلِ مِنْكُمْ وَ السَّعَةِ أَنْ يُؤْتُوا أُولِي الْقُرْبىٰ وَ الْمَسٰاكِينَ «1».

و شرعاً هو المعنى المذكور في المتن، و قد كان طلاقاً في الجاهلية كالظهار، فغيّر الشارع حكمه و جعل له أحكاماً، و الأصل فيه قوله تعالى لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسٰائِهِمْ تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ فَإِنْ فٰاؤُ فَإِنَّ اللّٰهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ. وَ إِنْ عَزَمُوا الطَّلٰاقَ فَإِنَّ اللّٰهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ «2».

______________________________

(1) سورة النور: 24/ 22.

(2) سورة البقرة: 2/ 226 227.

تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة - الطلاق، المواريث، ص: 280

[مسألة 1: لا ينعقد الإيلاء كمطلق اليمين]

مسألة 1: لا ينعقد الإيلاء كمطلق اليمين إلّا باسم اللّٰه تعالى المختصّ به أو الغالب إطلاقه عليه، و لا يعتبر فيه العربية، و لا اللفظ الصريح في كون المحلوف عليه ترك الجماع في القبل، بل المعتبر صدق كونه حالفاً على ترك ذلك العمل بلفظ له ظهور فيه، فيكفي قوله: «لا أطأك» أو «لا أجامعك» أو «لا أمسّك»، بل و قوله: «لا جمع رأسي و رأسك وسادة أو مخدّة» إذا قصد به ترك الجماع (1).

______________________________

و كيف كان، فإن كان الحلف المزبور مع القيود المذكورة و الخصوصيات المزبورة فهو الإيلاء، الذي يترتّب عليه أحكام خاصة و ستجي ء إن شاء اللّٰه، و إن لم يكن فينعقد يميناً مع وجود شرطه، و يترتّب عليه أحكامه لا أحكام الإيلاء. و قد يورد عليه بأنّ انعقاده يميناً يتوقّف على القصد؛ لأنّه قصد به الإيلاء «فما وقع لم يقصد و ما قصد لم يقع» و لكنّه مدفوع بأنّ

الإيلاء نوع من اليمين لا أنّه مغاير له، و الفرق بينهما إنّما هو في الخصوصيات المعتبرة في الإيلاء؛ و عمدتها إمكان تعلّقه بالمباح الذي يتساوى طرفاه بل المرجوح، فضلًا عن أولويّة المتعلّق دون مطلق اليمين و اشتراكهما في أصل الإيقاعية و عدم ثبوت العبادية، مضافاً إلى أنّه قد ذكره غير واحد من الأصحاب «1» بل أرسلوه إرسال المسلّمات، و أيضاً قد اكتفى الأصحاب فيه بكلّ لسان مع اشتراط العربيّة للقادر في غيره من العقود و الإيقاعات، و هذا أيضاً دليل على أنّ الشارع لم يتصرّف في حقيقة الإيلاء و ماهيّته، بل غيّر بعض أحكامه على ما سيأتي في المسائل الآتية إن شاء اللّٰه تعالىٰ.

(1) حيث إنّ الإيلاء قسم من الحلف و اليمين فلا ينعقد كمطلقه إلّا باسم اللّٰه تعالى

______________________________

(1) الروضة البهية: 6/ 147، رياض المسائل: 7/ 466، جواهر الكلام: 33/ 297.

تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة - الطلاق، المواريث، ص: 281

..........

______________________________

المختص به أو الغالب إطلاقه عليه، و قد نفي وجدان الخلاف فيه في الجواهر «1»، و في صحيحة محمد بن مسلم قال: قلت لأبي جعفر (عليه السّلام): قول اللّٰه عزّ و جلّ وَ اللَّيْلِ إِذٰا يَغْشىٰ «2» وَ النَّجْمِ إِذٰا هَوىٰ «3» و ما أشبه ذلك، قال: إنّ للّٰه أن يقسم من خلقه بما يشاء، و ليس لخلقه أن يقسموا إلّا به «4».

و في صحيحة الحلبي، عن أبي عبد اللّٰه (عليه السّلام) قال: لا أرى أن يحلف الرجل إلّا باللّٰه، الحديث «5».

و في صحيحته الأُخرى، قول أبي عبد اللّٰه (عليه السّلام): أيّما رجل آلٰى من امرأته و الإيلاء أن يقول: و اللّٰه لا أجامعكِ كذا و كذا، و اللّٰه لأغيظنّكِ، ثمّ يغاضبها فإنّه

يتربّص به أربعة أشهر، الحديث «6».

و غير ذلك ممّا يدلّ عليه، و عليه فلا يقع لو كان الحلف بالكعبة أو القرآن أو النبيّ أو أحد الأئمّة (عليهم السّلام). نعم لا ينحصر بلفظ الجلالة على ما يوهمه بعض الروايات المتقدّمة، بل يقع بكلّ اسم له تعالى المختصّ به أو الغالب، كما أنّه لا ينحصر باللغة العربية على ما ذكرنا. نعم لا بدّ و أن يكون مع القصد المعتبر في سائر الإيقاعات أيضاً، كما أنّه لا يعتبر فيه الصراحة، بل يكفي الظهور العقلائي المعتبر كما في سائر المقامات، حيث إنّ الإفادة و الاستفادة في الأكثر مبنيّتان على الظهور، فيكفي لا أطأك

______________________________

(1) جواهر الكلام: 33/ 298.

(2) سورة الليل: 92/ 1.

(3) سورة النجم: 53/ 1.

(4) الكافي: 7/ 449 ح 1، التهذيب: 8/ 277 ح 1009، الوسائل: 22/ 343، كتاب الإيلاء و الكفّارات، أبواب الإيلاء ب 3 ح 1.

(5) الكافي: 7/ 449 ح 2، الوسائل: 22/ 343، كتاب الإيلاء و الكفّارات، أبواب الإيلاء ب 3 ح 2.

(6) الفقيه: 3/ 339 ح 1634، الوسائل: 22/ 341، كتاب الإيلاء و الكفّارات، أبواب الإيلاء ب 1 ح 1.

تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة - الطلاق، المواريث، ص: 282

[مسألة 2: لو تمّ الإيلاء بشرائطه]

مسألة 2: لو تمّ الإيلاء بشرائطه، فإن صبرت المرأة مع امتناعه عن المواقعة فلا كلام، و إلّا فلها الرفع إلى الحاكم فيحضره و ينظره أربعة أشهر، فإن رجع

______________________________

و لا أجامعك و لا أمسّك، بل يكفي مثل قوله: لا جمع رأسي و رأسك وسادة أو مخدّة إذا قصد به ترك الجماع، و إن حكي عن خلاف الشيخ «1» و تبعه ابن إدريس «2» أنّه لا يصحّ بالأخير إيلاءً، لكن في محكي المبسوط يقع مع

القصد «3»، و استحسنه المحقّق في الشرائع «4»؛ لدلالة بعض الروايات عليه، مثل:

صحيحة بريد بن معاوية قال: سمعت أبا عبد اللّٰه (عليه السّلام) يقول في الإيلاء: إذ آلى الرجل أن لا يقرب امرأته، و لا يمسّها، و لا يجمع رأسه و رأسها فهو في سعة ما لم تمض الأربعة أشهر، فإذا مضت أربعة أشهر وقف، فإمّا أن يفي ء فيمسّها، و إمّا أن يعزم على الطلاق، فيخلّي عنها حتّى إذا حاضت، و تطهّرت من محيضها طلّقها تطليقة قبل أن يجامعها بشهادة عدلين، ثم هو أحقّ برجعتها ما لم تمض الثلاثة الأقراء «5».

و رواية أبي الصباح الكناني، المُشتملة على قول أبي عبد اللّٰه (عليه السّلام): الإيلاء أن يقول الرجل لامرأته: و اللّٰه لأغيظنّك، و لأسوءنّك، ثم يهجرها، و لا يجامعها حتى تمضي أربعة أشهر، فقد وقع الإيلاء، الحديث «6».

و صحيحة الحلبي المتقدّمة، المُشتملة على بيان كيفيّة الإيلاء.

______________________________

(1) الخلاف: 4/ 515 مسألة 7.

(2) السرائر: 2/ 722.

(3) المبسوط: 5/ 116 117.

(4) شرائع الإسلام: 3/ 83.

(5) الكافي: 6/ 130 ح 1، التهذيب: 8/ 3 ح 3، الاستبصار: 3/ 255 ح 915، الوسائل: 22/ 351، كتاب الإيلاء و الكفّارات، أبواب الإيلاء ب 10 ح 1.

(6) الكافي: 6/ 132 ح 7، الوسائل: 22/ 350، كتاب الإيلاء و الكفّارات، أبواب الإيلاء ب 9 ح 3.

تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة - الطلاق، المواريث، ص: 283

و واقعها في هذه المدّة فهو، و إلّا أجبره على أحد الأمرين: إمّا الرجوع أو الطلاق، فإن فعل أحدهما و إلّا حبسه و ضيّق عليه في المأكل و المشرب حتى يختار أحدهما، و لا يجبره على أحدهما معيّناً (1).

______________________________

(1) مع تمامية الإيلاء بشرائطه و قيوده، فإن صبرت المرأة

مع امتناعه عن المواقعة فلا كلام، و كذا لو لم يمتنع و واقع محرّماً على ما عرفت في الظهار «1»، و إلّا فلها الرفع إلى الحاكم المُعدّ لأمثال هذه الأُمور، فيحضره و ينظره أربعة أشهر كما هو مقتضى الآية الشريفة «2»، فإن فاء و رجع في هذه المدّة و واقعها، و إلّا أجبره على أحد الأمرين لا على التعيين.

و في ذيل رواية أبي الصباح المتقدّمة: «و ينبغي للإمام أن يجبره على أن يفي ء، أو يُطلّق، فإن فاء فإنّ اللّٰه غفور رحيم، و إن عزم الطلاق فإنّ اللّٰه سميع عليم، و هو قول اللّٰه تبارك و تعالى في كتابه».

و أمّا الحبس و التضييق عليه في المطعم و المشرب فيدلّ عليه رواية غياث بن إبراهيم، عن أبي عبد اللّٰه (عليه السّلام) قال: كان أمير المؤمنين (عليه السّلام) إذا أبى المؤلي أن يطلّق جعل له حظيرة من قصب، و أعطاه ربع قوته حتى يطلّق «3».

و رواية حمّاد بن عثمان، عن أبي عبد اللّٰه (عليه السّلام) قال: في المؤلي إذا أبى أن يطلّق، قال: كان أمير المؤمنين (عليه السّلام) يجعل له حظيرة من قصب، و يجعله (يحبسه خ ل) فيها، و يمنعه من الطعام و الشراب حتى يطلّق «4».

______________________________

(1) في ص 275.

(2) سورة البقرة: 2/ 226.

(3) الكافي: 6/ 133 ح 13، الوسائل: 22/ 354، كتاب الإيلاء و الكفّارات، أبواب الإيلاء ب 11 ح 3.

(4) الكافي: 6/ 133 ح 10، التهذيب: 8/ 6 ح 13، الاستبصار: 3/ 257 ح 920، الوسائل: 22/ 353، كتاب الإيلاء و الكفّارات، أبواب الإيلاء ب 11 ح 1.

تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة - الطلاق، المواريث، ص: 284

[مسألة 3: الأقوى أنّ الأشهر الأربعة التي ينظر فيها]

مسألة 3: الأقوى أنّ الأشهر الأربعة

التي ينظر فيها، ثم يُجبر على أحد الأمرين بعدها هي من حين الرفع إلى الحاكم (1).

[مسألة 4: يزول حكم الإيلاء بالطلاق البائن]

مسألة 4: يزول حكم الإيلاء بالطلاق البائن، و إن عقد عليها في العدّة بخلاف الرجعي فإنّه و إن خرج بذلك عن حقّها فليست لها المطالبة و الترافع إلى الحاكم، لكن لا يزول حكم الإيلاء إلّا بانقضاء عدّتها، فلو راجعها في العدّة عاد

______________________________

و الرواية المتقدّمة شارحة لهذه الرواية من جهة أنّ المراد ليس المنع من الطعام و الشراب مطلقاً بل العادي منهما، و مفسّرة بهذه الرواية من جهة عدم خصوصية للربع بعنوانه، كما لا يخفى.

و مرسلة الصدوق قال: و روى أنّه إن فاء و هو أن يراجع إلى الجماع و إلّا حبس في حظيرة من قصب، و شدّد عليه في المأكل و المشرب حتى يُطلّق «1».

(1) ظاهر الآية الشريفة المتقدّمة، الواردة في الإيلاء «2» كون التربّص من حين الرفع إلى الحاكم لا من حين الإيلاء، و إن كان ربّما يتوهّم ذلك؛ لأنّها دالّة على لزوم التربّص في المدّة المذكورة مطلقاً و هو لا يجتمع إلّا مع ما ذكر، و إلّا فيلزم عدم لزوم التربّص إذا كان الرفع إليه بعد المدّة المذكورة.

هذا، مضافاً إلى دلالة بعض الروايات «1» على أنّه يوقف بعد سنة، و على لزوم مضي أربعة أشهر و إن لم يوقفه عشر سنين فهي امرئته، كما لا يخفى.

______________________________

(1) الفقيه: 3/ 339 ح 1635، الوسائل: 22/ 354، كتاب الإيلاء و الكفّارات، أبواب الإيلاء ب 11 ح 4.

(2) في ص 279.

(1) الوسائل: 22/ 347- 348، كتاب الإيلاء و الكفّارات، أبواب الإيلاء ب 8 ح 2 و 4.

تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة - الطلاق، المواريث، ص: 285

إلى الحكم الأوّل، فلها

المطالبة بحقّها و المرافعة (1).

[مسألة 5: متى وطأها الزوج بعد الإيلاء لزمته الكفارة]

مسألة 5: متى وطأها الزوج بعد الإيلاء لزمته الكفارة سواء كان في مدّة التربّص أو بعدها أو قبلها، لأنّه قد حنث اليمين على كلّ حال و إن جاز له هذا الحنث، بل وجب بعد انقضاء المدّة و مطالبتها و أمر الحاكم به تخييراً، و بهذا يمتاز هذا الحلف عن سائر الأيمان، كما أنّه يمتاز عن غيره بأنّه لا يعتبر فيه ما يعتبر في غيره من كون متعلّقه مباحاً تساوى طرفاه، أو كان راجحاً ديناً أو دنيا (2).

______________________________

(1) لو طلّق الزوجة التي وقع إيلاؤها، فالظاهر أنّه إن كان الطلاق رجعيّاً و لازمه كون حقّ الرجوع بيد الزوج يصير الزوج المؤلي خارجاً عن حقّها، فليست لها المطالبة و الترافع إلى الحاكم، لكن زوال حكم الإيلاء متوقّف على انقضاء العدّة، الذي تصير الزوجة بسببه مختارة في أمر نفسها، و يجوز لها التزويج مع الغير، فلو راجعها في العدّة و صارت زوجة له بالفعل يكون لها المطالبة و المرافعة، و إن كان الطلاق بائناً كاليائسة و المدخول بها فالظاهر زوال حكم الإيلاء بسببه، سواء كانت له العدّة أم لا؛ لصيرورتها مختارة بسببه و إن كانت له العدّة.

(2) قد عرفت «1» أنّ الإيلاء قسم من الحلف و نوع منه، لكن يمتاز عنه بأمرين:

أحدهما: أنّه لا يعتبر في الإيلاء ما يعتبر في مطلق الحلف الذي يترتّب على حنثه الكفّارة من كون المتعلّق مباحاً تساوى طرفاه، أو راجحاً بحسب الدين أو الدنيا، ضرورة أنّه لا رجحان في ترك وطء الزوجة أزيد من أربعة أشهر بعد لزوم الوطء في تلك المدّة و لو مرّة، و قد عرفت «2» أنّ هذا كان طلاقاً في الجاهلية متداولًا

______________________________

(1) في ص

280 281.

(2) في ص 279.

تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة - الطلاق، المواريث، ص: 286

..........

______________________________

بينهم، و الإسلام غيّره عن حقيقته و تصرّف في أحكامه المترتّبة عليه.

ثانيهما: أنّه جعل الشارع وطء الزوجة بعد الإيلاء موجباً للكفارة، سواء كان في مدّة التربّص أو بعدها أو قبلها؛ لتحقّق حنث اليمين بذلك، و إن جاز له الحنث مطلقاً، بل وجب بعد انقضاء المدّة و مطالبتها و أمر الحاكم به بنحو الوجوب التخييري.

نعم، فيما لو وطئ بعد المدّة، فالمحكي عن المبسوط أنّه لا كفّارة «1»، و في محكيّ الخلاف تلزمه و هو ظاهر الأكثر «2». بل عن الخلاف الإجماع عليه «3» و يدلّ عليه رواية منصور بن حازم، قال: سألت أبا عبد اللّٰه (عليه السّلام) عن رجل آلى من امرأته فمرّت به أربعة أشهر، قال: يوقف، فإن عزم الطلاق بانت منه، و عليها عدّة المطلّقة، و إلّا كفّر عن يمينه، و أمسكها «4». و هي منجبرة بما عرفت.

و مرسلة العيّاشي، المؤيّدة للرواية السابقة، عن أبي عبد اللّٰه (عليه السّلام)، أنّه سئل: إذا بانت المرأة من الرجل، هل يخطبها مع الخطّاب؟ قال: يخطبها على تطليقتين، و لا يقربها حتى يكفّر يمينه «5».

و من الجواب يعلم أنّ مورد السؤال كان هو الإيلاء فتدبّر جيّداً؛ و لعلّه لما ذكرنا جعل المحقّق في الشرائع وجوب الكفّارة هو الأشبه «6».

______________________________

(1) المبسوط: 5/ 135.

(2) رياض المسائل: 7/ 469 470، نهاية المرام: 2/ 180، جواهر الكلام: 33/ 323، المبسوط: 5/ 135.

(3) الخلاف: 4/ 520، مسألة 18.

(4) التهذيب: 8/ 8 ح 21، الاستبصار: 3/ 254 ح 910، الوسائل: 22/ 355، كتاب الإيلاء و الكفّارات، أبواب الإيلاء ب 12 ح 3.

(5) تفسير العياشي: 1/ 113 ح 347، الوسائل:

22/ 356، كتاب الإيلاء و الكفّارات، أبواب الإيلاء ب 12 ح 4.

(6) شرائع الإسلام: 3/ 87.

تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة - الطلاق، المواريث، ص: 287

[كتاب اللّعان]

اشارة

كتاب اللّعان

تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة - الطلاق، المواريث، ص: 289

كتاب اللّعان و هي مباهلة خاصّة بين الزوجين، أثرها دفع الحدّ أو نفي الولد (1).

______________________________

(1) اللعان مصدر «لاعن» من باب المفاعلة، أو جمع اللّعن، و هو لغة: الطّرد و الإبعاد. و شرعاً كما في المتن مباهلة خاصّة متحقّقة بين الزوجين، و تؤثِّر في رفع الحدّ عن الزوج الرّامي الملاعن و العذاب عن المرميّة الملاعنة، أو في إثبات نفي الولد على ما سيجي ء تفصيله إن شاء اللّٰه تعالىٰ.

و الأصل فيه قوله تعالى وَ الَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوٰاجَهُمْ وَ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ شُهَدٰاءُ إِلّٰا أَنْفُسُهُمْ فَشَهٰادَةُ أَحَدِهِمْ أَرْبَعُ شَهٰادٰاتٍ بِاللّٰهِ إِنَّهُ لَمِنَ الصّٰادِقِينَ. وَ الْخٰامِسَةُ أَنَّ لَعْنَتَ اللّٰهِ عَلَيْهِ إِنْ كٰانَ مِنَ الْكٰاذِبِينَ. وَ يَدْرَؤُا عَنْهَا الْعَذٰابَ أَنْ تَشْهَدَ أَرْبَعَ شَهٰادٰاتٍ بِاللّٰهِ إِنَّهُ لَمِنَ الْكٰاذِبِينَ. وَ الْخٰامِسَةَ أَنَّ غَضَبَ اللّٰهِ عَلَيْهٰا إِنْ كٰانَ مِنَ الصّٰادِقِينَ «1».

و قد ورد في شأن النزول ما عن ابن عبّاس من أنّه لمّا نزلت وَ الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنٰاتِ «2» إلى آخرها قال سعد بن عباد: يا رسول اللّٰه إنّي لأعلم أنّها حقّ من

______________________________

(1) سورة النور: 24/ 6 9.

(2) سورة النور: 24/ 4.

تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة - الطلاق، المواريث، ص: 290

..........

______________________________

عند اللّٰه تعالى شأنه، لكن تعجّبت أن لو وجدت لكاعاً يفخذها، لم يكن لي أن أهيّجه و لا أحرّكه حتى آتي بأربعة شهداء، فواللّٰه إنّي لا آتي بهم حتى يقضي حاجته، فما لبثوا حتى جاء هلال بن أميّة فقال: يا رسول

اللّٰه إنّي جئت أهلي عشاء، فوجدت عندها رجلًا يقال له شريك بن سمحاء، فرأيت بعيني و سمعت بإذني. فكره النبيّ (صلّى اللّٰه عليه و آله) ذلك فقال سعد: الآن يضرب النبيّ (صلّى اللّٰه عليه و آله) هلال بن أميّة و تبطل شهادته في المسلمين فقال هلال: و اللّٰه إنّي لأرجو أن يجعل اللّٰه لي مخرجاً، فبينما هم كذلك إذ نزل وَ الَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوٰاجَهُمْ إلى آخرها، فقال رسول اللّٰه (صلّى اللّٰه عليه و آله): أبشر يا هلال فقد جعل اللّٰه لك فرجاً و مخرجاً «1». و قد روي بكيفية أخرى.

و أمّا المرويّ من طرقنا معاشر الإماميّة، فعن عبد الرّحمن بن الحجّاج: أنّ عبّاد البصري سأل أبا عبد اللّٰه (عليه السّلام) و أنا حاضر، كيف يلاعن الرجل المرأة؟ فقال: إنّ رجلًا من المسلمين أتى رسول اللّٰه (صلّى اللّٰه عليه و آله)، فقال: يا رسول اللّٰه! أَ رأيت لو أنّ رجلًا دخل منزله، فرأى مع امرأته رجلًا يجامعها، ما كان يصنع؟ فأعرض عنه رسول اللّٰه (صلّى اللّٰه عليه و آله)، فانصرف الرجل، و كان ذلك الرجل هو الذي ابتلي بذلك من امرأته، قال: فنزل الوحي من عند اللّٰه عزّ و جل بالحكم فيها، قال: فأرسل رسول اللّٰه (صلّى اللّٰه عليه و آله) إلى ذلك الرجل، فدعاه، فقال: أنت الّذي رأيت مع امرأتك رجلًا؟ فقال: نعم، فقال له: انطلق فأتني بامرأتك، فإنّ اللّٰه عزّ و جلّ قد أنزل الحكم فيك و فيها، قال: فأحضرها زوجها، فوقفها رسول اللّٰه (صلّى اللّٰه عليه و آله)، و قال للزوج: اشهد أربع شهادات باللّٰه إنّك لمن الصادقين فيما رميتها به، قال: فشهد، قال: ثم قال

______________________________

(1) جامع البيان، المعروف بتفسير الطبري: 18/

65 66، سنن البيهقي: 7/ 394، مجمع البيان: 7/ 201، مع اختلاف في الألفاظ في الجميع، و المتن مطابق لما في الجواهر: 34/ 3.

تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة - الطلاق، المواريث، ص: 291

..........

______________________________

رسول اللّٰه (صلّى اللّٰه عليه و آله): أمسك، و وعظه، ثم قال: اتّق اللّٰه، فإنّ لعنة اللّٰه شديدة، ثم قال: اشهد الخامسة أنّ لعنة اللّٰه عليك إن كنت من الكاذبين، قال: فشهد، فأمر به فنحي، ثم قال (صلّى اللّٰه عليه و آله) للمرأة: اشهدي أربع شهادات باللّٰه إنّ زوجك من الكاذبين فيما رماك به، قال: فشهدت، ثم قال لها: أمسكي، فوعظها، ثم قال لها: اتّقي اللّٰه، فإنّ غضب اللّٰه شديد، ثم قال لها: اشهدي الخامسة أنّ غضب اللّٰه عليك إن كان زوجك من الصادقين فيما رماك به، قال: فشهدت، قال: ففرّق بينهما، و قال لهما: لا تجتمعا بنكاحٍ أبداً بعد ما تلاعنتما «1».

و قد رواها المشايخ الثلاثة بأسانيد صحيحة «2».

هذا بالإضافة إلى رفع الحدّ، و أمّا بالإضافة إلى نفي الولد، ففي رواية البزنطي التي رواها في الفقيه أنّه سأل أبا الحسن الرضا (عليه السّلام) فقال له: أصلحك اللّٰه كيف الملاعنة؟ قال: يعقد الإمام و يجعل ظهره إلى القبلة، و يجعل الرجل عن يمينه و المرأة و الصبي عن يساره «3».

قال: و في خبر آخر قوله (عليه السّلام): و إن دعا أحد ولدها: ابن الزانية جلد الحدّ، فإن ادّعى الرجل الولد بعد الملاعنة نسب إليه ولده، و لم ترجع إليه امرأته، فإن مات الأب ورثه الابن، و إن مات الابن لم يرثه الأب و يكون ميراثه لأُمّه، فإن لم يكن له أمّ فميراثه لأخواله، و لم يرثه أحد من قبل الأب، الحديث

«4».

______________________________

(1) الفقيه: 3/ 349 ح 1671 الكافي: 6/ 163 ح 4، التهذيب: 8/ 184 ح 644، الاستبصار: 3/ 370 ح 1322 الوسائل: 22/ 407، كتاب اللعان ب 1 ح 1.

(2) الفقيه: 3/ 349 ح 1671 الكافي: 6/ 163 ح 4، التهذيب: 8/ 184 ح 644، الاستبصار: 3/ 370 ح 1322 الوسائل: 22/ 407، كتاب اللعان ب 1 ح 1.

(3) الفقيه: 3/ 346 ح 1664، الوسائل: 22/ 408، كتاب اللعان ب 1 ح 2.

(4) الفقيه: 3/ 347 ح 1665، الوسائل: 22/ 408، كتاب اللعان ب 1 ح 3.

تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة - الطلاق، المواريث، ص: 292

[مسألة 1: إنّما يشرّع اللعان في مقامين]

مسألة 1: إنّما يشرّع اللعان في مقامين:

أحدهما: فيما إذا رمى الزوج زوجته بالزنا.

ثانيهما: فيما إذا نفى ولدية من ولد في فراشه مع إمكان لحوقه به (1).

[مسألة 2: لا يجوز للرّجل قذف زوجته بالزنا مع الريب]

مسألة 2: لا يجوز للرّجل قذف زوجته بالزنا مع الريب، و لا مع غلبة الظنّ ببعض الأسباب المريبة، بل و لا بالشياع و لا بإخبار ثقة. نعم يجوز مع اليقين، لكن لا يصدّق إذا لم تعترف به الزوجة و لم تكن بيّنة، بل يحدّ حدّ القذف مع مطالبتها، إلّا إذا أوقع اللّعان الجامعة للشروط الآتية، فيدرأ عنه الحدّ (2).

______________________________

هذا، و في خبر أبي بصير، عن الصادق (عليه السّلام) في حديث قال: و لا يكون اللعان إلّا بنفي الولد «1». و في الوافي: لعلّ المراد أنّه إذا كانت المرأة حاملًا، فأقرّ الزوج بأنّ الولد منه، و مع هذا قذفها بالزنا فلا لعان، و أمّا إذا لم يكن حمل، و إنّما قذفها بالزنا مع الدخول و المعاينة فيثبت اللعان كما دلّت عليه الأخبار «2».

هذا، و لكن معارضته مع الكتاب و الأخبار الأُخر تكفي في عدم اعتباره.

(1) قد تقدّم شرح هذه المسألة في بيان أصل اللعان و كيفيّته و شأن نزول الآية الواردة فيه.

(2) لا يجوز للرجل قذف المرأة بالزنا، سواء كانت زوجته أو غيرها، غاية الأمر أنّه إذا كانت المرمية به هي غير الزوجة، فمع عدم الإتيان بأربعة شهداء و لو كان مع اليقين يترتّب عليه حدّ القذف و الفسق إلّا مع التوبة و الإصلاح، و إن كانت هي

______________________________

(1) التهذيب: 8/ 185 ح 646، الاستبصار: 3/ 371 ح 1324، الوسائل: 22/ 429، كتاب اللعان ب 9 ح 2.

(2) الوافي: 22/ 963.

تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة - الطلاق، المواريث، ص:

293

[مسألة 3: يشترط في ثبوت اللعان بالقذف أن يدّعي المشاهدة]

مسألة 3: يشترط في ثبوت اللعان بالقذف أن يدّعي المشاهدة، فلا لعان فيمن لم يدّعها و من لم يتمكّن منها كالأعمى، فيحدّان مع عدم البيّنة، و أن لا تكون له بيّنة، فإن كانت تتعيّن إقامتها لنفي الحدّ و لا لعان (1).

______________________________

الزوجة، فعلى ما عرفت من شأن نزول الآية لا حاجة إلى الإتيان بأربعة شهود، بل يحتاج إلى اللعان الذي يدرأ عنه حدّ القذف، لكن من جهة الحكم التكليفي لا يجوز مع الريب و لا مع غلبة الظنّ ببعض الأسباب المريبة، بل و لا بالشياع و لا بإخبار ثقة؛ أمّا الأوّل فلعدم حُجّيته في صورة عدم إفادة العلم. و أمّا الثاني فلعدم حُجّية خبر الثقة في الموضوعات الخارجية، و إلّا يلزم اللغوية في دليل اعتبار البيّنة كما ذكرناه مراراً.

نعم، في صورة اليقين يجوز تكليفاً، و لكن لا يصدق في ذلك إذا لم تعرف به الزوجة، و لم تكن هناك بيّنة معتبرة على الإثبات، بل يحدّ حدّ القذف مع مطالبتها، إلّا إذا أوقع اللعان بالشروط الآتية فيوجب درأ الحدّ عنه، و سيأتي التفصيل إن شاء اللّٰه تعالى.

(1) أمّا اعتبار المشاهدة في ثبوت اللعان بالقذف بحيث لا يكون لعان فيمن لم يدّع المشاهدة، أو لم يتمكّن منها أصلًا كالأعمى؛ فلأنّ اللعان من الملاعن إنّما يقوم مقام البيّنة. و من المعلوم اعتبار المشاهدة فيها، و يمكن استفادة ذلك من آية اللعان «1» مع التدبّر فيها دلالة جملة من الروايات عليه، مثل:

صحيحة محمد بن مسلم قال: سألته عن الرجل يفتري على امرأته، قال: يجلد، ثم يخلّى بينهما، و لا يلاعنها حتى يقول: أشهد أنّي رأيتك تفعلينِ كذا و كذا «2».

______________________________

(1) سورة النور: 24/ 6.

(2) الكافي: 6/ 166 ح

15، التهذيب: 8/ 186 ح 648 و 193 ح 678، الاستبصار: 3/ 372 ح 1326 و 1328، الوسائل: 22/ 416، كتاب اللعان ب 4 ح 2.

تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة - الطلاق، المواريث، ص: 294

[مسألة 4: يشترط في ثبوت اللِّعان: أن تكون المقذوفة زوجة دائمة]

مسألة 4: يشترط في ثبوت اللِّعان: أن تكون المقذوفة زوجة دائمة، فلا لعان في قذف الأجنبيّة، بل يحدّ القاذف مع عدم البيّنة، و كذا في المنقطعة على الأقوى، و أن تكون مدخولًا بها، و إلّا فلا لعان، و أن تكون غير مشهورة بالزنا، و إلّا فلا لعان، بل و لا حدّ حتى يدفع باللعان، بل عليه التعزير لو لم يدفعه عن نفسه بالبيّنة. نعم لو كانت متجاهرة بالزنا لا يبعد عدم ثبوت التعزير أيضاً، و يشترط في اللعان أيضاً أن تكون كاملة سالمة عن الصمم و الخرس (1).

______________________________

و صحيحة الحلبي، عن أبي عبد اللّٰه (عليه السّلام) قال: إذا قذف الرجل امرأته فإنّه لا يلاعنها حتى يقول: رأيت بين رجليها رجلًا يزني بها «1».

و مرسلة أبان، عن رجل، عن أبي عبد اللّٰه (عليه السّلام) قال: لا يكون لِعان حتى يزعم أنّه قد عاين «2». و أمّا اعتبار أن لا يكون لها بيّنة فلما يأتي من أنّه مع ثبوتها تتعيّن إقامتها فلا لِعان.

(1) قد اشترط في هذه المسألة أيضاً أموراً في ثبوت اللِّعان:

الأوّل: أن تكون المقذوفة زوجة دائمة، فلا لعان في قذف الأجنبية بل يحدّ القاذف مع عدم البيّنة، و كذا في المنقطعة.

أمّا الأجنبيّة، فهي داخلة في قوله تعالى قبل آيات اللِّعان وَ الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنٰاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدٰاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمٰانِينَ جَلْدَةً «3» الآية، مضافاً إلى أنّ مورد اللعان قوله تعالى:

______________________________

(1) التهذيب: 8/ 195 ح 684، الوسائل: 22/

417، كتاب اللعان ب 4 ح 4.

(2) الكافي: 6/ 167 ح 21، الوسائل: 22/ 416، كتاب اللعان ب 4 ح 3.

(3) سورة النور: 24/ 4.

تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة - الطلاق، المواريث، ص: 295

..........

______________________________

وَ الَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوٰاجَهُمْ وَ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ شُهَدٰاءُ إِلّٰا أَنْفُسُهُمْ «1» الآية، و مضافاً إلى أنّ التأمّل في كلتا الآيتين يعطي أنّ المقصود حفظ أعراض الناس من جهة، و حفظ الأزواج من جهة أخرى، و هما لا يتحقّقان إلّا بذلك.

نعم، لو كان للقاذف أي من يقذف زوجته بيّنة و عدل إلى اللِّعان، فعن الخلاف يصحّ «2»، و منع في المبسوط التفاتاً إلى اشتراط عدم البيّنة في الآية «3»، و جعله المحقّق في الشرائع أشبه «4»؛ و لعلّه لأنّ الآية قد قسَّمت المقذوف بها على قسمين:

أحدهما: المحصنات.

و ثانيهما: الزوجات.

و حكم في الأوّل بثبوت الحدّ مع عدم البيّنة. و شرّع في الثاني اللعان مع أن لا يكون هناك شاهد غير القاذف.

و أمّا كونها زوجة دائمة فلدلالة بعض الروايات عليه و إن كان إطلاق الآية شاملًا للمنقطعة؛ لأنّها زوجة حقيقة شرعاً مثل:

صحيحة عبد اللّٰه بن سنان، عن أبي عبد اللّٰه (عليه السّلام) قال: لا يلاعن الحرّ الأمَة و لا الذمّية و لا التي يتمتّع بها «5».

و صحيحة ابن أبي يعفور، عن أبي عبد اللّٰه (عليه السّلام) قال: لا يُلاعن الرجل المرأة التي

______________________________

(1) سورة النور: 24/ 6.

(2) الخلاف: 5/ 8، مسألة 3.

(3) المبسوط: 5/ 183.

(4) شرائع الإسلام: 3/ 93.

(5) التهذيب: 8/ 188 ح 653، الاستبصار: 3/ 373 ح 1332، الوسائل: 22/ 420، كتاب اللعان ب 5 ح 4.

تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة - الطلاق، المواريث، ص: 296

..........

______________________________

يتمتع بها «1». و

إطلاق اللعان يشمل اللّعان لنفي حدّ القذف، مضافاً إلى وجود الشهرة العظيمة «2» على هذا القول، بل لم يُحك الخلاف في ذلك إلّا عن المفيد «3» و السيّد (قدّس سرّهما) «4».

الثاني: أن تكون مدخولًا بها؛ أي للزوج القاذف، أعم من أن تكون بكراً قبل النكاح أم لا، و الدليل عليه مع أنّ إطلاق الآية على الخلاف الروايات الواردة في هذا المجال، مثل:

رواية أبي بصير، عن أبي عبد اللّٰه (عليه السّلام) قال: لا يقع اللّعان حتى يدخل الرجل بأهله «5».

و مرسلة ابن أبي عمير قال: قلت لأبي عبد اللّٰه (عليه السّلام): الرجل يقذف امرأته قبل أن يدخل بها، قال: يضرب الحدّ و يخلّى بينه و بينها «6».

و رواية محمد بن مضارب، عن أبي عبد اللّٰه (عليه السّلام) قال: من قذف امرأته قبل أن يدخل بها جلد الحدّ و هي امرأته «7».

الثالث: أن تكون غير مشهورة بالزنا، و علّله في الجواهر بأنّ اللعان إنّما شرّع صوناً لعرضها من الانتهاك، و عرض المشهورة بالزنا منتهك، لكن في محكي كشف

______________________________

(1) الكافي: 6/ 116 ح 17، الوسائل: 22/ 430، كتاب اللعان ب 10 ح 1.

(2) رياض المسائل: 7/ 541، نهاية المرام: 2/ 226، جواهر الكلام: 34/ 33.

(3) لم نعثر عليه في المقنعة: 540 543، و لا في خلاصة الإيجاز: 37، ضمن مصنّفات الشيخ المفيد، المجلّد السادس، لكن حكاه عن غريّة المفيد في جامع المقاصد: 13/ 35.

(4) الانتصار: 276.

(5) الكافي: 6/ 162 ح 1، الوسائل: 22/ 412، كتاب اللعان ب 2 ح 2.

(6) الكافي: 7/ 211 ح 2، الوسائل: 22/ 413، كتاب اللعان ب 2 ح 3.

(7) الكافي: 7/ 211 ح 3، الوسائل: 22/ 413، كتاب اللعان ب 2 ح

4.

تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة - الطلاق، المواريث، ص: 297

..........

______________________________

اللثام «1» لم أرَ من اشترطه من الأصحاب غير المصنّف يعني العلّامة «2» و المحقّق «3». و ظاهره التأمّل فيه، و لعلّ وجهه إطلاق الأدلّة «4».

و يمكن أن يقال: إنّ الآية السابقة على آية اللعان قد علّق فيها الحدّ برمي المحصنات كما عرفت، و الآية الواردة في اللعان و إن كان موردها مطلق الأزواج أعمّ من أن تكون محصنة أم لا، إلّا أنّه من المحتمل أن يكون المراد الأزواج المحصنات بقرينة الآية السابقة، و سيأتي «5» في محلّه إن شاء اللّٰه تعالى احتمال اعتبار الإحصان بمعنى العفّة في ثبوت حدّ القذف، الذي شرّع اللعان لأجله مطلقاً، و عليه فيتّجه اعتبار أن لا تكون المُلاعنة مشهورة بالزنا كغيرها من المقذوف بها.

نعم، على تقدير الاعتبار قد فصّل في المتن بين المتجاهرة و غيرها بثبوت التعزير في الثانية دون الاولى، و سيأتي التحقيق في كتاب الحدود في باب حدّ القذف «6».

الرابع: أن تكون كاملة سالمة عن الصّمم و الخرس، و يدلّ عليه جملة من الروايات، مثل:

صحيحة الحلبي و محمد بن مسلم، عن أبي عبد اللّٰه (عليه السّلام): في رجل قذف امرأته و هي خرساء، قال: يفرّق بينهما «7».

و صحيحة أبي بصير قال: سئل أبو عبد اللّٰه (عليه السّلام) عن رجلٍ قذف امرأته بالزّنا و هي

______________________________

(1) كشف اللثام: 2/ 171.

(2) قواعد الاحكام: 2/ 89.

(3) شرائع الإسلام: 3/ 93.

(4) جواهر الكلام: 34/ 7.

(5) تفصيل الشريعة/ كتاب الحدود: 229.

(6) تفصيل الشريعة/ كتاب الحدود: 301.

(7) الكافي: 6/ 164 ح 9، الوسائل: 22/ 427، كتاب اللعان ب 8 ح 1.

تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة - الطلاق، المواريث، ص: 298

..........

______________________________

خرساء

صمّاء لا تسمع ما قال، قال: إن كان لها بيّنة فشهدت عند الإمام جلد الحدّ و فرّق بينها و بينه ثم لا تحلّ له أبداً، و إن لم يكن لها بيّنة فهي حرام عليه ما أقام معها و لا إثم عليها منه «1».

و رواية محمد بن مروان، عن أبي عبد اللّٰه (عليه السّلام): في المرأة الخرساء كيف يُلاعِنُها زوجها؟ قال: يفرّق بينهما و لا تحلّ له أبداً «2». و غير ذلك من الروايات «3» الدالّة عليه.

و لا يخفىٰ أنّ اعتبار هذا الأمر إنّما هو بالإضافة إلى الزوجة المرميّ بها من جهة اللِّعان، و أمّا بالإضافة إلى الزوج المُلاعن فالظاهر عدم اعتباره.

قال المحقّق في الشرائع: و يصحّ لِعان الأخرس، إذا كان له إشارة معقولة، كما يصحّ طلاقه و إقراره، و ربّما توقّف شاذ منّا؛ نظراً إلى تعذّر العلم بالإشارة و هو ضعيف، إذ ليس حال اللعان بزائد عن حال الإقرار بالقتل.

نعم، لا يصحّ اللعان مع عدم النطق و عدم الإشارة المعقولة «4».

و ذكر في الجواهر: أنّ بين سائر الموارد و بين المقام من حيث إنّه يتعيّن تأديته بلفظ الشهادة و اللعن و الغضب، و الإشارة لا ترشد إلى ذلك، يدفعه تصريح الأدلة بقيام إشارته مقام التكبير و التلبية و نحوهما ممّا يراد منها اللفظ، لكن من القادر عليه «5».

______________________________

(1) الكافي: 6/ 166 ح 18، التهذيب: 7/ 310 ح 1288، الوسائل: 22/ 427، كتاب اللعان ب 8 ح 2.

(2) الكافي: 6/ 167 ح 20، الوسائل: 22/ 428، كتاب اللعان ب 8 ح 4.

(3) الوسائل: 22/ 422، كتاب اللعان ب 5 ح 12، مستدرك الوسائل: 15/ 439 أبواب اللعان ب 8.

(4) شرائع الإسلام: 3/ 96.

(5) جواهر الكلام: 34/

27.

________________________________________

لنكرانى، محمد فاضل موحدى، تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة - الطلاق، المواريث، در يك جلد، مركز فقهى ائمه اطهار عليهم السلام، قم - ايران، اول، 1421 ه ق

تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة - الطلاق، المواريث؛ ص: 299

تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة - الطلاق، المواريث، ص: 299

[مسألة 5: لا يجوز للرجل أن ينكر ولدية من تولّد في فراشه مع إمكان لحوقه به]

مسألة 5: لا يجوز للرجل أن ينكر ولدية من تولّد في فراشه مع إمكان لحوقه به، بأن دخل بأمّه أو أمنى في فرجها أو حواليه بحيث أمكن جذب الرحم إيّاه، و قد مضى من ذلك إلى زمان وضعه ستّة أشهر فصاعداً، و لم يتجاوز عن أقصى مدّة الحمل، حتى فيما إذا فجر أحد بها فضلًا عمّا إذا اتّهمها، بل يجب الإقرار بولديّته. نعم يجب عليه أن ينفيه و لو باللّعان مع علمه بعدم تكوّنه منه من جهة علمه باختلال شروط الالتحاق به، إذا كان بحسب ظاهر الشرع ملحقاً به لولا نفيه؛ لئلّا يلحق بنسبه من ليس منه، فيترتّب عليه حكم الولد في الميراث و النكاح و نظر محارمه و غير ذلك (1).

______________________________

(1) لا شبهة في أنّ إنكار الولد سبب للِّعان، بل في بعض الروايات حصر سبب اللعان في نفي الولد، مثل:

صحيحة محمد بن مسلم، عن أحدهما (عليهما السّلام) قال: لا يكون اللّعان إلّا بنفي ولد، و قال: إذا قذف الرجل امرأته لاعنها «1».

و رواية أبي بصير «2» خالية عن هذا الذيل، الذي ربّما يكون قرينة على أنّ المراد بالصدر ليس هو الحصر الحقيقي، و إلّا لكان مخالفاً لصريح الكتاب، و مشتملًا على اختلاف الصدر و الذيل، و لا ينبغي الارتياب في أنّه لا يجوز تكليفاً إنكار ولدية من ولد في فراشه مع إمكان اللحوق

به. و قد تقدّم في كتاب النكاح «3» الأُمور المعتبرة في إمكان اللحوق، و هذا من دون فرق بين صورة العلم بكونه ولداً له و بين صورة الشك حتى فيما إذا فجر أحد بها فضلًا عمّا إذا اتّهمها؛ لقول رسول اللّٰه (صلّى اللّٰه عليه و آله) المرويّ

______________________________

(1) الكافي: 6/ 166 ح 16، الوسائل: 22/ 429، كتاب اللعان ب 9 ح 1.

(2) التهذيب: 8/ 185 ح 646، الاستبصار: 3/ 371 ح 1324، الوسائل: 22/ 429، كتاب اللعان ب 9 ح 2.

(3) تفصيل الشريعة/ كتاب النكاح: القول في النسب، مسألة 2.

تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة - الطلاق، المواريث، ص: 300

[مسألة 6: لو نفى ولدية من ولد في فراشه]

مسألة 6: لو نفى ولدية من ولد في فراشه، فإن علم أنّه دخل بأمّه دخولًا يمكن معه لحوق الولد به أو أقرّ بذلك و مع ذلك نفاه، لا يسمع منه و لا ينتفي منه لا باللعان و لا بغيره. و أمّا لو لم يعلم ذلك و لم يقرّ به و قد نفاه إمّا مجرّداً عن ذكر السبب بأن قال: «هذا ليس ولدي» أو مع ذكره بأن قال: «إنّي لم أدخل بامّه أصلًا» أو أنكر دخولًا يمكن تكوّنه منه، فحينئذٍ و إن لم ينتف عنه بمجرّد نفيه، لكن باللعان ينتفي عنه بشرط ثبوت الدّخول، و مع عدم ثبوته لم يشرّع اللعان مطلقاً (1).

______________________________

في رواية سعيد الأعرج، عن أبي عبد اللّٰه (عليه السّلام): الولد للفراش و للعاهر الحجر «1».

نعم، لو علم بعدم كونه ولداً له من أيّة جهة و أيّ طريق و لو من جهة علمه باختلال شروط الالتحاق به، و إن كان بحسب ظاهر الشرع ملحقاً به لولا نفيه باللعان، يجب عليه أن ينفيه و

لو باللعان؛ لئلّا يلحق بنسبه من يعلم أنّه ليس منه، فيترتّب عليه حكم الولد في الميراث و النكاح و النظر و أمثال ذلك. و في الحقيقة يكون اللعان في خصوص هذا المورد واجباً، و إن لم يكن في قذف الزوجة و رميها كذلك، بل يكون أثرها دفع الحدّ، و هو ليس بواجب كما لا يخفى.

(1) أمّا عدم السماع منه و عدم الانتفاء عنه لا باللعان و لا بغيره في الصورة الأُولى؛ فلأنّه مع العلم بأنّه دخل بأمّه دخولًا يمكن معه لحوق الولد به أو إقراره بذلك، لا مجال للِّعان المشتمل على شهادات خمس بتعبير الكتاب العزيز، حتّى في الشهادة المشتملة على اللعن أو الغضب من ناحية الزوجين.

و من الواضح أنّ اعتبار الشهادة إنّما هو من باب الأمارية، و لا مجال للأمارة مع

______________________________

(1) التهذيب: 8/ 183 ح 640، الوسائل: 22/ 430، كتاب اللعان ب 9 ح 3.

تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة - الطلاق، المواريث، ص: 301

[مسألة 7: إنّما يُشرّع اللعان لنفي الولد إذا كانت المرأة منكوحة بالعقد الدائم]

مسألة 7: إنّما يُشرّع اللعان لنفي الولد إذا كانت المرأة منكوحة بالعقد الدائم، و أمّا ولد المتمتّع بها فينتفي بنفيه من دون لعان، و إن لم يجز له نفيه مع عدم علمه بالانتفاء. و لو علم أنّه دخل بها أو أمنى في فرجها أو حواليه بحيث يمكن أن يكون الولد منه أو أقرّ بذلك و مع ذلك قد نفاه، لم ينتف عنه بنفيه و لم يسمع منه ذلك كالدائمة (1).

______________________________

وجود العلم.

و إن شئت قلت: إنّ المنصرف إليه من اللعان بكيفيته الخاصة صورة عدم العلم بالخلاف، و لذا علّقت على ما إذا لم يكن للرامين شهداء إلّا أنفسهم، بخلاف رمي المحصنات غير الأزواج المُعلّق فيه الحدّ على عدم

الإتيان بالبيّنة و الشهود الآخر.

و أمّا في الصورة الثانية التي لا يكون هناك علم و لا إقرار، بل صرف النفي إمّا مجرّداً عن ذكر السبب، أو مع ذ كره بأن قال: إنّي لم أدخل بأمّه أصلًا، أو أنكر دخولًا يمكن تكوّنه منه، كما إذا ادّعى الدخول ما دون الستّة أشهر، أو في زمان مضت مدّة أقصى الحمل، فإنّه و إن لم ينتف عنه بمجرّد نفيه كما في ولد المنقطعة، بناء على اشتراط الدوام في الزوجة على ما عرفت «1»، لكن باللعان ينتفي عنه بشرط أصل ثبوت الدخول و العلم بكذبه فيما إذا قال: إنّي لم أدخل بأمّه أصلًا؛ لما مرّ في شرائط اللعان من أنّه يعتبر أن تكون الزوجة مدخولًا بها، من غير فرق بين صورة الرمي و صورة نفي الولد «2».

(1) قد عرفت أنّ مشروعية اللعان مطلقاً إنّما هو فيما إذا كانت المرأة منكوحة

______________________________

(1) في ص 294.

(2) في ص 295.

تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة - الطلاق، المواريث، ص: 302

[مسألة 8: لا فرق في مشروعيّة اللعان لنفي الولد بين كونه حملًا أو منفصلًا]

مسألة 8: لا فرق في مشروعيّة اللعان لنفي الولد بين كونه حملًا أو منفصلًا (1).

______________________________

بالعقد الدائم «1»، و تقييده اللعان لنفي الولد ربّما يشعر بالاختصاص مع أنّه لا اختصاص. كما أنّك عرفت «2» خروج المُتمتّع بها عن دائرة اللعان بالروايات الدالّة عليه. و الظاهر ثبوت حدّ القذف في الرّمي بالزنا، و الانتفاء بمجرّد النفي من دون لِعان في اللعان لنفي الولد، و قد مرّ في باب النكاح المنقطع «3» ما يدلّ عليه، و لو علم أنّه دخل بها أو أمنى في فرجها أو حواليه بحيث يمكن أن يكون الولد منه أو أقرّ بذلك، و مع ذلك قد نفاه لم ينتف عنه بنفيه

و لم يسمع منه دعواه، كالدائمة على التفصيل المتقدّم، و الوجه فيها ما ذكرناه فيها، كما أنّ الوجه الأصلي أنّ اللِّعان لم يُشرّع لهدم أساس الحياة و الروابط الاجتماعية التي يُؤثّر فيها ارتباط الزوجين و تعيّشهما، بل إنّما شُرّع لموارد خاصّة. و من الواضح أنّ جملة من الأشخاص إنّما هم بصدد نفي الولد، لما يترتّب على وجوده من الإلزامات و التكاليف، و هم بصدد الفرار منها و عدم تحمّلها، ففي الصورة المذكورة لا ينتفى بمجرّد النفي، و هذا الأمر الأخير يكون في المنقطعة التي لا يكون أصل تشريعها للولد، بطريق آكد، كما لا يخفى.

(1) لا فرق في مشروعية اللِّعان لنفي الولد بين كونه حملًا لم ينفصل بعد، أو كونه قد انفصل فعلًا، بل و إن مضى زمان طويل؛ لأنّ مقتضى إطلاق أدلّة المشروعية كذلك الشمول لجميع الموارد، و دعوى الاختصاص بصورة الانفصال لا وجه لها أصلًا، كما لا يخفىٰ.

______________________________

(1) في ص 294 296.

(2) في ص 294 296.

(3) تفصيل الشريعة/ كتاب النكاح: القول في نكاح المنقطع، مسألة 13.

تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة - الطلاق، المواريث، ص: 303

[مسألة 9: من المعلوم أنّ انتفاء الولد عن الزوج لا يلازم كونه من زنا]

مسألة 9: من المعلوم أنّ انتفاء الولد عن الزوج لا يلازم كونه من زنا؛ لاحتمال تكوّنه من وطء الشبهة أو غيره، فلو علم الرجل بعدم التحاق الولد به و إن جاز له، بل وجب عليه نفيه عن نفسه، لكن لا يجوز له أن يرميها بالزّنا، و ينسب ولدها بكونه من زنا (1).

[مسألة 10: لو أقرّ بالولد لم يسمع إنكاره له بعد ذلك]

مسألة 10: لو أقرّ بالولد لم يسمع إنكاره له بعد ذلك، سواء كان إقراره صريحاً أو كناية مثل أن يبشّر به و يقال له: «بارك اللّٰه لك في مولودك» فيقول: «آمين» أو «إن شاء اللّٰه تعالى» بل قيل: إنّه إذا كان الزوج حاضراً وقت الولادة و لم ينكر الولد مع ارتفاع العذر لم يكن له إنكاره بعده، بل نسب ذلك إلى المشهور، لكن الأقوى خلافه (2).

______________________________

(1) من الواضح أنّ انتفاء الولد عن الزوج بسبب اللعان في مورده الذي عرفت لا يلازم تكوّنه من زنا؛ لاحتمال تكوّنه من وطء الشبهة، أو جذب الرحم المني في مثل الحمام مع عدم الالتفات إليه و نظائر ذلك، فلو علم الرجل بعدم التحاق الولد به و إن جاز شرعاً بل وجب عليه نفيه عن نفسه؛ لما مرّ في بعض المسائل السابقة، لكن لا يجوز له أن يرمي الزوجة بالزنا و ولدها بكونه من زنا؛ لكون الانتفاء عنه لازماً أعمّ كما مرّ.

(2) لا يسمع إنكاره للولد بعد إقراره به؛ لعدم سماع الإنكار بعد الإقرار مطلقاً من دون فرق بين أن يكون إقراره صريحاً أو كناية، كالمثال المذكور في المتن، بل المنسوب إلى المشهور «1» أنّه إذا كان الزوج حاضراً وقت الولادة و لم ينكر الولد مع

______________________________

(1) مسالك الافهام: 10/ 193 جواهر الكلام: 34/ 17.

تفصيل الشريعة في شرح تحرير

الوسيلة - الطلاق، المواريث، ص: 304

[مسألة 11: لا يقع اللّعان إلّا عند الحاكم الشرعي]

مسألة 11: لا يقع اللّعان إلّا عند الحاكم الشرعي، و الأحوط أن لا يقع حتى عند المنصوب من قبله لذلك.

و صورته أن يبدأ الرجل و يقول بعد ما قذفها أو نفى ولدها: «أشهد باللّٰه إنّي لمن الصادقين فيما قلت من قذفها أو نفي ولدها» يقول ذلك أربع مرّات، ثم يقول مرّةً واحدةً: «لعنة اللّٰه عليّ إن كنت من الكاذبين» ثم تقول المرأة بعد ذلك «1» أربع مرّات: «أشهدُ باللّٰه إنّه لمن الكاذبين في مقالته من الرمي بالزنا أو نفي الولد» ثم تقول مرّة واحدة: «أنّ غضبَ اللّٰه عليّ إن كان من الصادقين» (1).

______________________________

عدم العذر لم يكن له إنكاره بعده، لكن في المتن الأقوى خلافه، و لعلّ الوجه أنّ مجرّد حضور الزوج وقت الولادة و عدم إنكار الولد و إن لم يكن هناك عذر، لا يوجب أن يكون ذلك بمنزلة إقراره حتى لا يسمع إنكاره بعد الإقرار و لو كان إقراره كنائياً؛ لأنّ الكناية عبارة عن ذكر اللّازم و إرادة الملزوم مع ظهور الكلام في ذلك عرفاً، مثل؛ زيد كثير الرّماد، أو مهزول الفصيل، أو أشباه ذلك، و المقام لا يكون من هذا القبيل؛ لأنّ المفروض عدم وجود كلام له دلالة على ذلك بالصراحة أو بالكناية، و مجرّد الحضور الخارجي لا يلازم الإقرار و إن لم يكن هناك عذر شرعي أو عرفي في النفي كما لا يخفىٰ.

(1) قد تعرّض في هذه المسألة لأمرين:

أحدهما: أنّه لا يقع اللعان إلّا عند شخص الحاكم الشرعي، و احتاط بعدم

______________________________

(1) إذا كان نفي الولد مجرّداً عن قذف المرأة يشكل الاحتياج إلىٰ لعان المرأة، بل مشروعيّة ذلك في غاية الإشكال، و ذلك لأنّ تأثير

لعانها في نفي الولد كان من مصاديق تأثير دليل الثبوت في الحكم بنقيضيها، فإنّ المرأة تلاعن الزوج في أنّه كاذب في نفي الولد، فكيف يؤثّر في صدقه و الحكم بنفيه و هذا إشكال فنيّ لم أر إلىٰ الآن من أجابني بجواب يصحّ السكوت عليه و لي إشكال آخر ليس هذا موضع طرحه. «كريمي القمّي»

تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة - الطلاق، المواريث، ص: 305

[مسألة 12: يجب أن تكون الشهادة و اللعن على الوجه المذكور]

مسألة 12: يجب أن تكون الشهادة و اللعن على الوجه المذكور فلو قال أو قالت: أحلف أو أقسم أو شهدت أو أنا شاهد أو أبدلا لفظ الجلالة بغيره،

______________________________

الوقوع حتى عند المنصوب من قبله لذلك، و يدلّ عليه مضافاً إلى أنّه شهادة أو يمين لا يسجّل بهما إلّا الحاكم ظاهر جملة من الروايات الدالّة على أنّ الإمام هو المتصدّي لذلك، مثل:

صحيحة محمد بن مسلم قال: سألت أبا جعفر (عليه السّلام) عن الملاعن و الملاعنة، كيف يصنعان؟ قال: يجلس الإمام مستدبر القبلة. الحديث «1».

و صحيحة أحمد بن محمد بن أبي نصر البزنطي، أنّه سأل أبا الحسن الرضا (عليه السّلام) فقال له: أصلحك اللّٰه كيف الملاعنة؟ قال: يقعد الإمام و يجعل ظهره إلى القبلة، الحديث «2». و غيرهما من الروايات «3» الدالة عليه، و ذكر الإمام و إن كان يحتمل أن يكون لأجل أنّه الحاكم الشرعي بالأصالة فلا يتعيّن شخصه لذلك، بل يكفي المنصوب من قبله، إلّا أنّه يحتمل التعيّن و التشخّص؛ لأجل اشتمال اللعان على الشهادات و اللعن و الغضب، فالاحتياط يقتضي ما أفاده في المتن.

ثانيهما: صورة اللعان و بيان كيفيّته، و هو المأخوذ ممّا نطق به الكتاب العزيز «4» و النصّ «5» و الفتوى، و الظاهر أنّه لا فرق في كيفيته

بين سببي اللعان من القذف

______________________________

(1) الكافي: 6/ 165 ح 10، الوسائل: 22/ 409، كتاب اللعان ب 1 ح 4.

(2) الفقيه: 3/ 346 ح 1664، الوسائل: 22/ 408، كتاب اللعان ب 1 ح 2.

(3) الوسائل: 22/ 408 409، كتاب اللعان ب 1 ح 3 و 5، مستدرك الوسائل: 15/ 435، أبواب اللعان ب 4 ح 3 و ص 431 ب 1 ح 1 و ب 12 ح 1.

(4) سورة النور: 24/ 6 9.

(5) الوسائل: 22/ 407 411، كتاب اللعان ب 1.

تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة - الطلاق، المواريث، ص: 306

كالرحمان و خالق البشر و نحوهما، أو قال الرجل: إنّي صادق أو لصادق أو من الصادقين بغير ذكر اللّام، أو قالت المرأة: إنّه لكاذب أو كاذب أو من الكاذبين لم يقع، و كذا لو أبدل الرجل اللعنة بالغضب، و المرأة بالعكس (1).

______________________________

و النّفي، لكن ذكر غير واحد «1»: أنّه إذا أراد نفي الولد قال: إنّ هذا الولد من زنا و ليس منّي. لكنّك عرفت أنّ نفي الولد أعم من ثبوت الزنا؛ لإمكان وطء الشبهة و غيره.

نعم، ظاهر الآية في مورد القذف، لكن السنّة مطلقة كما لا يخفى.

(1) قد نفي وجدان الخلاف في الجواهر «2» بيننا في اعتبار الكيفية المخصوصة، و أنّه مع التغيير و التبديل لا يجزي و إن كان المعنى واحداً، و لعلّ الوجه فيه أنّ اللّعان على خلاف القاعدة، و لا بدّ فيه من الاقتصار على موضع النص و الإجماع، و إن ذكر في محكي كشف اللثام: لعلّ تخصيص الألفاظ المعهودة على النهج المذكور للتغليظ و التأكيد، فإنّ الشهادة تتضمّن مع القَسَم الإخبار عن الشهود و الحضور، و التعبير بالمضارع يقربه إلى

الإنشاء؛ لدلالته على زمان الحال، و لفظ اسم الذات المخصوص بها فلا شائبة اشتراك بوجه، و «من الصادقين» بمعنى أنّه من المعروفين بالصدق، و هو أبلغ من نحو صادق، و كذا «من الكاذبين»، و لكن اختيار هذا التركيب في الخامسة لعلّه للمشاكلة؛ لأنّ المناسب للتأكيد خلافه، و تخصيص اللّعنة به و الغضب بها؛ لأنّ جريمة الزنا أعظم من جريمة القذف «3». و إن أورد عليه في الجواهر «4» بما روي في

______________________________

(1) المبسوط: 5/ 199، تحرير الاحكام: 2/ 67، و نسبه إلى غير واحد في جواهر الكلام: 34/ 55.

(2) جواهر الكلام: 34/ 56.

(3) كشف اللثام: 2/ 176.

(4) جواهر الكلام: 34/ 57.

تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة - الطلاق، المواريث، ص: 307

[مسألة 13: يجب أن يكون إتيان كلّ منهما باللِّعان بعد إلقاء الحاكم إيّاه عليه]

مسألة 13: يجب أن يكون إتيان كلّ منهما باللِّعان بعد إلقاء الحاكم إيّاه عليه، فلو بادر به قبل أن يأمر الحاكم به لم يقع (1).

[مسألة 14: يجب أن تكون الصيغة بالعربية الصحيحة مع القدرة عليها]

مسألة 14: يجب أن تكون الصيغة بالعربية الصحيحة مع القدرة عليها، و إلّا أتى بالميسور منها، و مع التعذّر أتى بغيرها (2).

[مسألة 15: يجب أن يكونا قائمين عند التلفظ بألفاظهما الخمسة]

مسألة 15: يجب أن يكونا قائمين عند التلفظ بألفاظهما الخمسة، و هل يعتبر أن يكونا قائمين معاً عند تلفّظ كلّ منهما، أو يكفي قيام كلّ عند تلفّظه بما

______________________________

سنن البيهقي عن النبيّ (صلّى اللّٰه عليه و آله) في مُلاعنة هلال بن أميّة من أنّه قال له: أحْلِف بِاللّٰه الّذي لا إله إلّا هو إنّك لصادق «1».

(1) و ذلك لما عرفت من أنّ اللعان شهادة أو يمين، و كلاهما لا بدّ و أن يقعا عند الحاكم و بأمر منه، و قد عرفت في بعض المسائل السابقة دلالة الروايات على أنّ الإمام يتصدّى ذلك، غاية الأمر أنّه احتمل أن يكون المراد الحاكم الشرعي أو المنصوب من قِبَله لذلك، و احتيط بالأوّل.

(2) اعتبار العربية غير الملحونة مع القدرة عليها ممّا لا شك فيه؛ لأنّه الثابت لا في المقام فقط، بل في جميع الموارد التي يعتبر فيها العربية. نعم يجوز بغيرها مع التعذّر كلّاً و بالميسور مع التعذّر بعضاً، و ينبغي أن يفهمه معنى الصيغة إن لم يكن يعرف معناها؛ ليعلم بماذا يشهد و بأنّه يلعن أو يجعل غضب اللّٰه عليها و إن كان كلاهما معلّقاً، فتدبّر.

______________________________

(1) سنن البيهقي: 7/ 395.

تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة - الطلاق، المواريث، ص: 308

يخصّه؟ أحوطهما الأول، بل لا يخلو عن قوّة (1).

[مسألة 16: إذا وقع اللعان الجامع للشرائط منهما يترتّب عليه أحكام أربعة]

مسألة 16: إذا وقع اللعان الجامع للشرائط منهما يترتّب عليه أحكام أربعة:

الأوّل: انفساخ عقد النكاح و الفرقة بينهما.

الثاني: الحرمة الأبدية، فلا تحلّ له أبداً و لو بعقد جديد. و هذان الحكمان ثابتان في مطلق اللِّعان سواء كان للقذف أو لنفي الولد.

الثالث: سقوط حدّ القذف عن الزوج بلعانه، و سقوط حدّ الزنا عن الزوجة بلعانها، فلو قذفها ثم لاعَنَ و نكلت

هي عن اللِّعان تخلّص الرجل عن حدّ القذف، و تحدّ المرأة حدّ الزانية؛ لأنّ لعانه بمنزلة البيّنة في إثبات الزنا.

الرابع: انتفاء الولد عن الرّجل دون المرأة إن تلاعنا لنفيه بمعنى أنّه لو نفاه و ادّعت كونه له فتلاعنا، لم يكن توارث بين الرجل و المرأة، و كذا بين الولد و كلّ من انتسب إليه بالأُبوّة كالجدّ و الجدّة و الأخ و الأُخت للأب و كذا الأعمام و العمّات بخلاف الأمّ و من انتسب إليه بها، حتى إنّ الإخوة للأب و الأُمّ بحكم

______________________________

(1) إطلاق الكتاب «1» و إن كان يقتضي عدم اعتبار القيام، إلّا أنّ صحيحة علي ابن جعفر، عن أخيه أبي الحسن (عليه السّلام) تدلّ على اعتباره قال: سألته عن الملاعنة، قائماً يلاعن أم قاعداً؟ قال: الملاعنة و ما أشبهها من قيام «2».

و الجواب يعمّ الطرفين، و إن كان في السؤال إشعار بخصوص الزوج، و هذه الرواية قرينة على أنّ المراد بالسنّة في المرسلة عن الصادق (عليه السّلام) أنّه قال: السنّة أن

______________________________

(1) سورة النور: 24/ 6 9.

(2) الكافي: 6/ 165 ح 12، الوسائل: 22/ 409، كتاب اللعان ب 1 ح 6.

تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة - الطلاق، المواريث، ص: 309

الأخوة للُامّ (1).

______________________________

يجلس الإمام للمتلاعنين و يقيمهما بين يديه كلّ واحد منهما مستقبل القبلة «1». هو الوجوب أو الأعم من الاستحباب، و يؤيّده صحيحة محمد بن مسلم المتقدّمة «2» الواردة في اعتبار الإمام، و مقتضى الاحتياط قيامهما عند اللعانين.

(1) إذا وقع اللِّعان الجامع للشرائط يترتّب عليه أحكام أربعة، غاية الأمر اشتراك اللعانين في اثنين منها، و اختصاص الثالث بأحدهما، و الرابع بأحدهما الآخر. أمّا الاثنان اللّذان يشترك فيهما اللعانان أي اللعان للقذف و

اللِعان لنفي الولد فهما الانفساخ و الحُرمة الأبدية، فلا خلاف و لا إشكال فيهما عندنا نصّاً «3» و فتوى. ففي صحيحة عبد الرحمٰن بن الحجّاج المتقدّمة في أوّل كتاب اللِّعان، الواردة في شأن نزول آيات اللعان قال: ففرّق بينهما، و قال لهما: لا تجتمعا بنكاح أبداً بعد ما تلاعنتما.

و أمّا الحكم المختص باللعان لنفي حدّ القذف فمورده اللعان لنفيه كما هو مورد الآيات. و في الحقيقة تكون مشروعية اللعان إنّما هي لأجل ذلك، فبالرمي يثبت الحدّ، و باللعان يسقط عن الرجل، و يثبت على المرأة حدّ الزنا و بلعانها يسقط عنها، كما يدلّ عليه قوله تعالى وَ يَدْرَؤُا عَنْهَا الْعَذٰابَ أَنْ تَشْهَدَ الآية «4»، كما أنّ الحكم المختصّ باللعان لنفي الولد هو انتفاء الولد عنه، فلا يرث الولد عنه، و كذا الملاعن عن الولد، و كذا كلّ من ينتسب إليه بسبب الأب كالجدّ و الجدّة و الأخ و الأُخت للأب.

______________________________

(1) دعائم الإسلام: 2/ 281 ح 1060، مستدرك الوسائل: 15/ 431 أبواب اللعان ب 1 ح 1.

(2) في ص 305.

(3) الوسائل: 22/ 408 411، كتاب اللعان ب 1.

(4) سورة النور: 24/ 8.

تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة - الطلاق، المواريث، ص: 310

[مسألة 17: لو كذّب نفسه بعد ما لاعَنَ لنفي الولد لحق به الولد فيما عليه لا فيما له]

مسألة 17: لو كذّب نفسه بعد ما لاعَنَ لنفي الولد لحق به الولد فيما عليه لا فيما له، فيرثه الولد و لا يرثه الأب و لا من يتقرّب به و لا يرث الولد أقارب أبيه بإقراره (1).

______________________________

و في رواية أبي بصير، عن أبي عبد اللّٰه (عليه السّلام) في المرأة يُلاعنها زوجها و يفرّق بينهما إلى من ينسب ولدها؟ قال: إلى أمّه «1».

و في رواية زرارة، عن أبي جعفر (عليه السّلام): أنّ ميراث ولد

الملاعنة لأمّه، فإن كانت أمّه ليست بحيّة فلأقرب الناس من أمّه لأخواله «2».

(1) يدلّ على ذلك مضافاً إلى سماع الإقرار بعد الإنكار بخلاف العكس بعض الروايات، مثل الخبر المتقدّم في أول كتاب اللعان الدالّ على أنّه إن ادّعى الرجل الولد بعد الملاعنة نسب إليه ولده، و لم ترجع إليه امرأته، فإن مات الأب ورثه الابن و إن مات الابن لم يرثه الأب و يكون ميراثه لأمّه «3»، و من هنا يظهر الفرق بين ولد الملاعنة و بين ولد الزنا، كما لا يخفى.

و قد وقع الفراغ من هذا الكتاب في الليلة الخامسة عشرة من شهر صفر الخير من شهور سنة 1420 القمرية، و أنا الأقل الفاني محمد الفاضل اللنكراني عفا اللّٰه عنه و عن والديه، بحقّ النبي و آله الأئمّة المعصومين عليهم صلوات اللّٰه أجمعين. و الحمد للّٰه أوّلًا و آخراً و ظاهراً و باطناً، و الحمد للّٰه ربّ العالمين.

______________________________

(1) التهذيب: 8/ 191 ح 666، الوسائل: 22/ 434، كتاب اللعان ب 14 ح 2.

(2) التهذيب: 8/ 190 ح 663، الوسائل: 22/ 434، كتاب اللعان ب 14 ح 1.

(3) في ص 291.

تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة - الطلاق، المواريث، ص: 311

[كتاب المواريث]

اشارة

كتاب المواريث

تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة - الطلاق، المواريث، ص: 312

بسمه تعالىٰ هذا شرح كتاب المواريث من تحرير الوسيلة للإمام الراحل الخميني قدّس سرّه الشريف و أنا الأقلّ الفاني محمد الفاضل اللنكراني، عفا اللّٰه تعالى عنه و عن والديه. و كان الشروع فيه يوم الاثنين الخامس عشر من شهر صفر الخير من شهور سنة 1420 القمرية. و من اللّٰه أستمد التوفيق لإتمامه و إتمام بقيّة الكتاب ممّا لم يشرح بحقّ أوليائه الطاهرين

من النبيّ و الأئمّة المعصومين صلوات اللّٰه عليهم أجمعين.

تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة - الطلاق، المواريث، ص: 313

كتاب المواريث و فيه مقدّمات و مقصدان و لواحق

[أمّا المقدّمات فأُمور]

اشارة

أمّا المقدّمات فأُمور:

[الأوّل في موجبات الإرث]

الأوّل في موجبات الإرث و هي نسب و سبب؛ فالأوّل ثلاثة مراتب:

الأُولى: الأبوان و الأولاد و إن نزلوا.

و الثانية: الأجداد و الجدّات و إن علوا، و الإخوة و الأخوات و أولادهم و إن نزلوا.

الثالثة: الأعمام و العمّات و الأخوال و الخالات و إن علوا و أولادهم و إن نزلوا بشرط الصدق عرفاً.

و الثاني قسمان:

الزوجية، و الولاء و هو ثلاث مراتب: ولاء العتق، ثمّ ولاء ضمان الجريرة، ثمّ ولاء الإمامة (1).

______________________________

(1) و قد عنون الكتاب في الشرائع بالفرائض «1»، و الفرق بينها و بين المواريث أنّ

______________________________

(1) شرائع الإسلام: 4/ 7.

تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة - الطلاق، المواريث، ص: 314

..........

______________________________

الاولى أخصّ من الثانية؛ لأنّ الفرائض جمع فريضة من الفرض، بمعنى التقدير لا الإيجاب و الإلزام و لا غيره، و عليه فالمراد هي السّهام المقدّرة في الكتاب، و المواريث أعمّ منها، و التعبير بالفرائض إمّا لأنّها الأصل؛ لأنّه لا ينتقل إلى غير ذي الفرض مع وجوده، و إمّا للنصّ، ففي محكيّ سنن البيهقي قال النبيُّ (صلّى اللّٰه عليه و آله): «تعلّموا الفرائض و علّموها الناس» «1». و الدليل على ثبوت الإرث: الكتاب «2» و السنّة المتواترة «3»، بل عليه إجماع المسلمين، بل الضرورة من الدين لا من الفقه فقط، و عليه فلا يبعد الحكم بكفر من أنكر الإرث في الإسلام مطلقاً.

و أمّا موجبات الإرث فهي أمران: نسب و سبب، فالأُولى لها ثلاث مراتب، و الثانية لها قسمان بالنحو المذكور في المتن، و المهم هنا بيان أمرين:

أحدهما: اعتبار بقاء صدق النسب عرفاً و إلّا لعمّ النسب و بطل الولاء.

ثانيهما: حكي عن المحقّق الطوسي أنّه زاد في الولاء قبل ولاء الإمامة، ولاء من أسلم

على يده كافر، و ولاء مستحقّ الزكاة إذا اشتريت الرقبة منها و أُعتقت «4»، و لكنّه و إن دلّت عليه أخبار «5» لكنّها ضعيفة و القول به شاذّ.

و أمّا الترتيب فتفصيله يأتي إن شاء اللّٰه تعالى.

______________________________

(1) السنن الكبرى للنسائي: 4/ 63 ح 5305 و 5306، تلخيص الجبير: 3/ 179 ح 1341.

(2) سورة النساء: 4/ 7 11، سورة الأنفال: 8/ 75.

(3) الوسائل: 26/ 115 116 و 136 143، أبواب ميراث الأبوين ب 9 و 20 و ب 2 و ص 195 196، أبواب ميراث الأزواج ب 1.

(4) حكىٰ عنه في مفتاح الكرامة: 8/ 9.

(5) الوسائل: 9/ 292، أبواب المستحقّين للزكاة ب 43 ح 2، و ج 15/ 42 43، أبواب جهاد العدو ب 10 ح 1.

تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة - الطلاق، المواريث، ص: 315

[الأمر الثاني في موانع الإرث]

اشارة

الأمر الثاني في موانع الإرث و هي كثيرة؛ منها: ما يمنع عن أصله و هو حجب الحرمان، و منها: ما يمنع عن بعضه و هو حجب النقصان.

[فما يمنع عن أصله أُمور]
اشارة

فما يمنع عن أصله أُمور:

[الأوّل: الكفر بأصنافه]
اشارة

الأوّل: الكفر بأصنافه أصلياً كان أو عن ارتداد، فلا يرث الكافر من المسلم و إن كان قريباً، و يختصّ إرثه بالمسلم و إن كان بعيداً، فلو كان له ابن كافر لا يرثه و لو لم يكن له قرابة نسباً و سبباً إلّا الإمام (عليه السّلام)، فيختصّ إرثه به دون ابنه الكافر (1).

______________________________

(1) الموانع كثيرة حتّى إنّه في محكيّ الدروس أنهاها إلى عشرين «1»، و هي على قسمين:

قسم منها ما يمنع عن أصله رأساً، و هو حجب الحرمان كالكفر و أشباهه.

______________________________

(1) الدروس: 2/ 342 364.

تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة - الطلاق، المواريث، ص: 316

..........

______________________________

و قسم منها ما يمنع عن بعضه، و هو حجب النقصان كقتل الخطأ، فإنّه يمنع عن إرث القاتل الدية دون الأُمور الأُخر، كما سيأتي «2» إن شاء اللّٰه تعالى.

فما يمنع عن أصله فهو أُمور تالية:

الأوّل: الكفر بجميع أقسامه و تمام أصنافه، و لا فرق بين ما إذا كان أصليّاً أو عن ارتداد، فلا يرث الكافر من المسلم و إن كان قريباً كالابن بلا خلاف فيه بين المسلمين، و يدلّ عليه النصوص «3» التي ادّعي احتمال تواترها «4» مثل:

ما رواه المشايخ الثلاثة عن أبي ولّاد قال: سمعت أبا عبد اللّٰه (عليه السّلام) يقول: المسلم يرث امرأته الذمية و هي لا ترثه «5».

و رواية الحسن بن صالح، عن أبي عبد اللّٰه (عليه السّلام) قال: المسلم يحجب الكافر و يرثه، و الكافر لا يحجب المسلم و لا يرثه «1».

و رواية أبي خديجة، عن أبي عبد اللّٰه (عليه السّلام) قال: لا يرث الكافر المسلم، و للمسلم أن يرث الكافر إلّا أن يكون المسلم قد أوصى للكافر بشي ء «2». و من

الواضح أنّ الاستثناء منقطع، فإنّ المستثنى منه الإرث و المستثنى الوصية.

و غير ذلك من الروايات الكثيرة الواردة في هذا المجال، و مقتضى إطلاقاتها أنّه لا فرق بين صنوف الكفر و أقسامه، و عليه فلو كان له ابن كافر لا يرثه، بل يرثه الإمام لو لم يكن له قرابة نسباً و سبباً إلّا إيّاه.

______________________________

(2) في ص 330.

(3) الوسائل: 26/ 11 18، أبواب موانع الإرث ب 1.

(4) رياض المسائل: 9/ 10، جواهر الكلام: 39/ 15.

(5) الوسائل: 26/ 11، أبواب موانع الإرث، ب 1 ح 1.

(1) الوسائل: 26/ 11، أبواب موانع الإرث ب 1 ح 2.

(2) الوسائل: 26/ 12، أبواب موانع الإرث ب 1 ح 3.

تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة - الطلاق، المواريث، ص: 317

[مسألة 1: لو مات الكافر أصليّاً كان أو مرتدّاً عن فطرة أو ملّة و له وارث مسلم و كافر ورثه المسلم]

مسألة 1: لو مات الكافر أصليّاً كان أو مرتدّاً عن فطرة أو ملّة و له وارث مسلم و كافر ورثه المسلم كما مرّ، و إن لم يكن له وارث مسلم بل كان جميع ورّاثه كفّاراً يرثونه على قواعد الإرث إلّا إذا كان مرتدّاً فطريّاً أو ملّياً فإنّ ميراثه للإمام (عليه السّلام) دون ورّاثه الكفّار (1).

[مسألة 2: لو كان الميّت مسلماً أو مرتدّاً فطرياً أو ملّياً و لم يكن له وارث]

مسألة 2: لو كان الميّت مسلماً أو مرتدّاً فطرياً أو ملّياً و لم يكن له وارث إلّا

______________________________

(1) قد ظهر ممّا ذكرنا أنّه لو مات الكافر الأصلي أو المرتدّ مطلقاً، و كان له وارث مسلم و كافر معاً يرثه المسلم فقط دون الكافر، و إن كان الورّاث كفّاراً بأجمعهم كالأموات في البلاد الغربية، فلا يمكن أن يقال: بأنّ الإرث جميعاً للإمام (عليه السّلام)، و إلّا يلزم أن يكون هو المالك لجميع أموالهم، مضافاً إلى أنّ مقتضى الدليل عدم إرث الكافر من المسلم، و كذا عدم إرث الكافر إذا كان في الورّاث مسلم و لو في الطبقة المتأخّرة. أمّا إذا كان الميّت كافراً و الورّاث كفّاراً بأجمعهم فلا دليل على عدم إرثهم، بل يرثون على قواعد الإرث لاشتراكها بين الجميع.

نعم، فيما إذا كان الميّت مرتدّاً فطرياً أو ملّياً يكون الوارث هو الإمام دون ورثته الكفّار، و ذكر في الشرائع: و في رواية يرثه الكافر و هي شاذّة «1»، و هي رواية إبراهيم بن عبد الحميد قال: قلت لأبي عبد اللّٰه (عليه السّلام): نصراني أسلم ثمّ رجع إلى النصرانية ثمّ مات، قال: ميراثه لولده النصارى. و مسلم تنصّر ثمّ مات، قال: ميراثه لولده المسلمين «2». و لم يعرف بها قائل صريحاً، مع أنّ ظاهرها ثبوت الإرث لولده النصارى و إن كان في الورثة

مسلم، و عليه فتكون خلاف الإجماع.

______________________________

(1) شرائع الإسلام: 4/ 12.

(2) الوسائل: 26/ 25، أبواب موانع الإرث ب 6 ح 1.

تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة - الطلاق، المواريث، ص: 318

الزوج و الإمام (عليه السّلام) كان إرثه للزوج لا الإمام (عليه السّلام)، و لو كان وارثه منحصراً بالزوجة و الإمام (عليه السّلام) يكون ربع تركته للزوجة و البقية للإمام (عليه السّلام) (1).

______________________________

(1) الغرض من هذه المسألة أنّه لو كان الميّت مسلماً أو مرتدّاً مطلقاً، و كان الوارث منحصراً بالزوج أو الزوجة، لا يشترك الإمام مع الزوج و يشترك مع الزوجة بثلاثة أرباع.

و يدلّ على الأوّل مضافاً إلى أنّه المشهور «1» شهرة عظيمة الروايات المتعدّدة، مثل:

صحيحة محمد بن قيس، عن أبي جعفر (عليه السّلام) في امرأة توفّيت و لم يعلم لها أحد و لها زوج، قال: الميراث لزوجها «2».

و في رواية أبي بصير قال: قرأ عليَّ أبو عبد اللّٰه (عليه السّلام) فرائض علي (عليه السّلام) فإذا فيها الزوج يحوز المال إذا لم يكن غيره «3».

و روى هذه الرواية صاحب الوسائل في باب واحد أزيد من ثلاث مرّات مع وضوح الوحدة و عدم التعدّد. و غير ذلك من الروايات «4» الكثيرة الدالّة على الاختصاص.

و يدلّ على الثاني أيضاً روايات متعدّدة، مثل:

______________________________

(1) النهاية: 642، الإستبصار: 4/ 149، السرائر: 3/ 268، المهذب: 2/ 141، شرائع الإسلام: 4/ 12، مختلف الشيعة: 9/ 60، الدروس: 2/ 345، الروضة البهيّة: 8/ 29، المهذب البارع: 4/ 331، رياض المسائل: 9/ 17، مفتاح الكرامة: 8/ 30، كشف الرموز: 2/ 420، جواهر الكلام: 39/ 21.

(2) الوسائل: 26/ 197، أبواب ميراث الأزواج ب 3 ح 1.

(3) الوسائل: 26/ 197، أبواب ميراث الأزواج ب 3 ح 2.

(4)

الوسائل: 26/ 197 204، أبواب ميراث الأزواج ب 3 4.

تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة - الطلاق، المواريث، ص: 319

[مسألة 3: لو مات مسلم أو كافر و كان له وارث كافر و وارث مسلم غير الإمام (عليه السّلام)]

مسألة 3: لو مات مسلم أو كافر و كان له وارث كافر و وارث مسلم غير الإمام (عليه السّلام) و أسلم وارثه الكافر بعد موته، فإن كان وارثه المسلم واحداً اختصّ بالإرث و لم ينفع لمن أسلم إسلامُه. نعم لو كان الواحد زوجة ينفع إسلام من أسلم قبل قسمة التركة بينها و بين الإمام (عليه السّلام) أو نائبه، و لو كان وارثه المسلم متعدّداً فإن كان إسلام من أسلم بعد قسمة الإرث لم ينفع إسلامه، و أمّا لو كان قبلها فيشاركهم فيه إن ساواهم في المرتبة، و اختصّ به و حجبهم إن تقدّم عليهم كما إذا كان ابناً للميّت و هم إخوة (1).

______________________________

رواية أبي بصير قال: قرأ عليَّ أبو جعفر (عليه السّلام) في الفرائض: امرأة توفّيت و تركت زوجها، قال: المال للزوج. و رجل توفّي و ترك امرأته، قال: للمرأة الربع و ما بقي فللإمام «1».

و رواية محمد بن مروان، عن أبي جعفر (عليه السّلام) في زوج مات و ترك امرأته، قال: لها الربع و يدفع الباقي إلى الإمام «2».

و قد روى صاحب الوسائل في هذا الباب أيضاً روايات أبي بصير متعدّدة، مع وضوح الوحدة فيها كذلك، و غير ذلك من الروايات «3» الواردة في هذا المجال.

(1) يقع الكلام في هذه المسألة في مقامين بعد اشتراكهما في إسلام الوارث الكافر بعد الموت و ثبوت وارث مسلم له:

المقام الأوّل: فيما إذا كان الوارث المسلم واحداً، و هو تارةً يكون غير الزوجة

______________________________

(1) الوسائل: 26/ 202، أبواب ميراث الأزواج ب 4 ح 3.

(2) الوسائل: 26/ 203،

أبواب ميراث الأزواج ب 4 ح 7.

(3) الوسائل: 26/ 201 204، أبواب ميراث الأزواج ب 4.

تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة - الطلاق، المواريث، ص: 320

..........

______________________________

و أُخرى تكون هي الزوجة.

ففي الصورة الأُولى: يختصّ المسلم بالإرث و لا ينفع لمن أسلم إسلامُه؛ لأنّ المفروض انتقال جميع المال إليه فرضاً و ردّاً أو ردّاً فقط، و لا دليل على زوال الانتقال بعد إسلام من أسلم، كمن فرض له ابنان: أحدهما مسلم و الآخر كافر حين الموت ثمّ أسلم بعده، فإنّ المال ينتقل إلى الابن المسلم بأجمعه، و لا دليل على زوال الانتقال بعد إسلام الآخر.

و في الصورة الثانية: التي تكون الوارثة الواحدة المسلمة هي الزوجة، و قد عرفت أنّ المال في هذه الصورة مشترك بينها و بين الإمام، فإذا أسلم غيرها بعد الموت قبل القسمة، كما إذا كان له ابن كافر و زوجة مسلمة، فأسلم الابن قبل أن تقسّم التركة بينها و بين الإمام (عليه السّلام) فهو أي إسلام الابن ينفع له، و يأخذ من الميراث نصيبه، و يدلّ عليه:

رواية محمّد بن مسلم، عن أحدهما (عليهما السّلام) قال: من أسلم على ميراث من قبل أن يقسّم فهو له، و من أسلم بعد ما قسّم فلا ميراث له، الحديث «1».

و التعبير بالتقسيم دليل على تعدّد الوارث، و عليه فقوله: «فهو له» لا بدّ و أن يحمل على تقدّم الدرجة أو على الاشتراك في الإرث، كما لا يخفى.

و روى في الوسائل هذه الرواية في باب واحد مرّتين، مع أنّه من الظاهر الوحدة و عدم التعدّد، و إن كان في النقل الثاني بدل «فهو له» «فله الميراث» «2».

و رواية البقباق قال: قال أبو عبد اللّٰه (عليه السّلام): مَن أسلم

على ميراث قبل أن يقسّم

______________________________

(1) الوسائل: 26/ 21، أبواب موانع الإرث ب 3 ح 3.

(2) الوسائل: 26/ 22، أبواب موانع الإرث ب 3 ح 5.

تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة - الطلاق، المواريث، ص: 321

..........

______________________________

فهو له «1».

المقام الثاني: فيما إذا كان الوارث المسلم حال الموت متعدّداً، و قد أسلم الوارث الكافر، فإن كان إسلامه بعد تقسيم التركة فلا ينفع لما عرفت، و إن كان قبل التقسيم، و يدلّ عليه الروايات المتقدّمة، بل ظهورها في هذا المقام أقوى بلحاظ كلمة التقسيم الظاهرة في التعدّد، و هذا من دون فرق بين أن يكون الوارث الكافر الذي أسلم مساوياً للباقين في المرتبة، كما إذا أسلم ابن له و كان سائر أبنائه مسلماً، أو مقدّماً عليهم في المرتبة، كالمثال المذكور في المتن.

بقي في المسألة أمران:

أحدهما: أنّه لا إشكال في أنّه بعد الإسلام قبل القسمة ينتقل سهم مَن أسلم إليه، و الظاهر أنّ الانتقال إليه من الميّت كسائر الورثة، و لا مجال لدعوى الانتقال إليه من سائر الورثة حتّى يقع البحث في النماء المتخلّل، و أنّه ملك للمسلم أم لا، و مرجع ما ذكرنا إلى أنّ الكفر المانع عن الإرث هو الكفر الباقي إلى القسمة لا مطلق الكفر، فبالإسلام قبل القسمة ينكشف عدم ثبوت المانع بوجه.

ثانيهما: أنّه لو اقترن إسلامه بالقسمة، فمقتضى العمومات الدالّة على عدم إرث الكافر «2» عدم ثبوت الإرث هنا بعد تخصيصها عمومات أدلّة الإرث «3»، و تعارض المفهومين في بعض الروايات السابقة على تقدير ثبوت المفهوم على خلاف ما اخترناه و حقّقناه، فتدبّر جيّداً.

______________________________

(1) الوسائل: 26/ 21، أبواب موانع الإرث ب 3 ح 5.

(2) الوسائل: 26/ 11 18، أبواب موانع الإرث ب 1.

(3) سورة

النساء: 4/ 7 11، سورة الأنفال: 8/ 75، الوسائل: 26/ 115 116 و 136 143، أبواب ميراث الأبوين ب 9 و 20، وص 154 157، أبواب ميراث الإخوة ب 3، وص 185 186، أبواب ميراث الأعمام ب 2، وص 195 196، أبواب ميراث الأزواج ب 1.

تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة - الطلاق، المواريث، ص: 322

[مسألة 4: لو أسلم الوارث بعد قسمة بعض التركة دون بعض]

مسألة 4: لو أسلم الوارث بعد قسمة بعض التركة دون بعض فالأحوط التصالح (1).

[مسألة 5: لو مات مسلم عن ورثة كفّار ليس بينهم مسلم فأسلم بعضهم بعد موته اختصّ هو بالإرث]

مسألة 5: لو مات مسلم عن ورثة كفّار ليس بينهم مسلم فأسلم بعضهم بعد موته اختصّ هو بالإرث و لا يرثه الباقون و لا الإمام (عليه السّلام)، و كذا الحال لو مات مرتدّ و خلف ورثة كفّاراً و أسلم بعضهم بعد موته (2).

______________________________

(1) من عدم شمول شي ء من المفهومين على تقدير ثبوتهما هنا؛ لأنّ المفروض أنّ الإسلام وقع بعد قسمة البعض دون بعض، فعمومات أدلّة الإرث محكّمة، و لا مجال لدعوى التبعيض بالإرث من خصوص بعض التركة التي اقتسمت دون البعض الآخر؛ للعلم بالخلاف تقريباً، و من أنّه قبل الإسلام لم يكن وارثاً فبعده أيضاً كذلك للاستصحاب، فمقتضى الاحتياط الوجوبي التصالح لا الحكم بالثبوت و لا الحكم بالعدم بعد عدم التبعيض، كما عرفت.

(2) لو مات مسلم أو مرتدّ عن ورثة كفّار ليس بينهم مسلم، فأسلم أحدهم بعد موته اختصّ هو بالإرث، و لا يرثه الباقون و لا الإمام (عليه السّلام) فيما لو كان مسلماً حال الموت لكان مختصّاً به؛ لأنّه لا مجال للقسمة هنا حتّى يتصوّر كون إسلامه قبلها أو بعدها، كما أنّه لا مجال لدعوى كونه للإمام (عليه السّلام) لصحيحة أبي بصير يعني المرادي قال: سألت أبا عبد اللّٰه (عليه السّلام) عن رجل مسلم مات و له أُمّ نصرانية و له زوجة و ولد مسلمون؟ فقال: إن أسلمت أُمّه قبل أن يقسّم ميراثه أُعطيت السدس، قلت: فإن لم يكن له امرأة و لا ولد و لا وارث له سهم في الكتاب مسلمين، و له قرابة نصارى ممّن هل سهم في الكتاب و لو كانوا مسلمين لمن يكون ميراثه؟ قال: إن

أسلمت امّه فإنّ ميراثه لها، و إن لم تسلم امّه و أسلم بعض قرابته ممّن له سهم في

تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة - الطلاق، المواريث، ص: 323

[مسألة 6: لو مات كافر أصلي و خلف ورثة كفّاراً ليس بينهم مسلم فأسلم بعضهم بعد موته]

مسألة 6: لو مات كافر أصلي و خلف ورثة كفّاراً ليس بينهم مسلم فأسلم بعضهم بعد موته فالظاهر أنّه لا أثر لإسلامه، و كان الحكم كما قبل إسلامه، فيختصّ بالإرث مع تقدّم طبقته، و يختصّ غيره به مع تأخّرها، و شاركهم مع المساواة، و يحتمل أن تكون مشاركته مع الباقين في الصورة الأخيرة فيما إذا كان إسلامه بعد قسمة التركة بينه و بينهم، و أمّا إذا كان قبلها اختصّ بالإرث، و كذا اختصاص الطبقة السابقة في الصورة الثانية إنّما هو فيما إذا كان من في الطبقة السابقة واحداً أو متعدّداً و كان إسلام من أسلم بعد قسمة التركة بينهم، و أمّا إذا كان إسلامه قبلها اختصّ الإرث به (1).

______________________________

الكتاب فإنّ ميراثه له، فإن لم يسلم أحد من قرابته فإنّ ميراثه للإمام «1».

و قال الشيخ في المبسوط «2» و ابن حمزة «3» و غيرهما «4»: إن كان إسلام الوارث قبل نقل التركة إلى بيت مال الإمام يرثه، و إن كان بعده لم يرث.

و قال في محكي النهاية «5»: لا يرث لأنّ الإمام كالوارث الواحد. و لكن عرفت مقتضى النصّ.

(1) قد تعرّض في هذه المسألة لبيان صور:

الصورة الأُولى: ما لو كان الميّت كافراً أصلياً، و خلّف ورثة كفاراً ليس بينهم

______________________________

(1) الوسائل: 26/ 20، أبواب موانع الإرث ب 3 ح 1.

(2) المبسوط: 4/ 79.

(3) الوسيلة: 394.

(4) إرشاد الأذهان: 2/ 127.

(5) راجع النهاية: 664 665، و الحاكي هو صاحب مفتاح الكرامة: 8/ 28 29 و نسبه إلى النهاية

و المهذب، و الظاهر انّ النسبة غير صحيحة، كما ذكره في هامش المهذب: 2/ 158.

تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة - الطلاق، المواريث، ص: 324

[مسألة 7: المراد بالمسلم و الكافر وارثاً و مورثاً و حاجباً و محجوباً أعمّ منهما حقيقة و مستقلّاً أو حكماً و تبعاً]

مسألة 7: المراد بالمسلم و الكافر وارثاً و مورثاً و حاجباً و محجوباً أعمّ منهما حقيقة و مستقلّاً أو حكماً و تبعاً، فكلّ طفل كان أحد أبويه مسلماً حال انعقاد نطفته فهو مسلم حكماً و تبعاً، فيلحقه حكمه، و إن ارتدّ بعد ذلك المتبوع فلا يتبعه الطفل في الارتداد الطارئ، نعم يتبعه في الإسلام لو أسلم أحد أبويه قبل بلوغه بعد ما كانا كافرين حين انعقاد نطفته، و كلّ طفل كان أبواه معاً كافرين أصليين أو مرتدين أو مختلفين حين انعقاد نطفته فهو بحكم الكافر حتّى أسلم

______________________________

مسلم، فأسلم بعضهم بعد موته، فالظاهر انّه لا أثر لإسلامه، و كان الحكم كما قبل إسلامه؛ لأنّ المفروض كون الميّت كافراً بالأصل، و قد عرفت انّه في هذه الصورة يرث الكافر منه، فإسلام البعض بعد موته لا أثر له، فيختصّ المسلم بالإرث مع تقدّم طبقته، و يختصّ غيره به مع تأخّرها و شاركهم مع المساواة.

الصورة الثانية: التفصيل بين ما إذا كان إسلامه بعد قسمة التركة بينه و بينهم في صورة المشاركة باحتمالها في هذه الصورة، و أمّا إذا كان قبلها اختصّ المسلم بالإرث. و الوجه في هذا الاحتمال إطلاق الروايات «1» الواردة في هذا المجال، و عدم الفرق فيها بين ما إذا كان الميّت مسلماً أو كافراً.

الصورة الثالثة: التفصيل في اختصاص الطبقة السابقة في صورة تأخّر طبقة المسلم بين ما إذا كان من في الطبقة السابقة واحداً أو متقدّماً، و كان إسلام من أسلم بعد قسمة التركة بينهم، و أمّا إذا كان إسلامه

قبلها يختصّ الإرث بالمسلم و إن كانت طبقته متأخّرة، و الوجه فيه ما ذكرناه في الصورة الثانية من إطلاق الروايات الواردة في هذا المجال، فتدبّر جيّداً.

______________________________

(1) الوسائل: 26/ 11 18، أبواب موانع الإرث ب 1.

تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة - الطلاق، المواريث، ص: 325

أحدهما قبل بلوغه أو أظهر الإسلام هو بعده، فعلى ذلك لو مات كافر و له أولاد كفّار و أطفال أخ مسلم أو أُخت مسلمة ترثه تلك الأطفال دون الأولاد، و لو كان له ابن كافر و طفل ابن مسلم يرثه هو دون ابنه، و لو مات مسلم و له طفل ثمّ مات الطفل و لم يكن له وارث مسلم في جميع الطبقات كان وارثه الإمام (عليه السّلام) كما هو الحال في الميّت المسلم، و لو مات طفل بين كافرين و له مال و كان ورثته كلّهم كفّاراً ورثه الكفّار على ما فرض اللّٰه دون الإمام (عليه السّلام). هذا إذا كان أبواه كافرين أصليين، و أمّا إذا كانا مرتدين فهل لهذا الطفل حكم الكفر الارتدادي حتّى يكون وارثه الإمام (عليه السّلام) أو حكم الكافر الأصلي حتّى ترثه ورثته الكفّار؟ وجهان لا يخلو ثانيهما من قوّة، و في جريان حكم التبعية فيما تقدّم في الجدّة تأمّل، و كذا في الجدّ مع وجود الأب الكافر و إن كان جريانه فيه مطلقاً لا يخلو من وجه (1).

______________________________

(1) المهمّ في هذه المسألة أُمور:

الأوّل: أنّ المراد بالمسلم و الكافر وارثاً و موروثاً أعمّ منهما حقيقة و مستقلّاً أو حكماً و تبعاً، فالطفل إذا كان أحد أبويه مسلماً حال انعقاد نطفته فهو مسلم بالتبع و يلحقه حكمه، و كذا لو أسلم أحد أبويه قبل بلوغه بعد ما

كانا كافرين حين انعقاد نطفته، و كذلك كلّ طفل كان أبواه معاً كافرين حين انعقاد نطفته، فهو بحكم الكافر ما دام لم يسلم أحدهما قبل بلوغه، و كذلك لو كانا مرتدين أو مختلفين في ذلك الحين.

الثاني: لو مات طفل بين كافرين أصليين و كان له مال، و كان ورثته كلّهم كفّاراً، فمقتضى ما عرفت أنّه يرثه الكفّار على ما فرض اللّٰه دون الإمام (عليه السّلام). و أمّا إذا كانا مرتدين، فهل لهذا الطفل حكم الكفر الارتدادي حتّى يكون وارثه الإمام (عليه السّلام)

تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة - الطلاق، المواريث، ص: 326

[مسألة 8: المسلمون يتوارثون و إن اختلفوا في المذاهب و الأُصول و العقائد]

مسألة 8: المسلمون يتوارثون و إن اختلفوا في المذاهب و الأُصول و العقائد، فيرث المحقّ منهم عن المبطل و بالعكس و مبطلهم عن مبطلهم، نعم الغلاة المحكومون بالكفر و الخوارج و النواصب، و من أنكر ضروريّاً من ضروريات الدين مع الالتفات و الالتزام بلازمه كفّار أو بحكمهم، فيرث المسلم منهم و هم لا يرثون منه (1).

______________________________

أو حكم الكافر الأصلي حتّى ترثه ورثته الكفّار؟ فيه وجهان، نفى في المتن خلوّ ثانيهما عن قوّة، و لعلّ وجهه أنّ اللحوق و التبعية إنّما هو بالإضافة إلى الكفر و الإسلام دون خصوصياتهما.

الثالث: في جريان حكم التبعيّة بالإضافة إلى الجدّة إذا كانت مسلمة و كانت الأُمّ كافرة، و كذا الجدّ للأب إذا كان مسلماً و كان الأب كافراً، تأمّل في المتن ثمّ نفى الجريان مطلقاً عن خلوّ الوجه، و لعلّ الوجه فيه صدق الوالدين عليهما أيضاً، فيكفي إسلام أحدهما في اللحوق، و إن كان في باب الإرث يعدّان في مقابل الجدّ و الجدّة، لكن الكلام لا يرتبط بباب الإرث فقط، بل بباب الكفر و الإسلام، و قد

مرّ التحقيق في كتاب الطهارة في باب نجاسة الكافر فراجع «1».

(1) العمدة في ثبوت التوارث بينهم و إن اختلفوا هو؛ ابتناء التوارث على الإسلام دون الإيمان، و في المعتبرة أنّ الإسلام هو ما عليه جماعة الناس من الفرق كلّها، و به حقنت الدماء، و عليه جرت المناكح و المواريث «2»، مضافاً إلى الإجماع القطعي، و استمرار السيرة العملية بين المسلمين، المتّصلة بأزمنة الأئمّة المعصومين

______________________________

(1) تفصيل الشريعة/ كتاب الطهارة، قسم النجاسات: 238 244.

(2) الأصول من الكافي: 2/ 25 26 ح 5.

تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة - الطلاق، المواريث، ص: 327

[مسألة 9: الكفّار يتوارثون و إن اختلفوا في الملل و النحل]

مسألة 9: الكفّار يتوارثون و إن اختلفوا في الملل و النحل، فيرث النصراني من اليهودي و بالعكس، بل يرث الحربي من الذمّي و بالعكس، لكن يشترط في إرث بعضهم من بعض فقدان الوارث المسلم كما مرّ (1).

[مسألة 10: المرتدّ هو من خرج عن الإسلام]

مسألة 10: المرتدّ هو من خرج عن الإسلام و اختار الكفر على قسمين: فطري و ملّي، و الأوّل من كان أحد أبويه مسلماً حال انعقاد نطفته ثمّ أظهر الإسلام بعد بلوغه ثمّ خرج عنه، و الثاني: من كان أبواه كافرين حال انعقاد نطفته ثمّ أظهر الكفر بعد البلوغ فصار كافراً أصليّاً ثمّ أسلم ثمّ عاد إلى الكفر

______________________________

عليهم صلوات اللّٰه أجمعين، و لا فرق في ذلك بين المحقّ و المبطل و اختلافهما في هذه الجهة. نعم يوجد في المسلمين بعض من ينتحلون الإسلام، و لكنّهم في الحقيقة كفّار كالغلاة، و الخوارج، و النواصب، فهم محكومون بالكفر و يجري عليهم حكمه، كما أنّه سيجي ء في بعض المسائل الآتية حكم المرتدّ و انقسامه إلى قسمين، و الفرق بين الرجل و المرأة.

و قد تقدّم البحث عن حكم من أنكر ضروريّاً من ضروريّات الإسلام لا خصوص الفقه في بحث نجاسة الكافر فراجع «1».

(1) لأنّ الكفر ملّة واحدة، و المانع الذي عرفت «2» هو الكفر بعنوانه لا بخصوص بعض أقسامه، و لا فرق في هذه الجهة بين الذمّي و الحربي، و حلّية قتل الحربي و ماله أمر و الإرث أمر آخر، و هنا خلاف في بعض فروض المسألة لا يعبأ به. نعم يشترط في إرثهم فقدان الوارث المسلم كما مرّ.

______________________________

(1) تفصيل الشريعة/ كتاب الطهارة، قسم النجاسات: 246 و ما بعده.

(2) و 3) في ص 317 318.

تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة - الطلاق، المواريث،

ص: 328

كنصراني بالأصل ثمّ أسلم ثمّ عاد إلى نصرانيته مثلًا.

فالفطري إن كان رجلًا تبين منه زوجته، و ينفسخ نكاحها بغير طلاق، و تعتدّ عدّة الوفاة، ثمّ تتزوّج إن أرادت، و تقسّم أمواله التي كانت له حين ارتداده بين ورثته بعد أداء ديونه كالميّت، و لا ينتظر موته و لا تفيد توبته و رجوعه إلى الإسلام في رجوع زوجته و ماله إليه، نعم تقبل توبته باطناً و ظاهراً أيضاً بالنسبة إلى بعض الأحكام، فيطهّر بدنه و تصحّ عباداته، و يملك الأموال الجديدة بأسبابه الاختيارية كالتجارة و الحيازة، و القهرية كالإرث، و يجوز له التزويج بالمسلمة، بل له تجديد العقد على زوجته السابقة، و إن كان امرأة بقيت أموالها على ملكها، و لا تنتقل إلى ورثتها إلّا بموتها، و تبين من زوجها المسلم في الحال بلا اعتداد إن كانت غير مدخول بها، و مع الدخول بها فإن تابت قبل تمام العدّة و هي عدّة الطلاق بقيت الزوجية، و إلّا انكشف عن الانفساخ و البينونة من أوّل زمن الارتداد.

و أمّا الملّي سواء كان رجلًا أو امرأة فلا تنتقل أمواله إلى ورثته إلّا بالموت، و ينفسخ النكاح بين المرتدّ و زوجته المسلمة، و كذا بين المرتدّة و زوجها المسلم بمجرّد الارتداد بدون اعتداد مع عدم الدخول، و معه وقف الفسخ على انقضاء العدّة، فإن رجع أو رجعت قبل انقضائها كانت زوجته، و إلّا انكشف أنّها بانت عنه عند الارتداد، ثمّ إن هنا أقساماً أُخر في إلحاقها بالفطري أو الملّي خلاف موكول إلى محلّه (1).

______________________________

(1) المهمّ في هذه المسألة، بعد اشتراك قسمي المرتدّ في المسبوقية بالإسلام الاختياري بعد البلوغ و إنكار الضروري بعد الإسلام سواء كان من الأُصول كالتوحيد

و الرسالة الخاصّة أم من الفروع كالصلاة و نحوها بيان أُمور:

تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة - الطلاق، المواريث، ص: 329

..........

______________________________

الأوّل: أنّ المرتدّ الفطري من كان أحد أبويه أو كلاهما مسلماً في حال انعقاد نطفته أو أسلم قبل بلوغه كما مرّ، و لأجله صار محكوماً بالإسلام تبعاً، ثمّ أظهر الإسلام اختياراً بعد البلوغ، ثمّ ارتدّ و رجع عن الإسلام، ثمّ صار مسلماً.

و المرتدّ الملّي من لم يكن كذلك في حال انعقاد النطفة، و لأجله صار محكوماً بالكفر تبعاً، ثمّ أظهر الكفر اختياراً بعد البلوغ، ثمّ اختار الإسلام كذلك، ثمّ ارتدّ و رجع.

الثاني: أنّ المرتدّ الفطري إن كان رجلًا تترتّب عليه أحكام انفساخ نكاحها بغير طلاق، و تقسيم أمواله التي كانت له حين الارتداد أو بين ورثته بعد أداء ديونه، و لا ينتظر موته في ذلك، و عدم الفائدة في توبته في الجملة.

و في رواية عمّار، قال: سمعت أبا عبد اللّٰه (عليه السّلام) يقول: كلّ مسلم بين مسلمين ارتدّ عن الإسلام و جحد محمّداً (صلّى اللّٰه عليه و آله) نبوّته و كذّبه، فإنّ دمه مباح لكلّ من سمع ذلك منه، و امرأته بائنة منه (يوم ارتدّ)، فلا تقربه، و يقسّم ماله على ورثته، و تعتدّ امرأته عدّة المتوفّى عنها زوجها، و على الإمام أن يقتله و لا يستتيبه «1».

و نحن حينما بلغنا إلى هنا في شرح هذه المسألة تذكّرنا أنّا قد فصّلنا الكلام في أحكام المرتدّ و موضوعه في باب حدّ المرتدّ من كتاب الحدود، الذي هو من أجزاء تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة، و قد طبع من قبل سنين، و رأينا أنّه لا جدوى في الإعادة و التكرار، فليراجع هناك خصوصاً مع ضيق

المجال و كثرة الاشتغال و عدم سلامة الحال، و هو المبدأ و المآل و صلّى اللّٰه على النبيّ و الآل.

______________________________

(1) الوسائل: 28/ 324، أبواب حدّ المرتد ب 1 ح 3.

تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة - الطلاق، المواريث، ص: 330

[الثاني: القتل]
اشارة

الثاني: القتل

[مسألة 1: لا يرث القاتل من المقتول لو كان القتل عمداً و ظلماً]

مسألة 1: لا يرث القاتل من المقتول لو كان القتل عمداً و ظلماً، و يرث منه إن قتله بحقّ كما إذا كان قصاصاً أو حدّا أو دفاعاً عن نفسه أو عرضه أو ماله، و كذا إذا كان خطأً محضاً كما إذا رمى إلى طائر فأخطأ و أصاب قريبه فإنّه يرثه، نعم لا يرث من ديته التي تتحمّلها العاقلة على الأقوى، و أمّا شبه العمد و هو ما إذا كان قاصداً لإيقاع الفعل على المقتول غير قاصد للقتل، و كان الفعل ممّا لا يترتّب عليه القتل في العادة، كما إذا ضربه ضرباً خفيفاً للتأديب فأدّى إلى قتله، ففي كونه كالعمد المحض مانعاً عن الإرث أو كالخطإ المحض قولان، أقواهما ثانيهما (1).

______________________________

(1) يدلّ على أصل مانعية القتل مضافاً إلى الاعتبار، و هي حفظ الدماء و عصمتها من معالجة الورثة و حقنها من إراقتها؛ لأجل الوصول إلى الإرث الذي هو الغرض الأقصى لجماعة من الناس قبل الإجماع «1» الروايات الواردة في هذا المجال، مثل:

صحيحة هشام بن سالم، عن أبي عبد اللّٰه (عليه السّلام) قال: قال رسول اللّٰه (صلّى اللّٰه عليه و آله): لا ميراث للقاتل «2».

و رواية جميل بن درّاج، عن أحدهما (عليهما السّلام) قال: لا يرث الرجل إذا قتل ولده أو والده، و لكن يكون الميراث لورثة القاتل «3».

و صحيحة الحلبي، عن أبي عبد اللّٰه (عليه السّلام) قال: إذا قتل الرجل أباه قتل به، و إن قتله

______________________________

(1) الخلاف: 4/ 28 31 مسألة 22، مسالك الافهام: 13/ 36، جواهر الكلام: 39/ 36.

(2) الوسائل: 26/ 30، أبواب موانع الإرث ب 7 ح 1.

(3) الوسائل: 26/ 30، أبواب موانع الإرث ب 7 ح 3.

تفصيل الشريعة في شرح

تحرير الوسيلة - الطلاق، المواريث، ص: 331

..........

______________________________

أبوه لم يقتل به و لم يرثه «1».

و رواية أبي بصير، عن أبي عبد اللّٰه (عليه السّلام) قال: لا يتوارث رجلان قتل أحدهما صاحبه «2». و غير ذلك من الروايات «3» الواردة في هذا المقام.

ثمّ إنّ القدر المتيقّن ما إذا كان القتل واجداً لخصوصيتين:

إحداهما: كونه عمداً. و الأُخرى: كونه ظلماً و بغير حقّ.

أمّا مع انتفاء الخصوصية الثانية كالأمثلة المذكورة في المتن، و ذلك لأنّه مضافاً إلى خروجه عن منصرف الدليل، و إلّا يلزم تعطيل أبواب تلك الأُمور من القصاص و الحدّ و الدفاع مع وجوب أكثرها، و لا يلائم الوجوب مع الممنوعية كما لا يخفى، تدلّ عليه رواية حفص بن غياث قال: سألت جعفر بن محمّد (عليهما السّلام) عن طائفتين من المؤمنين إحداهما باغية و الأُخرى عادلة اقتتلوا، فقتل رجل من أهل العراق أباه أو ابنه أو أخاه أو حميمه، و هو من أهل البغي و هو وارثه، أ يرثه؟ قال: نعم؛ لأنّه قتله بحقّ «4». و مقتضى عموم التعليل عدم الاختصاص بالمورد.

و أمّا مع انتفاء الخصوصية الأُولى، فتارةً يكون القتل خطأً محضاً، و أُخرى يكون شبه عمد، ففي الصورة الأُولى حكم بثبوت الإرث و الممنوعية من الدية التي تتحمّلها العاقلة لصحيحة محمد بن قيس، عن أبي جعفر (عليه السّلام) أنّ أمير المؤمنين (عليه السّلام) قال: إذا قتل الرجل امّه خطأً ورثها، و إن قتلها متعمّداً فلا يرثها «5».

______________________________

(1) الوسائل: 26/ 30، أبواب موانع الإرث ب 7 ح 4.

(2) الوسائل: 26/ 31، أبواب موانع الإرث ب 7 ح 5.

(3) الوسائل: 26/ 30 31 و 33 35، أبواب موانع الإرث ب 7 و 9.

(4) الوسائل: 26/ 41، أبواب موانع

الإرث ب 13 ح 1.

(5) الوسائل: 26/ 33، أبواب موانع الإرث ب 9 ح 1.

تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة - الطلاق، المواريث، ص: 332

..........

______________________________

و صحيحة عبد اللّٰه بن سنان قال: سألت أبا عبد اللّٰه (عليه السّلام) عن رجل قتل امّه، أ يرثها؟ قال: إن كان خطأً ورثها، و إن كان عمداً لم يرثها «1».

لكن في مقابلهما رواية العلاء بن الفضيل، عن أبي عبد اللّٰه (عليه السّلام) في حديث، قال: و لا يرث الرجل الرجل إذا قتله و إن كان خطأً «2».

و المرسلة: مَن قتل أخاً له عمداً أو خطأً لم يرثه «3».

و لكن الشهرة التي هي أوّل المرجّحات مع الطائفة الأُولى خصوصاً مع ضعف الطائفة الثانية في نفسها.

و أمّا الممنوعية من خصوص الدية فهي المشهور «4» بل ادّعي الإجماع «5» عليها، فيدلّ عليها:

صحيحة محمد بن قيس، عن أبي جعفر (عليه السّلام) قال: المرأة ترث من دية زوجها، و يرث من ديتها ما لم يقتل أحدهما صاحبه «6».

و مثلها رواية عبد اللّٰه بن أبي يعفور «7». و يؤيّدهما النبوي المحكي عن سنن البيهقي قال: المرأة ترث من دية زوجها و ماله، و هو يرث من ديتها و مالها، ما لم يقتل أحدهما صاحبه عمداً، فإن قتل أحدهما صاحبه عمداً لم يرث من ديته و ماله

______________________________

(1) الوسائل: 26/ 34، أبواب موانع الإرث ب 9 ح 2.

(2) الوسائل: 26/ 35، أبواب موانع الإرث ب 9 ح 4.

(3) المستدرك: 17/ 146، أبواب موانع الإرث ب 6 ح 3. و فيه: «من قتل حميماً له ..».

(4) الدروس: 2/ 347، تلخيص الخلاف: 2/ 247، مسالك الأفهام: 13/ 38.

(5) الخلاف: 4/ 28 30 مسألة 22، الغنية: 330، السرائر: 3/

274، الانتصار: 307.

(6) الوسائل: 26/ 32، أبواب موانع الإرث ب 8 ح 2.

(7) الوسائل: 26/ 32، أبواب موانع الإرث ب 8 ح 3.

تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة - الطلاق، المواريث، ص: 333

..........

______________________________

شيئاً، و إن قتل صاحبه خطأً ورث من ماله و لم يرث من ديته «1».

و في الصورة الثانية التي يكون القتل فيها شبيه العمد ففيها قولان:

أحدهما: المانعية عن الإرث.

ثانيهما: العدم، كالخطإ المحض.

و جعل في المتن الأقوى الثاني، و لعلّ الوجه فيه مضافاً إلى عدم جريان حكمة مانعية القتل عن الإرث في شبه العمد مع عدم كون الفاعل قاصداً للقتل، و عدم كون الفعل ممّا يترتّب عليه القتل في العادة، كالضرب بالعصا خفيفاً أنّه قد قوبل في الصحيحتين المتقدّمتين المفصّلتين بين العمد و الخطأ عنوان العمد بعنوان الخطأ، و لعلّه يظهر من هذه المقابلة كون الخطأ المذكور فيهما أعمّ من شبه العمد، و لا مجال لدعوى العكس، و لعلّه لذا استظهر صاحب الجواهر (قدّس سرّه) من المحقّق و غيره بل من المعظم حيث قابلوا العمد بالخطإ أنّ المراد بالخطإ ما يشمل شبه العمد. و حكى عن جماعة «2» التصريح به، و إلّا يلزم إهمال المعظم لحكم شبيه العمد مع كثرة وقوعه و مسيس الحاجة إليه، قال: فليس هو إلّا لكون المراد بالخطإ الذي ذكروه ما يشمله، خصوصاً مع وقوع ذلك منهم في مقام الاستقصاء «3»، ثمّ إنّ الظاهر أنّ عمد الصبي و المجنون بحكم الخطأ، فلا مانع من إرثهما عن المقتول فيما عدا الدية. و حكى في كشف اللّثام «4» عن بعضهم «5» المنع من إرث الصبي و المجنون من الإرث في صورة

______________________________

(1) سنن البيهقي: 6/ 221.

(2) المراسم: 220، مختلف الشيعة: 9/

85، تحرير الأحكام: 2/ 172.

(3) جواهر الكلام: 39/ 38.

(4) كشف اللثام: 2/ 281.

(5) المؤتلف من المختلف: 2/ 14.

تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة - الطلاق، المواريث، ص: 334

[مسألة 2: لا فرق في القتل العمدي ظلماً في مانعيته من الإرث]

مسألة 2: لا فرق في القتل العمدي ظلماً في مانعيته من الإرث بين ما كان بالمباشرة كما إذا ذبحه أو رماه بالرصاص و بين ما كان بالتسبيب كما إذا ألقاه في مسبعة فافترسه السبع أو حبسه في مكان زماناً طويلًا بلا قوت فمات جوعاً أو عطشاً أو أحضر عنده طعاماً مسموماً بدون علم منه فأكله إلى غير ذلك من التسبيبات التي ينسب و يستند معها القتل إلى المسبّب، نعم بعض التسبيبات التي قد يترتّب عليها التلف ممّا لا ينسب و لا يستند إلى المسبّب كحفر البئر و إلقاء المزالق و المعاثر في الطرق و المعابر و غير ذلك، و إن أوجب الضمان و الدية على مسبّبها إلّا أنّها غير مانعة من الإرث، فيرث حافر البئر في الطريق عن قريبه الذي وقع فيها و مات (1).

______________________________

تعمّد القتل، و لكنّه واضح الضعف مع قوله (عليه السّلام): «عمد الصبيّ خطأ» «1» كما لا يخفى.

(1) الغرض من هذه المسألة بيان أمرين:

الأوّل: لا فرق في مانعية القتل عمداً و ظلماً في المانعية عن الإرث بين أن يكون بالمباشرة و بين أن يكون بالتسبيب، فالأوّل كما إذا ذبحه بيده أو رماه بالرصاص بنفسه، و الثاني كالأمثلة المذكورة في المتن، و ذلك لاستناد القتل كذلك إليه، و هو مانع عن الإرث كما لا يخفى.

الثاني: اختلاف التسبيبات في هذه الجهة، ففي بعضها ينسب و يستند معه القتل إلى المسبّب، و في بعضها لا ينسب و لا يستند إلى المسبّب، كحفر البئر و إلقاء المزالق

و المعاثر في الطرق و المعابر، فيرث حافر البئر في الطريق عن قريبه الذي وقع فيها فمات.

______________________________

(1) الوسائل: 29/ 400، كتاب الديات، أبواب العاقلة ب 11 ح 2.

تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة - الطلاق، المواريث، ص: 335

[مسألة 3: كما أنّ القاتل ممنوع عن الإرث من المقتول كذلك لا يكون حاجباً عمّن دونه في الدرجة و متأخّر عنه في الطبقة]

مسألة 3: كما أنّ القاتل ممنوع عن الإرث من المقتول كذلك لا يكون حاجباً عمّن دونه في الدرجة و متأخّر عنه في الطبقة، فوجوده كعدمه، فلو قتل شخص أباه و كان له ابن و لم يكن لأبيه أولاد غير القاتل يرث ابن القاتل عن جدّه، و كذا لو انحصر أولاد المقتول في ابنه القاتل و له إخوة كان ميراثه لهم دون ابنه، بل لو لم يكن له وارث إلّا الإمام (عليه السّلام) ورثه دون ابنه (1).

______________________________

أقول: ما الفرق بين القتل العمدي و القتل الخطأي بعد اشتراكهما في صحّة إسناد القتل إلى كليهما؟ ضرورة انّ ثبوت الفرق بين القاتل خطأً و بين غير القاتل هو تعلّق القصد، أي قصد القتل و ثبوته في الأوّل دون الثاني، و عليه فيمكن أن يُقال: إن كان قصد حافر البئر وقوع المقتول فيها، خصوصاً في الجادة الشخصية للمقتول، فوقع فيها فمات بعدم ثبوت الإرث عنه؛ لصدق قتل العمد ظلماً و إن لم يكن من قصده ذلك، فهو يرث منه لا لأجل عدم الانتساب، بل لأجل عدم تحقّق المانع و هو قتل العمد، و أمّا إيجاب الضمان و الدية فهو لا ينفك عن الاستناد و الانتساب، فإنّ الإتلاف الذي هو الموضوع في قاعدة «من أتلف» لا بدّ و أن يكون مستنداً إليه و لو في حال عدم التوجّه و الالتفات، كما أنّ الدية في مثل قتل الخطأ يكون موضوعه هو القتل المستند

إلى القاتل. غاية الأمر بعنوان الخطأ، فالانتساب و عدمه أمر، و المانع عن الإرث أمر آخر كما لا يخفى.

(1) كما أنّ القاتل ممنوع عن الإرث من المقتول، كذلك لا يكون حاجباً عمّن دونه في الدرجة، و متأخّر عنه في الطبقة من طبقات الإرث، و يدلّ عليه مثل رواية جميل المتقدّمة «1» في أصل مسألة مانعية القتل من أنّه «لا يرث الرجل إذا قتل ولده

______________________________

(1) في 330.

تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة - الطلاق، المواريث، ص: 336

[مسألة 4: لا فرق في مانعية القتل بين أن يكون القاتل واحداً أو متعدّداً]

مسألة 4: لا فرق في مانعية القتل بين أن يكون القاتل واحداً أو متعدّداً، و على الثاني بين كون جميعهم وارثاً أو بعضهم دون بعض (1).

[مسألة 5: الدية في حكم مال المقتول يقضى منها ديونه]

مسألة 5: الدية في حكم مال المقتول يقضى منها ديونه، و يخرج منها وصاياه أوّلًا قبل الإرث ثمّ يورث الباقي كسائر الأموال، سواء كان القتل عمداً و صولحوا عن القصاص بالدية أو شبه عمد أو خطأ، و سواء كان في مورد الصلح ما يأخذونه أزيد من الدية أو أنقص أو مساوياً، و سواء كان المأخوذ من جنس الدّية أم لا. و يرث الدية كلّ من يتقرّب إليه بالنسب و السبب حتّى الزوجين في

______________________________

أو والده، و لكن يكون الميراث لورثة القاتل» أي مع وجوده و عدم موته، فالمستفاد من ذلك أنّ وجوده كعدمه لا أنّ القاتل لا يرث فقط، مع أنّه على تقدير كونه منحصراً في الطبقة، كما إذا كان ولد المقتول منحصراً بالقاتل، فإمّا أن يقال بإرث الطبقة المتأخّرة و من دونه في الدرجة، كابن القاتل مثلًا فهو المطلوب، و إمّا أن يقال بعدم إرثهم أيضاً لوقوعها متأخّرة، و عليه فإمّا أن يكون الوارث هو الإمام (عليه السّلام) فاللّازم القول بإرثه مع وجود الأقرباء النسبية، و إمّا أن لا يكون له وارث أصلًا حتّى الإمام (عليه السّلام)، فيلزم خلاف ما هو المسلّم من كونه آخر الورّاث، فتدبّر جيّداً.

(1) المشارك في القتل كالمنفرد لاستناده إلى الشريكين أو الشركاء، و عن جماعة «1» التصريح به، فيمنع ما يمنع منه المنفرد و إن لم يستقلّ بالتأثير لو انفرد، و لأجله يجري عليهما أو عليهم حكم القصاص.

______________________________

(1) الدروس: 2/ 347، قواعد الأحكام: 2/ 163، كشف اللثام: 2/ 281، مفتاح الكرامة: 8/ 57، جواهر

الكلام: 39/ 47.

تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة - الطلاق، المواريث، ص: 337

القتل العمدي و إن لم يكن لهما حقّ القصاص، لكن إذا وقع الصلح و التراضي بالدية ورثا نصيبهما منها، نعم لا يرث المتقرّب بالأُمّ وحدها من الدية شيئاً كالأخ و الأُخت للُامّ، بل سائر من يتقرّب بها كالخؤولة و الجدودة من قبلها، و إن كان الأحوط في غير الأخ و الأُخت التصالح (1).

______________________________

(1) الدية و إن كانت مأخوذة بعد الموت، و بسببه في حكم مال الميّت المقتول يقضى منها ديونه و يخرج منها وصاياه أوّلًا قبل الإرث، ثمّ يورث الباقي كسائر الأموال، من دون فرق بين أن يكون القتل عمداً موجباً للقصاص، و صولحوا عن القصاص بالدية أو شبه عمد أو خطأ. و في محكي المبسوط «1» و الخلاف «2» أنّه قول عامّة الفقهاء إلّا أبا ثور «3»، و في موثقة إسحاق بن عمّار، عن جعفر (عليه السّلام): أنّ رسول اللّٰه (صلّى اللّٰه عليه و آله) قال: إذا قبلت دية العمد فصارت مالًا فهي ميراث كسائر الأموال «4».

و من الذيل يستفاد أنّ ذلك حكم مطلق الدية، سواء كان بالأصل أو بالمصالحة.

و خبر يحيى الأزرق، عن الكاظم (عليه السّلام) في رجل قتل و عليه دَين و لم يترك مالًا، فأخذ أهله الدية من قاتله، عليهم أن يقضوا دينه؟ قال: نعم، قال: و هو لم يترك، قال: إنّما أخذوا الدية، فعليهم أن يقضوا دينه «5».

و في رواية السكوني، عن جعفر (عليه السّلام): قال أمير المؤمنين (عليه السّلام): من أوصى بثلثه ثمّ قتل خطأً، فإنّ ثلث ديته داخل في وصيته «6».

______________________________

(1) المبسوط: 7/ 53 54.

(2) الخلاف: 4/ 115 مسألة 128.

(3) المغني لابن قدامة: 7/ 204.

(4)

الوسائل: 26/ 41، أبواب موانع الإرث ب 14 ح 1.

(5) الوسائل: 18/ 364، كتاب التجارة، أبواب الدين و القرض ب 24 ح 1.

(6) الوسائل: 19/ 285، كتاب الوصايا ب 14 ح 2.

تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة - الطلاق، المواريث، ص: 338

..........

______________________________

و في رواية محمد بن قيس أنّه (عليه السّلام) قضى في وصية رجل قتل أنّها تنفذ من ماله و ديته كما أوصى «1».

و مع ذلك كلّه فقد حكي عن بعضهم «2» أنّ دية العمد لا يقضى منها الدين؛ لأنّ الواجب فيه القصاص الذي هو حقّ الوارث، فالدية المأخوذة هي عوض عن حقّه لا مدخلية للميّت فيها، و عن بعض آخر «3» المنع من قضاء الدين من الدية مطلقاً؛ لأنّها ليست من أموال الميّت التي تركها.

ثمّ إنّه يرث الدية كلّ من يتقرّب إلى الميّت بالنسب أو السبب حتّى الزوجين في القتل العمدي الموجب للقصاص، فإنّه و إن لم يكن لهما حقّ القصاص ابتداءً، لكن إذا صولح عنه بالدية يرث منها الزوجان أيضاً، و لا مجال لدعوى أنّ الممنوعية عن القصاص موجبة للممنوعية عن الدية التي هي بدل عنه بالمصالحة و التراضي؛ لدلالة بعض الروايات المتقدّمة خصوصاً الموثقة.

نعم، لا يرث المتقرّب بالأُمّ وحدها من الدية، و هذا بالإضافة إلى الأخ أو الأُخت للأُمّ وحدها مطابق للرواية، و في غيرهما من المتقرّبين بالأُمّ إشكال، ففي صحيحة عبد اللّٰه بن سنان قال: قال أبو عبد اللّٰه (عليه السّلام): قضى أمير المؤمنين (عليه السّلام) أنّ الدية يرثها الورثة إلّا الإخوة و الأخوات من الأُمّ، فإنّهم لا يرثون من الدية شيئاً «4».

لكنّ المحقّق في الشرائع استثنى كلّ من يتقرّب بالأُمّ، فإنّ فيهم خلافاً «5»، و لعلّه

______________________________

(1) الوسائل: 19/

286، كتاب الوصايا ب 14 ح 3.

(2) السرائر: 2/ 49.

(3) و القائل هو أبو ثور، كما نقل عنه في الخلاف: 4/ 115 مسألة 128، و المغني لابن قدامة: 7/ 204.

(4) الوسائل: 26/ 36، أبواب موانع الإرث ب 10 ح 2.

(5) شرائع الإسلام: 4/ 14.

تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة - الطلاق، المواريث، ص: 339

[الثالث من الموانع: الرقّ]

الثالث من الموانع: الرقّ على ما فصّل في المفصّلات.

[الرابع: التولّد من الزنا]
اشارة

الرابع: التولّد من الزنا

[مسألة 1: إن كان الزنا من الأبوين لا يكون التوارث بين الطفل و بينهما]

مسألة 1: إن كان الزنا من الأبوين لا يكون التوارث بين الطفل و بينهما و لا بينه و بين المنتسبين إليهما، و إن كان من أحدهما دون الآخر كما كان الفعل من أحدهما شبهة لا يكون التوارث بين الطفل و الزاني و لا بينه و بين المنتسبين إليه (1).

______________________________

مبتن على إلغاء الخصوصية من الرواية للمساواة، مع أنّه مشكل لاحتمالها، و لا مجال معه لإلغائها، فما ذكره في المتن من أنّ الأحوط في غير الأخ أو الأُخت أي للُامّ كالخؤولة و الجدودة من قبلها التصالح في محلّه، فتدبّر.

(1) قد ذكرنا في كتاب النكاح أنّ النسب على قسمين: عرفي و شرعي، و أنّ الموضوع لجلّ الأحكام من جواز النظر و حرمة الازدواج و غيرهما هو النسب العرفي، فإنّ الأب الزاني يحرم عليه نكاح ابنته المتولّدة من الزنا و إن كان من الطرفين، و الأُمّ الزانية يحرم عليها نكاح ابنه المتولّد من الزنا كذلك، و هكذا في مسألة جواز النظر بالإضافة إلى الزاني و المتولّد من الزنا «1». و أمّا النسب الشرعي فهو الموضوع لحكم الإرث قطعاً، فإنّه إذا كان الزنا من الأبوين لا يكون التوارث بينهما و بين الطفل و لا بينه و بين المنتسبين إليهما، و إن كان الزنا من أحدهما دون الآخر، كما لو كان الفعل من أحدهما شبهة و من الآخر زنا، لا يكون التوارث بين الطفل و الزاني و لا بينه و بين المنتسبين إليه.

و قد ورد في جملة من روايات النكاح المنقطع «2» أنّ ثبوت التوارث متوقّف على

______________________________

(1) تفصيل الشريعة/ كتاب النكاح: القول في النسب، مسألة 2.

(2) الوسائل: 21/ 66 68، كتاب النكاح، أبواب المتعة ب 32.

تفصيل

الشريعة في شرح تحرير الوسيلة - الطلاق، المواريث، ص: 340

[مسألة 2: لا مانع من التوارث بين المتولّد من الزنا و أقربائه من غير الزنا كولده و زوجته و نحوهما]

مسألة 2: لا مانع من التوارث بين المتولّد من الزنا و أقربائه من غير الزنا كولده و زوجته و نحوهما، و كذا بينه و بين أحد الأبوين الذي لا يكون زانياً و بينه و بين المنتسبين إليه (1).

______________________________

النكاح الصحيح مع شرط التوارث أو مطلقاً، و يستفاد منها أنّ الزنا لا يترتّب عليه التوارث بوجه، و بهذا يمتاز النكاح المنقطع عن الزنا مع اشتراكهما في العمل الخارجي، فإنّ النكاح المنقطع يترتّب عليه التوارث بين الولد و الزوجين مطلقاً؛ لثبوت النسب الشرعي، و هل يثبت بين الزوجين مطلقاً أو مع شرط التوارث، أو مع عدم شرط العدم على ما مرّ تفصيله في محلّه «1»، و الزنا لا يترتّب عليه التوارث و لو كان مشتملًا على اشتراطه؛ لعدم ثبوت النسب الشرعي بوجه.

ثمّ إنّه لو كان الزنا من أحدهما دون الآخر، كما لو كان الفعل من خصوص أحدهما شبهة لا يتحقّق الارتباط الإرثي بين من كان ارتباطه بسبب الزنا. و أمّا من كان ارتباطه بسبب الوطء بالشبهة، فسيأتي أيضاً في بعض المسائل الآتية عدم ثبوت الممنوعية عن الإرث بوجه، ثمّ إنّه كما لا يكون الارتباط الإرثي بين ولد الزنا و بين والديه كذلك موجوداً، كذلك لا يكون هذا الارتباط بينه و بين من كان انتسابه إليه بسبب واحد منهما؛ لعدم كونهما وارثين فضلًا عن المنتسبين إليه بعد ما ذكرنا من عدم تحقّق النسب الشرعي بوجه.

(1) غير خفي أنّه لا مانع من التوارث بين المتولّد من الزنا و أقربائه من غير الزّنا نسبيين كانوا كأولاده أو سببيين كأزواجه و نحوهما؛ لعدم ما يمنع عن الإرث بعد ثبوت النسب الشرعي

و الزوجية الشرعية، و كذا عرفت أنّه لا مانع من التوارث

______________________________

(1) تفصيل الشريعة/ كتاب النكاح: القول في النكاح المنقطع، مسألة 15.

تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة - الطلاق، المواريث، ص: 341

[مسألة 3: المتولّد من الشبهة كالمتولّد من الحلال]

مسألة 3: المتولّد من الشبهة كالمتولّد من الحلال يكون التوارث بينه و بين أقاربه أباً كان أو امّاً أو غيرهما من الطبقات و الدرجات (1).

[مسألة 4: لا يمنع من التوارث التولّد من الوطء الحرام غير الزنا]

مسألة 4: لا يمنع من التوارث التولّد من الوطء الحرام غير الزنا كالوطء حال الحيض و في شهر رمضان و نحوهما (2).

______________________________

بينه و بين أحد الأبوين لو كان خارجاً عن دائرة الزنا، كما إذا كان الفعل منه شبهة، و كذا بينه و بين المنتسبين إليه.

(1) قد عرفت «1» فيما سبق أنّ الوطء بالشبهة حقيقةً حلال، و يترتّب عليه ما يترتّب على الوطء الصحيح الشرعي من ثبوت العدّة، حتّى بالإضافة إلى الزوج الأصلي و غيرها من أحكام الوطء الصحيح، و عليه يكون المتولّد من الشبهة كالمتولّد من الحلال في ثبوت التوارث بينه و بين أقربائه، أباً كان أو امّاً أو غيرهما مع ملاحظة الطبقات و الدرجات، من دون فرق بينهما في هذه الجهة أصلًا.

(2) لا تكون العلّة في عدم ثبوت التوارث في الزنا صرف كون الوطء حراماً حتّى يتعدّى الحكم إلى الوطء في حال الحيض، أو في شهر رمضان، أو في حال الإحرام، أو في حال الاعتكاف و نحوها، بل العلّة ما عرفت من انتفاء النسب شرعاً في مورد الزنا، و عليه فلا يجري الحكم بالإضافة إلى الموارد المذكورة لثبوت النسب كذلك، و عدم انتفائه لأجل الحرمة العرضية في تلك الموارد، كما لا يخفى.

______________________________

(1) تفصيل الشريعة/ كتاب الطلاق: القول في عدّة وطء الشبهة.

تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة - الطلاق، المواريث، ص: 342

[مسألة 5: نكاح سائر المذاهب و الملل لا يمنع من التوارث لو كان موافقاً لمذهبهم]

مسألة 5: نكاح سائر المذاهب و الملل لا يمنع من التوارث لو كان موافقاً لمذهبهم و إن كان مخالفاً لشرع الإسلام حتّى لو كان التولّد من نكاح بعض المحارم لو فرض جوازه في بعض النحل (1).

[مسألة 6: نكاح سائر المذاهب غير الاثني عشري لا يمنع من التوارث لو وقع على وفق مذهبهم]

مسألة 6: نكاح سائر المذاهب غير الاثني عشري لا يمنع من التوارث لو وقع على وفق مذهبهم و إن كان باطلًا بحسب مذهبنا كما لو كانت المنكوحة مطلّقة بالطلاق البدعي (2).

______________________________

(1) لا شبهة في أنّ نكاح سائر المذاهب و الملل لا يمنع من التوارث لو كان موافقاً لمذهبهم و إن كان مخالفاً لشرع الإسلام، لأنّ لكلّ قوم نكاحاً، و يترتّب عليه النسب الشرعي، و في المتن حتّى لو كان التولّد من نكاح بعض المحارم لو فرض جوازه في بعض النحل، و يؤيّده تعرّض الفقهاء لميراث المجوس، الذين اشتهر عنهم النكاح بالمحارم كالبنت و الأُخت و نحوهما، و لكن رأيت حينما كنت مقيماً في زمن الطاغوت في بلدة يزد بالإقامة الإجبارية الموقّتة، و هي المركز الأصلي للمجوسيين كتاباً مشتملًا على بيان حالات المجوس و بيان اعتقاداتهم و أعمالهم من بعض فضلائهم قد شدّد النكير على ذلك، قائلًا: بأنّ المجوس غير قائلين بجواز نكاح المحارم مطلقاً حتّى المحارم البعيدة، و لعلّ السرّ فيه منع الحكومة عن ذلك و لو في زمن الطاغوت، و كيف كان، فلو فرض جوازه في بعض النحل اعتقاداً، يترتّب عليه ما يترتّب على النكاح الصحيح.

(2) نكاح سائر المذاهب غير الاثني عشري و إن كان باطلًا بحسب مذهبنا، لا يكون مانعاً عن التوارث لو وقع على وفق مذهبهم؛ لأنّه مضافاً إلى أنّ لكلّ قوم

تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة - الطلاق، المواريث، ص: 343

[الخامس: اللّعان]
اشارة

الخامس: اللّعان

[مسألة 1: يمنع اللّعان عن التوارث بين الولد و والده]

مسألة 1: يمنع اللّعان عن التوارث بين الولد و والده و كذا بينه و بين أقاربه من قبل الوالد، و أمّا بين الولد و أُمّه و كذا بينه و بين أقاربه من قبلها فيتحقّق التوارث و لا يمنع اللّعان عنه (1).

______________________________

نكاحاً كما عرفت، و إلى أنّ الإسلام مناط حقن الدماء و به جرت المناكح، يكون مفاد قاعدة الإلزام المبحوث عنها في محلّها ترتيب الشيعة الاثني عشرية آثار الصحّة على عقودهم و إيقاعاتهم أيضاً فضلًا عن غيرهم، فإذا طلّق الزوج زوجته في مجلس واحد ثلاثاً متوالياً يجوز للشيعة أيضاً نكاحها و التزويج معها، و إن كانوا قائلين ببطلان ذلك الطلاق، و لازمه بقاؤها على الزوجية الأوّلية، لكن مقتضى قاعدة الإلزام المأخوذة من روايات الأئمّة الأطهار عليهم صلوات اللّٰه أجمعين «1» المعاملة معها معاملة ما يرونه من وقوع الطلاق أوّلًا و الاتصاف بالثلاثة ثانياً، فتدبّر جيّداً.

(1) قد مرّ في كتاب اللّعان أنّ سبب اللعان أمران «2»:

أحدهما: قذف الزوج الدائم و رميه زوجته بالزّنا مع عدم وجود الشهود الأربعة له، فإنّه حينئذٍ باللّعان يدفع حدّ القذف عن نفسه و يثبت حدّ الزنا على زوجته، و بلعانها يدرأ عنها العذاب و يرتفع حدّ الزنا عنها، و في هذا السبب الذي وردت الآية الشريفة «3» لا يكون للولد حساب في البين أصلًا، بل المقصود ما ذكرنا.

______________________________

(1) الوسائل: 22/ 72 75، أبواب مقدّمات الطلاق ب 30.

(2) تفصيل الشريعة/ كتاب اللّعان، مسألة 1.

(3) سورة النور 24: 6 9.

تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة - الطلاق، المواريث، ص: 344

[مسألة 2: لو كان بعض الأقارب من الأبوين و بعضهم من الامّ فقط يرثون بالسويّة]

مسألة 2: لو كان بعض الأقارب من الأبوين و بعضهم من الامّ فقط يرثون بالسويّة للانتساب إلى الأُمّ، و لا أثر للانتساب إلى

الأب فالأخ للأب و الأُمّ بحكم الأخ للأُمّ (1).

[مسألة 3: لو اعترف الرجل بعد اللّعان]

مسألة 3: لو اعترف الرجل بعد اللّعان بأنّ الولد له لحق به فيما عليه لا فيما له، فيرثه الولد و لا يرث الأب إيّاه و لا من يتقرّب به، بل لا يرث الولد أقارب

______________________________

ثانيهما: نفي الولد من قبل الزوج، و هو السبب الثاني للّعان و إن لم يكن مذكوراً في الآية الكريمة، و بسببه ينتفى الولد عن الزوج النافي، و إن كان لا يلازم نفيه لثبوت الزنا؛ لإمكان وطء الشبهة، و المقصود هنا هو السبب الثاني، فإنّ لازم انتفاء الولد عنه شرعاً هو عدم ثبوت التوارث بينه و بين والده، و عدم كون الزوج النافي والداً له شرعاً، و بتبعه ينتفى التوارث بينه و بين أقاربه من قبل الوالد. و أمّا التوارث بين الولد و أُمّه و كذا بينه و بين أقاربه من قبلها فلا يمنع اللّعان عنه؛ لعدم انتفاء الولد عن الامّ بوجه، و من هذه الجهة يفترق عن ولد الزنا إذا كانت امّه زانية كما لا يخفى.

(1) حيث إنّك عرفت انتفاء النسب شرعاً عن الوالد النافي الملاعن، و لأجله لا يكون توارث في البين، فإذا كان هناك بعض الأقارب من الأبوين و بعضهم من الامّ فقط يرثون بالسويّة للانتساب إلى الأُمّ فقط، كما أنّ عدم إرث أقرباء الأب فقط مع وجود الأقارب من الأبوين ليس لأجل كون الطائفة الثانية متقدّمة على الطائفة الاولى، بل لأجل عدم كونهم وارثين أصلًا؛ لفرض كون انتسابهم إلى الأب فقط، و هو لا يكون وارثاً فضلًا عن أقاربه، كما لا يخفى.

تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة - الطلاق، المواريث، ص: 345

أبيه بإقراره (1).

[مسألة 4: لا أثر لإقرار الولد و لا سائر الأقارب في التوارث بعد اللّعان]

مسألة 4: لا أثر لإقرار الولد و لا سائر الأقارب في التوارث بعد اللّعان،

بل ما يؤثّر هو إقرار الأب فقط في إرث الولد منه (2).

______________________________

(1) قد مرّ «1» في كتاب اللّعان أنّه لو اعترف الرجل بعد اللّعان لنفي الولد و انتفائه عنه بأنّ الولد له لحق به فيما عليه لا فيما له، فيرثه الولد و لا يرث الأب إيّاه و لا من يتقرّب به، بل لا يرث الولد أقارب أبيه بسبب إقرار الأب، و السرّ فيه في بادئ النظر أنّ الإقرار بعد الإنكار يسمع، و لكن الإنكار بعد الإقرار غير مسموع لقاعدة «إقرار العقلاء على أنفسهم جائز» المبحوث عنها في ضمن المبحث عن القواعد الفقهية، و لكن يمكن الإيراد عليه بأنّ أصل هذا الأمر و إن كان ممّا لا ارتياب فيه إلّا أنّ تفريع إرث الولد منه دون الأب و من يتقرّب به مشكل جدّاً، فإنّ إرث الولد منه المتقوّم بموته لا يكون عليه بل على سائر الورثة أصلًا أو كمّاً، و إن كان التفريع راجعاً إلى وجوب الإنفاق عليه لكان على طبق القاعدة. هذا، و لكن بعض الروايات المتقدّمة «2» الواردة في اللّعان دالّة على أنّ إقراره بعد إنكاره و لعانه الموجب للانتفاء عنه يقتضي اللحوق به فيما عليه لا فيما له، و يبدو في النظر تفريع الإرث عليه و إن لم يكن لي مجال للمراجعة، و كيف كان فإن كان هذا التفريع بمقتضى الرواية فلا محيص عن الأخذ بها، و إن كان على القاعدة فللنظر فيه مجال.

(2) لا أثر لإقرار الولد و لا سائر الأقارب في التوارث بعد اللّعان، بل ما يؤثّر هو

______________________________

(1) تفصيل الشريعة/ كتاب اللّعان، مسألة 17.

(2) الوسائل: 22/ 423 427، كتاب اللّعان ب 6.

تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة - الطلاق، المواريث،

ص: 346

[و هاهنا أُمور عدّت من الموانع و فيه تسامح]
اشارة

و هاهنا أُمور عدّت من الموانع و فيه تسامح:

[الأوّل: الحمل ما دام حملًا لا يرث و إن علم حياته في بطن امّه]
اشارة

الأوّل: الحمل ما دام حملًا لا يرث و إن علم حياته في بطن امّه، و لكن يحجب من كان متأخّراً عنه في المرتبة أو في الطبقة، فلو كان للميّت حمل و له أحفاد و إخوة يحجبون عن الإرث و لم يعطوا شيئاً حتّى تبين الحال فإن سقط حيّاً اختصّ به، و إن سقط ميّتاً يرثوا (1).

______________________________

إقرار الأب وحده في إرث الولد منه، و السرّ فيه ما عرفت من عدم كون هذا الإقرار مشمولًا لقاعدة إقرار العقلاء على أنفسهم جائز بعد كون الإرث مرتبطاً بما بعد الموت، و في هذا الشأن يكون إقراره على الورثة الأُخر أصلًا أو كمّاً لا على نفسه، مع أنّ الولد لا يكون مطّلعاً و عارفاً نوعاً على أنّ أباه هو الملاعن أو غيره؛ لأنّه متكوّن من نطفة الأب الواقعي، و في هذه المرحلة لا يكون الولد موجوداً حتّى يطّلع على تكوّنه من صاحب الماء الواقعي، بخلاف الأب كما لا يخفى، فلا يؤثّر إقرار الولد بوجه للعلم العرفي بعدم علمه، فتدبّر.

(1) في عدّ الحمل ما دام حملًا من موانع الإرث تسامح من جهة أنّ الحمل ما دام كونه كذلك لا يصدق عليه الولد الذي هي الطبقة الأُولى في الإرث، فإنّ صدق الولد عليه يتوقّف على وضعه حيّاً. و من الواضح أنّ كونه حملًا لا يكون مانعاً عن الإرث، بل لا يكون فيه المقتضي لذلك. و يمكن أن يكون الوجه في التسامح أنّ كونه حملًا لا يكون مانعاً، بل هو مشروط بالسقوط و الوضع حيّاً، فالحمل إذا سقط حيّاً يرث و إلّا فلا. و كيف كان فيدلّ على أنّ الحمل لا يرث روايات متعدّدة

دالّة على ذلك بعناوين مختلفة.

ففي صحيحة الفضيل قال: سأل الحكم بن عتيبة أبا جعفر (عليه السّلام) عن الصبيّ، يسقط

تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة - الطلاق، المواريث، ص: 347

[مسألة 1: لو كان للميّت وارث آخر في مرتبة الحمل و طبقته]

مسألة 1: لو كان للميّت وارث آخر في مرتبة الحمل و طبقته كما إذا كان له أولاد يعزل للحمل نصيب ذكرين و يعطى الباقي للباقين، ثمّ بعد تبيّن الحال إن سقط ميّتاً يعطى ما عزله للوارث الآخر، و لو تعدّد وزّع بينهم على ما فرض اللّٰه (1).

______________________________

من امّه غير مستهلّ، أ يورث؟ فأعرض عنه، فأعاد عليه، فقال: إذا تحرّك تحرّكاً بيّناً ورث، فإنّه ربّما كان أخرس «1» و مثلها رواية أبي بصير «2» و كذا رواية ربعي «3».

و في صحيحة عبد اللّٰه بن سنان، عن أبي عبد اللّٰه (عليه السّلام) قال: لا يصلّى على المنفوس، و هو المولود الذي لم يستهلّ، و لم يصحّ، و لم يورث من الدية، و لا من غيرها، فإذا استهلّ فصلِّ عليه، و ورّثه «4».

و رواه في الوسائل في باب واحد مرّتين بعنوان روايتين، مع أنّه من الواضح عدم التعدّد، و من الظاهر أنّه لا خصوصية للاستهلال و الصيحة، بل الملاك هو أثر الحياة، سواء كان هو التحرّك البيّن أم الاستهلال، و قد أشار (عليه السّلام) بقوله: «فإنّه ربّما كان أخرس».

و على ما ذكرنا ففي المثال المذكور في المتن الذي يكون للميّت حمل و أحفاد و إخوة يحجبون عن الإرث و لم يعطوا شيئاً حتّى يتبيّن الحال، فإن سقط و وضع حيّاً اختصّ به لكونه واقعاً في الطبقة الأُولى و في المرتبة الأُولى، و إن سقط ميّتاً يرثوا لفقدان المتقدّم.

(1) قد نفى في الجواهر وجدان الخلاف بين الأصحاب في

أنّه يعزل للحمل

______________________________

(1) الوسائل: 26/ 304، أبواب ميراث الخنثى ب 7 ح 8.

(2) الوسائل: 26/ 304، أبواب ميراث الخنثى ب 7 ح 7.

(3) الوسائل: 26/ 303، أبواب ميراث الخنثى ب 7 ح 4.

(4) الوسائل: 26/ 303 أبواب ميراث الخُنثى ب 7 ح 5.

تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة - الطلاق، المواريث، ص: 348

[مسألة 2: لو كان للوارث الموجود فرض لا يتغيّر بوجود الحمل و عدمه]

مسألة 2: لو كان للوارث الموجود فرض لا يتغيّر بوجود الحمل و عدمه كنصيب أحد الزوجين و الأبوين إذا كان معه ولد يعطى كمال نصيبه، و من ينقصه و لو على بعض الوجوه يعطى أقلّ ما يصيبه على تقدير ولادته على وجه تقتضيه كالأبوين لو لم يكن هناك ولد غيره (1).

______________________________

نصيب ذكرين احتياطاً عن تولّده كذلك «1» فيما إذا كان للميّت وارث آخر في مرتبة الحمل و طبقته، كما إذا كان له أولاد و يعطى الباقي الباقين، ثمّ بعد الوضع و السقوط إن سقط الحمل ميّتاً لم يكن فيه أثر متبيّن من الحياة، يعطى المعزول للوارث الآخر، فإن كان متّحداً يعطى الجميع له، و إن كان متعدّداً يوزّع بينهم على طريق التوزيع الأوّل على ما فرض اللّٰه، و إن سقط حيّاً يُعطى ممّا يعزل نصيبه، سواء كان واحداً أم متعدّداً، و سواء كان ذكراً أم أُنثى.

نعم، يمكن أن يكون أزيد من ذكرين كما يتّفق نادراً، و سيجي ء حكمه في بعض المسائل الآتية إن شاء اللّٰه تعالىٰ.

(1) لو كان للوارث الموجود فرض لا يتغيّر بوجود الحمل و عدمه، كنصيب أحد الزوجين إذا كان معه ولد، فإنّه على تقدير وجود الحمل و عدمه يكون نصيب الزوج الربع و نصيب الزوجة الثمن، و كنصيب الأبوين كذلك، فإنّه على التقديرين يكون نصيبهما السدس، فإنّه

يعطى الوارث المذكور كمال نصيبه لفرض عدم تغيير فرضه بوجود الحمل و عدمه، و إن كان الوارث الموجود ينقص نصيبه و لو على بعض الوجوه، و هو ولادة الحمل حيّاً و ذكورته و تعدّده كالإخوة من الامّ، حيث إنّهم ينقصون نصيب الامّ و إن لم يرثوا بأنفسهم، فعندئذٍ يعطى الوارث الموجود

______________________________

(1) جواهر الكلام: 39/ 73.

تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة - الطلاق، المواريث، ص: 349

[مسألة 3: لو علم بالآلات المستحدثة حال الطفل يعزل مقدار نصيبه]

مسألة 3: لو علم بالآلات المستحدثة حال الطفل يعزل مقدار نصيبه فلو علم أنّه واحد و ذكر يعزل نصيب ذكر واحد، أو أُنثى واحدة يعزل نصيبها، و لو علم أنّ الحمل أكثر من اثنين يعزل نصيبهم (1).

[مسألة 4: لو عزل نصيب اثنين و قسّمت بقيّة التركة فتولّد أكثر]

مسألة 4: لو عزل نصيب اثنين و قسّمت بقيّة التركة فتولّد أكثر، استرجعت التركة بمقدار نصيب الزائد (2).

[مسألة 5: الحمل يرث و يورث لو انفصل حيّاً و إن مات من ساعته]

مسألة 5: الحمل يرث و يورث لو انفصل حيّاً و إن مات من ساعته، فلو علم حياته بعد انفصاله فمات بعده يرث و يورث، و لا يعتبر في ذلك الصياح بعد

______________________________

أقلّ ما يصيبه على تقدير ولادته على وجه تقتضي النقص، ثمّ يراعى إلى أن يتبيّن الحال، فإن سقط حيّاً بالنحو المذكور، و إلّا فيعطى الوارث الموجود الباقي كما لا يخفى.

(1) قد عرفت أنّ عزل نصيب ذكرين الذي ذكره الأصحاب إنّما هو لأجل الاحتياط، فلو علم بالعلم الطريقي الذي يكون حجّة من أيّ طريق حصل حال الطفل و لو بسبب الآلات المستحدثة كالسونوغرافي، يعزل مقدار نصيبه، سواء كان واحداً أو متعدّداً، ذكراً أو أُنثى، و على تقدير التعدّد أزيد من اثنين ذكرين أو غيره، و الوجه فيه واضح.

(2) على تقدير عزل نصيب ذكرين الواجب احتياطاً كما عرفت لو تولّد أكثر من ذكرين كذكور ثلاثة أو اثنين ذكرين مع أُنثى واحدة أو أزيد، لا شبهة في لزوم استرجاع التركة بمقدار نصيب الزائد؛ لأنّ سهمه قد دفع إليهم، فلا محيص عن استرجاعه كما لا يخفى.

تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة - الطلاق، المواريث، ص: 350

السقوط لو علم سقوطه حيّاً بالحركة البينة و غيرها (1).

[مسألة 6: لا يشترط ولوج الروح فيه حين موت المورّث]

مسألة 6: لا يشترط ولوج الروح فيه حين موت المورّث، بل يكفي انعقاد نطفته حينه، فإذا مات شخص و تبيّن الحمل في زوجته بعد موته و كان بحيث يلحق به شرعاً يرثه لو انفصل حيّاً (2).

______________________________

(1) قد مرّ «1» أنّ الملاك في الإرث هو الانفصال حيّاً، سواء بقي أم لم يبق، و أنّه يعتبر فيه إحراز الحياة و لو مات من ساعته، سواء كان منشؤه الصياح و الاستهلال أو كان منشؤه الحركة البيّنة

و الظاهرة في ثبوت الحياة لا التقلّصية الحاصلة للشاة بعد الذبح أيضاً، كما أنّه لا يعتبر حياته عند موت مورّثه، بمعنى حلول الحياة فيه بمضيّ الحالات السابقة على نفخ الروح، و إن كان يظهر من بعض الأصحاب الالتزام به، إلّا أنّ مقتضى إطلاق الروايات المتقدّمة «2» الدالّة على اعتبار الحياة حال الانفصال عدمه، فلو كان في حال حياة المورّث علقةً أيضاً يرث على تقدير الانفصال حيّاً، و أمّا الأمر بالإضافة إلى الإرث منه فواضح؛ لأنّه لا مجال لدعوى الإرث من غير الحيّ.

نعم، لا يعتبر بقاء الحياة و استدامتها كما هو ظاهر.

(2) قد مرّ شرح هذه المسألة في ذيل المسألة السابقة، و أنّه لا يعتبر ولوج الروح فيه حين موت المورّث، بل يكفي انعقاد نطفته حينئذٍ؛ لأنّ مفاد الروايات «3» اعتبار أمرين:

______________________________

(1) في ص 346 347.

(2) في ص 346 347.

(3) الوسائل: 26/ 302 305، أبواب ميراث الخنثىٰ ب 7.

تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة - الطلاق، المواريث، ص: 351

[الثاني: وجود طبقة مقدّمة]

الثاني: وجود طبقة مقدّمة فإنّها مانعة عن الطبقة المؤخّرة، إلّا أن تكون ممنوعة بجهة عن الإرث.

[الثالث: وجود درجة مقدّمة في الطبقات]

الثالث: وجود درجة مقدّمة في الطبقات، فإنّها مع عدم ممنوعيّتها عن الإرث مانعة عن الدرجة المتأخّرة كالولد عن ولد الولد و الأخ عن ولد الأخ (1).

______________________________

أحدهما: لحوق الولد بالميّت شرعاً، بحيث اجتمعت فيه شرائط اللحوق المتقدّمة في كتاب النكاح «1».

ثانيهما: الانفصال حيّاً، بحيث كان مشتملًا على أثر الحياة من دون اعتبار الاستهلال و الصياح بالخصوص، فراجع.

(1) الثاني ممّا عدّ من الموانع وجود طبقة متقدّمة من طبقات الإرث، فإنّها مانعة عن الطبقة المؤخّرة إلّا أن تكون ممنوعة بجهة من الإرث، و لعلّ السرّ في عدّ هذا الأمر و كذا الأمر الآتي من الموانع أنّ المراد بالمانع ما يمنع عن تأثير المقتضي في حصول المقتضى بالفتح و الطبقة المتأخّرة لا يكون فيها هذا الاقتضاء؛ لانحصار الوارث بالطبقة المتقدّمة، إلّا أن تكون ممنوعة بجهة من الإرث، فالأولاد و الآباء إن كانوا كافرين تصل النوبة إلى الأعمام و الأخوال المسلمين، و هكذا بالإضافة إلى الدرجة و المرتبة المتقدّمة بالنسبة إلى المرتبة المتأخّرة، فالولد إذا كان كافراً تصل النوبة إلى ولد الولد، و هكذا ولد الأخ بالنسبة إلى الأخ، فمانعيّة الطبقة و الدرجة إنّما هي بمعنى عدم اقتضاء ثبوت الإرث في المتأخّرة مع وجود المتقدّمة، بخلاف مثل الكفر، فإنّ إطلاق المانع عليه يكون خالياً عن التسامح، فإنّ اقتضاء الإرث في الكافر موجود، غاية الأمر منع الكفر و الاتّصاف به عن فعلية الإرث.

______________________________

(1) تفصيل الشريعة/ كتاب النكاح: فصل في أحكام الأولاد و الولادة.

تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة - الطلاق، المواريث، ص: 352

[و أمّا حجب النقصان أي ما يمنع عن بعض الإرث فأُمور]
اشارة

و أمّا حجب النقصان أي ما يمنع عن بعض الإرث فأُمور:

[الأوّل: قتل الخطأ و شبه العمد]

الأوّل: قتل الخطأ و شبه العمد، فإنّه يمنع القاتل عن إرث خصوص الدية دون غيرها من التركة (1).

[الثاني: أكبر الأولاد الذكور]

الثاني: أكبر الأولاد الذكور، فإنّه يمنع باقي الورثة عن خصوص الحبوة، و لو كان الولد الذكر واحداً يكون مانعاً عنها أيضاً (2).

______________________________

إلى هنا انتهى الكلام فيما يكون حاجباً عن أصل الإرث، و أمّا ما يكون موجباً لنقصانه فسيأتي إن شاء اللّٰه تعالى.

(1) القسم الثاني من الحجب هو حجب النقصان؛ أي ما يمنع عن بعض الإرث دون بعض في مقابل حجب الحرمان المانع من تمام الإرث، و قد تقدّم، و هو أُمور:

الأوّل: قتل الخطأ و شبه العمد في مقابل قتل العمد ظلماً لا بحقّ، فإنّ الثاني من مصاديق حجب الحرمان، و الأوّل من موارد حجب النقصان، فإنّه يمنع القاتل لا عن مطلق الإرث و تمام التركة بل عن إرث خصوص الدية، و قد تقدّم «1» في بعض المسائل المرتبطة بمانعية القتل البحث في هذه الجهة، و تعرّضنا للروايات الواردة في المسألة، و لا نرى حاجة إلى التكرار و الإعادة، و إن كانت غير خالية عن الفائدة، و لعلّ الاشتغال بشرح سائر المسائل كان أولى.

(2) قال المحقّق في الشرائع: يحبى الولد الأكبر من تركة أبيه بثياب بدنه و خاتمه و سيفه و مصحفه «2». و تدلّ عليه روايات، مثل:

______________________________

(1) في ص 330 334.

(2) شرائع الإسلام: 4/ 25.

تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة - الطلاق، المواريث، ص: 353

..........

______________________________

صحيحة ربعي بن عبد اللّٰه، عن أبي عبد اللّٰه (عليه السّلام) قال: إذا مات الرجل فسيفه و مصحفه و خاتمه و كتبه و رحله و راحلته و كسوته لأكبر ولده، فإن كان الأكبر ابنة فللأكبر من الذكور «1». و قد أورد صاحب

الوسائل في باب واحد روايات متعدّدة عن ربعي بن عبد اللّٰه بتخيّل أنّها أزيد من واحدة، و تبعه مثل صاحب الجواهر (قدّس سرّه) «2» في ذلك، مع أنّه من الواضح الوحدة و عدم التعدّد.

و صحيحة حريز، عن أبي عبد اللّٰه (عليه السّلام) قال: إذا هلك الرجل و ترك ابنين، فللأكبر السيف و الدرع و الخاتم و المصحف فإن حدث به حدث فللأكبر منهم «3».

و مرسلة ابن أُذينة، عن أحدهما (عليهما السّلام): إنّ الرجل إذا ترك سيفاً و سلاحاً فهو لابنه، فإن كان له بنون فهو لأكبرهم «4».

و رواية أبي بصير، عن أبي عبد اللّٰه (عليه السّلام) قال: الميّت إذا مات فإنّ لابنه الأكبر السيف و الرحل و الثياب: ثياب جلده «5».

و رواية شعيب العقرقوفي قال: سألت أبا عبد اللّٰه (عليه السّلام) عن الرجل يموت ما له من متاع بيته؟ قال: السيف و قال: الميّت إذا مات فإنّ لابنه السيف و الرحل و الثياب: ثياب جلده «6».

و مضمرة سماعة قال: سألته عن الرجل يموت ما له من متاع البيت؟ قال:

______________________________

(1) الوسائل: 26/ 97، أبواب ميراث الأبوين ب 3 ح 1.

(2) جواهر الكلام: 39/ 127.

(3) الوسائل: 26/ 98، أبواب ميراث الأبوين ب 3 ح 3.

(4) الوسائل: 26/ 98، أبواب ميراث الأبوين ب 3 ح 4.

(5) الوسائل: 26/ 98، أبواب ميراث الأبوين ب 3 ح 5.

(6) الوسائل: 26/ 99، أبواب ميراث الأبوين ب 3 ح 7.

تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة - الطلاق، المواريث، ص: 354

..........

______________________________

السيف و السلاح و الرحل و ثياب جلده «1».

و رواية زرارة و محمد بن مسلم و بكير و فضيل بن يسار، عن أحدهما (عليهما السّلام): أنّ الرجل إذا ترك سيفاً أو سلاحاً

فهو لابنه، فإن كانوا اثنين فهو لأكبرهما «2».

و رواية عليّ بن أسباط، عن أبي الحسن الرضا (عليه السّلام) قال: سمعناه، و ذكر كنز اليتيمين، فقال: كان لوحاً من ذهب فيه: بسم اللّٰه الرحمن الرحيم، لا إله إلّا اللّٰه، محمّد رسول اللّٰه، عجب لمن أيقن بالموت كيف يفرح؟ و عجب لمن أيقن بالقدر كيف يحزن؟ و عجب لمن رأى الدنيا و تقلّبها بأهلها كيف يركن إليها؟ و ينبغي لمن عقل عن اللّٰه أن لا يستبطئ اللّٰه في رزقه، و لا يتّهمه في قضائه، فقال له حسين بن أسباط: فإلى مَنْ صار؟ إلى أكبرهما؟ قال: نعم «3».

و غير ذلك من الروايات الواردة في هذا المجال. و قد ذكر صاحب الجواهر (قدّس سرّه) أنّه من متفرّدات الإمامية و معلومات مذهبهم «4»، و مع ذلك فقد اختلفوا في أنّ ذلك على سبيل الوجوب أو الاستحباب، و إن كان الأكثر بل المشهور «5» على الأوّل، و يدلّ عليه التعبير باللّام في جملة من الروايات المتقدّمة، و هو ظاهر في الملكية الاختصاصية.

نعم، ما يكون في البين هو اختلاف الروايات في مقدار الحبوة من جهة الثلاثة أو الأربعة و في الرابع، و لكن هذا الاختلاف لا دلالة له على الاستحباب، إلّا أن يقال باشتمال بعض النصوص على ما زاد عن الأربعة و هو معلوم عدم وجوبه، لكن لا بدّ

______________________________

(1) الوسائل: 26/ 99، أبواب ميراث الأبوين ب 3 ح 10.

(2) الوسائل: 26/ 98، أبواب ميراث الأبوين ب 3 ح 6.

(3) الوسائل: 26/ 99، أبواب ميراث الأبوين ب 3 ح 9.

(4) جواهر الكلام: 39/ 127.

(5) مسالك الافهام: 13/ 129، رياض المسائل: 9/ 75، جواهر الكلام: 39/ 128، السرائر: 3/ 258.

تفصيل الشريعة في شرح

تحرير الوسيلة - الطلاق، المواريث، ص: 355

[الثالث: الولد مطلقاً]

الثالث: الولد مطلقاً ذكراً كان أو أُنثى منفرداً أو متعدّداً بلا واسطة أو معها، فإنّه يمنع أحد الزوجين عن النصيب الأعلى أي النصف و الربع (1).

[الرابع: الوارث مطلقاً]

الرابع: الوارث مطلقاً النسبي و السببي ذكراً كان أو أُنثى متّحداً أو متعدّداً،

______________________________

من ملاحظة أنّ القائل بالندب أيضاً هل زاد على الأربع أم لا؟ و ربّما يقال بعدم الزيادة، فالرواية الدالّة عليه مطروحة عند الجميع، فاللّازم هو القول بالوجوب، كما أنّ الظاهر بمقتضى النصّ و الفتوى مجانية هذا الحباء، فلا وجه لما عن المرتضى من كونه بالقيمة «1» و إن اختاره بعض المتأخّرين «2» أيضاً، نظراً إلى أنّ الاختصاص بالولد الأكبر لا ينافي الاحتساب؛ لأنّ ذلك مقتضى الجمع بين عموم أدلّة الإرث و بين أدلّة الاختصاص، و هو كما ترى.

(1) لا إشكال بمقتضى الكتاب الذي هو الأصل في هذا الباب أنّ نصيب الزوج مع عدم وجود الولد للزوجة المتوفاة و لو من غير هذا الزوج النصف، و مع وجوده و لو مع الواسطة الربع، قال اللّٰه تعالى وَ لَكُمْ نِصْفُ مٰا تَرَكَ أَزْوٰاجُكُمْ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُنَّ وَلَدٌ فَإِنْ كٰانَ لَهُنَّ وَلَدٌ فَلَكُمُ الرُّبُعُ مِمّٰا تَرَكْنَ «3». و قال أيضاً وَ لَهُنَّ الرُّبُعُ مِمّٰا تَرَكْتُمْ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَكُمْ وَلَدٌ فَإِنْ كٰانَ لَكُمْ وَلَدٌ فَلَهُنَّ الثُّمُنُ مِمّٰا تَرَكْتُمْ «4» فيصدق أنّ وجود الولد يمنع عن النصيب الأعلى أي النصف و الربع إلى النصيب الأدنى من الربع و الثمن، فيتحقّق حجب النقصان.

______________________________

(1) الانتصار: 299.

(2) مختلف الشيعة: 9/ 41، مسالك الافهام: 13/ 130 131، كشف اللثام: 2/ 291.

(3) سورة النساء: 4/ 12.

(4) سورة النساء: 4/ 12.

تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة - الطلاق، المواريث، ص: 356

فإنّه يمنع أحد الزوجين عن

الزيادة عن فريضتهما أي النصف أو الربع أو الثمن، فمع زيادة التركة عن الفريضة تردّ إلى غيرهما، نعم لو كان الوارث منحصراً بالزوج و الإمام (عليه السّلام) يرث الزوج النصف فريضةً و يردّ عليه النصف الآخر، بخلاف ما لو كان منحصراً بالزوجة و الإمام (عليه السّلام) فإنّ الربع لها و البقيّة له (عليه السّلام) (1).

[الخامس: نقص التركة عن السّهام المفروضة]

الخامس: نقص التركة عن السّهام المفروضة فإنّه يمنع البنت الواحدة

______________________________

(1) إذا اجتمع مع أحد الزوجين وارث نسبي أو سببي، ذات فرض أم لا، ذكراً كان أو أُنثى، متّحداً أو متعدّداً فلأحد الزوجين فرضه، فإن لم تزد التركة عن الفريضة، بأن لم يكن هناك فريضة أو كانت و لكن مع عدم الزيادة، فلا موضوع لردّ الزيادة إلى غير الزوجين، و إن زادت فالزيادة تردّ إلى غيرهما، و إن كانت ذات فرض، فالأوّل كما إذا كان للميّت ابن أو أبناء مع بنت أو بنات، فإنّه في هذه الصورة يرث الزوج أو الزوجة فرضه، و يدفع الباقي إلى غيره لفرض عدم وجود الفرض، و الثاني لا يتصوّر مع وجود الزوج أو الزوجة، و إنّما يتصوّر في مثل البنتين مع الأبوين، و الثالث كما إذا كانت هناك بنت واحدة أو بنتان مع الزوج أو الزوجة، فإنّه يرث أحد الزوجين النصيب الأدنى و يدفع الباقي إلى الوارث الآخر فرضاً و ردّاً، و سيجي ء «1» تفصيله إن شاء اللّٰه تعالى، و أمّا في صورة الانحصار فقد تقدّم البحث عنه في أوائل الكتاب، و مرّ أنّ الإمام (عليه السّلام) لا يشارك الزوج و يشترك مع الزوجة بثلاثة أرباع، فراجع «2».

______________________________

(1) في ص 367 372.

(2) في 318 319.

تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة - الطلاق، المواريث، ص: 357

و الأُخت الواحدة للأب و الأُمّ أو للأب عن فريضتهما و هي النصف، و كذا يمنع البنات المتعدّدة و الأخوات المتعدّدة من الأب و الأُمّ أو من الأب عن فريضتهم و هي الثلثان، فلو كان للميّت بنت واحدة و أبوان و زوج أو بنات متعدّدة و أبوان و زوج يرد النقص على البنت و البنات، و كذا في سائر الفروض (1).

________________________________________

لنكرانى، محمد فاضل موحدى، تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة - الطلاق، المواريث، در يك جلد، مركز فقهى ائمه اطهار عليهم السلام، قم - ايران، اول، 1421 ه ق

تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة - الطلاق، المواريث؛ ص: 357

______________________________

(1) هذه هي مسألة «العول» المعروفة الباطل عندنا معاشر الإمامية؛ لاستحالة أن يفرض اللّٰه سبحانه في مال ما لا يقوم به، و المراد به زيادة الفريضة؛ لقصورها عن سهام الورثة على وجه يحصل النقص على الجميع بالنسبة؛ لإمكان اجتماعهم و كونهم ذوات فرض من العول، بمعنى الزيادة أو النقصان أو الميل أو الارتفاع، يقال: عالت الناقة ذنبها إذا رفعته؛ لارتفاع الفريضة بزيادة السّهام، و قد نقل أنّ أوّل مسألة وقع فيها العول في الإسلام في زمن عمر، على ما وراء عنه أولياؤه قال: ماتت امرأة في زمانه عن زوج و أُختين، فجمع الصحابة و قال لهم: فرض اللّٰه تعالى جدّه للزوج النصف و للأُختين الثلثين، فإن بدأت بالزوج لم يبق للأُختين حقّهما، و إن بدأت بالأُختين لم يبق للزوج حقّه، فأشيروا عليّ، فاتّفق رأي أكثرهم على العول «1».

و قد تواتر عن الأئمّة (عليهم السّلام) أنّ السهام لا تعول، و لا تكون أكثر من ستّة «2» أي في المثال المفروض، و كان أمير المؤمنين (عليه السّلام) يقول:

إنّ الذي أحصى رمل عالج يعلم أنّ السّهام لا تعول على ستّة، لو يبصرون وجهها لم تجز ستّة «3».

و في رواية عبيد اللّٰه بن عبد اللّٰه بن عتبة قال: جالست ابن عبّاس، فعرض ذكر الفرائض في المواريث، فقال ابن عبّاس: سبحان اللّٰه العظيم، أ ترون أنّ الذي

______________________________

(1) مسالك الأفهام: 13/ 108، جواهر الكلام: 39/ 106.

(2) الوسائل: 26/ 72 76، أبواب موجبات الإرث ب 6.

(3) الوسائل: 26/ 74، أبواب موجبات الإرث ب 6 ح 9.

تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة - الطلاق، المواريث، ص: 358

..........

______________________________

أحصى رمل عالج عدداً جعل في مال نصفاً و نصفاً و ثلثاً، فهذان النصفان قد ذهبا بالمال، فأين موضع الثلث؟ فقال له زفر بن أوس البصري: يا أبا العبّاس فمن أوّل من أعال الفرائض؟ فقال: عمر بن الخطّاب لما التقت (التفّت خ ل) الفرائض عنده، و دفع بعضها بعضاً، فقال: و اللّٰه ما أدري أيّكم قدّم اللّٰه، و أيّكم أخّر، و ما أجد شيئاً هو أوسع من أن أقسّم عليكم هذا المال بالحصص، فأدخل على كلّ ذي سهم ما دخل عليه من عول الفرائض، و أيم اللّٰه لو قدَّم من قدَّم اللّٰه، و أخّر من أخّر اللّٰه ما عالت فريضة، فقال له زفر: و أيّها قدَّم، و أيّها أخّر؟ فقال: كلّ فريضة لم يهبطها اللّٰه عن فريضة إلّا إلى فريضة فهذا ما قدّم اللّٰه، و أمّا ما أخّر فكلّ فريضة إذا زالت عن فرضها لم يبق لها إلّا ما بقي، فتلك التي أخّر، فأمّا الذي قدَّم فالزوج له النصف، فإذا دخل عليه ما يزيله عنه رجع إلى الرّبع، لا يزيله عنه شي ء، و الزوجة لها الربع، فإذا دخل عليها ما

يزيلها عنه صارت إلى الثمن، لا يزيلها عنه شي ء، و الأُمّ لها الثلث، فإذا زالت عنه صارت إلى السدس، و لا يزيلها عنه شي ء، فهذه الفرائض التي قدّم اللّٰه، و أمّا التي أخّر ففريضة البنات و الأخوات لها النصف و الثلثان، فإذا أزالتهنّ الفرائض عن ذلك لم يكن لهنّ إلّا ما بقي، فتلك التي أخّر، فإذا اجتمع ما قدّم اللّٰه و ما أخّر بدئ بما قدّم اللّٰه، فأعطي حقّه كاملًا، فإن بقي شي ء كان لمن أخّر، و إن لم يبق شي ء فلا شي ء له، الحديث «1».

و الروايات «2» في هذا المجال كثيرة لا حاجة إلى إيرادها بعد وضوح نظر الأئمّة (عليهم السّلام)، و بعد وضوح سعة الإحاطة العلمية له تعالى، و إليها أُشير أنّ الذي أحصى

______________________________

(1) الوسائل: 26/ 78، أبواب موجبات الإرث ب 7 ح 6.

(2) الوسائل: 26/ 76 84، أبواب موجبات الإرث ب 7.

تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة - الطلاق، المواريث، ص: 359

[السادس: الأُخت من الأبوين أو الأب]

السادس: الأُخت من الأبوين أو الأب، فإنّها تمنع الإخوة من الامّ عن ردّ ما زاد على فريضتهم، و كذا الأخوات المتعدّدة من الأبوين أو الأب فإنّها تمنع الأخ الواحد الأُمّي أو الأُخت كذلك عن ردّ ما زاد على فريضتهما و كذا أحد الجدودة من قبل الأب، فإنّه يمنع الإخوة من قبل الامّ عمّا زاد عليها (1).

______________________________

رمل عالج يعلم أنّ السهام لا تعول على ستّة، فالعلاج ما ذكر. و قد ذكر صاحب الجواهر (قدّس سرّه) «1» أنّ هذا غصن من شجرة إنكار الولاية و الإمامة التي أمرنا رسول اللّٰه (صلّى اللّٰه عليه و آله) في حديث الثقلين «2» المتواتر بين الفريقين بالتمسّك بهما؛ لأجل التحفّظ من الضلالة و خوفاً

من الوقوع في الغواية، و اللّٰه الهادي إلى طريقه إن شاء اللّٰه تعالىٰ.

و ينبغي التنبيه على أمرين:

الأوّل: أنّه لا يتحقّق العول ظاهراً إلّا بمزاحمة الزوج أو الزوجة، و إلّا ففي مورد العدم لا يتحقّق الموضوع أصلًا، و لو اجتمع أصحاب الفروض الواقعون في طبقة واحدة كما لا يخفى.

الثاني: أنّ كونه من موارد حجب النقصان إنّما هو باعتبار أنّه مع عدم الزوج أو الزوجة لا يتحقّق نقص أصلًا، و أمّا مع وجود أحدهما يتحقّق النقص كما عرفت، فهذا المورد من موارد حجب النقصان أيضاً.

(1) قال اللّٰه تعالى وَ إِنْ كٰانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلٰالَةً أَوِ امْرَأَةٌ وَ لَهُ أَخٌ أَوْ أُخْتٌ فَلِكُلِّ وٰاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ فَإِنْ كٰانُوا أَكْثَرَ مِنْ ذٰلِكَ فَهُمْ شُرَكٰاءُ فِي الثُّلُثِ «3»

______________________________

(1) جواهر الكلام: 39/ 110.

(2) الوسائل: 27/ 33 و 204، أبواب صفات القاضي ب 5 ح 9 و ب 13 ح 77، سنن البيهقي: 10/ 114.

(3) سورة النساء: 4/ 12.

تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة - الطلاق، المواريث، ص: 360

[السابع: الولد و إن نزل]

السابع: الولد و إن نزل واحداً كان أو متعدّداً، فإنّه يمنع الأبوين عمّا زاد على السدس فريضةً لا ردّاً (1).

______________________________

الآية، ففرض الكلالة أي الإخوة من قبل الامّ، سواء كان الميّت رجلًا أو امرأة هو السدس في صورة الوحدة، و الثلث في صورة التعدّد، و لكنّه عند الانحصار ترث جميع المال فرضاً و ردّاً بشرط أن لا يكون الأُخت من الأبوين أو الأب موجودة، و إلّا فترث الكلالة الفرض، و الباقي يردّ إلى الأُخت من الأبوين أو الأب، و هكذا بالإضافة إلى الأخوات المتعدّدة من الأبوين أو الأب، فيتحقّق حجب النقصان حينئذٍ، فإنّ وجود من يتقرّب بالأبوين أو الأب في مرتبة الكلالة يمنع

عن إرثهم سوى الفريضة، و كذا أحد الجدودة من قبل الأب، فإنّه يمنع الإخوة من قبل الامّ عمّا زاد و على فرضها، و سيجي ء تفصيله «1» إن شاء اللّٰه تعالىٰ.

(1) قال اللّٰه تعالى وَ لِأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وٰاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ مِمّٰا تَرَكَ إِنْ كٰانَ لَهُ وَلَدٌ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلَدٌ وَ وَرِثَهُ أَبَوٰاهُ فَلِأُمِّهِ الثُّلُثُ «2» الآية. و من الظاهر أنّ الولد لا يختصّ بالولد بلا واسطة بل يشمل مع الواسطة، كما أنّه لا فرق بين صورتي الوحدة و التعدّد، و حينئذٍ إن كان الولد مذكّراً أو مشتملًا على المذكّر يرث الأبوان أو أحدهما فرضه فقط و يردّ الباقي إلى الولد، و إن كان أُنثى كالبنت الواحدة ففرضها النصف و فرض الأبوين السدس أو السدسان و الباقي يردّ عليهما بالنسبة، ففي البنت الواحدة و الأبوين يبقى السدس فيوزّع عليهما بالنسبة. و إن شئت قلت: إنّ التركة من أوّل الأمر تقسّم خمسة؛ نصفها للبنت و الباقي بين الأبوين،

______________________________

(1) في ص 383 384.

(2) سورة النساء: 4/ 11.

تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة - الطلاق، المواريث، ص: 361

[الثامن: الإخوة و الأخوات لا أولادهم]

الثامن: الإخوة و الأخوات لا أولادهم، فإنّهم يمنعون الامّ عن الزيادة على السدس فريضةً و ردّاً بشروط:

أوّلها: أن لا يكون الأخ أقلّ من اثنين أو الأُخت أقلّ من أربع، و يكفي الأخ الواحد و الأُختان.

ثانيها: أن تكون الإخوة حيّاً في الدنيا حين فوت المورّث، فلا يكون الميّت و الحمل حاجباً.

ثالثها: أن تكون الإخوة مع الميّت من الأب و الأُمّ أو من الأب، فلا يحجب الأُمّي فقط.

رابعها: أن يكون أب الميّت حيّاً حين موته.

خامسها: أن لا يكون الإخوة و الأب ممنوعين من الإرث بكفر و رقيّة و تولّد الإخوة الحاجبين

من الزنا، و كون الأب قاتلًا للمورّث، و لو كان الإخوة الحاجبين قاتلين للمورّث ففيه إشكال، فلا يترك الاحتياط.

سادسها: أن يكون بين الحاجب و المحجوب مغايرة، و يتصوّر عدمها في الوطء بالشبهة (1).

______________________________

و سيأتي التفصيل «1» إن شاء اللّٰه تعالىٰ.

(1) من موارد حجب النقصان حجب الإخوة و الأخوات للميّت لا أولادهم، فإنّهم يمنعون الامّ عن الزيادة على السدس مطلقاً فرضاً و ردّاً و إن لم يكن هناك ولد بشروط آتية:

الأوّل: أن لا يكون الأخ أقلّ من اثنين أو الأُخت أقلّ من أربع، ففي صحيحة

______________________________

(1) في ص 392 393.

تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة - الطلاق، المواريث، ص: 362

..........

______________________________

محمد بن مسلم، عن أبي عبد اللّٰه (عليه السّلام) قال: لا يحجب الامّ عن الثلث إذا لم يكن ولد إلّا أخوان أو أربع أخوات «1»، و في معتبرة البقباق عن أبي عبد اللّٰه (عليه السّلام) قال: لا يحجب الامّ عن الثلث إلّا أخوان أو أربع أخوات لأب و أُمّ، أو لأب «2».

و رواه صاحب الوسائل في باب واحد مراراً، تارةً بعنوان أبي العبّاس، و أُخرى بعنوان فضل أبي العبّاس البقباق، و ثالثة بعنوان أبي العبّاس البقباق، مع أنّ الرجل واحد و الرواية واحدة.

و رواية العلاء بن الفضيل، عن أبي عبد اللّٰه (عليه السّلام) المشتملة على قوله: و لا يحجب الامّ عن الثلث الإخوة و الأخوات من الامّ ما بلغوا، و لا يحجبها إلّا أخوان، أو أخ و أُختان، أو أربع أخوات لأب، أو لأب و أُمّ، أو أكثر من ذلك «3».

إلى غير ذلك من الروايات «4» الواردة في هذا المجال، لكن في الآية الشريفة فَإِنْ كٰانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلِأُمِّهِ السُّدُسُ «5»، و حيث إنّ التعبير في

الآية بالجمع و أقلّه ثلاثة حكي عن ابن عبّاس عدم الاكتفاء بالذكرين «6»، و لكن الروايات التي هي بمنزلة التفسير لها تكفي في ردّه.

الثاني: أن تكون الإخوة حيّاً حين موت المورّث، فلا يكون الميّت و الحمل حاجباً؛ و ذلك لعدم الصدق في هذه الحالة، و لأجله لا يرث الميّت و لا الحمل قبل

______________________________

(1) الوسائل: 26/ 121، أبواب ميراث الأبوين ب 11 ح 4.

(2) الوسائل: 26/ 120، أبواب ميراث الأبوين ب 11 ح 3.

(3) الوسائل: 26/ 123، أبواب ميراث الأبوين ب 13 ح 1.

(4) الوسائل: 26/ 116 122، أبواب ميراث الأبوين ب 10 و 11.

(5) سورة النساء: 4/ 11.

(6) الخلاف: 4/ 39 مسألة 31، المغني لابن قدامة: 7/ 16 و 27، الشرح الكبير: 7/ 24، بداية المجتهد: 2/ 340.

تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة - الطلاق، المواريث، ص: 363

..........

______________________________

الانفصال، فلا وجه للاتّصاف بالحاجبيّة، مضافاً إلى أنّ الحيّ هو المنصرف إليه من الآية الشريفة.

الثالث: أن تكون الإخوة مع الميّت من الأب و الأُمّ معاً أو من الأب فقط، فلا يحجب المتقرّب بالأُمّ فقط، و يدلّ عليه الروايات المستفيضة، مثل:

معتبرة عبيد بن زرارة قال: سمعت أبا عبد اللّٰه (عليه السّلام) يقول في الإخوة من الامّ: لا يحجبون الامّ عن الثلث «1».

و رواية زرارة، المشتملة على قول أبي عبد اللّٰه (عليه السّلام): إذا كان الإخوة من الامّ لم يحجبوا الامّ عن الثلث «2».

و صحيحة عمر بن أُذينة قال: قلت لزرارة: حدّثني رجل عن أحدهما (عليهما السّلام) في أبوين و اخوة لأُمّ أنّهم يحجبون و لا يرثون، فقال: هذا و اللّٰه هو الباطل و لا أروي لك شيئاً، و الذي أقول لك و اللّٰه هو الحقّ: أنّ الرجل

إذا ترك أبوين فلأُمّه الثلث و لأبيه الثلثان في كتاب اللّٰه عزّ و جلّ، فإن كان له إخوة يعني: الميّت، يعني: إخوة لأب و أُمّ أو إخوة لأب فلأُمّه السدس و للأب خمسة أسداس، و إنّما وفّر للأب من أجل عياله و الإخوة لُامّ ليسوا لأب، فإنّهم لا يحجبون الامّ الثلث، الحديث «3».

الرابع: أن يكون أب الميّت حيّاً حين موته؛ لأنّ الغرض من حجب الامّ هو التوفير على الأب، كما أُشير إليه في الصحيحة المتقدّمة، و مع عدمه لا يبقى مجال للتوفير أصلًا.

الخامس: أن لا يكون الإخوة و الأب ممنوعين من الإرث، أمّا اعتبار أن

______________________________

(1) الوسائل: 26/ 116، أبواب ميراث الأبوين ب 10 ح 1.

(2) الوسائل: 26/ 117، أبواب ميراث الأبوين ب 10 ح 2.

(3) الوسائل: 26/ 117، أبواب ميراث الأبوين ب 10 ح 4.

تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة - الطلاق، المواريث، ص: 364

..........

______________________________

لا يكون الأب كذلك؛ فلأنّ الممنوعية لا تجتمع مع التوفير على الأب، الذي هو الغرض من هذا الحجب، و أمّا اعتبار أن لا يكون الإخوة كذلك بكفر و رقّيّة و التولّد من الزنا، فيدلّ عليه:

رواية الحسن بن صالح، عن أبي عبد اللّٰه (عليه السّلام) قال: المسلم يحجب الكافر و يرثه، و الكافر لا يحجب المسلم و لا يرثه «1».

و مرسلة الصدوق المعتبرة قال: و قال (عليه السّلام): الإسلام يعلو و لا يُعلى عليه، و الكفّار بمنزلة الموتى لا يحجبون و لا يرثون «2».

و صحيحة محمد بن مسلم قال: سألت أبا عبد اللّٰه (عليه السّلام) عن المملوك و المشرك يحجبان إذا لم يرثا؟ قال: لا «3»، و مثلها رواية الفضل عن أبي عبد اللّٰه (عليه السّلام) «4».

تتمّة لو كان الإخوة

الحاجبون قاتلين للمورّث، فقد استشكل فيه في المتن ثمّ نهى عن ترك الاحتياط، و لعلّ الوجه فيه أنّه يستفاد من السؤال في الصحيحة و غيرها صلاحية كون الإخوة وارثين، فإنّه ليس المراد منه عدم الإرث فعلًا؛ ضرورة أنّه مع وجود الأبوين لا تصل النوبة إلى الإخوة بوجه، بل المراد عدم صلاحيتهم للإرث لو كانوا واقعين في طبقة الوارثين، و من المعلوم أنّهم لو كانوا قاتلين للمورِّث لا يكونون كذلك.

______________________________

(1) الوسائل: 26/ 124، أبواب ميراث الأبوين ب 15 ح 1.

(2) الوسائل: 26/ 125، أبواب ميراث الأبوين ب 15 ح 2.

(3) الوسائل: 26/ 124، أبواب ميراث الأبوين ب 14 ح 1.

(4) الوسائل: 26/ 124، أبواب ميراث الأبوين ب 14 ح 2.

تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة - الطلاق، المواريث، ص: 365

..........

______________________________

السادس: أن يكون بين الحاجب و المحجوب مغايرة، أمّا اعتبار كبرى المغايرة فلأنّ المنصرف و المنسبق إلى الذهن من الحاجب و المحجوب شخصان لا شخص واحد، و أمّا تصوّر الموضوع فبالإضافة إلى موارد المغايرة واضح، و أمّا بالنسبة إلى العدم فقد ذكر في المتن أنّه يتصوّر في الوطء بالشبهة، حيث إنّه يمكن فيه اجتماع الأبوّة و الأُخوّة في رجل واحد، كما لا يخفى.

تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة - الطلاق، المواريث، ص: 367

[الأمر الثالث في السهام]

اشارة

الأمر الثالث في السهام الوارث إمّا يرث بالفرض أو بالقرابة، و المراد بالفرض هو السهم المقدّر و الكسر المعيّن الذي سمّاه اللّٰه تعالى في كتابه الكريم،

[و الفروض ستّة]
اشارة

و الفروض ستّة، و أربابها ثلاثة عشر:

[الأوّل: النصف]

الأوّل: النصف، و هو لبنت واحدة إذا لم يكن معها ولد غير ممنوع عن الإرث، و يعتبر هذا القيد في جميع الطبقات و الدرجات الآتية، و لأُخت واحدة لأبوين أو لأب إذا لم يكن معها أخ كذلك، و للزوج إن لم يكن للزوجة ولد و إن نزل.

[الثاني: الربع]

الثاني: الربع، و هو للزوج إن كان للزوجة ولد و إن نزل، و للزوجة إن لم يكن للزوج ولد و إن نزل.

[الثالث: الثمن]

الثالث: الثمن، و هو للزوجة إن كان للزوج ولد و إن نزل.

[الرابع: الثلث]

الرابع: الثلث، و هو للُامّ بشرط أن لا يكون للميّت ولد مطلقاً و إن نزل، و أن لا يكون له إخوة متعدّدة كما تقدّم شرائطه، و للأخ و الأُخت من الامّ مع التعدّد.

[الخامس: الثلثان]

الخامس: الثلثان، و هو للبنتين فصاعداً مع عدم وجود الابن للميّت،

تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة - الطلاق، المواريث، ص: 368

و للأُختين فصاعداً لأبوين مع عدم وجود الأخ لأبوين، أو لأب مع عدم وجود الأخ لأب.

[السادس: السدس]

السادس: السدس، و هو للأب مع وجود الولد مطلقاً، و للأُمّ مع وجود الحاجب عن الثلث أي الولد و الإخوة على ما مرّ، و للأخ أو الأُخت للأُمّ مع عدم التعدّد من قبلها، فالفروض نصف و نصفه و نصف نصفه و ثلثان و نصفهما و نصف نصفهما (1).

______________________________

(1) الوارث إمّا يرث بالفرض أو بغيره، و الأوّل هو الأصل في الإرث بلحاظ أنّه قد سمّاه اللّٰه تعالى في كتابه الكريم «1»، و بلحاظ أنّه مع وجوده لا تصل النوبة إلى غيره إلّا في بعض الصور. و قد عرفت في أوّل الكتاب أنّه قد عنون في الشرائع بكتاب الفرائض دون الوارث، و الفروض ستّة، و قد جمعها في ذيل كلامه بالنصف و نصفه و نصف نصفه و بالثلثين و نصفهما و نصف نصفهما، كما سيجي ء بيانه.

فالأوّل: النصف، و هو لثلاثة أرباب:

أحدها: للبنت الواحدة إذا لم يكن معها ولد غير ممنوع من الإرث، قال اللّٰه تعالى وَ إِنْ كٰانَتْ وٰاحِدَةً فَلَهَا النِّصْفُ «2».

ثانيها: للأُخت الواحدة للأبوين أو للأب إذا لم يكن معها أخ كذلك قال اللّٰه تعالى إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ وَ لَهُ أُخْتٌ فَلَهٰا نِصْفُ مٰا تَرَكَ «3».

______________________________

(1) سورة النساء: 4/ 11، 12، 176.

(2) سورة النساء: 4/ 11.

(3) سورة النساء: 4/ 176.

تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة - الطلاق، المواريث، ص: 369

..........

______________________________

ثالثها: للزوج مع عدم وجود الولد للزوجة و إن نزل، قال اللّٰه تعالى وَ لَكُمْ نِصْفُ

مٰا تَرَكَ أَزْوٰاجُكُمْ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُنَّ وَلَدٌ «1» الآية.

و الثاني: الربع، و هو للزوجين؛ الزوج مع ثبوت الولد للزوجة و إن نزل، قال اللّٰه تعالى فَإِنْ كٰانَ لَهُنَّ وَلَدٌ فَلَكُمُ الرُّبُعُ مِمّٰا تَرَكْنَ «2» الآية، و الزوجة مع عدم ثبوت الولد للزوج و إن نزل، قال اللّٰه تعالى وَ لَهُنَّ الرُّبُعُ مِمّٰا تَرَكْتُمْ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَكُمْ وَلَدٌ «3» الآية.

و الثالث: الثمن، و هو للزوجة إن كان للزوج ولد كذلك، قال اللّٰه تعالى فَإِنْ كٰانَ لَكُمْ وَلَدٌ فَلَهُنَّ الثُّمُنُ مِمّٰا تَرَكْتُمْ «4» الآية.

و الرابع: الثلث، و أربابه اثنان:

أحدهما: الامّ بشرطين، الأوّل: أن لا يكون للميّت ولد مطلقاً، الثاني: أن لا يكون للميّت إخوة متعدّدة بالشرائط المتقدّمة «5».

ثانيهما: الأخ و الأُخت من الامّ مع التعدّد، قال اللّٰه تعالى فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلَدٌ وَ وَرِثَهُ أَبَوٰاهُ فَلِأُمِّهِ الثُّلُثُ «6». و قال أيضاً فَإِنْ كٰانُوا أَكْثَرَ مِنْ ذٰلِكَ فَهُمْ شُرَكٰاءُ فِي الثُّلُثِ «7» الآية.

و الخامس: الثلثان، و هما لطائفتين:

إحداهما: البنتان فصاعداً مع عدم وجود الابن للميّت، قال اللّٰه تعالى:

______________________________

(1) سورة النساء: 4/ 12.

(2) سورة النساء: 4/ 12.

(3) سورة النساء: 4/ 12.

(4) سورة النساء: 4/ 12.

(5) في 361 365.

(6) سورة النساء: 4/ 11 12.

(7) سورة النساء: 4/ 11 12.

تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة - الطلاق، المواريث، ص: 370

[مسائل]
[مسألة 1: قد ظهر ممّا ذكر انّ أهل الطبقة الثالثة من ذوي الأنساب لا فرض لهم و يرثون بالقرابة فقط]

مسألة 1: قد ظهر ممّا ذكر انّ أهل الطبقة الثالثة من ذوي الأنساب لا فرض لهم و يرثون بالقرابة فقط، و أنّ الزوجين وراثتهما بالفرض مطلقاً إلّا في صورة

______________________________

فَإِنْ كُنَّ نِسٰاءً فَوْقَ اثْنَتَيْنِ فَلَهُنَّ ثُلُثٰا مٰا تَرَكَ «1».

ثانيتهما: الأُختان فصاعداً للأبوين مع عدم وجود الأخ كذلك، أو للأب فقط مع عدم وجود الأخ كذلك، قال اللّٰه تعالى

فَإِنْ كٰانَتَا اثْنَتَيْنِ فَلَهُمَا الثُّلُثٰانِ مِمّٰا تَرَكَ «2».

و السادس: السدس، و أربابه ثلاثة:

أحدها: الأب مع وجود الولد مطلقاً.

ثانيها: الامّ مع وجود الحاجب عن الثلث، أي الولد و الإخوة على ما تقدّم «3».

ثالثها: الأخ للأُمّ أو الأُخت كذلك مع عدم التعدّد من قبل الامّ، قال اللّٰه تعالى وَ لِأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وٰاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ مِمّٰا تَرَكَ إِنْ كٰانَ لَهُ وَلَدٌ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلَدٌ وَ وَرِثَهُ أَبَوٰاهُ فَلِأُمِّهِ الثُّلُثُ فَإِنْ كٰانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلِأُمِّهِ السُّدُسُ «4» الآية، و قال أيضاً وَ إِنْ كٰانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلٰالَةً أَوِ امْرَأَةٌ وَ لَهُ أَخٌ أَوْ أُخْتٌ فَلِكُلِّ وٰاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ «5».

هذه هي الفروض المعيّنة و السهام المقدّرة في كتاب اللّٰه تعالى، و أمّا مثل قوله تعالىٰ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ «6» فهو خارج عن هذه الدائرة؛ لأنّ المفروض عدم التقدير فيه بوجه، و سيجي ء التفصيل إن شاء اللّٰه تعالى.

______________________________

(1) سورة النساء: 4/ 11.

(2) سورة النساء: 4/ 176.

(3) في ص 360 365.

(4) سورة النساء: 4/ 11 12.

(5) سورة النساء: 4/ 12.

(6) سورة النساء: 4/ 11.

تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة - الطلاق، المواريث، ص: 371

واحدة؛ و هي انحصار الوارث بالإمام (عليه السّلام) و الزوج.

أمّا الطبقة الأُولى و الثانية فبعضهم لا فرض له أصلًا كالابن و الأخ لأبوين أو لأب، و بعضهم ذو فرض مطلقاً كالأُمّ، و بعضهم ذو فرض على حال دون حال كالأب؛ فإنّه ذو فرض مع وجود الولد للميّت، و ليس له فرض مع عدمه، و كذا الأُخت و الأُختان لأب و أبوين، فإنّ لهنّ فرضاً إن لم يكن معهنّ ذكر، و ليس لهنّ فرض إن كان (1).

______________________________

(1) قد ظهر ممّا ذكرنا في بيان أرباب الفروض و

أصحاب السهام من بعض المسائل السابقة أُمورٌ متعدّدة:

أ إنّ أهل الطبقة الثالثة من ذوي الأنساب و هم الأعمام و الأخوال لا تكون وراثتهم إلّا بالقرابة فقط؛ لعدم ثبوت فرض لهم في كتاب اللّٰه تعالى.

ب إنّ الزوجين وراثتهما بالفرض مطلقاً مع وجود الولد للميّت و مع عدمه. نعم في صورة انحصار الوارث بالإمام و الزوج قد مرّ «1» أنّ الزوج يرث الجميع، و أنّ الإمام (عليه السّلام) يشارك الزوجة بالإضافة إلى الزائد عن سهمها: و هي ثلاثة أرباع.

ج إنّ أهل الطائفة الأُولى و الثانية على أقسام؛ فبعضهم لا فرض له أصلًا كالابن مطلقاً: أي سواء كان مع البنت أو بدونها، و كالأخ للأبوين أو الأب. و البعض الثاني ذو فرض مطلقاً كالأُمّ، فإنّ لها فرض الثلث إن لم يكن للميّت ولد، و السدس مع وجوده أو وجود الإخوة الحاجبة. و البعض الثالث ذو فرض في حال دون حال كالأب، فإنّ فرضه السدس على تقدير وجود الولد، و كذا البنتان فصاعداً، فإنّ لهما الثلثين إن لم يكن معهنّ ولد ذكر. و كذا

______________________________

(1) في ص 318 و 356.

تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة - الطلاق، المواريث، ص: 372

[مسألة 2: ظهر ممّا ذكر أنّ من كان له فرض على قسمين]

مسألة 2: ظهر ممّا ذكر أنّ من كان له فرض على قسمين:

أحدهما: من ليس له إلّا فرض واحد، و لا ينقص و لا يزيد فرضه بتبدّل الأحوال كالأب؛ فإنّه ذو فرض في صورة وجود الولد، و هو ليس إلّا السدس مطلقاً، و كذلك البنت الواحدة و البنتان فصاعداً مع عدم الابن، و كذا الأُخت و الأُختان لأب أو لأبوين مع عدم الأخ، فإنّ فرضهنّ النصف أو الثلثان مطلقاً، و هؤلاء و إن كانوا ذوي فروض على حال دون

حال إلّا أنّ فرضهم لا يزيد و لا ينقص بتبدّل الأحوال، و قد يكون من له فرض على كلّ حال لا يتغيّر فرضه بتبدّل الأحوال، و ذلك كالأخ للأُمّ أو الأُخت كذلك، فمع الوحدة فرضه السدس، و مع التعدّد الثلث لا يزيد و لا ينقص في جميع الأحوال.

الثاني: من كان فرضه يتغيّر بتبدّل الأحوال كالأُمّ، فإنّ لها الثلث تارةً و السدس اخرى، و كذا الزوجان، فإنّ لهما نصفاً و ربعاً مع عدم الولد، و ربعاً و ثمناً معه (1).

______________________________

الأُخت بالإضافة إلى النصف و الأُختان بالإضافة إلى الثلثين، فإنّ فرض ثبوتهما إنّما هو فيما إذا لم يكن معهنّ ذكر، و إلّا فمع وجود الأخ مطلقاً ليس لهنّ فرض كما عرفت.

(1) قد ظهر ممّا ذكر أنّ من كان له فرض على قسمين:

الأوّل: من ليس له إلّا فرض واحد، و لا ينقص و لا يزيد فرضه بتبدّل الأحوال كالأب، فإنّه ليس له إلّا فرض واحد، و هو السدس في صورة وجود الولد، و لا يزيد و لا ينقص فرضه، و كالبنت الواحدة و البنتين فصاعداً، فإنّ الفرض هو النصف و الثلثان مع عدم الابن. و كذا الأُخت و الأُختان فصاعداً للأبوين أو الأب

تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة - الطلاق، المواريث، ص: 373

[مسألة 3: غير ما ذكر من أصناف ذوي الفروض]

مسألة 3: غير ما ذكر من أصناف ذوي الفروض وارث بالقرابة (1).

[مسألة 4: لو اجتمع جدّ و جدّة من قبل الامّ كلاهما أو أحدهما مع المنتسبين من قبل الأب]

مسألة 4: لو اجتمع جدّ و جدّة من قبل الامّ كلاهما أو أحدهما مع المنتسبين من قبل الأب كالإخوة و الأخوات من الأب و الأُمّ أو من الأب، و كالجدّ و الجدّة من قبل الأب، يكون حقّه ثلث مجموع التركة، و إن ورد النقص على ذي

______________________________

مع عدم الأخ، و الفرض في هؤلاء لا يزيد و لا ينقص بتبدّل الأحوال.

نعم، قد عرفت «1» في مسألة العول المتقدّمة ورود النقص على غير الزوج و الزوجة؛ لأنّ لهما فرضين الأعلى و الأدنى دون البنت و البنات و الأُخت و الأخوات للأبوين أو للأب، فالغرض عدم الزيادة و النقيصة بسبب تبدّل الأحوال غير مورد العول.

الثاني: من كان له فرضان، و في هذه الصورة قد لا يتغيّر فرضه بتبدّل الأحوال كالأخ للأُمّ أو الأُخت كذلك، فإنّه مع الوحدة فرضه السدس و مع التعدّد الثلث من غير زيادة و لا نقصان في جميع الأحوال، و قد يتغيّر فرضه كذلك كالأم، فإنّ لها الثلث تارةً و السدس اخرى، و كذا الزوجان، فإنّ لهما نصفاً و ربعاً مع عدم الولد و ربعاً و ثمناً مع وجود الولد على ما عرفت «2»، و ممّا ذكرنا ظهر التشويش في عبارة المتن من حيث الترتيب، فتدبّر جيّداً.

(1) قد مرّ أنّ الوارث إمّا أن يرث بالفرض و إمّا أن يرث بالقرابة، فغير ما ذكر من أصناف ذوي الفروض التي أشرنا إليها وارث بالقرابة.

______________________________

(1) في ص 357 359.

(2) و 3) في ص 368 369.

تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة - الطلاق، المواريث، ص: 374

الفرض، فإن كان الوارث زوجاً و جدّاً أو جدّة من الامّ و

أُختاً من الأب و الأُمّ فالنصف للزوج، و الثلث للجدّ من قبل الامّ واحداً أو متعدّداً، و الباقي و هو السدس للأُخت الواحدة من قبل الأب مع أنّ فريضتها النصف، و مع ذلك إرث الجدودة بالقرابة لا الفرض (1).

______________________________

(1) لو اجتمع جدّ و جدّة من قبل الامّ كلاهما أو أحدهما مع المنتسبين من قبل الأب كالإخوة و الأخوات من الأبوين أو من الأب، و كالجدّ و الجدّة من قبل الأب، يكون حقّ الأولى ثلث مجموع التركة؛ لصحيحة بكير بن أعين قال: قلت لأبي عبد اللّٰه (عليه السّلام): امرأة تركت زوجها و إخوتها و أخواتها لُامّها، و إخوتها و أخواتها لأبيها، قال: للزوج النصف ثلاثة أسهم، و للإخوة من الامّ الثلث الذكر و الأُنثى فيه سواء، و بقي سهم فهو للإخوة و الأخوات من الأب للذكر مثل حظّ الأنثيين؛ لأنّ السهام لا تعول، و لا ينقص الزوج من النصف، و لا الإخوة من الامّ من ثلثهم؛ لأنّ اللّٰه تبارك و تعالى يقول فَإِنْ كٰانُوا أَكْثَرَ مِنْ ذٰلِكَ فَهُمْ شُرَكٰاءُ فِي الثُّلُثِ «1» و إن كانت واحدة فلها السدس، و الذي عنى اللّٰه تبارك و تعالى في قوله وَ إِنْ كٰانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلٰالَةً أَوِ امْرَأَةٌ وَ لَهُ أَخٌ أَوْ أُخْتٌ فَلِكُلِّ وٰاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ فَإِنْ كٰانُوا أَكْثَرَ مِنْ ذٰلِكَ فَهُمْ شُرَكٰاءُ فِي الثُّلُثِ «2» إنّما عنى بذلك الإخوة و الأخوات من الأُمّ خاصّة.

و قال في آخر سورة النساء يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللّٰهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلٰالَةِ إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ وَ لَهُ أُخْتٌ يعني: أُختاً لأب و أُمّ، أو أُختاً لأب فَلَهٰا نِصْفُ مٰا تَرَكَ وَ هُوَ يَرِثُهٰا إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهٰا وَلَدٌ ..

______________________________

(1) سورة النساء:

4/ 12.

(2) سورة النساء: 4/ 12.

تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة - الطلاق، المواريث، ص: 375

..........

______________________________

وَ إِنْ كٰانُوا إِخْوَةً رِجٰالًا وَ نِسٰاءً فَلِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ «1» فهم الذين يزادون و ينقصون، و كذلك أولادهم الذين يزادون و ينقصون، و لو أنّ امرأة تركت زوجها، و إخوتها لُامّها، و أُختيها لأبيها، كان للزوج النصف ثلاثة أسهم، و للإخوة من الامّ سهمان و بقي سهم فهو للأُختين للأب، و إن كانت واحدة فهو لها؛ لأنّ الأُختين لأب إذا كانتا أخوين لأب لم يزادا على ما بقي، و لو كانت واحدة، أو كان مكان الواحدة أخ لم يزد على ما بقي، و لا تزاد أُنثى من الأخوات، و لا من الولد على ما لو كان ذكراً لم يزد عليه «2».

و في رواية بكير قال: جاء رجل إلى أبي جعفر (عليه السّلام) فسأله عن امرأة تركت زوجها و إخوتها لُامّها و أُختاً لأبيها، فقال: للزوج النصف ثلاثة أسهم، و للإخوة للُامّ الثلث سهمان، و للأُخت من الأب السدس سهم، فقال له الرجل: فإنّ فرائض زيد و فرائض العامّة و القضاة على غير ذلك يا أبا جعفر يقولون: للأُخت من الأب ثلاثة أسهم، تصير من ستّة، تعول إلى ثمانية، فقال أبو جعفر (عليه السّلام): و لِمَ قالوا ذلك؟ قال: لأنّ اللّٰه تبارك و تعالى يقول وَ لَهُ أُخْتٌ فَلَهٰا نِصْفُ مٰا تَرَكَ «3» فقال أبو جعفر (عليه السّلام): فإن كانت الأُخت أخاً، فقال: فليس له إلّا السدس، فقال أبو جعفر (عليه السّلام): فما لكم نقصتم الأخ إن كنتم تحتجّون للأُخت النصف، بأنّ اللّٰه سمّى لها النصف، فإنّ اللّٰه قد سمّى للأخ الكلّ، و الكلّ أكثر من النصف، لأنّه

قال «فَلَهَا النِّصْفُ» و قال للأخ «وَ هُوَ يَرِثُهٰا» يعني: جميع مالها «إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهٰا وَلَدٌ»، فلا تعطون الذي جعل اللّٰه له الجميع في بعض فرائضكم شيئاً و تعطون الذي جعل اللّٰه له النصف تامّاً؟ فقال له الرجل: و كيف تُعطى الأُخت النصف، و لا يعطى الذكر

______________________________

(1) سورة النساء: 4/ 176.

(2) الوسائل: 26/ 154، أبواب ميراث الإخوة ب 3 ح 2.

(3) سورة النساء: 4/ 176.

تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة - الطلاق، المواريث، ص: 376

[مسألة 5: الفروض الستّة مع ملاحظة اجتماعها]

مسألة 5: الفروض الستّة مع ملاحظة اجتماعها، و الصور المتصوّرة منه ستّ و ثلاثون حاصلة من ضرب الستّة في مثلها، و إذا سقطت الصور المتكرّرة و هي خمس عشرة بقيت إحدى و عشرون صورة (1).

______________________________

لو كانت هي ذكراً شيئاً؟ قال: يقولون: في أُمّ، و زوج، و إخوه لُامّ، و أُخت لأب، فيعطون الزوج النصف، و الأُمّ السدس، و الإخوة من الامّ الثلث، و الأُخت من الأب النصف، فيجعلونها من تسعة، و هي من ستّة، فترتفع إلى تسعة، قال: كذلك يقولون، قال: فإن كانت الأُخت ذكراً أخاً لأب، قال: ليس له شي ء، فقال الرجل لأبي جعفر (عليه السّلام): فما تقول أنت جعلت فداك؟ فقال: ليس للإخوة من الأب و الأُمّ، و لا الإخوة من الامّ، و لا الإخوة من الأب شي ء مع الامّ، قال عمر بن أُذينة: و سمعته من محمد بن مسلم يرويه مثل ما ذكر بكير المعنى سواء، و لست أحفظ حروفه إلّا معناه، فذكرته لزرارة، فقال: صدق هو، و اللّٰه الحقّ «1».

و قد ظهر من الرواية ورود النقص على ذي الفرض و إن كان غيره الوارث بغيره، فتدبّر جيّداً.

(1) الفروض الستّة المتقدّمة مع ملاحظة اجتماعها

و الصور المتصوّرة منه ستّ و ثلاثون صورة حاصلة من ضرب هذا المقدار في مثلها، يعني أنّا نفرض اجتماع النصف تارةً مع الفروض الستّة و أُخرى اجتماع الثلث معها و هكذا، فيصير حاصل الضرب ما ذكرنا، و إذا سقطت المتكرّرة يعني اجتماع النصف مع الثلث مثلًا فيما لو

______________________________

(1) الوسائل: 26/ 155، أبواب ميراث الإخوة ب 3 ح 3.

تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة - الطلاق، المواريث، ص: 377

[مسألة 6: الصور المتقدّمة غير المتكرّرة]

مسألة 6: الصور المتقدّمة غير المتكرّرة منها ما يصحّ اجتماعها، و منها ما يمتنع و لو لبطلان العول، فالممتنع ثمانية و هي اجتماع النصف مع الثلثين، و الربع مع مثله، و مع الثمن، و الثمن مع مثله، و مع الثلث، و الثلثين مع مثلهما، و الثلث مع مثله، و مع السّدس، و الصحيح هو البقية، فإنّ النصف يجتمع مع مثله كزوج و أُخت واحدة لأب أو لأبوين، و مع الربع كبنت واحدة و الزوج، و مع الثمن كبنت واحدة مع الزوجة، و مع الثلث كالزوج و الأُمّ مع عدم الحاجب، و مع السدس كالزوج و واحد من كلالة الأُمّ، فالنصف يجتمع مع الفرائض الستّة إلّا واحدة منها لبطلان العول، فالاختان لو اجتمعتا مع الزوج ترثان بالقرابة لا بالفرض، و يكون النقص وارداً عليهما، و الربع يجتمع مع الثلثين كزوج و ابنتين، و مع الثلث كزوجة و المتعدّد من كلالة الأُمّ، و مع السدس كالزوجة و المتحد من كلالة الأُمّ، و الثمن يجتمع مع الثلثين كالزوجة و ابنتين، و مع السدس كزوجة و أحد الأبوين مع وجود الولد، و الثلثان يجتمع مع الثلث كأُختين

______________________________

جعلنا المعيار النصف، فهذه الصورة لا تغاير اجتماع الثلث مع النصف فيما لو

جعلنا المعيار الثلث، و هكذا بالإضافة إلى سائر الفروض، فإنّ اجتماع النصف مع الربع لا يغاير اجتماع الربع مع النصف، و بعد سقوط الصور المتكرّرة و هي خمس عشرة بقيت إحدى و عشرون صورة غير مكرّرة، أعمّ من الممكنة و غير الممكنة، و أعمّ من أن يكون عدم الإمكان لأجل العول أو غيره، كاجتماع الثلثين مع مثلها، فإنّ الامتناع لا يكون لأجل مسألة العول، حيث إنّه لا يمكن أن يكون لشي ء واحد كلا ثلثين، بل لأجل اختلاف الطبقة في موردهما، فإنّ موردهما البنتان فصاعداً و الأُختان كذلك، و لا يمكن اجتماع الأولاد مع الإخوة و الأخوات، فالامتناع لأجل اختلاف الطبقة لا لأجل مسألة العول كما هو واضح، و سيأتي

تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة - الطلاق، المواريث، ص: 378

فصاعداً لأب و إخوة من الامّ، و مع السدس كبنتين و أحد الأبوين، و السدس يجتمع مع مثله كالأبوين مع وجود الولد (1).

______________________________

في المسألة الآتية التعرّض لذلك، فالمقصود من الصور الباقية هي الصور غير المتكرّرة، أعمّ من الممكنة و غير الممكنة بالذات أو بالعرض، و هو العول فانتظر.

(1) الصور المتقدّمة غير المتكرّرة منها ما يصحّ اجتماعها و منها ما يمتنع و لو لبطلان العول، أمّا ما يصحّ فقد ذكر في المتن المثال لكلّ واحدة منها، و أمّا ما يمتنع أعمّ من أن يكون الامتناع لأجل بطلان العول أو بالذات، فهي ثمانية:

أ اجتماع النصف مع الثلثين، و قد عرفت «1» أنّ أرباب النصف ثلاثة، و الصورة المتصوّرة اجتماع الزوج مع الأُختين من قبل الأب، و هي باطلة للعول.

ب اجتماع الربع مع مثله، فإنّه فرض الزوج مع وجود الولد و الزوجة مع عدمه، و لا يمكن اجتماع

الزوجين.

ج اجتماع الربع مع الثمن، فإنّ الأوّل فرض الزوج مع وجود الولد و الثاني فرض الزوجة كذلك، و لا يمكن اجتماعهما بالإضافة إلى ميّت واحد.

د اجتماع الثمن مع الثمن، فإنّ الثمن فرض الزوجة مع الولد، و في هذا الفرض لا يتعدّد سهمها.

ه اجتماع الثمن مع الثلث، فإنّ الثمن فرض الزوجة مع الولد، و في هذا الفرض لا تصل النوبة إلى كلالة الأُمّ، و كذلك لا يكون للُامّ الثلث.

و اجتماع الثلثين مع مثلهما؛ للوجه الذي ذكرناه في المسألة المتقدّمة.

______________________________

(1) في ص 368.

تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة - الطلاق، المواريث، ص: 379

..........

______________________________

ز اجتماع الثلث مع الثلث؛ لأنّه فرض كلالة الأُمّ مع التعدّد، و في هذه الصورة لا يكون للأُمّ إلّا السدس، و لا تكون الكلالة وارثة كما مرّ «1».

ح اجتماع الثلث مع السدس؛ لما عرفت «2» من أنّ الكلالة و إن كانت تحجب الامّ عن الثلث إلى السدس إلّا أنّها لا تكون وارثة مع وجود الأبوين أو أحدهما، كما لا يخفى.

______________________________

(1) في ص 369 370.

(2) في ص 369 370.

تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة - الطلاق، المواريث، ص: 380

[تنبيه]
اشارة

تنبيه:

التعصيب و العول باطلان

[مسألة 1: الورّاث الموجودون للميّت إن كانوا ورّاثاً بالفرض]

مسألة 1: الورّاث الموجودون للميّت إن كانوا ورّاثاً بالفرض فهو على صور:

الاولى: ما إذا كانت تركة الميّت بقدر السهام المفروضة بلا زيادة و نقيصة؛ كما إذا كان الوارث أبوين و بنات متعدّدة، فالثلثان للبنات و ثلث للأبوين، لكلّ سدس.

الثانية: ما لو كانت التركة أزيد من السهام فتردّ الزيادة على أرباب الفروض، و لا تعطى لعصبة الميّت؛ و هي كلّ ذكر ينتسب إليه بلا وسط أو بواسطة الذكور، فلو كان الوارث منحصراً ببنت واحدة و أُمّ، يعطى النصف البنت فرضاً و السدس الامّ فرضاً، و يردّ الثلث الباقي عليهما أرباعاً على نسبة سهمهما، و لو انحصر ببنات متعدّدة و أُمّ يعطى الثلثان البنات فرضاً و السدس الامّ فرضاً، و السدس الباقي يردّ عليهما أخماساً على نسبة السهام، و العصبة في فيها التراب.

الثالثة: ما إذا كانت التركة أقلّ من السهام، و ذلك بدخول بنت أو بنتين فصاعداً، أو أُخت من قبل الأبوين أو الأب، أو أُختين كذلك فصاعداً في الورثة، فيرد النقص عليهنّ و لا يعول بوروده على الجميع بالنسبة. فلو كان

تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة - الطلاق، المواريث، ص: 381

الوارث بنتاً و زوجاً و أبوين يردّ فرض الزوج و الأبوين، و يرد النقص و هو نصف السدس على البنت، و لو كانت في الفرض بنات متعدّدة يرد النقص و هو الربع عليهنّ، و كذا في الأمثلة الأُخر (1).

______________________________

(1) إن كان الورّاث الموجودون وارثين بالفرض فقط، لا بالقرابة فهو على صور:

الاولى: ما إذا كانت التركة بقدر السهام المفروضة بلا زيادة و لا نقصان كالمثال المذكور في المتن فلا شبهة لفرض التساوي.

الثانية: ما إذا كانت التركة زائدة على السهام المفروضة كالمثالين المذكورين

في المتن، فإنّه قد وقع الخلاف بين المسلمين في الجملة في أنّ الزائد على الفروض يعطى لعصبة الميّت، و هي كلّ ذكر ينتسب إليه بلا واسطة أو بواسطة الذكور، أو يردّ على أصحاب الفروض بالنسبة؟

قال صاحب الجواهر (قدّس سرّه): أجمع أصحابنا و تواترت أخبارنا عن ساداتنا (عليهم السّلام) «1» بل هو من ضروريات مذهبنا أنّه لا يثبت الميراث عندنا بالتعصيب إلى أن قال حاكياً عن كشف اللّثام «2»: إنّ العصبة عندهم قسمان:

أوّلهما: عصبة بنفسه، و هو كلّ ذكر تدلى إلى الميّت بغير واسطة أو بتوسط الذكور، و هو يرث المال كلّه إن انفرد، و الباقي إن اجتمع مع ذي سهم، فلو خلّف بنتاً و ابن ابن أو أخاً أو عمّاً أو ابن عمّ كان النصف للبنت و الباقي لأحد الباقين.

ثانيهما: عصبة بغيره، و هنّ البنات و بنات الابن و الأخوات من الأبوين و من

______________________________

(1) الوسائل: 26/ 85 89، أبواب موجبات الإرث ب 8.

(2) كشف اللثام: 2/ 289.

تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة - الطلاق، المواريث، ص: 382

..........

______________________________

الأب، فإنّهنّ لا يرثن بالتعصيب إلّا بالذكور في درجتهنّ أو فيما دونهنّ، و لذا لو خلّف مثلًا بنتين و بنت ابن كان للبنتين الثلثان، و لم يكن لبنت الابن شي ء إلّا إذا كان لها أخ أو كان هناك ابن ابن مثلًا «1».

أقول: و من الروايات الواردة في هذا المجال رواية حسين الرزّاز قال: أمرت من يسأل أبا عبد اللّٰه (عليه السّلام) المال لمن هو للأقرب أو العصبة؟ فقال: المال للأقرب و العصبة في فيه التراب «2».

و الجواب ظاهر في أنّ علّة ممنوعية العصبة وجود الأقرب منهم، و في رواية زرارة، عن أبي جعفر (عليه السّلام) في قول

اللّٰه وَ أُولُوا الْأَرْحٰامِ بَعْضُهُمْ أَوْلىٰ بِبَعْضٍ فِي كِتٰابِ اللّٰهِ «3» أنّ بعضهم أولى بالميراث من بعض؛ لأنّ أقربهم إليه رحماً أولى به، ثمّ قال أبو جعفر (عليه السّلام): أيّهم أولى بالميّت و أقربهم إليه امّه أو أخوه؟ أ ليس الأُمّ أقرب إلى الميّت من إخوته و أخواته؟ «4» و منه يظهر أنّ المراد بالأولوية المذكورة في الآية هي الأولوية التعيينيّة لا الترجيحيّة المجتمعة مع جواز غيره كما لا يخفى. و على ما ذكرنا فردّ بقيّة التركة إلى أصحاب الفروض بنسبة فرضهم لا يحتاج إلى إقامة دليل مستقلّ بعد ثبوت الفرض لهم و كونهم واقعين في طبقة واحدة، و عدم ثبوت الترجيح الموجب لزيادة بعضهم على بعض في هذه الجهة، كما لا يخفى.

الثالثة: ما إذا كانت التركة أقلّ من السهام المقدّرة، و هذه هي مسألة العول التي

______________________________

(1) جواهر الكلام: 39/ 99.

(2) الوسائل: 26/ 85، أبواب موجبات الإرث ب 8 ح 1.

(3) سورة الأنفال: 8/ 75.

(4) الوسائل: 26/ 89، أبواب موجبات الإرث ب 8 ح 11.

تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة - الطلاق، المواريث، ص: 383

[مسألة 2: لا تردّ الزيادة على طوائف من أرباب الفروض]

مسألة 2: لا تردّ الزيادة على طوائف من أرباب الفروض:

منها: الزوجة مطلقاً، فتعطى فرضها و يردّ الباقي على غيرها من الطبقات حتّى الإمام (عليه السّلام).

و منها: الزوج، فيعطى فرضه و يردّ الباقي على غيره إلّا مع انحصار الوارث به و بالإمام (عليه السّلام)، فيردّ عليه النصف مضافاً إلى فرضه.

و منها: الامّ مع وجود الحاجب من الردّ كما تقدّم.

و منها: الإخوة من الامّ مطلقاً مع وجود واحد من الجدودة من قبل الأب، أو واحد من الإخوة من قبل الأبوين أو الأب كما تقدّم (1).

______________________________

قد تكلّمنا فيها سابقاً، و قلنا:

إنّ تحقّق العول ظاهراً إنّما هو لأجل وقوع الزوج أو الزوجة في الورثة، كما أنّا ذكرنا أنّ كلّ من له فرضان الأعلى و الأدنى كالزوجين فهو خارج عن دائرة النقص، و أمّا من لم يكن له إلّا فرض واحد كالبنت و الأُخت فالنقص وارد عليه «1»، و لا أرى حاجة إلى الإعادة و التكرار الموجب للإطالة بلا جدوى و لا فائدة.

(1) لا تردّ الزيادة في صورة زيادة التركة على السهام و بطلان إرث العصبة كما مرّ على طوائف من أرباب السهام و الفروض:

أ الزوجة مطلقاً، فإنّه لا تعطى إلّا فرضها، و يردّ الباقي على غيرها من الطبقات حتّى الإمام (عليه السّلام)، و قد مرّ «2».

ب الزوج، فإنّه لا يعطي إلّا فرضه، إلّا في صورة واحدة و هي انحصار الوارث

______________________________

(1) في ص 357 359.

(2) في ص 318 319 و 356 و 371.

تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة - الطلاق، المواريث، ص: 384

[مسألة 3: الذكور من الأولاد و كذا الإناث مع وجود الذكور يرثون بالقرابة]

مسألة 3: الذكور من الأولاد و كذا الإناث مع وجود الذكور يرثون بالقرابة، و كذا الأب بشرط عدم وجود الولد للميّت، و كذا الجدودة مطلقاً و الإخوة من قبل الأبوين أو الأب بشرط وجود ذكور فيهم، و كذا جميع أصناف الطبقة الثالثة من العمومة و الخؤولة و أولادهم، فهؤلاء يرثون بالقرابة لا بالفرض (1).

______________________________

به و بالإمام (عليه السّلام)، فإنّه يعطى الجميع في هذه الصورة كما تقدّم «1».

ج الامّ مع وجود الحاجب من الردّ، و قد تقدّم التفصيل و الشرائط فراجع «2».

د الإخوة من الامّ مطلقاً، سواء كان واحداً أو متعدّداً مع وجود واحد من الجدودة من قبل الأب، أو مع وجود واحد من الإخوة من قبل الأبوين أو الأب، فإنّه لا يعطي

إلّا السدس مع الوحدة و إلّا الثلث مع التعدّد، و الباقي يردّ على غيره من الجدّ من قبل الأب أو واحد من الإخوة من قبل الأبوين أو الأب، كما تقدّم «3»، و أمّا في صورة انحصار الوارث بالإخوة من الأُمّ فالتركة تعطى إليه أو إليهم، كما سيأتي «4» إن شاء اللّٰه تعالى.

(1) الذكور من الأولاد و كذا الإناث المجتمع مع الذكور كلّ هؤلاء يرثون بالقرابة؛ لأنّ الفرض للبنت الواحدة أو البنتين فصاعداً فقط، و هكذا الأب بشرط عدم وجود الولد، فإنّه ليس له حينئذٍ فرض، بخلاف الأُمّ، فإنّ لها فرضاً على تقدير وجود الولد و عدمه، و كذا الجدودة مطلقاً، و أمّا الإخوة من قبل الأبوين أو الأب

______________________________

(1) في ص 318.

(2) في ص 361 365.

(3) في ص 359 360.

(4) في ص 411.

تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة - الطلاق، المواريث، ص: 385

[مسألة 4: لو اجتمع الوارث بالفرض مع الوارث بالقرابة]

مسألة 4: لو اجتمع الوارث بالفرض مع الوارث بالقرابة، فالفرض للوارث بالفرض و الباقي للوارث بالقرابة، فلو اجتمع الأبوان مع أولاد الذكور و الإناث يُعطى فرض الأبوين و هو السدسان و الباقي للأولاد بالقرابة، و لو كان الوارث الأبوين فللأُمّ السدس مع وجود الحاجب و الثلث مع عدمه فرضاً و الباقي للأب قرابةً، و لو اجتمعت الأُخت أو الأخوات من الأبوين مع الجدودة من قبل الامّ فالفرض للأُخت و الأخوات و الباقي للجدودة بالقرابة، و هكذا غير ما ذكر (1).

______________________________

فهم أيضاً يرثون بالقرابة بشرط وجود ذكور فيهم، و إلّا ففرضه النصف أو الثلثان كما مرّ «1»، و هكذا جميع أصناف الطبقة الثالثة من العمومة و الخؤولة و أولادهم، فهم أيضاً لا فرض لهم بل يرثون بالقرابة.

(1) في صورة اجتماع الوارث بالفرض

مع الوارث بالقرابة، فاللّازم إعطاء ذي الفرض فرضه و الباقي غيره أيّ مقدار كان، ففي صورة اجتماع الأبوين مع الأولاد سواء كانوا ذكوراً فقط أو مع الإناث يُعطى الأبوان فرضهما؛ لوجود الولد و هو الثلث المركّب من السدسين، و الباقي للأولاد للذكر مثل حظّ الأنثيين بالقرابة؛ لعدم وجود الفرض للولد في هذه الصورة، و في صورة انحصار الوارث بالأبوين تعطى الامّ الثلث مع عدم الحاجب فرضاً و معه السدس، ممّا عرفت «2» من ثبوت الفرض للُامّ سواء كان الولد موجوداً أم لا، و يُعطى الأب الباقي بالقرابة؛ لعدم ثبوت الفرض له في هذه الصورة، و هكذا بقيّة الصور.

______________________________

(1) في ص 370.

(2) في ص 360 365.

تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة - الطلاق، المواريث، ص: 387

[المقصد الأوّل في ميراث الأنساب]

اشارة

المقصد الأوّل في ميراث الأنساب و هم ثلاث مراتب:

[الأولى: الأبوان بلا واسطة، و الأولاد و إن نزلوا الأقرب فالأقرب]

اشارة

الأولى: الأبوان بلا واسطة، و الأولاد و إن نزلوا الأقرب فالأقرب (1)

[مسألة 1: لو انفرد الأب فالمال له قرابةً]

مسألة 1: لو انفرد الأب فالمال له قرابةً، أو الأُمّ فلها الثلث فرضاً، و الباقي يردّ عليها، و لو اجتمعا فللأُمّ الثلث فرضاً، و الباقي للأب إن لم يكن للُامّ حاجب و إلّا فلها السدس و الباقي للأب، و لا ترث الإخوة في الفرض شيئاً

______________________________

(1) الأنساب الوارثون لهم ثلاث مراتب و طبقات:

الطبقة الأُولى: الأبوان بلا واسطة، اللّذان لهما الفرض مطلقاً إلّا الأب مع عدم وجود الولد، و لا يتعدّى عنهما إلى الأجداد و الجدّات و الأولاد، سواء كانوا بلا واسطة أو معها، غاية الأمر أنّ الأقرب منهم يمنع الأبعد بمقتضى آية وَ أُولُوا الْأَرْحٰامِ بَعْضُهُمْ أَوْلىٰ بِبَعْضٍ «1». غاية الأمر أنّه يصحّ اجتماع الأولاد و لو كانوا أبعد مع الأبوين و إن كانا بلا واسطة. و سيجي ء الطبقات الثانية و الثالثة إن شاء اللّٰه تعالى.

______________________________

(1) سورة الأنفال: 8/ 75.

تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة - الطلاق، المواريث، ص: 388

و إن حجبوا (1).

[مسألة 2: لو انفرد الابن فالمال له قرابةً]

مسألة 2: لو انفرد الابن فالمال له قرابةً و لو كان أكثر فهم سواء، و لو انفردت البنت فلها النصف فرضاً و الباقي ردّاً، و العصبة لا نصيب لها و في فيها التراب، و لو كانت بنتان فصاعداً فلهما أو لهنّ الثلثان فرضاً و الباقي ردّاً، و لو اجتمع الذكور و الإناث فالمال لهم للذكر مثل حظ الأنثيين (2).

______________________________

(1) لو كان الوارث في هذه الطبقة منحصراً بالأب، فقد عرفت أنّ الأب ليس له الفرض في هذه الصورة لعدم الولد، فهو يرث المال كلّه حينئذٍ بالقرابة، و لو كان الوارث في هذه الطبقة منحصراً بالأُمّ فقد عرفت أنّها لها الفرض سواء مع وجود الولد و مع عدمه، فلها الثلث فرضاً و الباقي ردّاً،

و لا مجال للحجب هنا؛ لأنّ الفرض عدم وجود الأب، و قد عرفت أنّ من شرائط حاجبية الإخوة وجود الأب، كما تقدّم «1».

و لو كان الوارث منحصراً بالأبوين فللأُمّ الثلث مع عدم وجود الحاجب من الإخوة، و السدس مع وجود الحاجب منهم، و الباقي للأب بالقرابة. و ليعلم أنّ الحاجبية لا تتوقّف على كونهم وارثين؛ لأنّ طبقة الإخوة مطلقاً هي الطبقة الثانية و مع ذلك فيحجبون الامّ عن الثلث إلى السدس.

نعم، يعتبر فيهم و إن لم يكونوا بالفعل وارثين شرائط متعدّدة من قبيل عدم الكفر و عدم الرقّية و انتفاء التولّد من الزنا و غيرها على ما تقدّم «2».

(2) لو كان الوارث منحصراً بالابن، فجميع المال له بالقرابة، فإن كان واحداً

______________________________

(1) في ص 361 365.

(2) في ص 361 365.

تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة - الطلاق، المواريث، ص: 389

[مسألة 3: لو اجتمع الأولاد مع أحد الأبوين]

مسألة 3: لو اجتمع الأولاد مع أحد الأبوين فإن كان الولد بنتاً واحدة يردّ عليها النصف فرضاً، و على أحد الأبوين السدس فرضاً، و الباقي يردّ عليهما أرباعاً، و لو كان بنتين فصاعداً يردّ على البنات أربعة أخماس فرضاً و ردّاً و على

______________________________

فالمال له، و إن كان متعدّداً فالمال لهم بالسويّة؛ لعدم الفرض للابن مطلقاً، و إن كان الوارث منحصراً بالبنت الواحدة التي لها فرض النصف فالمال لها نصفاً بالفرض و نصفاً ردّاً، و قد عرفت «1» أنّه لا نصيب للعصبة بوجه، بل في فيها التراب كما في بعض الروايات «2».

و لو كان منحصراً بالبنتين فصاعداً، اللتين لهما الثلثان بالفرض فجميع المال لهما فرضاً و ردّا، و لو اجتمع الذكور و الإناث فإنّه لا فرض حينئذٍ بل المال كلّه لهم بالقرابة للذكر مثل حظّ

الأنثيين.

و ينبغي الإشارة إلى نكتة، و هو أنّ التعبير في الآية الشريفة قوله تعالى فَإِنْ كُنَّ نِسٰاءً فَوْقَ اثْنَتَيْنِ فَلَهُنَّ ثُلُثٰا مٰا تَرَكَ «3» و ظاهره في بادئ النظر أنّ الثلثين فرض الزائدة على البنتين لا نفسهما للتعبير به فوق اثنتين، و لكنّ المراد هو اثنتان فما فوق، و لو أُريد التقييد بالزيادة عليهما لم يكن إلّا تأكيداً، لدلالة لفظ الجمع الذي أقلّه الثلاثة على ذلك، بل يلزم عدم تعرّض الآية لحكم الاثنتين، فالمراد إن كنّ نساء اثنتين فما فوق.

هذا، مضافاً إلى تطابق الإجماع «4» و السنّة «5» عليه كما هو ظاهر.

______________________________

(1) في ص 381 383.

(2) الوسائل: 26/ 85، أبواب موجبات الإرث ب 8 ح 1.

(3) سورة النساء: 4/ 11.

(4) الخلاف: 4/ 44 45 مسألة 46، مسالك الافهام: 13/ 86، جواهر الكلام: 29/ 93.

(5) الوسائل: 26/ 78، أبواب موجبات الإرث ب 7 ح 6.

تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة - الطلاق، المواريث، ص: 390

أحد الأبوين الخمس فرضاً و ردّاً، و لو كان ذكراً سواء كان واحداً أو متعدّداً فلأحد الأبوين السدس فرضاً و الباقي للولد (1).

[مسألة 4: لو اجتمع الأولاد مع الأبوين]

مسألة 4: لو اجتمع الأولاد مع الأبوين فإن كان الولد بنتاً واحدة و لم يكن للُامّ حاجب من الردّ فثلاثة أخماس للبنت فرضاً و ردّاً، و خمسان للأبوين بالمناصفة فرضاً و ردّاً و إن كان للُامّ حاجب من الردّ فالسدس لها و البقيّة تقسّم بين البنت و الأب أرباعاً فرضاً و ردّاً، و إن كان أُنثى متعدّدة أو ذكراً واحداً أو متعدّداً أو إناثاً و ذكراناً فالسدسان للأبوين و البقيّة للأولاد تقسّم بينهم بالسويّة مع وحدة الجنس، و للذكر ضعف الأُنثى مع الاختلاف (2).

______________________________

(1) لو اجتمع الأولاد مع

أحد الأبوين، فإن كان الولد بنتاً واحدة فلها النصف فرضاً كما أنّ لأحد الأبوين السدس كذلك، و الباقي يردّ عليهما بالنسبة أرباعاً، و إن كان بنتين فصاعداً فلهما الثلثان فرضاً و لأحد الأبوين السدس كذلك، و الباقي يردّ عليهما أخماساً بالنسبة. و لو كان ذكراً واحداً أو متعدّداً فلا فرض له حينئذٍ، بل يردّ على أحد الأبوين فرضه الذي هو السدس و الباقي على الولد بالقرابة.

(2) لو اجتمعت البنت الواحدة مع الأبوين، فإن لم يكن للُامّ حاجب من الردّ فالنصف ابتداءً للبنت و السدسان للأبوين، و يبقى سدس واحد يقسّم بينهم على نسبة سهامهم، و إن شئت فاجعل المال خمسة أخماس، ثلاثة منها للبنت فرضاً و ردّاً و خمسان للأبوين بالمناصفة فرضاً و ردّاً. و إن كان للُامّ حاجب من الإخوة مع الشرائط المتقدّمة «1» فالسدس للُامّ، و الباقي بين البنت و الأب أرباعاً فرضاً و ردّاً.

______________________________

(1) في ص 361 365.

تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة - الطلاق، المواريث، ص: 391

[مسألة 5: لو اجتمع أحد الأبوين و أحد الزوجين]

مسألة 5: لو اجتمع أحد الأبوين و أحد الزوجين فلأحد الزوجين نصيبه الأعلى و الباقي لأحد الأبوين، للأب قرابةً، و للأُمّ فرضاً و ردّاً (1).

[مسألة 6: لو اجتمع الأبوان و أحد الزوجين]

مسألة 6: لو اجتمع الأبوان و أحد الزوجين فلأحد الزوجين نصيبه الأعلى، و للأُمّ الثلث من مجموع التركة مع عدم الحاجب، و السدس معه فرضاً، و الباقي للأب قرابةً (2).

______________________________

و إن كان الولد أُنثى متعدّدة أو ذكراً واحداً أو مختلطاً من الذكور و الإناث فالسدسان للأبوين كما هو فرضهما في صورة وجود الولد و البقية للأولاد مطلقاً، غاية الأمر أنّه تقسّم بينهم بالسوية مع وحدة الجنس ذكراً أو أُنثى، و مع اختلافه فللذكر ضعف الأُنثى، و الوجه فيه واضح.

(1) لو اجتمع أحد الأبوين و أحد الزوجين فلأحد الزوجين نصيبه الأعلى و الباقي لأحد الأبوين ردّاً فقط أو فرضاً و ردّاً، و لا مجال لتوهّم الردّ على أحد الزوجين بوجه؛ لأنّه كما لا يرد النقص عليهما في مورد مسألة العول لفرض النصيبين لهما الأعلى و الأدنى، كذلك لا تردّ الزيادة عليهما بوجه، فإذا كانت هناك أُمّ مع الزوج مثلًا، فإنّه و إن كان لكلّ واحد منهما فرض و هو النصف للزوج و الثلث للُامّ مطلقاً، لعدم وجود شرائط الحاجبية في هذه الصورة؛ لعدم وجود الأب و هو من الشرائط كما تقدّم «1»، إلّا أنّه لا يردّ الزائد و هو السدس إلّا للُامّ، و ليس للزوج من الزيادة نصيب، فتدبّر جيّداً.

(2) لو اجتمع الأبوان و أحد الزوجين، فلأحد الزوجين نصيبه الأعلى لفرض

______________________________

(1) في ص 363.

تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة - الطلاق، المواريث، ص: 392

[مسألة 7: لو اجتمع الأولاد مع أحد الزوجين]

مسألة 7: لو اجتمع الأولاد مع أحد الزوجين فلأحدهما نصيبه الأدنى، و الباقي للأولاد متّحداً أو متعدّداً للذكر ضعف الأُنثى (1).

[مسألة 8: لو اجتمع أحد الأبوين و الأولاد و أحد الزوجين]

مسألة 8: لو اجتمع أحد الأبوين و الأولاد و أحد الزوجين، فلو كان الولد

______________________________

عدم الولد، و مع عدمه يكون الثابت هو النصيب الأعلى، و للأُمّ الثلث من مجموع التركة مع عدم الحاجب، و السدس مع وجود الحاجب؛ لإمكان وجوده حينئذ لفرض وجود الأب، و إن لم يكن له فرض في هذه الصورة؛ لأنّ المفروض عدم الولد، فالباقي بعد فرض أحد الزوجين و الأُمّ نصيب الأب بالقرابة و يردّ إليه ردّاً.

(1) لو اجتمع الأولاد مع أحد الزوجين فلأحد الزوجين نصيبه الأدنى من الربع أو الثمن لفرض وجود الولد، و الباقي يعطى للأولاد متّحداً أو متعدّداً ذكوراً أو إناثاً أو مختلطاً. أمّا إذا كان ذكراً فقط أو مركّباً من الذكور و الإناث، فلأجل عدم ثبوت الفرض في هذه الصورة للولد، فبعد أداء فرض صاحب الفرض إليه تعطى البقيّة للولد ردّاً، غاية الأمر أنّه مع اتحاد الجنس يقسّم بالسوية و مع عدم اتحاده «لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ». و أمّا إذا كانت بنتاً واحدة أو بنتين فصاعداً، فلأنّ الولد و إن كان في هذه الصورة ذات فرض إلّا أنّه حيث لا نصيب لأحد الزوجين من الزيادة، كما أنّه لا يرد عليه النقص في مورد مسألة العول على ما عرفت «1»، فاللّازم إعطاء البقية بعد أداء فرض أحد الزوجين إليه للأولاد. و إن كان بنتاً أو بنتين أو أزيد فيعطى الزائد على الربع أو الثمن إلى الأولاد على ما عرفت، و إن كان زائداً على فرضها أو فرضهما فصاعداً.

______________________________

(1) في ص 356.

تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة - الطلاق،

المواريث، ص: 393

بنتاً واحدة فلأحد الزوجين نصيبه الأدنى، و الباقي يقسّم بين الباقي أرباعاً: ربع لأحد الأبوين و الباقي للبنت، و لو كان بنتين فصاعداً فإن كان أحد الزوجين هي الزوجة فلها نصيبها الأدنى و الباقي يقسّم بين الباقي أخماساً، و إن كان هو الزوج فله نصيبه الأدنى و لأحد الأبوين السدس و البقيّة للبنتين فصاعداً، و إن كان ذكراً واحداً أو متعدّداً أو ذكوراً و إناثاً فلأحدهما نصيبه الأدنى، و السدس من أصل التركة لأحد الأبوين، و الباقي للباقي، و مع الاختلاف ف «لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ» (1).

______________________________

(1) لو اجتمع الأولاد مع أحد الأبوين و أحد الزوجين، فهنا صور:

الاولى: ما لو كان الولد بنتاً واحدة التي فرضها النصف، فلأحد الزوجين نصيبه الأدنى لفرض وجود الولد من الربع أو الثمن، و لأحد الأبوين فرضه الذي هو السدس، و للبنت الواحدة فرضها الذي هو النصف، و الباقي يردّ على الأخيرين. و حيث إنّ نصيب أحد الأبوين ربع نصيب البنت، فالباقي يردّ عليهما أرباعاً ربع لأحد الأبوين و الباقي للبنت، و هذا من دون فرق بين الزوج و الزوجة من هذه الجهة.

الثانية: ما لو كان الولد بنتين فصاعداً، فإن كان أحد الزوجين هي الزوجة فلها نصيبها الأدنى و هو الثمن، و الباقي بين ثلثين و سدس، و يبقى التفاوت بين الثمن و السدس يردّ عليهما بالنسبة، و للسهولة يمكن أن يقال: بأنّ الباقي من ثمن التركة يقسّم بين غير الزوجة أخماساً، و إن كان هو الزوج الذي نصيبه الأدنى هو الربع فيعطى ذلك النصيب و أحد الأبوين السدس، و يرد النقص على البنتين فصاعداً؛ لأنّه من موارد العول المتقدّم الذي قد عرفت «1» استحالته و من

يرد النقص عليه.

الثالثة: ما لو كان الولد ذكراً أو في الأولاد الذكور، و الحكم فيه أنّ سهم الولد ما

______________________________

(1) في ص 356 359.

تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة - الطلاق، المواريث، ص: 394

[مسألة 9: لو اجتمع الأبوان و الأولاد و أحد الزوجين]
اشارة

مسألة 9: لو اجتمع الأبوان و الأولاد و أحد الزوجين، فإن كان الولد بنتاً واحدة فللزوج نصيبه الأدنى و للأبوين سدسان من التركة، و الباقي للبنت، و النقص يردّ عليها، و للزوجة نصيبها الأدنى، و تقسّم البقيّة بين الباقي أخماساً إن لم يكن للُامّ حاجب عن الردّ، و إلّا فلها السدس، و الباقي يقسّم بين الأب و البنت أرباعاً، و لو كان الولد بنتين فصاعداً فلأحد الزوجين نصيبه الأدنى، و السدسان من أصل التركة للأبوين، و الباقي للبنات فيرد النقص عليهنّ، و لو كان ذكراً واحداً أو متعدّداً أو ذكوراً و إناثاً فلأحد الزوجين نصيبه الأدنى، و للأبوين سدسان من الأصل، و الباقي للأولاد «لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ» (1).

______________________________

زاد على النصيب الأدنى لأحد الزوجين، و السدس الثابت لأحد الأبوين، غاية الأمر أنّه في صورة التقسيم يقسّم بالسويّة مع عدم الاختلاف، و بالاختلاف مع ثبوته كسائر الموارد، و هو ظاهر.

(1) لو اجتمع الأبوان و الأولاد و أحد الزوجين، فهنا صور:

الاولى: ما إذا كان الولد بنتاً واحدة، فإن كان أحد الزوجين هو الزوج فله نصيبه الأدنى و هو الربع؛ لفرض وجود الولد، و للأبوين سدسان من أصل التركة، و الباقي الذي هو أقلّ من النصف للبنت التي فرضها النصف، فالنقص يرد عليها كما تقدّم، و إن كان أحد الزوجين هي الزوجة فلها نصيبها الأدنى و هو الثمن، فإن لم يكن للُامّ حاجب عن الردّ من الإخوة بالشرائط المتقدّمة «1» فلها السدس، و

الباقي يقسّم بين الأب و البنت أرباعاً.

الثانية: ما إذا كان الولد بنتين فصاعداً، فلأحد الزوجين نصيبه الأدنى من الربع

______________________________

(1) في ص 361 365.

تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة - الطلاق، المواريث، ص: 395

[و هاهنا أُمور]
اشارة

و هاهنا أُمور:

[الأوّل: أولاد الأولاد]

الأوّل: أولاد الأولاد و إن نزلوا يقومون مقام الأولاد في مقاسمة الأبوين، و حجبهم عن أعلى السهمين إلى أدناهما، و منع من عداهم من الأقارب، سواء كان والدا الميّت موجدين أم لا، و يتقدّم كلّ بطن على البطن المتأخّر (1).

______________________________

أو الثمن، و السدسان من أصل التركة للأبوين، و الباقي الذي هو أقلّ من الثلثين للبنات، فالنقص وارد عليهنّ فقط، كما تقدّم في مسألة العول «1».

الثالثة: ما إذا كان ذكراً واحداً أو متعدّداً أو ذكوراً و إناثاً، فلأحد الزوجين نصيبه الأدنى، و للأبوين السدسان من الأصل، و الباقي يردّ على الذكر أو الذكور بالسويّة، أو بالاختلاف مع الاختلاف بنحو «لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ» كسائر الموارد، فتدبّر جيّداً.

(1) المعروف بين الأصحاب أنّ أولاد الأولاد و إن نزلوا ذكوراً أو إناثاً يقومون مقام آبائهم و أُمّهاتهم في مقاسمة الأبوين، و في حجبهم من أعلى السهمين إلى أدناهما، و منع من عداهم من الأقارب من دون فرق بين ما إذا كان والدا الميّت موجودين أم لا، و قال المحقّق في الشرائع: و شرط ابن بابويه «2» في توريثهم عدم الأبوين، و هو متروك «3» لنصّ جماعة كثيرة «4» على خلافه، بل في بعض الكتب الإجماع عليه «5»،

______________________________

(1) في ص 357 359.

(2) المقنع: 490، الفقيه: 4/ 268 269.

(3) شرائع الإسلام: 4/ 24.

(4) المقنعة: 688، المبسوط: 4/ 76، النهاية: 630 631، المراسم: 228، الكافي في الفقه: 368، المهذب: 2/ 129 130، الوسيلة: 387، الغنية: 310، إصباح الشيعة: 364.

(5) الغنية: 322، التنقيح الرائع: 4/ 164.

تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة - الطلاق، المواريث، ص: 396

..........

______________________________

بل قال في الجواهر: بل يمكن تحصيل الإجماع، فالحجّة حينئذٍ على المختار ذلك و

كفى به. مع أنّ ولد الولد ولد إمّا حقيقة و إمّا مجازاً، أمّا على الأوّل فظاهر، و أمّا على الثاني فإنّه مراد هنا قطعاً؛ لإجماع الأصحاب على الاستدلال بهذه الآية «1» على اقتسام أولاد الابن نصيبهم «لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ»، و احتجاجهم على من شذّ منهم في قسمة ولد الأُنثى نصيبهم بالسوية، بل المراد بالولد في آية «2» فرض الامّ و الأب ما يعمّ ولد الولد. و إذا كان ولد الولد حاجباً للأبوين إلى السدسين، فلا يكون لهما مع وجوده جميع المال «3»، مضافاً إلى الروايات الواردة في هذا المجال، مثل:

صحيحة عبد الرحمن بن الحجّاج، عن أبي عبد اللّٰه (عليه السّلام) قال: بنات الابنة يرثن إذا لم يكن بنات كنّ مكان البنات «4».

و موثّقة إسحاق بن عمّار، عن أبي عبد اللّٰه (عليه السّلام)، قال: ابن الابن يقوم مقام أبيه «5».

و رواية اخرى لعبد الرحمن بن الحجّاج، عن أبي عبد اللّٰه (عليه السّلام) قال: ابن الابن إذا لم يكن من صلب الرجل أحد قام مقامه، قال: و ابنة البنت إذا لم يكن من صلب الرجل أحد قامت مقام البنت «6».

و ليس المراد اختصاص القيام مقام الابن بالابن، و لا اختصاص القيام مقام البنت بالابنة، بل المراد قيامهما مقامهما مطلقاً.

و رواية زرارة قال: هذا ممّا ليس فيه اختلاف عند أصحابنا عن أبي عبد اللّٰه

______________________________

(1) سورة النساء: 4/ 11.

(2) سورة النساء: 4/ 11.

(3) جواهر الكلام: 39/ 118.

(4) الوسائل: 26/ 110، أبواب ميراث الأبوين ب 7 ح 1.

(5) الوسائل: 26/ 110، أبواب ميراث الأبوين ب 7 ح 2.

(6) الوسائل: 26/ 112، أبواب ميراث الأبوين ب 7 ح 5.

تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة - الطلاق، المواريث، ص: 397

..........

______________________________

و عن أبي جعفر (عليهما السّلام)، أنّهما سُئلا عن امرأة تركت زوجها أو أُمّها و ابنتيها، قال: للزوج الربع، و للأُمّ السدس، للبنتين ما بقي؛ لأنّهما لو كانا ابنين لم يكن لهما شي ء إلّا ما بقي، و لا تزاد المرأة أبداً على نصيب الرجل لو كان مكانها، و إن ترك الميّت امّاً أو أباً و امرأة و ابنة، فإنّ الفريضة من أربعة و عشرين سهماً؛ للمرأة الثمن ثلاثة أسهم من أربعة و عشرين سهماً، و لكلّ واحد من الأبوين السدس أربعة أسهم، و للابنة النصف اثنا عشر سهماً، و بقي خمسة أسهم هي مردودة على الابنة و أحد الأبوين على قدر سهامهما، و لا يردّ على المرأة شي ء.

و إن ترك أبوين و امرأة و ابنة فهي أيضاً من أربعة و عشرين سهماً: للأبوين السدسان ثمانية أسهم لكلّ واحد منهما أربعة أسهم، و للمرأة الثمن ثلاثة أسهم، و للابنة النصف اثنا عشر سهماً، و بقي سهم واحد مردود على الأبوين و الابنة على قدر سهامهم، و لا يردّ على الزوجة شي ء، و إن تركت أباً و زوجاً و ابنة فللأب سهمان من اثني عشر سهماً و هو السدس، و للزوج الربع ثلاثة أسهم من اثني عشر سهماً، و للبنت النصف ستّة أسهم من اثني عشر، و بقي سهم واحد مردود على الابنة و الأب على قدر سهامهما، و لا يردّ على الزوج شي ء، و لا يرث أحد من خلق اللّٰه مع الولد إلّا الأبوان و الزوج و الزوجة، و إن لم يكن ولد و كان ولد الولد ذكوراً أو إناثاً فإنّهم بمنزلة الولد، و ولد البنين بمنزلة البنين، يرثون ميراث البنين، و ولد البنات بمنزلة البنات،

يرثون ميراث البنات، و يحجبون الأبوين و الزوجين عن سهامهم الأكثر، و إن سلفوا ببطنين و ثلاثة و أكثر، يرثون ما يرث ولد الصلب و يحجبون ما يحجب ولد الصلب «1».

______________________________

(1) الوسائل: 26/ 132، أبواب ميراث الأبوين ب 18 ح 3.

تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة - الطلاق، المواريث، ص: 398

[الثاني: يرث كلّ واحد منهم نصيب من يتقرّب به]

الثاني: يرث كلّ واحد منهم نصيب من يتقرّب به، فيرث ولد البنت نصيب امّه ذكراً كان أو أُنثى، و هو النصف مع انفراده أو كان مع الأبوين، و يردّ عليه و إن كان ذكراً، كما يردّ على امّه لو كانت موجودة، و يرث ولد الابن نصيب أبيه ذكراً كان أو أُنثى، فإن انفرد فله جميع المال، و لو كان معه ذو فرضية فله ما فضل عن حصص الفريضة (1).

[الثالث: لو اجتمع أولاد الابن و أولاد البنت]

الثالث: لو اجتمع أولاد الابن و أولاد البنت، فلأولاد الابن الثلثان نصيب أبيهم، و لأولاد البنت الثلث نصيب أُمّهم، و مع وجود أحد الزوجين فله نصيبه الأدنى، و الباقي للمذكورين؛ الثلثان لأولاد الابن و الثلث لأولاد البنت (2).

______________________________

(1) قد ظهر ممّا ذكرنا سيّما الرواية الأخيرة أنّ كلّ واحد من الأولاد يرث نصيب من يتقرّب به و كان يقوم مقامه، فلولد البنت مع الانفراد النصف، و مع التعدّد الثلثان كالأُمّ، و لولد الابن ما هو سهمه من الجميع في صورة الانفراد، و «لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ» مع التعدّد.

(2) قد عرفت أنّ أولاد الأولاد يقومون مقام آبائهم و أُمّهاتهم، و يرث كلّ واحد نصيب من يتقرّب به كما تقدّم في المسألة السابقة، و عليه فلو اجتمع أولاد الابن و أولاد البنت معاً فاللّازم على القول بقيامهم مقام آبائهم أن يقال بعدم وجود الفرض هنا، إلّا على تقدير وجود أحد الزوجين، فإنّه حينئذٍ يرث نصيبه المفروض الأدنى من الربع لو كان هو الزوج، أو الثمن لو كانت هي الزوجة؛ لفرض وجود الولد و إن كان مع الواسطة، و الباقي يقسّم أثلاثاً: الثلثان لأولاد الابن و الثلث لأولاد البنت، و من الواضح أنّ الثلثين و الثلث هنا إنّما بعد ردّ

فرض أحد الزوجين إليه في صورة وجوده لا من أصل التركة؛ لعدم الفرض في هذه الصورة كما عرفت.

تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة - الطلاق، المواريث، ص: 399

[الرابع: أولاد البنت كأولاد الابن لو كانوا من جنس واحد]

الرابع: أولاد البنت كأولاد الابن لو كانوا من جنس واحد يقتسمون بالسوية و مع الاختلاف للذكر مثل حظّ الأنثيين (1).

[الخامس: يحبى الولد الأكبر من تركة أبيه]
اشارة

الخامس: يحبى الولد الأكبر من تركة أبيه بثياب بدنه و خاتمه و سيفه و مصحفه (2).

[مسألة 1: تختصّ الحبوة بالأكبر من الذكور]

مسألة 1: تختصّ الحبوة بالأكبر من الذكور بأن لا يكون ذكر أكبر منه، و لو تعدّد الأكبر بأن يكونا بسنّ واحد و لا يكون ذكر أكبر منهما تقسّم الحبوة بينهما

______________________________

(1) حيث إنّ الابن و البنت في صورة الاجتماع كانا يقتسمان المال للذكر مثل حظّ الأنثيين، و في صورة الانفراد بالسوية، و عليه فأولاد البنت كأولاد الابن في صورة اجتماعهما إن كانوا من جنس واحد يقتسمون المال بالسّوية، و مع الاختلاف فللذكر مثل حظّ الأنثيين كنفس الابن و البنت.

(2) قد تقدّم «1» أنّ من موارد حجب النقصان الحبوة، و أنّه يحبى الولد الأكبر من تركة أبيه بثياب بدنه و خاتمه و سيفه و مصحفه على سبيل الوجوب كما هو المشهور «2»، و ظاهر الروايات «3» الواردة التي عبّر في بعضها باللام الملكية الاختصاصية، و مقابل المشهور القول بالاستحباب، كما أنّك عرفت «4» بطلان القول بالاختصاص مع دفع القيمة، فراجع.

______________________________

(1) في ص 352 355.

(2) السرائر: 3/ 258، مسالك الافهام: 13/ 129، رياض المسائل: 9/ 75، جواهر الكلام: 39/ 128.

(3) الوسائل: 26/ 97 100، أبواب ميراث الأبوين ب 3.

(4) في ص 354 355.

تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة - الطلاق، المواريث، ص: 400

بالسّوية و كذا لو كان أكثر من اثنين، و لو كان الذكر واحداً يحبى به و كذا لو كان معه أُنثى و إن كانت أكبر منه (1).

[مسألة 2: لا فرق في الثياب بين أن تكون مستعملة أو مخيطة للّبس و إن لم يستعملها و لا بين الواحد و المتعدّد]

مسألة 2: لا فرق في الثياب بين أن تكون مستعملة أو مخيطة للّبس و إن لم يستعملها و لا بين الواحد و المتعدّد، كما لا فرق بين الواحد و المتعدّد في المصحف و الخاتم و السيف لو كانت مستعملة أو معدّة للاستعمال (2).

______________________________

(1) لو كان الذكر واحداً تختصّ

الحبوة به، سواء كان معه أُنثى أو لم يكن، و سواء كانت الأُنثى أصغر منه أو أكبر، أو كانا بسنّ واحد، و أمّا لو كان الذكر متعدّداً، فإن كانا أو كانوا مختلفين في السنّ فلا إشكال في اختصاص الحبوة بالأكبر من حيث السنّ، و إن لم يكن هناك اختلاف في السنّ، كما إذا تولّدا من زوجتين في آن واحد، فالظاهر أنّه تقسّم الحبوة بينهما بالسّوية؛ رعايةً للاختصاص من جهة و عدم الترجيح من جهة أُخرى، خلافاً للمحكي عن ابن حمزة، فاشترط في ثبوتها للأكبر فَقْدَ آخر في سنّه و أسقطها مع وجوده، نظراً إلى تبادر الواحد من الأكبر دون المتعدّد «1»، و فيه ما لا يخفىٰ.

(2) لا فرق في الثياب بين أن تكون مستعملة أو مخيطة للّبس و إن لم يستعملها؛ لإطلاق الثياب المذكور في روايات الحبوة المتقدّمة «2»، و لا بين الواحد و المتعدّد خصوصاً مع تعدّدها في نفسها نوعاً لا أقلّ من الصيفيّة و الشتائيّة، و مع التعبير بلفظ الجمع في جملة من الروايات الواردة في هذا المجال، كما أنّه لا فرق بين الواحد

______________________________

(1) الوسيلة: 387.

(2) في ص 353 354.

تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة - الطلاق، المواريث، ص: 401

[مسألة 3: الأقوى عدم كون السلاح غير السيف و الرحل و الراحلة من الحبوة]

مسألة 3: الأقوى عدم كون السلاح غير السيف و الرحل و الراحلة من الحبوة و الاحتياط بالتصالح مطلوب جدّاً (1).

[مسألة 4: لو لم تكن الحبوة أو بعضها فيما تركه لا يعطى قيمتها]

مسألة 4: لو لم تكن الحبوة أو بعضها فيما تركه لا يعطى قيمتها (2).

______________________________

و المتعدّد في الأُمور الثلاثة الأُخر من المصحف و الخاتم و السيف، و إن كان التعبير فيها بلفظ المفرد، إلّا أنّ الظاهر أنّ المراد به الجنس الصادق على غير الواحد.

نعم، لو كان ناشئاً من العلاقة الخاصّة الخارجة عن العادة أو لأجل البيع و نحو ذلك، يمكن أن يقال بخروج الزائد عن المتعارف عن عنوان الحبوة، كما نرى أنّ بعض الناس يجمع كتباً كثيرة لأجل العلاقة بها و إن لم يكن من أهل العلم أصلًا.

(1) قد عرفت أنّ الحبوة من متفرّدات الإمامية «1» على خلاف قاعدة الإرث، الجارية بالإضافة إلى جميع الأموال التي تركها الميّت، و عليه فالأسلحة المعروفة في هذا الزمان غير السيف خارجة من الحبوة، لكن حيث إنّه عطف السلاح على السيف في بعض الروايات المتقدّمة «2» يكون الاحتياط بالتصالح مطلوباً جدّاً.

(2) الظاهر أنّ اختصاص الحبوة بالولد الأكبر الذكور إنّما هو مع وجودها في أعيان التركة، و أمّا مع عدم وجود شي ء منها أو بعضها كما لعلّه الغالب لوجود الثياب نوعاً، فلا مجال لإعطاء القيمة للولد المذكور؛ لأنّ المراد من حجب النقصان ذلك لا إعطاء القيمة، كما أنّك عرفت أنّه لا مجال لإعطاء القيمة في صورة وجود بعض أعيان الحبوة أو جميعها «3»، فالمقصود ما ذكرنا.

______________________________

(1) في ص 353 354.

(2) في ص 353 354.

(3) في ص 355.

تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة - الطلاق، المواريث، ص: 402

[مسألة 5: لا يعتبر في الحبوة أن تكون بعض التركة]

مسألة 5: لا يعتبر في الحبوة أن تكون بعض التركة، فلو كانت التركة منحصرة بها يحبى الولد الأكبر على الأقوى و الاحتياط حسن (1).

[مسألة 6: لا يعتبر بلوغ الولد، و لا كونه منفصلًا حيّاً حين موت الأب على الأقوى]

مسألة 6: لا يعتبر بلوغ الولد، و لا كونه منفصلًا حيّاً حين موت الأب على الأقوى، فتعزل الحبوة له، كما يعزل نصيبه من الإرث، فلو انفصل بعد موت الأب حيّاً يحبى، و لو كان الحمل أُنثى أو كان ذكراً و مات قبل الانفصال،

______________________________

(1) هل يعتبر في الحبوة أن تكون بعض التركة، فلو كانت التركة منحصرة بها لم يكن هناك حبوة أم لا؟ جعل في المتن أنّ الأقوى عدم الاعتبار و إن كان الاحتياط حسناً، لكن في الشرائع: أنّه لو لم يخلف سواه لم يخصّ بشي ء منه «1»، كما هو المشهور على ما عن المسالك «2»؛ لأنّه المنصرف من إطلاق أدلّة الحبوة، بل في مضمرة سماعة المتقدّمة «3» أنّ ذلك للميّت من متاع بيته، مضافاً إلى استلزام ما عداه للإجحاف بالورثة.

نعم، مقتضى الإطلاق عدم الاعتبار، و الانصراف غير ثابت، و المضمرة مثبتة على الغالب، و عليه فلا دليل على الاعتبار المذكور، و استلزام الإجحاف بسائر الورثة سار في جميع الموارد، خصوصاً إذا كانت تركته غير الحبوة قليلة جدّاً، فالأقوى كما في المتن، و إن كان لا ينبغي الخروج عن دائرة الاحتياط بالتصالح كما عرفت «4» في بعض المسائل السابقة، فتدبّر جيّداً.

______________________________

(1) شرائع الإسلام: 4/ 25.

(2) مسالك الافهام: 13/ 136.

(3) في ص 353 354.

(4) في ص 322.

تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة - الطلاق، المواريث، ص: 403

فالظاهر أنّ الحبوة لأكبر الموجودين من الذكر (1).

[مسألة 7: الأقوى عدم اشتراط كون الولد عاقلًا رشيداً]

مسألة 7: الأقوى عدم اشتراط كون الولد عاقلًا رشيداً، و في اشتراط كونه غير المخالف من سائر فرق المسلمين تأمّل، و إن لا يبعد إلزامه بمعتقده إن اعتقد عدم الحبوة (2).

______________________________

(1) أمّا عدم اعتبار بلوغ الولد فلعدم الدليل عليه، و إن كان

ربما يقال: إنّها في مقابل ما تركه الميّت من صوم و صلاة، حيث إنّ قضاءه على الولد الأكبر الذكور. و من المعلوم أنّ الصغير لا يكلّف به إلّا بعد البلوغ. هذا، و لكن المقابلة غير ثابتة خصوصاً مع أنّ الولي قد لا يكون عليه قضاء العبادات المذكورة بوجه، مضافاً إلى أنّه ربما يتحقّق منه القضاء بعد البلوغ، و عليه فمقتضى الإطلاق العدم. مضافاً إلى أنّ الحبوة نوع من الإرث يختصّ بالولد الأكبر الذكور، و لا يعتبر في الإرث البلوغ بوجه، و أمّا عدم اعتبار كونه منفصلًا حيّاً حين موت الأب و كفاية كونه حملًا؛ فلأجل ما ذكرنا من كون الحبوة إنّما هي بعنوان الإرث، ففي المثال يعزل نصيبه له حتّى ينكشف الحال، فلو انفصل بعد موت الأب حيّاً له الحبوة، و لو كان الحمل أُنثى أو كان ذكراً و مات قبل الانفصال فالحبوة لأكبر الذكور الموجودين. هذا، و لكن في محكيّ الروضة «1» أنّه يمكن الفرق بين كونه جنيناً تامّاً فتحقّق الذكورية في الواقع حين الموت و بين كونه مضغة و علقة. و يرد عليه ما عرفت من عدم الفرق في الإرث بين الحالتين، فكذا في الحبوة التي هي نوع من الإرث، فالظاهر ما أفاده في المتن.

(2) أمّا عدم اشتراط كون الولد عاقلًا رشيداً فلعدم الدليل عليه أيضاً، مضافاً

______________________________

(1) الروضة البهية: 8/ 113.

تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة - الطلاق، المواريث، ص: 404

[مسألة 8: يقدّم تجهيز الميّت و ديونه على الحبوة مع تزاحمهما]

مسألة 8: يقدّم تجهيز الميّت و ديونه على الحبوة مع تزاحمهما بأن لا تكون له إلّا الحبوة، أو نقص ما تركه غير الحبوة عن مصرف التجهيز و الدين، و مع عدم التزاحم بأن يكون ما تركه غيرها كافياً، فالأحوط للولد

الأكبر أن يعطي لهما منها بالنسبة (1).

______________________________

إلى عدم اشتراطهما في الإرث بوجه.

نعم، في اشتراط كونه غير المخالف من سائر المسلمين تأمّل، و نفي البعد عن إلزامه بمعتقده إن اعتقد عدم الحبوة، و الوجه فيه قاعدة الإلزام المعروفة، و قد تكلّمنا فيها مفصّلًا في كتابنا في القواعد الفقهية فراجع «1».

(1) يقع الكلام في هذه المسألة في مقامين:

المقام الأوّل: صورة تزاحم تجهيز الميّت و ديونه مع الحبوة، بأن لا تكون له إلّا الحبوة أو نقص ما تركه غير الحبوة عن مصرف التجهيز و الدَّين، و قد حكم في المتن بتقدّم تجهيز الميّت و ديونه على الحبوة، و لازمه سقوط الحبوة رأساً في إحدى الصورتين من هذا المقام، و هو ما إذا لم تكن له إلّا الحبوة، و قد اشترط جماعة خلوّ الميّت عن الدَّين المستغرق للتركة، نظراً إلى عدم ثبوت الإرث حينئذٍ و الحباء نوع منه، و ربما يناقش في ذلك مضافاً إلى إطلاق النصّ بأنّ الأصحّ انتقال التركة إلى الوارث، و إن لزم المحبوّ بإقامتها من الدين إن أراد فكّها، و في الحقيقة منع عدم ثبوت الإرث أصلًا حينئذٍ، و يمكن الاستدلال على أصل المطلب مضافاً إلى انصراف أدلّة ثبوت الحبوة عن هذه الصورة التي لا تكون للميّت تركة إلّا الحبوة أو مثلها-

______________________________

(1) القواعد الفقهية: 1/ 167 197.

تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة - الطلاق، المواريث، ص: 405

[مسألة 9: لو أوصى بعين من التركة]

مسألة 9: لو أوصى بعين من التركة، فإن كان ما أوصى هي الحبوة فالوصية نافذة إلّا أن تكون زائدة على الثلث، فيحتاج إلى إجازة الولد الأكبر، و ليس له شي ء من التركة في قبال الحبوة، و لو أوصى مطلقاً أو بالحبوة و غيرها، فلو كانت الوصية غير

زائدة على الثلث تنفذ، و في صورة الإطلاق يحسب من جميع التركة حتى الحبوة، و في الصورة الثانية يحسب منها و من

______________________________

دلالة بعض الروايات المتقدّمة «1» على أنّ الحبوة من متاع البيت و جزء منه فلا يشمل المقام بكلتا صورتيه.

المقام الثاني: صورة عدم التزاحم، بأن يكون ما تركه غير الحبوة كافياً للتجهيز و الديون، و قد احتاط في المتن وجوباً بأن يعطى الولد الأكبر من الحبوة لهما بالنسبة، و في الرياض «2» تبعاً للشهيد في الروضة: أنّ الموافق للأُصول الشرعية البطلان في مقابلة ذلك كلّه إن لم يفكّ المحبوّ بما يخصّه؛ لأنّ الحبوة نوع من الإرث و اختصاص فيه، و الدَّين و الوصية و الكفن و نحوها تخرج من جميع التركة، و نسبة الورثة إليه على السواء «3». و لكن ذكر في الجواهر: إنّما المتّجه خروج الجميع من غير أعيان الحبوة ترجيحاً لإطلاق أدلّتها، و لأنّ تنفيذها من غيرها مشترك أيضاً بين المحبوّ و غيره من الورثة، بخلاف تنفيذها منها فإنّ الضرر خاصّ بالمحبوّ، أمّا الدَّين المستغرق فالظاهر تقديمه على الحبوة ترجيحاً لإطلاق أدلّته عليها «1». و كيف كان فمقتضى الاحتياط ما أفاده في المتن، فتأمّل.

______________________________

(1) في ص 353 354.

(2) رياض المسائل: 9/ 79.

(3) الروضة البهية: 8/ 117 118.

(1) جواهر الكلام: 39/ 135.

تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة - الطلاق، المواريث، ص: 406

غيرها حسب الوصية، و لو زادت على الثلث تحتاج في الحبوة إلى إذن صاحبها، و في غيرها إلى إذن جميع الورثة، و لو أوصى بمقدار معلوم كألف أو كسر مشاع فكذلك (1).

[السادس: لا يرث الجدّ و لا الجدّة لأب أو لُامّ مع أحد الأبوين]

السادس: لا يرث الجدّ و لا الجدّة لأب أو لُامّ مع أحد الأبوين، لكن يستحب أن يطعم كلّ من الأبوين

أبويه سدس أصل التركة لو زاد نصيبه من السدس، فلو خلف أبويه و جدّاً و جدّة لأب أو لُامّ يستحب للأُمّ أن تطعم أباها

______________________________

(1) حيث إنّك عرفت أنّ الحباء نوع من الإرث، غاية الأمر الاختصاص بوارث معيّن إذا كان موجوداً في سائر الورثة؛ و لذا يكون المانع عن الإرث مانعاً عن الحبوة أيضاً، مثل ما إذا فرض أنّ الولد الأكبر قتل أباه المورّث و هكذا، فإنّه لا يرث الحبوة أيضاً بوجه، و حينئذٍ فإن كانت هناك وصية بعين من أعيان الحبوة فلا إشكال في نفوذ الوصية، إلّا أن تكون زائدة على الثلث أي ثلث الحبوة فيحتاج إلى إجازة المحبوّ، و ليس له شي ء من التركة في قبال مورد الوصية شي ء أصلًا، و لو كانت الوصية بنحو الإطلاق، و تحسب من جميع التركة الشامل للحبوة.

و حينئذٍ فإن لم تكن زائدة على ثلث الجميع تنفذ و لا تحتاج إلى الإجازة، و لو كانت الوصية بالحبوة و غيرها تحسب الوصية من الحبوة و غيرها، فإن لم تزد على الثلث و إلّا فتحتاج في الحبوة إلى إذن صاحبها، و في غيرها إلى إذن جميع الورثة حتّى المحبوّ؛ لاشتراكه مع الغير في غيرها، و لو كانت الوصية بمقدار معلوم كألف مثلًا أو كسر مشاع ففي المتن «فكذلك» أي تحتاج صحّة الوصية في صورة الزيادة على الثلث إلى إذن الجميع، غاية الأمر أنّها تخرج من الحبوة و غيرها بالسويّة من دون اختصاص بما عدا الحبوة، كما لا يخفى.

تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة - الطلاق، المواريث، ص: 407

و أُمّها السدس بالسّوية و هو نصف نصيبها، و للأب أن يطعم أباه و أُمّه سدس أصل التركة، و هو ربع نصيبه، و

لو كان الموجود واحداً منهما كان السدس له (1).

______________________________

(1) لا يرث الجدّ و الجدّة لأب أو لُامّ مع وجود الأبوين أو أحدهما؛ لأنّهما في المرتبة الثانية و الأولاد و الأبوين في المرتبة الأُولى، لكن مع ذلك يستحبّ أن يطعم كلّ من الأبوين أبويه سدس أصل التركة لو زاد نصيبه من السدس، و يدلّ عليها روايات:

منها: صحيحة جميل بن درّاج، عن أبي عبد اللّٰه (عليه السّلام): أنّ رسول اللّٰه (صلّى اللّٰه عليه و آله) أطعم الجدّة أُمّ الأُمّ السدس و ابنتها حيّة «1».

و منها: موثّقة زرارة، عن أبي جعفر (عليه السّلام): أنّ رسول اللّٰه (صلّى اللّٰه عليه و آله) أطعم الجدّة السدس، و لم يفرض لها شيئاً «2».

و مثلها: ما عن زرارة قال: سمعت أبا عبد اللّٰه (عليه السّلام)، يقول: إنّ نبيّ اللّٰه (صلّى اللّٰه عليه و آله) أطعم الجدّ السدس طعمة «3».

و رواية إسحاق بن عمّار، عن أبي عبد اللّٰه (عليه السّلام) في حديث، قال: إنّ اللّٰه فرض الفرائض فلم يقسّم للجدّ شيئاً، و إنّ رسول اللّٰه (صلّى اللّٰه عليه و آله) أطعمه السدس، فأجاز اللّٰه له ذلك «4».

و رواية عبد الرحمن بن أبي عبد اللّٰه قال: دخلت على أبي عبد اللّٰه (عليه السّلام) و عنده أبان ابن تغلب، فقلت: أصلحك اللّٰه، إنّ ابنتي هلكت و أُمّي حيّة، فقال أبان: لا ليس

______________________________

(1) الوسائل: 26/ 136، أبواب ميراث الأبوين ب 20 ح 1.

(2) الوسائل: 26/ 137، أبواب ميراث الأبوين ب 20 ح 3.

(3) الوسائل: 26/ 137، أبواب ميراث الأبوين ب 20 ح 4.

(4) الوسائل: 26/ 137، أبواب ميراث الأبوين ب 20 ح 5.

تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة - الطلاق، المواريث، ص: 408

..........

______________________________

لأُمّك شي ء،

فقال أبو عبد اللّٰه (عليه السّلام): سبحان اللّٰه أعطها السدس «1».

و غير ذلك من الروايات الواردة، التي يراد بها الاستحباب قطعاً؛ لما عرفت من وقوع الأجداد في المرتبة التالية للأبوين، و أنّها لا ترث مع وجود الأبوين أو أحدهما، و يؤيّده التعبير بالإطعام و الطعمة و نظائرهما، كما لا يخفى.

ثمّ إنّه يستفاد من التعبير بالإطعام اعتبار زيادة نصيب الأبوين أو أحدهما على السدس في استحباب الإطعام، فلو حصل لأحدهما السدس من غير زيادة، و حصل للآخر الزيادة، استحبّ له الإطعام دون صاحب السدس، فلو كانت الأُمّ محجوبة عمّا زاد على السدس لا يستحبّ لها ذلك بل يستحبّ للأب فقط، كما أنّه لو خلّفت أبوين و زوجاً استحبّ للُامّ دون الأب؛ لعدم زيادة سهم الأب على السدس حينئذٍ. و في الشرائع: و لا يطعم الجدّ للأب و لا الجدّة له إلّا مع وجوده، و لا الجدّ للُامّ و لا الجدّة لها إلّا مع وجودها «2»، و السرّ فيه مضافاً إلى أنّهما مخاطبان بالاستحباب دلالة رواية جميل المتقدّمة على ذلك، و كذا مرفوعة علي بن الحسن ابن رباط، عن أبي عبد اللّٰه (عليه السّلام) قال: الجدّة لها السدس مع ابنها و مع ابنتها «3».

لكن في رواية سعد بن أبي خلف قال: سألت أبا الحسن موسى (عليه السّلام) عن بنات بنت و جدّ؟ قال: للجدّ السدس و الباقي لبنات البنت «4». و ذكر صاحب الوسائل بعد نقل الرواية نقل الشيخ عن ابن فضّال: أنّ هذا الخبر ممّا قد أجمعت الطائفة على العمل بخلافه «5».

______________________________

(1) الوسائل: 26/ 138، أبواب ميراث الأبوين ب 20 ح 6.

(2) شرائع الإسلام: 4/ 26.

(3) الوسائل: 26/ 140، أبواب ميراث الأبوين ب 20 ح 11.

(4)

الوسائل: 26/ 141، أبواب ميراث الأبوين ب 20 ح 15.

(5) تهذيب الأحكام: 10/ 314 ذح 1128، الإستبصار: 4/ 164 ذح 622.

تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة - الطلاق، المواريث، ص: 409

[المرتبة الثانية: الإخوة و أولادهم المسمّون بالكلالة و الأجداد مطلقاً]

اشارة

المرتبة الثانية: الإخوة و أولادهم المسمّون بالكلالة و الأجداد مطلقاً، و لا يرث واحد منهم مع وجود واحد من الطبقة السابقة (1).

[مسألة 1: لو انفرد الأخ لأب و أُمّ فالمال له قرابةً]

مسألة 1: لو انفرد الأخ لأب و أُمّ فالمال له قرابةً، و لو كان معه أخ أو إخوة كذلك فهو بينهم بالسّوية، و لو كان معهم إناث أو أُنثى كذلك فللذكر مثل حظّ الأنثيين (2).

[مسألة 2: لو انفردت الأُخت لأب و أُمّ، كان لها النصف فرضاً، و الباقي يردّ عليها قرابةً]

مسألة 2: لو انفردت الأُخت لأب و أُمّ، كان لها النصف فرضاً، و الباقي يردّ عليها قرابةً، و لو تعدّدت كان لها الثلثان فرضاً، و الباقي يردّ عليها قرابةً (3).

______________________________

(1) لا إشكال في أنّ المرتبة الثانية من مراتب الميراث بالأنساب هم الإخوة المسمّون بالكلالة و الأجداد، و لا يرث واحد من هذه المرتبة مع وجود واحد من المرتبة السابقة، و قد عرفت أنّ إطعام الجدّ و الجدّة إنّما هو على سبيل الاستحباب لا على نحو الإرث.

(2) لو انفرد الأخ للأبوين فلا فرض له أصلًا، بل يردّ جميع المال إليه بالقرابة، و لو كان معه أخ آخر أو إخوة كذلك فالمال بينهما أو بينهم بالسّوية، نعم لو كان معه أُنثى أو إناث لذلك فالمال و إن كان للجميع إلّا أنّ للذكر ضعف الأُنثى.

(3) لو انفردت الأُخت لأب و أُمّ كان لها النصف فرضاً و الباقي ردّاً، و لو تعدّدت كان لها الثلثان فرضاً و الباقي ردّاً، قال اللّٰه تعالى إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ وَ لَهُ أُخْتٌ فَلَهٰا نِصْفُ مٰا تَرَكَ وَ هُوَ يَرِثُهٰا إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهٰا وَلَدٌ فَإِنْ كٰانَتَا اثْنَتَيْنِ فَلَهُمَا الثُّلُثٰانِ مِمّٰا تَرَكَ «1» ففي صورة الانحصار يورث الفرض فرضاً و الباقي قرابةً.

______________________________

(1) سورة النساء: 4/ 176.

تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة - الطلاق، المواريث، ص: 410

[مسألة 3: يقوم كلالة الأب مقام كلالة الأب و الأُمّ مع عدمهم]

مسألة 3: يقوم كلالة الأب مقام كلالة الأب و الأُمّ مع عدمهم، فيكون حكمهم في الانفراد و الاجتماع حكم كلالتهما، فلو انفرد الأخ فالمال له، و لو تعدّد فهو لهم بالسّوية، و لو كان فيهم أُنثى فللذكر ضعفها، و لو انفردت الأُخت، كان لها النصف فرضاً و الباقي ردّاً، و لو تعدّدت فلهما أو

لهنّ الثلثان فرضاً و الباقي ردّاً (1).

[مسألة 4: لا يرث أخ و أُخت لأب مع أحد من الإخوة]

مسألة 4: لا يرث أخ و أُخت لأب مع أحد من الإخوة للأب و الأُمّ (2).

[مسألة 5: لو انفرد الواحد من ولد الأُمّ خاصّة عمّن يرث معه]

مسألة 5: لو انفرد الواحد من ولد الأُمّ خاصّة عمّن يرث معه، كان له السدس فرضاً و الباقي ردّاً قرابةً ذكراً كان أو أُنثى، و لو تعدّد الولد اثنين

______________________________

(1) يقوم كلالة الأب مقام كلالة الأب و الأُمّ، فيكون إرث الطائفة الأُولى متأخّراً عن إرث الطائفة الثانية، لكن يكون حكمهم في الانفراد و الاجتماع حكم كلالة الأبوين من حيث الوحدة و التعدّد، و من حيث الذكر و الأُنثى، و من حيث الفرض و الردّ، و الدليل على تأخّر كلالة الأب عن كلالة الأبوين و عدم إرث الاولى مع الثانية مضافاً إلى أنّه لا إشكال فيه و لا خلاف رواية بريد الكناسي، عن أبي عبد اللّٰه (عليه السّلام) قال: ابنك أولى بك من ابن ابنك، و ابن ابنك أولى بك من أخيك، و أخوك لأبيك و أُمّك أولى بك من أخيك لأبيك، قال: و ابن أخيك لأبيك و أُمّك أولى بك من ابن أخيك لأبيك، قال: و ابن أخيك من أبيك أولى بك من عمّك، الحديث «1».

(2) تقدّم الوجه في ذلك.

______________________________

(1) الوسائل: 26/ 182، أبواب ميراث الإخوة ب 13 ح 1.

تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة - الطلاق، المواريث، ص: 411

فصاعداً، فلهما أوّلهم الثلث فرضاً و الباقي قرابةً، و يقسّم بينهم بالسويّة و إن اختلف الجنسان (1).

[مسألة 6: لو كان الإخوة متفرّقين، فبعضهم للُامّ و بعضهم للأب و الأُمّ]

مسألة 6: لو كان الإخوة متفرّقين، فبعضهم للُامّ و بعضهم للأب و الأُمّ، كان لمن يتقرّب بالأُمّ السدس فرضاً مع وحدته، و الثلث كذلك مع التعدّد، يقسّم بالسّوية و لو مع الاختلاف، و لمن يتقرّب بالأب و الأُمّ البقيّة خمسة أسداس أو الثلثان يقسّم بينهم، و مع الاختلاف للذكر ضعف الأُنثى (2).

______________________________

(1) لو انفرد الواحد من كلالة الأُمّ و

لم يكن وارث غيره يرث جميع المال السدس فرضاً و الباقي ردّاً، من دون فرق بين المذكّر و المؤنّث، و لو كان متعدّداً اثنين فصاعداً و لم يكن هناك وارث آخر فهما أو هم يرثون جميع المال الثلث فرضاً و الباقي ردّاً، من دون فرق بين صورة اختلاف الجنس و وحدته، و المال يقسّم بينهما أو بينهم بالسويّة مطلقاً، قال اللّٰه تعالى وَ إِنْ كٰانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلٰالَةً أَوِ امْرَأَةٌ وَ لَهُ أَخٌ أَوْ أُخْتٌ فَلِكُلِّ وٰاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ «1». و قال فَإِنْ كٰانُوا أَكْثَرَ مِنْ ذٰلِكَ فَهُمْ شُرَكٰاءُ فِي الثُّلُثِ «2» و الظاهر من إطلاق الشركة الشركة بالتساوي.

(2) لو اجتمع كلالة الأُمّ التي لها فرض واحداً أو متعدّداً مع كلالة الأبوين، التي ليس لها فرض إلّا في الأُخت و الأُختين فصاعداً على ما عرفت «3»، فلكلالة الامّ نصيبه المفروض من السدس في صورة الوحدة و الثلث مع التعدّد، و يقسّم بينهم بالسوية و لو مع الاختلاف، و البقية لكلالة الأب و الأُمّ مع الوحدة بأجمعها، و مع

______________________________

(1) و 2) سورة النساء: 4/ 12.

(2) و 2) سورة النساء: 4/ 12.

(3) في ص 368 370.

تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة - الطلاق، المواريث، ص: 412

..........

______________________________

التعدّد و الاختلاف للذكر ضعف الأُنثى، و في: رواية بكير بن أعين قال:

قلت لأبي عبد اللّٰه (عليه السّلام): امرأة تركت زوجها و إخوتها و أخواتها لُامّها، و إخوتها و أخواتها لأبيها، قال: للزوج النصف ثلاثة أسهم، و للإخوة من الامّ الثلث الذكر و الأُنثى فيه سواء، و بقي سهم فهو للإخوة و الأخوات من الأب للذكر مثل حظ الأنثيين؛ لأنّ السهام لا تعول، و لا ينقص الزوج من النصف، و

لا الإخوة من الامّ من ثلثهم؛ لأنّ اللّٰه تبارك و تعالى يقول فَإِنْ كٰانُوا أَكْثَرَ مِنْ ذٰلِكَ فَهُمْ شُرَكٰاءُ فِي الثُّلُثِ «4» و إن كانت واحدة فلها السدس، و الذي عنى اللّٰه تبارك و تعالى في قوله وَ إِنْ كٰانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلٰالَةً أَوِ امْرَأَةٌ وَ لَهُ أَخٌ أَوْ أُخْتٌ فَلِكُلِّ وٰاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ فَإِنْ كٰانُوا أَكْثَرَ مِنْ ذٰلِكَ فَهُمْ شُرَكٰاءُ فِي الثُّلُثِ «1» إنّما عنى بذلك الإخوة و الأخوات من الأُمّ خاصّة، و قال في آخر سورة النساء يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللّٰهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلٰالَةِ إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ وَ لَهُ أُخْتٌ يعني: أختاً لأب و أُمّ، أو أُختاً لأب فَلَهٰا نِصْفُ مٰا تَرَكَ وَ هُوَ يَرِثُهٰا إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهٰا وَلَدٌ .. وَ إِنْ كٰانُوا إِخْوَةً رِجٰالًا وَ نِسٰاءً فَلِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ «2» فهم الذين يزادون و ينقصون، و كذلك أولادهم هم الذين يزادون و ينقصون. و لو أنّ امرأة تركت زوجها، و إخوتها لُامّها، و أُختيها لأبيها، كان للزوج النصف ثلاثة أسهم، و للإخوة من الامّ سهمان، و بقي سهم فهو للأُختين للأب، و إن كانت واحدة فهو لها؛ لأنّ الأُختين لأب إذا كانتا أخوين لأب لم يزادا على ما بقي، و لو كانت واحدة أو كان مكان الواحدة أخ لم يزد على ما بقي، و لا تزاد أُنثى من

______________________________

(4) و 2) النساء: 4/ 12.

(1) سورة النساء: 4/ 12.

(2) سورة النساء: 4/ 176.

تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة - الطلاق، المواريث، ص: 413

[مسألة 7: مع فقد الإخوة من الأب و الأُمّ و اجتماع الإخوة من الأب مع الإخوة من الامّ]

مسألة 7: مع فقد الإخوة من الأب و الأُمّ و اجتماع الإخوة من الأب مع الإخوة من الامّ كان الحكم كما ذكر في المسألة السابقة،

فيقومون مقامهم (1).

[مسألة 8: لو انفرد الجدّ فالمال له لأب كان أو لُامّ أو لهما]

مسألة 8: لو انفرد الجدّ فالمال له لأب كان أو لُامّ أو لهما، و لو انفردت الجدّة فكذلك (2).

______________________________

الأخوات، و لا من الولد على ما لو كان ذكراً لم يزد عليه «1».

و هذه الرواية بطولها تشتمل على أمرين مهمّين:

أحدهما: بيان المراد من الآيتين الواردتين في الكلالة، و أنّ إحداهما واردة في كلالة الأُمّ، و الأُخرى الواقعة في آخر سورة النساء واردة في كلالة الأبوين أو الأب.

ثانيهما: عدم ورود النقص في مسألة العول لا على الزوجين، و لا على كلالة الأُمّ واحداً كان أو متعدّداً، بل على كلالة الأب و إن كانت أُختاً أو أُختين فصاعداً مع وجود الفرض لها أو لهما، معلّلًا للأخير بأنّه لو كان ابناً لم يزد على ما بقي شي ء، و أمّا تقدّم المتقرّب بالأبوين على المتقرّب بالأب و إن كانت كلالة الأُمّ تجتمع مع كلّ واحد منهما فلا دلالة لهذه الرواية عليه.

(1) في صورة اجتماع الكلالة من الامّ مع الكلالة من الأب فقط و فقد كلالة الأب و الأُمّ مطلقاً يكون الحكم كما ذكر في المسألة السابقة؛ لقيامهم مقامهم مع عدمهم كما عرفت.

(2) إذا انحصر الوارث بالجدّ أو الجدّة، فالمال كلّه له بالقرابة، سواء كان لأب أو

______________________________

(1) الوسائل: 26/ 154، أبواب ميراث الإخوة ب 3 ح 2.

تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة - الطلاق، المواريث، ص: 414

[مسألة 9: لو اجتمع الجدّ أو الجدّة أو هما لُامّ مع جدّ أو جدّة أو هما لأب]

مسألة 9: لو اجتمع الجدّ أو الجدّة أو هما لُامّ مع جدّ أو جدّة أو هما لأب فللمتقرّب منهم بالأُمّ الثلث بالسوية، و للمتقرّب بالأب الثلثان للذكر مثل حظّ الأنثيين (1).

______________________________

لأُمّ أو لهما من دون إشكال في ذلك، و مشاركة الإمام (عليه السّلام) مع الزوجة كما عرفت «1» لا تلازم المشاركة مع

الجدّة المنحصرة كما هو ظاهر، ففي الصورة المفروضة في المسألة يكون الوارث المنحصر مالكاً لجميع الأموال التي تركها الميّت.

(1) لو اجتمع الجدّ أو الجدّة أو هما لُامّ مع جدّ أو جدّة أو هما لأب، فللطائفة الاولى الثلث بالسّوية، و للطائفة الثانية الثلثان بالاختلاف، و هذا هو المشهور «2» بين الأصحاب، و ربما يشعر بعض العبارات بالإجماع «3» عليه، لكن المحكي عن العماني: إنّ لأُمّ الأُمّ السدس، و لأُمّ الأب النصف، و الباقي يردّ عليهما بحسب ذلك تنزيلًا لهما منزلة الأُختين «4». و عن الصدوق: أنّ لأبي الأُمّ السدس و لأبي الأب الباقي تنزيلًا لهما منزلة الأخوين «5»، و عن التقي «6» و ابن زهرة «7» و بعض آخر «8»: أنّ للمتّحد من قبل الامّ السدس ذكراً كان أو أُنثى، و للمتعدّد الثلث نحو كلالة الأُمّ.

______________________________

(1) في ص 318 319 و 356 و 371 و 383.

(2) الروضة البهية: 8/ 127، مسالك الأفهام: 13/ 142، رياض المسائل: 9/ 102 103، جواهر الكلام: 39/ 153.

(3) الخلاف: 4/ 58 مسألة 73، مسالك الافهام: 13/ 142، رياض المسائل: 9/ 102 103.

(4) حكىٰ عنه في مختلف الشيعة: 9/ 43.

(5) نسبه إليه في مختلف الشيعة: 9/ 43، لكن لا يقول به في المقنع: 499، و الهداية: 334.

(6) الكافي في الفقه: 371 325.

(7) الغنية: 324 325.

(8) إصباح الشيعة: 367.

تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة - الطلاق، المواريث، ص: 415

[مسألة 10: لو اجتمع جدّ و جدّة أو أحدهما من قبل الامّ مع الإخوة]

مسألة 10: لو اجتمع جدّ و جدّة أو أحدهما من قبل الامّ مع الإخوة من

______________________________

و عمدة الدليل على المشهور بعض الروايات الواردة في هذا المجال، و هي:

موثّقة محمّد بن مسلم، عن الباقر (عليه السّلام) قال: قال أبو جعفر (عليه السّلام): إذا لم يترك

الميّت إلّا جدّه أبا أبيه، و جدّته أُمّ امّه، فإنّ للجدّة الثلث، و للجدّ الباقي، قال: و إذا ترك جدّه من قبل أبيه، و جدّ أبيه، و جدّته من قبل امّه، و جدّة امّه، كان للجدّة من قبل الامّ الثلث، و سقط جدّة لأُمّ، و الباقي للجدّ من قبل الأب، و سقط جدّ الأب «1».

و قال صاحب الجواهر: لم نعرف لمخالفي المشهور مستنداً سوى خبر زرارة، قال: أقرأني أبو جعفر (عليه السّلام) صحيفة الفرائض، فإذا فيها: لا ينقص الجدّ عن السدس شيئاً، و رأيت سهم الجدّ فيها مثبتاً «2». و ما دلّ على تنزيل الجدّ منزلة الأخ و الجدّة منزلة الأُخت «3».

و الخبر مع ضعفه و احتماله الطعمة، و موافقته للعامّة بإطلاق السدس للجدّ قاصر عن معارضة ما عرفت من وجوه، و التنزيل المزبور إنّما هو في حال اجتماع الجدّ و الجدّة مع الأخ أو الأُخت أو الإخوة و الأخوات لا مطلقاً «4».

أقول: مضافاً إلى مخالفة الخبر للشهرة الفتوائية، و هي أوّل المرجّحات على ما ذكرنا في محلّه، لا دلالة للتنزيل المزبور على أنّ الجدّ أخ مطلقاً و الجدّة أُخت كذلك، كما لا يخفى على من لاحظها، و سيجي ء إن شاء اللّٰه تعالى.

______________________________

(1) الوسائل: 26/ 176، أبواب ميراث الإخوة ب 9 ح 2.

(2) الوسائل: 26/ 178، أبواب ميراث الإخوة ب 9 ح 7.

(3) الوسائل: 164 170، أبواب ميراث الإخوة ب 6.

(4) جواهر الكلام: 39/ 153.

تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة - الطلاق، المواريث، ص: 416

قبلها، كان الجدّ كالأخ منها و الجدّة كالأُخت منها، و يقسّم بينهم بالسويّة مطلقاً (1).

[مسألة 11: لو اجتمع جدّ و جدّة أو أحدهما من قبل الأب و الأُمّ أو الأب مع الإخوة من قبله]

مسألة 11: لو اجتمع جدّ و جدّة أو أحدهما من قبل الأب و الأُمّ أو

الأب مع الإخوة من قبله، فالجدّ بمنزلة الأخ من قبله و الجدّة بمنزلة الأُخت من قبله، فللذكر مثل حظّ الأنثيين (2).

______________________________

(1) و قد نفي وجدان الخلاف فيه «1»، بل عن الشهيدين نسبته إلى الأصحاب «2» مشعراً بالإجماع عليه، و يدلّ عليه روايات مطلقة دالّة على أنّ الجدّ شريك الإخوة مثل:

رواية حمّاد أو غيره، عن أبي عبد اللّٰه (عليه السّلام) قال: إنّ الجدّ شريك الإخوة، و حظّه مثل حظّ أحدهم ما بلغوا، كثروا أو قلّوا «3».

________________________________________

لنكرانى، محمد فاضل موحدى، تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة - الطلاق، المواريث، در يك جلد، مركز فقهى ائمه اطهار عليهم السلام، قم - ايران، اول، 1421 ه ق

تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة - الطلاق، المواريث؛ ص: 416

و رواية إسماعيل الجعفي قال: سمعت أبا جعفر (عليه السّلام)، يقول: الجدّ يقاسم الإخوة و لو كانوا مائة ألف «4».

(2) لو اجتمع جدّ و جدّة أو أحدهما من قبل الأب و الأُمّ أو الأب مع الإخوة من قبل الأب، فالجدّ بمنزلة الأخ من قبله، و الجدّة بمنزلة الأُخت من قبله، فللذكر مثل حظّ الأنثيين، و يدلّ عليه روايات، مثل:

رواية عبد اللّٰه بن سنان، عن أبي عبد اللّٰه (عليه السّلام) قال: سألته عن رجل ترك إخوة

______________________________

(1) جواهر الكلام: 39/ 155.

(2) مسالك الافهام: 13/ 143، غاية المراد في شرح نكت الإرشاد: 3/ 565.

(3) الوسائل: 26/ 164، أبواب ميراث الإخوة ب 6 ح 5.

(4) الوسائل: 26/ 165، أبواب ميراث الإخوة ب 6 ح 6.

تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة - الطلاق، المواريث، ص: 417

[مسألة 12: لو اجتمع الإخوة من قبل الأب و الأُمّ أو من قبل الأب مع الجدّ أو الجدّة أو هما من قبل الامّ]

مسألة 12: لو اجتمع الإخوة من قبل الأب و الأُمّ أو من قبل الأب مع الجدّ أو الجدّة أو

هما من قبل الامّ، فالثلث من التركة للجدّ، و مع التعدّد يقسّم بالسويّة مطلقاً، و الثلثان للإخوة، و مع التعدّد و الاختلاف للذكر ضعف الأُنثى.

نعم لو كانت أُخت واحدة مع الجدودة من الامّ، فالنصف للأُخت فرضاً و الثلث للجدودة، و في السدس إشكال من حيث إنّه هل يردّ على الأُخت أو عليها و على الجدودة؟ فلا يترك الاحتياط، و إن كان الأرجح أنّ للأُخت الثلثين و للجدودة الثلث كسائر الفروض (1).

______________________________

و أخوات لأب و أُمّ، و جدّاً، قال: الجدّ كواحدٍ من الإخوة، المال بينهم للذكر مثل حظّ الأنثيين «1».

(1) لو اجتمع الإخوة من قبل الأب و الأُمّ، أو من قبل الأب فقط مع الجدّ أو الجدّة أو هما من قبل الامّ، فالثلث من التركة للجدّ، و مع التعدّد يقسّم بالسويّة مطلقاً، و الثلثان للإخوة، و مع التعدّد و الاختلاف للذكر ضعف الأُنثى؛ لعموم ما دلّ «2» على إرث كلّ قريب نصيب من يتقرّب به. و من المعلوم أنّ نصيب الامّ الثلث و نصيب الأب الثلثان، فيرث قريب كلّ منهما نصيبه، و لا يشكل ذلك بالإخوة و الأخوات الخارجين بالدليل، الذي ينصّ على حكمهم بالخصوص، كما لا يشكل بأنّ نصيب الامّ السدس أيضاً، ضرورة أنّ الآية «3» ناظرة إلى أنّ نصيبها الأصلي الثلث مع عدم الولد كما هو المفروض عليه، فالثلث يقسّم بين الأجداد المذكورين

______________________________

(1) الوسائل: 26/ 164، أبواب ميراث الإخوة ب 6 ح 2.

(2) الوسائل: 26/ 68 69، أبواب موجبات الإرث ب 2.

(3) سورة النساء: 4/ 11.

تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة - الطلاق، المواريث، ص: 418

..........

______________________________

بالسويّة، و الثلثان بين الإخوة المذكورين بالاختلاف.

نعم، يبقى هنا شي ء و هو أنّه لو كانت أُخت واحدة

التي لها فرض النصف فيما كانت لأب و أُمّ أو لأب فقط، فإذا أُعطيت النصف و هو ثلاثة أسهم من ستّة، و المفروض أنّ الجدودة المذكورة لها الثلث سهمان من الستّة فيبقى السدس الواحد، و استشكل فيه في المتن من حيث إنّ السدس الباقي الزائد هل يردّ على الأُخت فقط أو عليها و على الجدودة بنسبة النصف و الثلث؟ و قد نهى في المتن أوّلًا عن ترك الاحتياط بالتصالح بينهما، ثمّ حكم بأنّ الأرجح أنّ للأُخت الثلثين و للجدودة الثلث كسائر الفروض.

و في أصل المسألة قولان: قول لجماعة من المتقدّمين «1» و أكثر المتأخّرين «2» باختصاص الأُخت بما فضل من السهام؛ لأنّ النقص يدخل عليها بمزاحمة الزوج أو الزوجة، و من كان عليه الخسران فله الجبران؛ و لما روي عن أبي جعفر (عليه السّلام) في ابن أُخت لأب و ابن أُخت لأُمّ، قال: لابن الأُخت من الامّ السدس، و لابن الأُخت من الأب الباقي «3».

و ذكر المحقّق في الشرائع بعد نقل الرواية: و في طريقها علي بن فضّال، و فيه ضعف «4». و قول للإسكافي «5» و الحلّي «6»: لا تختصّ الأُخت للأب بالردّ، و جعله

______________________________

(1) الفقيه: 4/ 214 215، النهاية: 638، المهذّب: 2/ 136، الكافي في الفقه: 371 372.

(2) الروضة البهية: 8/ 128، الدروس: 2/ 369، مسالك الافهام: 13/ 147، جواهر الكلام: 39/ 160 161.

(3) التهذيب: 9/ 322 ح 1157، الاستبصار: 4/ 168 ح 637، الوسائل: 26/ 162، أبواب ميراث الإخوة ب 5 ح 11.

(4) شرائع الإسلام: 4/ 28.

(5) حكىٰ عنه في مختلف الشيعة: 9/ 63.

(6) السرائر: 3/ 260.

تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة - الطلاق، المواريث، ص: 419

[مسألة 13: لو اجتمع الجدودة من قبل الأب مع الإخوة من قبل الامّ]

مسألة 13: لو

اجتمع الجدودة من قبل الأب مع الإخوة من قبل الامّ، فمع وحدة الأخ أو الأُخت فالسدس له أو لها، و مع التعدّد فالثلث لهم بالسوية و لو مع الاختلاف، و الباقي في الفرضين للجدودة للذكر مثل حظّ الأنثيين (1).

[مسألة 14: لو اجتمع الإخوة من قبل الأبوين أو الأب مع عدم الإخوة من قبلهما]

مسألة 14: لو اجتمع الإخوة من قبل الأبوين أو الأب مع عدم الإخوة من قبلهما، و الأجداد من قبل الأب، و الإخوة من قبل الامّ، فالسدس مع الاتحاد و الثلث مع التعدّد للإخوة من قبل الأُمّ بالسويّة، و الباقي للإخوة من قبلهما أو قبله و الجدودة، و مع الاختلاف في الجنس للذكر ضعف الأُنثى (2).

______________________________

المحقّق أولى، مع أنّه كالاجتهاد في مقابل النصّ؛ لأنّه مضافاً إلى أنّ رواية ابن فضّال موثّقة، و الرواية الموثقة حجّة كالصحيحة، تدلّ روايات «1» متعدّدة على أنّ الإخوة للأب و الأخوات للأب و الأُمّ يزادون و ينقصون. و قال زرارة عقيبه: و هذا قائم عند أصحابنا لا يختلفون فيه «2»، فالأرجح حينئذٍ ما أفاده في المتن.

(1) لو اجتمع الجدودة من قبل الأب مع الإخوة من قبل الأُمّ، فلكلالة الامّ الفرض المذكور في الكتاب «3» و هو السدس مع الوحدة، سواء كان أخاً أو أُختاً، و الثلث مع التعدّد بالسويّة و إن كان مختلفاً بالذكورة و الأُنوثة، و الباقي في الفرضين للجدودة بالقرابة، و مع التعدّد و الاختلاف بالذكورة و الأُنوثة للذكر مثل حظّ الأنثيين.

(2) لو اجتمع الإخوة من قبل الأبوين، أو الأب مع عدم الإخوة من قبل

______________________________

(1) الوسائل: 26/ 152 157، أبواب ميراث الإخوة ب 2 و 3.

(2) الوسائل: 26/ 153، أبواب ميراث الإخوة ب 2 ح 2.

(3) سورة النساء: 4/ 12.

تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة - الطلاق، المواريث، ص:

420

[مسألة 15: لو اجتمع الإخوة من قبل الأبوين أو الأب مع الجدودة من قبل الأب و الجدودة من قبل الامّ]

مسألة 15: لو اجتمع الإخوة من قبل الأبوين أو الأب مع الجدودة من قبل الأب و الجدودة من قبل الامّ، فالثلث للجدودة من قبل الامّ، و مع التعدّد يقسّم بالسوية، و الثلثان للباقي للذكر مثل حظّ الأنثيين، و نصيب الجدّ كالأخ و الجدّة كالأُخت (1).

[مسألة 16: لو اجتمع الجدودة من قبل الامّ و الإخوة من قبل الأبوين أو الأب و الإخوة من قبل الامّ]

مسألة 16: لو اجتمع الجدودة من قبل الامّ و الإخوة من قبل الأبوين أو الأب و الإخوة من قبل الامّ، فالثلث للمتقرّب بالأُمّ بالسويّة، و الثلثان للمتقرّب بالأب للذكر الضعف (2).

______________________________

الأبوين، و الأجداد من قبل الأب، و الإخوة من قبل الأُمّ، فللإخوة من قبل الامّ نصيبها المفروض من السدس مع الاتحاد، و الثلث مع التعدّد بالسوية مطلقاً، و إن كانوا مختلفين بالذكورة و الأُنوثة، و الباقي يقسّم بين الإخوة و الأجداد من قبل الأب، و مع الاختلاف للذكر ضعف الأُنثى؛ لما عرفت «1» من أنّه يرث كلّ قريب نصيب من يتقرّب به، و من المعلوم عدم وجود الفرض لمن يتقرّب بالأب، و أنّ الجدّ يقوم مقام الإخوة، فالباقي عن نصيب كلالة الأُمّ من السدس أو الثلث يردّ إلى أقرباء الأب مع الوحدة، و في صورة اختلاف الجنس للذكر مثل حظّ الأنثيين كما مرّ.

(1) لو اجتمع الإخوة من قبل الأبوين، أو الأب مع الجدودة من قبل الأب و الجدودة من قبل الامّ، فالثلث للجدودة من قبل الامّ، و مع التعدّد يقسّم بينهم بالسّوية؛ لأنّهم يرثون نصيب من يتقرّب به و هو الامّ؛ و هو الثلث مع عدم الولد، و الثلثان للباقي بالقرابة للذكر مثل حظّ الأنثيين.

(2) لو اجتمع الجدودة من قبل الامّ و الإخوة من قبل الأبوين، أو الأب

______________________________

(1) في ص 417.

تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة - الطلاق، المواريث،

ص: 421

[مسألة 17: لو اجتمع الجدودة من قبل الأب مع الجدودة من قبل الامّ و الإخوة من قبل الأمّ]

مسألة 17: لو اجتمع الجدودة من قبل الأب مع الجدودة من قبل الامّ و الإخوة من قبل الأمّ فالثلث للمتقرّب بالأُمّ بالسّوية، و الثلثان للمتقرّب بالأب للذكر ضعف الأُنثى (1).

[مسألة 18: لو اجتمع الجدودة من قبل الأب مع الجدودة من قبل الامّ و الإخوة من قبل الأبوين أو الأب و الإخوة من قبل الامّ]

مسألة 18: لو اجتمع الجدودة من قبل الأب مع الجدودة من قبل الامّ و الإخوة من قبل الأبوين أو الأب و الإخوة من قبل الامّ، فالثلث للمتقرّب بالأُمّ بالسّوية، و الثلثان للمتقرّب بالأب للذكر ضعف الأُنثى (2).

[مسألة 19: لو اجتمع أحد الزوجين مع الإخوة من قبل الأبوين أو الأب أو مع الجدودة من قبل الأب]

مسألة 19: لو اجتمع أحد الزوجين مع الإخوة من قبل الأبوين أو الأب أو مع الجدودة من قبل الأب، فلأحد الزوجين نصيبه الأعلى، و الباقي للباقي في الصورتين للذكر ضعف الأُنثى، و لو اجتمع أحدهما مع إحدى الطائفتين من

______________________________

و الإخوة من قبل الامّ، فالثلث للمتقرّب بالأُمّ بالسويّة أعمّ من الجدودة و الإخوة، و يقسّم بينهم بالسوية؛ لأنّهم يرثون نصيب من يتقرّب به، و الثلثان نصيب من يتقرّب بالأب منهم؛ لأنّهم يقومون مقام الإخوة من قبل الأبوين أو الأب، و نصيبهم الثلثان لا بالسّوية، بل مع الاختلاف للذكر ضعف الأُنثى، و في المقام؛ المجتمع مع المتقرّب بالأُمّ نفس الإخوة من الأبوين أو الأب، كما هو المفروض.

(1) لو اجتمع الجدودة من قبل الأب مع الجدودة من قبل الامّ و الإخوة من قبل الامّ، فالثلث للمتقرّب منهم بالأُمّ بالسوية، و الثلثان للمتقرّب بالأب مع الاختلاف، و الدليل عليه ما ذكرناه في المسائل السابقة من دون فرق كما لا يخفى.

(2) يظهر الوجه في هذه المسألة ممّا ذكر في بعض المسائل السابقة، و لا حاجة إلى التطويل بالإعادة.

تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة - الطلاق، المواريث، ص: 422

قبل الأُمّ، فلأحدهما نصيبه الأعلى، و الباقي للباقي في الصورتين بالسوية مطلقاً (1).

[مسألة 20: لو اجتمع أحدهما مع الإخوة من قبل الأبوين أو الأب و الإخوة من الأُمّ أو مع الجدودة من قبل الأب و الإخوة من قبل الأُمّ]

مسألة 20: لو اجتمع أحدهما مع الإخوة من قبل الأبوين أو الأب و الإخوة من الأُمّ أو مع الجدودة من قبل الأب و الإخوة من قبل الأُمّ فلأحدهما نصيبه الأعلى، و للمتقرّب بالأُمّ السدس من التركة مع الانفراد و الثلث مع التعدّد بالسّوية مطلقاً، و للمتقرّب بالأب أو الأبوين الباقي للذكر ضعف الأُنثى (2).

[مسألة 21: لو اجتمع أحدهما مع الإخوة من قبل الأبوين أو الأب و الجدودة من قبل الأُمّ أو مع الجدودة من قبل الأب و الجدودة من قبل الأُمّ]

مسألة 21: لو اجتمع أحدهما مع الإخوة من قبل الأبوين أو الأب و الجدودة من قبل الأُمّ أو مع الجدودة من قبل الأب و الجدودة من قبل الأُمّ فلأحدهما

______________________________

(1) لو اجتمع أحد الزوجين مع الإخوة من قبل الأبوين أو الأب، أو مع الجدودة من قبل الأب، فلأحد الزوجين نصيبه الأعلى من النصف أو الربع؛ لفرض عدم وجود الولد، و الباقي للباقي الذين هم المتقرّبون بالأب للذكر ضعف الأُنثى. و لو اجتمع أحد الزوجين مع إحدى الطائفتين من الأُمّ إي الإخوة أو الجدودة، فلأحد الزوجين نصيبه الأعلى، و الباقي للباقي في الصورتين بالسوية مطلقاً.

(2) لو اجتمع أحد الزوجين مع الإخوة من قبل الأبوين، أو الأب و الإخوة من الأُمّ، أو مع الجدودة من قبل الأب و الإخوة من قبل الأُمّ، فلأحد الزوجين نصيبه الأعلى؛ لفرض عدم وجود الولد، و للمتقرّب بالأُمّ السدس من التركة مع الانفراد، و الثلث مع التعدّد بالسويّة مطلقاً، و للمتقرّب بالأب أو الأبوين الباقي للذكر ضعف الأُنثى، و الوجه فيه يظهر ممّا تقدّم، فتدبّر جيّداً.

تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة - الطلاق، المواريث، ص: 423

نصيبه الأعلى، و الثلث من مجموع التركة للمتقرّب بالأُمّ يقسّم بالسوية مع التعدّد مطلقاً، و الباقي للمتقرّب بالأب أو للأبوين للذكر ضعف الأُنثى (1).

[مسألة 22: لو اجتمع أحدهما مع الإخوة من قبل الأبوين أو الأب و الإخوة من قبل الامّ و الجدودة من قبلها]

مسألة 22: لو اجتمع أحدهما مع الإخوة من قبل الأبوين أو الأب و الإخوة من قبل الامّ و الجدودة من قبلها فلأحدهما نصيبه الأعلى، و الثلث من مجموع التركة للمتقرّب بالأُمّ يقسّم بالسّوية، و الباقي للإخوة من قبل الأبوين أو الأب للذكر الضعف، و كذا الحال لو اجتمع أحدهما مع الجدودة من قبل الأب و الإخوة من قبل الامّ و الجدودة من قبلها

(2).

[مسألة 23: لو اجتمع أحدهما مع الإخوة من قبل الأب و الأُمّ أو الأب و الجدودة من قبل الأب]

مسألة 23: لو اجتمع أحدهما مع الإخوة من قبل الأب و الأُمّ أو الأب و الجدودة من قبل الأب فلأحدهما نصيبه الأعلى، و الباقي للباقي للذكر ضعف

______________________________

(1) لو اجتمع أحد الزوجين مع الإخوة من قبل الأبوين، أو الأب و الجدودة من قبل الأُمّ، فلأحد الزوجين نصيبه الأعلى لفرض عدم الولد، و الثلث من مجموع التركة للمتقرّب بالأُمّ يقسّم بينهم بالسّوية مع التعدّد مطلقاً، و الباقي للمتقرّب بالأب بالاختلاف، و هكذا الحكم لو اجتمع أحد الزوجين مع الجدودة من قبل الأب و الجدودة من قبل الامّ من دون فرق بين الصورتين.

(2) لو اجتمع أحد الزوجين مع الإخوة من قبل الأبوين، أو الأب و الإخوة من قبل الامّ و الجدودة من قبلها، فلأحدهما نصيبه الأعلى، و الثلث من مجموع التركة للمتقرّب بالأُمّ يقسّم بينهم بالسّوية، و الباقي للإخوة من قبل الأبوين، أو الأب للذكر ضعف الأُنثى، و كذا لو كان مكان الإخوة المذكورين الجدودة من قبل الأب كما لا يخفى.

تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة - الطلاق، المواريث، ص: 424

الأُنثى، و لو كان الإخوة من قبل الامّ و كذا الجدودة فالباقي لهم بالسّوية (1).

[مسألة 24: لو اجتمع أحدهما مع الإخوة من قبل الأب أو الأبوين و الجدودة من قبل الأب و الإخوة من الأُمّ]

مسألة 24: لو اجتمع أحدهما مع الإخوة من قبل الأب أو الأبوين و الجدودة من قبل الأب و الإخوة من الأُمّ فلأحدهما نصيبه الأعلى، و السدس من التركة للإخوة من قبلها مع الانفراد، و الثلث مع التعدّد بالسّوية مطلقاً، و الباقي للباقي للذكر ضعف الأُنثى (2).

[مسألة 25: لو اجتمع أحدهما مع الإخوة من الأبوين أو الأب و الجدودة من الأب و الجدودة من الأُمّ]

مسألة 25: لو اجتمع أحدهما مع الإخوة من الأبوين أو الأب و الجدودة من الأب و الجدودة من الأُمّ فلأحدهما نصيبه الأعلى، و الثلث من التركة للجدودة من الأُمّ بالسّوية مطلقاً، و الباقي للذكر مثل حظّ الأنثيين (3).

______________________________

(1) لو اجتمع أحد الزوجين مع الإخوة من قبل الأب و الأُمّ، أو الأب و الجدودة من قبل الأب، فلأحدهما النصيب الأعلى و الباقي للباقي بالاختلاف، و لو كان المجتمع مع أحدهما الإخوة من قبل الامّ، و كذا الجدودة من قبلها يكون الباقي لهم بالسّوية.

(2) لو اجتمع أحد الزوجين مع الإخوة من قبل الأبوين، أو الأب و الجدودة من قبل الأب و الإخوة من الامّ، فعلى ما ذكرنا يكون لأحد الزوجين نصيبه الأعلى المفروض، و كذا للإخوة من الامّ فرضها الذي هو السدس مع الانفراد و الثلث مع التعدّد بالسّوية مطلقاً، و الباقي عن الفرضين للباقي مع الاختلاف للذكر ضعف الأُنثى، كما لا يخفى.

(3) لو اجتمع أحدهما مع الإخوة من الأبوين، أو الأب و الجدودة من الأب و الجدودة من الأُمّ، فلأحدهما النصيب الأعلى الذي هو فرضه، و الثلث من التركة للجدودة من الأُمّ بالسّوية، و الباقي للباقي للذكر مثل حظّ الأنثيين، كما تقدّم وجهه.

تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة - الطلاق، المواريث، ص: 425

[مسألة 26: لو اجتمع أحدهما مع الإخوة من قبل الأبوين أو الأب و الإخوة من قبل الامّ و الجدودة من قبلها و الجدودة من الأب]

مسألة 26: لو اجتمع أحدهما مع الإخوة من قبل الأبوين أو الأب و الإخوة من قبل الامّ و الجدودة من قبلها و الجدودة من الأب فلأحدهما نصيبه الأعلى، و الثلث للمتقرّب بالأُمّ بالسوية مطلقاً، و الباقي للباقي للذكر ضعف الأُنثى (1).

______________________________

(1) لو اجتمع أحد الزوجين مع الإخوة من قبل الأبوين، أو الأب و الإخوة من قبل الامّ و الجدودة من قبلها، و

كذا الجدودة من قبل الأب، فلأحد الزوجين نصيبه الأعلى المفروض من النصف أو الربع، و الثلث لجميع من يتقرّب بالأُمّ من الإخوة و الأجداد يقسّم بينهم بالسّوية مطلقاً، من دون فرق بين الذكر و الأُنثى، و الباقي لجميع من يتقرّب بالأب فقط أو الأبوين يقسّم بينهم بالاختلاف للذكر ضعف الأُنثى. و ممّا ذكرنا من المسائل و حكمها تعرف حكم المسائل الأُخرى المفروضة غير ما ذكرنا، فتدبّر جيّداً.

تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة - الطلاق، المواريث، ص: 426

[هاهنا أُمور]
اشارة

هاهنا أُمور:

[الأوّل: أولاد الإخوة بحكم أولاد الأولاد]

الأوّل: أولاد الإخوة بحكم أولاد الأولاد في أنّه مع وجود أحد من الإخوة من الأب أو الأُمّ و لو كان أُنثى لا يرث أولاد الإخوة و لو كانوا من الأب و الأُمّ (1).

[الثاني: يرث أولاد الإخوة إرث من يتقرّبون به]

الثاني: يرث أولاد الإخوة إرث من يتقرّبون به، فلو خلّف أحد الإخوة من الامّ وارثاً فالمال له فرضاً و ردّاً مع الوحدة، و مع التعدّد يقسّم بالسّوية، و لو كان من أحد الإخوة من الأب فله المال مع الانفراد، و مع التعدّد يقسّم بينهم للذكر ضعف الأُنثى، و لو كان الأولاد من الإخوة المتعدّدة من الامّ، فلا بدّ من فرض حياة الوسائط و التقسيم بينهم بالسّوية، ثمّ يقسّم قسمة كلّ بين أولادهم بالسّوية، و لو كان الأولاد من الأُختين أو الزيادة للأب و الأُمّ أو للأب مع فقد الأبويني فكالفرض السابق لكن للذكر ضعف الأُنثى، و لو كان الأولاد من الذكور الأبويني أو الأبي أو كانوا من الذكور و الإناث من الأب و الأُمّ أو من الأب فلا بدّ

______________________________

(1) لا إشكال في أنّ أولاد الإخوة في المرتبة المتأخّرة عن نفس الإخوة كأولاد الأولاد، فإنّهم في رتبة متأخّرة عن نفس الأولاد، و العمدة في الدليل قوله تعالى وَ أُولُوا الْأَرْحٰامِ بَعْضُهُمْ أَوْلىٰ بِبَعْضٍ «1» بناءً على ما ذكرنا أوّلًا من أنّ الأولوية في الإرث، و ثانياً كون الأولوية تعيينيّة لا ترجيحية. و عليه فكما لا يرث أولاد الأولاد مع وجود الولد و لو كان واحداً أُنثى و كان أولاد الأولاد من غيره، كذلك لا يرث أولاد الإخوة و لو كان الإخوة واحداً و كان أولاد الإخوة متعدّدين، من دون فرق بين الأبويني أو الأبي أو الأُمّي، و حتّى إنّ ولد الأبويني لا يرث

مع الإخوة الأبي و إن كان الأبي متأخّراً عنه رتبةً.

______________________________

(1) سورة الأنفال: 8/ 75.

تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة - الطلاق، المواريث، ص: 427

من فرض الوسائط حيّاً و القسمة بينهم للذكر ضعف الأُنثى، ثمّ قسمة نصيب كلّ منهم بين أولاده للذكر ضعف الأُنثى (1).

______________________________

(1) يرث أولاد الإخوة إرث من يتقرّبون به، و قد تعرّض لبيان أحكام صور:

الاولى: أنّه لو خلّف أحد الإخوة من الأُمّ؛ أي من جنسها فقط وارثاً، فمقتضى ما ذكرناه أنّ المال له فرضاً و ردّاً مع الوحدة، و مع التعدّد يقسّم بينهم بالسّوية.

الثانية: لو خلّف أحد الإخوة من الأبوين أو الأب؛ أي من جنسها فقط، فله المال مع الانفراد بالقرابة، و مع التعدّد يقسّم بينهم للذكر ضعف الأُنثى.

الثالثة: ما لو كان الأولاد من الإخوة المتعدّدة من الامّ، فلا بدّ من فرض حياة الوسائط و التقسيم بينهم بالسوية، ثمّ يقسّم قسمة كلّ بين أولادهم بالسّوية، لمثل:

رواية محمد بن مسلم، عن أبي جعفر (عليه السّلام) قال: سألته عن ابن أخ لأب و ابن أخ لأُمّ؟ قال: لابن الأخ من الامّ السدس، و ما بقي فلابن الأخ من الأب «1». و لها رواية «2» معارضة ضعيفة مخالفة للمشهور.

الرابعة: ما لو كان الأولاد من الأُختين فصاعداً لأب و أُمّ أو لأب فقط، فكالصورة السابقة؛ أي لا بدّ من فرض حياة الأُمّ، لكن يقسّم قسمة أُمّ كلّ بينهم للذكر ضعف الأُنثى؛ لأنّ المفروض عدم كونهم من كلالة الأُمّ فقط.

الخامسة: لو كان الأولاد من الذكور الأبويني أو الأبي، أو من الذكور و الإناث من الأب و الأُمّ، أو من الأب فقط، فلا بدّ بمقتضى ما ذكرنا من فرض حياة الوسائط و القسمة بينهم بالاختلاف، ثمّ قسمة نصيب

كلّ بين أولاده بالاختلاف أيضاً.

______________________________

(1) الوسائل: 26/ 162، أبواب ميراث الإخوة ب 5 ح 12.

(2) الوسائل: 26/ 162، أبواب ميراث الإخوة ب 5 ح 13.

تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة - الطلاق، المواريث، ص: 428

[الثالث: الكلام في الأولاد مع الوسائط المتعدّدة]

الثالث: الكلام في الأولاد مع الوسائط المتعدّدة، كالكلام في المسألة السابقة في إرث من يتقرّبون به و كيفيّة التقسيم (1).

[الرابع: لا يرث أولاد الإخوة من الأب فقط مع وجود أولاد الإخوة للأب و الأُمّ في جميع الوسائط]

الرابع: لا يرث أولاد الإخوة من الأب فقط مع وجود أولاد الإخوة للأب و الأُمّ في جميع الوسائط بشرط أن يكونا في درجة واحدة.

[الخامس: لا يرث الجدودة مع الواسطة مع وجود واحد من الجدودة بلا واسطة]

الخامس: لا يرث الجدودة مع الواسطة مع وجود واحد من الجدودة بلا واسطة، و لو كان واحد من الجدودة الأربعة بلا وسط موجوداً لا يرث الجدودة مع الواسطة، و مع وجود واحد من ذي وسط واحد لا يرث ذو وسائط متعدّدة، و هكذا كلّ أقرب مقدّم على الأبعد (3).

______________________________

(1) الكلام في الأولاد مع الوسائط المتعدّدة كالكلام في المسألة السابقة في إرث من يتقرّبون به و كيفيّة التقسيم، كما لا يخفى.

(2) كما أنّه لا يرث الإخوة من الأب فقط مع وجود الإخوة من الأبوين، كذلك لا يرث أولاد الإخوة من الأب مع وجود أولاد الإخوة من الأبوين بشرط أن يكونا في درجة واحدة، و إلّا ففيما إذا كان أولاد الإخوة للأب فقط من دون واسطة، و أمّا أولاد الإخوة من الأبوين مع الواسطة الميتة فعلًا، فلا إشكال في إرثهم و إن كانوا من الأب فقط للاختلاف في الدرجة.

(3) لا يخفى أنّ مقتضى قاعدة «وَ أُولُوا الْأَرْحٰامِ ..» أنّه لا يرث الجدودة مع الواسطة مع واحد من الجدودة بلا واسطة، و عليه فلو كان واحد من الجدودة الأربعة بلا وسط موجوداً لا يرث الجدودة مع الواسطة بوجه أصلًا، و على هذا القياس كلّ من كان وساطته أقلّ فهو المقدّم في الإرث؛ لتقدّم الأقرب على الأبعد.

تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة - الطلاق، المواريث، ص: 429

[السادس: الجدّ الأعلى بأيّ واسطة كان يرث مع الإخوة إذا لم يكن في صنفه أقرب منه]

السادس: الجدّ الأعلى بأيّ واسطة كان يرث مع الإخوة إذا لم يكن في صنفه أقرب منه، كما أنّ الإخوة و أولادهم مع أيّ واسطة يرثون مع الجدّ بشرط أن لا يكون في صنفهم أقرب منهم، فلو اجتمع جدّ الجدّ و إن علا مع الأخ يرث فضلًا عمّا إذا كان مع ولده،

و كذا لو اجتمع ولد الإخوة و إن دنى مع الجدّ بلا وسط يرث فضلًا عن كونه مع الوسط.

و بالجملة الأقرب من كلّ صنف مقدّم على الأبعد من هذا الصنف لا الصنف الآخر 1.

[السابع: لو اجتمع الأجداد الثمانية]

السابع: لو اجتمع الأجداد الثمانية أي الأبوين من أب الأب و أب الامّ

______________________________

(1) ما ذكرنا في المسألة السابقة إنّما هو بالإضافة إلى صنف واحد من الإخوة و الأجداد، و إلّا ففي صورة تعدّد الصنف لا يلاحظ ذلك بوجه، فلو اجتمع جدّ الجدّ و إن علا مع الأخ بلا واسطة يرث جدّ الجدّ، و كذا لو اجتمع ولد الإخوة و إن دنى مع الجدّ بلا وسط يرث فضلًا عن كونه مع الواسطة، و قد استفاضت النصوص «1» بل تواترت كما قيل «2» في أنّ الجدّ يشترك مع ابن الأخ و أنّ المال بينهما نصفان. ففي:

رواية محمد بن مسلم، قال: نظرت إلى صحيفة ينظر فيها أبو جعفر (عليه السّلام)، فقرأت فيها مكتوباً: ابن أخ و جدّ المال بينهما سواء، فقلت لأبي جعفر (عليه السّلام): إنّ من عندنا لا يقضون بهذا القضاء، لا يجعلون لابن الأخ مع الجدّ شيئاً؟ فقال أبو جعفر (عليه السّلام): أمّا أنّه إملاء رسول اللّٰه (صلّى اللّٰه عليه و آله) و خطّ عليّ (عليه السّلام) من فيه بيده «3».

______________________________

(1) الوسائل: 26/ 159 163، أبواب ميراث الإخوة ب 5.

(2) جواهر الكلام: 39/ 162.

(3) الوسائل: 26/ 160، أبواب ميراث الإخوة ب 5 ح 5.

تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة - الطلاق، المواريث، ص: 430

و أُمّ الأب و أُمّ الامّ، فلا يترك الاحتياط بالتصالح و التراضي سواء كان معهم غيرهم أم لا (1).

______________________________

(1) لو اجتمع الأجداد الثمانية؛ أي الأبوين من أب الأب،

و الأبوين من أب الأُمّ، و الأبوين من أُمّ الأب، و الأبوين من أُمّ الأُمّ، فالمذكور في المتن أنّه لا يترك الاحتياط بالتصالح و التراضي، و لكنّ الظاهر أنّ المشهور «1» بينهم هو ثبوت الثلثين للأجداد الأربعة من قبل أب الميّت يقسّم بينهم بالتفاوت، و ثبوت الثلث للأجداد الأربعة من قبل أُمّ الميّت يقسّم بينهم بالسّوية للانتساب بسبب الامّ، و الظاهر عدم ثبوت نصّ في المسألة بالخصوص، بل يستفاد حكمه من صورة اجتماع الإخوة مع الأجداد بعد ثبوت المقاسمة بينهما، و قد عرفت ثبوت الثلث و الثلثين في تلك الصورة «2».

هذا، و حيث إنّه قد ظهر عدم وجود نصّ في حكم اجتماع الأجداد الثمانية، سواء كان معهم غيرهم أم لا، فالظاهر حينئذٍ ما أفاده في المتن من النهي عن ترك الاحتياط بالتصالح و التراضي، و في هذا المورد قصّة معروفة، و هو أنّه دخل بعض الفضلاء على أبي ريحان البيروني صاحب كتاب «ما للهند» و هو في حال الاحتضار و شرف الموت، فسأله أبو ريحان عن حكم إرث الأجداد الثمانية، فقال له الفاضل الداخل: ماذا ينفعك العلم بهذا الحكم و أنت في شرف الموت و حال الاحتضار؟! فقال له أبو ريحان: ء أموت و أنا عالم بحكم إرث الأجداد الثمانية أفضل، أم أموت جاهلًا بحكم هذه المسألة؟ و هذا مصداق كامل لقول النبيّ (صلّى اللّٰه عليه و آله): «اطلبوا العلم من

______________________________

(1) الروضة البهية: 8/ 147.

(2) في ص 419 420.

تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة - الطلاق، المواريث، ص: 431

[المرتبة الثالثة: الأعمام و الأخوال]

اشارة

المرتبة الثالثة: الأعمام و الأخوال، و لا يرث واحد منهم مع وجود واحد من الطبقة السابقة (1).

[مسألة 1: لو كان الوارث منحصراً بالعمومة من قبل الأب و الأُمّ أو من قبل الأب]

مسألة 1: لو كان الوارث منحصراً بالعمومة من قبل الأب و الأُمّ أو من قبل الأب فالتركة لهم، و مع اختلاف الجنس للذكر مثل حظّ الأُنثيين (2).

______________________________

المهد إلى اللّحد» «1» و دليل على رجحان العلم في أيّ حال من الحالات.

(1) المرتبة الثالثة من المراتب الثلاثة من الميراث بالأنساب الأعمام و الأخوال للميّت، و لازم كونهما في المرتبة الثالثة، التي هي آخر مراتب الميراث بالأنساب أنّه لا يرث واحد منهم مع وجود أحد من الطبقة السابقة، كما أنّ الطبقة السابقة الثانية لا يرث واحد منهم مع وجود واحد من الطبقة الأُولى، و من خصوصيات هذه المرتبة عدم وجود ذي الفرض فيها بخلاف الطبقتين الأوليين الموجود فيهما ذو الفرض جلّاً أو بعضاً، كما عرفت في المسائل السابقة كما لا يخفى. هذا خلافاً للمحكي عن الفضل من قسمة المال نصفين بين الخال و الجدّة للُامّ «2»، لكن في الدروس: أنّ الذي في كتابه «3» لو ترك جدّته و عمّته و خالته فالمال للجدّة «4». و في محكي كشف اللّثام «5»: أنّه غلّط «الفضل» يونس في تشريكه بين العمّة و الخالة و أُمّ الأب، و تشريكه بين العمّ و ابن الأخ، و لكن مقتضى قاعدة الأقرب الخلاف كما ذكرنا.

(2) لا إشكال في أنّه لو كان الوارث منحصراً بالعمومة من قبل الأب و الأُمّ أو

______________________________

(1) لم نعثر عليها.

(2) الروضة البهية: 8/ 152 153.

(3) الكافي: 7/ 118، باب ابن أخ و جدّ.

(4) الدروس: 2/ 372.

(5) كشف اللثام: 2/ 296.

تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة - الطلاق، المواريث، ص: 432

[مسألة 2: لو كان الوارث منحصراً بالعمومة من قبل الأُمّ]

مسألة 2: لو كان الوارث منحصراً بالعمومة من قبل الأُمّ فالتركة لهم، و مع التعدّد و اتحاد الجنس يقسّم بالسّوية،

و مع الاختلاف لا يترك الاحتياط بالتصالح و التراضي (1).

[مسألة 3: لو اجتمع العمومة من قبل الأبوين أو من قبل الأب مع العمومة من قبل الامّ]

مسألة 3: لو اجتمع العمومة من قبل الأبوين أو من قبل الأب مع العمومة من قبل الامّ فالسدس لعمومة الأُمّ مع الانفراد، و الثلث مع التعدّد يقسّم بالسّوية مع وحدة الجنس، و يحتاط بالصلح مع الاختلاف، و الباقي للعمومة من قبل الأبوين

______________________________

من قبل الأب فالتركة لهم، و مع اختلاف الجنس فللذكر مثل حظّ الأُنثيين لقول الصادق (عليه السّلام) في خبر سلمة: في عمّ و عمّة، قال: للعمّ الثلثان و للعمّة الثلث «1». مضافاً إلى أنّه لا خلاف فيه بل عن الغنية الإجماع «2» عليه، و إلى القاعدة المستفادة من الكتاب «3» و السنّة «4» في تفضيل الذكر على الأُنثى في المتقرّب بالأب أو الأبوين.

(1) لو كان الوارث منحصراً بالعمومة من قبل الامّ، فلا إشكال في ثبوت التركة له، سواء كان واحداً أم متعدّداً، كما أنّه لا إشكال في التقسيم بالسّوية في صورة اتّحاد الجنس، و أمّا في صورة الاختلاف فقد نهى في المتن عن ترك الاحتياط بالتصالح و التراضي، و لعلّ منشأ الإشكال إطلاق خبر سلمة المتقدّم الوارد في عمّ و عمّة، و أنّ للأوّل الثلثين و للثاني الثلث، فإنّ مقتضى مثل هذا الإطلاق التقسيم

______________________________

(1) الوسائل: 26/ 189، أبواب ميراث الأعمام ب 2 ح 9.

(2) الغنية: 326.

(3) سورة النساء: 4/ 11 و 176.

(4) الوسائل: 26/ 186 189، أبواب ميراث الأعمام ب 2.

تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة - الطلاق، المواريث، ص: 433

أو الأب للذكر ضعف الأُنثى مع الاختلاف (1).

[مسألة 4: لو كان الوارث منحصراً بالخؤولة من قبل الأبوين أو الأب]

مسألة 4: لو كان الوارث منحصراً بالخؤولة من قبل الأبوين أو الأب فالتركة لهم، و مع التعدّد تقسّم بينهم بالسّوية مطلقاً، و كذا الحال في الخؤولة من قبل الامّ (2).

______________________________

بالاختلاف مع عدم اتحاد الجنس

مطلقاً، من دون فرق بين العمومة من قبل الأبوين أو من قبل الأب و بين العمومة من قبل الامّ، و ما تقدّم «1» من أنّ الوارث يرث إرث من يتقرّب به، و لا إشكال في أنّ كيفيّة تقسيم إرث المتقرّب بالأُمّ إنّما هو بالسّوية كما مرّ «2»، و لعلّه يكفي للحكم باختصاص خبر سلمة بالعمومة من الأبوين أو الأب، و لكن مع ذلك يكون الحكم الجزمي بأحد الطرفين مشكلًا، فما أفاده في المتن لا محيص عنه، فتدبّر جيّداً.

(1) قد ظهر حكم هذه المسألة من المسألة السابقة، إلّا أنّ الذي ينبغي التوجّه و الالتفات إليه أنّ الحكم بالسدس لعمومة الأُمّ مع الانفراد يغاير خبر سلمة المتقدّم الدالّ بالإطلاق على الثلث و الثلثين مع الانفراد و مع التعدّد، فاللّازم إمّا الحمل على صورة التعدّد؛ لأنّ العمّ الأُمّي لا يكون أزيد نصيباً من الأخ الأمّي الذي له السدس مع الانفراد، و الوجه فيه كون المراد بالعمّ و العمّة طبيعتهما لا الواحد منهما، و إمّا الحمل على الأبويني أو الأبي كما تقدّم.

(2) لو كان الوارث منحصراً بالخؤولة من قبل الأبوين أو الأب، فلا إشكال في ثبوت التركة بأجمعها لهم، غاية الأمر أنّ هنا تقسّم بالسوية مطلقاً مع اتّحاد

______________________________

(1) في ص 417 418.

(2) في ص 417 418.

تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة - الطلاق، المواريث، ص: 434

[مسألة 5: لو اجتمع الخؤولة من قبل الأب و الأُمّ أو الأب مع الخؤولة من قبل الامّ]

مسألة 5: لو اجتمع الخؤولة من قبل الأب و الأُمّ أو الأب مع الخؤولة من قبل الامّ فالسدس للُامّي مع الانفراد، و الثلث مع التعدّد يقسّم بالسّوية مطلقاً، و الباقي للخؤولة من قبل الأب و الأُمّ، و مع فقدهم للخؤولة من قبل الأب، و مع التعدّد يقسّم بالسّوية مطلقاً (1).

______________________________

الجنس أو

مع الاختلاف؛ لأنّ شأن الخال الانتساب من قبل الامّ، و أولى من ذلك ما لو كان الوارث منحصراً بالخؤولة من جهة الأُمّ، فإنّ فيه جهتين للتقسيم بالسّوية كونه خالًا أوّلًا و خالًا من جهة الأُمّ ثانياً، لكن الذي يظهر من المحقّق في الشرائع: أنّ الخؤولة من قبل الأبوين أو الأب يقسّم بينهم للذكر مثل حظّ الأُنثيين «1». و قال صاحب الجواهر: بأنّه لا يشكل ذلك بأنّ مقتضى الأخير قسمة الجميع بالسّوية؛ لاختصاص قرابة الأُمّ منهم بالسدس أو الثلث و الباقي لقرابة الأبوين؛ لأنّه لا تلازم بين الأمرين، على أنّ مقتضى قوله (عليه السّلام): «يرثون نصيب من يتقرّبون به» «2» معاملتهم معاملة الوارث له، و لا ريب في كون قسمتهم ذلك لو كانوا هم الورثة.

نعم، كان قرابة الأب بالتفاوت، لكن يمكن هنا ترجيح أصالة التسوية و قرابة الامّ على خصوص ذلك، فلا إشكال حينئذٍ من هذه الجهة «3».

(1) قد ظهر حكم هذه المسألة من المسائل السابقة، و أنّه لو اجتمع الخؤولة من قبل الأبوين أو الأب مع الخؤولة من قبل الأمّي، فقد ذكر المحقّق في الشرائع: أنّه إن

______________________________

(1) شرائع الإسلام: 4/ 31.

(2) لم نجد بهذا اللفظ خبراً، و الظاهر انّه اقتباس من رواية مجمع البيان، الوسائل: 26/ 67، أبواب موجبات الإرث ب 1 ح 5.

(3) جواهر الكلام: 39/ 181 182.

تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة - الطلاق، المواريث، ص: 435

[مسألة 6: لو اجتمع العمومة من قبل الأبوين أو الأب مع الخؤولة من قبل الأبوين أو الأب]

مسألة 6: لو اجتمع العمومة من قبل الأبوين أو الأب مع الخؤولة من قبل الأبوين أو الأب فالثلث للخؤولة، و مع التعدّد يقسّم بالسّوية، و الثلثان للعمومة للذكر ضعف الأُنثى مع التعدّد و الاختلاف (1).

______________________________

كان الأخوال مجتمعين فالمال بينهم للذكر مثل حظ الأُنثى، و

إن كانوا متفرّقين فلمن تقرّب بالأُمّ سدس الثلث إن كان واحداً، و ثلثه إن كانوا أكثر بينهم بالسّوية، و الباقي لمن تقرّب منهم بالأب و الأُمّ «1».

و لا خلاف معتدّاً به في ذلك إلّا ما حكاه الشيخ على ما قيل في خلافه «2» عن بعض الأصحاب من قسمة المتقرّب بالأبوين أو الأب من الخؤولة بالتفاوت للذكر مثل حظّ الأُنثيين، بل في كشف اللثام «3» حكاية عن القاضي «4» أيضاً. لكن قد عرفت ما يدفع ذلك كلّه من قوّة ملاحظة جانب الأُمومة المقتضي للتساوي كما عرفت.

(1) لو اجتمع العمومة من قبل الأبوين أو الأب مع الخؤولة كذلك فالثلث للخؤولة، و مع التعدّد يقسّم بالسّوية و الثلثان للعمومة، و مع التعدّد و الاختلاف يقسّم بالاختلاف، أمّا أصل التقسيم بالثلث و الثلثين فلدلالة الروايات «5» المستفيضة بل المتواترة عليه، مثل قول الصادق (عليه السّلام) في خبر أبي أيّوب: إنّ في كتاب عليّ (عليه السّلام): أنّ

______________________________

(1) شرائع الإسلام: 4/ 31.

(2) الخلاف: 4/ 17 مسألة 6.

(3) كشف اللثام: 2/ 297.

(4) المهذّب: 2/ 148.

(5) الوسائل: 26/ 186 189، أبواب ميراث الأعمام ب 2.

تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة - الطلاق، المواريث، ص: 436

[مسألة 7: لو اجتمع العمومة من قبل الامّ و الخؤولة كذلك]

مسألة 7: لو اجتمع العمومة من قبل الامّ و الخؤولة كذلك فالثلث للخؤولة، و في صورة التعدّد يقسّم بالسّوية مطلقاً، و الثلثان للعمومة، و مع التعدّد يقسّم بالسّوية مع عدم الاختلاف، و معه يحتاط بالتصالح (1).

______________________________

العمّة بمنزلة الأب، و الخالة بمنزلة الأُمّ، و بنت الأخ بمنزلة الأخ، و كلّ ذي رحم بمنزلة الرّحم الذي يجرّ به، إلّا أن يكون وارث أقرب إلى الميّت منه فيحجبه «1».

و عليه فما عن ابن زهرة «2» و الكيدري «3» و

ظاهر المفيد «4» و سلّار «5» من أنّ للخال و الخالة السدس إن اتّحد، و الثلث إن تعدّد، و للعمّة النصف، بل في الروضة «6» و الرياض «7» أو العمّ حتّى يكون الباقي ردّاً عليهم أجمع، أو على خصوص قرابة الأب، خالٍ عن الدليل، بل هو كالاجتهاد في مقابل النصّ كما لا يخفى.

(1) لو اجتمع العمومة من قبل الامّ و الخؤولة كذلك من قبل الامّ فالثلث للخؤولة؛ لأنّهم يرثون نصيب الأُمّ، و في صورة التعدّد يقسّم بالسّوية مطلقاً مع اتّحاد الجنس أو اختلافه، كالخال و الخالة، و الثلثان للعمومة؛ لأنّهم يرثون نصيب الأب و نصيبه كذلك في صورة الانفراد و عدم الحاجب، و قد مرّ في المسألة الثالثة أنّه يحتاط بالتصالح في صورة التعدّد و الاختلاف كالعمّ و العمّة.

______________________________

(1) الوسائل: 26/ 162، أبواب ميراث الإخوة ب 5 ح 9.

(2) الغنية: 326.

(3) إصباح الشيعة: 368.

(4) المقنعة: 693.

(5) المراسم: 225.

(6) الروضة البهية: 8/ 156.

(7) رياض المسائل: 9/ 120.

تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة - الطلاق، المواريث، ص: 437

[مسألة 8: لو اجتمع العمومة من الأبوين أو الأب و الخؤولة كذلك و العمومة من قبل الامّ]

مسألة 8: لو اجتمع العمومة من الأبوين أو الأب و الخؤولة كذلك و العمومة من قبل الامّ، فالثلث للخؤولة بالسّوية مع التعدّد مطلقاً، و السدس من الثلثين للعمومة من قبل الامّ مع الاتّحاد، و الثلث مع التعدّد بالسّوية، و مع اختلاف الجنس يحتاط بالتصالح، و الباقي من الثلثين للعمومة من قبل الأبوين أو الأب، و مع التعدّد و الاختلاف للذكر مثل حظّ الأُنثيين (1).

______________________________

(1) لو اجتمع العمومة من قبل الأبوين أو الأب مع الخؤولة من قبل الأبوين، أو الأب و العمومة من قبل الامّ، فالثلث للخؤولة يقسّم بينهم بالسّوية مطلقاً، أي مع الاختلاف و عدمه في صورة التعدّد

و عدم الاتّحاد، و أمّا العمومة فالثلثان لهم، غاية الأمر أنّه حيث اجتمع النوعان من العمومة للأبوين أو الأب و للأمّ كما هو المفروض، فالسدس من الثلثين للعمومة من قبل الامّ مع الاتّحاد، و الثلث مع التعدّد بالسوية، و مع اختلاف الجنس يراعى الاحتياط بالتصالح، و الباقي من الثلثين للعمومة من قبل الأبوين أو الأب، و مع التعدّد و الاختلاف للذكر مثل حظّ الأُنثيين، و الدليل عليه الروايات «1» المتعدّدة الدالّة على أنّ للعمّة الثلثين و للخالة الثلث، فاللّازم مع اجتماع النوعين من العمومة تقسيم الثلثين بين النوعين بأنّ سدسهما أو ثلثهما لمن يتقرّب بالأُمّ، و في صورة اختلاف الجنس يحتاط بالتصالح كما تقدّم «2»، و الباقي لمن يتقرّب بالأبوين أو الأب، و مع التعدّد و الاختلاف للذكر مثل حظّ الأُنثيين كما تقدّم، فلاحظ.

______________________________

(1) الوسائل: 26/ 186 189، أبواب ميراث الأعمام ب 2.

(2) في ص 432.

تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة - الطلاق، المواريث، ص: 438

[مسألة 9: لو اجتمع العمومة من قبل الأبوين أو الأب مع العمومة و الخؤولة من قبل الامّ]

مسألة 9: لو اجتمع العمومة من قبل الأبوين أو الأب مع العمومة و الخؤولة من قبل الامّ، فالثلث للخؤولة من قبل الامّ يقسّم مع التعدّد بالسّوية مطلقاً، و السدس من الثلثين في صورة الاتّحاد و الثلث في صورة التعدّد للعمومة من قبل الامّ، و يحتاط في صورة التعدّد و الاختلاف، و الباقي للباقي للذكر ضعف الأُنثى مع التعدّد و الاختلاف (1).

[مسألة 10: لو اجتمع العمومة من قبل الأبوين أو الأب مع الخؤولة كذلك و الخؤولة من قبل الامّ]

مسألة 10: لو اجتمع العمومة من قبل الأبوين أو الأب مع الخؤولة كذلك و الخؤولة من قبل الامّ فالثلث للخؤولة مطلقاً، و السدس من الثلث مع الاتّحاد و الثلث منه مع التعدّد للُامّي منهم يقسّم بينهم بالسّوية مطلقاً، و بقيّته للخؤولة من الأب أو الأبوين بالسّوية مطلقاً، و الثلثان من التركة للعمومة، و مع التعدّد و الاختلاف للذكر مثل حظّ الأُنثيين (2).

______________________________

(1) لو اجتمع العمومة من قبل الأبوين أو الأب مع العمومة من قبل الامّ، و كذا الخؤولة من قبل الامّ، فالثلث لخصوص الخؤولة من قبل الامّ يقسّم بينهم بالسّوية مطلقاً، مع التعدّد و عدمه، و الاختلاف في صورة التعدّد و عدمه، و يبقى الثلثان للنوعين من العمومة، غاية الأمر ثبوت السدس منهما في صورة الاتّحاد، و الثلث في صورة التعدّد للعمومة من الامّ، و يراعى الاحتياط في صورة الاختلاف كما مرّ، و الباقي للعمومة من قبل الأبوين أو الأب للذكر مثل حظّ الأُنثيين، كما تقدّم.

(2) لو اجتمع العمومة من قبل الأبوين أو الأب مع الخؤولة كذلك، و كذا الخؤولة من قبل الامّ، فمقتضى ما ذكرناه في المسائل السابقة أنّ الثلث للخؤولة مطلقاً، غاية الأمر أنّ السدس منه مع الاتّحاد، و الثلث منه مع عدم الاتّحاد للخؤولة من قبل الامّ و التقسيم بينهم بالسّوية

بلا إشكال، و البقيّة من ثلث أصل

تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة - الطلاق، المواريث، ص: 439

[مسألة 11: لو اجتمع الخؤولة من قبل الأبوين أو الأب مع العمومة و الخؤولة من قبل الامّ]

مسألة 11: لو اجتمع الخؤولة من قبل الأبوين أو الأب مع العمومة و الخؤولة من قبل الامّ فالثلث للخؤولة، و سدس هذا الثلث مع الانفراد و ثلثه مع التعدّد للخؤولة من قبل الأُمّ بالسّوية مطلقاً، و الباقي من الثلث للخؤولة من قبل الأبوين أو الأب يقسّم بالسّوية مطلقاً، و الثلثان من التركة للعمومة من قبل الامّ، و مع التعدّد و الاختلاف يحتاط بالتصالح (1).

[مسألة 12: لو اجتمع الأصناف الأربعة فالثلث للخؤولة]

مسألة 12: لو اجتمع الأصناف الأربعة فالثلث للخؤولة، و سدس هذا الثلث مع الاتّحاد و ثلثه مع التعدّد للخؤولة من قبل الأُمّ بالسّوية مطلقاً، و الباقي من هذا الثلث للخؤولة من قبل الأبوين أو الأب بالسّوية أيضاً، و السدس من ثلثي

______________________________

التركة للخؤولة من الأبوين أو الأب يقسّم بينهم بالسّوية مطلقاً أيضاً، و الثلثان من أصل التركة للعمومة من قبل الأبوين أو الأب، و حيث إنّهم عمومة أوّلًا و من الأبوين أو الأب ثانياً يقسّم بينهم في صورة التعدّد و الاختلاف للذكر ضعف الأُنثى، كما تقدّم.

(1) لو اجتمع الخؤولة من قبل الأبوين أو الأب مع العمومة و الخؤولة من قبل الامّ، فالثلث من مجموع التركة لمجموع الخؤولة مطلقاً، و حينئذٍ يكون سدس هذا الثلث مع الانفراد و ثلثه مع التعدّد؛ لخصوص الخؤولة من قبل الأُمّ بالسّوية مع التعدّد و الاختلاف أو بدونه، و الباقي من الثلث للخؤولة من قبل الأبوين أو الأب يقسّم بالسّوية مطلقاً كذلك، و أمّا الثلثان الباقيان من أصل التركة فهما للعمومة من قبل الامّ، و مع التعدّد و الاختلاف يحتاط بالتصالح كما تقدّم «1».

______________________________

(1) في ص 432.

تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة - الطلاق، المواريث، ص: 440

التركة مع الاتّحاد و الثلث مع التعدّد للعمومة من قبل الامّ،

و مع الاختلاف يحتاط بالتصالح، و الباقي من الثلثين للعمومة من قبل الأب أو الأبوين للذكر ضعف الأُنثى مع التعدّد و الاختلاف (1).

[مسألة 13: لو كان أحد الزوجين مع العمومة من قبل الأبوين أو الأب فله نصيبه الأعلى]

مسألة 13: لو كان أحد الزوجين مع العمومة من قبل الأبوين أو الأب فله نصيبه الأعلى، و الباقي للباقي للذكر ضعف الأُنثى، و لو كان مع الخؤولة من قبلهما أو قبله فكذلك، إلّا أنّه يقسّم الباقي بين الباقي بالسّوية مطلقاً، و كذا لو كان مع الخؤولة من قبل الامّ، و لو كان مع العمومة من قبلها فكذلك، إلّا مع الاختلاف في الجنس فلا يترك الاحتياط بالتصالح (2).

______________________________

(1) لو اجتمع الأصناف الأربعة يعني العمومة من قبل الأبوين أو الأب، و العمومة من قبل الامّ، و كذا الخؤولة من قبل الأبوين أو الأب، و الخؤولة من قبل الامّ، فمقتضى ما ذكرناه أنّ الثلث من جميع التركة لمطلق الخؤولة، غاية الأمر أنّ سدس هذا الثلث مع الاتّحاد و ثلثه مع التعدّد للخؤولة من قبل الامّ يقسّم بينهم بالسّوية بلا إشكال، و الباقي من هذا الثلث للخؤولة من قبل الأبوين أو الأب يقسّم بالسّوية أيضاً. و أمّا الثلثان الباقيان فسدسهما مع الاتّحاد و ثلثهما مع التعدّد للعمومة من قبل الامّ، و مع التعدّد كما هو المفروض و الاختلاف يراعى الاحتياط بالتصالح، و الباقي للعمومة من قبل الأبوين أو الأب للذكر ضعف الأُنثى في صورة التعدّد و الاختلاف، كما لا يخفى.

(2) قد تعرّض في هذه المسألة لحكم صور مشتركة في وجود أحد الزوجين مع الأعمام و الأخوال، و هي عبارة عن:

أ لو كان أحد الزوجين مع العمومة من قبل الأبوين أو الأب، فله نصيبه

تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة - الطلاق، المواريث، ص: 441

[مسألة 14: لو كان أحدهما مع العمومة من قبل الأبوين أو الأب و العمومة من قبل الامّ]

مسألة 14: لو كان أحدهما مع العمومة من قبل الأبوين أو الأب و العمومة من قبل الامّ فله نصيبه الأعلى، و للعمومة من قبل

الامّ السدس من البقية مع الانفراد و الثلث مع التعدّد يقسّم بالسّوية مع وحدة الجنس، و يحتاط مع الاختلاف، و الباقي للعمومة من قبل الأب أو الأبوين للذكر مثل حظّ الأنثيين، و لو كان مع الخؤولة من الأبوين أو الأب و الخؤولة من الامّ فله نصيبه الأعلى، و السدس من البقية مع الانفراد و الثلث منها مع التعدّد للخؤولة من الامّ يقسّم بالسّوية مطلقاً، و الباقي للباقي بالسّوية كذلك (1).

[مسألة 15: لو كان أحدهما مع العمومة من قبل الأبوين أو الأب و الخؤولة كذلك]

مسألة 15: لو كان أحدهما مع العمومة من قبل الأبوين أو الأب و الخؤولة كذلك فله نصيبه الأعلى، و ثلث مجموع التركة للخؤولة يقسّم بالسّوية مطلقاً، و الباقي للباقي للذكر ضعف الأُنثى، و لو كان في الفرض الخؤولة من قبل الامّ لا الأب أو الأبوين فله نصيبه الأعلى، و الثلث من التركة للخؤولة بالسّوية،

______________________________

الأعلى لفرض عدم الولد، و الباقي للعمومة المذكورين للذكر ضعف الأُنثىٰ.

ب لو كان مع الخؤولة من قبل الأبوين أو الأب فكالصورة الأُولى، إلّا أنّه يقسّم الباقي بين الباقي بالسّوية مطلقاً.

ج لو كان مع الخؤولة من قبل الامّ فالحكم كما في الصورة الثانية.

د لو كان مع العمومة من قبل الامّ، فكذلك في أصل التقسيم إلّا مع الاختلاف في الجنس، فلا يترك الاحتياط بالتصالح كما مرّ «1».

(1) قد تعرّض في هذه المسألة أيضاً لحكم صورتين:

______________________________

(1) في ص 432.

تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة - الطلاق، المواريث، ص: 442

و الباقي للباقي للذكر مثل حظّ الأُنثيين (1).

[مسألة 16: لو كان مع أحدهما العمومة من الامّ و الخؤولة من الأبوين أو الأب]

مسألة 16: لو كان مع أحدهما العمومة من الامّ و الخؤولة من الأبوين أو الأب فله نصيبه الأعلى، و الثلث من المجموع للخؤولة يقسّم بالسّوية مطلقاً، و الباقي للباقي، و يحتاط مع الاختلاف، و لو كان في الفرض الخؤولة من الامّ لا الأبوين أو الأب فالحال كما تقدّم في التقسيم، و الاحتياط في العمومة (2).

______________________________

أ لو كان أحد الزوجين مع العمومة من قبل الأبوين أو الأب و العمومة من قبل الامّ، فله نصيبه الأعلى لما ذكر، و السدس من الباقي للعمومة من قبل الامّ مع الانفراد، و الثلث مع التعدّد يقسّم بالسّوية، إلّا في صورة الاختلاف في الجنس فإنّه يراعى الاحتياط، و الباقي للعمومة الآخرين للذكر الضعف.

ب لو

كان مع الخؤولة من قبل الأبوين أو الأب و الخؤولة من الامّ، فله نصيبه الأعلى و السدس من الباقي مع الانفراد، و الثلث منه مع التعدّد للخؤولة من الامّ يقسّم بالسّوية مطلقاً، و الباقي للباقي أيضاً كذلك.

(1) أمّا ثبوت النصيب الأعلى لأحد الزوجين فواضح بعد عدم الولد، و أمّا كون تقسيم العمومة بالاختلاف فظاهر أيضاً بعد كون العمومة في الفرضين من قبل الأب أو الأبوين، كما أنّ تقسيم الخؤولة بالسّوية فواضح أيضاً بعد كون انتسابهم إلى الميّت بالأُمّ فقط، إنّما الإشكال في أنّ سهم الخؤولة إنّما هو ثلث مجموع التركة لا الثلث بعد نصيب أحد الزوجين، و وجهه ما عرفت في المسائل السابقة من أنّهم يرثون نصيب الامّ و هو الثلث، الظاهر في أنّه ثلث المجموع لا الثلث بعد نصيب أحدهما.

(2) قد تعرّض في هذه المسألة لحكم فرضين:

تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة - الطلاق، المواريث، ص: 443

[مسألة 17: لو كان مع أحدهما العمومة من الأبوين أو الأب و الخؤولة كذلك و العمومة من الامّ]

مسألة 17: لو كان مع أحدهما العمومة من الأبوين أو الأب و الخؤولة كذلك و العمومة من الامّ فله نصيبه الأعلى، و الثلث من التركة للخؤولة بالسّوية مطلقاً، و السدس من الباقي مع الانفراد و الثلث مع التعدّد للعمومة من قبل الامّ يقسّم بالسّوية، و مع الاختلاف يحتاط بالتصالح، و الباقي للباقي للذكر ضعف الأُنثى، و لو كان مع أحدهما العمومة من الأبوين أو الأب و العمومة من الامّ و الخؤولة من الامّ فله نصيبه الأعلى، و الثلث من التركة للخؤولة من الامّ يقسّم بالسّوية مطلقاً، و السدس من البقيّة مع الانفراد و الثلث مع التعدّد للعمومة من قبل الامّ يقسّم بالسّوية، إلّا مع الاختلاف في الجنس فيحتاط كما تقدّم، و الباقي للباقي للذكر مثل حظّ

الأُنثيين (1).

______________________________

أحدهما: ما لو كان مع أحد الزوجين العمومة من الامّ و الخؤولة من الأبوين أو الأب، فله نصيبه الأعلى من النصف أو الربع، و الثلث من مجموع التركة للخؤولة يقسّم بالسّوية مطلقاً، و الباقي للباقي، و يراعى الاحتياط في صورة التعدّد و الاختلاف على ما تقدّم.

ثانيهما: الفرض السابق مع كون الخؤولة من الامّ لا الأبوين أو الأب، فالحكم فيه كالفرض الأوّل من أنّ لأحد الزوجين نصيبه الأعلى، و الثلث من المجموع يقسّم بين الخؤولة بالسّوية مطلقاً، و الباقي للباقي، غاية الأمر أنّه يراعى الاحتياط في كيفيّة التقسيم مع الاختلاف على ما مرّ.

(1) قد تعرّض في هذه المسألة لحكم فرضين أيضاً:

أحدهما: ما لو كان مع أحد الزوجين العمومة من الأبوين أو الأب و الخؤولة كذلك، أي من قبل الأبوين أو الأب و العمومة من الأُمّ، فلأحد الزوجين النصيب

تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة - الطلاق، المواريث، ص: 444

[مسألة 18: لو كان مع أحدهما العمومة من الأبوين أو الأب و الخؤولة كذلك و الخؤولة من الامّ]

مسألة 18: لو كان مع أحدهما العمومة من الأبوين أو الأب و الخؤولة كذلك و الخؤولة من الامّ فله نصيبه الأعلى، و الثلث من التركة للخؤولة، و سدس هذا الثلث مع الانفراد و ثلثه مع التعدّد للخؤولة من قبل الأُمّ بالسّوية مطلقاً، و الباقي من هذا الثلث للخؤولة من الأبوين أو الأب بالسّوية مطلقاً و الباقي من التركة للعمومة للذكر ضعف الأُنثى (1).

______________________________

الأعلى، و الثلث من مجموع التركة للخؤولة بالسّوية في جميع الحالات مع الوحدة أو التعدّد و مع الاختلاف في الجنس و عدمه، و السدس من الباقي بعد نصيب أحد الزوجين، و ثلث الخؤولة للعمومة من قبل الامّ مع الانفراد، و الثلث مع التعدّد يقسّم بينهم بالسّوية، إلّا في صورة الاختلاف فيراعى الاحتياط المتقدّم

«1»، و الباقي للعمومة من الأبوين أو الأب يقسّم بينهم للذكر ضعف الأُنثى.

ثانيهما: ما لو كان مع أحد الزوجين العمومة من الأبوين أو الأب و العمومة من الامّ و كذا الخؤولة منها، فلأحد الزوجين النصيب الأعلى لما مرّ، و الثلث من مجموع التركة للخؤولة من الامّ يقسّم بينهم بالسّوية بلا إشكال، و السدس من البقيّة مع الانفراد، و الثلث مع التعدّد للعمومة من قبل الامّ يقسّم بينهم بالسّوية، إلّا مع الاختلاف في الجنس فيراعى الاحتياط المتقدّم، و الباقي للباقي من العمومة للأبوين أو الأب يقسّم بينهم في صورة التعدّد و الاختلاف للذكر مثل حظّ الأُنثيين كما مرّ.

(1) قد تعرّض في هذه المسألة لحكم فرض واحد؛ و هو اجتماع أحد الزوجين مع العمومة من الأبوين أو الأب بالخصوص، و الخؤولة مطلقاً من الأبوين أو

______________________________

(1) في ص 432.

تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة - الطلاق، المواريث، ص: 445

[مسألة 19: لو كان مع أحدهما الخؤولة من الأبوين أو الأب و الخؤولة من الامّ و العمومة منها]

مسألة 19: لو كان مع أحدهما الخؤولة من الأبوين أو الأب و الخؤولة من الامّ و العمومة منها فله نصيبه الأعلى، و الثلث من التركة للخؤولة، و سدس هذا الثلث مع الانفراد و ثلثه مع التعدّد للخؤولة من الأُمّ بالسّوية مطلقاً، و باقي الثلث لسائر الخؤولة بالسّوية مطلقاً، و الباقي من التركة للعمومة يقسّم بالسّوية إلّا مع الاختلاف فيجب الاحتياط بالتصالح (1).

[مسألة 20: لو كان أحدهما مع العمومة من الأبوين أو الأب و من الامّ]

مسألة 20: لو كان أحدهما مع العمومة من الأبوين أو الأب و من الامّ

______________________________

الأب و من الامّ فقط، و اللّازم بمقتضى ما ذكرنا في المسائل السابقة أن يكون لأحد الزوجين النصيب الأعلى من النصف أو الربع، و الثلث من مجموع التركة لجميع الخؤولة، غاية الأمر سدس هذا الثلث مع الانفراد، و ثلثه مع التعدّد لخصوص الخؤولة من قبل الامّ يقسّم بينهم بالسّوية بلا إشكال، و الباقي من ثلث التركة للخؤولة من قبل الأبوين أو الأب يقسّم بينهم بالسّوية كذلك، و الباقي من أصل التركة بعد وضع نصيب أحد الزوجين و ثلث الخؤولة، للعمومة التي فرضنا كونها للأبوين أو الأب، و التقسيم حينئذٍ بالتفاوت مع الاختلاف في الجنس، كما ذكرنا.

(1) قد تعرّض في هذه المسألة أيضاً لحكم فرض واحد آخر؛ و هو اجتماع أحد الزوجين مع الخؤولة مطلقاً من الأبوين أو الأب و من الامّ فقط و مع العمومة من قبل الامّ، و اللّازم على ما ذكر أن يكون لأحد الزوجين نصيبه الأعلى لفرض عدم الولد، و الثلث من مجموع التركة لجميع الخؤولة، غاية الأمر أنّ سدس هذا الثلث مع الانفراد و ثلثه مع التعدّد للخؤولة من الأُمّ بالسّوية مطلقاً، و باقي الثلث لسائر الخؤولة بالسّوية أيضاً، و الباقي من التركة بعد وضع نصيب

الزوج أو الزوجة،

تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة - الطلاق، المواريث، ص: 446

و الخؤولة من الأبوين أو الأب و من الامّ فله نصيبه الأعلى، و الثلث من التركة للخؤولة، و السدس من هذا الثلث مع الانفراد و ثلثه مع التعدّد للخؤولة من الامّ يقسّم بالسّوية، و باقي الثلث للخؤولة من الأبوين أو الأب يقسّم بالسّوية مطلقاً، و الباقي للعمومة، و سدسه مع الانفراد و ثلثه مع التعدّد للعمومة من الامّ يقسّم بالسّوية، إلّا مع الاختلاف فيجب الاحتياط المذكور، و الباقي للعمومة من الأبوين أو الأب للذكر ضعف الأُنثى (1).

______________________________

و كذا ثلث الخؤولة مطلقاً للعمومة من قبل الامّ، و مع التعدّد و الاختلاف يراعى الاحتياط المتقدّم ذكره «1» كما لا يخفى.

(1) وقع التعرّض في هذه المسألة لحكم ما لو كان أحد الزوجين مع العمومة مطلقاً و الخؤولة كذلك، و هو أنّ لأحد الزوجين نصيبه الأعلى لما ذكرنا مراراً، و الثلث من مجموع التركة لجميع الخؤولة، غاية الأمر أنّ السدس من هذا الثلث مع الانفراد و ثلثه مع التعدّد لخصوص الخؤولة من الامّ يقسّم بينهم في الصورة الأخيرة بالسّوية و لو مع الاختلاف، و باقي الثلث للخؤولة من الأبوين أو الأب يقسّم بالسّوية مطلقاً أيضاً، و الباقي من التركة بعد وضع نصيب أحد الزوجين و ثلث الخؤولة للعمومة مطلقاً، غاية الأمر أنّ سدس الباقي مع الانفراد و ثلثه مع التعدّد للعمومة من الامّ يقسّم بينهم بالسّوية، إلّا مع التعدّد و الاحتياط فيراعى الاحتياط بالتصالح، و الباقي للعمومة من الأبوين أو الأب للذكر ضعف الأُنثى على ما تقدّم.

______________________________

(1) في ص 432.

تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة - الطلاق، المواريث، ص: 447

[مسألة 21: لا يرث العمومة من قبل الأب مع وجودها من قبل الأبوين]

مسألة 21: لا يرث العمومة

من قبل الأب مع وجودها من قبل الأبوين، و كذا الحال في الخؤولة (1).

______________________________

(1) كما أنّه لا يرث الإخوة و الأخوات من قبل الأب مع وجود الأبويني منهم بخلاف كلالة الأُمّ فإنّها تجتمع مع كليهما، كذلك لا يرث العمومة من قبل الأب و كذا الخؤولة من قبله مع وجود مثلهما من قبل الأب و الأُمّ بلا خلاف و لا إشكال، فتدبّر جيّداً.

تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة - الطلاق، المواريث، ص: 448

[و هاهنا أُمور]
اشارة

و هاهنا أُمور:

[الأوّل: لا يرث أحد من أولاد العمومة و الخؤولة مع وجود واحد من العمومة أو الخؤولة]

الأوّل: لا يرث أحد من أولاد العمومة و الخؤولة مع وجود واحد من العمومة أو الخؤولة، فمع وجود خالة من قبل الامّ مثلًا لا يرث أولاد العمومة و لا أولاد الخؤولة مطلقاً إلّا في مورد واحد و هو: ما إذا كان عمّ من قبل الأب و ابن عمّ من قبل الأبوين، فيقدّم الثاني على الأوّل بشرط أن لا يكون معهما عمّ من قبل الأبوين و لا من قبل الامّ و لا العمّة مطلقاً و لا الخال و الخالة مطلقاً، و لا فرق بين كون العمّ من الأب واحداً أو متعدّداً، و كذا بين كون ابن العمّ من قبل الأبوين واحداً أو متعدّداً، فحينئذٍ يكون الإرث لابن العمّ لا العمّ و لا أبناء الأعمام و العمّات و الأخوال و الخالات، و لا فرق في ذلك بين وجود أحد الزوجين و عدمه، و لا يجري الحكم المذكور في غير ذلك، نعم مع كون الوارث العمّة من قبل الأب و ابن العمّ من قبل الأبوين فالاحتياط بالتصالح مطلوب (1).

______________________________

(1) لا يرث أحد من أولاد العمومة و الخؤولة مع وجود واحد من العمومة أو الخؤولة؛ لأنّه مقتضى القاعدة المستفادة من قوله تعالى وَ أُولُوا الْأَرْحٰامِ بَعْضُهُمْ أَوْلىٰ بِبَعْضٍ «1» بعد كون القاعدة في مورد الإرث، و المراد من الأولوية التعيينيّة كما تقدّم «1». و لا فرق في ذلك بين اتّحاد الجنس من جهة العمومة و الخؤولة و الاختلاف، كما أنّ مقتضى القاعدة عدم الفرق بين الأبويني و الأُمّي، و عليه فمع وجود خالة و لو من قبل الامّ لا يرث أولاد العمّ و لو كان من الأب و الأُمّ معاً، نعم وقع استثناء مورد واحد و

هو ما إذا كان عمّ من قبل الأب و ابن عمّ من قبل الأبوين، فإنّه يقدّم الثاني

______________________________

(1) سورة الأنفال: 8/ 75، سورة الأحزاب: 33/ 6.

(1) في ص 382 و 426.

تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة - الطلاق، المواريث، ص: 449

[الثاني: أولاد العمومة و الخؤولة يقومون مقامهم عند عدمهم]

الثاني: أولاد العمومة و الخؤولة يقومون مقامهم عند عدمهم و عدم من هو

______________________________

على خلاف القاعدة المذكورة، و ادّعى صاحب الجواهر (قدّس سرّه) عليه الإجماع، و حكى عن الفقيه نسبته إلى الخبر الصحيح الوارد عن الأئمّة (عليهم السّلام) «1» و في غيره إلى الأخبار «2»، و الظاهر أنّ المراد بالخبر هي:

رواية الحسن بن عمارة، قال: قال أبو عبد اللّٰه (عليه السّلام): أيّما أقرب ابن عمّ لأب و أُمّ، أو عمّ لأب؟ قال: قلت: حدّثنا أبو إسحاق السبيعي، عن الحارث الأعور، عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السّلام) أنّه كان يقول: أعيان بني الأُمّ أقرب من بني العلات قال: فاستوى جالساً، ثمّ قال: جئت بها من عين صافية، إنّ عبد اللّٰه أبا رسول اللّٰه محمّد (صلّى اللّٰه عليه و آله) أخو أبي طالب لأبيه و أُمّه «3».

و المراد من الأعيان كما في المحكيّ عن هامش المخطوط الإخوة من أب واحد و أُمّ واحدة، و من بني العلات كما فيه أولاد الرجل من نسوة شتّى. و حيث إنّ المشهور استندوا إلى الرواية فالضعف في سندها مجبور بالشهرة، كما أنّها حيث تكون على خلاف القاعدة يقتصر فيه على موردها، فلو انضمّ إليهما و لو خال تغيّرت الحال و سقط الحكم، نعم مقتضى فهم العرف أنّه لا فرق بين كون العمّ المذكور واحداً أو متعدّداً، كما أنّه لا فرق بين كون ابن العمّ واحداً أو متعدّداً،

و كذلك لا فرق بين وجود أحد الزوجين و عدمه. نعم لو كان مكان العمّ العمّة من الأب لكان إسراء حكم الرواية مفتقراً إلى دعوى الأولوية القطعية المعتبرة و هي ممنوعة، لكن الاحتياط فيه مطلوب كما في المتن.

______________________________

(1) الفقيه: 4/ 258، الوسائل: 26/ 193، أبواب ميراث الأعمام ب 5 ح 5.

(2) جواهر الكلام: 39/ 176.

(3) الوسائل: 26/ 192، أبواب ميراث الأعمام ب 5 ح 2.

تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة - الطلاق، المواريث، ص: 450

في درجتهم، و أنّ الأقرب مقدّم و إن اتّحد سببه على الأبعد و إن تقرّب بسببين إلّا في مورد واحد تقدّم آنفاً، و يرث أولاد العمومة و الخؤولة إرث من يتقرّبون به (1).

[الثالث: المنتسبون بأُمّ الميّت في هذه الطبقة]

الثالث: المنتسبون بأُمّ الميّت في هذه الطبقة سواء كان الخال أو الخالة أو أولادهما، و سواء كانوا من قبل الأبوين أو الأب يرثون بالسّوية مطلقاً، و المنتسبون بأبيه أي العمومة و أولادهم يرثون بالتفاوت للذكر مثل حظّ الأُنثيين، نعم في العمومة من قبل الامّ و أولادهم لا بدّ من الاحتياط بالتصالح (2).

[الرابع: مع وجود أولاد العمومة من الأبوين لا يرث أولادهم من الأب فقط]

الرابع: مع وجود أولاد العمومة من الأبوين لا يرث أولادهم من الأب فقط، و كذا في أولاد الخؤولة، لكن مع وجود أولاد العمومة من قبل الأبوين يرث أولاد الخؤولة من قبل الأب مع عدم أولاد الخؤولة من قبل الأبوين، و كذا مع أولاد الخؤولة من قبل الأبوين يرث أولاد العمومة من قبل الأب مع فقد أولادهم من الأبوين (3).

______________________________

(1) أمّا أصل إرث أولاد العمومة و الخؤولة فهو تابع للأقربية على القاعدة المستفادة المتقدّمة، فيرث الأقرب و إن اتّحد سببه، دون الأبعد و إن تعدّد، إلّا في المورد المتقدّم في المسألة السابقة، و أمّا مقداره فيرث الأولاد إرث من يتقرّبون به؛ لأنّهم قائمون مقامه كما لا يخفى.

(2) قد ظهر وجه هذه المسألة من المسائل السابقة، و لا حاجة إلى الإعادة أصلًا بعد كون أولاد العمومة و الخؤولة يقومون مقامهم عند عدمهم على ما مرّ.

(3) كما أنّه لا يرث العمومة من الأب فقط مع وجود العمومة من قبل الأبوين،

تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة - الطلاق، المواريث، ص: 451

[الخامس: قد مرّ أنّ أولاد العمومة و الخؤولة يقومون مقامهم]

الخامس: قد مرّ أنّ أولاد العمومة و الخؤولة يقومون مقامهم، و إذا كانوا من العمومة المتعدّدة و الخؤولة كذلك لا بدّ في كيفية التقسيم من فرض حياة الوسائط و التقسيم بالسّوية في المنتسبين بالأُمّ، و للذكر مثل حظّ الأُنثيين في المنتسبين بالأب، ثمّ تقسيم نصيب كلّ بين أولادهم كالتقسيم بين الوسائط، و يحتاط في أولاد الأعمام من قبل الأب بالتصالح كما مرّ، و هكذا الكلام في الوسائط المتعدّدة (1).

[السادس: ترتّب الأرحام الذين هم من حواشي نسب الميّت]

السادس: ترتّب الأرحام الذين هم من حواشي نسب الميّت، فأعمامه و عمّاته و أولادهم و إن نزلوا مع الصدق العرفي و كذا أخواله و خالاته أحقّ

______________________________

و لا يرث الخؤولة من الأب فقط مع الخؤولة من قبل الأبوين، كذلك أولادهم، فلا يرث أولاد العمومة من الأب مع وجود أولاد العمومة من الأبوين، و هكذا في ناحية الخؤولة، فلا يرث أولادهم من الأب مع وجود أولادهم من الأبوين، لكن هذا مع الاتحاد في السبب، و أمّا مع الاختلاف، فلا يرث أولاد الخؤولة من قبل الأب مع أولاد العمومة من الأبوين، كنفس الأعمام و الأخوال، و كالأخوة التي هي الأساس في هذه المسألة، فإنّه لا يرث الإخوة من الأب مع وجود الإخوة من الأبوين، و أمّا مع الاجتماع مع الإخوة من قبل الامّ فيرث كما مرّ.

(1) قد مرّ أنّ أولاد العمومة و الخؤولة يقومون مقامهم، و لا بدّ في كيفية التقسيم من فرض حياة الوسائط و التقسيم بالسّوية في المنتسبين بالأُمّ و بالاختلاف في المنتسبين بالأب، ثمّ تقسيم نصيب كلّ من أولادهم كالتقسيم بين الوسائط، و قد مرّ «1» أنّه في الأعمام من قبل الامّ يراعى الاحتياط بالتصالح، فكذا في أولادهم

______________________________

(1) في ص 432.

تفصيل الشريعة في شرح تحرير

الوسيلة - الطلاق، المواريث، ص: 452

بالميراث من أعمام الأب و الأُمّ و عمّاتهما و أخوالهما و خالاتهما، نعم مع فقد الطائفة الأُولى تقوم الثانية مقامهم مرتبين الأقرب منهم مقدّم على الأبعد، و مع فقدهم عمومة جدّ الميّت و جدّته و خؤولتهما و أولادهم مرتّبون بحسب القرب و البعد (1).

[السابع: لو اجتمع لوارث موجبان للإرث أو الزيادة يرث بجميعها]

السابع: لو اجتمع لوارث موجبان للإرث أو الزيادة يرث بجميعها إن لم يكن بعضها مانعاً عن الآخر ككون أحدهما مثلًا أقرب من الآخر، و إلّا يرث من جهة المانع دون الممنوع مثل ابن عمّ هو أخ لأُمّ، و لا فرق بين كون الموجب نسباً أو سبباً، فلو اجتمع السببان أو نسب و سبب فإن كان أحدهما مانعاً يرث به دون

______________________________

يحتاط بذلك، و هكذا الكلام في الوسائط المتعدّدة.

(1) ترتّب الأرحام الّذين هم من حواشي نسب الميّت فأعمامه و عمّاته و أولادهم و إن نزلوا مع الصدق العرفي، و كذا أخواله و خالاته بناءً على قاعدة الأقربية المستفادة من الكتاب «1» المتقدّمة «2»، و ينبغي التنبيه على أمرين:

أحدهما: أنّ أولاد الأعمام و الأخوال و إن نزلوا بمراتب يشاركون الطائفة الأُخرى، كما أنّ الأولاد في الطبقة الأُولى يشاركون الأبوين و إن نزلوا بمراتب على ما مرّ «3».

ثانيهما: اعتبار الصدق العرفي كما في جميع الموارد التي علّق الحكم فيها على العناوين العرفيّة.

______________________________

(1) سورة الأنفال: 8/ 75، سورة الأحزاب: 33/ 6.

(2) في ص 448.

(3) في ص 395 397.

تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة - الطلاق، المواريث، ص: 453

الآخر كالمعتق و ضامن الجريرة، و إلّا بهما كالزوج و ابن العمّ مثلًا، و كيفيّة الإرث عند الاجتماع كالكيفيّة عند الانفراد، و الاحتياط المتقدّم في الأعمام من قبل الامّ جارٍ في المقام

(1).

______________________________

(1) لو اجتمع لوارث موجبان أو الزيادة للإرث، سواء كان الموجبان سببين أو نسباً و سبباً، فإن كان أحدهما مانعاً عن الآخر لا يرث من جهة المانع دون الممنوع، مثل ابن عمّ هو أخ لأُمّ و كالمعتق و ضامن الجريرة، و إلّا فيرث بهما كالزوج و ابن العمّ مثلًا، و كيفيّة الإرث عند الاجتماع كالكيفية عند الانفراد، و الاحتياط بالتصالح المرعى في الأعمام من قبل الامّ جارٍ في المقام أيضاً، كما لا يخفى.

تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة - الطلاق، المواريث، ص: 455

[المقصد الثاني في الميراث بسبب الزّوجية]

اشارة

المقصد الثاني في الميراث بسبب الزّوجية

[مسألة 1: لا يرث أحد الزوجين جميع المال بسبب الزوجيّة]

مسألة 1: لا يرث أحد الزوجين جميع المال بسبب الزوجيّة، إلّا في صورة واحدة و هي انحصار الوارث بالزوج و الإمام (عليه السّلام)، فيرث الزوج جميع المال فرضاً و ردّاً كما تقدّم، و قد ظهر ممّا مرّ أنّ فرض الزوج نصف تارةً و ربع اخرى، و فرض الزوجة ربع تارةً و ثمن اخرى، و لا يزيد نصيبهما و لا ينقص مع اجتماعهما بأيّ طبقة أو درجة، إلّا في الفرض المتقدّم آنفاً (1).

______________________________

(1) وقع التعرّض في هذه المسألة لأُمور ثلاثة:

الأوّل: أنّه لا يرث أحد الزوجين جميع المال بهذا السبب أي الزوجية، إلّا في صورة واحدة؛ و هي انحصار الوارث بالزوج، فإنّه يرث جميع المال فرضاً و ردّاً، و لا يشاركه الإمام (عليه السّلام)، بخلاف ما لو كان الوارث منحصراً بالزوجة، فإنّ الإمام يشاركها فيما عدا فرضها و هو الربع، يعني يكون ما عدا فرضها للإمام (عليه السّلام)، كما مرّ مكرّراً «1».

الثاني: أنّ لكلّ منهما فرضين الأعلى و الأدنى و لا حالة ثالثة للفرضين، فإنّه إن

______________________________

(1) في ص 318 319 و 356 و 371 و 383.

تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة - الطلاق، المواريث، ص: 456

[مسألة 2: يشترط في التوارث بالزوجية أن يكون العقد دائماً]

مسألة 2: يشترط في التوارث بالزوجية أن يكون العقد دائماً، فلا توارث في الانقطاع لا من جانب الزوج و لا الزوجة بلا اشتراط بلا إشكال، و معه من جانب أو جانبين في غاية الإشكال، فلا يترك الاحتياط بترك الشرط، و معه لا يترك بالتصالح، و أن تكون الزوجة في حبال الزوج و إن لم يدخل بها، فيتوارثان و لو مع عدم الدخول. و المطلّقة الرجعيّة بحكم الزوجة ما دامت في العدّة بخلاف البائنة، فلو مات أحدهما في زمان العدّة

الرجعيّة يرثه الآخر

______________________________

لم يكن هناك ولد للميّت يكون نصيب الزوج النصف، و إن كان يكون فرضه الربع، و لا يتصوّر حالة ثالثة، كما أنّه للزوجة في صورة عدم وجود الولد للزوج الميّت الربع و في فرض الوجود الثمن، كما صرّح به الكتاب «1» و السنّة «2»، و ليس هناك فرض ثالث كما هو واضح.

الثالث: قد عرفت «3» في مسألة العول المتقدّمة أنّه لا يرد نقص على الزوج و الزوجة، و السرّ فيه ثبوت الفرضين لكلّ واحد منهما في كلتي الحالتين اللّتين لا ثالث لهما بخلاف غيرهما، خصوصاً مع اجتماعهما مع جميع الطبقات و المراتب، بخلاف سائر الورثة الذين عرفت مراتبهم الطولية.

نعم، في صورة الزيادة و هي انحصار الوارث بالزوجة قد عرفت ثبوت المشاركة بينها و بين الإمام ثلاثة أرباع و ربع، بخلاف ما لو كان الوارث منحصراً بالزوج، فإنّ جميع المال له فرضاً و ردّاً و لا يشاركه الإمام (عليه السّلام) أيضاً «4».

______________________________

(1) سورة النساء: 4/ 12.

(2) الوسائل: 26/ 195 196، أبواب ميراث الأزواج ب 1.

(3) في ص 357 359.

(4) في ص 318 319.

تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة - الطلاق، المواريث، ص: 457

بخلاف ما لو مات في العدّة البائنة، نعم لو طلّقها في حال المرض و لو بائناً و مات بهذا المرض، ترثه إلى سنة من حين الطلاق بشرط أن لا يكون الطلاق بالتماس منها، فلا ترث المختلعة و المبارأة، و أن لا تتزوّج، فلو طلّقها حال المرض و تزوّجت بعد انقضاء عدّتها، ثمّ مات الزوج قبل انقضاء السنة لم ترثه، و أن لا يبرأ الزوج من المرض الذي طلّقها فيه، فلو برأ منه ثمّ مرض و لو بمثل هذا المرض لم ترثه،

و لو ماتت هي في مرضه قبل تمام السنة، لا يرثها إلّا في العدّة الرجعية (1).

______________________________

(1) يشترط في التوارث بالزوجية أمران:

الأوّل: أن يكون العقد دائماً، فلا توارث في النكاح المنقطع لا من جانب الزوج و لا من ناحية الزوجة، و قد تقدّم تفصيل الكلام في هذا المجال في النكاح المنقطع في كتاب النكاح، و ظهر أنّ من خصوصيات النكاح المنقطع عدم ثبوت التوارث مع الإطلاق و عدم الاشتراط. نعم قد وقع الإشكال بالإضافة إلى صورة الاشتراط، و حيث إنّا قد فصّلنا الكلام فيه فلا حاجة إلى الإعادة و التكرار فراجع «1».

الثاني: أن تكون الزوجة في حبال الزوج سواء دخل بها أم لم يدخل، و لا فرق في التوارث بين الصورتين، و المطلّقة الرجعية بحكم الزوجة ما دامت في العدّة كسائر الموارد، فلو مات أحدهما في العدّة الرجعية يرثه الآخر، بخلاف ما لو مات في العدّة البائنة.

ففي صحيحة محمد بن قيس، عن أبي جعفر (عليه السّلام) قال: إذا طلّقت المرأة، ثمّ توفّي عنها زوجها، و هي في عدّة منه لم تحرم عليه، فإنّها ترثه و يرثها ما دامت في الدم من

______________________________

(1) تفصيل الشريعة/ كتاب النكاح: القول في النكاح المنقطع، مسألة 15.

تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة - الطلاق، المواريث، ص: 458

..........

______________________________

حيضها الثانية من التطليقتين الأوَّلتين، فإن طلّقها الثالثة فإنّها لا ترث من زوجها شيئاً و لا يرث منها «1».

و في صحيحة الحلبي، عن أبي عبد اللّٰه (عليه السّلام) قال: إذا طلّق الرجل و هو صحيح لا رجعة له عليها لم يرثها، و قال: هو يرث و يورّث ما لم تر الدم من الحيضة الثالثة، إذا كان له عليها رجعة «2».

و المراد أنّه لم يرثها

و لم ترث منه لا عدم إرثها فقط. و بمثل هاتين الروايتين يجاب عن توهّم أنّه مع الموت لا يبقى مجال للرجوع في الطلاق من دون فرق بين موت الزوج أو الزوجة، فلا فرق بين الرجعية و البائنة كما لا يخفى. نعم استثنى من ذلك صورة الطلاق في حال المرض و لو بالطلاق البائن، و أنّه لو مات بهذا المرض ترثه إلى حين سنة من الطلاق، و لو لم يكن له حقّ الرجوع لفرض كون الطلاق بائناً بشروط ثلاثة:

أ: أن لا يكون الطلاق بالتماس منها كالمختلعة و المبارأة، فإنّه حيث يكون الطلاق بإرادتها و إلتماسها فلا ترث في العدّة منها، ضرورة أنّ الإرث إلى سنة إنّما هو لأجل منع الزوج عن الإضرار بها، و مع الالتماس لا يبقى لهذا الاحتمال مجال، و لو رجعت المختلعة و المبارأة في البذل في العدّة، ففي محكي القواعد توارثا على إشكال إذا كان يمكنه الرجوع «3».

ب: أن لا تتزوّج بعد انقضاء عدّتها، ثمّ مات الزوج قبل انقضاء السنة، فإنّه لا ترثه حينئذٍ؛ لانصراف الدليل عن مثل هذه الصورة التي تكون في حبالة الآخر،

______________________________

(1) الوسائل: 26/ 223، أبواب ميراث الأزواج ب 13 ح 1.

(2) الوسائل: 26/ 223، أبواب ميراث الأزواج ب 13 ح 2.

(3) قواعد الأحكام: 2/ 178.

تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة - الطلاق، المواريث، ص: 459

[مسألة 3: لو نكح المريض في مرضه]

مسألة 3: لو نكح المريض في مرضه، فإن دخل بها أو برأ من ذلك المرض يتوارثان، و إن مات في مرضه و لم يدخل بطل العقد و لا مهر لها و لا ميراث، و كذا لو ماتت في مرضه ذلك المتصل بالموت قبل الدخول لا يرثها، و لو تزوّجت و هي

مريضة لا الزوج فماتت أو مات يتوارثان، و لا فرق في الدخول بين القبل و الدبر، كما أنّ الظاهر أنّ المعتبر موته في هذا المرض قبل البرء لا بهذا، فلو مات فيه بعلّة أُخرى لا يتوارثان أيضاً، و الظاهر عدم الفرق بين طول المرض و قصره، و لو كان المرض شبه الأدوار بحيث يقال بعدم برية في دور الوقوف، فالظاهر عدم التوارث لو مات فيه، و الأحوط التصالح (1).

______________________________

و لازمها ثبوت التوارث بينهما من جهة الزوجية، و لا وجه للتوارث أو الإرث من هذه الجهة من ناحية شخصين، كما لا يخفى.

ج: أن لا يبرأ الزوج من مرضه الذي طلّقها فيه، فلو بَرِئ منه ثمّ مرض و لو بمثل المرض الأوّل، فلا ترث منه في العدّة البائنة و لو قبل مضي السنة، ما لم يكن عروضه ثانياً كاشفاً عن عدم برئه كاملًا، و إلّا ففي صورة الكشف يجري الحكم المتقدّم و لو بمعونة الاستصحاب التعليقي، كما أنّه من الواضح أنّ محلّ البحث ما إذا كان الطلاق بائناً، و أمّا إذا كان الطلاق رجعيا و لم تمض عدّتها فالتوارث ثابت، و إن كان المرض جديداً لا كاشفاً عن عدم برء المرض السابق، و وجهه ظاهر. و ينبغي التنبيه على أمر؛ و هو أنّه لو ماتت الزوجة في مرضه المستمر قبل تمام السنة لا يرث الزوج منها، إلّا في خصوص العدّة الرجعية على ما عرفت.

(1) لو نكح المريض في مرضه، فثبوت التوارث بين الزوجين مشروط بالدخول بها أو البرء من ذلك المرض، فلو تحقّق الموت في مرضه مع عدم الدخول

تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة - الطلاق، المواريث، ص: 460

..........

______________________________

بطل العقد، و لا مهر لها و

لا ميراث.

ففي رواية زرارة، عن أحدهما (عليهما السّلام) قال: ليس للمريض أن يطلّق، و له أن يتزوّج، فإن هو تزوّج و دخل بها فهو جائز، و إن لم يدخل بها حتّى مات في مرضه فنكاحه باطل، و لا مهر لها و لا ميراث «1».

و في صحيحة عبيد بن زرارة قال: سألت أبا عبد اللّٰه (عليه السّلام) عن المريض، إله أن يطلّق؟ قال: لا، و لكن له أن يتزوّج إن شاء، فإن دخل بها ورثته، و إن لم يدخل بها فنكاحه باطل «2».

و في رواية أبي ولّاد الحنّاط قال: سألت أبا عبد اللّٰه (عليه السّلام) عن رجل تزوّج في مرضه، فقال: إذا دخل بها فمات في مرضه ورثته، و إن لم يدخل بها لم ترثه و نكاحه باطل «3».

و صرّح بعضهم بأنّ المراد ببطلان العقد في الروايات عدم لزومه على وجه يترتّب عليه جميع أحكامه حتّى بعد الموت من الميراث و العدّة، لا البطلان و عدم الصحّة حقيقة، و إلّا لزم عدم جواز وطئه لها في المرض بذلك العقد، خصوصاً بعد ما كان مقتضى الأصل العدم، بل زاد بعضهم أنّه لو كان كذلك لزم الدور؛ لتوقّف جواز الوطء على الصحّة و هي عليه على ما هو المفروض.

و أجاب عنه في الجواهر: بأنّه يمكن أن يكون ذلك على جهة الكشف، بمعنى أنّه إن حصل الدخول علم صحّة النكاح من أوّل الأمر، و إلّا انكشف فساده كذلك،

______________________________

(1) الوسائل: 26/ 232، أبواب ميراث الأزواج ب 18 ح 3.

(2) الوسائل: 26/ 232، أبواب ميراث الأزواج ب 18 ح 2.

(3) الوسائل: 26/ 231، أبواب ميراث الأزواج ب 18 ح 1.

تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة - الطلاق، المواريث، ص: 461

[مسألة 4: إن تعدّدت الزوجات فالثمن مع وجود الولد فالربع مع عدمه يقسّم بينهنّ بالسّوية]

مسألة 4: إن تعدّدت الزوجات فالثمن مع وجود الولد فالربع مع عدمه يقسّم بينهنّ بالسّوية، فلهنّ الربع أو الثمن من التركة، و لا فرق في منع الولد عن نصيبها الأعلى بين كونه منها أو من غيرها، أو كان من دائمة أو منقطعة، و لا بين كونه بلا واسطة أو معها، و الزوجة المطلّقة حال مرض الموت شريكة في الربع أو الثمن مع الشرائط المتقدّمة (1).

______________________________

و له الوطء بالعقد الصادر لظاهر النصوص و غيرها «1».

و ظهر ممّا ذكرنا أنّه لو ماتت الزوجة في مرض موت الزوج قبل تحقّق الدخول، لا يرث الزوج منها لفرض عدم الدخول، و لو كانت الزوجة مريضة دون الزوج فماتت أو مات يتوارثان.

و قد استظهر في المتن أنّ المعتبر موته في هذا المرض قبل البرء لا بهذا، فلو مات فيه بعلّة أُخرى لا يتوارثان أيضاً، و السرّ فيه أنّ كلمة «في» في قوله: «مات في مرضه» هل هي للظرفية أو السببية، و استظهار المتن مبنيّ على الأوّل و هو مشكل جدّاً. و الظاهر أنّه لا فرق بين طول المرض و قصره، نعم لو كان طويلًا جدّاً خصوصاً إذا لم يكن مانعاً عن المشي و نحوه فيه إشكال، كمرض السلّ و السرطان الشائع في هذا الزمان، الذي يطول دوره. و لو كان المرض شبه الأدوار فظاهر المتن التفصيل بين ما إذا صدق البرء في دور الوقوف و عدمه، فعلى الأوّل الظاهر ثبوت التوارث و على الثاني الأحوط التصالح، و الوجه في كليهما واضح.

(1) إنّ فرض الزوجة مع عدم الولد للزوج و هو الربع، و كذا فرضها مع وجود الولد له و هو الثمن لا يتغيّر بين صورة تعدّد الزوجات و عدمه، فإنّه مع

فرض التعدّد

______________________________

(1) جواهر الكلام: 39/ 221.

تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة - الطلاق، المواريث، ص: 462

..........

______________________________

يقسّم الربع أو الثمن بين المتعدّدة بالتساوي، كما يستفاد ذلك من الكتاب العزيز «1»، و من رواية أبي عمر العبدي، عن علي بن أبي طالب (عليه السّلام) في حديث، أنّه قال: و لا يزاد الزوج على النصف و لا ينقص من الربع، و لا تزاد المرأة على الربع و لا تنقص من الثمن، و إن كنّ أربعاً أو دون ذلك فهنّ فيه سواء إلى أن قال الفضل الواقع في سند الحديث: و هذا حديث صحيح على موافقة الكتاب «2».

غاية الأمر أنّه لا بدّ من ملاحظة جهات متعدّدة في المجال، و هو أنّ اختلاف فرض الزوجة من جهة وجود الولد للزوج و عدمه، سواء كان الولد منها أو من غيرها من الزوجات الأُخر، كما أنّه لا فرق بين كون الولد من زوجة دائمة أو منقطعة. نعم قد عرفت «3» أنّه في النكاح المنقطع لا توارث بين الزوجين في صورة الإطلاق و عدم الاشتراط، بل في صورة الاشتراط على إشكال على ما مرّ، و لكنّ الكلام هنا في مقدار فرض الزوجة الوارثة مع ثبوت الولد من النكاح المنقطع، و كذلك لا فرق بين كون الولد بلا واسطة أو معها، فإنّ الولد و إن نزل يحجب الزوجة و كذا الزوج عن النصيب الأعلى إلى الأدنى، كما مرّ في حجب النقصان «4».

و قد عرفت أيضاً أنّ الزوجة المطلّقة في حال مرض الموت شريكة مع الاخريات في الربع أو الثمن مع الشرائط و الخصوصيات المتقدّمة آنفاً.

نعم، هنا كلام و هو أنّ ثبوت الربع أو الثمن بالإضافة إلى الزوجة هل هو من الجميع أو

البعض؟ و سيأتي البحث فيه إن شاء اللّٰه تعالى في المسألة الآتية، فانتظر.

______________________________

(1) سورة النساء: 4/ 12.

(2) الوسائل: 26/ 196، أبواب ميراث الأزواج ب 2 ح 1.

(3) في ص 457 459.

(4) في ص 355.

تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة - الطلاق، المواريث، ص: 463

[مسألة 5: يرث الزوج من جميع تركة زوجته من منقول و غيره]

مسألة 5: يرث الزوج من جميع تركة زوجته من منقول و غيره، و ترث الزوجة من المنقولات مطلقاً، و لا ترث من الأراضي مطلقاً لا عيناً و لا قيمةً سواء كانت مشغولةً بالزرع و الشجر و البناء و غيرها أم لا، و ترث القيمة خاصّة من آلات البناء كالجذوع و الخشب و الطوب و نحوها، و كذا قيمة الشجر و النخل من غير فرق بين أقسام البناء كالرحى و الحمّام و الدكّان و الإصطبل و غيرها، و في الأشجار بين الصغيرة و الكبيرة و اليابسة التي معدّة للقطع و لم تقطع و الأغصان اليابسة، و السعف كذلك مع اتصالها بالشجر (1).

______________________________

(1) هذه هي المسألة المعروفة، و هي مسألة إرث الزوجة التي هي معركة للآراء و النظرات و مورد للفتاوى و الأقوال، و لنبسط الكلام فيها إن شاء اللّٰه تعالى، كما أنّه قد صنّف فيها رسائل مستقلّة و كتب خاصّة ليكون بمنزلة رسالة وجيزة في هذا المجال.

فنقول: و على اللّٰه الاتّكال في جميع الأحوال، و من اللّٰه أستمد لإراءَة طريق الصواب من الضلال، فإنّه من المزالّ سيّما مع عموم الابتلاء به في كلّ زمان من الماضي و الحال و الاستقبال الظاهر أنّه لا خلاف بين المسلمين في أنّ الزوج كسائر الورثة غير الزوجة يرث من جميع ما تركته زوجته من أرض و بناء و غيرهما عيناً، و لا خلاف معتدّ به

بيننا في أنّ الزوجة في الجملة محجوبة و لا ترث من بعض تركة زوجها، بل في محكي الإنتصار: ممّا انفردت به الإمامية حرمان الزوجة من أرباع الأرض «1»، بل عن الخلاف «2» و السرائر «3» الإجماع على حرمانها من العقار. نعم

______________________________

(1) الانتصار: 301.

(2) الخلاف: 4/ 116 مسألة 131.

(3) السرائر: 3/ 258 259.

تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة - الطلاق، المواريث، ص: 464

..........

______________________________

حكي عن الإسكافي: أنّه إذا دخل الزوج أو الزوجة على الولد و الأبوين كان للزوج الربع و للزوجة الثمن من جميع التركة عقاراً أو أثاثاً و صامتاً و رقيقاً و غير ذلك «4»، و عن غاية المراد بعد أن حكى إجماع أهل البيت على حرمان الزوجة من شي ء ما، و أنّه لم يخالف فيه إلّا ابن الجنيد، قال: و قد سبقه الإجماع و تأخّر عنه «5». نعم ربّما يقال: بأنّ خلوّ جملة من كتب الأصحاب كالمقنع «6» للصدوق و المراسم «7» لسلّار و التبيان «8» للشيخ الطوسي و مجمع البيان «9» و جوامع الجامع للطبرسيّ «01» و غيرها عن هذه المسألة، خصوصاً مع وقوع التصريح في الجميع بكون إرث الزوجة ربع التركة أو ثمنها، و مع عدم الفرق في الكتاب «11» بين إرث الزوجين إلّا من جهة المقدار الذي منشأه وجود الولد و عدمه، ربما يؤيّد ما عن الإسكافي «1» بل عن دعائم الإسلام التي هي إحدى مصادر المستدرك للوسائل-: إنّ إجماع الأُمّة و الأئمّة على قول ابن الجنيد «2».

و لا بدّ في هذا المجال من ملاحظة الروايات خصوصاً بعد ما عرفت من ظهور

______________________________

(4) حكىٰ عنه في مختلف الشيعة: 9/ 53.

(5) غاية المراد: 3/ 583.

(6) المقنع: 491 494.

(7) المراسم: 223 234.

(8)

التبيان: 3/ 134.

(9) مجمع البيان: 3/ 32.

(01) جوامع الجامع: 81 ذيل الآية 4 من سورة النساء.

(11) سورة النساء: 4/ 12.

(1) حكىٰ عنه في مختلف الشيعة: 9/ 53.

(2) دعائم الإسلام: 2/ 396.

تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة - الطلاق، المواريث، ص: 465

..........

______________________________

الكتاب في أنّه لا فرق في إرث الزوجين من هذه الجهة، فنقول:

منها: رواية الفضل بن عبد الملك و (أو خ ل) ابن أبي يعفور، عن أبي عبد اللّٰه (عليه السّلام) قال: سألته عن الرجل، هل يرث من دار امرأته أو أرضها من التربة شيئاً؟ أو يكون في ذلك بمنزلة المرأة فلا يرث من ذلك شيئاً؟ فقال: يرثها، و ترثه من كلّ شي ء ترك و تركت «1».

و لا إشكال في أنّ الرواية معرض عنها عند المشهور و إعراضهم قادح في الاعتبار، كما أنّ استنادهم إلى رواية ضعيفة جابر لضعفها على ما قرّرنا في محلّه.

و منها: رواية زرارة، عن أبي جعفر (عليه السّلام): أنّ المرأة لا ترث ممّا ترك زوجها من القرى و الدور و السّلاح و الدواب شيئاً، و ترث من المال و الفرش و الثياب و متاع البيت ممّا ترك، و تقوّم النقض و الأبواب و الجذوع و القصب، فتعطى حقّها منه «2».

و منها: رواية محمد بن مسلم قال: قال أبو عبد اللّٰه (عليه السّلام): ترث المرأة الطوب، و لا ترث من الرباع شيئاً، قال: قلت: كيف ترث من الفرع، و لا ترث من الرباع شيئاً؟ فقال: ليس لها منه (منهم) نسب ترث به، و إنّما هي دخيل عليهم، فترث من الفرع، و لا ترث من الأصل، و لا يدخل عليهم داخل بسببها «3».

و منها: رواية ميسر بياع الزطي، عن أبي عبد اللّٰه (عليه

السّلام) قال: سألته عن النساء، ما لهنّ من الميراث؟ قال: لهنّ قيمة الطوب و البناء و الخشب و القصب، فأمّا الأرض و العقارات فلا ميراث لهنّ فيه، قال: قلت: فالبنات؟ قال: البنات لهنّ نصيبهنّ منه، قال: قلت: كيف صار ذا، و لهذه الثمن، و لهذه الربع مسمّى؟ قال: لأنّ المرأة

______________________________

(1) الوسائل: 26/ 212، أبواب ميراث الأزواج ب 7 ح 1.

(2) الوسائل: 26/ 205، أبواب ميراث الأزواج ب 6 ح 1.

(3) الوسائل: 26/ 206، أبواب ميراث الأزواج ب 6 ح 2.

تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة - الطلاق، المواريث، ص: 466

..........

______________________________

ليس لها نسب ترث به، و إنّما هي دخيل عليهم، إنّما صار هذا كذا لئلّا تتزوّج المرأة، فيجي ء زوجها أو ولدها من قوم آخرين، فيزاحم قوماً آخرين في عقارهم «1».

و منها: رواية أُخرى لمحمد بن مسلم رواها عنه زرارة، عن أبي جعفر (عليه السّلام) قال: النساء لا يرثن من الأرض، و لا من العقار شيئاً «2».

و منها: رواية زرارة و بكير و فضيل و بريد و محمد بن مسلم، عن أبي جعفر و أبي عبد اللّٰه (عليهما السّلام)، منهم من رواه عن أبي جعفر (عليه السّلام)، و منهم من رواه عن أبي عبد اللّٰه (عليه السّلام)، و منهم من رواه عن أحدهما (عليهما السّلام): أنّ المرأة لا ترث من تركة زوجها من تربة دار أو أرض إلّا أن يقوّم الطوب و الخشب قيمة فتعطى ربعها أو ثمنها «3».

و منها: صحيحة زرارة و محمد بن مسلم، عن أبي عبد اللّٰه (عليه السّلام) قال: لا ترث النساء من عقار الدور شيئاً، و لكن يقوّم البناء و الطوب، و تعطى ثمنها أو ربعها، قال: و إنّما ذلك

لئلّا يتزوجن، فيفسدن على أهل المواريث مواريثهم «4».

و إضافة العقار إلى الدور المركّبة من الأرض و البيوتات نوعاً دليل على أنّ المراد به أرض الدور، و المحكي عن الصحاح أنّ العقار بالفتح: الأرض و الضياع و النخل «5»، و المحكي عن مفردات الراغب الأصبهاني «6» أنّ العقر يقال على كلّ شي ء له أصل، فالعقر بمنزلة الفرع، فلا يقال في الأرض الخالية: عقر، و لكن يقال:

______________________________

(1) الوسائل: 26/ 206، أبواب ميراث الأزواج ب 6 ح 3.

(2) الوسائل: 26/ 207، أبواب ميراث الأزواج ب 6 ح 4.

(3) الوسائل: 26/ 207، أبواب ميراث الأزواج ب 6 ح 5.

(4) الوسائل: 26/ 208، أبواب ميراث الأزواج ب 6 ح 7.

(5) الصحاح: 2/ 754 باب «ر» فصل «ع».

(6) المفردات: 341. و لكن ليس فيه ذلك، و لعلّه نقل بالمعنى.

تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة - الطلاق، المواريث، ص: 467

..........

______________________________

عقر الدار و عقر الروضة مثلًا. و الطوب بمعنى الآجر، و إعطاء قيمة البناء و الطوب ظاهره إعطاء قيمتهما مع هذه الحالة الباقية في الأرض، و عدم الإفساد على أهل المواريث في صورة التزوّج لا يقتضي الحرمان أزيد من ذلك. ثمّ الظاهر أنّ العلة المذكورة إنّما هي بمنزلة الحكمة، ضرورة أنّه مع العلم بعدم تزوّجها بعداً لا يتغيّر الحكم، كما لا يخفى.

و منها: رواية يزيد الصائغ، عن أبي عبد اللّٰه (عليه السّلام) قال: سألته عن النساء، هل يرثن من الأرض؟ فقال: لا، و لكن يرثن قيمة البناء، قال: قلت: إنّ الناس لا يرضون بذا؟ قال: إذا ولّينا فلم يرضوا ضربناهم بالسوط، فإن لم يستقيموا ضربناهم بالسيف «1».

و إطلاق السؤال يدلّ على أنّ المراد مطلق الأرض، سواء كانت خالية أم مشغولة بالبناء أو

الأشجار، و سواء كان البناء هو مثل الدار أو غيرها كالحمّام و الرحى و الدكّان، و لا دلالة للجواب على أنّ المراد من الأرض خصوص أرض البناء، كما لا يخفى.

كما أنّ الظاهر أنّه لا خصوصية للبناء الشاغل للأرض، بل مطلق الشاغل و إن كان مثل الأشجار، خصوصاً مع الاشتراك في عدم ثبوت الدوام لشي ء منها، بل الثابت هو الأرض كما لا يخفى.

و منها: رواية حمّاد بن عثمان، عن أبي عبد اللّٰه (عليه السّلام) قال: إنّما جعل للمرأة قيمة الخشب و الطوب؛ لئلّا يتزوجن فيدخل عليهم يعني أهل المواريث من يفسد

______________________________

(1) الوسائل: 26/ 208، أبواب ميراث الأزواج ب 6 ح 8.

تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة - الطلاق، المواريث، ص: 468

..........

______________________________

مواريثهم «1».

و منها: رواية عبد الملك بن أعين، عن أحدهما (عليهما السّلام) قال: ليس للنساء من الدور و العقار شي ء «2».

و عطف العقار على الدور قرينة على أنّ المراد أرض الدور، لا المركّبة منها و من البيوتات.

و منها: رواية زرارة، عن أبي جعفر (عليه السّلام) و رواية طربال بن رجاء، عن أبي جعفر (عليه السّلام): أنّ المرأة لا ترث ممّا ترك زوجها من القرى و الدور و السلاح و الدوابّ شيئاً، و ترث من المال و الرقيق و الثياب و متاع البيت ممّا ترك، و يقوّم النقض و الجذوع و القصب، فتعطى حقّها منه «3».

قال في مجمع البحرين: و النقض بالضم و الكسر: بمعنى المنقوض. و اقتصر الأزهري على الضمّ و بعضهم على الكسر، و الجمع نقوض، و منه حديث ميراث المرأة من زوجها، و يقوّم النقض و الأبواب «4».

و منها: رواية محمد بن مسلم و زرارة، عن أبي جعفر (عليه السّلام): أنّ النساء

لا يرثن من الدور، و لا من الضياع شيئاً، إلّا أن يكون أحدث بناء، فيرثن ذلك البناء «5».

و منها: رواية محمد بن سنان: أنّ الرضا (عليه السّلام) كتب إليه فيما كتب من جواب مسائله: علّة المرأة أنّها لا ترث من العقار شيئاً إلّا قيمة الطوب و النقض؛ لأنّ

______________________________

(1) الوسائل: 26/ 209، أبواب ميراث الأزواج ب 6 ح 9.

(2) الوسائل: 26/ 209، أبواب ميراث الأزواج ب 6 ح 10.

(3) الوسائل: 26/ 210، أبواب ميراث الأزواج ب 6 ح 12.

(4) مجمع البحرين: 3/ 1826.

(5) الوسائل: 26/ 210، أبواب ميراث الأزواج ب 6 ح 13.

تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة - الطلاق، المواريث، ص: 469

..........

______________________________

العقار لا يمكن تغييره و قلبه، و المرأة قد يجوز أن ينقطع ما بينها و بينه من العصمة، و يجوز تغييرها و تبديلها، و ليس الولد و الوالد كذلك؛ لأنّه لا يمكن التفصّي منهما، و المرأة يمكن الاستبدال بها، فما يجوز أن يجي ء و يذهب كان ميراثه فيما يجوز تبديله و تغييره إذا أشبهه، و كان الثابت المقيم على حاله كمن كان مثله في الثبات و القيام «1».

و الرواية مضافاً إلى أنّها مكاتبة، و قد حكي عن سيّدنا الأُستاذ العلّامة البروجردي قدّس سرّه الشريف أنّه قال: إنّ بعضهم قال: إنّ محمد بن سنان زعم أنّ الرضا (عليه السّلام) أجابه هكذا ضعيفة من حيث السّند؛ لأنّ في طريق الصدوق إليه علي بن العبّاس و هو من الضعفاء «2»، و قد رماه العلّامة في محكيّ رجاله بالغلوّ «3».

و منها: رواية موسى بن بكر الواسطي قال: قلت لزرارة: إنّ بكيراً حدّثني عن أبي جعفر (عليه السّلام): أنّ النساء لا ترث امرأة ممّا ترك زوجها من

تربة دار و لا أرض، إلّا أن يقوّم البناء و الجذوع و الخشب، فتعطى نصيبها من قيمة البناء، فأمّا التربة فلا تعطى شيئاً من الأرض، و لا تربة دار، قال زرارة: هذا لا شكّ فيه «4».

و منها: رواية الأحول، عن أبي عبد اللّٰه (عليه السّلام) قال: سمعته يقول: لا يرثن النساء من العقار شيئاً، و لهنّ قيمة البناء و الشجر و النخل، يعني: من البناء (بالبناء) الدّور

______________________________

(1) الوسائل: 26/ 211، أبواب ميراث الأزواج ب 6 ح 14.

(2) يراجع تقريرات ثلاثة: 103 و 108.

(3) خلاصة الأقوال: 367.

(4) الوسائل: 26/ 211، أبواب ميراث الأزواج ب 6 ح 15.

تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة - الطلاق، المواريث، ص: 470

..........

______________________________

و إنّما عنى من النساء: الزوجة «1».

و منها: رواية عبد الملك قال: دعا أبو جعفر (عليه السّلام) بكتاب عليّ (عليه السّلام) فجاء به جعفر مثل فخذ الرجل مطويّاً، فإذا فيه: أنّ النساء ليس لهنّ من عقار الرجل إذا توفّي عنهنّ شي ء، فقال أبو جعفر (عليه السّلام): هذا و اللّٰه خطّ عليّ (عليه السّلام) بيده، و إملاء رسول اللّٰه (صلّى اللّٰه عليه و آله) «2».

هذه هي الروايات الواردة في هذا المقام، و قبل الخوض في بيان المتحصّل منها و مفادها و مدلولها ينبغي التنبيه على أمرين:

الأوّل: أنّك عرفت أنّ الرواية الدالّة على أنّ إرث الزوج و الزوجة متّحد من هذه الجهة، و أنّ الزوجة ترث من جميع ما تركه زوجها، كما أنّ الزوج يرث من جميع ما تركته الزوجة ساقطة عن الحجّية و الاعتبار، إمّا لأجل كونها معرضاً عنها لدى المشهور بالشهرة المحقّقة، و إمّا لأجل كون الشهرة الفتوائية التي هي أوّل المرجّحات في الخبرين المتعارضين على ما استفدناه

من مقبولة عمر بن حنظلة المعروفة «3»، و قد قرّرناه في محلّه من بحث التعادل و الترجيح من علم الأُصول مع الطائفة المقابلة، خصوصاً مع وحدة هذه الرواية، و كثرة الروايات المقابلة التي لا تبعد دعوى تواترها الإجمالي على عدم ثبوت الإرث للزوجة من جميع ما تركه الزوج، و ليس إرثها كإرثه في عدم المحدوديّة.

الثاني: أنّه كما هو دأب صاحب الوسائل في موارد كثيرة منها إيراد روايات متعدّدة في باب واحد بعنوان أنّها كذلك، مع أنّه في الواقع ليست إلّا رواية

______________________________

(1) الوسائل: 26/ 211، أبواب ميراث الأزواج ب 6 ح 16.

(2) الوسائل: 26/ 212، أبواب ميراث الأزواج ب 6 ح 17.

(3) الوسائل: 27/ 106، كتاب القضاء، أبواب صفات القاضي ب 9 ح 1.

تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة - الطلاق، المواريث، ص: 471

..........

______________________________

واحدة، خصوصاً مع وحدة السائل و وحدة المسئول من الإمام (عليه السّلام) و وحدة العبارة المحكية، و إن كان هناك اختلاف فإمّا في التعبير، و إمّا في بعض العبارات الجزئيّة التي لا دخل لها في تغيير المعنى، و التعدّد إنّما نشأ إمّا من تلامذة الراوي السائل و إمّا من جهة عدم تعلّق غرض السائل بالبيان مطلقاً، كما أنّ الأمر في زماننا هذا أيضاً كذلك، فالناقل لمطلب عن مرجع مثلًا ربّما ينقله إلى أفراد متعدّدة، و ربّما تكون العبارات أيضاً متعدّدة، و لكن هذه الجهة لا توجب التعدّد بمعنى صدور المطلب المزبور عن ذلك المرجع متعدّداً.

نعم، لو كان السائل متعدّداً أو المسئول كذلك لا محيص عن الالتزام بالتعدّد.

و في المقام نقول: إنّ الروايات المذكورة و إن كانت متعدّدة و كثيرة، إلّا أنّه لا يبعد دعوى الاتّحاد في جملة منها، فلا يكون عددها

الواقعي بالمقدار المذكور في الوسائل، و في أمثال هذه الموارد يجب الاقتصار على القدر المتيقّن، المشترك بين الروايات التي شأنها كذا، و الوجه فيه واضح لا يخفى.

ثمّ إنّه ينبغي بعد ذكر الأمرين في المسألة نقل أقوال فقهاء الإماميّة في ذلك، بعد ما عرفت من أنّه لا خلاف يعتدّ به بيننا في حرمان الزوجة في الجملة، و عدم كونها مثل الزوج في الإرث من جميع التركة، و هي على ما في مفتاح الكرامة «1» الذي كان مؤلّفه استاذاً لصاحب الجواهر، و تكون الأقوال المنقولة فيها مأخوذة منه غالباً أربعة:

الأوّل: حرمان الزوجة من عين الرباع خاصّة لا من قيمته، و هو محكي عن

______________________________

(1) مفتاح الكرامة: 8/ 192.

تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة - الطلاق، المواريث، ص: 472

..........

______________________________

السيّد (قدّس سرّه) «1». و قال ابن الأثير: الرَّبع: المنزل و دار الإقامة «2».

الثاني: ما حكي عن الشيخ «3» و جماعة «4» من المتأخّرين عنه من حرمانها من مطلق الأرض عيناً و قيمة، خالية كانت أم مشغولة، و لا فرق في ذلك بين أراضي الدور و المساكن و غيرهما من الأراضي، كأراضي البساتين و غيرها، و حرمانها من أعيان ما يكون كالأبواب و الخشب و الأبنية دون القيمة.

الثالث: حرمانها من أراضي الدور و المساكن خاصّة عيناً و قيمةً دون أراضي غيرها من القرى و المزارع و غيرهما، و حرمانها من عين الآلات و الأبنية من الدور و المساكن دون قيمتها، و هو المحكي عن نافع المحقّق «5» و جماعة اخرى «6»، و حكي الميل إليه عن سيّدنا الأُستاذ البروجردي (قدّس سرّه) «7».

الرابع: حرمانها من مطلق الأرض عيناً و قيمةً، و حرمانها من عين الأشجار دون قيمتها، و كذا من

عين ما يكون كالأبواب و الطوب، و كذا الأبنية دون القيمة، و في محكي الإيضاح أنّه ربما ينسب إلى أكثر المتأخّرين «8».

و كيف كان، فالمتحصّل من الروايات مع الخصوصيتين المذكورتين أُمور:

______________________________

(1) الانتصار: 301.

(2) النهاية لابن الأثير: 2/ 189.

(3) النهاية: 642.

(4) المهذّب: 2/ 140 141، الوسيلة: 391، الكافي في الفقه: 374، الروضة البهية: 8/ 172.

(5) مختصر النافع: 272.

(6) المقنعة: 687، السرائر: 3/ 258 259، كشف الرموز: 2/ 463.

(7) تقريرات ثلاثة: 99 118، لكن قال في ص 118: فانقدح بذلك كلّه انّ القول بعموم المنع لمطلق الأرض أظهر في الروايات، مضافاً إلى شهرته بين من بعد الشيخ (رحمه اللّٰه) عدا من ذكرناهم آنفاً.

(8) إيضاح الفوائد: 4/ 240. و فيه: و الروايات عليه أكثر.

تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة - الطلاق، المواريث، ص: 473

..........

______________________________

1- إنّه لا إشكال في كون الحكم بالحرمان و لو في الجملة مخالفاً للقاعدة المستفادة من الكتاب من العموم، و أنّه لا فرق بين الزوج و الزوجة في عدم الحرمان أصلًا، و أنّه لا بدّ في الحكم المخالف للقاعدة الأخذ بالقدر المتيقّن و الاقتصار على مقدار الدليل فقط.

2- إنّ مقتضى ملاحظة الروايات الواردة عدا الخارجة عن الاعتبار ذاتاً أو بسبب الترجيح حرمانها في الجملة، و ثبوت الفرق بينها و بين الزوج في ذلك.

3- إنّه لا إشكال في أنّ الزوجة محرومة من عين الرباع دون قيمته؛ لأنّه القدر المتيقّن بين الأقوال، و كذا بين الروايات الواردة في المسألة.

4- الظاهر حرمانها من أراضي الدور و المساكن عيناً و قيمةً، و أمّا من مطلق الأراضي حتى أراضي القرى و البساتين و الزراعات فمحلّ إشكال، و الظاهر الحرمان مطلقاً؛ لإطلاق عدم إرثهنّ من الأرض في رواية يزيد الصائغ،

و الجواب بأنّه يرثن قيمة البناء لا دلالة على كون المراد من الأرض خصوص أرض الدار بعد إطلاق السؤال و ترك الاستفصال في الجواب. و في رواية موسى بن بكر الواسطي المتقدّمة: «فأمّا التربة فلا تعطى شيئاً من الأرض و لا تربة دار» فإنّ العطف الظاهر في المغايرة و لو بالعموم و الخصوص ظاهر في أنّ المراد مطلق الأرض، مضافاً إلى دلالة رواية محمد بن سنان و إن كانت مكاتبة و ضعيفة: «فما يجوز أن يجي ء و يذهب كان ميراثه فيما يجوز تبديله و تغييره»، و في رواية ميسر بياع الزطي: «فأمّا الأرض و العقارات فلا ميراث لهنّ فيه»، و في رواية زرارة ما ظاهره انحصار إرث المرأة أي من أعيان ما ترك زوجها بالمال و الفرش و الثياب و متاع البيت و كذا غيرها.

و بالجملة: لا ينبغي الإشكال في الحرمان من مطلق الأراضي مطلقاً، خصوصاً

تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة - الطلاق، المواريث، ص: 474

..........

______________________________

مع جريان الحكمة المذكورة في الروايات بعضاً؛ لحرمان الزوجة دون مثل البنت كما هو المشهور على ما عرفت.

5- إنّ الحكمة المذكورة في بعض الروايات و إن كانت بصورة العلّة، إلّا أنّه لا شكّ في أنّ المراد بها الحكمة غير الدائر مدارها الحكم، فلو علم بأنّ امرأة لا تتزوّج بعد فوت زوجها أبداً لا يتغيّر الحكم، كما أنّه لو كانت المرأة لها نسب أيضاً، غاية الأمر عدم كونها في رتبة الوارثين لا يوجب ذلك تغيير الحكم.

6- الظاهر أنّ عدم الحرمان من قيمة الطوب و الخشب و القصب و أمثالها كما هو المتداول في زماننا هذا من كون مصالح البناء فيه الجذوع من الحديد مكان الخشب و نحوه إنّما هو

عدم حرمانها من القيمة الحاصلة لها في هذه الحالة، و هو ثبوت البناء مستقرّاً في الأرض و ثابتاً عليها مجّاناً، لا قيمتها بعد الخراب و الانفصال من الأرض، التي تكون قيمتها قليلة، بل في غاية القلّة لو كان البناء قديمياً، كما لا يخفى.

7- الظاهر ثبوت قيمة مثل الأشجار الشاغلة للأرض؛ لما عرفت من عدم الفرق مع البناء في كونها حادثة أوّلًا و في عدم ثبوت الدوام و الاستقرار لها ثانياً.

8- الظاهر أنّه لا فرق بين أقسام البناء كالدكّان و الرحى و الحمّام و الإصطبل و نحوها، و لا اختصاص له ببناء الدور المركّب من بيوتاته.

9- الظاهر عدم الفرق في الشجرة بين الكبيرة و الصغيرة، كما أنّه لا فرق فيها بين الرطبة و اليابسة ما لم يتحقّق انقطاعها عن الأرض، بحيث تزول الأصالة و الفرعية، و كذا في الأغصان اليابسة و السعف كذلك، فإنّها بعد الاتصال يجري عليها حكم الشجرة، و بعد الانفصال حكم الأموال المنقولة.

10- إنّ ما في بعض الروايات المتقدّمة من أنّها لا ترث من الرباع شيئاً، إن كان

تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة - الطلاق، المواريث، ص: 475

[مسألة 6: المراد من الأعيان التي ترث الزوجة من قيمتها هي الموجودة حال الموت]

مسألة 6: المراد من الأعيان التي ترث الزوجة من قيمتها هي الموجودة حال الموت، فإن حصل منها نماء و زيادة عينية من حين الموت إلى حين القسمة، لا ترث من تلك النماء و الزيادة (1).

[مسألة 7: المدار في القيمة يوم الدفع لا الموت]

مسألة 7: المدار في القيمة يوم الدفع لا الموت، فلو زادت القيمة على القيمة حين الموت ترث منها، و لو نقصت نقصت من نصيبها، نعم الأحوط مع تفاوت القيمتين التصالح (2).

______________________________

المراد شاملًا للأرض، فيصحّ أن يُقال بعدم إرثها منها و لو قيمة، و إن كان المراد الأبنية، فبقرينة الروايات المتعدّدة الأُخرى يحمل على عدم الإرث من الأعيان لا القيمة، خصوصاً مع التصريح في كثير منها بأنّها ترث من الطوب و الخشب و القصب و الأبواب المثبتة، كما لا يخفى.

(1) المراد من الأعيان التي ترث الزوجة من قيمتها هي الموجودة حال الموت، فإن حصل منها نماء و زيادة عينيّة من حين الموت إلى حين القسمة، لا ترث من تلك النماء و الزيادة؛ لفرض عدم كون العين على عهدة سائر الورثة، و ليس هذا كالغصب في الأعيان القيمية المغصوبة، حيث إنّه يحتمل فيها بقاء نفس العين على العهدة إلى حين الدفع، و للأداء حتى يلزم قيمة يوم الأداء، بل الثابت هي قيمة الشجر مثلًا، و لا ريب في أنّ وقت تعلّق حقّ الزوجة بالقيمة هي حال الموت، كما هو واضح.

(2) قد أفاد في هذه المسألة على القيمة يوم الدفع لا الموت، فلو زادت القيمة على القيمة حين الموت ترث منها، و لو نقصت نقصت نصيبها. هذا، و لكن مقتضى

تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة - الطلاق، المواريث، ص: 476

[مسألة 8: طريق التقويم أن تقوّم الآلات و الشجر و النخل باقية في الأرض مجّاناً]

مسألة 8: طريق التقويم أن تقوّم الآلات و الشجر و النخل باقية في الأرض مجّاناً إلى أن تفنى و تعطى حصّتها من ذلك، فلو زادت قيمتها مثبتة إلى أن تفنى عنها غير مثبتة فلها الزيادة (1).

[مسألة 9: المدار كون الآلات مثبتة حين الموت]

مسألة 9: المدار كون الآلات مثبتة حين الموت، فلو خربت البناء و قطعت الأشجار قبل الموت، و بقيت بتلك الحالة إلى حين الموت، ترث من أعيانها كسائر المنقولات. و من المنقول الثمر على الشجر و الزرع و البذر المزروع. و كذا القدر المثبت في الدكان يطبخ فيه، فإنّ الظاهر أنّه من المنقول، كما أنّ الظاهر أنّ الدولاب و العريش الذي يكون عليه أغصان الكرم من غير المنقول (2).

______________________________

ما أفاده في المسألة المتقدّمة العدم، فإنّ الزوجة ترث من حين الموت. و إذا فرض ثبوت إرثها من القيمة فاللّازم الالتزام بأنّ الثابت قيمتها في ذلك الوقت، و ما ذكرناه في العينيات القيمية المغصوبة من كون الملاك يوم الأداء و الدفع لا أيّاماً أُخر، فإنّما هو باعتبار كون مفاد: «على اليد ما أخذت حتى تؤدّي» «1» هو نفس كون المأخوذ على العهدة، و عدم الخروج عنها قبل الأداء، و هذا بخلاف المقام.

(1) قد ظهر وجه هذه المسألة ممّا تقدّم في شرح المسألة السابقة في بيان الأُمور المتحصّلة من الروايات الكثيرة الواردة في هذا المجال، فراجع.

(2) المدار في الأعيان و الأُمور التي تكون الزوجة محرومة من أنفسها هي المثبتة حين الموت، فلو خرب البناء و قطعت الأشجار قبل الموت، و بقيت تلك الحالة إلى حين الموت، ترث من أعيانها كسائر المنقولات. و لا بدّ من التنبيه على أمر، و هو أنّ

______________________________

(1) سنن البيهقي: 6/ 95، سنن ابن ماجة: 2/ 802 ح 2400،

سنن الترمذي: 3/ 566.

تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة - الطلاق، المواريث، ص: 477

[مسألة 10: الأقوى أنّ الزوجة تستحق القيمة]

مسألة 10: الأقوى أنّ الزوجة تستحق القيمة، و يجوز لها أن لا تقبل نفس الأعيان، كما ليس لها مطالبة الأعيان (1).

[مسألة 11: لا يجوز للزوجة التصرّف في الأعيان التي تستحقّ قيمتها بلا رضا سائر الورثة]

مسألة 11: لا يجوز للزوجة التصرّف في الأعيان التي تستحقّ قيمتها بلا رضا سائر الورثة، و الأحوط لسائر الورثة عدم التصرّف فيها قبل أداء قيمتها بغير إذنها (2).

______________________________

بعض الأُمور يتخيّل فيه عدم المنقولية، و لكن الظاهر أنّه من المنقول كالثمر على الشجر، و الزرع و البذر للزرع، و كذا القدر المثبت في الدكّان ليطبخ فيه، و كذا العكس فإنّ الدولاب و العريش الذي يكون عليه أغصان الكرم من غير المنقول، و الظاهر أيضاً أنّ ما هو المتعارف في زماننا هذا من حفر البئر العميقة في بعض الأراضي لأجل البساتين أو الزراعات تكون الآلات المستعملة في إحداثها من غير المنقولات، و أمّا الماء المستخرج منه، فإن كان موجوداً غير تالف و لو كان موجوداً في الخزينة فهو من المنقولات، بخلاف الماء الموجود في قعر البئر الذي يمكن استخراجه بعداً، و لم يخرج بعد فهو من غير المنقول.

(1) لازم ما ذكرنا من أنّ الزوجة تستحقّ قيمة الأعيان لا نفس الأعيان، هو أنّه لا يجوز لها مطالبة الأعيان، كما أنّه يجوز لها أن لا تقبل نفس الأعيان كما لا يخفى.

(2) أمّا عدم جواز تصرّف الزوجة في نفس الأعيان التي تكون محرومة منها فهو لازم المحروميّة من نفس الأعيان على ما هو المفروض، و أمّا كون الأحوط لسائر الورثة عدم التصرّف في الأعيان قبل أداء قيمتها بغير إذنها؛ فلكونها متعلّقة لحقّها و إن كانت محرومة من عينها، و إن كان يحتمل أن يكون من قبيل تعلّق

تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة - الطلاق، المواريث، ص: 478

[مسألة 12: لو زوّج الصغيرة أبوها أو جدّها لأبيها بالكفو بمهر المثل أو الأكثر يرثها الزوج و ترثه]

مسألة 12: لو زوّج الصغيرة أبوها أو جدّها لأبيها بالكفو بمهر المثل أو الأكثر يرثها الزوج و ترثه، و كذا لو

زوّج الصغيرين أبوهما أو جدّهما لأبيهما، بل لو كان التزويج بالكفو بدون مهر المثل مع عدم المفسدة فضلًا عمّا كان فيه الصلاح، و كذا لو زوّج الحاكم في مورد جاز له التزويج، و قد مرّ بعض ما يناسب المقام في النكاح (1).

[مسألة 13: الإرث بسبب الولاء غير مبتلى به إلّا بسبب الإمامة]

مسألة 13: الإرث بسبب الولاء غير مبتلى به إلّا بسبب الإمامة، فمن مات و ليس له وارث من الطبقات المتقدّمة، و لا بولاء العتق و ضمان الجريرة، و لم

______________________________

الخمس، فإنّه و إن كان ينتقل إلى العين إلّا أنّه يجوز احتمالًا التصرّف فيها و نقله إلى الذمّة، فتدبّر جيّداً و التحقيق في محلّه.

(1) الغرض من هذه المسألة بيان أنّ إرث الزوجة بالنحو المذكور و حرمانها من بعض ما تركه الميّت لا يختصّ بما إذا كان الزوجان كبيرين، بل لو كانت الزوجة صغيرة و كان تزويجها جائزاً شرعاً، كما إذا زوّجها أبوها أو جدّها لأبيها بالكفو بمهر المثل أو أكثر، بل بأقلّ مع عدم المفسدة فضلًا عمّا كان فيه الصلاح، أو زوّج الصغيرين أبوهما أو جدّهما لأبيهما بالنحو المذكور تفصيلًا في كتاب النكاح «1»، أو كان التزويج صادراً من الحاكم في مورد جاز له التزويج، يكون التوارث بينهما كالكبيرة أو كالكبيرين؛ لإطلاق الروايات «1» الدالّة على ذلك من دون فرق، نعم في اعتبار بعض الخصوصيات و عدمه كلام مرّ سابقاً.

______________________________

(1) تفصيل الشريعة/ كتاب النكاح: فصل في أولياء العقد، مسألة 21.

(1) الوسائل: 26/ 219 221، أبواب ميراث الأزواج ب 11.

تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة - الطلاق، المواريث، ص: 479

يكن له زوج يرثه الإمام (عليه السّلام)، و لو كان الوارث الزوجة فقط فالبقية بعد الربع له (عليه السّلام)، و أمره في عصر غيبة وليّ الأمر

عجّل اللّٰه تعالى فرجه كسائر ما للإمام (عليه السّلام) بيد الفقيه الجامع للشرائط (1).

______________________________

(1) الغرض من هذه المسألة بيان أُمور ثلاثة لم يتقدّم ذكرها، و أمّا اختصاص الزوج الوارث المنحصر بجميع التركة و مشاركة الإمام (عليه السّلام) مع الزوجة في مثل هذا الفرض فقد مرّ بل مراراً «1»:

أ الإرث بسبب الولاء غير مبتلى به إلّا بسبب الإمامة؛ لعدم كون ولاء العتق و ولاء ضمان الجريرة مبتلى به، و عدم ثبوت ولاء غير هذه الثلاثة كولاء الاشتراء من مال الزكاة، كما لا يخفى.

ب مشاركة الزوج أو الزوجة مع جميع الطبقات و المراتب من الوارث؛ لعدم كون السبب الموجب لإرثهما سوى الزوجية المجتمعة مع الجميع، و إن كان يمكن وجود سببين للإرث فيهما كما لا يخفى، و تقدّم التفصيل فراجع «2».

________________________________________

لنكرانى، محمد فاضل موحدى، تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة - الطلاق، المواريث، در يك جلد، مركز فقهى ائمه اطهار عليهم السلام، قم - ايران، اول، 1421 ه ق

تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة - الطلاق، المواريث؛ ص: 479

ج إنّ ما يكون للإمام (عليه السّلام) فهو في عصر الغيبة الكبرى بيد الفقيه الجامع للشرائط، النائب عنه كسائر ما للإمام (عليه السّلام) مثل سهم الإمام و غيره.

______________________________

(1) في ص 318 319 و 356 و 371 و 383 و 455.

(2) في ص 455 456.

تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة - الطلاق، المواريث، ص: 481

[و أمّا اللواحق ففيها فصول]

اشارة

و أمّا اللواحق ففيها فصول:

[الفصل الأوّل في ميراث الخنثى]

اشارة

[الفصل] الأوّل في ميراث الخنثى

[مسألة 1: لو كان بعض الورّاث خنثى]

مسألة 1: لو كان بعض الورّاث خنثى بأن كان له فرج الرجال و النساء، فإن أمكن تعيين كونه رجلًا أو امرأة بإحدى المرجّحات المنصوصة أو غير المنصوصة فهو غير مشكل، و يعمل على طبقها، و إلّا فهو مشكل (1).

[مسألة 2: المرجّحات المنصوصة أُمور]
اشارة

مسألة 2: المرجّحات المنصوصة أُمور:

[الأوّل: أن يبول من أحد الفرجين دائماً أو غالباً]

الأوّل: أن يبول من أحد الفرجين دائماً أو غالباً بحيث يكون البول من غيره نادراً كالمعدوم، و إلّا فمحلّ إشكال، فيرث على الفرج الذي يبول منه، فإن بال من فرج الرجال يرث ميراث الذكر، و إن بال من فرج النساء يرث ميراث الأُنثى.

______________________________

(1) الخنثى إمّا غير مشكل، و إمّا مشكل، فالأوّل ما أمكن تعيين كونه رجلًا أو امرأة بإحدى المرجّحات المنصوصة التي سيأتي في المسألة الثانية، أو المرجّحات غير المنصوصة كخروج الدم شبيه الحيض أو نبات اللحية مثل الرجال، و هو يعمل على طبق تلك المرجّحات، و إن لم يمكن تعيين ذلك بالمرجّحات مطلقاً فهو مشكل.

تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة - الطلاق، المواريث، ص: 482

[الثاني: سبق البول من أحد الفرجين دائماً أو غالباً]

الثاني: سبق البول من أحد الفرجين دائماً أو غالباً بنحو عدّ ما عداه كالمعدوم لو بال منهما، فإن سبق ممّا للرجال يرث ميراث الذكر، و إن سبق مما للنساء يرث ميراث الأُنثى.

[الثالث: قيل: تأخّر الانقطاع من أحد الفرجين دائماً أو غالباً]

الثالث: قيل: تأخّر الانقطاع من أحد الفرجين دائماً أو غالباً مع فقد الأمارة الثانية، و فيه إشكال لا يترك الاحتياط بالتصالح مع فقد سائر الأمارات.

[الرابع: عدّ الأضلاع]

الرابع: عدّ الأضلاع، فإن كان أضلاع جنبه الأيمن أكثر من الأيسر فهو من الرجال و يرث إرث الذكر، و إن كانتا متساويتين يرث إرث الأُنثى (1).

______________________________

(1) المرجّحات المنصوصة أُمور متعدّدة:

الأوّل: أن يبول من أحد الفرجين دائماً أو غالباً، بحيث يكون البول من غيره نادراً كالمعدوم، و إلّا ففي المتن أنّه محلّ إشكال، فيرث على الفرج الذي يبول منه كذلك دائماً أو غالباً بالنحو المذكور.

ففي رواية داود بن فرقد، عن أبي عبد اللّٰه (عليه السّلام) قال: سئل عن مولود ولد و له قبل و ذكر كيف يورث؟ قال: إن كان يبول من ذكره فله ميراث الذكر، و إن كان يبول من القبل فله ميراث الأُنثى «1».

و موثّقة طلحة بن زيد، عن أبي عبد اللّٰه (عليه السّلام) قال: كان أمير المؤمنين (عليه السّلام) يورّث الخنثى من حيث يبول «2».

و مرسلة ابن بكير، عن أحدهما (عليهما السّلام) في مولود له ما للذكر و له ما للأُنثى، فقال: يورث من الموضع الذي يبول، إن بال من الذكر ورث ميراث الذكر، و إن بال من

______________________________

(1) الوسائل: 26/ 283، أبواب ميراث الخنثى ب 1 ح 1.

(2) الوسائل: 26/ 284، أبواب ميراث الخنثى ب 1 ح 2.

تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة - الطلاق، المواريث، ص: 483

..........

______________________________

موضع الأُنثى ورث ميراث الأُنثى. الحديث «1».

الثاني: أن يسبق البول من أحد الفرجين دائماً أو غالباً بنحو عدّ ما عداه كالمعدوم، و تدلّ عليه روايات، مثل:

صحيحة هشام بن سالم، عن أبي عبد اللّٰه (عليه السّلام)، قال: قلت له: المولود

يولد، له ما للرجال و له ما للنساء، قال: يورث من حيث يبول، حيث سبق بوله، فإن خرج منهما سواء فمن حيث ينبعث، فإن كانا سواء ورث ميراث الرجال و ميراث النساء «2».

و رواية إسحاق بن عمّار، عن جعفر بن محمّد، عن أبيه (عليهما السّلام): أنّ عليّاً (عليه السّلام) كان يقول: الخنثى يورث من حيث يبول، فإن بال منهما جميعاً فمن أيّهما سبق البول ورث منه، فإن مات و لم يبل فنصف عقل المرأة، و نصف عقل الرّجل «3». و غير ذلك من الروايات «4» الدالّة عليه.

الثالث: قيل: تأخّر الانقطاع عن أحد الفرجين دائماً أو غالباً مع فقد الأمارة الثانية؛ و القائل المحقّق في الشرائع «5». و ربّما ادّعي في الكتب القديمة و الجديدة الإجماع عليه «6»، و ربما يقال: بأنّه المراد من الانبعاث في صحيحة هشام المتقدّمة بدعوى ملازمته بمعنى الثوران و القوّة و الكثرة أو بمعنى الاسترسال.

______________________________

(1) الوسائل: 26/ 284، أبواب ميراث الخنثى ب 1 ح 3.

(2) الوسائل: 26/ 285، أبواب ميراث الخنثى ب 2 ح 1.

(3) الوسائل: 26/ 286، أبواب ميراث الخنثى ب 2 ح 2.

(4) الوسائل: 26/ 285 290، أبواب ميراث الخنثى ب 2.

(5) شرائع الإسلام: 4/ 44.

(6) الخلاف: 4/ 106 مسألة 116، السرائر: 3/ 277، الغنية: 331، تحرير الأحكام: 2/ 174، مفاتيح الشرائع: 3/ 330، جواهر الكلام: 39/ 279.

تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة - الطلاق، المواريث، ص: 484

..........

______________________________

نعم، في بعض النسخ «ينبت» بمعنى ينقطع، و كذا يقال في المرسلة التي حكاها الكليني قال: و في رواية أُخرى عن أبي عبد اللّٰه (عليه السّلام) في المولود، له ما للرجال، و له ما للنساء يبول منهما جميعاً، قال: من أيّهما

سبق، قيل: فإن خرج منها جميعاً؟ قال: فمن أيّهما استدرّ، قيل: فإن استدرّا جميعاً؟ قال: فمن أبعدهما «1».

نظراً إلى أنّ المراد بالأبعد ذلك؛ لأنّ المراد بأبعدهما هي الأبعدية من حيث الزمان، و ليس هو إلّا الذي ينقطع أخيراً.

و أورد عليه في الجواهر: بأنّه كما ترى ضرورة ظهوره في إرادة الاستدرار الذي عقّبه بأبعدهما، المنافي لإرادة الانقطاع أخيراً بعد إرادته من أبعدهما «2»، و لعلّه لما ذكرنا استشكل الماتن في هذه العلامة، و نهى عن ترك الاحتياط بالتصالح مع فقد سائر الأمارات.

الرابع: عدّ الأضلاع، فإن كان أضلاع جنبه الأيمن أكثر من الأيسر فهو من الرجال، و إن كانا متساويين فهو من النساء، و يدلّ عليه مثل:

موثّقة السكوني، عن جعفر، عن أبيه (عليهما السّلام): أنّ علي بن أبي طالب (عليه السّلام) كان يورث الخنثى، فيعدّ أضلاعه، فإن كانت أضلاعه ناقصة من أضلاع النساء و بضلع ورث ميراث الرجال، لأنّ الرجل تنقص أضلاعه عن أضلاع النساء بضلع؛ لأنّ حوّاء خلقت من ضلع آدم القصوى اليسرى، فنقص عن أضلاعه ضلع واحد «3».

و بعض الروايات الأُخر، كرواية شريح القاضي التي حكاها أبو جعفر (عليه السّلام) قال: إنّ شريحاً القاضي بينما هو في مجلس القضاء، إذ أتته امرأة فقالت: أيّها القاضي اقض

______________________________

(1) الوسائل: 26/ 284، أبواب ميراث الخنثى ب 1 ح 4.

(2) جواهر الكلام: 39/ 279 280.

(3) الوسائل: 26/ 287، أبواب ميراث الخنثى ب 2 ح 4.

تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة - الطلاق، المواريث، ص: 485

..........

______________________________

بيني و بين خصمي، فقال لها: و من خصمك؟ قالت: أنت، قال: أفرجوا لها، فأفرجوا لها، فدخلت، فقال لها: و ما ظلامتك؟ فقالت: إنّ لي ما للرجال و ما للنساء، قال شريح: فإنّ

أمير المؤمنين (عليه السّلام) يقضي على المبال، قالت: فإنّي أبول منهما جميعاً، و يسكنان معاً، قال شريح: و اللّٰه ما سمعت بأعجب من هذا، قالت: و أعجب من هذا، قال: و ما هو؟ قالت: جامعني زوجي فولدتُ منه، و جامعتُ جاريتي فولدت منّي، فضرب شريح إحدى يديه على الأُخرى متعجّباً، ثمّ جاء إلى أمير المؤمنين (عليه السّلام) فقصّ عليه قصّة المرأة، فسألها عن ذلك، فقالت: هو كما ذكر، فقال لها: من زوجك؟ قالت: فلان، فبعث إليه فدعاه، فقال: أ تعرف هذه المرأة؟ فقال: نعم، هذه زوجتي، فسأله عمّا قالت، فقال: هو كذلك، فقال له (عليه السّلام): لأنت أجرأ من راكب الأسد حيث تقدم عليها بهذه الحال، ثمّ قال: يا قنبر أدخلها بيتاً مع امرأة تعدّ أضلاعها، فقال زوجها: يا أمير المؤمنين (عليه السّلام) لا آمن عليها رجلًا، و لا أئتمن عليها امرأةً، فقال علي (عليه السّلام): عليّ بدينار الخصيّ، و كان من صالحي أهل الكوفة، و كان يثق به، فقال له: يا دينار أدخلها بيتاً، و عرها من ثيابها، و مرها أن تشدّ مئزراً، و عدّ أضلاعها، ففعل دينار ذلك، فكان أضلاعها سبعة عشر: تسعة في اليمين، و ثمانية في اليسار، فألبسها عليّ (عليه السّلام) ثياب الرجال، و القلنسوة، و النعلين، و ألقى عليه الرداء، و ألحقه بالرجال، فقال زوجها: يا أمير المؤمنين (عليه السّلام) ابنة عمّي، و قد ولدت منّي، تلحقها بالرجال؟ فقال: إنّي حكمت عليها بحكم اللّٰه، إنّ اللّٰه تبارك و تعالى خلق حوّاء من ضلع آدم الأيسر الأقصى، و أضلاع الرجال تنقص، و أضلاع النساء تمام «1».

______________________________

(1) الوسائل: 26/ 288، أبواب ميراث الخنثى ب 2 ح 5.

تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة

- الطلاق، المواريث، ص: 486

..........

______________________________

هذا، و لكن المحقّق في الشرائع «1» ضعّف الرواية، لكن في الجواهر: أنّ الشيخ نسبها في محكيّ الخلاف إلى رواية الأصحاب «2»، و عن الحائريات أنّها مشهورة بين أهل النقل في أصحابنا «3»، و المفيد رواها في المحكي عن إرشاده مسندة إلى الأصبغ ابن نباتة، عن علي (عليه السّلام) «4» و الصدوق بطريق صحيح «5»، بل عن الحلّي دعوى تواترها «6» «7».

أقول: و يؤيّدها رواية السكوني المتقدّمة الموثقة، مضافاً إلى دعوى الإجماع على طبقها من المفيد «8» و المرتضى (قدّس سرّهما) «9». و إن قال المحقّق في الشرائع: و الإجماع لم نتحقّقه «01». لكن الظاهر أنّه لا محيص عن الأخذ بالرواية و الفتوى على طبقها، سواء كان الإجماع له أصالة، أو كان مستنداً إلى الرواية و لم يكن له أصالة.

نعم، ربّما يقال: بعدم تيسّر هذه العلامة غالباً على وجه تطمئنّ النفس بمعرفة ذلك خصوصاً في الجسم السّمين، و لكن الكلام بعد تيسّره و اطمئنان النفس كما لا يخفى.

______________________________

(1) شرائع الإسلام: 4/ 45.

(2) الخلاف: 4/ 106 مسألة 116.

(3) حكى عنه في السرائر: 3/ 282.

(4) إرشاد المفيد: 1/ 213 214.

(5) الفقيه: 4/ 238 ح 762.

(6) السرائر: 3/ 281.

(7) جواهر الكلام: 39/ 284.

(8) الإعلام بما اتّفقت عليه الإماميّة من الأحكام: 62، المطبوع في ضمن سلسلة مؤلّفات الشيخ المفيد: 9.

(9) الانتصار: 306.

(01) شرائع الإسلام: 4/ 45.

تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة - الطلاق، المواريث، ص: 487

[مسألة 3: لو فقدت العلائم المنصوصة]

مسألة 3: لو فقدت العلائم المنصوصة فإن كانت فيه علائم خاصة بالنساء كرؤية الدم حسب ما ترى النساء، أو خاصّة بالرجال كإنبات اللحية مثلًا، فإن حصل منها الاطمئنان يحكم بحسبه، و إلّا فهو من المشكل (1).

______________________________

(1) لو

فقدت العلائم المتقدّمة المنصوصة، فإن كانت فيه علائم خاصة بالنساء كرؤية الدم حسب ما ترى النساء، أو خاصّة بالرجال كإنبات اللّحية مثلًا، فإن حصل منها الاطمئنان الذي يعامل عند العرف معه معاملة القطع و اليقين الذي هو حجّة عقلية يحكم بحسبه بلا إشكال، و إلّا ففي المتن هو من الخنثى المشكل، و لكن هنا أمران يجب التوجّه إليهما:

الأوّل: أنّ الخنثى هل هي طبيعة ثالثة غير الرجال و النساء أم من مصاديق أحدهما؟ الظاهر هو الثاني كما ربما يستفاد من الكتاب «1»، و لكن لا يبعد دلالة رواية شريح «2» على أنّ المرأة حبلت و أحبلت، الأوّل من زوجها و الثاني بالإضافة إلى أمتها على أنّها طبيعة ثالثة، ضرورة عدم إمكان الحبل و الإحبال في مرأة واحدة و لا في رجل واحد.

الثاني: أنّه بعد عدم كون الخنثى طبيعة ثالثة، يجري في تشخيص كونها امرأة أو رجلًا دليل الانسداد، الذي مفاده حجّية الظنّ و لو لم يبلغ مرحلة الاطمئنان، و ربما يؤيّده ما عن روضة الواعظين عن الحسن بن علي (عليهما السّلام): «فإن كان ذكراً احتلم، و إن كانت أُنثى حاضت و بدا ثديها» «3». إلّا أن يقال: إنّ الذكر في الرواية

______________________________

(1) سورة الشورى: 42/ 49، سورة الزخرف: 43/ 12، سورة الحجرات: 49/ 13، سورة النّجم: 53/ 45، سورة القيامة: 75/ 39، سورة الليل: 92/ 3.

(2) الوسائل: 26/ 288، أبواب ميراث الخنثى ب 2 ح 5.

(3) روضة الواعظين: 58، الوسائل: 26/ 289، أبواب ميراث الخنثى ب 2 ح 7.

تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة - الطلاق، المواريث، ص: 488

[مسألة 4: الخنثى المشكل أي الذي لا تكون فيه المرجحات المنصوصة]

مسألة 4: الخنثى المشكل أي الذي لا تكون فيه المرجحات المنصوصة، و لا العلائم الموجبة للاطمئنان،

يرث نصف نصيب الرجال و نصف نصيب النساء (1).

[مسألة 5: لو لم يكن لشخص فرج الرجال و لا النساء، و خرج بوله من محلّ آخر كدبره]

مسألة 5: لو لم يكن لشخص فرج الرجال و لا النساء، و خرج بوله من محلّ آخر كدبره، فالأقوى العمل بالقرعة (2).

______________________________

دليل على أنّه من المرجّحات المنصوصة، و لكنه لم يذكر بهذا العنوان في كلمات الأصحاب.

(1) الخنثى المشكل الذي لا تكون فيه المرجّحات مطلقاً لا المنصوصة و لا غيرها، يرث نصف نصيب الرجال و نصف نصيب النساء، بعد العلم بأنّه لا يرث تمام النصيبين للعلم بعدم كون إرثه أزيد من الرجال و النساء، و يدلّ عليه صحيحة هشام بن سالم المتقدّمة «1» الدالّة على أنّه إن كانا سواء ورث ميراث الرجال و ميراث النساء بعد العلم بأنّ المراد ليس إرثهما جميعاً بل نصف النصيبين، و بمثل هذه الصحيحة الدالّة على حكم الخنثى المشكل من جهة الإرث، يخرج المقام عن كلّ أمر مشكل أو مشتبه ففيه القرعة «2»، فإنّ المراد منه و إن كان خصوص الحقوق على ما بيّناه في مبحث القرعة مفصّلًا في محلّه «3»، إلّا أنّ المقام لا يكون مصداقاً بعد وضوح دلالة الصحيحة على حكمه، كما عرفت.

(2) لو لم يكن لشخص فرج الرجال و لا النساء، و خرج بوله من محلّ آخر

______________________________

(1) في ص 483.

(2) روضة المتّقين: 6/ 215.

(3) القواعد الفقهية: 1/ 429 و ما بعدها.

تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة - الطلاق، المواريث، ص: 489

..........

______________________________

كدبره أو ثقبة لا تكون من الفرجين، فالظاهر أنّه من المصاديق الواضحة لأدلّة القرعة بعد العلم بأنّه لا يرث ميراث الرجال و النساء معاً، و يدلّ عليه أيضاً:

صحيحة الفضيل بن يسار قال: سألت أبا عبد اللّٰه (عليه السّلام) عن مولود ليس له ما للرجال، و لا له

ما للنساء، قال: يقرع عليه الإمام أو المقرع، يكتب على سهم عبد اللّٰه، و على سهم أمة اللّٰه، ثمّ يقول الإمام أو المقرع: اللهمَّ أنت اللّٰه لا إله إلّا أنت، عالم الغيب و الشهادة، أنت تحكم بين عبادك فيما كانوا فيه يختلفون، بيّن لنا أمر هذا المولود، كيف يورث ما فرضت له في الكتاب، ثمّ تطرح السّهام في سهام مبهمة، ثمّ تجال السهام على ما خرج ورّث عليه «1». و الظاهر أنّ الدعاء المزبور مستحبّ كما في بعض الروايات «2» الأُخر.

هذا، و عن ابني الجنيد «3» و حمزة «4» اعتبار البول، بل عن الشيخ في الاستبصار «5» الميل إليه، فإن كان يبول على مباله فهو أُنثى، و إن كان ينحّي البول فهو ذكر، نظراً إلى مرسل ابن بكير عنهم (عليهم السّلام): في مولود ليس له ما للرجال، و لا ما للنساء، إلّا ثقب يخرج منه البول، على أيّ ميراث يورّث؟ فقال: إن كان إذا بال يتنحّى بوله ورّث ميراث الذكر، و إن كان لا يتنحّى بوله ورّث ميراث الأُنثى «6».

هذا، و لكن الرواية ضعيفة بالإرسال بل الإضمار، فالعمل على الصحيحة.

______________________________

(1) الوسائل: 26/ 292، أبواب ميراث الخنثى ب 4 ح 2.

(2) الوسائل: 26/ 291 295، أبواب ميراث الخنثى ب 4.

(3) حكىٰ عنه في مختلف الشيعة: 9/ 102.

(4) الوسيلة: 402.

(5) الاستبصار: 4/ 187 ذيل ح 702.

(6) الوسائل: 26/ 294، أبواب ميراث الخنثى ب 4 ح 5.

تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة - الطلاق، المواريث، ص: 490

[مسألة 6: لو كان لشخص رأسان على صدر واحد، أو بدنان على حقو واحد]

مسألة 6: لو كان لشخص رأسان على صدر واحد، أو بدنان على حقو واحد، فطريق الاستعلام أن يوقظ أحدهما فإن انتبه دون الآخر فهما اثنان يورثان ميراث الاثنين، و إن

انتبها يورث إرث الواحد، ثمّ إنّ لهذا الموضوع فروعاً كثيرة جدّاً سيالة في أبواب الفقه مذكور بعضها في المفصّلات (1).

______________________________

(1) لو كان لشخص رأسان على صدر واحد، أو بدنان على حقو واحد، فطريق الاستعلام على ما في المتن أن يوقظ أحدهما، فإن انتبه دون الآخر فهما اثنان يرثان ميراث الاثنين، و إن انتبها يورث إرث الواحد، و يدلّ عليه:

رواية حريز، عن أبي عبد اللّٰه (عليه السّلام) قال: ولد على عهد أمير المؤمنين (عليه السّلام) مولود له رأسان و صدران على حقو واحد، فسئل أمير المؤمنين (عليه السّلام): يورث ميراث اثنين، أو واحداً (واحد)؟ فقال: يترك حتّى ينام، ثمّ يصاح به، فإن انتبها جميعاً معاً كان له ميراث واحد، و إن انتبه واحد، و بقي الآخر نائماً، يورّث ميراث اثنين «1».

و الرواية و إن كانت ضعيفة، إلّا أنّ استناد المشهور «2» إليها بل من غير خلاف، جابر لضعفها.

و أمّا قوله تعالى مٰا جَعَلَ اللّٰهُ لِرَجُلٍ مِنْ قَلْبَيْنِ فِي جَوْفِهِ «3» فلا دلالة له على التعدّد مطلقاً؛ لما حكي عن الشيخ (قدّس سرّه) في تبيانه «4»: ليس يمتنع أن يوجد قلبان في جوف واحد، إذا كان ما يوجد بينهما يرجع إلى حيّ واحد، إنّما التنافي أن يرجع ما يوجد منهما إلى حيّين.

______________________________

(1) الوسائل: 26/ 295، أبواب ميراث الخنثى ب 5 ح 1.

(2) المبسوط: 4/ 117، مسالك الافهام: 13/ 259، رياض المسائل: 9/ 199، جواهر الكلام: 39/ 298.

(3) سورة الأحزاب: 33/ 4.

(4) التبيان: 8/ 284.

تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة - الطلاق، المواريث، ص: 491

..........

______________________________

ثمّ إنّ الحكم في الرواية هل يختصّ بالميراث، خصوصاً مع أنّ الشهرة المحقّقة الجابرة إنّما هي بالإضافة إليه، أو يعمّ مطلقاً، أو في

بعض دون بعض؟ وجوه، و قد ذكر في المتن أنّ لهذه المسألة فروعاً كثيرة في أبواب الفقه، مثل: النكاح، و الشهادة و الجناية، و القصاص.

قال العلّامة في محكي القواعد: أمّا التكليف فاثنان مطلقاً «1»، و في محكي كشف اللثام في شرح قول العلّامة: أي يجب في الطهارة غسل الأعضاء جميعاً و في الصلاة مثلًا أن يصلّيا، فلا يجزي فعل أحدهما عن فعل الآخر؛ ليحصل اليقين من الخروج عن العهدة، و هل تجوز صلاة أحدهما منفرداً عن الآخر، أو يكفي في الطهارة غسل أعضائه خاصّة؟ يحتمل البناء على الاختبار بالانتباه، فإن اتّحدا لم يجز من باب المقدّمة و وجوب الاجتماع مطلقاً؛ لقيام الاحتمال و ضعف الخبر و اختصاصه بالإرث، ثمّ علّل الوحدة في النكاح باتّحاد الحقو و ما تحته، و إن كان أُنثى فيجوز لمن يتزوّجها أن يتزوّج ثلاثاً أُخر، لكن لا بدّ في العقد من رضاهما و إيجابهما أو قبولهما «2».

و بالتأمّل فيما ذكرنا يظهر النظر في جلّ كلامه، خصوصاً مع ما عرفت من انجبار ضعف السند بعمل المشهور، و مع أنّ المتفاهم عند العرف كون الطريق المذكور في الخبر طريقاً إلى الوحدة و التعدّد مطلقاً لا في خصوص باب الإرث، نعم لو كان الحكم مخالفاً للقاعدة لكان اللّازم الاقتصار على القدر المتيقّن، و لم يكن مجال لإسراء الحكم إلى سائر الموارد، فتدبّر جيّداً.

______________________________

(1) قواعد الأحكام: 2/ 187.

(2) كشف اللثام: 2/ 309.

تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة - الطلاق، المواريث، ص: 492

..........

______________________________

ميراث الغرقىٰ و المهدوم عليهم

[الفصل الثاني: في ميراث الغرقىٰ و المهدوم عليهم]

اشارة

الفصل الثاني:

في ميراث الغرقىٰ و المهدوم عليهم

[مسألة 1: لو مات اثنان بينهما توارث في آن واحد بحيث يعلم تقارن موتهما]

مسألة 1: لو مات اثنان بينهما توارث في آن واحد بحيث يعلم تقارن موتهما، فلا يكون بينهما توارث، سواء ماتا أو مات أحدهما حتف أنفه أو بسبب، كان السبب واحداً أو لكلّ سبب، فيرث من كلّ منهما الحيّ من ورّاثه حال موته، و كذا الحال في موت الأكثر من اثنين.

[مسألة 2: لو مات اثنان حتف أنف أو بسبب و شكّ في التقارن و عدمه]

مسألة 2: لو مات اثنان حتف أنف أو بسبب و شكّ في التقارن و عدمه، أو علم عدم التقارن و شكّ في المتقدّم و المتأخّر، فإن علم تاريخ أحدهما المعيّن

(1) لا شبهة في أنّه يعتبر في الإرث بقاء حياة الوارث عند موت المورّث، حتّى يصلح أن يصير مالكاً للإرث و منتقلًا عنه بالموت، فلو علم التقارن بين موتهما، و عدم تأخّر موت أحدهما عن الآخر و لو بلحظة، فلا يتحقّق التوارث بوجه، سواء ماتا أو مات أحدهما حتف أنفه أو مستنداً إلى سبب، و سواء كان السبب واحداً أو متعدّداً، ففي جميع الموارد يعتبر أن يكون الوارث حيّاً عند موت المورّث و لو بالحياة اليسيرة، و لا فرق في ذلك بين اثنين أو أكثر منهما، كما هو واضح لا يخفى.

تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة - الطلاق، المواريث، ص: 493

يرث الآخر أي مجهول التاريخ منه دون العكس، و كذا في أكثر من واحد، و لا فرق في الأسباب كما تقدّم (1).

[مسألة 3: لو مات اثنان و شك في التقارن و التقدّم و التأخّر و لم يعلم التاريخ]

مسألة 3: لو مات اثنان و شك في التقارن و التقدّم و التأخّر و لم يعلم التاريخ، فإن كان سبب موتهما الغرق أو الهدم فلا إشكال في إرث كلّ منهما من الآخر، و إن كان السبب غيرهما أيّ سبب كان، أو كان الموت حتف أنف أو اختلفا في الأسباب، فهل يحكم بالقرعة أو التصالح أو كان حكمه حكم الغرقى و المهدوم عليهم؟ وجوه، أقواها الأخير، و إن كان الاحتياط بالتصالح مطلوباً سيّما فيما كان موتهما أو موت أحدهما حتف أنف، و يجري الحكم في موت الأكثر من اثنين (2).

______________________________

(1) لو مات اثنان حتف أنف أو بسبب، فإن احتمل التقارن و شكّ فيه و

عدمه، أو علم بعدم التقارن و شكّ في المتقدّم و المتأخّر، فإن علم تاريخ موت أحدهما المعيّن، فمقتضى استصحاب بقاء حياة الآخر إلى بعد موته إرث الآخر، الذي يكون تاريخ موته مجهولًا دون العكس؛ لعدم إحراز حياته بعد موت المورّث، لا بالاستصحاب و لا بغيره؛ لاحتمال تقدّم موته على حياة الآخر من دون فرق بين أن يكون كلاهما مجهولي التاريخ أو كان الوارث كذلك، و كذا لا فرق في ذلك بين اثنين أو أكثر، كما أنّه لا فرق بين الأسباب كما تقدّم، إذ لا فرق في الجميع من هذه الجهة كما لا يخفى.

(2) لا شبهة في دلالة الروايات «1» المستفيضة بل المتواترة على ثبوت التوارث بين الغرقى بعضهم مع بعض، و كذا بين المهدوم عليهم كذلك، و كذا أنّه لا خلاف فيه

______________________________

(1) الوسائل: 26/ 307 308، أبواب ميراث الغرقى ب 1.

تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة - الطلاق، المواريث، ص: 494

..........

______________________________

بل الإجماع «1» عليه على خلاف القاعدة، التي تقتضي كون الشكّ في الشرط شكّاً في المشروط؛ لما عرفت من اعتبار إحراز حياة الوارث عند موت المورّث و هو مشكوك.

إنّما الكلام في اختصاص هذا الحكم المخالف للقاعدة بخصوص الغرقى و المهدوم عليهم، أو أنّ هذين العنوانين في الروايات إنّما هو لأجل كون الغرق أو الهدم موجباً للتقارن أو الشكّ في المتقدّم و المتأخّر غالباً، و أمّا في زماننا هذا الذي يكون موت أكثر من واحد شائعاً بسبب تصادم السيارات و سقوط الطائرات، أو كان الموت بسبب الحرق أو القتل و أمثال ذلك من الموارد، يكون الحكم كالغرقى و المهدوم عليهم.

فالمحكي عن المشهور «2»: أنّهم اقتصروا في الحكم المزبور على خصوص الغرقى و المهدوم عليهم

دون غيرهم. و لعلّه لأجل ما عرفت من أنّه يقتصر في الحكم المخالف للقاعدة على القدر المتيقّن، و هما عنوانا الغرقى و المهدوم عليهم دون غيرهما، خصوصاً إذا كان الموت حتف الأنف لا يبعد أن يقال بالوجه الثاني و إن كان مخالفاً للمشهور؛ لأنّ المتفاهم من العنوانين ليس إلّا ما ذكر لا خصوصهما، و لكن في المتن احتمل فيه وجوهاً ثلاثة، و إن جعل الأقوى الأخير: القرعة، و التصالح، و جريان حكم الغرقى و المهدوم عليهم، ثمّ قال: «و إن كان الاحتياط بالتصالح مطلوباً سيّما فيما إذا كان موتهما أو موت أحدهما حتف أنف». و لا إشكال في حسن الاحتياط بالتصالح، و إن كانت الاستفادة من الدليل ممكنة عند العرف المحكّم في هذه الموارد، كما لا يخفى.

______________________________

(1) الخلاف: 4/ 31 32 مسألة 23، مسالك الأفهام: 13/ 269، جواهر الكلام: 39/ 306.

(2) جواهر الكلام: 39/ 307.

تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة - الطلاق، المواريث، ص: 495

[مسألة 4: لو ماتا و علم تقدّم أحدهما على الآخر و شكّ في المتقدّم و جهل تاريخهما]

مسألة 4: لو ماتا و علم تقدّم أحدهما على الآخر و شكّ في المتقدّم و جهل تاريخهما فالأقوى الرجوع إلى القرعة، سواء كان السبب الغرق أو الهدم أو غيرهما، أو ماتا أو أحدهما حتف أنف (1).

[مسألة 5: طريق التوريث من الطرفين أن يفرض حياة كلّ واحد منهما حين موت الآخر]

مسألة 5: طريق التوريث من الطرفين أن يفرض حياة كلّ واحد منهما حين موت الآخر، و يرث من تركته حال الموت، ثمّ يرث وارثه الحيّ ما ورثه، نعم لا يرث واحد منهما ممّا ورث الآخر منه، فلو مات ابن و أب و لم يعلم التقدّم و التأخّر و التقارن، و كان للأب غير الابن الذي مات معه ابنة، و كان ما تركه تسعمائة، و كان للابن الميّت ابن و ما تركه ستمائة، فيفرض أوّلًا موت الأب و حياة الابن، فيرث من أبيه ستمائة ثلثي التركة، و هي حقّ ابنه أي ابن ابن الميّت، و الباقي حقّ أُخته، ثمّ يفرض موت الابن و حياة الأب، فيرث منه مائة سدس تركته، و يؤتى ابنته، و الباقي حقّ ابن ابنه (2).

______________________________

(1) قد عرفت أنّ أصل الحكم في الغرقى و المهدوم عليهم على خلاف القاعدة المقتضية لإحراز الشرط في ترتّب المشروط. فاعلم أنّ موردها إذا كان هناك ثلاثة احتمالات: احتمال تقدّم موت زيد مثلًا، و احتمال تقدّم موت عمرو كذلك، و احتمال ثبوت التقارن بين الموتين بحيث لم يكن متقدّم و متأخّر، أمّا إذا لم يكن هناك الاحتمال الثالث بأن علم بتقدّم أحدهما و تأخّر الآخر، فهو خارج عن مورد تلك الروايات المستفيضة بل المتواترة كما عرفت، فاللّازم في مثله الرجوع إلى قاعدة القرعة؛ لأنّ المورد من الموارد المشكلة التي يجب الرجوع إلى القرعة، و هذا من دون فرق بين ما إذا كان

السبب الغرق أو الهدم أو غيرهما، أو ماتا أو أحدهما حتف أنف، كما لا يخفى.

(2) كيفية التوارث بين الطرفين في الغرقى و المهدوم عليهم و من يلحق بهم في

تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة - الطلاق، المواريث، ص: 496

[مسألة 6: يشترط في التوريث من الطرفين عدم الحاجب من الإرث في كلّ منهما]

مسألة 6: يشترط في التوريث من الطرفين عدم الحاجب من الإرث في كلّ منهما، و لو كان أحدهما محجوباً يرث منه صاحبه، كما أنّه لو لم يكن لأحدهما ما ترك من مال أو حقّ يرث ممّن له ذلك، فلا يشترط في إرثه منه إرث الطرف منه (1).

______________________________

الحكم على ما عرفت أن يفرض حياة كلّ واحد منهما حين موت الآخر و يرث من تركته حال الموت، ثمّ يرث وارثه الحيّ ما ورثه و لا يرث واحد منهما ممّا ورث الآخر منه، و ذكر في المتن مثالًا للتوضيح، و هو أنّه لو مات أب و ابن، و لم يعلم شي ء من الأُمور الثلاثة: التقدّم و التأخّر و التقارن، و كان للأب غير الابن الذي مات معه كذلك ابنة، و كان ما تركه الأب تسعمائة، و كان لابن الميّت ابن و ما تركه ستمائة، فيفرض أوّلًا موت الأب و حياة الابن، و حيث إنّ المفروض وجود الابنة للأب أيضاً، فتركته التي هي تسعمائة تقسّم أثلاثاً بين الابن و الابنة للذكر مثل حظّ الأُنثيين؛ لعدم ثبوت الفرض في هذه الصورة لاجتماع الابن و الابنة، و عليه فيصيب الابن ستمائة ثلثي التركة، و ينتقل منه إلى ابنه الوحيد، و الباقي و هي ثلاثمائة نصيب الابنة، ثمّ يفرض موت الابن و حياة الأب، و حيث إنّ نصيب الأب السدس مع وجود الولد و هو ابن الابن ينتقل من تركة الابن

الميّت و هي ستمائة سدسها و هو مائة إلى الأب، و حيث إنّ وارثه الحيّ المتفرّد هي الابنة على ما هو المفروض تنتقل المائة إليها، و الباقي و هو خمسمائة نصيب ابن الابن كما ذكرنا، فيكون إرثهما من مجموع التركتين أربعمائة من الألف و خمسمائة للابنة، و الألف و المائة لابن الابن، فتدبّر جيّداً.

(1) يشترط في التوريث من الطرفين أمران:

أحدهما: عدم الحاجب عن الإرث في كلّ منهما كالمثال المذكور في المسألة

تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة - الطلاق، المواريث، ص: 497

..........

______________________________

السابقة، و لو كان أحدهما محجوباً دون الآخر لا يرث المحجوب من غيره من دون عكس، كما لو مات أخ و أُخت و كان للأخ مثلًا ابن دون الأُخت، فإنّه لا ترث الأُخت من أخيها بعد وجود الابن له؛ لأنّ الأولاد في الطبقة الأُولى و الإخوة في الطبقة الثانية، و هي محجوبة بالطبقة الاولى، و لا تلازم في البين كما لا يخفى.

ثانيهما: ثبوت الموضوع للإرث، و هو ما تركه الميّت من مال أو حقّ، فلو كان لأحدهما ذلك دون الآخر يرث الآخر دون الأوّل لانتفاء موضوع الإرث فيه، و قد عرفت أنّه لا تلازم بين الأمرين، و إنّ إرث أحدهما من الآخر مشروط بإرث الآخر منه، و هذا واضح جدّاً.

تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة - الطلاق، المواريث، ص: 498

[الفصل الثالث: في ميراث المجوس و غيرهم من الكفّار]

اشارة

الفصل الثالث:

في ميراث المجوس و غيرهم من الكفّار

[مسألة 1: المجوس و غيرهم من فرق الكفّار قد ينكحون المحرّمات عندنا بمقتضى مذهبهم على ما قيل]

مسألة 1: المجوس و غيرهم من فرق الكفّار قد ينكحون المحرّمات عندنا بمقتضى مذهبهم على ما قيل، و قد ينكحون المحلّلات عندنا، فلهم نسب و سبب صحيحان و فاسدان (1).

______________________________

(1) العلّة في إيراد هذا الفصل ما هو الشائع من أنّ المجوس قد ينكحون المحرّمات كالبنت و الأُخت و الأُمّ، مع أنّك عرفت «1» أنّي رأيت في بلدة يزد التي هي مركز المجوس حين إقامتي إيّاها بالإقامة الإجبارية في زمن الطاغوت كتاباً ألّفه بعض فضلائهم، قد أنكر فيه أشدّ الإنكار ذلك، و قال: إنّ المجوس لا ينكحون المحرّمات النسبية العرفيّة كالأُمّ و الأُخت و البنت، و زعم أنّ هذا بهتان عليهم، و إيراد غير صحيح على مذهبهم الفاسد.

و كيف كان، فلا إشكال في أنّ المجوس و غيرهم من فرق الكفّار، إذا لم يكن نكاحهم صحيحاً في مذهبهم و لو كان باطلًا عندنا لا يتحقّق بينهم توارث،

______________________________

(1) في ص 342.

تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة - الطلاق، المواريث، ص: 499

[مسألة 2: لا يرث مجوسي و لا غيره]

مسألة 2: لا يرث مجوسي و لا غيره ممّن لا يكون بينه و بينه نسب أو سبب صحيح في مذهبه (1).

[مسألة 3: لو كان نسب أو سبب صحيح في مذهبهم و باطل عندنا]

مسألة 3: لو كان نسب أو سبب صحيح في مذهبهم و باطل عندنا، كما لو نكح أحدهم بامّه أو بنته و أولدها، فهل لا يكون بين الولد و بينهما و كذا بين الزوج و الزوجة توارث مطلقاً، و إنّما التوارث بالنسب و السبب الصحيحين عندنا، أو يكون التوارث بالنسب و لو كان فاسداً و بالسبب الصحيح دون الفاسد، أو يكون بالأمرين صحيحهما و فاسدهما؟ وجوه و أقوال، أقواها الأخير (2).

______________________________

و هكذا في ناحية النسب، كما أنّ الأمر كذلك بالإضافة إلى مذهبنا، فإنّ ولد الزنا لا يكون بينه و بين أبويهما العرفيين توارث أصلًا، و لعلّ هذا هو القدر المتيقّن من الآثار غير المترتّبة على ولد الزنا، و إلّا فالمحرمية و عدم جواز التناكح بينه و بين والديهما، و كذا بعض الآثار الأُخر ثابتة؛ لترتّبها على النسب العرفي لا الشرعي، كما قد حقّقناه فيما سبق «1».

(1) قد عرفت أنّ المجوسي و لا غيره لا يرث ممّن لا يكون بينه و بينه نسب أو سبب صحيح و لو في مذهبه؛ لعدم ثبوت موجبات الإرث أصلًا. نعم لو كان صحيحاً في مذهبه باطلًا عندنا لا مانع من التوارث، كما سيجي ء بيان مصاديقه مفصّلًا فانتظر.

(2) في المسألة وجوه بل أقوال:

الأوّل: ما حكي عن يونس بن عبد الرحمن «2» من أجلّاء رجال الكاظم

______________________________

(1) في ص 339 340.

(2) الكافي: 7/ 145، التهذيب: 9/ 364، الاستبصار: 4/ 188.

تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة - الطلاق، المواريث، ص: 500

..........

______________________________

و الرضا (عليهما السّلام)، و من تبعه من جماعة كثيرة، كالمفيد «1»

في أحد النقلين و المرتضى «2» و التقيّ «3» و الحلّي «4» و الفاضل «5». بل نسب إلى جمهور الإمامية «6» من عدم التوريث إلّا بالنسب و السبب الصحيحين عندنا؛ لعموم ما دلّ على فساده للمسلم و الكافر؛ لقوله تعالى في موارد متعدّدة بإيجاب الحكم عليهم بما أنزل اللّٰه «7».

الثاني: ما اختاره الفضل بن شاذان «8» النيشابوري من قدماء الفضلاء من رجال الهادي و العسكري (عليهما السّلام)، و تابعه ابنا أبي عقيل «9» و بابويه «10» و الفاضل في القواعد «11» و غيرهم «12». بل في الرياض نسبته إلى أكثر من تأخّر «13». و استحسنه المحقّق في الشرائع «14» بعد أن حكاه عن المفيد «15» أي في النقل الآخر؛ و هو التوارث

______________________________

(1) الإعلام بما اتّفقت عليه الإماميّة من الأحكام: 66، المطبوع في ضمن سلسلة مؤلّفات الشيخ المفيد: 9.

(2) راجع رسائل الشريف: 1/ 266. و الظاهر انّ النسبة غير صحيحة.

(3) الكافي في الفقه: 376.

(4) السرائر: 3/ 288.

(5) مختلف الشيعة: 9/ 110.

(6) الإعلام بما اتّفقت عليه الإماميّة من الأحكام: 66، المطبوع في ضمن مؤلفات الشيخ المفيد: 9.

(7) سورة المائدة: 5/ 42 و 49، سورة الكهف: 18/ 29.

(8) التهذيب: 9/ 364، الإستبصار: 4/ 188.

(9) حكىٰ عنه في مختلف الشيعة: 9/ 106.

(10) المقنع: 507.

(11) قواعد الاحكام: 2/ 190.

(12) إيضاح الفوائد: 4/ 275، الروضة البهية: 8/ 223، مسالك الافهام: 13/ 280 284، كشف الرموز: 2/ 483.

(13) رياض المسائل: 9/ 213.

(14) شرائع الإسلام: 4/ 52.

(15) المقنعة: 699 الهامش (6).

تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة - الطلاق، المواريث، ص: 501

..........

______________________________

بالنسب مطلقاً صحيحه و فاسده، و السبب الصحيح لصحّة النسب الناشئ عن الشبهة شرعاً، بخلاف السبب فإنّه لا يقال للموطوءة بشبهة:

إنّه عقد أو غيره إنّها زوجة و هكذا مثله.

الثالث: ما حكاه صاحب الجواهر عن المفيد فيما حضره من نسخة مقنعته «01» و الشيخ أبو جعفر الطوسي «1» و من تبعهما كسلّار «2» و القاضي «3» و ابن حمزة «4» و غيرهم «5». بل في محكي التحرير أنّه المشهور «6»، و عن الإسكافي أنّه مشهور عن عليّ (عليه السّلام) «7» من الإرث بالنسب و السبب الصحيحين و الفاسدين «8»؛ لما رواه السكوني، عن جعفر، عن أبيه، عن عليّ (عليهم السّلام): أنّه كان يورث المجوسي إذا تزوّج بامّه و بابنته من وجهين: من وجه أنّها امّه، و وجه أنّها زوجته «9».

و رواية قرب الإسناد، عن جعفر، عن أبيه، عن عليّ (عليهم السّلام): أنّه كان يورث المجوس إذا أسلموا من وجهين بالنسب، و لا يورث على النكاح «01»؛ أي فقط.

______________________________

(01) المقنعة: 699.

(1) النهاية: 683، التهذيب: 9/ 364 ب 37، الاستبصار: 4/ 188.

(2) المراسم: 225 226.

(3) المهذّب: 2/ 170.

(4) الوسيلة: 403.

(5) مختلف الشيعة: 9/ 105. التنقيح الرائع: 4/ 221 223، المؤتلف من المختلف: 2/ 50.

(6) تحرير الأحكام: 2/ 176.

(7) حكىٰ عنه في مختلف الشيعة: 9/ 106.

(8) جواهر الكلام: 39/ 322.

(9) الوسائل: 26/ 317، أبواب ميراث المجوس ب 1 ح 1.

(01) الوسائل: 26/ 318، أبواب ميراث المجوس ب 1 ح 4.

س

تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة - الطلاق، المواريث، ص: 502

[مسألة 4: لو اجتمع موجبان للإرث أو أكثر لأحدهم، يرث بالجميع]

مسألة 4: لو اجتمع موجبان للإرث أو أكثر لأحدهم، يرث بالجميع مثل أُمّ هي زوجته، فلها نصيب الزوجة من الربع أو الثمن و نصيب الأُمومة، و لو ماتت فله نصيب الزوج و الابن (1).

[مسألة 5: لو اجتمع سببان و كان أحدهما مانعاً من الآخر]

مسألة 5: لو اجتمع سببان و كان أحدهما مانعاً من الآخر، ورث من جهة المانع فقط مثل بنت هي أُخت من أُمّ، فلها نصيب البنت لا الأُخت، و بنت هي بنت بنت، فلها نصيب البنت فقط (2).

______________________________

(1) بناءً على ما ذكرنا في شرح المسألة السابقة من ثبوت التوارث بالنسب و السبب أعمّ من صحيحهما و فاسدهما، لو اجتمع موجبان للإرث أو أكثر لأحدهم يرث بالجميع مع عدم كون أحدهما مانعاً عن الآخر و قابلًا للاجتماع معه مثل من تزوّج مع امّه، فإنّه في صورة موت الزوج ترث الزوجة بالزوجية و الأُمومة؛ لأنّهما سببان غير مانع أحدهما عن الآخر، و في صورة موت الزوجة يرث الزوج نصيبه من النصف أو الربع، و كذا نصيب الابن كالابن في سائر الموارد؛ لما ذكرنا من أنّهما سببان غير مانع أحدهما عن الآخر فيرث بهما.

(2) قد علم ممّا ذكرنا أنّ الإرث بالسببين أو أكثر إنّما هو فيما إذا لم يكن مانع و ممنوع، مثل عدم الوقوع في رتبة واحدة، فلو كان كذلك فمن الواضح أنّه يرث بالسبب المانع دون الممنوع لانتفاء الموجب معه، ففي المثالين المذكورين في المتن لو تزوّج بنتاً هي أُخت من أُمّ، فلها مع موته نصيب البنت مضافاً إلى الزوجية لا الأُخت؛ لوقوع الإخوة في المرتبة المتأخّرة عن الأولاد كما ذكرنا سابقاً «1»، و كذا

______________________________

(1) في ص 409.

تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة - الطلاق، المواريث، ص: 503

[مسألة 6: لو كان لامرأة زوجان أو أكثر و صحّ في مذهبهم فماتت]

مسألة 6: لو كان لامرأة زوجان أو أكثر و صحّ في مذهبهم فماتت، فالظاهر أنّ إرث الزوج أي النصف أو الربع يقسّم بينهم بالسّوية كإرث الزوجات منه، و لو مات أحد الزوجين فلها منه نصيبها من الربع

أو الثمن، و لو ماتا فلها من كلّ منهما نصيبها من الربع أو الثمن (1).

[مسألة 7: لو تزوّجوا بالسبب الفاسد عندهم و الصحيح عندنا]

مسألة 7: لو تزوّجوا بالسبب الفاسد عندهم و الصحيح عندنا، فلا يبعد جريان حكم الصحيح عليه، و لكن ألزموا فيما عليهم بما ألزموا به أنفسهم (2).

______________________________

لو تزوّج بنتاً هي في الواقع بنت بنت، فإنّ الثابت هنا نصيب البنت فقط؛ لما ذكرنا من تقدّم الأولاد على الإخوة رتبةً، و هكذا في سائر الموارد، و الضابط ما ذكرنا من الإرث بالسبب المانع دون الممنوع، كما لا يخفى.

(1) لو كان لامرأة زوجان أو أكثر، و فرضت الصحّة في مذهبهم الفاسد، فإن ماتت الزوجة يقسّم نصيب الزوج من النصف أو الربع بينهما أو بينهم بالسّوية، مثل ما إذا كان للزوج الواحد في مذهبنا زوجات متعدّدة، فإنّهن يرثن الربع أو الثمن بالسّوية كما تقدّم «1». و لو مات الزوج فإن مات أحدهما فلها منه نصيبها من الربع أو الثمن، كما إذا لم يكن لها إلّا زوج واحد قد مات، و أمّا لو مات كلاهما فلها من كلّ منهما نصيبها من الربع أو الثمن على ما يقتضيه التوارث و لو في مذهبهم الفاسد عندنا، كما لا يخفى.

(2) لو تزوّجوا بالسبب الفاسد عندهم الصحيح عندنا، كما لو فرض اعتبار إشهاد عدلين عندهم في صحّة عقد النكاح كأهل التسنّن، مع عدم اعتباره عندنا في

______________________________

(1) في ص 461 462.

تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة - الطلاق، المواريث، ص: 504

[مسألة 8: المسلم لا يرث بالسبب الفاسد]

مسألة 8: المسلم لا يرث بالسبب الفاسد، فلو تزوّج أحد محارمه لم يتوارثا بهذا التزويج و إن فرض كونه عن شبهة، فلو تزوّج امّه من الرضاع أو من الزنا فلا يتوارثان به (1).

______________________________

النكاح، و إن كان معتبراً في الطلاق بمقتضى قوله تعالى وَ أَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ «1» فقد نفى البعد في المتن

عن جريان حكم الصحيح عليه لقاعدة الإلزام المعروفة، التي يتكلّم فيها في البحث عن القواعد الفقهية، و قد فصّلنا الكلام فيها في كتابنا في القواعد المذكورة «2». نعم ينبغي التنبيه على أمرين:

أحدهما: أنّه هل القاعدة المذكورة تختصّ بأهل التسنّن من إخواننا المسلمين؟ فيجوز نكاح من طلّقت ثلاثاً في مجلس واحد لصحّتها عندهم و عدم صحّتها عندنا، أو تعمّ الكفّار أيضاً مجوسياً كان أو غيره؟

و ثانيهما: أنّه هل القاعدة تختصّ بما إذا كان صحيحاً في مذهبهم و باطلًا عندنا كالمثال المفروض، أو أنّها تشمل العكس أيضاً و هو ما إذا كان باطلًا في مذهبهم و صحيحاً عندنا؟ و التفصيل في الأمرين مذكور في محلّه فراجع.

(1) أمّا عدم التوارث بالسبب الفاسد، فلأجل فرض فساد السبب الموجب لعدم تأثيره أصلًا و عدم حصول علقة شرعية بينهما، فلو تزوّج أحد محارمه لا يتحقّق التوارث بهذا التزويج، سواء كان لأجل تخيّل الصحّة، و فرض كونه عن شبهة أم لا، و قد تقدّم منّي في كتاب النكاح «3» نقل قصّة في هذا المقام، و هو أنّي حينما

______________________________

(1) سورة الطلاق: 65/ 2.

(2) القواعد الفقهية: 1/ 167 197.

(3) تفصيل الشريعة/ كتاب النكاح: القول في المصاهرة و ما يلحق بها، مسألة 15- 18.

تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة - الطلاق، المواريث، ص: 505

[مسألة 9: المسلم يرث بالنسب الصحيح و كذا الفاسد لو كان عن شبهة]

مسألة 9: المسلم يرث بالنسب الصحيح و كذا الفاسد لو كان عن شبهة، فلو اعتقد أنّ امّه أجنبيّة فتزوّجها و أولد منها يرث الولد منهما و هما منه، فيأتي في المسلم مع الشبهة الفروع التي تتصوّر في المجوس، و لا فرق في الشبهة بين الموضوعيّة و الحكميّة (1).

______________________________

كنت مقيماً في بلدة يزد بالإقامة الإجبارية، و كنت أسير في بعض

الشوارع، لقيني ذات يوم رجل، و كان معي بعض أصدقائي الذي كان يعاونني في أمر ابتياع بعض الأشياء، و السير معي في الحركة في البلد و أطرافه، فسألني عن أنّه هل يجوز له نكاح أُخت زوجته بالنكاح المنقطع، و الزوجة في حباله بالنكاح الدائم؟ فقلت له: هذا غير جائز باتّفاق الفقهاء، و ليست المسألة اختلافية ذات قولين أو أقوال حتّى تكون المراجع مختلفة أحياناً، فذهب ثمّ بعد مدّة سمعت أنّه سأل بعض من ينتحل العلم ممّن صورته حاكية عن كمال اطلاعه و باطنه دليل على كمال جهله عن نفس المسألة عيناً، فأجابه بالجواز، و أقدم ذلك الرجل على النكاح المزبور، ففي أمثال هذه الموارد و إن كان الوطء بالشبهة محقّقاً للواطئ، و لا يكون الوطء بمحرّم مع عدم احتمال الخلاف، إلّا أنّ عدم الحرمة أمر، و التوارث الذي لا بدّ من أن يكون سببه نكاحاً صحيحاً أمر آخر، و لا تلازم بين الأمرين.

نعم، الولد الحاصل من هذا الوطء يتحقّق التوارث بينه و بين الواطئ، كما سيأتي في المسألة الآتية إن شاء اللّٰه تعالى.

(1) كما أنّ المسلم يرث بالنسب الصحيح، كذلك يرث بالنسب الفاسد لو لم يكن زنا بل كان عن شبهة، ففي المثال المذكور في المتن لو اعتقد أنّ امّه أجنبيّة فتزوّجها و أولد منها ولداً يرث الولد من كليهما و هما منه، فالوطء بالشبهة في

تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة - الطلاق، المواريث، ص: 506

[مسألة 10: لو اختلف اجتهاد فقيهين في صحّة تزويج و فساده]

مسألة 10: لو اختلف اجتهاد فقيهين في صحّة تزويج و فساده كتزويج أُمّ المزني بها أو المختلقة من ماء الزاني، فتزوّج القائل بالصحّة أو مقلّده ليس للقائل بالفساد ترتيب آثار الصحّة عليه، فلا توارث بينهما عند المبطل

(1).

______________________________

المثال و إن لا يكون موجباً للتوارث بين الابن و الأُمّ من جهة الزوجيّة؛ لأنّ المفروض أنّها سبب فاسد، و قد تقدّم في المسألة السابقة عدم التوارث بسببه، إلّا أنّه يرث الولد بالنسب و إن كان فاسداً بمعنى عدم تحقّق النكاح الصحيح الشرعي لفرض كون الزوجة أُمّة واقعاً، و عليه فيأتي في المسلم الفروع التي تتصوّر في المجوس، بالإضافة إلى الشبهة في خصوص النسب من دون فرق بين أن تكون الشبهة حكمية أو موضوعية.

و أمّا ولد الزنا فقد عرفت «1» أنّ القدر المتيقّن المسلّم من عدم ترتّب أحكام الولدية هو عدم التوارث بينه و بين أبويه، و إلّا فجملة من الأحكام يكون موضوعها النسب العرفي، كعدم جواز تزويج والديه معه و جواز النظر إليه و ثبوت المحرميّة كسائر الموارد، فتدبّر جيّداً.

(1) لو اختلف اجتهاد فقيهين في صحّة تزويج و فساده كتزويج أُمّ المزني بها أو المختلقة من ماء الزاني من دون أن يتحقّق الزنا، فتزوّج القائل بالصحّة أو مقلّده مع مقلّد القائل بالفساد، فلا إشكال في أنّه لا سبيل للقائل بالفساد و ترتيب آثار الصحّة عليه.

نعم، يجوز للقائل بالصحّة النظر و الوطء مع الغفلة أو بدونها، كما أنّه يجوز التصرّف للقائل بالصحّة فيما يرثه منه؛ لاعتقاده بثبوت إرث الزوجية له

______________________________

(1) في ص 339 340.

تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة - الطلاق، المواريث، ص: 507

..........

______________________________

و لا عكس، كما لا يخفى.

و قد تمّ بحمد اللّٰه الكلام في هذا المقام شرح كتاب المواريث من تحرير الوسيلة للإمام الراحل الخميني قدّس سرّه الشريف. و أنا الأقلّ الفاني محمد الفاضل اللنكراني عفا اللّٰه تعالى عنه و عن والديه، المرحومين اللذين كان لهما حقّ عظيم عليّ. و من العجب

أنّ الختام صار مصادفاً لعشر سنوات من وفاة الوالدة العلوية المحترمة، فالرجاء منه تعالى المغفرة لها و العفو عنها بحقّ أجدادها الطاهرين، سلام اللّٰه عليهم أجمعين. و كان ذلك في اليوم السابع من شهر ربيع الثاني من شهور سنة 1420 القمرية في حال كبر السن تقريباً، و تهاجم الأمراض الكثيرة المتنوّعة، و عدم ضياء البصر، و الهموم الاجتماعية من نواحي مختلفة، التي يهدّد بعضها الثورة الإسلامية، التي بناها السيّد المحقّق الماتن جزاه اللّٰه خير الجزاء، و حشره مع أجداده المعصومين، سلام اللّٰه عليهم أجمعين، آمين ربّ العالمين.

تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة - الطلاق، المواريث، ص: 509

مصادر التحقيق

1- القرآن الكريم

- أ-

2- الإحتجاج، لأبي منصور أحمد بن علي بن أبي طالب الطبرسي (م 548)، بيروت، 1410 ه.

3- أحكام القرآن، لأبي بكر أحمد الرازي الجصّاص (م 370)، المكتبة التجارية، مكة المكرّمة.

4- أحكام القرآن، لأبي بكر محمد بن عبد اللّٰه المعروف بابن العربي (468- 543) دار الفكر، بيروت.

5- إرشاد الأذهان إلى أحكام الإيمان، للعلّامة أبي منصور الحسن بن يوسف بن المطهّر الحلّي (648- 726)، مؤسسة النشر الإسلامي، قم، الطبعة الأولى، 1410 ه.

6- الإرشاد في معرفة حجج اللّٰه على العباد، لأبي عبد اللّٰه محمد بن محمد بن النعمان العكبري البغدادي المعروف بالشيخ المفيد (326- 413)، مؤسسة آل البيت (عليهم السّلام)، دار المفيد، بيروت، 1414 ه.

7- الاستبصار فيما اختلف من الأخبار، لشيخ الطائفة أبي جعفر محمّد بن الحسن الطوسي (385- 460)، دار الكتب الإسلامية، طهران، الطبعة الثالثة، 1390 ه.

8- الإشراف على مذاهب أهل العلم، لأبي بكر محمد بن إبراهيم بن المنذر النيسابوري (م 309)، دار الفكر، بيروت، 1414 ه.

9- إصباح الشيعة، لقطب الدين محمّد بن الحسين البيهقي الكيدري

(من أعلام القرن السادس)، مؤسسة الإمام الصادق (عليه السّلام)، قم، الطبعة الأولى، 1416 ه.

10- الإعلام بما اتّفقت عليه الإمامية من الأحكام، لمحمّد بن محمد بن النعمان ابن المعلم أبي عبد اللّٰه العكبري البغدادي، المعروف بالشيخ المفيد (326- 413)، سلسلة مؤلّفات الشيخ المفيد ج 9، دار

تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة - الطلاق، المواريث، ص: 510

المفيد، بيروت 1414 ه.

11- الامّ، لمحمّد بن إدريس الشافعي (150- 204)، دار المعرفة، بيروت، الطبعة الأولى، 1408 ه.

12- الإنتصار، للسيّد علي بن الحسين الموسوي، المعروف بالشريف المرتضى و علم الهدى (355- 436)، مؤسسة النشر الإسلامي، قم، الطبعة الأولى، 1415 ه.

13- الإنصاف، لعلاء الدين أبي الحسن علي بن سليمان المرداوي (م 885)، دار إحياء التراث العربي، بيروت.

14- إيضاح الفوائد في شرح القواعد، لفخر المحقّقين محمد بن الحسن بن يوسف بن المطهّر (م 771) المطبعة العلمية، قم، الطبعة الأولى، 1387 ه.

- ب-

15- بحار الأنوار، للعلّامة محمد باقر بن محمّد تقي المجلسي (1037- 1110)، دار الكتب الإسلامية، طهران، 1385 ه.

16- بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع، لأبي بكر بن سعود الكاساني (م 587)، دار إحياء التراث العربي، بيروت، الطبعة الأولى، 1417 ه.

17- بداية المجتهد و نهاية المقتصد، لأبي الوليد محمد بن أحمد بن رشد القرطبي (520- 595) منشورات الشريف الرضي، قم، 1406 ه.

- ت-

18- التبيان في تفسير القرآن، لشيخ الطائفة أبي جعفر محمّد بن الحسن الطوسي (385- 460)، من منشورات مؤسسة الأعلمي للمطبوعات، بيروت [بالاوفست عن طبعة النجف الأشرف].

19- تحرير الأحكام، للعلّامة جمال الدين الحسن بن يوسف بن المطهّر الحلّي (648- 726)، مؤسسة آل البيت (عليهم السّلام) لإحياء التراث، قم [بالاوفست عن طبعته الحجرية].

20- تحف العقول عن آل الرسول (عليهم السّلام)، لحسن بن

علي بن الحسين بن شعبة الحراني، (من أعلام القرن الرابع)، مؤسسة النشر الإسلامي، الطبعة الخامسة، قم، 1417 ه.

تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة - الطلاق، المواريث، ص: 511

21- تذكرة الفقهاء، للعلّامة جمال الدين الحسن بن يوسف بن المطهّر الحلّي (648- 726)، منشورات المكتبة المرتضوية لإحياء الآثار الجعفرية، طهران، [الطبعة الحجرية].

22- تفسير البيضاوي (مع حاشية الشهاب)، لعبد اللّٰه أبو الخير ناصر الدين البيضاوي (م 791)، بيروت، دار إحياء التراث العربي.

23- تفسير الطبري (جامع البيان)، لأبي جعفر محمد بن جرير الطبري (م 310)، دار المعرفة، بيروت، 1400 ه.

24- تفسير العيّاشي، لأبي النضر محمد بن مسعود بن محمد بن عيّاش السمرقندي (من أعلام القرن الرابع)، المكتبة العلمية الإسلامية، طهران.

25- تفسير القمي، لأبي الحسن علي بن إبراهيم القمي (من أعلام قرني 3- 4)، منشورات العلّامة، قم.

26- تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة- الاجتهاد و التقليد، لمحمّد الفاضل اللنكراني، مؤسسة النشر الإسلامي، قم، الطبعة الثانية، 1409.

27- تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة- كتاب الطهارة، قسم التيمّم، لمحمّد الفاضل اللنكراني، مؤسسة العروج، الطبعة الأولى، 1419 ه.

28- تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة- كتاب الطهارة، قسم النجاسات، المطبعة العلمية، قم، الطبعة الأولى، 1368 ش.

29- تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة- كتاب الحدود، لمحمّد الفاضل اللنكراني، المطبعة العلمية، قم، الطبعة الأولى، 1406 ه.

30- تقريرات ثلاثة لبحث آقا حسين البروجردي، للشيخ علي پناه الإشتهاردي، مؤسسة النشر الإسلامي، قم، الطبعة الأولى، 1413 ه.

31- تلخيص الخلاف، لمفلح بن حسن بن رشيد الصيمري (من أعلام القرن التاسع)، مكتبة آية اللّٰه المرعشي النجفي، قم، الطبعة الأولى، 1408 ه.

32- التنقيح الرائع لمختصر الشرائع، لجمال الدين المقداد بن عبد اللّٰه السيوري الحلّي، المعروف بالفاضل المقداد (م 826)، من منشورات

مكتبة آية اللّٰه المرعشي النجفي، قم، الطبعة الأُولى، 1404 ه.

33- تهذيب الأحكام في شرح المقنعة، لشيخ الطائفة أبي جعفر محمّد بن الحسن الطوسي (385- 460)، دار الكتب الإسلامية، طهران، 1401 ه.

تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة - الطلاق، المواريث، ص: 512

- ج-

34- الجامع لأحكام القرآن، لأبي عبد اللّٰه محمّد بن أحمد الأنصاري القرطبي (م 671)، دار إحياء التراث العربي، بيروت، الطبعة الثانية، 1405 ه.

35- الجامع للشرائع، لنجيب الدين يحيى بن سعيد الحلّي (601- 690)، مؤسسة سيّد الشهداء (عليه السّلام) العلمية، قم، الطبعة الأولى، 1405 ه.

36- جواهر الكلام في شرح شرائع الإسلام، للشيخ محمّد حسن بن باقر النجفي (م 1266)، دار إحياء التراث العربي، بيروت، الطبعة السابعة.

- ح-

37- الحاوي الكبير، لأبي الحسن علي بن محمّد بن حبيب الماوردي (364- 450)، دار الفكر، بيروت، الطبعة الأولى، 1414 ه.

38- الحدائق الناضرة في أحكام العترة الطاهرة، للشيخ المحدِّث يوسف بن أحمد البحراني (م 1186)، مؤسسة النشر الإسلامي، قم [بالاوفست عن طبعة النجف الأشرف].

- خ-

39- الخرائج و الجرائح، لقطب الدين أبي الحسين سعيد بن هبة اللّٰه الراوندي (م 573)، مؤسسة الإمام المهدي (عجّل اللّٰه تعالى فرجه الشريف)، قم، 1409 ه.

40- الخصال، لأبي جعفر محمد بن علي بن الحسين بن بابويه القمي، المعروف بالشيخ الصدوق (م 381)، مؤسسة النشر الإسلامي، قم، 1403 ه.

41- خلاصة الأقوال في معرفة الرجال، لجمال الدين الحسن بن يوسف بن المطهّر العلّامة الحلّي (م 726)، مؤسسة نشر الفقاهة، 1417 ه.

42- خلاصة الإيجاز، لمحمد بن النعمان ابن المعلم أبي عبد اللّٰه العكبري، المعروف بالشيخ المفيد (326- 413) سلسلة مؤلّفات الشيخ المفيد، ج 6، دار المفيد، بيروت، 1414 ه.

تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة - الطلاق، المواريث، ص:

513

43- الخلاف، لشيخ الطائفة أبي جعفر محمّد بن الحسن الطوسي (385- 460)، مؤسسة النشر الإسلامي، قم، الطبعة الأولى، 1418 ه.

- د-

44- الدروس الشرعية في فقه الإمامية، لشمس الدين محمد بن جمال الدين مكي العاملي، المعروف بالشهيد الأوّل (م 786)، مؤسسة النشر الإسلامي، قم، الطبعة الثانية، 1417 ه.

45- دعائم الإسلام، لأبي حنيفة النعمان بن محمد بن منصور بن أحمد بن حيّون التميمي المغربي (م 363)، المنارة، بيروت.

- ر-

46- رسائل الشريف المرتضى، لأبي القاسم علي بن الحسين الشريف المرتضى (م 436)، دار القرآن الكريم، قم، الطبعة الأولى، 1405 ه.

47- الروضة البهية في شرح اللمعة الدمشقية، لزين الدين بن علي العاملي، المعروف بالشهيد الثاني (911- 965)، دار إحياء التراث العربي، بيروت، الطبعة الثانية، 1403 ه.

48- روضة الواعظين، لأبي جعفر محمد بن الفتال النيسابوري (الشهيد في 508)، مكتبة المصطفوي.

49- رياض المسائل في بيان الأحكام بالدلائل، للسيّد علي بن محمّد علي الطباطبائي (1161- 1231)، دار الهادي، بيروت، الطبعة الأولى، 1412 ه.

- س-

50- السرائر الحاوي لتحرير الفتاوي، لأبي جعفر محمّد بن منصور بن أحمد بن إدريس الحلّي (543- 598)، مؤسسة النشر الإسلامي، قم، الطبعة الثانية، 1410 ه.

51- سنن ابن ماجة، لأبي عبد اللّٰه محمد بن يزيد القزويني (207- 275)، دار إحياء التراث العربي، 1395 ه.

52- السنن الكبرى (سنن البيهقي)، لأبي بكر أحمد بن الحسين بن علي البيهقي (م 458)، مجلس دائرة

تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة - الطلاق، المواريث، ص: 514

المعارف العثمانية، حيدرآباد، 1353 ه.

- ش-

53- شرائع الإسلام في مسائل الحلال و الحرام، للمحقّق الحلّي أبي القاسم نجم الدين جعفر بن الحسن بن سعيد الهذلي (602- 672)، مطبعة الآداب، النجف الأشرف، الطبعة الأولى، 1389 ه.

54- الشرح الكبير (المطبوع

مع المغني) لأبي الفرج عبد الرحمن بن محمد بن أحمد بن قدامة المقدسي (م 682)، دار الكتب العلمية، بيروت.

- ص-

55- الصحاح (تاج اللغة و صحاح العربية)، لأبي نصر إسماعيل بن حمّاد الجوهري، (المتوفى حدود 400)، بيروت دار العلم للملايين، الطبعة الثالثة، 1404 ه.

- ع-

56- علل الشرائع، لأبي جعفر الصدوق محمد بن علي بن الحسين بن بابويه القمي (م 381)، المكتبة الحيدريّة، النجف.

57- عوالي اللآلي، لمحمد بن علي بن إبراهيم الأحسائي، المعروف بابن أبي جمهور (م 940)، مطبعة سيّد الشهداء، قم، الطبعة الأولى، 1403 ه.

58- عيون أخبار الرضا (عليه السّلام)، لأبي جعفر محمّد بن علي بن الحسين بن بابويه القمي، المعروف بالشيخ الصدوق (م 381)، دار العلم، قم، 1377 ه.

- غ-

59- غاية المراد في شرح نكت الإرشاد، لمحمد بن جمال الدين مكي العاملي، المعروف بالشهيد الأوّل (م 786)، مركز النشر التابع لمكتب الاعلام الإسلامي، قم، الطبعة الأولى، 1414 ه.

60- غنية النزوع إلى علمي الأُصول و الفروع، للسيّد أبي المكارم حمزة بن علي بن زهرة الحلبي، المعروف

تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة - الطلاق، المواريث، ص: 515

بابن زهرة (511- 585)، مؤسسة الإمام الصادق (عليه السّلام)، قم، الطبعة الأولى، 1417 ه.

- ق-

61- قرب الإسناد، لعبد اللّٰه بن جعفر الحميري (من أعلام القرن الثالث)، مؤسسة آل البيت (عليهم السّلام) لإحياء التراث، بيروت، الطبعة الأولى، 1413 ه.

62- قواعد الأحكام في معرفة الحلال و الحرام، للعلّامة جمال الدين الحسن بن يوسف بن المطهّر الحلّي (648- 726)، منشورات الرضي، قم، 1404 ه [بالاوفست عن طبعته الحجرية].

63- القواعد الفقهية، لمحمّد الفاضل اللنكراني، مؤسسة الكلام، قم، 1416 ه.

- ك-

64- الكافي، لثقة الإسلام أبي جعفر محمّد بن يعقوب الكليني (م 329)، دار الكتب

الإسلاميّة، طهران، الطبعة الثالثة، 1388 ه.

65- الكافي في الفقه، لأبي الصلاح الحلبي تقي الدين بن نجم (374- 447)، مكتبة الإمام أمير المؤمنين (عليه السّلام)، أصفهان، الطبعة الأولى، 1403 ه.

66- الكشّاف، لجار اللّٰه محمود بن عمر الزمخشري، (م 528)، دار الكتاب العربي، بيروت.

67- كشف الرموز، لحسن بن أبي طالب اليوسفي، المعروف بالفاضل الآبي (من أعلام القرن السابع)، مؤسسة النشر الإسلامي، قم، الطبعة الثالثة، 1417 ه.

68- كشف اللثام، لبهاء الدين محمد بن الحسن بن محمد الأصفهاني، المعروف بالفاضل الهندي (1062- 1137)، مكتبة آية اللّٰه المرعشي النجفي، قم، 1405 ه.

69- كمال الدين و تمام النعمة، لأبي جعفر الصدوق محمد بن علي بن الحسين بن بابويه القمي (م 381)، دار الكتب الإسلامية، تهران، 1395 ه.

- م-

70- المبسوط، لأبي بكر شمس الدين محمد بن أبي سهل السرخسي (م 490)، دار الكتب، بيروت، الطبعة

تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة - الطلاق، المواريث، ص: 516

الأولى، 1414 ه.

71- المبسوط في فقه الإمامية، لشيخ الطائفة أبي جعفر محمد بن الحسن الطوسي (385- 460)، المكتبة المرتضوية لإحياء الآثار الجعفرية، طهران.

72- مجمع البحرين و مطلع النيّرين، لفخر الدين بن محمّد الطريحي (979- 1085)، مؤسسة البعثة، قم، الطبعة الأولى، 1414 ه.

73- مجمع البيان في تفسير القرآن، لأمين الإسلام أبي علي الفضل بن الحسن الطبرسي (حوالي 470- 548)، دار الفكر، بيروت، 1414 ه.

74- المجموع شرح المهذّب، لأبي زكريا يحيى بن شرف النووي (م 676)، دار الفكر، بيروت، الطبعة الأولى، 1417 ه.

75- المختصر النافع في فقه الإمامية، لأبي القاسم نجم الدين جعفر بن الحسن الحلّي (م 676)، منشورات المكتبة الأهلية، بغداد، 1383 ه.

76- مختلف الشيعة في أحكام الشريعة، للعلّامة حسن بن يوسف بن المطهّر الحلّي (648- 726)،

مركز الأبحاث و الدراسات الإسلامية، قم، الطبعة الأولى، 1412 ه.

77- المراسم العلوية في الأحكام النبوية، لأبي يعلى حمزة بن عبد العزيز الديلمي المعروف بسلّار (م 448)، دار الحق، بيروت، 1414 ه.

78- مسالك الأفهام إلى تنقيح شرائع الإسلام، لزين الدين بن علي العاملي، المعروف بالشهيد الثاني (911- 965)، مؤسسة المعارف الإسلامية، قم، الطبعة الأولى.

79- مستدرك الوسائل و مستنبط المسائل، للميرزا حسين النوري الطبرسي (1254- 1320)، مؤسسة آل البيت (عليهم السّلام) لإحياء التراث، قم، الطبعة الثانية، 1409 ه.

80- المصباح المنير، لأحمد بن محمد بن علي الفيّومي (م 770)، مؤسسة دار الهجرة، قم، الطبعة الأولى، 1405 ه.

81- معاني الأخبار، لأبي جعفر الصدوق محمد بن علي بن الحسين بن بابويه القمي (م 381)، مؤسسة النشر الإسلامي، الطبعة الثالثة، قم، 1416 ه.

82- المغني، لموفق الدين أبي محمّد عبد اللّٰه بن أحمد بن محمّد بن قدامة المقدسي (541- 620)، دار الكتب

تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة - الطلاق، المواريث، ص: 517

العلمية، بيروت.

83- مغني المحتاج إلى معرفة معاني ألفاظ المنهاج، لمحمّد بن أحمد الخطيب الشربيني (م 977)، دار الفكر، بيروت.

84- مفاتيح الشرائع، لمحمد محسن الفيض الكاشاني (1007- 1091)، مجمع الذخائر الإسلامية، قم، 1401 ه.

85- مفتاح الكرامة في شرح قواعد العلّامة، للسيّد محمد جواد الحسيني العاملي (المتوفى حدود 1226)، دار إحياء التراث العربي، بيروت.

86- المفردات في غريب القرآن، لأبي القاسم الحسين بن محمد المعروف بالراغب الأصفهاني (م 502) المكتبة المرتضوية، طهران.

87- المقتصر من شرح المختصر، لجمال الدين أبي العبّاس أحمد بن محمد بن فهد الحلّي (757- 841)، مجمع البحوث الإسلامية، مشهد، الطبعة الأولى، 1410 ه.

88- المقنع، لأبي جعفر الصدوق محمّد بن علي بن الحسين بن بابويه القمي (المتوفى 381)، مؤسسة الإمام

الهادي (عليه السّلام)، قم، 1415 ه.

89- المقنعة، لأبي عبد اللّٰه محمد بن محمد بن النعمان العكبري البغدادي، المعروف بالشيخ المفيد (336- 413)، مؤسسة النشر الإسلامي، قم، الطبعة الثانية، 1410 ه.

90- المكاسب، للشيخ الأعظم مرتضى الأنصاري (م 1281)، مؤسسة النشر الإسلامي، الطبعة الثانية، قم، 1416 ه.

91- ملاذ الأخيار، لمحمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي (م 1110)، مكتبة آية اللّٰه المرعشي النجفي، قم، 1406 ه.

92- المهذّب، للقاضي عبد العزيز بن البرّاج الطرابلسي (حوالي 400- 481)، مؤسسة النشر الإسلامي، قم، الطبعة الأولى، 1406 ه.

93- المهذّب البارع في شرح المختصر النافع، لجمال الدين أبي العبّاس أحمد بن محمّد بن فهد الحلّي (757- 841)، مؤسسة النشر الإسلامي، قم، الطبعة الثالثة، 1414 ه.

94- من لا يحضره الفقيه، لأبي جعفر محمّد بن علي بن الحسين بن بابويه القمي، المعروف بالشيخ الصدوق

تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة - الطلاق، المواريث، ص: 518

(م 381)، دار الكتب الإسلامية، النجف، 1376 ه.

95- المؤتلف من المختلف، لفضل بن الحسن الطبرسي (م 548)، مطبعة سيّد الشهداء (عليه السّلام)، قم، الطبعة الأولى، 1410 ه.

- ن-

96- الناصريات (مسائل الناصريات)، للسيّد علي بن الحسين بن موسى الشريف المرتضى (355- 436)، رابطة الثقافة و العلاقات الإسلامية، طهران، 1417 ه.

97- النهاية في غريب الحديث و الأثر، لأبي السعادات مجد الدين المبارك بن محمّد الجزري المعروف بابن الأثير (544- 606)، دار الفكر، بيروت، الطبعة الثانية، 1399 ه.

98- النهاية في مجرّد الفقه و الفتاوى، لشيخ الطائفة أبي جعفر محمّد بن الحسن الطوسي (385- 460)، دار الكتاب العربي، بيروت، الطبعة الأولى، 1390 ه.

99- نهاية المرام، للسيّد محمّد العاملي (م 1009)، مؤسسة النشر الإسلامي، قم، الطبعة الأولىٰ، 1413 ه.

100- نهج البلاغة، لأبي الحسن محمد بن

الحسن الموسوي، المعروف بالسيّد الرضي (359- 406)، دار الأسوة للطباعة و النشر، طهران، الطبعة الثانية، 1418 ه.

101- النوادر، لأبي جعفر أحمد بن محمد بن عيسى الأشعري القمي (من أعلام القرن الثالث)، مدرسة الإمام المهدي (عليه السّلام)، قم، الطبعة الأولى، 1408 ه.

- ه-

102- الهداية (المطبوع مع المقنع)، لأبي جعفر الصدوق محمد بن علي بن الحسين بن بابويه القمي (م 381)، مطبوعات دار العلم، قم 1377 ه.

- و-

103- الوافي، لمحمّد محسن، المشتهر بالفيض الكاشاني (1007- 1091)، مكتبة الإمام أمير المؤمنين على (عليه السّلام)، أصفهان، الطبعة الأولى، 1412 ه.

تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة - الطلاق، المواريث، ص: 519

104- وسائل الشيعة (تفصيل وسائل الشيعة إلى تحصيل مسائل الشريعة)، للشيخ محمد بن الحسن الحرّ العاملي (1033- 1104)، مؤسسة آل البيت (عليهم السّلام) لإحياء التراث، قم، الطبعة الأولى، 1409 ه.

105- الوسيلة إلى نيل الفضيلة، لعماد الدين أبي جعفر محمد بن علي الطوسي المعروف بابن حمزة (من أعلام القرن السادس)، مكتبة آية اللّٰه المرعشي النجفي، قم، الطبعة الأولى، 1408 ه.

________________________________________

لنكرانى، محمد فاضل موحدى، تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة - الطلاق، المواريث، در يك جلد، مركز فقهى ائمه اطهار عليهم السلام، قم - ايران، اول، 1421 ه ق

تعريف مرکز

بسم الله الرحمن الرحیم
جَاهِدُواْ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ
(التوبه : 41)
منذ عدة سنوات حتى الآن ، يقوم مركز القائمية لأبحاث الكمبيوتر بإنتاج برامج الهاتف المحمول والمكتبات الرقمية وتقديمها مجانًا. يحظى هذا المركز بشعبية كبيرة ويدعمه الهدايا والنذور والأوقاف وتخصيص النصيب المبارك للإمام علیه السلام. لمزيد من الخدمة ، يمكنك أيضًا الانضمام إلى الأشخاص الخيريين في المركز أينما كنت.
هل تعلم أن ليس كل مال يستحق أن ينفق على طريق أهل البيت عليهم السلام؟
ولن ينال كل شخص هذا النجاح؟
تهانينا لكم.
رقم البطاقة :
6104-3388-0008-7732
رقم حساب بنك ميلات:
9586839652
رقم حساب شيبا:
IR390120020000009586839652
المسمى: (معهد الغيمية لبحوث الحاسوب).
قم بإيداع مبالغ الهدية الخاصة بك.

عنوان المکتب المرکزي :
أصفهان، شارع عبد الرزاق، سوق حاج محمد جعفر آباده ای، زقاق الشهید محمد حسن التوکلی، الرقم 129، الطبقة الأولی.

عنوان الموقع : : www.ghbook.ir
البرید الالکتروني : Info@ghbook.ir
هاتف المکتب المرکزي 03134490125
هاتف المکتب في طهران 88318722 ـ 021
قسم البیع 09132000109شؤون المستخدمین 09132000109.